مقابلة سماحة السيد محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

مقابلة سماحة السيد محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني

مشاركة بواسطة alimohammad »

سماحة السيد محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني
في حوار مع ملحق (الدين والحياة) في جريدة عكاظ السعودية
*****

اجرى الحوار : عبدالعزيز محمد قاسم

* سأبدأ أسئلتي سماحتكم السيد عن خمود الحركة العلمية في جبل عامل، لديكم هنا في لبنان، وانتقالها للنجف وقم.ما أسباب ذلك؟
- لم يكن لجبل عامل أي علاقة بالدولة الصفوية لأن الدولة الصفوية لم تصل إلى لبنان ولم تصل حتى إلى سوريا. وقد كان جبل عامل هذه المدرسة الفقهية الأصولية الأدبية الثقافية التي كانت تخرج العلماء وخصوصاً العلماء المسلمين الشيعة فكان هؤلاء العلماء يهاجرون ويعطون إمكاناتهم الثقافية لأكثر من بلد فهناك علماء من جبل عامل ذهبوا إلى الهند وهناك من ذهب إلى إيران ومنهم الشيخ البهائي والحرّ العاملي والمحقق الكركي وهنالك من العلماء من استشهدوا بسبب ذهنية طائفية معقدة في وقتها وكان الشيخ زين الدين الجبعي المعروف بالشهيد الثاني يدرّس المذاهب الأربعة إلى جانب المذهب الشيعي في مدرسة بعلبك وكان يسافر إلى مصر وغيرها ليتتلمذ على علمائها لأن الشيعة لم يكونوا في جبل عامل بشكل عام منغلقين على الجانب المذهبي بل كانوا يتتلمذون على علماء المسلمين السنة تماماً كما كانوا يتتلمذون على أيدي علماء المسلمين الشيعة.
ولكن الظروف الاقتصادية وغير الاقتصادية أثّرت بعض التأثير وبرزت حوزة النجف، ولم يكن العلماء الشيعة يسافرون إلى قم وإنما كانوا يسافرون إلى النجف وكانوا يتتلمذون على علماء النجف ولكن بعد أن حصل ما حصل من مصادرة صدام حسين للحوزة العلمية في النجف ذهب الطلاب إلى قم.
* عفوا سماحة السيد ، فجوابك يفاجئني وأنت تقول بأن ليس ثمة علاقة بين علماء الشيعة في جبل عامل والدولة الصفوية. المصادر التاريخية تحكي أن الدولة الصفوية عندما تشيعت استعانوا وجلبوا علماء شيعة من جبل عامل؟
- كنت اقصد أن الدولة الصفوية لم تفرض سلطانها على منطقة جبل عامل ولكن بعض علماء جبل عامل ذهبوا إلى إيران واستفادت منهم الدولة الصفوية ولم تكن المسألة مسألة جلب هؤلاء العلماء إلى إيران من قبل الدولة.
* وهذا يعيدني لأن أسأل مرة أخرى عن ضمور الحركة العلمية الشيعية في جبل عامل ولبنان عموماً ؟
- من الطبيعي ذلك عندما انطلقت الحوزة العلمية في قم التي تملك إمكانات كبيرة جداً. ولذلك فان الاتجاه انطلق من أجل الهجرة إلى قم والعودة إلى جبل عامل في هذا المقام وكان في جبل عامل من لم يتتلمذ في قم كالسيد محسن الأمين مثلاً والشيخ محمد جواد مغنية والشيخ هاشم معروف والشيخ عبد الله نعمة والشيخ محمد مهدي شمس الدين هؤلاء كلهم تعلموا في النجف وتركوا تأثيرات كبيرة على المستوى الثقافي وعلى المستوى الفقهي ولكن عندما صودرت النجف في العهد السابق عند ذلك انفتحت أبواب قم لطلاب العلم الديني.

المرجعيات العربية
* وهل هذا هو السبب في رأيك بندرة المرجعيات من ذوي الأصول العربية؟ سماحة السيد عندما استعرض أسماء المرجعيات الشيعية الحالية لا أجد سوى مرجعية أو اثنتين فقط من أصل عربي في مقابل المرجعيات من ذوي الأصول غير العربية؟
- لقد أشرت فيما سبق الى أن علماء جبل عامل في امتداد التاريخ شكلوا نوعاً من القيادة الدينية الثقافية الفكرية لكل الواقع الإسلامي، حتّى في إيران، ولا تزال كثير من كتبهم تدرّس في الحوزات. والمرجعية بشكل عام لا تتأثر بقومية معينة سواء عند السنة أو عند الشيعة لذلك القضية لها بعد تاريخي ولم تكن منطلقة من الواقع الشيعي وخصوصاً العربي من عقدة ضد الذين هم ليسوا بعرب من المراجع ولكن الكفاءة العلمية هي الأساس في التزام الذين يأخذون الفتاوى من هذه المراجع.
* سامحني بأن أتوقف في هذه النقطة، فبعيداً عن الشعوبية التي هي ليست من الإسلام، غير أنني إزاء اعداد الشيعة العرب، ولم أفهم لم لا توجد سوى مرجعية عربية واحدة شهيرة، وهي أنت، بل حتى أنت نازعتك مرجعيات قم والنجف وشككوا في مرجعيتك؟
- كانت هناك مرجعية عربية ولكن ليست واسعة وهي مرجعية السيد محسن الأمين الذي كان يقيم في الشام توفي في القرن الرابع عشر الهجري وكان عضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق وكان صاحب مؤلفات كبيرة جداً.
المسألة هي أن المرجعية تحتاج إلى كثير من الإمكانات؛ ولهذا فقد اتجهت المرجعية إلى واقعها التاريخي السابق بالمعنى الممتد في العالم الإسلامي الشيعي إلى النجف والى قم في هذا المجال وكنت من الذين عاشوا وزاملوا المراجع الحاليين في النجف في هذا المقام وكانت هناك ظروف استطاعت أن تهيئ لموقعي وامتدادي المرجعي لامتدادي الإسلامي بشكل عام الذي لم يقتصر على الجانب العربي بل أمتد إلى باكستان وإلى الهند وحتى إلى إيران هناك من يرجع إلي في التقليد.

العقدة من المرجعية
* أنت أكرمتني بأن أسأل ما لدي دون تحفظ، لذلك سأقول لك ما يردده البعض وأنا سمعت من بعض الشيعة ذلك، وهو أن السيد محمد حسين فضل الله بسبب أصوله العربية واجه هذه الممانعة من قبل الملالي الإيرانية تحديدا ؟
- عندما نريد أن ندرس المسألة بدقة فليست كل المرجعيات الإيرانية وقفت موقفاً سلبياً مني بل حتى بعض المرجعيات العربية في النجف وقفت هذا الموقف السلبي. ولكن هناك مرجعيات إيرانية كانت لها مواقف إيجابية. المسألة قد يكون لها جانب يتصل بمسألة العقدة من حركة المرجعية في بعض الجوانب ولأنّني انطلقت في اجتهاداتي التاريخية والفقهية والكلامية لبعض الأفكار والمفاهيم والمواقف التي قد لا يرتاح إليها بعض الناس وقد يعتبرونها خروجاً على المذهب أو ما أشبه ذلك.
* إذاً أنت تقر بصورة ما بأن آراءك الانفتاحية والتجديد في داخل المذهب الشيعي هو سبب رئيس في وقوف كثير من هذه المرجعيات الايرانية وربما حتى بالنسبة إلى بعض المذاهب السنية في هذا المجال؟
- عندما انطلقت بعملي الإسلامي أول خمسينيات القرن الماضي حتى إنني عام 1952 ألقيت قصيدة في رثاء السيد محسن الأمين دعوت فيها للوحدة الإسلامية. واغتنم الفرصة لأقرأ لك هذا المقطع:
والدين وهو عقيدة
شعت على أفق الوجودِ
ومناهج توحي لنا
روح التضامن والصمودِ
عرفتنا فيه الحيا
ة.. بما حواه من البنودِ
وأريتنا أن الأخاء
من الهدى بيت القصيدِ
فالمسلمون لبعضهم..
في الدين كالصرح المشيدِ
لا طائفية بينهم
ترمي العقائد بالجحود
والدين روح برة
تحنو على كل العبيد
ترمي لتوحيد الصفو
ف ودفع غائلة الحقود
عاش الموحد في ظلال
الحق في أفق الخلود
هذه ألقيتها في بيروت سنة 1952 وعمرها 55 سنة.

فضل الله والمقلدون العرب
* سأبقى سماحة السيد في مسألة المرجعية العربية. مثلي من خارج الحالة الشيعية يستغرب بأنك مرجعية شيعية عربية، ومن المفترض عقلاً وبداهة وفطرة أن يكون مقلدوك من الشيعة العرب سواء شيعة الخليج والعراق. وأنا لا أرى في شيعة والخليج سوى إتباعهم للشيرازي أو السيستاني؟
- هناك كثيرون يرجعون إليّ في التقليد في العراق وفي الخليج. قد لا يكونون بهذه الكثرة ولكن هناك امتداداً في هذا المجال.

التشيع الصفوي
* يقول المفكر الشيعي الإيراني على شريعتي في كتابه “التشيع العلوي والتشيع الصفوي” إن الدولة الصفوية قامت على مزيج من القومية الفارسية والمذهب الشيعي وعلى الامتزاج بالهوية الإيرانية وتفضيل العجم على العرب، هل قلة المرجعية الشيعية العربية مقابل المرجعية الإيرانية الشيعية سببها امتداد ذلك الفكر؟
- أنا لا أتصور في مسألة الوضع الصفوي له مدخلية ولكن بعض القضايا التي يحكمها الصراع الشخصي في قضية المنافسة في المرجعيات. وهذا ليس بدعاً من الواقع فنحن نجد منافسات حتى في المرجعيات العلمانية أو المرجعيات السنية عندما كانت تمثل نوعاً من أنواع الامتداد في هذا الجانب ونحن نعرف حدة الصراع التاريخي والتي خفت كثيراً بين أتباع المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي حيث كان بعض الفقهاء يحرمون زواج الحنفي من الشافعية وهذه مسألة عامّة ربما تساعد عليها بعض الخلفيات الفكرية التي قد تكون شعورية من جهة وقد لا تكون شعورية من جهة أخرى. ولكن لا أعتقد أن للصفوية بالمعنى السياسي أي تأثير في الواقع الشيعي على المستوى العام. مثلاً إيران دولة فيها الأكثرية فارسية والأقلية عربية وفيها أقلية كبيرة كردية وربما يفسر بعض الناس والكثيرون الجانب القومي الفارسي أن هناك في إيران صراعاً إثنياً بين الأتراك وبين الفرس كما أن هناك حساسيات في المنطقة العربية، لذلك اعتقد أن التراكمات النفسية التي قد تأخذ جانباً قومياً من جهة أو جانباً مذهبياً من جهة أخرى أو كثيرا من الخطوط التي تعقد الواقع هنا وهناك.

اشتراط الأعلمية
* نسمع بصراحة عن تنافس في موضوع المرجعية، ونعلم بالتأكيد دور إيران في مسألة تثبيت المرجعية، أمر المرجعية حسم في إيران للسيستاني، وسؤالي البسيط: لماذا حسمت الأعلمية للسيد السيستاني عليكم؟
- أولا إنني لا أقول باشتراط الأعلمية في المجتهد الذي يرجع الناس إليه في التقليد لأنّه لا دليل في نظري على اعتبار الأعلميّة، بل صح عندي أن الشرط هو الاجتهاد والخبرة المنطلقة من الممارسة الطويلة، كما أنّني لا أرى واقعية للأعلمية، فليس هناك في العالم كله في أي علم من العلوم من يُمكن أن يُشار إليه أنّه أعلم الناس جميعاً في هذا المجال أو ذاك، وربما يجري التفاضل بين مجتهد آخر في بعض العناصر والخصائص التي يتميز بها في اجتهاده أو ما إلى ذلك.

فضل الله و إيران
* لا أدري سماحتكم ولكن اشعر أن ثمة جفوة بينكم وبين إيران، فبعد موت الخميني انقطعت بصورة كبيرة عن زيارة إيران بعد أن كنت تزورها بكثرة، هل ثمة جفوة حالية مع ملالي إيران؟
- ظروفي المرجعية والصحية لا تساعدني على التحرك كما كنتُ في السابق.
* ألم يستجد شيء، وخصوصا بعد إعطاء المرجعية للسيستاني؟
- وضعهم جيد حالياً.
* هذا الوضع الجيد إلى الدرجة التي يأتي فيها السيد محمد خاتمي ويزور لبنان والقادة المسيحيين فيها ولا يزورك؟
- ربما كان يلاحظ أن زيارته كانت زيارة رسمية وأنه لا يزور إلا الرسميين ولا أملك صفة رسمية، ولكنه رجل صديق وقد زارني عدة مرات في زياراته غير الرسمية إلى لبنان.

