القيادي في الجماعات السلفية الشيخ/ محمد المهدي فى حوار مع صحيفه البلاغ
لا يجوزُ للجنوبيين أن يعلنوا الخروجَ ولا يجوز أن تتولى المرأة المناصب
الحجوري من الغلاة، والإصلاحُ يحملُ عقليةَ ما قبل الوحدة
قال: إن أبا الحسن أقوى من الحجوري علماً وتأصيلاً وأهدأ بالاً وأكثر اتزاناً وأن لا علاقة بينه وبين محمد الإمام وأنه يخالفه في بعض التشنجات التي يطرحها علي المخالفين له، وإن بعض السلفيين تأثر بالغلو فيتكلم على حزب الإصلاح لكن هذا الغلو موجود في الإصلاح تجاه السلفيين، واعتبر أن ما يحدث في المحافظات الجنوبية أناس لهم حقوق يجب على الدولة أن تعطيهم حقوقهم، لكن لا يجوز لهم أن يعلنوا الخروج ووصفهم بأنهم آلة بيد بعض أصوات النشاز التي ترتفع في الخارج.
المرأة كان لها نصيب في الحوار الذي أجريناه مع الشيخ/ محمد المهدي أحد أبرز القادة في الجماعات السلفية رغم تحفظه على الصحيفة ورغم الإختلاف حول العديد من المسائل والقضايا إلا أن ذلك لا يمنع من إجراء حوار معه لمعرفة رأيه.. فإلى نص الحوار..
حاوره/ بسام قائد
> قلتَ لي قبل اللقاء بك في الإتصال الهاتفي إنك متحفظٌ على صحيفة »البلاغ«.. هل يمكنُ أن تذكرَ لنا أسبابَ التحفظ؟.
>> الحمدُلله والصلاةُ والسلامُ على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
لي تحفظاتٌ عليها، ولا يعني هذا أنها خاليةٌ من الخير بل لها وعليها.. ومما يؤخذ عليها:
أولاً: عندما تجعل هدفها هو الحرب على السلفيين، أو أهل السنة ومذهبهم وعلمائهم، وتلصقُ بهم التهمَ، وتصفـُهم بالتكفيريين والمتطرفين.. وهكذا.
ثانياً: لأنها فتحت ملفاتٍ مسيئةً ضد أهل السنة مثل: الكلام على بعض الصحابة.
ثالثاً: الهجومُ على علماء السنة مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ/ محمد بن عبدالوهاب، والشيخ/ الألباني.. وغيرهم ولا يكادُ يخلو عددٌ من البُهت على السلفيين.
رابعاً: تركت المجالَ لكلِّ من هَبَّ ودبّ ليكتبَ ما شاء من السب والشتم.
خامساً: دفاعُها عن المسائل التي يتبناها الرافضة أو الإمامية الإثني عشرية، ولا سيما أنها تعتمدُ على بعض كُتب ومراجع الإمامية المشبوهة للهُجوم على أهل السنة.. ولم يضعوا أنفسَهم على مذهب سلفهم قبلهم مع أنني أتعاملُ مع الزيدية على مذهب العلماء الزيدية قديماً.. لكن أجدُ اختلافَ المتأخرين اليوم عليهم كبيراً، حيث تفشت فيهم بعضُ المؤثرات الفكرية على المذهب تتناولها صحيفة »البلاغ« ومثلها صحيفة »الأمة« سابقاً، يقلقون من تحول الناس إلى السنة، ويسكتون عن تحول الزيدية إلى الإثني عشرية.
سادساً: وصفها لمن يثبتُ لله الأسماءَ والصفات كما جاءت في الكتاب والسنة بدون تشبيه بأنهم مشبهة.
ومثلاً »إحتفال الغدير« و»عاشوراء« تحتفي به هاتان الصحيفتان وتذكران من مراجعهما ومصادرهما كتب »الرافضة« كالنجفي في كتاب »الغدير«، وغيره، وفيه من التقولات بالباطل على أهل السنة ما يفوق الحصر.
مع أن كثيراً من المؤرخين الزيدية الكبار كالعلامة/ يحيى بن الحسين بن القاسم يذكرون أن احتفالَ الغدير لم يُعرَفْ إلا في القرن الحادي عشر الهجري عام ٣٧٠١هـ.
كما أنها لم تهتمْ بالبحث العلمي في الحوار مع المخالفين، وإنما هو الشتمُ للعلماء السلفيين فاتهمت السلفيين بالتكفيير وهو بُهتان، ودافعت عمن يكفرُ الزيدية من الإمامية.
ونحن إذ نقول هذا لا نغلق الباب بيننا وبينها بل ما زلنا ندعو إلى الحوار العلمي المهذب لغرض الوصول إلى الحق والصواب.. وعلى الأقل إذا اختارت الصحيفة لنفسها أي مشرب فلماذا يضيقُ أصحابُها ذرْعاً بالسلفيين إذا اختاروا مذهبَ الصحابة والأئمة؟!، فهذا بعضُ ما عندي من ملحوظات.
