من هو اول من ضرب النقود في الاسلام؟(منقول)

أضف رد جديد
احمد المدني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 32
اشترك في: الخميس إبريل 29, 2004 2:09 am

من هو اول من ضرب النقود في الاسلام؟(منقول)

مشاركة بواسطة احمد المدني »

هذا المقال كتبه سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي وكان منشورا في موقعه ولكن للاسف الشديد فقد توقف موقعه وهذا المقال لم يعد موجودا على الشبكة العنكبوتية فأحببت ان اعيد احيائه بنشره في المنتديات الشيعية التي اشترك بها ومنها منتداكم المحترم.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الأولين إلى قيام يوم الدين.
يقول المؤرخون: إن عبد الملك بن مروان، هو أول من ضرب النقود في الإسلام. ويوردون في سر ذلك حكاية طويلة نلخصها بما يلي:
إن الكسائي دخل على الرشيد فوجد بين يديه مالاً كثيراً، فأمر بتفريقه في خدمة الخاصة. وكان بيده درهم تلوح كتابته، وهو يتأمله.
فقال: هل علمت أول من سن هذه الكتابة في الذهب والفضة ؟
قال الكسائي قلت: يا سيدي هو عبد الملك بن مروان.
قال فما كان السبب في ذلك ؟
قلت: لا علم لي غير أنه أول من أحدث هذه الكتابة..
فقال الرشيد: سأخبرك.. كانت القراطيس[1] للروم.
قال: وكان أكثر من بمصر نصرانياً على دين ملك الروم، وكانت تلك القراطيس تطرز بالرومية، وكان طرازها:
" باسم الأب، والابن، وروح القدس ".
فلم يزل كذلك صدر الإسلام كله يمضي على ما كان قبله، حتى أيام عبد الملك ؛ فتنبه له، وكان فطناً... فعندما ترجم له: أنكره، وقال: ما أغلظ هذا في أمر الدين والإسلام.. إلى أن قال: فكتب عبد الملك لعامله على مصر: عبد العزيز بن مروان يأمره بإبطال ذلك الطراز، على ما كان يطرز به من ثوب وقرطاس وستر وغير ذلك، وأن يأمر صناع القراطيس: أن يطرزوها بصورة التوحيد: "شهد الله أنه لا إله إلا هو".
وكتب إلى عمال الآفاق جميعاً بإبطال ما في أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم، ومعاقبة من وجد عنده بعد هذا النهي شيء بالضرب الوجيع، والحبس الطويل..
فلما ثبتت القراطيس بالطراز المحدث بالتوحيد، وحمل إلى بلاد الروم، ومنها انتشر الخبر، ووصل إلى ملكهم، فترجم له ذلك الطراز الإسلامي ؛ فأنكره وغلظ عليه، واستشاط غيظاً.. فكتب إلى عبد الملك يطلب منه أن يرجع الطراز إلى حالته الأولى، وأرسل إليه بهدية...
فرد عبد الملك الهدية والرسول، وأعلمه أن لا جواب له.
فأضعف ملك الروم الهدية، وأرجع الرسول إلى عبد الملك، ومعه رسالة أخرى فرد عبد الملك الهدية والرسول، ولم يجبه أيضاً..
فغضب ملك الروم، وكتب إليه: أنه يقسم بالمسيح:
"لتأمرنّ برد الطراز إلى ما كان عليه، أو لآمرن بنقش الدراهم والدنانير؛ فإنك تعلم أنه لا ينقش منها شيء إلا ما ينقش في بلادي؛ فينقش عليها شتم نبيك الخ..".
فلما قرأ عبد الملك الكتاب صعب عليه الأمر، وغلظ، وضاقت عليه الأرض وقال: " أحسبني أشأم مولود ولد في الإسلام؛ لأني جنيت على رسول الله(ص) من شتم هذا الكافر ما يبقى غابر الدهر، ولا يمكن محوه من جميع مملكة العرب " إذ كانت المعاملات تدور بين الناس بدنانير الروم ودراهمهم.