ولاية الفقيه
* ولاية الفقيه التي أتى بها الخميني، كانت اجتهادا في الفقه الشيعي جاءت بالعلماء المعممين ليخوضوا في السياسة، بعد قرون طويلة من الابتعاد عنها..هلا حدثتنا بصورة موجزة عنها، ورؤيتك لها؟
- ولاية الفقيه نظرية لا يراها أكثر فقهاء الشيعة..لكن في المقابل ولاية الفقيه هي نظرية اجتهادية فقهية كأية نظرية اجتهادية وهي لا تتنافى مع إخلاص الشيعة لأوطانهم لأنها تمثل الالتزام بالفقيه بالجانب الشرعي كما أننا نقول إن إخلاص السنة لمذاهبهم والتزامهم بالنظريات الصادرة عن إمام ذلك المذهب أو ذاك أيضاً لا يعني عدم التزامهم بأوطانهم في هذا المقام.
إن المسألة هي أن الشيعة والسنة لا بد أن يلتزموا بأوطانهم لا على أساس أن يكون الوطن صنماً يعبد من دون الله ولكن على أساس أن ينشر فيه العدل من قبل الذين يحكمونه ويقفون ضد المستكبرين الذين يريدون أن يصادروا ثرواته وأن يسقطوا حريته وكرامته وعزته لأن الله سبحانه وتعالى يريد للناس أن يرفضوا الظلم في كل احد حتى من المسلمين وان يأخذوا بأسباب العدل حتى من الكافرين. لذلك إن الحديث عن مسألة إخلاص الشيعة أو السنة لأوطانهم هي قضية ليست مذهبية وإنما هي قضية سياسية تنطلق من العصبيات هنا والعصبيات هناك، وقضية نظرية ولاية الفقيه هي نظرية اجتهادية قد يقول فيها البعض بأنها تمثل ولاية المجتهد العادل على المنطقة التي يحكم فيها كما أن السنة يبايعون بعض أمرائهم بيعة مطلقة فهل تكون بيعتهم هذه تقتضي أن يبتعدوا عن إخلاصهم للبلدان الأخرى التي تلتقي معهم في الدين وتلتقي معهم في المذهب؟
* بعض شباب الشيعة يقرنون الاحتجاج بالعنف والحرق والمظاهرات كما حدث في البحرين مؤخراً؟
- هذا الأسلوب موجود في كل مكان. كنت في ذلك الوقت ضد هذا العنف وحرمته حتى إنني حرمت الكتابة على الجدران لأن صاحب هذا البيت قد لا يقبل بالكتابة على جدران منزله. قبل مدة حرمت إحراق الدواليب باعتبار أنه يسيء للبيئة ويؤذي الناس.
* هل من نصيحة للشباب العربي الشيعي؟
- أنا أنصح وهناك من يأخذ برأيي. الوضع السياسي يقول إن بلادنا تهتز، فعلينا أن لا نصوّر أن القضية سنّية شيعية، بل هي في كثير من أوجهها سياسية وعلينا أن نرصد حركة الاستكبار العالمي في واقعنا لنعرف كيف نواجه مسؤوليّاتنا في هذا المجال، وأعتقد أننا لو درسنا سلوك الشيعة تجاه أوطانهم لوجدنا أنّهم من أخلص الناس لأوطانهم.
* عودة لولاية الفقيه سماحة السيد..
- سبق أن قلت أن ولاية الفقيه نظرية لا يراها أكثر فقهاء الشيعة.
* أبهذه البساطة سماحة السيد؟
- أنا لا أراها.
* ولكنك تخالف دولة كبيرة تقوم على هذه الولاية؟
- أقول إنه لا يتحتّم أن تكون الولاية للفقيه بمعنى السلطة التنفيذية. السيد أبو القاسم الخوئي لا يرى ولاية الفقيه وكذلك السيد محسن الحكيم؛ لكن نفي ولاية الفقيه من ناحية النظريّة الاجتهادية تنطلق من عدم ضرورة أن يكون الولي فقيهاً، ولا يعني عدم إسلاميّة النظام. وبتعبير آخر: إنّنا نقول إن الفقه بما هو حالة ثقافية اجتهادية لا يلازم ناحية الولاية التي ترتبط بالجانب التنفيذي، ولكن قد يجتمعان في شخص. ولكن الأساس أمران: الأوّل الكفاءة القيادية والخبرة والفضيلة، والثاني هو أن يرتكز إلى الشرع الإسلامي في إدارة الحكم.
* سامحني، ولكن مافعلتموه بعد نجاح ثورة الخميني ربما يخالف هذا القول. بادرتم إلى مباركة الخميني وكان تواصلكم مع القيادة الإيرانية كبيراً ولا تمر سنة إلا وتذهبون إلى إيران؟
- صحيح. أنا كنت ضد الشاه. إيران بها مثقفون وعلماء وطبيعي أن أذهب إليها.

فضل الله و موسى الصدر
* بالعودة إلى لبنان لم نجد للسيد فضل الله دوراً في حركة الامام موسى الصدر باعث الحركة الشيعية في لبنان ولا في كيان المجلس الشيعي الأعلى؟
- كانت هناك علاقة حميمية وعميقة مع السيد موسى الصدر فقد كان في النجف يدرس لأنه زميل لي وحتى عندما جئت الى لبنان، ولذلك فان العلاقات كانت علاقات جيدة جداً مع بعض الاختلافات في بعض وجهات النظر. أما قصة المجلس الشيعي فأنا قلت إنني لن أنتخب ولن انتخب لأنني أؤمن بضرورة وجود مجلس إسلامي عام بين السنة والشيعة وقد اقترحت ذلك على السيد موسى الصدر وقال لي بان بعض السنة الكبار في المواقع الرسمية لم يتقبلوا بهذا الأمر.
* سأنتقل بالحديث إلى علاقتكم بحزب الله أطلق عليكم في مرحلة من المراحل إنكم المرشد الروحي لحزب الله؟
- لم تكن أي صفة تنظيمية رسمية لحزب الله ولا أي حزب آخر؛ ولكنّي كنت أطلّ من موقعي على الحالة الإسلامية العامّة والتي كان الحزب منها، وخصوصاً أنّه تحرّك في خط المقاومة ضد إسرائيل، والمقاومة أعتبرها من الثوابت في فكري.
* قلت عن حزب الله أنه يؤمن بولاية الفقيه، لكنه يعمل لمصلحة لبنان.
السؤال هنا سماحة السيد : لو تعارضت مصلحة لبنان، مع توجيهات الولي الفقيه الذي يتبعه حزب الله. فهل يملك حزب الله الخروج عن تعاليم وليه الفقيه النائب عن إمام الزمان؟
- فليُسأل حزب الله. أنا لا أجيب عن الآخرين.

حزب الله و إيران
* سأورد لك تصريحات علي أكبر محتشمي بور، وزير الداخلية الإيراني الأسبق، لصحيفة شرق الإيرانية في 3-8-2006، حيث ذكر أن كوادر الحزب كانوا يقاتلون بجانب الإيرانيين أيام حربهم مع العراق.
وقريب من هذا تلك الرسالة التي وجهها الحزب الوطني العربستاني إلى حسن نصر الله يطالبونه بوقف مشاركة أعضاء حزبه في قمع انتفاضة الأحواز ضد النظام الإيراني. وهي رسالة نشرها الحزب في موقعه على الشبكة.أليس هذا دليلا على أن حزب الله يستقي توجيهاته من إيران؟
- ما رأيك بالذين كانوا يقاتلون من السنة إلى جانب النظام العراقي السابق ضد المسلمين في إيران؟ فهل نقول إنّنا نسجل نقطة على السنة كما يُراد التسجيل على الشيعة؟! ثمّ ما هو الرأي في موقف الشيعة من الحرب ضد إسرائيل والتي استطاعوا فيها أن ينزلوا الهزائم بإسرائيل في سنة 2000 و2006 وباعتراف إسرائيل نفسها، وما هو الرأي بكبار أهل السنة الذين يعترفون بإسرائيل التي اغتصبت فلسطين كلّها؟!
إن القضية السياسية لا يُمكن أن ندخلها في التفاصيل المذهبية في قضية تسجيل النقاط.
* وطالما سماحة السيد تصرّ على أن حزب الله حزب لبناني فهل توجد شخصيات سنية بارزة في الحزب. وما سبب الطبيعة المذهبية له، إذا كان حزباً لبنانياً وطنياً؟
- هناك علاقات جيدة بين حزب الله وبين جهات سنية، سواء أكانت مذهبية أو سياسية؛ ولهذا فقد تجد هناك تحالفات بين حزب الله والكثير من اللبنانيين، سواء على مستوى الحركات الإسلامية أو العلماء المسلمين أو السياسيين المسلمين. ومن المشروع التساؤل أيضاً: لماذا لا يكون في حزب الإخوان المسلمين أو غيره مسلمون شيعة.
هذه أمور تنطلق من تعقيدات الواقع السياسي في البلاد العربية والإسلامية.

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008022 ... 174650.htm

مسألة التقارب
* سأبدأ معك هذا الجزء سماحة السيد في الحديث عن مسألة التقارب. في مكاشفاتي قبل 4 سنوات مع الشيخ حسن الصفار، طرح الرجل رؤية لحل الإشكالية بين الشيعة وأهل السنة عموماً وقال إن من المفترض على عقلاء المذهبين أن يتحاوروا ويصلوا إلى حل، وأن يوقف السلفيون وأهل السُنة تكفير الشيعة فيما يقوم علماء الشيعة بردع وإزالة ثقافة شتم الصحابة ؟
- نحن نقوم بهذه الدعوة منذ عشرات السنين لأننا نعتقد أن مسألة تكفير المسلم هو أمر لا يجوز، بعض الاجتهادات التي يراها المسلمون كفراً ليست كذلك، بل هي اجتهاد قابل للنقاش والجدل. سمعت أن علي خامئني تحدث عن عدم جواز سب الصحابة وأعلن ذلك وأن بعض علماء الشيعة كذلك. نحن من أطلق الوحدة الإسلامية حتى نتعاون سُنة وشيعة حتى نتمكن من معالجة الأوضاع الموجودة في الشارع والتي تتحرك بطريقة سلبية ضد الشيعة وضد السُنة.
* ولكن بعد هذه السنوات من إطلاق هذه الدعوة، أريد تقييمكم الموضوعي والعادل لمسألة التقارب؟
- المشكلة لدينا صارت مشكلتان. الأولى هي التخلف الذهني الذي لا ينفتح على الرأي الآخر ولا يحاول أن يتحرك في الأفق الواسع في هذا المجال. الثانية هي أن مشكلة السُنة والشيعة دخلت في خطط الأجهزة المخابراتية الموجودة في العالم الإسلامي وذلك من خلال المخابرات الأمريكية والأوروبية وغيرها لأن الطريقة التي يمكن عن طريقها السيطرة على المسلمين وإشغالهم بجزئيات خلافاتهم عن قضاياهم المصيرية الكبرى تتم عن طريق استغلال هذه الخلافات.

أحداث العراق و ظلالها السوداء
* لكن بالمقابل هناك من يقول ان الغزو الأمريكي للعراق وما حدث من حالة تصادم بين السُنة والشيعة في العراق ألقى بظلاله على هذا المشروع وأوقفه؟
- عندما ندرس هذه المسألة نجد أنه لم تكن في العراق – وأنا عشت هناك أغلب شبابي – مشكلة سنية شيعية. دخول القاعدة وتصريح قادتها بأن هناك هدفين الأول هو محاربة الاحتلال والثاني هو محاربة الشيعة وقتلهم. الشيعة لم يبدأوا بأي عمل سلبي ضد السُنة. بل إن علماء الشيعة ومراجعهم أفتوا بكل صراحة بأنه يحرم على المسلم أن يقتل المسلم الآخر في هذا المجال...
* لكن كان هذا عند بداية الأحداث، وما لبثت الأمور أن انقلبت وشهدنا المجازر ضد أهل السنة؟
- نعم. منذ البداية وحتى الآن. قبل أيام اطلعت على فتوى السيستاني في جريدة الحياة وهو يؤكد هذا المعنى. غاية ما هناك أن امتداد هذا الموضوع إلى المستوى الذي هُدمت فيه قبة الإمامين العسكريين أوجد حالة جنون عاطفي وانطلقت المسألة كرد فعل لدى بعض الشيعة. الواقع الموجود في العراق الآن ليس هو فتنة سنية شيعية، الحركة الموجودة في العراق هي مسألة سياسية. الصراع الآن بين السنة أنفسهم. نجد أن القاعدة والصحوة متصارعتان. كذلك هناك مشاكل بين الشيعة أنفسهم. لا توجد بالعراق فتنة سنية شيعية.
* مرة أخرى: ألم تلق أحداث العراق بظلالها مرة أخرى على التقارب بين الطائفتين؟ قبل أحداث العراق قطعتم شوطاً كبيراً؟
- بعض الدول تشجع المسألة المذهبية في داخلها وبعض هذه الدول إسلامية.

