الصحفيون يسجنون بدلاً عن الإرهابيين

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
الزيدي اليماني
مشرف مجلس الأدب
مشاركات: 404
اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
مكان: أمام الكمبيوتر !

الصحفيون يسجنون بدلاً عن الإرهابيين

مشاركة بواسطة الزيدي اليماني »

الصحفيون يسجنون بدلاً عن الإرهابيين

[26/4/2008] ? : - يمنات- موسى النمراني


يصف بيتر ديمتروف مدير المعهد الديمقراطي الأميركي بصنعاء، في حوار له مع صحيفة الأهالي، طريقة الحكومة اليمنية في معالجة الاختلالات بأنها تطفئ النار بقاذفات اللهب، يخرج القارئ بنتيجة من الحوار يتمنى فيها لو كان ديمتروف أحد صناع القرار في هذه البلاد، التي سحق الفقر ثلثي أبنائها، بينما ينشغل الساسة بتعديل القوانين، ومقاعد الأحزاب في اللجنة العليا للانتخابات وتطورات اتفاق حرب صعدة التي يمارس فيها الطرفان ما استفادوه من مشاهدة ميكي ماوس؛ وبينما تنشط الخلايا الإرهابية في تفجير عبوات ناسفة واستهداف منشآت حيوية، ينشغل الأمن والقضاء بالتنكيل بالصحفيين؛ حيث أمر القاضي محسن علوان رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة باحتجاز الصحفي محمد المقالح 24 ساعة على ذمة التحقيق، بعد أن قام المقالح بالضحك سخرية من المحاكمة التي وصفها بالهزلية، الأمر الذي اعتبر إهانة للقضاء وخارج أصول اللياقة.
حدث ذلك في جلسة محاكمة خلية إرهابية أضيف إليها الصحفي عبد الكريم الخيواني، وقبل أن يأتي أمر آخر بتمديد الحبس أسبوعا آخر، كان المقالح تعرض للإهانة والضرب والرمي بمطفأة السجائر التي كانت تحتفظ باللهب القادم من صدر القاضي، وقبل أن يتعرض المقالح للضرب كان هناك صحفي آخر عمل في القضاء وتخرج من معهده العالي، قبل أن يفوز بمقعد برلماني عن طريق الصدفة الحسنة؛ غير أنه رغم كل ذلك تعرض هو الآخر للضرب من قبل القاضي علوان. وبحسب إفادته، فإنه تعرض للدفع والإهانة والألفاظ النابية.

حدث هذا في المحكمة الجزائية المتخصصة، التي يمكن فيها للفارين من سجن الأمن السياسي والمدانين بقضايا خطيرة، أن يذهبوا إليها ويأتوا منها دون أي خوف أو أدنى قلق، بينما يخاف أي صحفي أن يتحول فيها إلى معتقل لمجرد ابتسامه أمام قاض مكشر عن أنيابه، تعبيرا عن الإخلاص والانتماء لصاحب التكشيرة الأطول عبوسا في تاريخ البلاد.

في جلسة سماع عرض المضبوطات أو سماع الأدلة، لم تعرض مضبوطات ولم تسمع أدلة، بل اضطر قاضي الجلسة أحد المحاميين إلى الانسحاب بسبب منعه من الحديث، واعتراضا على ذلك، أنسحب محمد المقالح من الجلسة ذاتها بسبب طريقة القاضي غير اللائقة في التعامل مع المحامين. وفي أول جلسة تالية يحضر فيها المقالح، عبر القاضي عن حقده الشديد على شخص المقالح، الذي بإمكانه أن يتخذ قرارا بالانسحاب دون انتظار أوامر من قيادات تتأخر كثيرا في اتخاذا القرارات، ولم يترك له فرصة الدفاع عن نفسه أو حتى التحقيق بحضور محاميه، لأنه لا يريد منه شيئا من ذلك بقدر ما يريد أن يطفئ غيضا ما في صدره، وحريقا متجددا تعرفه مطفأة السجائر جيدا. وربما كان للضوء الأخضر دور في تصرفات القاضي التي تدل على شخص غير سوي، أو على الأقل شخص في حالة غير طبيعية، يستخدم فيها مطرقة القضاء في تهشيم أفواه المتحدثين.

وعندما تضطرك ظروف الحياة والعمل أو واجب الإنسانية إلى دخول مبنى المحكمة الجزائية المتخصصة، تكتشف كم أنت في بلد لا يعير القانون أدنى احترام، بدءا من الجنود الفقراء إلى كل شيء، بما في ذلك محاسن الأخلاق، وانتهاء بالقضاة الذين ربما أدو قسما سريا بانتهاك كل قوانين البلاد، بما في ذلك قانون العدالة الطبيعي؛ وإلا، فما معنى أن يقول القاضي لزوجة أحد الشهداء الذين يتهم بقتلهم أحد أفراد خليه الحوثي «اطلبي من المحكمة الحكم بإعدام المتهمين كلا بحسب دوره»؛ ثم يقول للكاتب سجل طلبها!