> هل تقرأُ صحيفةَ »البلاغ«؟
>> نعم.. أقرأ صحيفةَ »البلاغ« أسبوعياً، وبعضُ مواضيعها مؤرشفٌ ومفهرسٌ عندي في المكتب مثل غيرها من الصحف.. ومعي مَن هو مكلفٌ بشرائها وغيرها من الصحف الرسمية والأهلية.. رغم أن صحيفةََ »البلاغ« تؤلمني أحياناً في بعض مواضيعها التي لا تمت إلى المذهب الزيدي بصلة.. إلا أنني لا أغلقُ بابي دونها، أو أحتجب عن الكتابة فيها والحوار مع أصحابها بالحق.
> ماذا عن الخلافات داخل الجماعات السُّنية؟.
>> أهلُ السنة مفهوم أوسع من السلفية.. فهم بالمفهوم العام يشملون المذاهب الأربعة، والتنظيمات الإسلامية الآن مثل جماعة »الإخوان المسلمين« بما فيهم »حزب التجمع في اليمن«، والأحزاب الأخرى مثل »حزب المؤتمر« بصفة عامة ممن لم يتبنوا العلمانية منهجاً، والسلفيين وجميع المسلمين غير الشيعة.
فهؤلاء هم أهلُ السنة الذين تقابلـُهم العلمانيةُ والشيعةُ بفرقها الثلاث: الباطنية والإمامية الإثني عشرية والزيدية، وأقربهم إلى أهل السنة الزيدية باستثناء الجارودية، وإن كانت الجارودية لم توافق الإماميةَ الإثني عشرية بكل طاماتها وخرافاتها كالقول بتحريف القرآن، والسجود للقبور، والقول بالبداء على الله، وحصر الإمامة في الإثني عشر.
أما الخلافُ بين السلفيين، فالذي يظهر الآن هو الخلاف الحاصل بين الشيخ الحجوري، والشيخ/ أبو الحسن، وقد ذكرت أسبابَه في كتاب »معالم في الجرح والتعديل عند المحدثين« في الحاشية، وهذا بعد قراءتي ومتابعاتي للردود بينهما.. ورأيتُ أن الشيخَ أبا الحسن هو أقوى من الحَجُوري علماً وتأصيلاً وأهدأُ بالاً وأكثرُ إتزاناً، وأن الفريقين لم يَخرُجا من أهل السنة بهذا الخلاف.. لأنها مسائلُ اجتهاديةٌ فرعية.
ولا يخفى أن هذا الخلافَ مع وجود الردود والحوار وإن كان فيه شدة كانت له ثمرات ومنها: رجوع كثير من الشباب إلى الإعتدال، وتجاوز مسافات كبيرة من الخلاف.. وأملي الكبير أن البقية كالحجوري ومَن معه سيرجعون إلى الإعتدال بإذن الله تعالى.
> هل تصنفُ الشيخَ/ الحجوري من الغُلاة في الجرح؟.
>> نعم.. لكن أقولُ للإنصاف أن عنده علماً.. وأحترمُهُ لتدريسه العقيدةَ السنيةَ لأبناء المسلمين، وقيامه على مركز سُني وإن كنتُ أختلفُ معه في هذا الغلو، ولن أشتمَه، أو أتكلم عليه بغير حق كما يفعل مع مخالفيه.. وأعتبر هذه الظاهرة غلواً وفساداً في الإختلاف وأسألُ اللهَ أن يعافيَه وأمثاله منها.. هذا مع العلم أني صحبت الشيخَ مقبل في بداية وصوله إلى اليمن ولم يكن الشيخُ الحَجُوري معروفاً لديَّ ولهذا لم يسبق لي أن عرفته ولا هو قابلني وإنما نعرفه عن طريق رسائله وأشرطته.
> كيف علاقتكم مع الشيخ محمد الإمام والشيخ أبو الحسن المصري؟.
>> ليس بيني وبين الشيخ/ محمد الريمي المشهور بالإمام أية لقاءات.. ولكني أحبُّه في الله تعالى لدينه ولعلمه ودعوته إلى العقيدة، وأخالفـُه في بعض التشنجات التي يطرحُها على المخالفين له، والجرح الذي لا يصُحُّ له إطلاقه في حق الدعاة إلى الله تعالى.
أما الشيخ/ أبو الحسن فأنا ألتقي به، وأحترمه ويمكن الإستفادة من فقهه وحكمته، وهو مثالٌ عجيبٌ للعلماء المخلصين -ولله حسيبُه- ومعرفتي له منذ الخلافات السابقة.
ومن حيثُ الجُملة فإني أحبُّ كل عالم بحسبه فقد أحب أبا الحسن أكثر من محمد الريمي الإمام، ولا يعني أني أجرحُ فيه وأمثاله بل أدعو الله لنا ولهم بحسن الخاتمة.