الجعفرية مذهب خامس
* سأنتقل الى محور آخر رئيس بين السنة والشيعة، سؤالي هنا: هل يقدم الشيعة مذهبهم على أنه مذهب خامس من المذاهب الأربعة السنية أم أنهم يقدمون مذهبهم على أنه البديل الصحيح؟
- هناك فكرة يرويها الشيعة عن أئمتهم وهي ما يروى عن الإمام جعفر الصادق، حيث يقول: حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ، فيعتبرون أن الأئمة لا ينطقون كمجتهدين بل إنهم يأخذون الخطوط الشرعية من خلال رواياتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكننا عندما نتجاوز مسألة الأئمة إلى المجتهدين الشيعة فهناك اختلافات اجتهادية حتى في ما يستفاد من كلمات الأئمة أو من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. مثلاً النظرية الشيعية تقبل خبر الثقة حتى ولو لم يكن شيعياً ولو جاء خبر ثقة سني وكان يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نأخذ به فهم من حيث النتيجة يمثلون مذهباً إسلامياً ولكنه من حيث العمق الأئمة يعتبرون أنهم ينطلقون بشكل مباشر عن رسول الله.
* ثمة وقفة هنا، قلت بأن النظرية الشيعية تقبل خبر الثقة حتى ولو لم يكن شيعياً ولو جاء خبر ثقة سني وكان يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نأخذ به”.والسؤال هنا : إذا كانت النظرية الشيعية تقبل خبر الثقة أياً كان مذهبه، فما سبب خلو كتب الرواية لدى الشيعة (تقريباً) من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي يرويها أمثال أبي بكر أو عمر أو عثمان أو عائشة أو أبي هريرة رضوان الله عنهم جميعاً؟
- لقد قلنا إنّنا نؤكد الخبر الموثوق به نوعاً، وقد يأخذ البعض بخبر الثقة، وربّما كان بعض العلماء يشكّكون في وثاقة بعض الأخبار، وقد يكون الشخص ثقة عند البعض وغير ثقة عند آخرين، كما أن الشخص الذي هو ثقة عند السنّة قد لا يكون ثقة عند الشيعة؛ لأنّ مسألة الوثاقة قضيّة تنطلق من معطيات دراسة الشخصيّة أو دراسة نفس المضمون المتعلّق بالخبر؛ لأنّنا نعتقد أنّه لا بد من دراسة السند في وثاقة الراوي، ودراسة المضمون في طبيعة الرواية.
وعلى كلّ حال فالمسألة ليست بالنحو الذي يطرحه السؤال.
* وطالما الأمر بما ذكرت، دعني أعيد السؤال بصريح العبارة : هل الشيعة يقبلون مرويات هؤلاء الصحابة الذين ذكرتهم في السؤال السابق عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويعملون بها؟
- قلت إنّ المسألة خاضعة للدراسة التفصيليّة، وليست منطلقة من ضابطة عامّة؛ فقد لا يقبلون بعض مرويّاتهم، خصوصاً الجدل الذي دار بين أبي بكر وبين السيّدة فاطمة الزهراء في قضيّة فدك، حيث يروي أبو بكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث؛ ما تركناه صدقة»، فقد أنكرت السيدة الزهراء عليها ذلك، ولم يتقبّل الشيعة ذلك انطلاقاً من مخالفته للقرآن؛ لأنّهم يستفيدون أوّلاً من عموم آية الإرث للنبيّ وغيره، كما يستفيدون من قوله تعالى على لسان زكريّا عليه السلام: {وهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب} أنّها وراثة عامّة للجانب المادّي أيضاً، فالقضيّة قضيّة اجتهادية.. فهم ينكرون عليه ذلك، وخصوصاً إن الرواية إذا كانت تتصل بالسيدة الزهراء وحدها فليس من الطبيعي أن لا تعرفها هي، وأن لا يخبرها النبيّ بذلك وهي بضعته، أو لا يعرفها عليّ، أو لا يعرفها سائر المسلمين سوى أبي بكر.
ثمّ إنّك عندما تدخل في الجانب التفصيلي للمسألة تجد أنّ بعض المسائل الشرعية قد استدلّ لها بحديث مرويّ عن السيّدة عائشة، كما في مسألة بطلان الصوم بالبقاء على الجنابة حتّى طلوع الفجر أو عدم بطلانه، حيث لدينا رواية يرويها أحد أئمة أهل البيت عن عائشة أنّه لا يبطل، في مقابل روايات توافق ما يرويه أبو هريرة، وتخضع المسألة لاجتهاد في قبول هذا الرأي أو ذاك انطلاقاً من قواعد قبول النص في مضمونه حين التعارض.
وعلى كلّ حال، فإنّنا نقول إنّ على الآخرين أن لا يشعروا بعقدة من ذلك؛ لأنّهم يرفضون أيضاً أغلب رواة الشيعة، فكيف يشعرون بالعقدة من رفض بعض روايات السنّة لعدم الوثاقة في الراوي أو مضمون الرواية أو لعدم الدلالة أو لكون النص معارضاً بغيره..
* هل هذه الإجابة رأي المذهب الشيعي؟
- أنا أتحدّث عن رأي المذهب بعامّة؛ لأنّهم قسّموا الحديث إلى صحيح وحسن وموثّق وغيره، وأرادوا بالموثّق المروي من غير الشيعي إذا كان ثقة في نفسه؛ وهذا موجود في ما ألّفوه في علمي الحديث والرجال.

حول التعبد بالمذاهب الأربعة
* سامحني، فمع كل آرائك الانفتاحية إلا أنني ذهلت وأنا أقرأ فتواك في كتابك: مسائل عقدية ص110 حيث أجبت على سؤال يقول : هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟ وأنت قلت جوابا وبالنص: جواب: لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة. أليس ثمة تناقض بين إجابتك لي وبين هذه الإجابة؟
-أحب أن أفسر المسألة وهي أن المذاهب الفقهية تنطلق من قواعد أصولية يختلف فيها الفقهاء فنحن نرى أن هناك خلافاً في بعض قواعد الاستنباط حتى فيما بين السنة، كما أننا نجد أن نظرية القياس لا يراها ابن حزم ويراها بقية علماء السنة وهكذا هناك مجالات في المصالح المرسلة وفي الاستحسان وغيرها لذلك فان قضية الحجية تنطلق من الأساس الذي ترتكز عليه الفتوى مثلاً نحن الآن في عملية التقليد الموجودة عند الشيعة والتي تختلف فيها الاجتهادات بين هذا المرجع أو ذاك. ونجد أن بعض المراجع لا يجيزون مثلاً الرجوع إلى المرجع الآخر مع كونه شيعياً وهناك مسألة مرت علينا هذه السنة أن هناك من يرى أن الخطأ الذي يقع في مسألة أول شهر ذي الحجة وقضية الوقوف في عرفة ومزدلفة أنه يجوز السير مع المسلمين الآخرين حتى لو كان هناك قطع بالخطأ أو بعضهم يرى حتى لو فرضنا كان هناك احتمال الخطأ أو احتمال المطابقة بالواقع وهناك من يقول انه لا يصح ونحن مكلفون في الوقوف في عرفة وهذا اليوم ليس يوم عرفة مثلاً أو المزدلفة وليس يوم المزدلفة. هناك إذاً المسألة لا تنطلق من حالة مذهبية جامدة ومنغلقة وإنما تنطلق من دراسة أسس الحجية في هذه الفتوى حتى في داخل المذهب الشيعي فالقضية لم تكن تنطلق من إصدار حكم بحجية مذهب معين هذه القضية بل من خلال أن تكون لديك قناعة في أسس ترتكز عليها حجية فنحن لا نجد أن القياس حجة. ولا نجد أن المصالح المرسلة وأن الاستحسان حجة، كما أن هناك بعض السنة مما لا يجدون القياس حجة مثلاً لذلك نحن في خطابنا العام نقول أن هناك بين السنة والشيعة لقاء فقهياً على مستوى 80% بحيث أننا إذا اختلفنا مع الحنابلة قد نلتقي مع الحنفية وإذا اختلفنا مع الحنفية قد نلتقي مع الشافعية، لكن أن نأخذ المذهب جملة وتفصيلاً لنعطي فتوى للتعبد به بشكل مطلق هذا يحتاج إلى دراسة علمية أصولية. لا يجوز التعبد بهذا المستوى يعني التعبد على اعتبار مذهب بشكل مطلق في وقت نناقش فيه في كثير من القضايا التي يرتكز عليها خطوط المذهبين. نحن نعرف أن أبا يوسف هو تلميذ أبي حنيفة وهو يختلف مع أبي حنيفة.
لكن أنا الآن من خلالك وقد كتبت ذلك أقول إن القضية هي تماماً كما يختلف الآن أهل السنة بكثير من تفاصيل الفتاوى بين مذهب ومذهب نتيجة أن القاعدة التي ترتكز عليها الفتوى لا يراها احدهم حجة ويراها الآخر هذا ما نفكر به.
* عفوا، ولكن حتى أولئك المختلفين لا يطلقون مثل ما أطلقت أنت هذه الفتوى بأنه لا يجوز التعبد، وهناك خلاف بين العلماء..
- أنا أفسر المسألة بهذه الطريقة، أن المقصود بهذا أننا لا نستطيع أن نأخذ المذهب أي مذهب بشكل مطلق باعتبار أن القواعد التي يرتكز عليها المذهب الفقهي من ناحية القواعد الأصولية هذه مما نختلف به مع هذا وذاك، كما أننا الآن لا نأخذ بكثير من فتاوى علماء الشيعة ولا يجوز التعبد بها، على أساس أننا نختلف معهم في الأسس التي ترتكز عليها الاجتهادات والفتاوى.
* أتوقف معك هنا، فأنت ترجع تلك الفتوى إلى عدم موافقتك على الأسس التي ينطلق منها الأئمة الأربعة ويبنون عليها فروعهم الفقهية كالقياس والاستحسان؟ ولكن السؤال : هل المشكلة فقط في القياس والاستحسان و نحو ذلك من قواعد أصول الفقه، أو أن السبب يرجع لوجوب إتباع مذهب أهل البيت دون غيرهم؟
- إنّ المسألة أن الشيعة يعتبرون أن الأساس في الحجّة في الخطّ الإسلامي هو من خلال أهل البيت في ما يقدّمونه من الأحاديث المرويّة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، كما أنّنا نروي عن الإمام جعفر الصادق قوله: حديثي حديث أبي، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الباري عزّ وجلّ، مما ذكرته سابقاً، وقد قلت إنّ الأئمّة عند الشيعة ليسوا مجتهدين، ولكنّهم ينطلقون من خلال أحاديث الرسول في كلّ ما قالوه وما قرّروه؛ فالمسألة إنّما هي: من هو الحجّة الذي نأخذ منه الإسلام بشكل عام، ولا سيّما أنّ هناك أموراً وقعت موضع اختلاف حتّى بين الصحابة الأوائل، كما في تحريم عمر للمتعة، سواء في متعة الحجّ أو النساء، أو في مسألة إرث النبي، أو في بعض تفاصيل الإرث، كالعول والتعصيب، وغير ذلك.
وليس الشيعة بدعاً في هذا المجال، فنحن نعلم أنّ ابن حزم الظاهري لا يرى القياس حجّة، ونعرف أنّ بعض السنّة يختلف مع البعض الآخر في بعض تفاصيل هذه الأصول، فالقضيّة قضيّة علمية وليست قضيّة عاطفيّة أو عصبيّة. ونحن نروي عن بعض مراجع الشيعة الكبار، وهو حسين الروجردي الذي هو أستاذ الخميني وأستاذ الكثيرين من علماء قمّ السابقين، أنّه قال: ليست المسألة بيننا وبين السنة هي قضية الخلافة، لأنّ عليّاً وأبا بكر قد انتقلا إلى رحاب الله، فليست هناك ثمرة من هذا الخلاف، ولكن القضية هي قضيّة من هو الحجّة الذي نأخذ عنه معالم ديننا. ولعلّنا نلاحظ ملاحظة على الهامش، وهي أنّنا نعرف أنّه مرّ زمن والأحناف لا يرون شرعية المذهب الشافعي، وأنّ الشافعية لا يرون شرعية للتعبد بالمذهب المالكي والحنبلي، وهو أمر ربّما اتفق السنة بعد ذلك على الأخذ بأيّ مذهب من المذاهب في بعض الاجتهادات المتأخّرة، ولكنهم كانوا يرفضون التعبّد بهذا المذهب أو ذاك إذا كانوا على مذهب آخر. حتّى أنّه كان في الأزمنة السابقة لا يتزاوجون مع اختلاف المذاهب. هذه المسألة التي تعيش بعض التعقيدات بين السنة والشيعة كانت موجودة بين السنة أنفسهم، وربّما ينطلق ذلك بين بعض الشيعة والبعض الآخر في مسألة الاختلاف بين المدرسة الأصولية والمدرسة الأخبارية حيث قد لا يجيز البعض من هذه المدرسة الرجوع إلى تلك، وهكذا. ولعلّ حلّ هذه المسألة هو الحوار العلمي الكلامي الأصولي الفقهي الذي ينطلق به العلماء في المواقع المغلقة، لا على الإعلام الذي يحاول التحرّك من خلال عناصر الإثارة.
إنّ إثارة المسألة على أساس أن يسجّل كل فريق نقطة على الآخر، ليحاول إيجاد عقدة ضدّه هو أمر غير علمي، والأمر العلمي هو أن ننطلق من وحي قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول}.
* اشكر لك هذا التوجيه،ولكنني لا زلت مصرا على التوقف معك في هذه النقطة لأنها إحدى المفاصل العالقة بيننا وبينكم. هناك من أهل السنة كابن حزم ـ مثلاً ـ لا يقول بالاستحسان ولا القياس. وكل اعتماده على المرويات عن النبي صلى الله عليه وسلم .فهل يسوغ التعبد بمذهبه عندك، وعند الشيعة عموماً؟
- نحن نختلف مع ابن حزم، كما نختلف مع الآخرين، ونحن لا نعتقد أن مجتهداً ما في السنّة والشيعة يأخذ بكل آراء المجتهد الآخر؛ لأن طبيعة الاجتهادات تجعل الآراء مختلفة في هذا المجال. ونحن نعرف جيداً أنّه ليست المذاهب السنّة أربعة، بل هناك مذاهب السنّة، فهناك الأوزاعي والظاهري وغيرهما، وهناك الكثير من مجتهدي السنّة الذين لا تُذكر أسماؤهم في التاريخ الفقهي، كما أنّنا وبالنسبة إلى الشيعة نجد الأمامية الإثني عشرية والزيدية والإسماعيلية، وهناك المجتهدون ممن يجتهدون في المسائل الفقهية ويختلف بعضهم مع البعض الآخر؛ والمشكلة بين السنة والشيعة هي، كما كانت بين السنة أنفسهم والشيعة أنفسهم، أن الأمور تحرّكت في دائرة العصبيّة، ولم تتحرّك في دائرة العلم؛ ولذلك يحاول كلّ فريق ـ كظاهرة وليست شاملة ـ أن يسجّل نقطة على الفريق الآخر من أجل إثارة الأجواء العامّة، ولا سيّما الشعبية ضدّ هذا أو ذاك.