فجمع عبد الملك أهل الإسلام، واستشارهم ؛ فلم يجد عند احد منهم رأياً يعمل به.. فقال له روح بن زنباغ: إنك لتعلم المخرج من هذا الأمر، ولكنك تتعمد تركه..
فقال: ويحك ؟ من ؟.
فقال: عليك بالباقر من أهل بيت النبي(ص).
قال: صدقت، ولكنه ارتج علي الرأي فيه..
فكتب إلى عامله بالمدينة: أن أشخص إلى محمد بن علي بن الحسين مكرماً، ومتعه بمأتي ألف درهم لجهازه وبثلاثمائة ألف درهم لنفقته، وأزح علته في جهازه، وجهاز من يخرج معه من أصحابه.
وحبس رسول ملك الروم عنده إلى موافاة محمد بن علي. فلما وافاه أخبره الخبر..
فقال الباقر: لا يعظم هذا عليك ؛ فإنه ليس بشيء من جهتين:
إحداهما: إن الله عز وجل لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول الله(ص).
والأخرى وجود الحيلة فيه.. فقال عبد الملك: وما هي ؟!..
قال: " تدعو في هذه الساعة بصناع يضربون بين يديك سككاً للدراهم والدنانير وتجعل النقش عليها سورة التوحيد، وذكر رسول الله (ص):"
أحدهما: في وجه الدراهم والدنانير.
والآخر: في الوجه الثاني. وتجعل في مدار الدراهم والدنانير ذلك البلد الذي يضرب فيه، والسنة التي تضرب فيها تلك الدراهم والدنانير..
وتعمد إلى وزن ثلاثين درهماً عدداً، من الثلاثة الأصناف: التي العشرة منها عشرة مثاقيل، وعشرة منها وزن ستة مثاقيل، وعشرة منها وزن خمسة مثاقيل.. فتكون أوزانها جميعاً واحداً وعشرين مثقالاً، فتجزئها من الثلاثين ؛ فتصير العدة من الجميع وزن سبعة مثاقيل. وتصب سنجات من قوارير، لا تستحيل إلى زيادة ولا نقصان ؛ فتضرب الدراهم على وزن عشرة، والدنانير على وزن سبعة مثاقيل.."."
وكانت الدراهم في ذلك الوقت إنما هي الكسروية، التي يقال لها اليوم: "البغلية"؛ لأن رأس البغل ضربها لعمر بن الخطاب بسكة كسروية في الإسلام.. منقوش عليها صورة الملك، وتحت الكرسي مكتوب بالفارسية "نوش خُر" أي كل هنيئاً. وكان وزن الدرهم منها قبل الإسلام مثقالاً، والدراهم التي كان وزن العشرة منها وزن ستة مثاقيل، والعشرة وزن خمسة مثاقيل هي "السيمرية" الخفاف والثقال، ونقشها نقش فارس..
ففعل عبد الملك ذلك..
وأمره الباقر: أن يضرب السكك في جميع بلدان الإسلام، وأن يتقدم إلى الناس في التعامل بها، وأن يتهددوا بقتل من يتعامل بغير هذه السكك، من الدراهم والدنانير وغيرها. وأن تبطل، وترد إلى مواضع العمل حتى تعاد على السكك الإسلامية..
ففعل عبد الملك ذلك، ورد رسول ملك الروم إلى آخر القصة..،
وقال الرشيد للكسائي في آخرها: وثبت ما أشار به محمد بن علي بن الحسين إلى اليوم[2].
هذه هي القصة التي أوردوها لإثبات: أن عبد الملك هو أول من ضرب الدراهم والدنانير في الإسلام..
ولكن هذه الرواية لا تخلوا من مآخذ هامة، تجعلنا نقف منها موقف الحذر وذلك لأننا حتى لو غضضنا النظر عن:
1- أنه يفهم من هذه الرواية: أن الرشيد وحده هو الذي أزاح الستار عن هذه الأحداث الهامة، والتي تشتمل على مادة خصبة للرواة ونقلة الأخبار، والتي تنص على تلك المكاتبات بين عبد الملك، وملك الروم ،وشيوع أمر تغيير الطراز حتى وصل الخبر إلى ملك الروم، ثم جمع عبد الملك لأهل الإسلام واستشارته لهم والأهم من ذلك التجاؤه إلى خصومه وخصوم عرشه أهل البيت لحل هذه المشكلة حتى لقد قال جرجي زيدان: " فلم يشأ أن يستنجد أحد أئمة بني هاشم – وهم مناظروه في الملك – لكنه لم ير بدا من استقدامه الخ.. ".
فكيف بعد ذلك كله ينحصر مصدر الرواية بالرشيد، عدو الأمويين وأهل البيت معاً ؟! أم يمكن أن يكون الناس قد خافوا من الأمويين، ثم من العباسيين وحتى الكسائي – خافوا – أن يظهروا أمراً يتضمن فضيلة لأحد أئمة أهل البيت ؟!.
فكيف إذن.. وصلت لنا فضائل علي وسواه من أهل البيت عليهم السلام رغم اجتهاد الامويين وغيرهم في طمسها ونقضها ؟!..
2- إن الرواية تنص على أن أهل مصر كان أكثرهم نصارى.. مع أنه كان قد مضى على فتح مصر أكثر من نصف قرن ؟!!.
3- تنص الرواية على أن عبد الملك لم يجب ملك الروم على رسالتيه في أمر الطراز.. وهو أمر غريب !! فلماذا لا يجيبه حتى ولو بالنفي ؟!!.
4- يلاحظ: أن الرواية تحاول التأكيد على فطانة عبد الملك، وعلى غيرته الشديدة على الإسلام.. فهل يفهم من هذا أنه كان أغير، وأفطن من الخلفاء الذين سبقوه، فهو أكثر فطنة من الخليفة الثاني عمر، الذي تنص الرواية نفسها على أن أبا البغل قد ضرب الدراهم الكسروية له؟!!.
5- هل ثمة من سر يكمن في المقابلة بين ما تنص عليه الرواية من أن عبد الملك قد تهدد على مخالفة أمره في الطراز بالضرب، والحبس الطويل.. وبين نصها على أن الإمام قد أمر بالتهديد بالقتل لكل من يخالف ما رسم في أمر السكة والنقود ؟!!.
أحسب أن الأمر لا يخلو من شيء ما !! هو الذي اقتضى إظهار الإمام بمظهر القاسي الذي لا يرحم، وعبد الملك بخلافه !!.
6- يلاحظ: أن الرواية تهتم كثيراً في إعطاء أهمية قصوى لما قام به عبد الملك فهل هو من أجل أن توحي للناس بوجوب أخذ هذا الأمر مأخذ الجد بهدف تصديقه بالنسبة لعبد الملك، وإبعاد الأنظار عن المتبني الحقيقي لقضية النقود الإسلامية ؟!! كما سيأتي.
إننا سوف نغض النظر عن كل ذلك وسواه من نقاط الضعف، التي يمكن استخلاصها من هذه الرواية..
ونكتفي بتسجيل نقاط أربع، رأينا: انها جديرة بالتسجيل نظراً لأهميتها، وهذه النقاط هي:
أولاً: إن هذه الرواية تنص: على أن ملك الروم قال لعبد الملك: إنه لا ينقش من الدراهم والدنانير شيء إلا ما كان ينقش في بلاده، وعبد الملك يصدق بذلك ويخاف منه ؛ حيث إنه لا يمحى سب النبي(ص) بعد من مملكة العرب أصلاً..
