العدل عند الزيدية
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 146
- اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 13, 2007 4:40 pm
العدل عند الزيدية
قال النبي صلى الله عليه وعلى أهل بيته: ((صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي، قد لعنوا على لسان سبعين نبياً: القدرية والمرجئة. قيل: وما القدرية يا رسول الله ؟ وما المرجئة ؟ فقال: أما القدرية فهم الذي يعملون المعاصي ويقولون: إنها من الله قضى بها وقدرها علينا. وأما المرجئة فهم الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل)) ثم قال صلى الله عليه وآله: ((القدرية مجوس هذه الأمة)).
مفهوم العدل عند الزيدية
ألامام أحمد بن سلمان عليه السلام
((معني قولنا إن الله عدل , أي آن الله منزه عن صفات النقص في أفعاله
فهو ألاه لا يفعل القبيح ولا يرضاه ولا يحبه ولا يريده ,
ولا يجبر العبد عليه ولا يكلف فوق الطاقة
ولا يمنع المكلف الاستطاعة ,ولا يجور, ولا يظلم أحدا , ولا يخلف وعده ووعيده
والدليل علي انه تعالي منزه عن الصفات التي توجب النقص من طرق العقل
أنه قد اثبت أن الله تعالي عالم بنفسه , قادر , حكيم , غني ,
وثبت أن الله العادل القادر الحكيم الغني
لا يفعل القبيح ولا يرضاه ولا يأمر به ولا يريده ولا يجبر العبد عليه .
والعقل يشهد أن فعل القبيح وأن من أمر به أو رضي عنه , يكون كمن فعل القبيح ,
والعقل أيضا يحكم و يشهد علي أنه لا يفعل القبيح إلا من جهل قبحه
أو احتاج إلي فعل القبيح لشهوةأو طمع , أو سفاهة , أو سخف رأي ,
أو استماع مشورة مضل أو جاهل
فمن كان فيه بعض هذه الصفات لم يؤمن منه فعل القبيح أو الرضا به أو الأمر به .
وكل مكلف من موحد وملحد يستحسن فعل الحسن ويحب أن يُذكر به
ويستقبح القبيح ويكره أن يُذكر به
الا تري ان الملحد لو رأي صبيا يريد ان يتردي في بئر أو نارأنه
يمنعه من ذالك ويستحسن منعه ويستقبح تركه وأن لم يكن له رحم ؟
فاذا كان فعل القبيح يُقبّح بالعبد الجاهل المحتاج الضعيف
فكيف لا يقبح من الله الحكيم القادرالذي ينسب اليه القدرية بانه قدر
علي بعض عباده الكفر والمعاصي ثم عذبهم بما قدره هو عليهم
فوجب أن يكون تعالي منزها متعاليا عن فعل القبيح , لانه تعالي عالم قبح القبيح , ولأنه غير محتاج اليه
فصح أن الله تعالي لا يفعل ظلما ولا جورا ولا يقدرعلينا المعاصي والكفر ))
قول الأمام زيد بن علي عليهم السلام في جوابه علي المجبرة
من كتاب مجموع رسائل الأمام زيد((سبحانه وتعالى عما تَقُولُ المُجْبِرةُ والمشبِّهةُ علواً كبيراً. إذ زعموا أن اللّه سبحانه وتعالى خَلَقَ الكُفْرَ بنفسهِ، والجحودَ والفِرْيَةَ عليه، وأن يَدَهُ مَغْلُولة، وأنه فقير، وأنه سفيه، وأنه أَفَّك العباد، ثم قال: (أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[المنافقون: 4]، وصرفهم وقال: ( أَنَّى يُصْرَفُونَ) [غافر: 69]، وقال: (سَابِقُوا) [الحديد: 21]، ولم يعطهم آلةً للسِّباق. وأنه خلقهم أشقياء، ثم بعث إليهم رسولا يدعوهم إلى السَّعادة، وأنه أجبرهم على المعاصي إجباراً، ثم دعاهم إلى الطاعة ولم يُخَلِّ سبيلهم إليها، ثم غَضِبَ عليهم وعاقبهم بِغَرَقٍ وحَرْقٍ واصْطِلام بِقَوَارع النِّقَم، وجعل موعدهم جَهَنَّم. وأنه جاء بالإدِّ فأدخله في قلوب الكافرين، ثم قال: (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدَّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدَّا)[مريم: 89] سخطا منه لِخِلْقَةٍ فطرها.