هل ينسحب الحكم على المراجع
* مما ذكرته آنفا، لكأنك تشبه تحريمك بالتعبد بالمذاهب الأربعة بمعارضتك لكثيرٍ من فتاوى علماء الشيعة، وعدم تجويز التعبد بها، على أساس أنك تختلف معهم في الأسس التي ترتكز عليها تلك الفتاوى والاجتهادات. والسؤال هنا: أنت لم تحرم تقليد الأربعة في فتوى أو مسألة معينة، وإنما حرمت تقليدهم بإطلاق ومنعت من التعبد بمذاهبهم. فهل يمكن أن نسحب هذا الحكم على المراجع الشيعية التي تخالفك في بعض المسائل الكبار؟ هل سنسمع منه فتوى بعدم جواز التعبد بتقليد المرجع الذي يجوز (الاستغاثة بالموتى وطلب الحاجات منهم)، أو ينسب لهم علم الغيب؟ وهل سنسمع منه فتوى بتحريم التعبد بتقليد المرجع الذي يثبت (الولاية التكوينية) كالخميني وقبله الخوئي؟ وهل سنسمع فتوى بتحريم تقليد المرجع الذي يذهب إلى إثبات (الولاية العامة للفقيه)؟ وهل سنسمع فتوى بتحريم تقليد المرجع الذي يسيء لأبي بكر وعمر وعائشة. ونحو ذلك من المسائل الخطيرة.
- إنّ المسألة خاضعة للأسس الاجتهادية التي بيّنتُها فيما سبق التي تنطلق منها المذاهب الأربعة والتي هي محلّ نقاش وخلاف بين السنة والشيعة، في حين ينطلق هؤلاء الفقهاء الذين ذكرتهم من الأسس الاجتهادية الفقهية نفسها، وقد تختلف بعض الأمور التفصيلية بين مجتهد وآخر. ونحن نرى أنّ التقليد إنّما هو في الفقه، أمّا الجوانب العقيدية فلا تقليد فيها.

تراجم الصحابة في الموقع الالكتروني
* تقبل مني هذا السؤال الخاص بك أيضا، فكتب الشيعة كـ”معرفة الرجال” و “المفيد في الاختصار” تروي عن الإمام جعفر الصادق أن الصحابة ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا ثلاثة نفر هم سلمان والمقداد وأبي ذر ويروى أن عمار بن ياسر كان ارتد ثم رجع هل من المفاضلة أن نجد موقع السيد فضل الله الالكتروني يضع عنواناً لتراجم الصحابة فلا يذكر فيه سوى هؤلاء الأربعة؟
- نحن لا نعتقد بالارتداد عن الإسلام والصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك فإننا نتبع الإمام علي في علاقته مع الصحابة وفي تعاونه وفي تأبينه لبعضهم وفي نصحه لهم على أساس أنهم مسلمون حتى انه قال للخليفة عمر: أنت رأس هذا الأمر وسنامه، كن قطباً واستدر الرحى بالعرب؛ وذلك عندما استشاره بالشخوص بنفسه لقتال الفرس.
وهكذا رأيناه كيف وقف على جثمان الزبير وقال: القاتل في النار ووقف على جثمان طلحة وابنه. في هذا المجال يقول بعض العلماء هؤلاء ارتدوا عن ولاية علي ولم يرتدوا عن الإسلام.
* سماحة السيد التعبير بكلمة (بعض) هنا، هل نفهم منه أن هناك خلافاً معتبراً لدى علماء الشيعة في ردة الصحابة عن الدين. مع ملاحظة أننا هنا لا نتحدث عن شباب مندفعين، وإنما عن علماء الشيعة الكبار.
- نحن لا نعتبر أن الإمامة أصل يخرج الإنسان بإنكاره من الإسلام، فقد أكّدتُ أن أسس الإسلام ثلاثة: التوحيد والنبوة والمعاد؛ ولذلك فإن علماء الشيعة يعتبرون أن السنّي مسلم يزوّجونه ويتزوّجون منه، ويعتبرون ذبيحته شرعية، وما إلى ذلك من آثار، ولهذا فلا يرى أحد من المسلمين أنّ الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عن الإسلام، ولكن إذا صحّت هذه النسبة فإنّ المقصود منها هو الارتداد عن ولاية عليّ بعد الالتزام بها؛ باعتبار أن عقيدة الشيعة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أقام الحجّة على المسلمين في ذلك من خلال كثرة الأحاديث التي لفت فيها إلى كفاءة عليّ بالنسبة لغيره في تبوّؤ منصب الخلافة، وكذلك في حديث الغدير الذي يُعتبر كالنص في هذا المجال.
* البعض يقول إن هناك شبه عقيدة وفي هذا الحديث ألا ترى أن الشك في الإمامة كما يقول الشيعة يدفع لاتخاذ موقف سلبي؟
- نحن أكدنا بالصوت العالي أن أصول الدين ثلاثة وهي التوحيد والنبوة والمعاد، وأن من آمن بها كان مسلماً ومن أنكر واحدة منها كان كافراً أما بالنسبة إلى الإمامة وكذلك العدل فهي من أصول المذهب وليست من أصول الدين ولذلك من ثبتت عنده الإمامة بشكل قطعي فيجب عليه أن يعتقد بها ومن لم تثبت عنده وبشكل قطعي فانه إذا لم يعتقد بها لا يكون منحرفاً عن الالتزام بالإسلام وإنما يراه الشيعة مخطئا في هذا الاتجاه.
* الشيعة لا يختلفون في تكفير من يتجرأ على تكفير علي كما هو مذهب الخوارج. فهل يلام أهل السنة لو سحبوا هذا الحكم على من يكفر أبا بكر وعمر ؟؟
- من الطبيعي جدّاً أن تكفير الصحابة هو أمر غير واقعي وغير صحيح وغير سليم، ولهذا فإنّنا نقول دائماً في خطاباتنا وكتاباتنا إنّ الإمام عليّاً يتعامل مع الخلفاء كما يتعامل المسلم مع قيادة إسلاميّة بقطع النظر عن أنّه يراها شرعية أو غير شرعية؛ ونحن نروي عن الإمام جعفر الصادق: «ولدني أبو بكر مرّتين»؛ لأنّ أمّه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأم أم فروة هي أسماء بنت أبي بكر؛ ولذلك فإن القول بتكفير الصحابة هو أمر غير موافق للخط الإسلامي .

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008022 ... 176338.htm

تحريم سب الصحابة
* سأبدأ هذه الحلقة بمحور رئيس وفاصل حيال موضوع الاختلاف بين السنة والشيعة، وقصدت موضوع لعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليهم رضوان الله جميعا. ما هو موقفكم من لعن الصحابة الكرام بما فيهم أبو بكر وعمر وعائشة رضوان الله عليهم؟
- أنا شخصياً أحرم سبّ أي صحابي كان، لأن الله سبحانه وتعالى تحدث عن الصحابة “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً” ولكننا عندما نتحدث عن مسألة الإمامة والخلافة فلنا رأي فيها معروف. وبالنسبة للسبّ فقد قلت إن هذا يحرم على أي مسلم، وأنا أسجل هذا في كل استفتاء يأتيني: يحرم أن نسبّ أي صحابي بما فيهم الخلفاء الراشدون، وأنا انقل كلمة عن الإمام علي عليه السلام عندما كان في طريقه إلى صفين وسمع قوماً من أهل العراق يسبون أهل الشام قال ( إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكن لو وصفتم أفعالهم وذكرتم حالهم لكان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان سبكم إياهم اللهم أحقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به). وهذا النص موجود في نهج البلاغة، وكذلك أحب أن أنقل في هذا المجال طريقة الإمام علي مع الخلفاء الذين يعتقد الشيعة أنهم هم الذين تقدموه في حقه. يقول في نهج البلاغة في كتابه لأهل مصر( فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه فأمسكت يدي حتى إذا رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وسلم) فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما زال كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه).
لذلك نحن نقول نسير في مسألة الخلفاء كما سار به علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كان منفتحاً عليهم وكان يعاونهم ويشير عليهم بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وهناك حديث عن الإمام جعفر الصادق يخاطب به بعض المسلمين من الشيعة “ما أيسر ما رضي الناس منكم، كفوا ألسنتكم عنهم”. وكان يقول: ولدني أبو بكر مرتين. أما أمهات المؤمنين فنحن نحرم سبهن، ونقول لا بد من إكرامهن اكراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أنقل بيتاً من قصيدة لأحد علمائنا المتوفى قبل مئة سنة واسمه السيد محمد باقر حجة الإسلام. يقول:
فيا حميرا سبّك محرم
لأجل عين ألف عين تكرم
ولذلك نحن نحرم سبّ أمهات المؤمنين والإساءة إليهن كما نحرم سب الصحابة وأصدرنا فتوى انتشرت في العالم.
* هنا، هل هذا الموقف الذي قلت للتو نابع من معارضتك لمبدأ السبّ. أم نابع من مراعاة مشاعر أهل السنة، أم أنه نابع من إيمانك وقناعتك بعلو مكانة هؤلاء الصحابة الأكارم؟
- هذا ينبع من الخط الإسلامي الأصيل الذي نؤمن به لأنه لا يجوز سبّ أي مسلم ولاسيما إذا كان صحابياً وأن السبّ يمثل انحرافاً عن الخط الإسلامي الأصيل.
* ولكننا حين نتحدث مع عقلاء الشيعة عن الوقيعة في الصحابة يقولون: هذا موقف للغلاة من أهل مذهبنا. وليس موقفاً للمذهب نفسه. لكن الإشكال إزاءنا أننا نجد الإزدراء بالصحابة في مصنفات أركان المذهب الكبار كالمفيد والمرتضى والطوسي وابن طاووس والحلي وغيرهم. بل نجد في جميع كتب العقائد الشيعية أن الإيمان الموجب لدخول الجنة لا يصح دون الإيمان بإمامة علي وعصمته. ومقتضى هذا نفي الإيمان الحقيقي عن أبي بكر وعمر وعثمان ومن دونهم. فهل يمكن اعتبار أولئك الكبار من الغلاة؟
- من الطبيعي أن هناك من خلال التراكمات التاريخية والتفاعلات النفسية الشخصية ما ترك تأثيراً سلبياً بالنظرة إلى الخلفاء انطلاقاً من علاقتهم بأهل البيت التي يعتبرها الشيعة مسألة ظلامة لأهل البيت. ولكن نحن نتصور أن المسألة تتحرك من خلال التراكمات التاريخية والتفاعلات الشخصية فكما نجد أن هناك من بعض الشيعة من يبررون السب واللعن، نجد أن هناك من بعض إخواننا من أهل السنة من يكفرون الشيعة حتى إنني سمعت من بعضهم أن اليهود والنصارى أفضل من الشيعة لأن اليهود والنصارى أهل كتاب والشيعة من المشركين. هناك تراكمات لا بد لنا من أن نعالجها،ولذلك أنا كنت أقول إن دعوتي للوحدة الإسلامية وللحوار الإسلامي الإسلامي تنطلق من أننا نستطيع أن نصحح الأخطاء والتعقيدات فيما بيننا لدى هذا المذهب أو ذاك من خلال موقع اللقاء أكثر مما ينطلق ليقرأ كتابا ويتحدث بطريقة سلبية. إن الحوار بشكل مباشر يؤدي إلى جو حميم يمكن أن يقرب المسألة من الناحية النفسية ويقرّبها من الناحية العقلية الفكرية.
* أنت طلبت مني أن أكون صريحا وقلت لي بأنك ترحب بالحوار مهما كانت درجة صراحته، لا أخفيك وأنا مشتغل بمسألة التقارب أن التصورات عن الصحابة الكرام هي العائق الأساس بين السنة والشيعة. وأنا بصفتي سنياً معظماً لمقام أولئك الكرام، وعارفاً بقدرهم في دين الإسلام أجد صعوبةً شديدة في قبول من يتبنى مثل هذا الشتم والسبّ. للتو قلت أنت عن الصحابة إنك لا تسبهم، ثم قلت: “لكننا عندما نتحدث عن مسألة الإمامة والخلافة فلنا رأي فيها معروف”. هذا الرأي المعروف هل يقتضي أنهم غادرون أو متآمرون -عياذا بالله - جاحدون لعهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم طلاب زعامة ومفترون على دين الإسلام بإنكار مبدأ الإمامة الكبير الذي عهد به النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم؟ وما رأيك لو سمعت من يصم علياً عليه السلام بمثل هذا؟
- أنا لا أوافق في الجدل العلمي أن يُتحدث عن بعض المصطلحات المثيرة في هذا المجال. إن مسألة الشرعية وعدم الشرعية تخضع لجدل علمي موضوعي. هل أن هؤلاء يملكون الشرعية أم لا ؟ أمّا لماذا أخذوا الخلافة؛ فربّما كان هناك بعض الآراء التي ترى شرعية ذلك، وبعضها لا ترى ذلك. أنا أعتقد أن الحديث عن هذه المصطلحات المثيرة لا يُراد بها إلا عنصر الإثارة والبعد عن اللغة العلمية. وأما ما تذكره أخيراً عن وسم عليّ (ع)، فإنّنا نردّ عليه ولكنّنا لا نكفّره.
* هلا تكرمنا بذكر أسماء لعلماء شيعة كبار متقدمين ومتأخرين تخلو تقريراتهم من الوقيعة في الصحابة الكرام، كي نستشهد من جهة بها على من يسبون الصحابة وكي نشهرها من جهة أخرى تجاه من يرفضون ولا يرون التقارب من السنة؟
- أنا لا أتحدّث عن أسماء، بل عن مبادئ. ونحن عندما نقرأ كتاب المراجعات للسيد شرف الدين أو كتب السيد محسن الأمين أو السيد مرتضى العسكري فإننا نجد أنّهم ينطلقون بلغة علمية سليمة.

تجاوز هذه المرحلة
* العقلاء في الطائفتين يتساءلون: هل يوجد ما يمنع من تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة متقدمة، وهي سعيك أنت في نشر فضائل هؤلاء الصحابة بين الشيعة وبيان مقامهم في دين الإسلام، لرتق خرق أصاب الأمة بسببها، وخطوة جادة وهامة لتحقيق التقارب المنشود بين طائفتي الأمة.
- إنني أعتقد أن مثل هذا لن يحل المشكلة. حل المشكلة هي أن ننطلق من القاعدة التي تجعل الشيعة والسنة ينطلقون من قاعدة الإسلام حتى إني كنت أقول لا بد أن يقول الشيعة أنا مسلم شيعي، والسني أنا مسلم سني بحيث ننطلق من خلال الإسلام، لذلك اعتقد أننا عندما ندرس المسألة من ناحية القاعدة التي تجمع المسلمين في الخطوط العقدية الأساسية والخطوط العامة من الممكن جداً الدخول في هذه التفاصيل يعني نحن نقرأ مثلاً أن الإمام علي في نهج البلاغة يؤبن الخليفة عمر بن الخطاب وهو يؤبن طلحة والزبير اللذين خرجا لحربه وأن عمر لمّا استشاره بالشخوص بنفسه لقتال الفرس منعه من ذلك كما ذكرت سابقاً. وهذا كله في نهج البلاغة موجود لكن كثيرين لا يقرأون.

