هل الاجتهادات الفقهية ((الزيدية)) ملكية !!؟عبدالله الحكيمي

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
شرف الدين المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 221
اشترك في: السبت ديسمبر 08, 2007 1:51 pm
مكان: صنعاء

هل الاجتهادات الفقهية ((الزيدية)) ملكية !!؟عبدالله الحكيمي

مشاركة بواسطة شرف الدين المنصور »

بسم الله الرحمن الرحيم
عبدالله سلام الحكيمي
هل الاجتهادات الفقهية ((الزيدية)) ملكية !!؟
صحيفة الوحدة العدد (76)
الاربعاء 20جماد الاول 1412هـ الموافق 27/11/1991م
الحق ان مقالات عدة كتبها الأخوان العزيزان الأستاذ/ نصر طه مصطفى والأستاذ/ حارث عبدالحميد الشوكاني في صحيفة (الصحوة ومجلة النور وصحيفة الوحدة .) قد خلقت لديّ حافزاً قوياً ورغبة جامحة لقراءة ودراسة بعض كتب الفقه والمذاهب والفكر الإسلامي . ولعل أكثر ما عزز لدي ذلك الحافز وتلك الرغبة أن تلك المقالات دارت – تصريحاً وتلميحاً- حول محور رئيسي مؤداه -فيما فهمته – إن الثورة اليمنية رغم قضائها على حكم بيت حميد الدين فان المرتكزات العقائدية والفكرية للحكم الملكي – الإمامي – لا تزال باقية ومؤثرة في الواقع حيث لم تتمكن الثورة من القضاء عليها واستئصالها باجتثاث (المذهب الملكي) من جذوره وهذا –المذهب الملكي- حسب ما تفصح عنه تلك المقالات –بالتصريح وبالتلميح- هو المذهب الزيدي أو الهادوي . الذي هو في نظرها خارج عن الكتاب والسنة . بدليل إشارتها إلى معاناة الأئمة المجتهدين الذين لاقوا معاناة بسبب خروجهم عن المذهب والرجوع المباشر إلى الكتاب والسنة الصحيحة . أو ارتباطهم بالكتاب والسنة .. كالشوكاني وابن الأمير وابن الوزير والمقبلي ..
والواقع أن مضامين هذه المقالات للأستاذين الفاضلين قد أضرمت في نفسي نار حب الاستطلاع ونزعة البحث العلمي بعد خمود طويل ذلك انه لم يسبق ان سمعت أو قرأت عن شيء اسمه (مذهب ملكي) ولم يقل احد من قبل بوجود مذاهب ذات نزعات ملكية أو جمهورية أو ثورية أو رجعية أو ديكتاتورية أو ديمقراطية .. الخ . تلك التصنيفات السياسية المعاصرة . وكل ما كان راسخاً في أذهاننا جميعاً ان المذاهب الإسلامية كلها –ودون استثناء- اجتهادات أئمة وعلماء وفقهاء مؤمنين في فهم النصوص وتفسيرها ومعالجة وقائع الحياة المتجددة على ضوء فهمهم وتفسيراتهم . وانها جميعاً مصيبة ولها أجرها عند الله . وان تعدد المذاهب في الإسلام بقدر ما يرهن على حض الإسلام وتشجيعه على الاجتهاد . لمواكبة متغيرات الحياة وتجدد وقائعها فانه – أي ذلك التعدد- كان صاحب فضل كبير على ما حققته الشريعة الإسلامية من ثراء وخصوبة وحيوية وتجدد . رغم محدودية ذلك التعدد بسبب جمود حركة الاجتهاد واستمرارها . ولولا جمود حركة الاجتهاد وتوقفها تقريباً لكان لدينا اليوم عشران بل مئات المذاهب والاجتهادات الإسلامية ولأصبحت الشريعة الإسلامية مؤهلة وقادرة على قيادة العالم وتوجيهه من خلال تميز وفاعلية الحلول والمعالجات التي تضعها لمشاكل الإنسانية وهمومها . ان أئمة المذاهب الأجلاء –على محدودية تلك المذاهب- أدركوا منذ زمن بعيد هذه الحقيقة تمام الإدراك وعملوا بمقتضاها فلم يسع أي منهم إلى نقض وهدم مذهب آخر واجتهاداته ولم يعرف عن أي منهم تسفيه أو تكفير لغيره . بل على العكس من ذلك نظر كل واحد منهم إلى الآخر نظرة احترام وتقدير باعتبارهم جميعاً على صواب .