> على ماذا يختلفون؟.
>> هم يختلفون في مسائل هي محلُّ اجتهاد ونظر، ولا توجدُ هناك أسبابٌ للخلاف في ما أعلم؛ لأن هذا مما يسع فيه الخلاف بدون تفرق وأن كان لكلٍّ منهم وجوهٌ يراها تستدعي الخلاف.
> تحدث خلافات بين الحين والآخر بين الجماعات السنية كالسلفيين وحزب الإصلاح.. وتصل ربما إلى المحاكم.. كيف تنظر إلى ذلك؟.
>> أما أن هناك قضايا وصلت إلى المحاكم.. فبحسب علمي ما قد وصلت قضية إلى المحاكم، وإن كنتَ تعلمُ أنها قد حصلت من آخرين فلا أعلم بها أنا.
أما أن هناك خلافاً.. فنعم يحصل خلاف.. وفي نظري أن الإخوة في الإصلاح ما زال بعضُهم يحملُ العقلية التي ما قبل الوحدة لما كانوا متمكنين من بعض الوزارات كالتربية والأوقاف، وكانت المعاهدُ العلميةُ بأيديهم، ولا يسمحون لأحد أن يستقلَّ بمسجد من المساجد سواء أكان من السلفيين أو الزيدية؛ لأنهم يرون أن هؤلاء يعتبرون جماعات ضرار.. فالزيدي يقول له: أنتَ تريدُ أن تعيدَ الإمامة. والسلفي يقولون له بأنه خارجٌ عن الجماعة، والأصلُ أن هذه العقلية قد انتهت بعد الوحدة، وبعد أن فقدوا تلك القوة، لكن رأيتُ أن الشيخَ/ عبدالله صعتر في مقابلة له مع صحيفة »إيلاف« نفى هذا الكلام وطلب منا أمثلة.. وأنا يمكنُ أن أضربَ له أمثلةً كثيرةً في مدينة إب في المساجد التي حاولوا السطوَ عليها لما في عقليتهم من التصور بأنهم أولى بالإتباع والدعوة من غيرهم، وللإنصاف ففيهم خيرٌ ونفَعَ الله تعالى على أيديهم بالمعاهد العلمية لكن نعيب فيهم التعصب والتحزب الزائدين، وقد يوجدُ من السلفيين ممن ثأثر بالغلو فيتكلم على حزب الإصلاح لكن هذا الغلو موجود أيضاً داخلَ حزب الإصلاح تجاه السلفيين.
أما نحن لا نخفيك أننا نؤاخذهم في التقصير الكبير في الدعوة إلى التوحيد، وتهذيب شبابهم ونبذ الخرافات مع وجودها وانتشارها، وإن كانت هناك بعضُ المواقف لبعض العلماء لكنها مواقف فردية وليس رسمية أو من برنامج الحزب.. لأنه متكيف مع السياسة ومصلحة الحزب كما هو حال الجناح السياسي، ولا يعني هذا أنني أقصد أنهم لا يفهمون التوحيد، أو أنهم ينكرون مسائله وأقسامه.. لا بل هم أهل سنة في الإعتقاد ولكنهم مقصرون في الدعوة إلى التوحيد.
فالخلاصة أن أهم الأسباب هي: عدمُ إهتمامهم بالتربية الصحيحة، وحب السيطرة على المساجد، وإلغاء الآخرين أو تهميشهم، وهنا كان ينبغي أن يفهم الإخوة في الإصلاح أنه قد انتهى بعد الوحدة، وأن يعترفوا بأنهم لم يعودوا إلا كغيرهم مجموعة من المجموعات في اليمن، وأن لا يضيقوا بالرأي والرأي الآخر الذي يهتفون به، وأن يفتحوا صدورهم تجاه الآخرين فنحن مستعدون لنتعاون فيما يجوز فيه التعاون؛ لأن هذا حقهم علينا.. وحَقُّ الأخوة بيننا أعظمُ بكثير.
> كيف استقبلتم قرارَ إلغاء المعاهد العلمية؟ يذكُرُ البعضُ أنكم كنتم ساكتين عن ذلك لإبقاء ما تحتَ أيديكم من المعاهد؟!.
>> أصحابُ المعاهد هم الذين سكتوا، ولا ندري ما دار بينهم من اتفاق؟، وهل حصلوا على تعويضات؟، لا ندري، فهي مسألة سياسية، أما نحن فكنا نتكلم في خطبنا ومحاضراتنا عن ضرر إلغائها، وهم قد اقتنعوا وسلموا للأمر، وكنا نرى أن ضررَ إيذائهم لنا أخفُّ بكثير من ضرر إلغائها، وقد تألمنا كثيراً لإلغاء معاهد الإصلاح.
