المتكلم المعتزلي الخوارزمي ابن الملاحمي. ولا يعرف الكثير عنه، أما اسمه الكامل فهو حسب مخطوطات كتبه ركن الدين محمود بن محمد الملاحمي الخوارزمي. و يذكره بشكل وجيز ابن المرتضى (توفي سنة ٨٤٠)،المؤلف المتأخر لطبقات المعتزلة و يصفه بأنه من تلامذة أبي الحسين البصري(توفي سنة ٤٣٦)،الذي هو مؤسس آخر مذاهب المعتزلة في علم الكلام. ويبدو أن هذا الوصف مبنيّ كليّا على اتباع ابن الملاحمي لآراء أبي الحسين و دفاعه عنها في معظم تعاليمه. وفي الواقع، عاش ابن الملاحمي حوالي القرن بعد معلّمه المزعوم، وتوفي ليلة الأحد في ١٧ ربيع الأول سنة ٥٣٦.و قد ذكر هذا التأريخ في حاشية في مخطوطة تضمّ سيرة حياة مفسّر القرآن المعروف وعالم النحو المعتزلي الخوارزمي الزمخشري (توفي سنة ٥٣٨)،كتبها معاصره الخوارزمي الأصغر سنّا منه، عبد السلام بن محمد الأندرسباني. ويذكر الأندرسباني ابن الملاحمي مرتين في سيرة حياة الزمخشري، مسمّيا إيّاه ركن الدين محمود الأصولي، ويذكر أنه قرأ تفسير القرآن على الزمخشري، بينما أخذ الزمخشري علم الأصول من ابن الملاحمي في نفس الوقت.
وكان هذا بلا شكّ في الجرجانية، عاصمة خوارزم، حيث عاش الزمخشري، وفي وقت كان هو وابن الملاحمي عالمين مشهورين في حقليهما. ويصف صاحب سيرة الزمخشري هذه ابن الملاحمي بأنه كان معروفا بالكلام فريد دهره في هذه الصنعة، وبأنه صاحب تصانيف كثيرة، يذكر منها:
(١) المعتمد في أصول الدين، في أربعة مجلدات،
(٢) الفائق في الأصول، وهذا الكتاب موجود في عدّة مخطوطات، وأتمّ ليلة الأربعاء في ٧ ربيع الآخر سنة ٥٣٢، حسب ما ذكره ابن الملاحمي في نهايته.
(٣) ردّ على الفلاسفة بعنوان تحفة المتكلمين في الردّ على الفلاسفة، وقد ذكر المؤلف الزيدي محمد بن الحسن الديلمي هذا الكتاب في كتابه قواعد عقائد آل محمد، المكتوب في اليمن سنة ٧٠٧.
فمن الواضح إذا أن كتاب ابن الملاحمي هذا قد وصل إلى اليمن أيضا، ولكنّه لا يعرف وجود نسخة منه في الوقت الحاضر. ويذكر ابن الملاحمي في كتاب الفائق كتابين آخرين له، بالإضافة إلى المعتمد، بعنوان:
(٤) كتاب الحدود،
و(٥) جواب المسائل الإصفهانية.
ويوجد أيضا نصّ غير كامل لكتاب آخر لابن الملاحمي في مخطوطة في مكتبة بودلي، و يسمى في بيان آخر المخطوطة: (٦)كتاب التجريد. ويحتوي هذا الكتاب مختصرا عن كتاب المعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري، فلعلّ العنوان الكامل للكتاب هو تجريد المعتمد في أصول الفقه.
أما الأساتذة المباشرون لابن الملاحمي في علم الكلام فالمصادر تلتزم الصمت عنهم. وابن الملاحمي لا يذكرهم في كتبه الموجودة ولا يستشهد بكتب تنتمي إلى مدرسة أبي الحسين البصري، ما عدا مؤلفات مؤسس المدرسة نفسه. ولهذا، فإنه من غير الممكن الجزم في كيفية دخول مذهب أبي الحسين البصري، الذي علّم في بغداد، إلى خوارزم، أو حول وقع أثر هذا المذهب هناك قبل زمان ابن الملاحمي.
المصدر: مقدمة المحقق لكتاب المعتمد في أصول الدين للمؤلف.
الكتب المتوفرة: