معاذ الله أن نقصد إخواننا الشافعية
ابراهيم بن محمد الوزير
Thursday, 15 March 2007
(صحيفة البلاغ )
جاءتني رسالة من أخ كريم يسمي نفسه أبو خالد المنصوري تحت عنوان : (مؤامرة من قبل من يا والد إبراهيم).
وإليك أيها القارئ نص الرسالة :
> أبو خالد المنصوري
(بسم الله الرحمن الرحيم
الوالد الفاضل العلامة/ إبراهيم الوزير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع: مؤامرة على الزيود من قِبَلْ مَنْ يا والد إبراهيم ؟.
بعد التحية
لفت انتباهي عنوان مقالتك: إنها مؤامرة على الزيود فدفعني ذلك إلى التعقيب عليه بكل حب وتبجيل بعيد عن أي غرض آخر فأرجو أن يتسع صدرك لقراءته ، وبصراحة أقول : إنه لا توجد أي مؤامرة على الزيود ، وكيف تكون هناك مؤامرة على الزيود والحكم والسلطة في اليمن بأيديهم وهذا هو الواقع.
صحيح أنه تم القضاء على الإمامة التي كانت تسيّر الأمور طبقاً للمذهب الزيدي حتى في المحافظات السفلى -غير الزيدية- ولكن الثورة قامت بمشاركة الزيود أيضاً بل إنهم هم من استلم السلطة ولا زالوا محتفظين بها حتى اليوم وإلى ما شاء الله ، ولم يحارب المذهب الزيدي إطلاقاً بل العكس ظل العمل به قائماً في معظم المرافق الحيوية وعلى رأسها وزارة العدل ، ولم يحارب الزيود بل المعروف عن الزيود أنهم كلمة واحدة ويد واحدة ، وصحيح أن الرئيس علي عبدالله صالح لا يتظاهر بانتمائه المذهبي ولكن هذه سياسة وإلا فهو زيدي حتى النخاع ، وكل الرؤساء من قبله كانوا من الطائفة الزيدية ومن سمارة ومَطْلَعْ فقط ومع ذلك لم يتذمر أحد من أبناء الشوافع بالرغم من كونهم الأغلبية وهذا لم يأت بحكم المصادفة بل هو أمر يتم بتخطيط وتنسيق دقيق ، والزيود متمسكون بهذا الكرسي ومستميتون في المحافظة عليه ، على أن هذا عين الخطأ في واقع الأمر، لأنه طالما كان هناك طوائف فيفترض عدم الاستئثار بالسلطة بل تداولها سلمياً حتى لا يكون طرف أحسن من طرف ، وحتى تسير الأمور بشكل طبيعي كما هو الحال في باقي الدول ، وبالنسبة لانكفاء المذهب الزيدي في السنوات الأخيرة فهذا الأمر لم يكن ناجم عن مؤامرة إنما هو ناجم عن تزايد أبناء الطائفة الأخرى لا سيما بعد الوحدة وبعد عودة المغتربين من الخارج ، فهؤلاء حقيقة إجتاحوا المدن الشمالية -وهو أمر لم يكن مألوفاً لديكم- وهذا من حقهم لأنهم يمنيون واليمن بلاد الجميع بيد أن هذا لم يكن جديداً فمن المعروف أن الزيود أقلية ، وأنت لو فكرت واقتنعت بأن الزيود هم في الحقيقة أقلية لما تذمرت ولنمت قرير العين ، بل إنك بقولك إنها مؤامرة على الزيود تفتح مشكلة على نفسك وعلى الزيود المهيمنين على مقاليد الدولة اليمنية ، وأنت تعلم أنه لو خرج الحكم من أيديهم فلن يعود -إلا أن يشاء الله- وساعتها يحق لك أن تخاف على مذهبك وتقول إنها مؤامرة على الزيود ، أما أن يكون الزيود هم أصحاب الحل والعقد والمتنفذين في شؤون اليمن برمتها من ألفها إلى يائها فلا يحق لك الشكوى والأفضل أن تخلي الطبق مستور.. وشكراً..).
وللجواب على تساؤل الرسالة : »مؤامرة من قبل من يا والد إبراهيم) ، أريد أن أوضح الآتي :
نحن عندما نشكو ونقول : إن هناك مؤامرة على المذهب الزيدي للقضاء عليه ، لا نقصد بأية حال أنها أتت من جهة إخواننا الشافعية الكرام ، فقد تعايش المذهب الزيدي مع إخواننا الشافعية مئات السنين ، وليس بيننا وبينهم إلا كل احترام ومحبة ، إنما نقصد أنها مؤامرة منبعها من خارج بلادنا ، وينفذها إخواننا السلفيون التكفيريون الذين ينفذون مخططات لتفريق كلمة المسلمين في اليمن وهم يشعرون أو لا يشعرون.
ماذا تسمي يا أخي الكريم يا أبا خالد المنصوري كما سميت نفسك ماذا تسمي وكيف تفسر دخول هؤلاء المتشددين التكفيريين إلى القرى كل القرى تقريباً في المناطق الزيدية ، وأخذ أبناء تلك القرى وتعليمهم أفكاراً ومعتقدات سلفية لا نؤمن بها ونعتقد أنها خطأ كبير مثل تجسيم الله سبحانه وتعالى ، وأنه لله تعالى أيدياً وأرجلاً وساقاً ، وأنه سيضع رجله في النار يوم القيامة لكي تهدأ وتستقر بعد أن عجز عن إيقافها عن الغليان والحركة الرهيبة ، فاضطر إلى إدخال رجله في النار حتى خرج منها صوت هكذا : قِطْ ، قِطْ ، ثم هدأت هل هذا يا أخي هو الله العلي القدير القائل : (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون).
وهم أيضاً يعلّمون أولادنا أن الله خلق للجنة أناساً ، وللنار أناساً عيَّنَهم وأراد إحراقهم من قبل أن يخلقهم ، وأوقعهم في المعاصي بقَدَرِهِ ، وهم لا يستطيعون تجنبها ، ولو أرادوا ذلك ما استطاعوا ثم عذبهم بسبب أفعالهم التي قدرها عليهم وأجبرهم عليها.
ونحن الزيدية لا نؤمن بهذا بأية حال بل ننزله الله ونقول : إنه تعالى ليس كمثله شيء وأنه عز وجل لا يمكن أن يجبر أحداً على المعصية ثم يعذبه على فعلها لأن هذا ظلم ننزه الله عنه.
ونحن نقول لهؤلاء الإخوان : اتركونا أيها التكفيريون المتشددون ومذهبنا وعقيدتنا ، ولكم مذهبكم وعقيدتكم ، فنحن لا نكفركم ، ولا نعتقد أنكم بأفكاركم ومعتقداتكم قد خرجتم عن الإسلام ، كما أننا لم نخرج أيضاً بمعتقداتنا عن الإسلام ، دعونا نتعايش.
إننا لا نعتقد أنكم قد كفرتم بمجرد إعتناقكم لهذه المعتقدات ، وإن كنا نرى أن عقيدتنا هي الصحيحة ، وأنكم على خطأ ، ولكنا لا نعتقد كفر أحد ممن يقولون : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، وحسابكم وحسابنا على الله ، فتعايشوا مع المذاهب الأخرى ، ولا تحاولوا إلغاء كل المذاهب والتسلط عليها ، ودعونا ومعتقداتنا ولكم معتقداتكم (قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً).
لا تتقووا علينا بالمال الوافر الذي يأتيكم من خارج البلاد ومن الداخل فتذهبون بسياراتكم القوية ، وأموالكم الوافرة ، والجماعات الذين يظنون أنهم يجاهدون في سبيل الله لمحاولتهم إخراج الشاب الزيدي الذي يؤمن بمذهب آل بيت رسول الله من معتقداته إلى معتقداتكم التي لا نراها إلا معتقدات ضالة ما أنزل الله بها من سلطان.
ونقول للدولة والقيادة : إرفعوا عن الزيدية وعن مناطقهم هذا المد السلفي التكفيري فهو ليس في صالحكم ، ولا في صالح اليمن ، وأنتم قيادة المفروض أن تكونوا محايدين ، وما مثلكم ومثل أبناء شعبكم إلا كمثل الأب الرحيم العادل مع أولاده ، أنتم كالأب الراعي لأبناء الشعب اليمني ، شافعيهم ، وزيديهم ، وسلفيهم ، وعليكم أن تقرعوا عنا هذا التبشير إن صح التعبير ، أو هذا النشاط الوهابي السلفي الذي يحاول الدخول إلى كل المناطق الزيدية.
إن محاولة الإلغاء هذه ليست في صالحكم ، ولا في صالح اليمن ، أنتم قيادة ، ما لكم وللتعصب مع هذا المذهب أو ذاك ، إتقوا الله في أبناء شعبكم ، ويرفع الله قدركم ، ويعزكم ويمكن لكم في الأرض .
هذا ما نقوله يا أخي الكريم المنصوري ، ولا نقصد إخواننا الشافعية الكرام الذين تعايشنا معهم مئات السنين ، فنحن نحترمهم ، ونحبهم ، وأنت تعلم يا أخي الكريم أن الهجمة السلفية التكفيرية قد طالت اليمن كله الزيدي والشافعي معاً ، وعلماء الشافعية والصوفية يشكون من هذه الهجمة شكوى مرة وأنت تعلم ذلك ، وإن كانت الهجمة تستهدف الزيدية أكثر .
ويظهر أخي الكريم أنك لم تقرأ مقالي الذي عنونته بهذا العنوان : (إنها مؤامرة على الزيدية يا قاضي محمد وعلى الشعب اليمني والرئيس).
وقد قلت لي في رسالتك ليتسع صدرك يا والد إبراهيم لقراءة رسالتي ، ولكن يظهر أنه لم يتسع صدرك لقراءة مقالي ، بل قرأت العنوان فاستفزك ، وكتبت ما كتبت ، مع أنني لم أتطرق إلى إخواننا الشافعية في مقالي من قريب أو بعيد ، بل كنت أتكلم عن مظلومية الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء ، وكيف أن القاضي محمد العمراني وفقه الله وهدانا وإياه لم يتطرق إلى مظلومية الإمام الحسين بن علي عليه السلام حين كان يتكلم عن بدعة ضرب الأجسام حزناً على الإمام الحسين ونحن معه فيما قال ، وهي الحقيقة من جانب ، ولكن للحقيقة جانب آخر ، وهي أن الحسين بن علي عليه السلام قتل مظلوماً بأيدي البغاة والطغاة ، وأن الحزن عليه واستنكار ما حدث له فيه أجر عظيم ، ومواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يحبه حباً عظيماً ، ويقول : »حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً« ، هذا كان خلاصة مقالي ، وليس حول إخواننا الشافعية بأي حال.
وأنا عندما أطالب يا أخي المنصوري برفع محاولة تغيير المناطق الزيدية إلى مناطق سلفية تكفيرية متشددة تكفر الزيدية والشافعية معاً إنما أنطلق من واجب إسلامي ، ومن أجل المصلحة العامة لهذا البلد :
أولاً : لكي نتجنب الضغائن والأحقاد بين أبناء اليمن من جهة ، وبين أبناء الزيدية في المحافظات الشمالية والقيادة السياسية حاضراً ومستقبلاً من جهة أخرى.. فالقيادة كما قلت بمثابة الأب الرحيم العادل ، وأبناء الزيدية وسائر أبناء البلد كالأبناء، وبمحاولة إخضاعهم بالقوة وتحويلهم عن معتقداتهم لن يجني اليمن غير المتاعب والمستقبل السيء المظلم على الجميع.
وهناك كما يقول الأستاذ العلامة/ محمد مفتاح في مقاله الذي أشادت به جريدة »الثورة« هناك من يكره أبناء المناطق الزيدية والرئيس علي عبدالله صالح على حد سواء ، ويريد إحداث المشاكل بين هذه المناطق والقيادة لأغراض شخصية ، والتدبر والتعقل والرفق هو الطريق الأمثل للوصول إلى كل خير.
وقد دعونا الإخوة الذين يشتغلون بمحاولة تحويل مناطق الزيدية إلى مناطق سلفية تكفيرية وفيهم من هم في مناصب كبيرة عسكرية ومدنية عالية ، دعوناهم بدلاً من هذا العمل الغير معقول الذي يقومون به ، والذي لا يؤدي إلى خير ، ولا يرضي الله سبحانه وتعالى ، أن تعالوا نتعاون لتشذيب المذهب الزيدي من بعض الأخطاء التي دخلت فيه مثل حصر الولاية العامة في البطنين ، إننا سنعمل من أجل هذا بكل قوة حتى نصل إلى تحقيق هذا الهدف بعون الله تعالى ، لا من أجلكم ، ولا من أجل إرضاءكم بما لا يرضي الله ، بل لأنني شخصياً أعتقد أن هذا هو الحق الناصع الذي يرضي الله ، ويجمع شمل المسلمين ، لكن إخواننا في السلطة لم يتوفقوا للاستجابة إلى التعاون من أجل ذلك على أن يبقى المذهب الزيدي مصاناً محترماً كسائر المذاهب في اليمن.
وقد دار التأريخ الإسلامي يا أخي المنصوري لحوالي ألف وأربعمائة عام وهو بين فعل خاطئ عنيف ورد فعل خاطئ عنيف .
إن محاولة الإلغاء بالشكل الذي يحصل اليوم لن يؤدي إلا إلى تمسك الزيدية بمعتقداتهم القديمة بكل ما فيها .
يا ليت هناك من ينظر إلى مصلحة اليمن ، ومصلحة القيادة السياسية ، ومصلحة الرئيس ومن يأتي بعده ، ويترك المصالح الشخصية الزائفة الزائلة في سبيل الله ، ومن أجل أبناء هذا الشعب ، ومن أجل الحق والعدل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولقد حضرت مؤتمر الدوحة للتقريب بين المذاهب ، وقد أجمع المؤتمرون بعد نقاش جاد طويل على وجوب تجنب أصحاب كل فكر وكل معتقد التبشير »حسب تعبير البيان الختامي« بمذهبهم ومعتقداتهم في مناطق المذاهب والمعتقدات الأخرى ، وأقروا ذلك بالإجماع ودعوا إليه.
وها هو الداعية العلامة/ يوسف القرضاوي يصرخ ويدعو بأعلى صوته من على منبر مسجده في الدوحة ، ومن »قناة الجزيرة« إلى ترك محاولة تحويل بعض المناطق السنية إلى مناطق شيعية أو العكس.
ولقد دار النقاش في مؤتمر الدوحة وشكى كثير من الحاضرين من محاولة بعض الشيعة الجعفرية تحويل بعض المناطق السنية في مصر بالذات وفي غيرها إلى المذهب الجعفري ، وكدت أصرخ بأعلى صوتي وأقول : إننا نحن اليمنيين الزيدية الذي يجب أن نشكو من الهجمة السلفية الشرسة على مناطق الزيدية لتحويلهم إلى سلفية تكفيرية ، ولكني آثرت أن أترك هذا الموضوع ليتم مناقشته في بلادنا ، وبين أبناءنا وإخواننا في اليمن ، ومع قيادتنا ورئيسنا ، فهذا أمر داخلي لا يصح أن نثيره في الخارج ، وفي مؤتمر عالمي مثل ذلك المؤتمر ، واليوم ومن صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية الموحدة فإننا نرفع أصواتنا بالشكوى من هجمة السلفيين التكفيريين ، وتبني بعض المسؤولين لهذا الفكر التكفيري ، ولا نقصد إخواننا الشافعية الكرام بأية حال يا أخي المنصوري.
ولسنا بصدد الكلام عن الحكم ، فالحكم لله العلي القدير يضعه حيث يشاء.
وبهذا نكون قد أوضحنا ما نريد ونقصد بما فيه الكفاية ، والله الهادي إلى سواء السبيل..
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
نعم المولى ، ونعم النصير..
وعلى الله توكلت..
❊ ❊ ❊ ❊
حماس والناس
إننا نرحب بأخينا الجليل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الإسلامية الذي أوضح في الندوة التي عقدت في صنعاء لإخوانه الفلسطينيين واليمنيين والتي حضرتها الكثير من خطوات حماس في مكافحة الصهاينة المعتدين ، والصعوبات التي يواجهونها ، ولا شك أن حماس قد حققت خطوات إلى الأمام في تحقيق الأخوة والتعايش الفلسطيني الفلسطيني باتفاق مكة ، ونحن نؤكد أننا مع حماس والجهاد الإسلامي ومع المقاومة الفلسطينية ضد الصهاينة المعتدين بقلوبنا وإمكاناتنا.
ومع ذلك فإنه يوجد في الناس من ينتقد حماس ويظن أنها أخطأت الطريق بقبولها الدخول في الانتخابات وتشكيل الوزارة ، وفي رأي هؤلاء أنه يصعب الجمع بين المقاومة والسلطة.