أما معاهدُنا فتـُعَدُّ بأصبع اليدَين »تعز، وعدن، وحضرموت، والحُديدة، وصنعاء، وكان لنا في إب ثلاثة«، وكانت أهلية خيرية وليست رسمية ولم تكن تمولها الحكومة مثل المعاهد العلمية، ولكن مع الضغط علينا حوَّلناها إلى مدارس أهلية ندرسُ فيها مناهجَ التربية ولكن لا نأخُذُ من الطالب أجراً بل نساعدُه بقيمة المنهج والسكن والغذاء والعلاج »فالميسورُ لا يسقطُ بالمعسور« ومع هذا لا نقولُ فيهم أنهم ساكتون عن ممارسة الضغط على معاهدنا.
> لماذا لا تعملون على تلطيف الجو بينكم وبين الجماعات الأخرى وتعملون يداً واحدة؟.
>> يا حبذا، ففي حدود أهل السنة والجماعة هذا ما نرجوه وندعو إليه، وحتى مع إخواننا الزيدية ندعوهم في حواراتنا إلى التقارب إلى الحق.. وليس معنى التقارُب كما تدعو إليه الرافضة بأن نقرب أهل السنة إليهم، وإنما نتقارب جميعاً إلى الحق، فالتقارب مطلوب شرعاً لقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، فالأبعدُ عن الدليل يقتربُ منه.
> في خلافكم مع الشيعة لماذا لا يَجمعُـكم الإسلام؟.
>> هذا هو الأصلُ، لكن مَن يقنعُ الرافضةَ الذين يُخرجون مخالفيهم من الإسلام لمسائلَ ليست من أصول الدين كالإمامة التي بنـَوا عليها خرافاتٍ وأساطيرَ، وخالفوا فيها أصولَ الإسلام فكفروا أهلَ السنة، وكفروا الزيدية بما فيهم الإمام زيد، ومَن يقنعهم أن يعودوا إلى الإسلام الذي كان قبل ظهور هذه البدع والخرافات؟!، فهذا هو الذي نريدُه وندعو إليه بأن نحافظَ على منهج السلف قبلَ ظهور الفرق والبدَع.
فتعال واقرأ بعضَ كتب الرافضة لتجد التكفيرَ الصريحَ لمخالفين لهم وإن كانوا من آل البيت كما في الكافي للكليني، وبحار الأنوار للمجلسي وغيرهما، وقد جمع بعضُ الكُتاب طامات الرافضة في تكفير المخالفين في كتاب مطبوع ومتداول بعنوان: »الفكرُ التكفيري عند الشيعة حقيقةٌ أم افتراء؟!«، من جامعة الأزهر، فنحن لا يمكنُ أن نقولَ في المخالفين ما ليس فيهم، وأنا أتحاورُ مع الزيدية ولا يجوزُ أن أنسبَ إليهم بأنهم يقولون بتحريف القرآن، أو يقولون بحصر الإمامة في الإثني عشر؛ لأنه يخالفُ تأريخَهم ومذهبَهم، والإمامُ عبدُالله بنُ حمزة يُنكرُ ضلالات الرافضة في كتابه »العقد الثمين« وغيره من مؤلفاته، وقبله وبعده كبارُ علماء الزيدية.
لكن هناك أصول وقطعيات محل اتفاق عند المسلمين بأن مَن خالفها فقد كفر، كالقول بتحريف القرآن، وتكفير جميع الأصحاب، فراجع كتاب »فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب« وراجع نعمة الجزائري الذي يقولُ بأن هناك ألفي رواية تثبتُ تحريفَ القرآن كما في كتابه »الوسائل«.
فليس كلُّ مَن وقع في ناقض من نواقض الإسلام نكفره مطلقاً، بل لا بد أن نعلمَه بأن هذا من نواقض الإسلام إن كان جاهلاً أو ننظر هل هو مكره أم مختار؟، أو مخطئ أم متعمد؟، أو متأول أم غير متأول... وهكذا، لكن قد نقولُ بتكفير مَن قال كذا أو فعل كذا دون أن نكفرَ فاعلـَه بعينه.. وهذه مسألةٌ واضحةٌ عندنا وخطيرة، واسألُ إخوانـَنا أصحاب »البلاغ« ما حكم مرتكب الكبيرة؟؛ لأن مرتكبَ الكبيرة عندنا لم يخرُجْ من الإسلام وإن فسق بها.
أما المعتزلة ومَن أخذ بقولهم فيرون أنه يخرُجُ من الإسلام وإن لم يدخل في الكفر فهو في منزلة بين المنزلتين، ومما يؤسف له أن بعضَ إخواننا الصحفيين يرددون علينا بأننا »تكفيريون« ولم يعرفوا مَن الذي يكفرُهم ويستبيحُ دماءَهم إلى الآن!! وهذا ظلمٌ وجَورٌ نعاني منهم، ينبغي أن يترفع عنه الصحفيون
ويقرأون كتب الرافضة ليروا أهوال التكفير التي تجعلنا نترضى -كما قيل- عن الخوارج.. وكثير من الصحفيين يعلم بدقائق الأحداث ولكنه يجهل الدين ولا يتعب نفسه فيقرأ للآخرين بل يتهم الآخرين بما ليس فيهم، وقد طالبت بعضَ الكُتاب بأن يثبتَ لي قولاً للسلفيين بأنهم يُـكفرون بمجرد المعصية، فلا يوجد في أوساط أهل السنة من يكفر المسلم بما ليس بمكفر عند أئمة المسلمين، وأهل السنة قد حصروا الأصولَ التي هي كُفرٌ وردة وتكلموا فيها، وحذروا من الوقوع فيها.