**مقالات للتحريض :
ولعل أكثر ما أفزعني من تلك المقالات مناداتها العدائية باجتثاث والقضاء على مذهب بكامله دون بيان أو تفنيد أو سند (بل واخطر من ذلك بالتحريض على تصفية المؤثرين من إتباعه من مواقع مؤثرة في مختلف الأجهزة الرسمية والحزبية.))!! فإذا كانت النظرة إلى اجتهاد إسلامي بهذا الشكل الرهيب .. فهل يمكن ان يصدقنا الناس حينما نعلم لهم عن إيماننا وتقبلنا للتعددية الحزبية والسياسية والفكرية ؟ التي تسود وطننا منذ إعادة وحدة وطنه في 22مايو 1990م خالد الذكر؟ إذ يصبح من حق كل الأحزاب والتنظيمات السياسية الشعور بالشك والريبة والتخوف من حقيقة نوايا التيارات الإسلامية تجاه مسألة القبول بالديمقراطية والتعايش مع الآخرين ما دامت نظرة بعضهم لبعض بذلك المستوى من الحدة والغلو في العداء!!
وعلى الرغم من ذلك فان القضية الجوهرية التي أود الوقوف –بالتحليل- أمامها الآن تتحدد في محاولة التدقيق فيما ذهبت إليه تلك المقالات من اعتبار المذهب الزيدي مذهباً (ملكياً) يستعبد الناس يجعل أقليتهم سادة لأكثريتهم وغرس حالة الخضوع والاستعباد لدى المواطنين .. الخ .
وفي البدء في محاولة كهذه . أجد لزاماً على ان أؤكد على حقيقة لابد من تأكيدها سلفاً . وهي إنني رغم الجهد الذي بذلته في الرجوع إلى ا لمواجع الأساسية للفكر الزيدي والهادوي .. فإنني لا ادعي الإلمام بمختلف جوانبه ومجالاته ولا حتى ببعضها . وكل ما استطعت عليه الوصول إلى معرفة عامة – غير متعمقة لبعض الجوانب التي اعتقد بأهميتها .. ذلك ان سياحة عابرة على قطار سريع في أرجاء تلك المراجع والكتب مكنتني من ان المح ابرز المعالم الشاهقة في تلك الأرجاء . وقبل تسجيلها في هذه المقالة فإنني ارجوا من القارئ الكريم ان يغفر لي تجنبي إيراد نصوص واقتباسات نصية كما فعلت في مقال سابق . أخال انه ذو علاقة بمقالنا هذا . وذلك كيلا أرهق القارئ في متابعتها . وتحاشياً لشعوره بشيء من الملل مكتفياً بالوصف المرسل لتلك المعالم . ومحيلا القارئ في نهاية المقال الى سماء المراجع والكتب للراغب في الاستزادة..
ويمكن بلورة المعالم الملتقطة من رحلتنا الخاطفة على النحو التالي :-
1. لعل أول ما تقع عليه عين السائح على قطار سريع في أرجاء الفكر الزيدي ذلك المعلم الشاهق والبارز المتمثل بإعلاء شان العقل وتعظيمه لدى الزبدية ومن ضمنها –الهادوية- حيث يحتل –أي مسائل العقل اليقينية- المرتبة الأولى في مصادر التشريع ، يلي إجماع العقلاء ثم الكتاب وبعده السنة النبوية الصحيحة التي تقاس صحة الحديث المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمقياس موافقته وعدم تعارضه مع ما ورد في القران الكريم .
ان اعتبار العقل حاكماً لدى الزيدية يستند إلى أساس منطقي مؤاده ان معرفة الخالق والرسالة المحمدية لا تتم إلاّ به . ولعل الترابط الوثيق بين الزيدية والمعتزلة فكرياً قد لعب دوراً بارزاً في إعطاء تلك المكانة السامية للعقل ودوره . والواقع ان هذه السمة البارزة للزيدية قد منحته القدرة الدائمة على التجدد ورفض الجمود من خلال تشجيعه وحثه . الذي يبلغ حد الوجوب .. على الاجتهاد . فالاجتهاد عندهم – كما يقول محمد أبو زهرة- اجتهاد