مع أن الرواية نفسها تنص على أنه كان هناك ثلاث فئات من الدراهم الكسروية المتداولة في ذلك الوقت.. كما أن الدنانير الكسروية كانت متداولة في تلك الفترة بكثرة أيضاً..
فكيف يكون موقفنا من هذا التناقض الموجود في الرواية ؟!.
ولماذا الخوف من عبد الملك ؟!
ولماذا يرفض عملة الروم كلياً ويأمر بتداول النقد الفارسي الكسروي فقط إلى أن يجد الوسيلة التي تضيع على ملك الروم أهدافه وما كان قد عقد العزم عليه ؟!..
وإذا كان قد أمر بتغيير الطراز ؛ فلماذا لا يأمر بتغيير النقد ؟!
وأين كانت عنه حينئذ فطانته وحنكته المدعاة ؟!
وأيضاً لماذا لا يعلن على الملأ كذب ملك الروم في دعواه تلك ؟!.
ولماذا ؟! ولماذا ؟ إلى آخر ما هنالك..
ثانياً: إن هذه الرواية تنص: على أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو عبد الملك، وقد أكد ذلك وأصر عليه عدد من المؤرخين والباحثين..
وذكروا: أن عمر كان قد ضربها في سنة 18ﻫ. على النقش الكسروي، ووجدت نقود مضروبة في سنة 28ﻫ أي في عهد عثمان على النقش الكسروي أيضاً. وقالوا: إن معاوية أيضاً قد ضرب نقوداً على النقش الكسروي وبعده ضربها مصعب بن الزبير على النقش ذاته فعندهم: أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو عبد الملك، خامس خلفاء الأمويين..
ولكننا لا نستطيع أن نقبل هذا الرأي، ونحن نرى أن هناك ما يثبت خلافه، وبعد هذا الرأي عن الصواب.. ويدل على أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، صلوات الله وسلامه عليه.. أما قبله، فقد أمر عمر بن الخطاب بضرب الدراهم على نقش الكسروية وشكلها باعيانها مع بعض الزيادة الطفيفة وذلك في سنة ثمانية عشرة[3].
ومما يدل على أن أمير المؤمنين عليه السلام هو أول من ضرب النقد الإسلامي، ما قاله جودت باشا: " إن المسلم عند أهل العلم: أن الذي أحدث ابتداء ضرب السكة العربية هو الحجاج بأمر عبد الملك، حين كان والياً على العراق من قبله ( 75-76 )."
ولكن ظهر خلاف هذا عند الكشف الجديد في سنة 1276 ؛ وذلك أن رجلاً إيرانياً اسمه جواد، أتى دار السعادة بسكة فضية عربية، ضربت في البصرة سنة 40 من الهجرة. والفقير رأيتها بين المسكوكات القديمة عند صبحي بك أفندي، مكتوب على أحد وجهيها بالخط الكوفي: ﴿ الله الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد ﴾ وفي دورتها: " محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون ". وعلى الوجه الآخر: ﴿ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له ﴾ وفي دورتها: " ضرب هذا الدرهم بالبصرة سنة 40 "[4]. انتهى.
وصبحي باشا هو: أحد الوزراء العثمانيين..
وقال الحلواني المدني: لم يثبت في الرواية الصحيحة: أن أحداً من الخلفاء الاربعة ضرب سكة أصلاً إلا علي بن أبي طالب، فإنه ضرب الدراهم على ما نقله صبحي باشا المورد لي في رسالة له رسم صورة فيها ذلك الدرهم، وعزا ذلك إلى لسان الدين ابن الخطيب في الإحاطة[5].
وفي نص آخر: " وفي خلافة علي سنة 37، وكتب فيها ولي الله، وفي سنة 38و39 بسم الله ربي، وفي درهم بالخط الكوفي في جانب منها: "﴿ الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد ﴾. وفي دورته: محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون. وفي الجانب الآخر: ﴿ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له ﴾ وفي دورته ضرب هذا الدرهم بالبصرة سنة أربعين ""[6].