وللحقيقة فإنني أشهد بأن رجال حماس في بلادنا استشاروا الكثير في اليمن قبل يوم الانتخابات في فلسطين ، هل تشارك حماس في الانتخابات أم لا ؟ ، ويظهر أن الاستشارة هذه كانت معممة على جميع أصدقاءهم وإخوانهم والمساندين لهم والمتعاطفين معهم في العالم العربي والإسلامي ، وقد سئلت قبل الانتخابات كما سئل غيري عن مشاركتهم في الانتخابات وهل ذلك حسن أم لا ؟، وأنا أعترف أنها لم تكن الصور واضحة أمامي في ذلك الوقت ، ولكني قلت : هل ستتمكنون من الجمع بين السلطة والمقاومة ؟ ، فكان الجواب يميل إلى إمكان ذلك ، ولم ندر ماذا سيعملون بعد الاستشارات ، ثم رأينا أنهم قرروا المشاركة في الانتخابات ، وفازوا ذلك الفوز الساحق الذي لا نظير له ، ثم جاءت بعد ذلك المتاعب والصعوبات.
وأقول اليوم : (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء) ، أقول : لو كنت أعلم الغيب لنصحت بأن لا يشاركوا في الانتخابات ، ويكتفوا بالمقاومة ، ولو كنت أعلم الغيب ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لنصحت إخواننا في حماس بعد أن نجحوا في الانتخابات أن يكتفوا بأن يمسكوا المجلس التشريعي ، ويعلنوا عن عزوفهم عن تشكيل الوزارة ، فالسلطة التنفيذية يمكن أن يتركوها لغيرهم ، إذا كان الدستور يسمح بذلك ، وأظن أنه كان يمكن تعديل الدستور بحيث يمكن ذلك إذا كان فيه ما يمنع من ذلك.
وإذا اكتفوا بأن يمسكوا المجلس التشريعي ويكونوا فيه أغلبية فسيأتي كل ما تقرره وتتخذه السلطة التنفيذية إليهم ويستطيعون حين ذلك أن يوافقوا ويقروا ما يشاؤون ويرفضون ويردوا ما يرون فيه ضرراً على مجتمعهم وبلادهم.
أظن أن هذا كان مخرجاً جيداً للأزمة التي وقعت فيها حماس ، والفلسطينييون جميعاً اليوم ، وفي الإمكان تنفيذ مثل هذه الخطة اليوم بعد مناقشتها ، وإن كانت الآن أصعب مما لو أتت كقرار ذاتي من أول يوم.
على كلٍّ أنا أناقش حماس وأضع هذا الكلام لأبين أن حماس كسائر المجاهدين والمناضلين في العالم ليسوا معصومين ، وأن الذي يقضي عمره في الجهاد في سبيل الله لا بد أن يصيب ويخطئ ، يصيب في بعض الخطوات ، ويخطئ في بعضها ، وهذا ليس عيباً ، فالبشر كلهم خطاؤون ، والمهم هو تصحيح المسار بين كل آونة وأخرى وهذه هي الطريقة الصحيحة المتبعة عند كل حركة مجاهدة مناضلة.
وصدر حركة حماس واسع للنقد والتعليق على خطواتهم الجهادية التي يبذلون فيها أقصى جهد من التحري والتأمل ومحاولة تحري الحق واتباعه.
أما التشهير والاتهام ونحوه فهو غير مقبول عندنا وعند حماس على حد سواء.
والمطلوب من حماس وهو المهم صلاح النية ، والثبات على المقاومة من أجل استقلال فلسطين من التدخل الأجنبي ، والإحتلال الصهيوني ، والسير بكل ثبات وتصميم وصدق وإخلاص ونكران للذات ، وعزوف عن المناصب ، والمكاسب الدنيوية التي تضر بمسيرة الجهاد ، وبذل أقصى الجهد في العمل من أجل صد التآمر الصليبي الصهيوني المسنود من الصليبيين الذين يظنون أن في مساندة الصهاينة طريقاً إلى نزول المسيح وانتصاره على الأرض وهم في ذلك واهمون.
ذلك ما هو مطلوب من إخواننا في حماس ، وما نظنهم إلا كذلك ، أما النصر الحاسم ، فهو بيد الله والله ينصر من يشاء وهو القوي العزيز.
وهو الهادي إلى سواء السبيل.
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
نعم المولى ، ونعم النصير..
وعلى الله توكلت..