التشكيك في حادثة الضلع
* ثمة آراء وسطية عديدة خالفت فيها حتى أركان المذهب، وسأناقشك في بعضها، ولربما كانت حادثة الضلع أبرزها، لك رأي تاريخي ربما غير مسبوق في تاريخ الشيعة حيال الرواية المزعومة حول تعدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين وكسره لضلعها. بودنا تسجيله، وبودنا معرفة أدلتك التي استندت عليها لتفنيد هذا القول؟
- كنت أناقش القضية من ناحية السرد التاريخي والتحليل التاريخي أما من ناحية السند التاريخي فإن الروايات التي رويت كانت اغلبها ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها لأنها ليست موثوقة. وإننا عندما ندرس المسألة نتساءل أولاً ما هي الظروف التي فرضت على الخليفة ـ على تقدير صحة الرواية ـ أن يتجه إلى الزهراء ليضطهدها أو يضربها أو يكسر ضلعها والزهراء لم تكن مقصودة للموقف الذي انطلق به للضغط على المعارضة - كما نعبّر هذه الأيام- كما أن الزهراء كانت محل تقدير كل المسلمين لأنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً فنتساءل ما هي مناسبة هذا المقام؟.
ثانياً لقد كان علي بن أبي طالب عليه السلام موجوداً في البيت وليس من الطبيعي ان يبقى هادئا وهناك من يحاول أن يقتل زوجته وعلي هو بطل الإسلام الأول والزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده.
ثالثاً أن علياً لم يكن وحده في البيت بل كان كثير من بني هاشم حتى إن الزبير كان معهم وفي بعض الروايات أنّه خرج مسلطاً سيفه وكسروا سيفه خارج البيت.
وهناك نقطة أخرى وهي أن هناك رواية في كتاب الاحتجاج للطبرسي صاحب مجمع البيان أن الخليفة عمر سئل بماذا هددت بإحراق بيت علي والزهراء، قال:أتراني فعلت ذلك. بمعنى أن المسألة كانت تهديداً . لذلك هذه من المسائل التي لو درسناها دراسة تحليلية لم نجد هناك مناسبة لها. ثم نجد أن الزهراء لم تتحدث عن هذا الموضوع مطلقاً، وقد جاءها نساء يعدنها، كما أنها حسب بعض الروايات كانت تجول على جموع المهاجرين والأنصار وتتحدث عن حق علي عليه السلام، وفي خطبتها في المسجد لم تتحدث عن ذلك مع أن هذا يثير العاطفة أكثر، كما أن عليا لم يتحدث عنها. وقد يقال إن علياً له حكم آخر مع الصحابة.
لكن التعدي على الزهراء هو أمر يثير العاطفة في أعلى مستوى ولذلك فإنني أجد أن هذه المسألة لا تخضع للرواية الموقوفة من جهة، كما أنها لا تخضع للتحليل التاريخي. وقد سألت كثيراً من الناس الذين يؤكدون هذه المسألة وقلت لهم لو أن أحداً هجم على زوجتك لقتلها ماذا تفعل؟ هل تدافع عنها أم لا؟ من الطبيعي أن يدافع عنها فكيف لا يدافع علي أسد الإسلام عنها. ولذلك أنا قلت إن المسألة بالنسبة إلي ليست محل وثاقة.
* المتابعون لكم من باحثي وعلماء السنة، احتفوا بهذا الاعتدال والموضوعية منكم، لكنهم في الحقيقة مندهشون لأنكم لم تقدموا حكماً واضحاً على الحديث، فهل القصة مختلقة أم لا في نظركم؟ أنت في حديثك الآن شككت ولم تضعف.
- هناك نقطة وهي أن الخليفة عمر هدد بإحراق البيت وهذا ما ذكره ابن قتيبة وهناك روايات تقول إن علياً لم يخرج للبيعة بعد أن رأى الدخان يتسع كأنه في بيته وحتى إن حافظ إبراهيم في قصيدته العمرية قال.
وقولة لعلي قالها عمر
أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت دارك لا أبقي عليك بها
ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها
امام فارس عدنان وحاميها
لذلك فهناك بعض التهاويل التي تتحدث عن هذه المسألة بطريقة أو بأخرى وأنا لم تكن المسألة بالنسبة لي تصل إلى حدّ الاهتمام بالبحث بها فوق العادة بها وإنما طرحتها كفكرة.

وقفات حول الإمامة
* يعتبر الشيعة الامامية أن الإمامة أصل شرعي يعادل أركان الإسلام فما تفسيركم لخلو القرآن الكريم من نص صريح وواضح لهذا الأصل؟
- لقد جرى الاستدلال بالقرآن الكريم على ذلك كما في قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا والذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) حيث فسرت بالإمام علي بأنه ولي الله تماماً كولاية الرسول صلى الله عليه وسلم، هناك جدل إسلامي في دلالات بعض الآيات القرآنية التي يقول بها الشيعة كقوله (وكفى الله المؤمنين القتال) حيث فسرت بعلي وهكذا كقوله (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته)، فان الروايات الشيعية وبعض روايات أهل السنة تفسرها بعلي، هناك جدل في قضية دلالات بعض الآيات حول ولاية الإمام علي وبين من يؤمن بها وهم الشيعة وبين من لا يؤمن بها.
ونحن نعتقد أن علينا أن نواكب كل التفسيرات القرآنية سواء ما ورد في تفاسير أهل السنة وما ورد في تفاسير أهل الشيعة ونحن أكدنا بالصوت العالي أن أصول الدين ثلاثة وليست خمسة وهي التوحيد والنبوة والمعاد، فمن أنكر واحدة منها كان كافراً ومن آمن بها كان مسلماً وأما بالنسبة إلى العدل فهو نظرية كلامية بين المعتزلة والامامية من جهة والأشاعرة من جهة أخرى والتي تتصل بقضية الحسن والقبح العقليين وأما الإمامة فهي محل جدل بين المسلمين بدأ منذ وفاة رسول الله وحتى الآن ولم يصل إلى نتيجة قاطعة بين المسلمين عموماً وإنّما اعتقدت به فئة منهم، وهم الإمامية.
* أنت في جوابك هنا لم تثبت أو تنف وجود نصٍ صريح كنصوص الصلاة والصيام والزكاة.السؤال ليس عن آيات تفسر بإمامة علي. ولكن عن ذكر صريح واضح يقطع النزاع. كما هو الحال بالنسبة للصلاة والصيام والزكاة والحج. هل توافق على أنه لا يوجد في القرآن أي دلالة صريحة على ذلك؟
-نحن نقول: ليس هناك دلالة في القرآن على أعداد الصلوات، وعلى مواقيتها بشكل تفصيلي وكل تفاصيل الحجّ والصيام والزكاة وغير ذلك؛ ولكنّ القرآن يقول: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ولهذا فإننا عندما نتحدث عن شرعية الإمامة لعلي فإنّنا نعتمد على أحاديث الرسول التي نجد بعضها في صحيح مسلم والبخاري ومستدرك الحاكم وغيرها من كتب أهل السنة، إضافة إلى كتب الشيعة؛ لهذا ليس كلّ شيء شرعي في الإسلام موجوداً في تفاصيله في القرآن..
* ما قدمته من نقد عقلاني رائع لحادثة الاعتداء على فاطمة رضي الله عنها، يجعل رجلا محبا مثلي يتساءل: ألا يمكن أن يمارس فضل الله هذا النقد نفسه لمبدأ الإمامة الذي يخلو القرآن من ذكر صريح له مع عظم موقعه في الدين، والذي يتنافى مع ما ثبت تاريخياً عن الأجلاء من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من صدق الديانة والزهد في الدنيا والجهاد والبذل والإنفاق في سبيل الله. حتى استحقوا ثناء الله عليهم في كتابه بنصوص أوضح وأصرح من نصوص الإمامة.
- إن الله تحدّث عن الصحابة بشكل عام، ولم يتحدث عن أسماء، هذا أوّلاً. وثانياً: إن مثل هذه القضية كانت محل جدل؛ فنحن نعرف أن بعض رواة السنة يتحدث عن أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد هدد بإحراق البيت، وقالوا له: إن فيها فاطمة، قال: وإنْ! ويروي أهل السنة أنّ أبا بكر وعمر جاءا يسترضيان الزهراء في مرضها.. فهذه قضية تاريخية لا بد من أن ندرسها على الأسس التاريخية. وأنا عندما أعطيت رأيي فإنّي أعطيته من خلال طبيعة القواعد التاريخية التي تشكّك في حصول هذا.

الحوار الإسلامي الإسلامي
* سأعود، وأسألك بخصوص التقارب الإسلامي – الإسلامي هل تكرمني وتحدد لي مواطن الخلاف بنظرك بين السنة والشيعة؟
- من الطبيعي أن أساس الخلاف هو الإمامة أو الخلافة، فإن الشيعة يعتقدون أن الإمامة بنص الله ورسوله للإمام علي ثم تمتد إلى بقية الأئمة أما السنة فإنهم يعتقدون أن الخلافة كانت لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان ثم لعلي ثم تمتد المواقف في مسألة الخلافة للعباس أو لبني أمية. في جدل فقهي.. هذا في الخط العام وهناك مسائل دخلت من خلال هذا الخط ومثلاً هناك خلاف بين الأشاعرة والعدلية المعتزلة والامامية في قضية الحسن والقبح وأنّه هل العقل يحكم في قضية الحسن والقبح أو لا يحكم، فالامامية والمعتزلة يقولون إن العقل الذي رزقنا الله إياه يحكم بالحسن والقبح ولكن بالطريقة القطعية بينما الأشاعرة لا يقولون ذلك وهناك مثل بعض الجهات تأخذ بالظواهر القرآنية “كل شيء هالك إلا وجهه” “بل يداه مبسوطتان” .. بينما يرى المسلمون الشيعة بان الله سبحانه وتعالى ليس جسماً كالأجسام بحيث يرى وإنما ما ورد من اليد ومن الوجه على نحو الكناية والاستعارة.
* لا أدري هل هذا اختزال للخلاف، وأنا أسأل عن ما ترتب على هذا الخلاف الأساسي مما هو شائك بيننا،هناك قضية سبّ الصحابة، ومصحف فاطمة وجملة من المسائل المختلف فيها ربما يصل بعضها للعقيدة؟
- لقد تحدثنا عن ذلك في حوارنا وقلنا لا بد من معالجة هذه المسائل بطريقة الحوار الموضوعي الهادئ ومن داخل الوحدة الإسلامية لأن طريقة المواجهة والعنف الكلامي خصوصاً التكفير هذه من المسائل التي لا تؤدي إلى نتيجة. هناك نقطة لا تزال محل جدل بين السنة أنفسهم مثلاً قضية زيارة القبور بعض علماء السنة يرون أنها تمثل شركا ونحن نرفض بعض التقاليد كالزيارة التي تستعين بالمزور بشكل مباشر، ونحن نؤكد أنّه ليس لنا أن نتوجه لأي نبي أو أي إمام بطلب أن يقضي حوائجنا أو لا لأن الله وحده الرزاق الذي يقضي الحوائج ولأن الأنبياء والأئمة هم يطلبون من الله أن يقضي حوائجهم ونحن أيضاً لا نرى أن الله سبحانه وتعالى أعطى الولاية التكوينية لهم وهذا أمر اجتهادي بل إن الأنبياء يمثلون الخط الرسالي “يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا”. ونحن نعتقد أن النبي والأئمة لا يعلمون الغيب.
نحن نقول لإخواننا من أهل السنة إنه بالنسبة إلى زيارة القبور إنكم اعتمدتم على أحاديث صححتموها واردة عن رسول الله فتعتبرون أن من لا يلتزم بذلك مخالف لرسول الله. نحن نقول إن قضية توثيق السنة في أي حديث وارد عن رسول الله تخضع للموازين العلمية في أنّه لا بد أن نناقش السند فإذا كنت أنت تفهم من الحديث شيئا وأنا أفهم شيئا فلا يجوز لك أن تعتبرني مخالفاً لرسول الله وإذا كنت ترى وثاقة حديث وأنا لا أرى وثاقة حديث فلا تعتبرني مخالفاً لرسول الله. المسألة لا بد أن تنطلق من رؤية علمية في هذا المجال.
* أود تصحيح فقرة في إجابتك الآن، فقد ذكرت أن من أهل السنة من يعتبر زيارة القبور شركاً!! لا أتذكر بحسب علمي أنه يوجد سني واحد يقول بهذا. بل أهل السنة متفقون على مشروعية واستحباب زيارة القبور.
- نحن نرحّب بذلك؛ لكنّهم يعتبرون قضية التوسل غير مشروعة، ويعتبرون أن الزيارة في المدينة المنوّرة هي للمسجد النبوي، وليست للنبيّ؛ لأنهم يرفضون ذلك. وعلى كل حال فالقضية قد تنطلق من قضية التوسل بهم بأن يشفّعهم ويكرمهم الله تعالى بالشفاعة؛ فقد يعتبرها البعض شركاً وقد لا يعتبرها البعض كذلك. وهذه المسألة لا تخص الشيعة، فهناك من السنة من يتوسّل بالأنبياء والأولياء.