وقال الكتاني: وفي مكتبتنا في قسم النقود دراهم مكتوبة بالكوفي عليها ﴿ لا إله إلا الله محمد رسول الله ﴾. وفي آخر الكتابة اسم " علي "، يقطع الناظر المتأمل فيها، وفي كتابتها، ونقشها القديم: أنها لعلي بن أبي طالب ""[7].
ونقل السيد الأمين، والشيخ عباس القمي، عن دائرة المعارف البريطانية، ج17 ص904 عند الكلام عن المسكوكات العربية ما ترجمته:
" إن أول من أمر بضرب السكة الإسلامية هو الخليفة علي بالبصرة سنة 40 من الهجرة، الموافقة لسنة 660 مسيحية، ثم أكمل الأمر بعده عبد الملك الخليفة سنة 76 من الهجرة الموافقة لسنة 695 مسيحية "[8] انتهى.
وقد وجدت نقود مسكوكة في زمن عبد الملك في سنة 77، وهي دينار ذهبي[9]. وفي سنة 79 وهو دينار أيضاً. وسنة 80 وهو درهم فضي[10].
ويلاحظ أن النقش الذي وجد عليها هو بذاته النقش الذي ضربه الإمام علي في سنة 40ﻫ.
وإذا تحقق لدينا أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو علي عليه السلام، وأن عبد الملك عندما واجه تلك المشكلة مع ملك الروم ما بين سنة 74ﻫ و 77ﻫ. إنما رجع – بإشارة أحد أحفاد علي(ع) – إلى ما كان عليه السلام قد بدأه – إذا تحقق لدينا ذلك -.
وعرفنا: أن معاوية قد عاد وضرب النقود على السكة الكسروية، بمجرد استقلاله بالحكم، وبالذات في سنة 41ﻫ. أي بعد ضرب علي عليه السلام للسكة الإسلامية بسنة واحدة فقط.. فإننا نعرف: أن معاوية قد حاول هو ومن تبعه من الأمويين وأشياعهم، وغيرهم كآل الزبير – كما أوضحته المكتشفات من مسكوكاتهم – حاول معاوية وهؤلاء – طمس السكة الإسلامية التي ضربها الإمام علي عليه السلام، وإخفاءها ؛ ظلماً للحقيقة؟ وتجنياً على التاريخ لا لشيء إلا لأن ذلك من آثار علي الذي يكرهونه كل الكره، ويمقتون كل ما كان من قبله، ومن آثاره..
وقد وجد النقد الذي ضربه معاوية، وصوّره جرجي زيدان في تاريخ تمدنه، وصوّره أيضاً صاحب العقد المنير، وغيرهما.. وإذا به قد استبدل ذلك الذي قد سنّه علي(ع) في النقش على النقد.. من ذكر الله ورسوله حسبما تقدم – استبدله - بنقد[11] نقش عليه صورته متقلداً سيفه.
وفي نص آخر: أنه نقش عليه صورته وصورة خالد بن الوليد متقلدين سيفيهما.
وفي نص ثالث: أن على أحد وجهيه: تصوير خسروا برويز، مكتوب على جانبه الأيمن داخل الدائرة بالخط البهلوي " معاوية أمير ورويش نيكان " أي معاوية أمير المؤمنين، وخارج الدائرة بالخط الكوفي: " بسم الله " وعلى جانبه الأيسر بالخط البهلوي أيضاً " افزوتو ".
وعلى الوجه الآخر: تصوير لبيت النار، وعلى طرفيه الرجلان المراقبان للنار، وقد كتب داخل الدائرة على الجانب الأيمن بالخط البهلوي كلمة: " دان " المخففة من دار ابجرد، مدينة الضرب، وعلى الجانب الأيسر: " يه جهل " أي 41 سنة الضرب[12].