ولماذا لا نكفر المعتزلةَ بتفسيرهم للأصول الخمسة -وليس للأصول نفسها إنما بتفسيرهم لها- فهم يقولون: بأن التوحيدَ هو نفيُ الصفات«، وأن »العدلَ نفيُ القدر«، وأن »المنزلة بين المنزلتين هي الحكمُ على العاصي بالخروج من الإسلام دون الدخول في الكفر«، وهكذا فإنا نخطؤهم في الأصول الخمسة على هذا التفسير ولا نكفرُهم، فهل تخطئتنا لهم أعظمُ من إخراج المسلم من الإسلام لمجرد المعصية؟!، ومن هو التكفيري هنا؟.
> ما رأيـُكم في الإنتخابات؟.
>> قد أجبتُ على هذا في أكثر من حوار.. ورأيي أن انتخابات المجالس المحلية والنقابات والجمعيات وغيرها لا خلاف في جوازها، وإنما الخلاف الحاصل هو في المجالس النيابية، فهناك من يحرمها طالما فيها تحليل وتشريع من دون الله تعالى.. ومنهم من يرى التفصيل في ذلك وأن من كان يرى أنه بمشاركته يخفف من المنكر فله اجتهاده، وهي عندي مسألة اجتهادية فلا أنكر على من دخل فيها، ولا على من لم يشارك فيها، وهي لا تستحق عندي تكلفة تلك الأوراق المطبوعة..
> هل هذا يُعَدُّ تحولاً منكم؟.
>> ما غيَّرنا رأيَنا.. هذا ما كنتُ أراه في الإنتخابات من قبلُ والحمدلله، لم أكن ضد الإنتخابات ولا متحمساً لها منذ بدأت، لكن لا يمنـَعُ أن أغيِّرَ رأيي في مسألة إذا رأيت فيها الصوابَ؛ لأن الرجوعَ إلى الحق من صفات المؤمنين، وعندما أفضّلُ عدمَ المشاركة في الإنتخابات فقد أشاركُ فيها أحياناً بالطريقة التي أراها مناسبة.. فالإنتخاباتُ الرئاسيةُ نصحنا بانتخاب الرئيس -كما صنعت صحيفة البلاغ- وإن كنتُ أنكرُ ما في الوضع الحاصل من ظلم وفساد وغلاء في الأسعار وغيرها، لكن كنا نتخوفُ من أن نصلَ إلى ما هو أسوأُ من ذلك من اختلاف على السلطة وانهيار للوضع، حتى تلك الأحزاب قد جرّبناها ولها تأريخـُها الذي لا يخفى باستثناء الإصلاح الذي هو أحسنـُها، ومع ذلك يتقلبُ السياسيون فيه بحسب المصلحة الحزبية.
> كيف تنظـُرُ إلى مستقبل اللقاء المشترك؟.
>> اللقاءُ المشتركُ من خلال وضعه الحاصل لم يكن هو البديلُ القوي لدولة الرئيس مع أني لست مرتاحاً من بعض أجنحة حزب المؤتمر كالعلمانيين، والشيعة المتعصبين، وهذا واضح لمن يتابع الصحف المحسوبة على المؤتمر، وآخر مثال ما حصل من هجوم على أهل العلم ودفاعهم عن بعض المغنيات، وهذه مفارقة مؤلمة لنا بالحقيقة من بعض تلك الصحف، مع أن من أهل العلم من سعى لإيقاف هذا المهرجان بطريقة رسمية، ولا يخلو حزب المؤتمر من القيادات المحترمة الذين نعرفهم في طول اليمن وعرضه، ولا سيما في محافظة إب، ولكن ماذا تنتظر من بعض المحسوبين على المؤتمر، كالكاتب/ فيصل الصوفي؟! الذي ينادي بإلغاء مراكز السلفيين في اليمن، ويستعدي الدولة والعالم عليهم، وينتقل من صحيفة إلى أخرى يحرض الدنيا ضدهم، فماذا تنتظر من رئيس تحرير صحيفة وباسم المؤتمر؟!، وكتب أيضاً في »الميثاق« يلوم من لم يحضر حفلة الراقصة أصالة، وكأن الحضور للرقص فرض عين على كل يمني ولا يسقط عنه الوجوب بحضور الباقين، فهذا وأمثاله يساهمون في تكثير الأعداء على الدولة مع أنها في غنى عن كثرة الأعداء في هذا الوقت والمؤتمر ليس محتاجاً إلى كثرة الأعداء.