الأئمة ومعرفة الغيب
* وطالما نحن في باب العقائد ، سأستشرف رأيك حيال من يقول بأن الإمام يعلم بالغيب ويعلم ما في السموات والأرض والجنة والنار وما في ضمائر الرجال وأصلابهم، بما هو شائع لديكم في المذهب ويعتقد به كثير من العوام فضلا عن مرجعياتهم؟
- نحن نقول إن الله نفى علم الغيب عن كل إنسان إلا فيما يتعلق بموقعه، مثلاً (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول) فيما يتعلق برسالته أو بحمايته وإلا فالله تحدث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم “ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء” “لا أقول عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك إن اتبع ما يوحي إلي”. إن الله لم يعط علم الغيب ولم يعط أيضاً الولاية التكوينية لأحد من خلقه بل هو الذي يعطي أنبياءه بعض الغيب الذي يحتاجونه فالله هو يمنحه بعض معلومات الغيب لا انه يجعل في تكوينه قوة علم الغيب في نفسه بشكل مستقل.
* سأعترض هنا وأسوق لك ما كتبه صاحب كتاب (الكافي)، فقد بوّب أبوابا منها : أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء “ وباب “ أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا “ وغيره. كيف تعلق.
- نحن نقول إن (الكافي) كتاب حديث، فيه الصحيح وفيه الضعيف، حتى إن المجلسي عندما شرح الكافي في كتاب “مرآة العقول” قال لم يصح عندي من الكافي إلا خمسة آلاف حديث ونيف.

الولاية التكوينية للأئمة
* سآتي لموضوع الولاية التكوينية، علماؤكم الشيعة في أعلى مرجعياتكم يقولون بها، وهذا نص قاله الخميني (الحكومة الإسلاميّة ص52) ?{?و ثبوت الولاية التكوينية للإمام لا يعني تجرّده عن منزلته التي هي له عند الله، و لا يجعله مثل من عداه من الحكام، فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينيّة تخضع لولايتها و سيطرتها جميع ذرات هذا الكون?}?. بودي سماع تعليقك.
- إن البعض قد يعتمد على بعض الأحاديث والنصوص الواردة من الأئمة أو من النبي مما لا نؤمن بصحته أو بدلالته.
* في ذات الاطار، هناك قضية شائكة. يقول الشيعة بأن الأئمة هم أفضل من الأنبياء، وهاك القول المشهور لديكم للخميني: لأئمتنا منزلة لا يبلغها ملك مقرب ولا نبي مرسل.
- نحن صرحنا في تفسير القرآن وفي أجوبتنا الفقهية أنه لم يثبت عندنا أن الأئمة أفضل من الأنبياء بل إن النبوة هي تعلو كل موقع آخر هذه عقيدتنا وهذا اجتهادنا.
* ولكن الإشكال هنا أن العلماء لديكم ليس كلهم يعتقدون ذلك. ما يجعلني أسألك: هل هناك من العلماء الشيعة من سبقك في ذلك أو حتى من وافقك فيما بعد؟
- اطلعت على بعض المداخلات التي تؤكد ذلك.
* اسمح لي أن أعبر عن ما يجول بنفسي بأنني إزاء عالم سلفي من مدرسة الإمام محمد بن عبدالوهاب، وليس أمام مرجعية شيعية.
- (مبتسما) المسألة يا أخي عبدالعزيز أنني أقول عندما تدرس (الوهابية) كنظرية إسلامية في الاجتهاد الإسلامي من ناحية فكرية ويقابلها الجانب الآخر عند ذلك يمكن أن نجد ما نلتقي عليه خصوصاً أن الله دعا أهل الكتاب إلى كلمة سواء فلماذا لا ندعو أهل الإسلام إلى كلمة سواء.
نحن نؤمن بالحوار الإسلامي- الإسلامي والحوار المسيحي والحوار الإسلامي العلماني. ونعتقد أن الحوار هو الوسيلة التي يمكن أن يفهم الناس بعضهم بعضاً يعني بعض الناس يحكمون على الآخر فيما هم يفكرون ونحن علينا أن نحكم على الآخر بحسب ما هو.
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008030 ... 178138.htm

قصة تحريف القرآن الكريم!
* سنبدأ هذه الحلقة الأخيرة بقضية مفصلية أخرى معكم، وعنيت بها قصة تحريف القرآن الكريم والذي يقول به بعض أئمتكم، فبودنا أن تحدثنا عن هذه القضية من وجهة نظرك؟
- من الطبيعي أن المشكلة هي أن القرآن عندما تعددت الاتجاهات الكلامية والمذهبية الفقهية وغير الفقهية حاول كل فريق أن يأخذ من القرآن حجة على الرأي الذي يرتئيه مما أدى إلى الفهم المحدود المذهبي للقرآن وربما خرج الكثيرون عن ظواهر القرآن من خلال ذلك وأوّلوه على خلاف ظواهره ومن خلال ذلك انطلقت الروايات الموضوعة التي وضعها الرواة حول هذه الآية أو تلك عندما كانوا يجدون فرصة لإغاثة بعض الأسماء التي يقدسونها ويحترمونها أو بعض الأفكار التي يلتزمونها في هذا المجال وبهذا فقد حدثت عندنا في التفسير المأثور الكثير من الأحاديث الموضوعة على النبي وعلى أهل البيت وعلى الصحابة والتي كانت تحرف القرآن عن مساره الطبيعي ومن خلال كل هذه الفوضى المذهبية في الانفتاح على القرآن نشأت هناك بعض الروايات التي تتحدث عن تحريف القرآن لتأكيد مذهب هنا ومذهب هناك. والمتسالم عليه عند علماء المسلمين الشيعة كما هو عند علماء السنة أن القرآن هو كتاب الله المعصوم الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} وان الله نص على ذلك بقوله “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”. لذلك فإننا نعتبر أن كل من يلتزم بتحريف القرآن هو إنسان ينحرف عن النص القرآني والتسالم بين المسلمين، ثم إننا عندما ندرس بعض هذه النصوص كونها قرآنا وليست قرآناً فإننا نجد أنها لا تنسجم مع القرآن في بلاغته وإعجازه بل إن الإنسان الذي يملك الثقافة البلاغية يرفض أن تنسب إليه، فكيف يمكن أن تنسب إلى الله؟ إننا نؤكد أن القرآن هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وان كل من ذهب إلى التحريف فهو منحرف عن الخط الأصيل للعصمة القرآنية.
* سأتوقف عند جملتك الأخيرة هذه،وأسأل : هل يستلزم من يقول بتحريف القران بكفر هذا القائل؟
- إن مسألة الكفر هي المسألة التي تنطلق من إنكار الله وإنكار رسوله وإنكار الضروري من الدين الذي يستلزم تكذيب الرسول في هذا المجال. لذلك فإذا كان هؤلاء يتعمدون ذلك فإنهم يسيرون في خط الكفر أما إذا كانوا ينطلقون من اجتهاد خاطئ فلا بد لنا من مناقشتهم في هذا الاجتهاد الخاطئ.
* ذكرت في إجابتك بأن (غالبية) علماء الشيعة لا يقولون بتحريف القرآن. في حين أن عبدالحسين شرف الدين ومحسن الأميني وغيرهما ينفون وجود هذا التحريف أصلاً لدى علماء الشيعة، فما تعليقك على ذلك؟
- هذا صحيح؛ ولكنّنا عندما ندرس الذي يُنسب إليه القول بالتحريف، وهو الشيخ النوري الذي ألّف كتاباً عنوانه تحريف كتاب ربّ الأرباب، أنّه كان لا يقصد ذلك، وإنّما كان يقصد الردّ عليه؛ وهذا ما تحدّث به عنه تلميذه الطهراني في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة.
إنّنا قلنا إنّ الكفر هو عبارة عن إنكار النبوّة أو ما يؤدّي إلى إنكارها أو إنكار التوحيد والمعاد كذلك؛ أمّا من كان له رأي اجتهادي في هذا المجال وقد يكون مخطئاً، وهو مخطئ في مسألة تحريف القرآن، فهذا لا يكون كافراً بل هو مخطئ وضال في هذا المجال، وبعض الناس يرون أن نسخ التلاوة عبارة عن تحريف للقرآن، كما أن اختلاف القراءات العشر قد يفهمها بعض الناس أنّها نوع من التحريف؛ لذلك فإن اجتهادنا وفهمنا للآية القرآنية: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) أو (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) أنّ الله تعالى تكفّل بحماية القرآن من الزيادة والنقصان، ولكنّ هذه المسألة كانت محلّ جدل، ولكنّ الرأي العام الذي يؤمن به الشيعة بأن هذا القرآن هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على رسوله، ونحن نقرأ في كلّ أحاديث أهل البيت أنّه يُرجعون شيعتهم في تقويم الأحاديث إلى القرآن فيقولون: ما خالف كتاب الله فهو زخرف، أو اضربوا به عرض الجدار، ولا تقبلوا علينا إلا حديثاً وافق كتاب الله. وقد سمعتُ من المرحوم الشيخ محمد الغزالي أنّه كان يحدّث أنّه لو كان عند الشيعة زيادات في القرآن لرأينا ولو نسخة واحدة، حتّى إنّ الذين يُنسب إليهم القول بالزيادة أو بالنقصان لم يؤكّدوا هذه الكلمات التي يدّعون نقصانها في القرآن. والقرآن الذي يتداوله الشيعة في كلّ أنحاء العالم لا يختلف عمّا يتداوله السنّة، فلذلك فإن إثارة هذا الموضوع بالشكل الذي يثيره البعض من المتعصّبين لا يُراد منه إلا تعقيد الأمور؛ لأنّ الذي ينسب إلى الشيعة ذلك فليدلّنا على نسخة واحدة من القرآن في كلّ العالم تختلف عن النسخة التي بين أيدي المسلمين. وألفت إلى أن كثيراً من النسخ المتداولة عندنا هي ممّا تطبعه المملكة.
* ليست إثارة هذا الموضوع من باب تعقيد الأمور بقدر ما وددنا إيضاح الحقائق، ودعني أقول بأن هناك إهمالا للقرآن لدى المسلمين الشيعة، وأستشهد بما قلتم أنتم شخصيا عبر نصّ لكم يقول(نفاجأ بان الحوزة العلمية في النجف أو في قم لم تمتلك منهجاً دراسياً للقرآن)، إلى أي حد يمكن أن يطل بنا عدم التزام القرآن في المدارس الحوزوية الشيعية؟
- إننا لا نعتقد أن المسألة كانت تنطلق من نظرة الشيعة إلى القرآن بطريقة سلبية بل كان البعض في الحوزات يتصور أن القرآن لا يحتاج إلى دراسة عميقة دقيقة علمية لأنه ظاهرا يمكن أن يفهمه كل الناس واذكر أن أستاذنا المحقق أبو القاسم الخوئي درس تفسير القرآن عند احد علماء النجف الذين كانت لهم تجارب تفسيرية وهو المرحوم الشيخ جواد البلاغي وقد حاول الخوئي بعد كتابة مقدمة التفسير “البيان في تفسير القرآن” أن يعطي درساً في القرآن على الطريقة التي كان يعطي فيها دروس الأصول والفقه ولكن اغلب الطلاب لم يحضروا ذلك الدرس لأنهم يعتبرون انه لا يمثل الدرس العلمي الذي يحتاج إلى أن يستمع فيه الإنسان إلى أستاذ ولذلك ترك الخوئي في نهاية المطاف درس التفسير لان فضلاء الحوزة كانوا لا يحضرون بل يفضلون درس الفقه أو الأصول، لكننا في الوقت نفسه عندما ندرس ما كتبه علماء الشيعة في التفسير ولا سيما ما كتبه الشيخ الطبرسي في مجمع البيان الذي اختارت في مصر جماعة التقريب أن تطبعه في مصر لكونه الكتاب الذي يمكن أن ينفتح عليه السنة والشيعة معاً لأنه كان ينقل آراء السنة وآراء الشيعة وهكذا كان عنده تفسير آخر “جوامع الجامع” وكما كان هناك تفسير للشيخ الطوسي وهو كتاب “التبيان في تفسير القرآن”.
كانت هناك تفاسير للشيعة مميزة وأظن أن التطورات الأخيرة التي انفتح فيها الشيعة على الحركة الإسلامية ولا سيما في إيران جعلت إيران تمتلك في حوزتها حوزة قم الكثير من الاهتمامات في القرآن تجويداً وتفسيراً في علوم القرآن.
* هل عدم اهتمامكم بمسائل القران الكريم ، وصل إلى حدّ أن يجوز المجتهد لديكم إلى مرتبة الاجتهاد دون أن يلمّ جيدا بالقران الكريم. وأنا أسوق لك نصا لمرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي يقول فيه “مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلى حين استلام إجازة الاجتهاد من دون أن نرجع إلى القرآن ولو لمرة واحدة لماذا هكذا؟ لأن دروسنا لا تعتمد على القرآن”.
- عندما ندرس نحن الفقه والأصول فإننا نجد التأكيد على الحديث أكثر من التأكيد على القرآن في هذا المجال لأنهم ربما كانوا يجدون أن الأحاديث أكثر تفصيلاً من القرآن وأنها كانت تفسر القرآن وهناك كثير من النظريات الأصولية انه لا مانع من تخصيص الكتاب بخبر الواحد وما إلى ذلك من الأمور، وأيضاً كان هناك جدل في بعض الأبحاث الأصولية بأنه هل لنا أن نعتمد على ظاهر القرآن وهل هي حجة في نفسها أو أنّ حجّيتها تعتمد على النصوص الحديثية، أو ليست حجة في هذا المعنى مما جعل المدرسة الفقهية الأصولية تنفتح على الحديث أكثر مما تنفتح على القرآن.
ولكننا في منهجنا القرآني حتى على مستوى الفتوى بأن العناوين القرآنية هي التي تحكم على الأحاديث الواردة في تحريم شيء أو تحليله لان القرآن هو الأساس في التشريع، ولذلك فإننا لا نرفض الحديث لأن السنة أساس للخط الإسلامي في الجوانب الكلامية والفقهية وغيرها ولكننا نعتقد أن العناوين القرآنية للمحرمات والمحللات هي الأصل وهي التي تفسر الحديث وتعطيه السعة أو الضيق ونحن أفتينا بحلية “لعبة الشطرنج” إذا لم يكن مرتكزاً على أساس تقديم مال للرابح باعتبار أن العنوان القرآني هو الميسر والميسر هو القمار والقمار يرتكز على أساس وجود الربح والخسارة ولذلك فان لعبة الشطرنج إذا لم تكن مستندة على أساس الربح والخسارة فإنها لا يصدق عليها أنها من الميسر، وإنّما كانت ميسراً في وقت سابق، فيكون نظر الأحاديث التي استفاد منها العلماء الحرمة هو اللعب المتعارف في زمان النص؛ ولذا ورد في بعض الأحاديث أن الشطرنج ميسر العجم، فمع عدم صدق الميسر على اللعب لا يكون منطبقاً للعنوان القرآني الذي هو الأساس في سعة وضيق الحرمة في نص الحديث الوارد في السنّة، ولذلك لا مانع من الرجوع إلى أصالة الإباحة في حليتها إذا كانت بغير رهن وللتسلية.
* لكن أمام دفاعكم هذا، فأنتم في بعض كتاباتكم الشخصية تشككون باجتهاد من لم يحط علماً بعلوم القرآن؟
- ليست المسألة بهذه الدقة ولكنني أتصور أن من لا يفهم القرآن لا يستطيع أن ينفتح على الإسلام سواء على المستوى العقيدي أو على المستوى الفقهي.
* سامحني على صراحتي، ولكن هذا الإهمال للالتزام بتعاليم القرآن أو تتبعه دراسياً وبحثياً...ألا يشير من جهة ما إلى أن في الشيعة من يقول بالتحريف، وبسببه كان هذا الإهمال؟
- أنا لا أعتقد أن التحريف يمثل تياراً شيعياً غالباً بل حتى الذي ينسب إليه القول بالتحريف حاول أن يقول إنني تحدثت عن التحريف من أجل أن أرفضه ومن أجل أن أبين عدم صحته. لذلك التحريف لا يمثل تياراً شيعياً، ولكن ربما كانت المسألة هي الاهتمام بالجوانب الحديثية أكثر من الاهتمام بالجوانب القرآنية لظروف معينة اشرنا إلى بعضها.