وهكذا.. يتضح أن معاوية قد حاول أن يعجل في محو كل ما هو من آثار علي ولو كان ذلك بالعودة إلى نقش بيت النار، وغير ذلك مما تقدم وإذا كان ذلك ليس غريباً على الحجاج بالنسبة لمصعب، حيث غير السكة التي ضربها مصعب، وقال: " ما نبقى من سنة الفاسق أو المنافق شيئاً "[13].. فما الذي يجعل ذلك غريباً على معاوية الذي جعل سب علي على المنابر سنة يهرم عليها الكبير ويشب عليها الصغير؟!.
ثالثاً: إن هذه الرواية تقول: إن الإمام الباقر هو الذي أمر عبد الملك بذلك. وإن روح بن زنباغ إنما أشار على عبد الملك به.. وهذا غير معقول:
لأن البعض يقول: إن عبد الملك قد ضرب النقود سنة 74ﻫ[14].
والبعض الآخر يقول: إنه ضربها في سنة 75ﻫ [15] وفريق ثالث يرى أن ذلك كان في سنة 76ﻫ وقال البلاذري: " عبد الملك بن مروان أول من ضرب الذهب والورق بعد عام الجماعة"[16] وعلى كل حال فإنهم متفقون على أن ضرب عبد الملك للنقود كان ما بين الـ74و77 وعليه فإننا إذا ما أضفنا إلى ذلك: أن ولادة الباقر(ع) كانت في سنة 57ﻫ. ووفاة والده زين العابدين(ع) كانت سنة 94ﻫ.
فإننا سنرى: أن عمر الباقر حين ضرب النقود كان ما بين 17و19 سنة ؛ فهو في مقتبل عمره ؛ ولم يكن له بعد من الشهرة ما يغطي على شهرة أبيه، ولا من الشخصية ما يضارع شخصيته، ولا كان ذكره قد سار في الآفاق بحيث يغطي على أبيه، إلى حد أن يهمل أمره، وتذهب منزلته لاسيما وأن أباه كان يتمتع باحترام كبير جداً، وشهرة واسعة، فاقت كل ذلك الذي منحه الناس وبالأخص الأمويون لأي من أبنائه، بل وحتى آبائه الطاهرين..
فالظاهر: أن صاحب هذه القضية مع عبد الملك هو الإمام زين العابدين بالذات، وليس هو الإمام الباقر(ع)..
قال الصعدي: " قال في الانتصار: وأول من ضرب الدراهم في الإسلام عبد الملك بن مروان سنة خمس وسبعين من الهجرة، وكان السبب في ذلك: أن القرطاس كان يحمل إلى الروم، وكان يكتب على عنوانه: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فشق ذلك على صاحب الروم لما كان كافراً ؛ فكتب إلى عبد الملك: أما أن تزيلوا ما تكتبون على القرطاس، أو يأتيكم على الدراهم ما تكرهون. فتحير عبد الملك في الجواب ؛ فاستحضر علي بن الحسين زين العابدين ؛ فاستشاره في ذلك. فقال: حرم التبايع إلا بما تضربه من الدراهم، فبطل بذلك كيد صاحب الروم. فأمر أن يكتب عليها "﴿ قل هو الله أحد ﴾ إلى آخر السورة غيظاً للروم " انتهى وفي الشفاء نحو حديث الدراهم"[17].
وقد صرح بذلك الشهيد رحمه الله في البيان، في باب زكاة النقدين، حيث قال: " والدنانير في الدينار بزنة المثقال، وهو لم يختلف في الإسلام ولا قبله، وفي الدرهم: ما استقر عليه في زمن بني أمية بإشارة زين العابدين الخ.. "


للاسف لم اظفر بصورة على النت للدينار الذي ضربه امير المؤمنين عليه السلام ولكني وجدت هذا الرابط الذي يتحدث عنه في موقع متخخص في تاريخ النقود الاسلامية:

http://www.ibisonline.net/Research_Tool ... ermId=2828
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من ولاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيثما دار

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات التاريخية والآثار الإسلامية“