فالمشترك بصفة عامة أرى أنه ليس هو البديل الناجح، وإن كنت أرى أن فيه قيادات محترمة لهم مواقف جيدة لكنهم تبعٌ لبرنامج المشترك، فالبديل للرئيس -وفقه الله لكل خير- ليس موجوداً في المشترك.
> كيف تنظرون إلى ما يحدث في المحافظات الجنوبية؟.
>> هناك أناسٌ لهم حقوقٌ يجبُ على الدولة أن تعطيَهم حقوقـَهم، ولكن لا يجوز لهم أن يُعلنوا الخروج، أو أن يكونوا آلةً بيد بعض الأصوات النشاز التي ترتفع من الخارج، فالدولة يجب عليها أن تبادر في علاج الوضع وقد حصلت بعض الترتيبات والإصلاحات للبعض بأمر الرئيس وفقه الله، وهؤلاء الذين لهم مطالب لا يجوز لهم أن يتسببوا في ضرر أكبر يعم الآخرين برفع شعارات الإنفصال.. وأن يعلموا أن وضعَهم السابقَ لم يكن أحسنَ مما هم عليه اليوم، فمَن كان منهم يجرؤُ أن يقولَ ما يريد، أو يقول كلمة الحق سواء من العلماء الخطباء، أو من هؤلاء العامة المتظاهرين.
> ما دورُ المنظمات الخارجية التي تراها؟.
>> هي منظماتٌ من الجنوب غيرُ خافية على الصحفيين تدعوهم إلى ما يُسمى بالعصيان المدني، والخروج إلى الشوارع بالمظاهرات، وغير ذلك وهذه المنظمات مدعومة من الخارج.. ولو اقتصرت على هذا لهان الأمر.
> مَن يتحملُ مسؤوليةَ الوضع هناك؟
>> المسؤولية مشتركة كما ذكرت سابقاً بين الدولة من جهة والمواطنين من جهة، وإن كان هناك من يثيرها من الخارج، وأما ما نقرؤه في الصحف فهي مبالغات لا نصدق بها، وبالمقابل للأسف تكاد الصحف الحكومية أن تكون مشغولة بغير هذه الأحداث عن الرؤية الصحيحة لمعالجة الوضع.. فيا ليتها تحرك العلماء ليهدؤوا العامة بالطرق الشرعية.
> ما رأيُـكم بما قاله الشيخُ/ محمد الإمام بشأن ما يحدُثُ في المحافظات الجنوبية والذي نـُشر في الصحف؟.
>> لم أستمع إلى الشريط، ولكن قرأتُ في صحيفة »البلاغ« بعضَ الكلمات.. فإن كان يريدُ بأن في أوساط هؤلاء مَن يريدُ الإنفصالَ فهو صادقٌ، وهذا لا ينكرُه أحدٌ، وإن كان أنكر عليهم مطالبتهم بحقوقهم فهذا شيءٌ يرجعُ إليه، فأنا بحاجة إلى سماع الشريط ثم أحكم عليه بما أراه صواباً.. أما كلامُ الصحف ففيه مبالغاتٌ غالباً.
> ما رأيُـكم بالإتفاق الذي جَرَى بين الدولة والحوثيين؟.
>> »الصلحُ خيرٌ« فهذا إن حصل فهو يسرنا، ويسرنا كل اتفاق بين الدولة والحوثيين، أو الدولة والمتقاعدين وغيرهم في الجنوب، لكن لا أدري ما مضمون الإتفاق الأخير فهناك من يشكك فيه، وإن كنت أعرف بنود الإتفاق الأول وهي واضحة مثل: إطلاق المسجونين، والتعويض بالخسائر، وتسليم الأسلحة، ونزول الحوثيين من الجبال، وخضوعهم للدولة، وهناك من يذكر -كما في صحيفة »الأهالي«- شروطاً خفية وإذا نفذت الشروط التسعة عشر التي نشرتها »البلاغ« بتوقيع خمسة من علماء الزيدية وقد رجع منهم اثنان فهي طامة كبرى؛ لأنها ستجعل كل منطقة تتمسك لها بمذهب وترفض المذاهب الأخرى، وهذه فتنة، وما زلت إلى الآن لا أدري بمضمون الإتفاق الأخير، ولن أستطيع أن أجزم بأي رأي حتى يكون الإتفاق واضحاً، فالإتفاق السابق في الدوحة جيد أما الجديد فلا أدري ما هو الجديد فيه، وعموماً الصلح خير ما لم يحل حراماً، أو يحرم حلالاً أو يؤدي إلى أضرار بالمصالح الشرعية، فطلب إلغاء مركز دماج جريمة؛ لأنه يعلم القرآن والسنة.
> هل فعلاً الجماعات السنية شاركت في الحرب ضد الحوثيين؟.