في أصول الاعتقاد وأصول الأحكام وفروع الأحكام معاً . فمن ناحية اوجب على المجتهد عدم التقليد واعتبر جنوحه للتقليد اثماً . ومن ناحية أخرى أعطى للإنسان حرية مطلقة في قبول أو عدم قبول أي رأي أو فتوى حتى وان كانت صادرة من علماء مذهبه . ففي قواعد المذهب الواردة في الجزء الاول من (شرح الأزهار) تجد ذلك بما معناه (علم الإنسان مقدم على غيره كائناً من كان بمعنى ان الإنسان متى ما علم في قضية بخلاف المذهب الذي يتمذهب به فعلمه مقدم عليه ) إضافة إلى التأكيد على ان تقليد الحي أفضل من تقليد الميت . و تلك وسيلة مثلى لمواكبة تطور الحياة وتجدد وقائعها فالمجتهد الحي مرتبط بها أكثر من الميت الذي انقطعت صلته بها واعتبروا –كقاعدة- ان الخلاف في مسألة يصيرها طنية . ولم يجيزوا النهي عن المنكر في المسائل الخلافية أو في المسائل التي تعتبرها اجتهادات فقهية أخرى غير منكرة مثل عدم نهي الحنفي المذهب عن شرب (المثلث) أي النبيذ لان مذهبه يجيز ذلك وفي ذلك كله منتهى الإيمان بالحرية واحترام وقبول الآراء الأخرى مهما كان الخلاف معها. وواضح ان هذا الموقف الايجابي ينبع من إيمانهم بحرية الإنسان وحرية احتياره . ولقد هيا ذلك للزيدية قدرة فائقة على الانفتاح على المذاهب الإسلامية والأفكار الإنسانية غير المتعارضة مع الشريعة دون عقد أو تعصب مما جعل الزيدية على حد قول محمد أبو زهرة ((مذهباً نامياً متسعاً يجد في رحابه كل مذهب من مذاهب أهل الإسلام مستقراً )) وتلك حقيقة يلحظها القارئ العابر لمراجع وكتب الزيدية وخاصة (شرح الأزهار) ففيها تجد تسجيلاً اميناً لآراء المذاهب الأخرى .. وأكثر من ذلك تجد في احايين متعددة فيها حكماً معيناً يشار إليه بعبارة وهذا (خلاف المذهب) .
**العدالة الاجتماعية:-
2. بعد ان يمر السائح العابر بسرعة على هذا المعلم الشامخ . يصادفه معلم بارز آخر وهو معلم العدالة الاجتماعية والعدالة بمفهومها الشامل . فقد أولت الزيدية اهتماماً كبيراً لتحقيق العدل الاجتماعي . فقد أوجبت الزيدية على المسر نفقة المعسر حيث ورد في الجزء الثاني من (شرح الأزهار) النص عليه كما يلي (ويجب على كل موسر نفقة كل معسر بشرطين: (الاول: ان يكون على ملته وهذا الشرط في غير الأبوين. واما هما فلا يعتبر فيهما ) و (الثاني: ان يكون الموسر يرثه بالنسب .. ويجب للمعسر على الموسر من الإنفاق الإطعام والادام والدواء وكسوته وسكناه واخدامه للعجز. وأجره الحضانة وقائد الأعمى وحامل المقعد . وله – أي المعسر- طلب الكفيل إذا أراد منفقة الغيبة وإذا مطل طلب الكفيل . وقال في (الكافي) إذا كانت عادته –أي المعسر- لا يخدم نفسه لجلالة جاهه اخدمة ).
ويضيف ان للحاكم ان ينفق على المعسر من مال الموسر الغائب.
وقد حددت الزيدية حد الموسر الذي تلزمه نفقة المعسر من يملك من المال الكفاية له وللأخص به من الغلة إلى الغلة ان كانت له غلة إلى وقت الدخل ان كان له دخل . وينفق من الزائد على ما يكفيه . ويجب عليه انفاق قريبه المعسر ويجب له انفاق من قريبه الموسر وذلك حيث يكون له في كل يوم دخل يكفيه ليوم ويزيد فان الزائد يجب عليه ان يصيره إلى قريبه المعسر .
وحد المعسر للذي تجب نفقته –كما ورد في (شرح الأزهار) من لا يملك قوت عشر ليال، غير ما استثنى له من الكسوة والمنزل والاثاث والخادم وآلة الحرب من فرس أو غيره (ويضاف إلى ذلك المركوب-أي الدابة) ..
ويتضح من ذلك ان الزيدية تعتبر الإنسان فقيراً حتى برغم امتلاكه لمنزل يأويه واثاثه ولمركوب ينتقل به ولالات الحرب. مع وجود خادم له في حالة العجز، المهم انه لا يملك –سوى ذلك- قوت عشر ليال .. والفقير بهذا التحديد عند الزيدية هو من يستحق الزكاة. اما إذا كان الفقير دون ذلك كان لا يكون مالكاً لسكن أو مركوب أو لآلة الحرب. ولا يتوفر لديه ما يكفي لوجود خادم في حالة العجز فان مسئولية الدولة –وجوباً- ان توفر له المسكن والمأكل والدواء والاخدام في حالة العجز واجرة الحضانة وقائد الاعمى وحامل المقعد ، لايصاله إلى حد الفقر أو حد المعسر الذي تجب نفقته .
وعلى صعيد آخر توجب على كل انسان سد رمق من خشي عليه التلف أو الضرر من بني آدم كالمسلم والذمي ، وفي حالة رفضه إلى حد موت الإنسان جوعاً فان عليه دفع الدية .. ليس ذلك فحسب بل يتعداه إلى وجوب سد رمق سائر الحيوانات وتفرض عقوبات على من يتسبب في نفق الحيوانات مثل من يتسبب في كسر اسنان ماشيه نتج عنه انعدام قدرتها على الاكل فنفقت .
ويذهب بعض علماء الزيدية إلى حد اسقاط مشروعية الدولة بكامله إذا انتشر الفقر والمجاعة وافضت إلى موت اناسان من الجوع .
** مقاومة الحاكم الجائر :-
3. وينتهي السائح على قطار سريع في ارجاء الزيدية إلى رؤية ملمح لا يقل شموخاً ولا سمواً عن الملمحين أو المعلمين السابقين . وهو محاربة الظلم والظالمين والخروج على الطغاة والجبابرة . فالزيدية كما يقول الدكتور عبدالفتاح شائف نعمان في كتابه (الامام الهادي) هي في الحقيقة تعني السيف والجهاد والخروج على الظالمين .. فالامام زيد المجاهد الذي ارسى مبدأ الخروج على أئمة الجور وحكام السوء المتسلطين على رقاب المسلمين .
والواقع ان الفكر الزيدي قد اوجب على كل قادر كفرض عين الخروج على الحاكم الجائر قالوا وما علامات جوره قيل ان يستأثر برأي أو مال . بل واعتبروا تميز الحاكم عن سائر الرعية ، وقال بعضهم عن افقر الرعية في ملبسه ومأكله موجباً للخروج عليه .
وفي كتاب الأحكام للامام الهادي يحيى بن الحسين يقول فيمن يعاون الظالمين (من اعان ظالماً ولو بخط حرف أو برفع دواة أو وضعها ثم لقي الله عز وجل على ذلك وبه ولم يكن اضطرته إلى ذلك مخافة على نفسه لقي الله يوم القيامة وهو معرض عنه غضبان عليه ) ومن غضب الله عليه فالنار مأواه والجحيم مثواه .. اما اني لااقول ان ذلك في احد من الظالمين دون احد ، بل اقول انه لا يجوز معاونة الظالم ولا معاضدته ولا منفعته ولا خدمته كائناً من كان من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو من غيرهم ، كل ظالم معلون وكل معين ظالم ملعون .
ومن هذا الموقف المتشدد والحازم من الظلم والظالمين اعتبرت الزيدية من الاثم دفع الزكوات والواجبات للحكام الظالمين .. كما ابطلت التجارة والاعمال ، وكفرت مساعدتهم ومعاونتهم باعتبار كل ذلك تمكيناً للظالم من مواصلة ظلمه وطغيانه ، كما اسقطت اقامة الحدود في ظل الطغيان وفرضت على الحاكم – وجوباً – رد الزكاة لاصحابها في حالة عجزه عن توفير الامن والامان والاستقرار للمواطنين ..
وبعبارة أخرى فان الزيدية بقدر ما تحرض النفس تحريضاً دينياً على وجوب الخروج والثورة على الظالمين والحكام الجائرين ، فانها تحرضهم إلى جانب ذلك على القيام بحركة عصيان مدني شامل قل ان نجد له نظيراً في المذاهب والاجتهادات الإسلامية والأفكار الوضعية في العالم .. ان العدل من وجهة نظر الزيدية هو اساس كل شيء في الحياة وبدون لا تستقيم الحياة ولا يقوم عمران .
ولعلنا بعد هذه السياحة الخاطفة في ارجاء الفكر الزيدي المشرق والوضاء بحاجة إلى المرور سريعاً على بعض المعالم الاقل شموخاً في محاولة للالمام السريع باكبر قدر ممكن من الصورة وفي هذا الصدد نجد امامنا التالي :-
• في مسألة الكفاءة في الزواج يقول الدكتور عبدالفتاح نعمان في كتابه (الامام الهادي) ما نصه (ذهب الامام زيد إلى ان المعتبر في الكفاءة في النكاح انما هو الدين فقط اما النسب فلا عبرة به فينكح الاعجمي العربية . وينكح غير ذلك القرشي القرشية . وينكح غير الفاطمي الفاطمية لافرق بينهم في ذلك اذا كانوا مسلمين مؤمنين).
ويضيف ايضاً (وهذا الذي ذهب اليه الامام زيد هو الذي ذهب اليه الامام الهادي رحمه الله بل عمل به حيث زوج بناته من المهاجرين الذين قدموع اليه من طبرستان لمناصرته والجهاد تحت لوائه .
وفي (شرح الازهار) نجد انه (فيجوز تزويج العبد الفاطمية اذا رضيت ورضي وليها كما تزوج اسامه بن زيد وهو مولى فاطمة بنت قيس وهي قرشية باشارة النبي (ص) عليها به ونحو ذلك مما يكثر تعداده .
• في الموقف من الخلفاء والصحابة فاننا نجد في كتاب (الامام الهادي) للدكتور عبدالفتاح شائف نعمان ما نصه (اما الامام زيد رحمه الله فقد قطع بعدم تخطئتهم وكان يترحم عليهم ولا يقول فيهم إلاّ خيراً) .
وفي مكان آخر يقول (والامام الهادي فيقول في رده الذي كتبه لاهل صنعاء عند قدومه اليهم .. ولا انقص احداً من الصحابة الصادقين التابعين باحسان ، المؤمنات منهم والمؤمنين ، اتولى من هاجر ومن آوى منهم ونصر ، فمن سب مؤمناً عندي استحلالاً فقد كفر) .
ويورد الدكتور عبدالفتاح شائف نعمان ما رواه القاضي العلامة/ احمد بن سعيد الريحاني (ان قوماً من أهل صنعاء سبوا أبا بكر وعمر في مدة الهادي فأمر بجلدهم وأستدل الهادي على جلده لهم بان الرسول عليه الصلاة والسلام لعن من سب الصحابة ).
• وفي مسئولية الحاكم مباشرة عن الاحكام الصادرة في عهده نجد في (شرح الأزهار) في المجلد الرابع في باب الحدود ما نصه (فان قصر الحاكم في استفصال شيء مما تقدم نحو ان يشهد الشهود على رجل بالزنا وهو محصن بالظاهر فرجمه الامام ثم علم انه كان مجنوناً ضمن –أي قص9 ان تعمد التقصير وهل يجب عليه القود –أي القصاص أو الديه ينظر ، وفي الحالتين معاً اعتبر الحاكم مقالاً .ز
يبقى بعد ذلك ان نشير الى قضية تؤخذ على الزيدية بما فيها الهادوية وهي قضية حصر الامامة في آل البيت –علوي فاطمي- فبرغم ان الامام زيد قد اجاز امام المفضول بوجود الافضل ، ورغم اعتبارها في الزيدية شرط افضلية وليست نصاً ومع ان فرقاً من الزيدية كالصالحية والسليمانية قد تجاوزتها إلى وجوبها في عموم الامة فان النظر إلى هذه القضية –برغم كل ذلك – ينبغي ان يتم في السياق التاريخي للقول بها ، فكل المذاهب الإسلامية تقريباً قد قال بحصر الامامة ، منهم من حصرها واوجبها في قريش ، ومنهم من حصرها في بعض الائمة كالشيعة ومنهم من حصرها في آل البيت بالعلوي الفاطمي كالهادوية ، ومنهم من اوجبها في عموم الامة ، ومنهم من حصرها في العرب وحدهم ، وبذلك تحولت إلى مسألة خلافية فاصبحت ظنية يجب الاجتهاد فيها ، واعتقد ان فتوى علماء الزيدية المنشورة في صحيفتي (الوحدة ، 26سبتمبر) باعتبار الامامة لاتمت إلى الإسلام بصلة وانها جلبت على الامة من الويلات والحروب والدماء الكثيرة وانه لما كانت مقاصد الشريعة جلب المصالح ودرء المفاسد فان الامامة تعتبر ساقطة ، وبهذا تكون مسألة الامامة وحصرها قد انتهت تماماً يضاف إلى ذلك ان القبول بدستور الدولة وتأييده بما ينص عليه من ان الشعب مالك السلطة ومصدرها وان المواطنين جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات يعد منهياً للمشكلة من اساسها .
واخيراً ..
وبما ان الزيدية كما قال محمد ابو زهرة (قد فتح باب الاجتهاد فيه إذ لم يغلق فيه وقتاً من الاوقات) وفتح باب الاختيار من المذاهب الاخرى فقد صار هذا المذهب بهذا الاختيار حديقة غناء تلتقي فيها اشكال الفقه الإسلامية المختلفة واغراسه المتباينة وجناه المختلف الالوان والطعوم وان ذلك كان نتيجة لفتح باب الاجتهاد فيه .
يقول الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح في كتابه (قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة) : (ومن هذه الصرامة العقلية نشأت فكرة (الخروج) واخذت في الفكر الزيدي طابعاً عاماً فهي تعني في الاساس الخروج على الحاكم الجائر ، لكنها شجعت الخروج على التقليد ، والخروج على الاجماع الخاطئ) والخروج حتى على المذهب نفسه ، وعدم قصر فكرة الخروج على نظام الحكم جعل منه قاعدة عامة للحياة الفكرية والسياسية ، ومن هنا تتضح أهمية هذا الفكر وخطورته ، اما انتصاره للحرية ففي آثار دعاته وكبار انصاره صفحات تتضوع منها روائح الانعتاق من عبادة النصوص وتقديس السلف ، والى تلك القاعدة (السرية) الرئيسية يعود الفضل في بلورة معاني التمرد والثورة على التقليد ، وعنها ينبثق احترام الراي الآخر وضرورة مناقشته في ضوء فهم عقلاني بعيد عن العاطفة وحساسية التعصب والجمود .
وعليه يمكن القول ان (الزيدية) تعني
• العقل ودوره القيادي .
• الحرية والمسئولية .
• العدالة بمفهومها الشامل والاجتماعية منها على الخصوص .
• الخروج والثورة على الحكام الظلمة والجائرين والثورة على الجمود والتعصب .
• التسامح والانفتاح واحترام الراي الاخر .
فبأي حديث بعد كل ذلك يقول القائلون عن هذا الفكر العملاق بانه :-
• مذهب ملكي يؤسس المرتكزات العقائدية والفكرية والسياسية للملكية .
• وانه مذهب يفرض على الناس العبودية والعنصرية والاستبداد .
• وانه مذهب خارج عن الكتاب والسنة إلاّ الذين خرجوا عنه من علماءه وعادوا إلى الكتاب والسنة .
ورغم انني ادرك حقيقة الدوافع التي تدفع البعض إلى تجريد حملة عدائية شعواء ضد الفكر الزيدي ، لكنني اترك للقارئ ان يستنسخ بنفسه تلك البواعث والدوافع في ضوء ما سيعلمه من عظمة وشموخ المبادء التي اكدت عليها الزيدية .
ولعلي استدرك بالقول ان ما تمكنت من عرضه من تلك المبادئ هو القليل مما يتضمنه الفكر الزيدي كما ان هذا القليل ينقصه العمق والاحاطة الشاملة .
وعزائي انني لا زلت في مرحلة الدراسة لهذا الفكر الشامخ على امل معاودة النقاش في اطلالة اخرى باذن الله تعالى ..