وما معنى أن يقول أحد من يعتقد أنهم من أولياء الدم للقاضي، «نطلب منكم سرعة إعدام غرمائنا أو تسليمهم لنا لنقوم بإعدامهم»، فيبتسم القاضي في وجهة كما لو كان مقدم برنامج أطفال، ويقول له «حاضر يا ابني»؛ وهو الذي كان على وجهه تراكمات مخيفة من اللحم المحمر قبل قليل أثناء سماع محامين الدفاع؟

وما معنى سكوته كقاض أمام مماطلة رئيس النيابة في تسليم الأدوات التي يحتفظ بها بعد أخذها من منزل الخيواني، دون أن يكون لها علاقة بالقضية، هذا مع نسيان المواد التي قالت النيابة أنها «فقدت» أثناء نقلها، ودون التساؤل عن أين فقدت؟

وتكتشف كم أنت في بلد خارج نطاق تغطية الضمير، حين يقول لك أحد آباء المعتقلين السابقين، «خرج أولادنا من السجن مصابين بفيروس الكبد وقد دخلوا إليه أصحاء .. ورغم ذلك تمنعهم الحكومة من السفر للعلاج في الخارج »؛ وعندما يقول للقاضي ببراءة «لم نطلب منكم علاج أولادنا بل سنعالجهم نحن.. لقد بعت سيارتي لأعالج ولدي لكن ولدي ممنوع من السفر». يكشر القاضي في وجهه ليقول له احترم نفسك اعرف كيف تتكلم.. ليش نعالج ولدك؟ أحنا عذبناه؟ ولا تسببنا في مرضه؟

أسئلة قاسية لرجل ضعيف لا يستطيع الإجابة عليها بأكثر من إحالتنا إلى تراكمات الذاكرة وانتظارنا لاعترافات المستقبل.

هذه المحكمة، ستقوم يوم السبت -حسب ماهو متوقع- ببدء محاكمة قادة الحراك الشعبي في الجنوب، القادمين من ضمير الناس وأوجاعهم والذين كبروا بمعاناتهم على أصحاب الكروش الكبيرة من السلطة والمعارضة، وشكلوا لوحة الحزب القادم من الشارع والعائد إليه، المطالب بحقوقه والمدافع عنها دونما انتماء لتيارات مموهة أو أحزاب خرجت عن نطاق التغطية، لتلتحق بأهل الحرية في مؤخرة القطار، ولا أدري إذا كان القاضي قذف المقالح بمطفأة السجائر؟ بماذا سيقذف حسن باعوم ويحي الشعيبي وغيرهم من القادة الذين جاؤوا من رحم المعاناة، التي تلد القادة الخلص، وليس من رحم الأحزاب المهجنة؟

من المؤلم أن تبدأ محاكة قادة الجنوب في ظل تغافل واضح من المعنيين عن الحالة الصحية للأستاذ حسن باعوم، الذي أعلن إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أكثر من عشرين يوما، ويعاني من عدد من الأمراض الخطيرة، التي تستوجب عناية طبية فائقة لا يمكن أن يحصل عليها في السجن أو في المستشفيات العسكرية التي يتلقى فيها العلاج مكبلا.

ومن المعروف أن باعوم من النخبة القلائل الذين رفضوا الحرب ونتائجها، واستمروا على موقفهم المبدئي إلى مابعد التسويات، التي أغرت الكثير من أصحاب المصالح في الشمال والجنوب، غير أن هؤلاء القادة الذين كنا نعلق عليهم أمل الإنقاذ، كانوا أقل من أملنا جميعا واختاروا نصف أرض المعركة، ثم تخبطوا في اختيار المواقف وفي صناعة الرأي العام ليجعلوا من نصف اصدقائهم أعداء ومن نصف أعدائهم محاربين، وهي خيبة أمل لم نحزن لها كثيرا في ظل خيبات الأمل المتوالية.

هذه البلاد يسجن فيها الصحفي المقالح بدلا عن قيادي القاعدة جبر البنا؛ ويفهم بيتر ديمتروف مشاكلنا أكثر مما نفهم؛ ويتعرض فيها النواب للدهس والدعس والضرب أحيانا؛ ويدخل الشباب إلى السجن ليخرجوا إلى المقابر والمستشفيات؛ وأمام القاضي يطالب فيها البلاطجة بدماء الأبرياء؛ ويتحول فيها المطالبون بالحقوق العسكرية إلى مطالبين بمطالب غير وطنية؛ وتعلق الحكومة أخطائها على المعارضة، بينما تفاخر المعارضة بأنها قطعت حوارها العقيم مع الحاكم. وفي هذه البلاد يمكنك أن تتخلى عن الأمل لتعيش في فسحة من اليأس، تغنيك عن قلق الانتظار وحساسية المستقبل.
هل تعلم أن :
( الزيدية : هي الإمتداد الطبيعي للمنهج الإسلامي القرآني الأصيل وأن بلاد الزيدية : هي البلاد الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مساجد خاصة بالشيعة وأخرى خاصة بالسنة ....)

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“