>> رغم أننا نخالفُ الحوثيين وهُم لهم نواياهم، فقد ذكر بعضُ العلماء وهو السيدُ/ إبراهيم بن محمد الوزير بأن الحُوثيين ما تدربوا على القتال ونظموا هذه الجماعة إلا لمواجهة السلفيين وقد نشرت الحوارَ صحيفةُ »الأهالي«.. لكن مع هذا لم نواجههم بالسلاح، وإن كنا قد شاركنا بمناقشة آرائهم وحذرنا من عاقبتها، وكشفنا عن مدى خروجها عن المذهب الزيدي، بل كشفها كثيرون ومنهم الأستاذ الزيدي الباحث محمد عزان لكن لم يكن لأهل السنة مواجهة مسلحة معهم.
> لكن كان هناك قتلى من السلفيين؟.
>> هؤلاء القتلى يا أخ بسام هو ضحية لهجوم الحوثيين عليهم في مركز دماج وهم مجموعة من الطلاب الفرنسيين والبريطانيين، وهذا الأمر كان واضحاً في حينه، ولا أعرف أن سلفياً ذهب يقاتل في صعدة حتى الذين في مركز دماج رغم الهجمات عليهم، ومحاولة استثارتهم، والعجيب أن صحيفة »البلاغ« كانت تزعُمُ أيامَ الحروب بين الحكومة والحوثيين أن السلفيين كانوا يذهبون إلى صعدة لقتل الجنود ثم يدّعون أن القتلة من الحوثيين وهي شهادة سيُسألون عنه و(ستكتب شهادتهم ويسألون)، وهو تناقض بأن يُحسَبَ السلفيون على الدولة ثم يقتلوا الجنود!!.
> يُقالُ إن الدولةَ استخدمت السُّنة لضرب المذهب الزيدي في حربها على الحوثي فما صحة ذلك؟.
>> إن كان هناك من يطلق على الجيش بأنهم سنة، أو أن فيهم سلفيين، فهذا شأن آخر، فهم عملوا بطاعة ولي الأمر ضد من خرج عليه بموافقة مجلس النواب وغيره من المنظمات السياسية.. والجيش يستخدم ضد كل من أخل بأمن الدولة سواء أكانوا سنة أو زيدية، وأما المذهب الزيدي الفقهي فهو مذهب من ضمن المذاهب الإسلامية المعترف فيها.. لكن بعض متعصبي الزيدية لا يريدون أن يتعايشوا مع أهل السنة في المذاهب الأخرى، ودليل ذلك تلك الشروط التي قدموها لحل المشكلة باسم المطالب حيث طلبوا سحب مركز دماج، وتسليم المساجد لهم حتى وصل الغلو إلى أن يشترطوا إخراجَ كل كتاب سلفي من بلاد الزيدية، والكتبُ السلفية مثل تفسير ابن كثير، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وغيرها.. وهذا قول مجموعة قليلة من هؤلاء، أما عامة الزيدية فهم أكثر وأكثر حرصاً على جمع الكلمة.
ولا بد أن تعرف أنهم إذا أطلقوا كلمة سلفي فهم يريدون أهل السنة بما فيهم حزب الإصلاح، بدليل وصفهم لجامعة الإيمان أنها سلفية مع أن علماءَها محسوبون على حزب الإصلاح، وإن كانوا بالحقيقة يُطلـَقُ عليهم أنهم الجناح السلفي في الإصلاح لكنهم يمثلون الحزب.. وهم أهل السنة، إنما أريد أن يفهم المتابعون بأن هذه السلفية عند الشيعة ليست الفئة المعروفة الآن فقط.
> ما رأيك بالديمقراطية؟.
>> قد تكلمت عن رأيي فيها في حوارات كثيرة وهو أن ما يترتبُ علىها من مفاسد وحريات مطلقة وفوضى في ما يُسمى بحُرية التعبير هو الذي حدد الموقفَ منها، فعندما تقرأ في ملحق الجمهورية كل يوم جمعة وهو »الوسطية« تجدُ فيها آراءً متناقضة فمن الكُتاب مَن يبيحُ الردةَ بدلاً عن أن يدعو الناسَ إلى الإسلام، والثبات عليه عند الفتن ويدفع الشبهات حوله، ومن الكتاب من ينكر رجم الزاني المحصن وهذا الحكم في القرآن المنسوخ لفظاً والباقي حكماً، مع جُملة من الأحاديث الصحيحة التي تدُلُّ على ثبوته، وتنفيذ الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- والخلفاء خلال التأريخ، وهكذا يضعون أموراً هي محل اتفاق ومن الأمور القطعية فيجعلونها محل خلاف، هذا توجه خطير وسيء وهذه ثمرات الديمقراطية فكم أباحت من حرام، وتحللت من فضائل، وكم.. وكم باسم الديمقراطية أبيحت محرمات.