مصحف فاطمة
* سآتي إلى قضية مفصلية في نفس الموضوع، وهي مصحف فاطمة رضي الله عنها، هل هناك مصحف بهذا الاسم لديكم غير مصحفنا الذي نتداوله ونعرفه؟
- لا، كلّ الجدل الذي يدور والاتهامات التي تنسب إلى الشيعة في قضية مصحف فاطمة هي كلمة المصحف لأن كلمة المصحف بحسب معناها اللغوي هي عبارة عن الكتاب الذي يشتمل على صحف وقد ورد حديث عن الإمام الصادق أني «لا أزعم أن فيه قرآناً» بل كان مصحف فاطمة حسب ما كان أئمة أهل البيت يشرحونه كان يشتمل في بعض الروايات على وصية فاطمة وكان يشتمل في بعض الروايات على الأحكام الصادرة عن فاطمة عليها السلام وكان في بعض الروايات أنه مما كان يمليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومما كان يكتبه علي رضي الله عنه ، وكان في بعض الروايات أن فاطمة عندما اشتد حزنها على رسول الله فأرسل الله إليها من يؤانسها ومن يحدثها عن أبيها وهو في الجنة، وهذا الوجه الأخير ممّا ناقشناه، فالقضية تعيش في دائرة هذه الروايات ونحن ليس لنا قرآن غير هذا القرآن. وأذكر أنني اجتمعت بالمرحوم الشيخ محمد الغزالي في الجزائر وقال لي بأنه تحدث مع كثير من علماء السنة في العالم، وأنكم لو ذهبتم إلى كل أنحاء العالم فلن تجدوا هناك قرآنا عند الشيعة يزيد ضمة أو فتحة عن القرآن الموجود هنا في هذا المجال. وحتى مصحف فاطمة؛ ليس لدى الشيعة نسخة منه فإن الحديث عنه يشبه محاولة تسجيل النقاط على الشيعة من خلال اتهامهم بأن لهم قرآناً آخر غير هذا القرآن وهو كلام يدخل في باب الافتراء.
* ولكن سامحني، لأنني سأرد على قولك هذا بما قاله الخميني، فالرجل لديه قول في أحد كتبه ينص على أن جبريل عليه السلام نزل على فاطمة رضي الله عنها وحدثها لما يجري لها ولذريتها ودوّن هذا كله الإمام علي بن أبي طالب. بودي سماع رأيك بصراحة؟
- ذكرت أن هذه إحدى الروايات التي تتحدث عن أن الله أرسل إليها من يؤانسها ويخفف من حزنها ليحدثها عن أبيها، ولكن ليس معنى ذلك لو صحت الرواية وأنا لا أعتقد صحتها، وليس معنى ذلك أن لها شيئاً من الرسالة فربما كان بعض العلماء يقول إنها كانت محدثة بهذه الطريقة كما كانت مريم محدثة من قبل الملائكة وكما كانت أم موسى، ولذلك فان هذه إحدى الروايات ولكن لا يلتزم أحد ممن ذهب إلى تبنّيها إلى أن فاطمة عليها السلام تمثل حالة رسولية لأنه لا نبي بعد رسول الله.
حتى إن الشيعة يروون عن رسول الله بحق علي «يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى أما إنه لا نبي بعدي» فليس هناك من يعتقد بأن للزهراء حالة رسولية ورسالة ولكن القضية في هذه الرواية إذا صحت ونحن لا نضمن صحتها أن ملكاً نزل ليؤانسها وليحدثها عن أبيها في غيب الله. ومن الطبيعي أن لا وحي بعد رسول الله فيما نفهم من الوحي في كونه وحي الرسالة.

التبشير الشيعي
* الشيخ يوسف القرضاوي، بما يمثله من ثقل في طائفة السنة، وهو أحد الذين باشروا قضية الحوار مع الشيعة من أزمنة بعيدة.. الرجل اعترض قبل عام تقريباً على مسألة التبشير الشيعي الإيراني في البلاد السُنية؟
- أنا بعثت للدكتور القرضاوي عن طريق صديقنا الدكتور محمد سليم العوا وطلبت منه أن يأتينا بإحصائيات توضح من يقوم من الشيعة بإغراء أتباع السنة بالتشيع ومن يقوم من السنة بإغراء الشيعة بإتباع المذهب السني. في سورية لدينا علاقات مع السنة ومع الشيخ وهبة الزحيلي ومشايخ عديدين وتجمعنا بهم لقاءات كثيرة. هذه قد تكون حالات فردية. استغرب من إثارة المسألة بهذا الشكل الذي يوحي للناس أن هذه القضية من القضايا التي تخلق مشكلة في العالم الإسلامي. لماذا لا تُثار قضية التبشير بالدين المسيحي في المجتمعات الإسلامي؟ أنا الوحيد الذي علق على حديث البابا عن التبشير وإعادته. ألا يعتبر التبشير في بلاد المسلمين مشكلة؟ ألم يخلق تبشير الملحدين والعلمانيين مشكلة؟ أطلب على نحو التحدي بمحبة أن يتم تقديم هذه الإحصائيات.
* أرجو أن تعذرني على صراحتي، لكنني ..
- لدي شعار منذ 40 سنة هو أنه ليس هناك سؤال محرج، وأن الحقيقة بنت الحوار.
* أشكر لك هذه الأريحية، ولكنني قرأت تقارير صحافية عن التبشير للمذهب الشيعي في الأردن وفي مصر...
- تارة نتحدث عن 10 من السنة تحولوا للشيعة وتارة عن 10 شيعة تحولوا للسنة. تارة نقول 10 آلاف سني صاروا شيعة. من الطبيعي أن يبشر الشيعة لمذهبهم والسنة لمذهبهم. هناك حالات فردية أو شبه فردية. ما هو رأيهم بالتبشير السني ضد الشيعة. الكتب التي تصدر بالآلاف من المنظمات الإسلامية السنية كرابطة العالم الإسلامي ضد الشيعة وكذلك في مصر وغيرها. لم ينطلق موقف شيعي يستغرب من التبشير بالمذهب السني. عندما نريد أن نتقي الله سبحانه وتعالى علينا أن نتحدث بالإحصائيات. نحن نعيش اليوم في عالم الإحصائيات. كم يبلغ عدد الذين تحولوا من الشيعية إلى السنية؟

إيران وإعادة تصدير الثورة
* دعني أعيد صياغة السؤال بالشكل الذي يبرز لك خطورة هذه القضية بالنسبة لنا على النحو الذي تحدث به الشيخ القرضاوي. ما يقال وراء الكواليس السياسية هو أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م قامت بالتضييق الشديد على دول إسلامية واغتنمت إيران الفرصة لأنها غير مراقبة، ومن تلك الفترة والى الآن قامت وتقوم بدعم هذه الأنشطة التبشيرية في الجزائر والسودان ومصر والأردن واليمن وكأن القضية أصبحت إعادة تصدير الثورة من جديد بالشكل الذي كانت عليه أيام الخميني؟
- من يتحدث بهذه الطريقة لا يفهم في السياسة. أمريكا عندما وقعت أحداث سبتمبر طرحت مسألة الهجوم على العالم الإسلامي كله بما فيه إيران باعتبار الحرب ضد الإرهاب. الإرهاب الشيعي والإرهاب السني. أمريكا دخلت بتلك الذريعة في مفاصل العالم الإسلامي. نعرف أن الولايات المتحدة هي التي دربت وثقفت وساعدت طالبان والقاعدة أيام الاحتلال السوفيتي لأفغانستان.
أمريكا بعد أحداث سبتمبر احتلت أفغانستان وكان الشيعة هم ضحايا طالبان في ذلك الوقت، واحتلت العراق وأربكته عن طريق الفوضى البناءة كما يعبر عنها بوش. ما حدث في الرياض والخبر والدار البيضاء لم يكن موضوع الشيعة أو إيران، بل جماعة القاعدة والمتطرفين. علينا أن نفهم خلفية الواقع السياسي الذي يتحرك بالعالم الإسلامي كله، حتى الصومال والسودان ومصر.
قابلت السفير المصري قبل فترة وذكرت له أن إسرائيل وأمريكا لهم علاقات مع مصر ولكنهم لا يريدون أن تكون لمصر علاقات قوية بالقدر الذي يمكنها من أن تترك تأثيرا على إفريقيا والعالم الإسلامي والعربي. أمريكا علقت 100 مليون دولار من مساعداتها لمصر حتى تثبت بأنها لن تساعد الفلسطينيين على تهريب السلاح. بعد أحداث سبتمبر أمريكا سيطرت على العالم الإسلامي. أما الكلام الذي ذكرته فهو غير صحيح.
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008031 ... 179811.htm
آخر تعديل بواسطة alimohammad في الثلاثاء إبريل 08, 2008 9:15 am، تم التعديل مرتين في المجمل.

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

ولأنّني انطلقت في اجتهاداتي التاريخية والفقهية والكلامية لبعض الأفكار والمفاهيم والمواقف التي قد لا يرتاح إليها بعض الناس وقد يعتبرونها خروجاً على المذهب أو ما أشبه ذلك.
صدق هذا السيد المرجع والذي أكن له احتراما خاصا فهو بحق اعدل مراجع الجعفرية وأكثرهم انفتاحا وصدقا وتحررا من قيود التمذهب والجمود المذموم ..
أضيف إلى كلا م السيد أن بعض المراجع لا هم لهم سوى جمع الأخماس أوكسب المناصب الدنيوية الحقيرة .... خصوصا من يحاط منهم بأولاده الذين يعدون من أغنى أغنياء الشيعة الجعفرية ..

عموما ما طرحته اخي مفيد للغاية و اشكر لك هذا المجهود ...!!
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

شكر و نصيحة و لقاء

مشاركة بواسطة alimohammad »

بسم الله

الأخ محمد الغيل/ المحترم

السلام عليكم و على جميع الاخوة المؤمنين.

بعد الشكر على مروركم، بالنسبة الى ما أضفتم الى كلام السيد حفظه الله:

الف-

1- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ - سورة الحجرات/ 6.

2- وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا - سورة الاحزاب / 58.

3- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ - سورة الحجرات /12.