*** مراجع وكتب يمكن الرجوع اليها:-
1. شرح الازهار .
2. الاحكام للامام الهادي يحيى بن الحسين .
3. الروض النضير في مجموع الفقه الكبير لشرف الدين الحسين بن احمد السياغي .
4. المجموعة الفاخرة مخطوط مصور للامام الهادي .
5. التاج المذهب .
6. الامام الهادي لعبدالفتاح شائف نعمان .
7. الاعتصام للامام القاسم بن محمد .
8. الزيدية .. د/ احمد محمود صبحي
واعتصموا بحبل الله جميعاً

مشاري الشيباني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 10
اشترك في: السبت يونيو 14, 2008 7:59 pm

مشاركة بواسطة مشاري الشيباني »

بسم الله الرحمن الرحيم

الاخ المنصور أشكرك على مقالك الطيب والمراجع التي ذكرتها

مشاري الشيباني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 10
اشترك في: السبت يونيو 14, 2008 7:59 pm

مشاركة بواسطة مشاري الشيباني »

ملاحظة :

لقد قلت في الجملة المقتبسة التالية

رحلتنا الخاطفة على النحو التالي :-
1. لعل أول ما تقع عليه عين السائح على قطار سريع في أرجاء الفكر الزيدي ذلك المعلم الشاهق والبارز المتمثل بإعلاء شان العقل وتعظيمه لدى الزبدية ومن ضمنها –الهادوية- حيث يحتل –أي مسائل العقل اليقينية- المرتبة الأولى في مصادر التشريع ، يلي إجماع العقلاء ثم الكتاب وبعده السنة النبوية الصحيحة التي تقاس صحة الحديث المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمقياس موافقته وعدم تعارضه مع ما ورد في القران الكريم .


وقد فهمت من هذا ، ان العقل مقدم على القرآن الكريم ...طبعاً اعتقد انك لا تعنى هذا ! ولا اعتقد الزيديه تقصد هذا ايضاً .فأرجو التصحيح ...

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“