وأنه لم يجعل للقلوب استطاعة لدفع ما دَهَمَها وحَلَّ بها، إذْ أجبرها عليه، وجَبَلَها له، فنسبوا إلى اللّه تبارك وتعالى المَذَمَّات، ونفوها عن أنفسهم من جميع الجهات، فقالوا: منه جَمِيْعُ تَقَلُّبِنَا في الحركات، التي هي: المعاصي، والطاعات، وإنه محاسبنا يوم القيامة على أفعاله التي فعلها، إذْ خَلَقَ: الكفر، والزِّنا، والسَّرقة، والشِّرك، والقتل، والظلم، والجور، والسَّفَه. ولولا أنه خَلَقَها - زعموا - ثم أجْبَرَنا عليها، ما قَدَرْنَا على أن نَّكْفُرَ، وأن نُشْرِكَ، أو نُكَذِّب أنبياءه، أو نجحد بآياته، أو نقتل أولياءه، أو رُسُلَه، فلما خَلَقَهَا وجَبَرَنا عليها، وقَدَّرها لنا، لم نخرج من قضائه وقَدَرِه، فَغَضِبَ علينا، وعذَّبنا بالنار طول الأبد.
كلا وباعِثِ المرسلين، ماهذه صِفَةُ أحكم الحاكمين، بل خلقهم مُكَلَّفِين مستطيعين مَحْجُوْجِيْنَ مأمورين منهيين، أمرنا بالَخْيرِ ولم يمْنَعْ منه، ونهى عن الشَّر ولم يُغْرِ عليه، وهداهم النجدين - سبيل الخير والشر -، ثم قال: ( اعْمَلُوا)، فكلٌ مُيَسَّر لما خُلِقَ له مِنْ عَمَلِ الطاعة، وترك المعصية، وقال تعالى: (خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيْلَ يَسَّرَهُ)[عبس:20- 21]،...... [إلى أن قال عليه السلام:] فنفتِ المجبرة والمشبهة عن أنفسهم جميع المَذَمَّات، والظلم، والجور، والسَّفَه، ونسبوها إلى اللّه عزوجل من جميع الجهات. فقالوا: خلقنا اللّه أشقياء، ثم عَذَّبنا بالنار، ولم يظلمنا. فأي استهزاء أعظم من هذا، وأي ظلم أوضح، أو جور أبْيَن مما وصفوا به اللّه عزوجل؟!
كلا ومالك يوم الدين ما هذه صفة أرحم الراحمين، من يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال سبحانه: ( لاَ يُكَلِّفُ اللّه نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)[البقرة: 286] و[وسعها] : طاقتها. بل كلفهم أقل مما يطيقون، وأعطاهم أكثر مما يَسْتَأهلون، لم يلتمس بذلك منهم عِلَّة، ولم يغتنم منهم زَلَّة، ولم يخالف قضاءه بقضائه، ولا قَدَرَه بقدره، ولا حكمَهُ بحكمه، تعالى عما تقول المجبرة والمشبهة علواً كبيراً، إذ شبَّهوا اللّه سبحانه بالجِنِّ والإنس؛ لأن الظلم، والجهل، والفسوق، والفجور، والكفر، والسَّفَه لا تكون إلا من الجِنِّ والإنس)) انتهى كلامه عليه السلام ، من مجموع رسائل الإمام زيد.