ب-

http://news.taghrib.org/news.php?action=fullnews&id=338
تحياتي
آخر تعديل بواسطة alimohammad في السبت إبريل 12, 2008 3:56 pm، تم التعديل مرة واحدة.

alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

خاطرة من الاستاذ عبدالعزيز محمد قاسم

مشاركة بواسطة alimohammad »

خاطرة من الاستاذ عبدالعزيز محمد قاسم (مشرف ملحق الدين و الحياة في جريدة الحياة السعودية):
مع كثرة مجالستي لمفكرين وعلماء ومثقفين، إلا أني لم أصادف أحدا بمستوى إخوتنا الشيعة - وخصوصا أولئك الذين تلقوا تعليمهم الديني بالنجف وقم – في توظيف أدوات الجدال والمنطق واللغة القوية من أجل تزويق الفكرة وتحسين واجهتها. والسبب في تقديري يكمن في أن هؤلاء تلقوا إبان دراساتهم الشرعية الأولى علوم الفلسفة والمنطق وعلم الكلام، بعكسنا نحن أهل السنة الذين لا نتعاطى مثل تلك العلوم في محاضننا الشرعية. بل يغلب علينا التعاطي البدهي المباشر مع نصوص الشرع وقواعده..
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008032 ... 183408.htm

alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

رحب طنطاوي بمقولات فضل الله

مشاركة بواسطة alimohammad »

رحب طنطاوي بمقولات فضل الله
أحمد السيد (القاهرة)
أعلن عديد من علماء الأزهر عن تأييدهم وترحيبهم الشديد بمكاشفات محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني التي نشرها “ الدين والحياة” على مدى الأسابيع الماضية مؤكدين أنها تتفق مع آراء أهل السنة في ضرورة احترام الصحابة رضوان الله عليهم، كما أن الخلاف بين السنة والشيعة سياسي في المقام الأول .وقال الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر لـ “ الدين والحياة” : إن ما قامت به جريدة “عكـاظ” من نشر هذه المكاشفات جهد مشكور لأننى أؤكد دائما أن الخلاف بين السنة والشيعة ليس في الأصول والأسس التي يقوم عليها الدين وإنما في الفروع والأمور الاجتهادية فقط ، وأقول دائما أنه لافرق بين المسلم السني أو الشيعي طالما إن كلا منهما نطق الشهادتين وأدى الفرائض الإسلامية واحترم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .وأضاف طنطاوي : إننا نعرف جيدا إن الفرائض والأركان التي يقوم عليها الإسلام خمس إلا إنني أضيف إليها ركنا سادسا هو احترام الصحابة رضوان الله عليهم وعدم الإساءة إليهم مطلقا .وشدد طنطاوى على ضرورة التقريب بين المذاهب الإسلامية خاصة في الوقت الراهن الذي تواجه فيه الأمة الإسلامية تحديات عديدة، مشيرا إلى أن الأزهر يسعى دائما للتقريب بين المذاهب الإسلامية وأنه كانت توجد لجنة به للتقريب بين المذاهب الإسلامية كما يتم تدريس مختلف المذاهب الإسلامية بالأزهر .
ولفت طنطاوي إلى موافقته مؤخرا على السماح للطلبة الشيعة من إيران ولبنان بالدراسة في الأزهر لأن الجميع مسلمون ولافرق بينهم في الأصول وانما في الفروع فقط .وأعلن طنطاوي عن ترحيبه أيضا بآراء فضل الله ومنها تأكيده على احترام القرآن الكريم وأنه من لا يفهم القرآن لا يستطيع أن يفهم الإسلام وأنه لاوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008032 ... 183387.htm

alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

أفكار حول ثوابت التقارب ومجالاته ومستوياته

مشاركة بواسطة alimohammad »

حول مكاشفات فضل الله
أفكار حول ثوابت التقارب ومجالاته ومستوياته


د. عبدالله البريدي *
تمكنت من الاطلاع على أجزاء من المكاشفات مع محمد حسين فضل الله ، المرجع الشيعي اللبناني، وقد سرني ما وقفت عليه من آراء مستنيرة له وأحسب أنه يمكن لنا البناء على مثل تلك الآراء الجسورة. وأنا هنا لست بصدد التعليق على أفكار جزئية طرحت في تلك المكاشفات المطولة، فما يهمني هو نفسها العام حيث عكست رقياً فكرياً وسعة فقهية واستيعابا ذكياً للتحديات، وفي هذا السياق أود أن أسجل بعض الأفكار حول مسألة التقارب بين السنة والشيعة، لاسيما في وقت بدأنا نشهد فيه تحشيداً لآراء المتطرفين والمتشددين من الفئتين في بيئة فكرية ومناخ سياسي ، لسنا وحدنا من يتحرك فيه أو يصنع أحداثه أو شخوصه!، حيث ُتوجه العديد من الأحداث وتصنع الكثير من المواقف والاتجاهات بطريقة تخدم أهدافا “خارجية” كنظرية الفوضى الخلاقة وغيرها ، مما يؤكد على أن خيار التقارب الحقيقي خيار وحيد ، ومن ثم فلا قرار لنا سوى المضي في سبيل تحقيقه لاسيما على مستوى العامة، أما النخب الثقافية فهي تحمل - في عمومها - انفتاحاً وتسامحاًً كبيراً حيث تتأسس على مرونة ذهنية عالية ومعان إنسانية راقية وفهم متعمق للتحديات الكبار التي تواجه العالم العربي والإسلامي. ومن أجل الاختصار أجعل أفكاري المبدئية في نقاط ثلاث، هي:
أولاً: ثوابت التقارب:
قد حان الوقت للرجوع إلى الرصيد المعرفي والخبراتي المتراكم حول مسألة التقارب للاتفاق على ما يمكن أن نعده “ثوابت التقارب”، والتي من أهمها في نظري ما يلي:
1. أن التقارب يقوم على مبدأ التسامح، فالتسامح هو لب التقارب، مبتدأه ومنتهاه!
2. لا يستهدف التقارب بالضرورة إحداث التجانس أو التوافق أو حتى التقارب المذهبي، بقدر ما يستهدف إبعاد أو تحييد العوامل التي قد تسبب الفرقة أو الخصام أو النزاع.
3. يتأسس التقارب على ثوابت دينية ووطنية، فالثوابت الدينية تتعلق بأصول الإسلام العامة، أما الثوابت الوطنية فترتبط بتوثيق الولاء الوطني وترسيخ مبدأ “أن الوطن لجميع مواطنيه” وفق سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية.
4. يقتضي التقارب الحقيقي الاتصاف بالصدق الكامل والشفافية العالية والقدرة على نقد الذات قبل نقد الآخر.
ثانياً: مجالات التقارب:
لا يسوغ الاقتصار على البعد العقدي أو الشق الديني في عملية التقارب بل لابد من إدخال الأبعاد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأحسب أن تلك الأبعاد تحمل في طياتها مسارب جديدة قد تفلح في نقل جهود التقارب إلى آفاق أرحب، بل قد تعين على تلمس مخارج حين ينغلق البعد العقدي أو الديني. وقد يكون ملائماً أن نرحب مثلاً بالزواج بين الفئتين المبني على التراضي والتفاهم، فضلاً عن المشاريع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تبعد الأجواء عن نسمات التحشيد والتعصب، وتجسد مواقف عملية للتسامح والتآلف في دائرة الإسلام الرحبة وتحت القبة الوطنية.
ثالثاً: مستويات التقارب:
من الخطأ الاعتقاد بأن التقارب يعكس مستوى واحداً ، بل هو مستويات متعددة، والظروف والملابسات والثقافة السائدة هي التي تحكم بتغليب هذا المستوى عن الآخر في هذا الموقف أو ذاك، ولنا أن نتصور المستويات الثلاثة التالية:
1. مستوى التعايش السلمي. وهو أقل المستويات وأدناها وهذا المستوى يجب أن يصار إليه كحد أدنى في حالات الحروب والفتن والقلاقل، كالحالة العراقية، حيث لا يجوز بحال من الأحوال أن ينال كل طرف من الآخر بغض النظر عن الأسباب، بل يجب الاتفاق على تجريم كل فعل يضر بالفئة الأخرى بقتل أو تعذيب أو تهجير أو مصادرة لحقوق وممتلكات. وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا بإبعاد المتشددين والغوغائيين من كل طرف. كما يجب العمل على توفير مقومات تحقيقه كإجراء وقائي يمنع من حدوث العنف أو التراشق، بمختلف صوره.
2. مستوى التعايش الفكري. وهو مستوى متوسط، حيث تسود فيه أجواء التفاهم والحوار البناء والمشاريع المشتركة في إطار وطني يحفظ للجميع حقوقه المدنية وفق ثوابته واشتراطاته، ويمكن أن ُيصار إلى هذا المستوى في حالات كثيرة، ويمثل ذلك الحد الأدنى في الأوضاع المستقرة، وهو أمر يحتاج إلى جهود كبيرة تبدأ بإبعاد المتشددين في كل طرف وتستمر في إبعادهم وتنتهي بتنحيتهم تماماً عن تشكيل طرائق التفكير وتصنيع الاتجاهات داخل مجتمعاتنا العربية والإسلامية!
3. مستوى الاندماج. ويمكن تحقيق هذا المستوى المتقدم في أوضاع تتقارب فيه الأفكار ويشتد فيه التفاهم ، وهذا المستوى يمكن أن يكون حلماً ُيراد تحقيقه في الظروف الملائمة، ولكن لا يسوغ القفز إلى هذا المستوى دون تحقيق قدر من التعايش الفكري، كما لا يسوغ ايضاً أن نتصور أن عدم تحقيق هذا المستوى في بعض البيئات يمثل فشلاً لجهود التقارب، حيث يحتاج الاندماج إلى مقومات خاصة وظروف مواتية قد لا تكون ضمن الحدود التي يسيطر عليها القائمون بجهود التقريب، ولو نظرنا إلى بعض البيئات العربية لوجدنا حالات وصلت أو قاربت مستوى الاندماج، فالحالة العراقية - قبل تلغيمها من قبل المحتل الغاشم ومن يدور في فلكه - كانت مثالاً فريداً حيث تحصل المصاهرة والمتاجرة والصداقات المتجذرة، وفي اليمن أوضاع مشابهة لهذه.

بقي أن أؤكد على أن التقارب بين الشيعة وإخوتهم السنة أمر لا مفر منه، وتبقى المسؤولية كبيرة على المثقفين بترسيخ روح التسامح والصدق، وسأظل أحمل تفاؤلاً وأنا أرى أمثال محمد حسين فضل الله، راجياً أن تكون “شعبية” هذا العالم ومرجعيته لدى عموم الشيعة في مستواها المأمول، لاسيما أن المرجعية لدى الشيعة تلعب دوراً محورياً في التفكير والاتجاهات والممارسة، وهذه خطورة يجب تقديرها في سياق التقارب، وننتظر مكاشفات أخرى مع معتدلين آخرين في الإطار السني والشيعي، لتسهم في اكتمال أجزاء الصورة.

* أكاديمي وكاتب سعودي
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2008032 ... 183407.htm

محمَّد الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 41
اشترك في: الثلاثاء أغسطس 15, 2006 6:05 pm
مكان: فناء الكعبة المشرفة

مشاركة بواسطة محمَّد الحسني »

المدعو (محمد الغيل)

لا تنظر إلى الإمامية رفع الله منارها بعين عوراء استعرتها من شخص أو آخر!!

لو سألتك ما هي الأشياء التي يجب فيها الخمس والموارد التي يصرف فيها عندنا هل تستطيع الإجابة؟!!

ثم من قال لك أن كل مراجع الإمامية وفقهاءهم أغنياء!

قل ما تجد منهم كذلك وإن وجدت فلأرث أو عقار أو تجارة لا دخالة لها بأموال الخمس!

هل تعلم بأن أحد أكابر فقهاء الإمامية وهو السيد علي الحسيني السيستاني لا يملك دارا وإنما يقطن في دار بالأجرة بجانب قبر أمير المؤمنين وخليفة الله ورسوله علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله؟!!

هل تعلم بأن فقيها آخر من كبار الفقهاء وهو السيد محمد الحسيني الشاهرودي يقطن في منزل قديم جدا وغاية في التواضع والبساطة بجانب قبر السيدة الطاهرة فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم صلوات الله عليهما في قم؟!!

وكذا الكلام في السيد محمد سعيد الحكيم الطباطبائي والشيخ بشير النجفي في النجف الأغر بيوتهم متواضعة جدا -وقد دخلتها بنفسي- وفقهاء كثيرون في النجف وقم ومشهد الرضا!


نعم يوجد من يأكل أموال الخمس بالباطل ويحرف في الإعتقادات ويطعن في الأخبار والروايات ويعتذر لفعله هذا بأسخف الحجج وأوهاها ولا يرقب في آل محمد إلا ولا ذمة, وهذا ليس غريبا فالنفاق له أهله كما أن الإيمان له أهله!

ولكن ليس معنى ذلك أن نجعل فقهاء الإمامية قاطبة على هذا النسج والنهج كما ادعيت!!!

أمر آخر,

ليس كل من اعتمر العمامة ولبس الجبة والعباءة وقال أنا من فقهاء الإمامية وتصدى للفتوى وجبا الأخماس فهو صادق ولقوله اعتبار!

للفقه ضوابط وللإجتهاد علامات!

ولا تسقط هذه الضوابط ولا يستغنى عن هذه العلامات بكثرة العامة والغوغاء خلف هذا المدَّعي للفقاهة والإجتهاد!

نعم, الإمامية ستبقى هي الإمامية عماد ديننا وقوام مذهبنا منذ ألف وأربعمئة سنة هو الولاية لآل محمد والبراءة من أعداءهم فمن ادعى أمرا ينافي هاتين الركيزتين وادعى مع ذلك أنه إمامي فهو كذاب مفتر!

وصلى الله على محمد وأهل بيته ولعن أعداءهم من الأولين والآخرين
- روى البخاري في صحيحه (ح3714, 3767) مرفوعا:

"فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني".

- وروى في صحيحه (ج4 ص42) عن عائشة:

"..فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت..".

تبع اليماني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 67
اشترك في: السبت نوفمبر 03, 2007 3:10 am
مكان: اليمن
اتصال:

مشاركة بواسطة تبع اليماني »

السلام عليكم

المدعو(محمد الغيل) هو السيد محمد الغيل وهو عالم جليل


وقد كتب انه يوجد بعض المراجع وليس كل المراجع


وتسائله عن مصارف الخمس يا اخي نحن شيعه واترك العقليه المتحجره التي تناقش بها السلف


لان هناك فرق ونحن نكن الاحترام لكم كثيرا وانت ضيف في مجالسنا فنقول لك شكرا على


الاخلاق الرفيعه .
لا يوجد

alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ

مشاركة بواسطة alimohammad »

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على الاخوة المؤمنين جميعاً

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
سورة الحجرات/ 11

تحياتي للجميع
ماشاء الله لاقوة الا بالله، عليه توكلت و اليه انيب.

alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

إشكالات على مذهب الاثني عشرية و ردود آية الله فضل الله

مشاركة بواسطة alimohammad »

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ايها المؤمنون و رحمة الله و بركاته


إشكالات على مذهب الاثني عشرية و ردود آية الله فضل الله


http://71.18.61.110/forum/viewtopic.php ... light=#top

تحياتي للجميع
ماشاء الله لاقوة الا بالله، عليه توكلت و اليه انيب.

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“