وأقبلُ القدرَ المعينَ من الحُرية التي تجعلـُك تقولُ الحقَّ وتنصُرُ أهله.
> ما رأيُك في تولي المرأة المناصب الحكومية، وعضوية المجالس النيابة والرئاسة؟.
>> هذا أمر قد أفتى فيه علماء اليمن وغيرهم بعدم جوازه، وإن كان من حقها أن تكونَ معلمةً أو طبيبةً أو مهندسةً، أو تملكُ وتشتري وتبيعُ وترثُ وتورثُ وغير ذلك.. أما تولي أمور المسلمين فلا يجوزُ، وأما ما يُسمى بـ»الكوتا« فهذه دعوةٌ لإخراج المرأة عن فطرتها وطبيعتها، واستغلال لضعفها في هواهم ونزواتهم، فإذا كانت المطالبةُ بتحديد نسبة لعضوية النساء بقدر خمسة وأربعين امرأة في مجلس النواب فضلاً عن المجالس المحلية، فهذه النسبةُ غيرُ موجودة في المجالس الغربية التي تريدُ أن تفرضَ النظامَ علينا فأصحابُنا قد زادوا على الحد.
فأنا لستُ مع ترشيح المرأة أو توليها المناصب الحكومية والإختلاط بالرجال لما في ذلك من الدعوة إلى الفساد ولاتفاق علماء اليمن وغيرهم على المنع من ذلك.
> هل تنوون تأسيسَ حزب سياسي سلفي؟.
>> ليس لنا نيةٌ في ذلك وقد تكلمنا عن هذا كثيراً في حوارات صحفية في عدة صحف، ومنها »أخبار اليوم« وصحيفة »الناس« ومجلة »المنتدى«.
> ما الذي يمنعُـكم من ذلك؟.
>> القانونُ يبيحُ لنا ذلك، ولكن هذه قناعتنا؛ لأنها ستشغلنا عما هو أهم وأولى، وندخل في مجال قد كفانا به غيرنا وليس هو فرض عين، وهناك أسباب أخرى قد أجبت عنها في موقع المجلس اليمني.
> كيف علاقتكم بالسلطة المحلية؟.
>> هي علاقةُ الرعية بالراعي، وعلى مبدأ السمع والطاعة في الخير، وفي المعصية لا سمع ولا طاعة، ولا أخفيك أنه قد توفر من المسؤولين الصالحين في لواء إب ما لم يتوفر لمنطقة أخرى حسب معرفتي وعلاقتي.
> هل أنت راضٍ عن هذا الوضع الآن؟
>> لست راضياً عن هذا الوضع، وأنكرُ أسلوبَ طرفين: أسلوب الغلو في المعارضة، وأسلوب الدعوة للإنفصال والخروج على ولي الأمر، فلا أجيزُ لنفسي ولا لغيري في المجتمع أن نجعلَ من هذا الوضع سبباً للخروج والصراع السياسي؛ لأن هذا هو مذهبُ أئمة المذاهب الأربعة، حتى نرى الكفرَ البواحَ، وإذا رأينا الكفرَ البواح، وليست لنا قدرةٌ على الخروج لم يجز لنا ذلك للمصلحة العامة، ونعملُ في تصحيح الوضع بما يتيسرُ لنا »فالميسورُ لا يَسقطُ بالمعسور«.
> ما الحلول التي تراها مجديةً؟.
>> أما الحلولُ فهي أولاً تقوية علاقتنا بالله تعالى، والصبرُ مع مناصحة الولاة إن تيسرَ اللقاءُ بهم، وإذا استدعى الأمر أن نخطب فعلنا وبطرق حكيمة حتى يأذن الله لنا بأمره كما قال تعالى: (... وتمت كلمتُ ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون)، فالصبرُ كان سبباً وحلاً للوضع.
وهذا هو الذي شُغل عنه السياسيون، ومتى دُعينا لوضع حلول سنطرَحُ ما نراه حَلاً في حينه، وفي الشرع حلولٌ لكل مشاكل الجن والإنس لو حكّموا شرعَ الله.
أما الخروجُ على الظلمة الذي قد يقررُه البعض، فالتأريخ قد أثبت عدمَ جدوى هذا الحل، واتفقت المذاهبُ السُّنيةُ على عدم الخروج خوفاً من مفاسد أعظم عند منازعة الحاكم، وما يحصُلُ الآن هنا وهناك من بعض الشباب المتحمسين في بعض التصرفات خيرُ مثال.
> ما رأيُـك بالمظاهرات؟.
>> لا أستطيع أن أقولَ بمنعها إلا إذا كانت مشتملةً على التخريب والتكسير، ورفع شعارات الخروج، أو المطالبة بإلغاء حكم شرعي كالحجاب.. وغيرها.
> كان لكم موقف قبل احتفال عيد الوحدة الذي قام في محافظة إب بشأن الإبتعاد والتحذير من حضور مهرجانات الغناء والرقص، وسمعنا أنكم لا تحضرون مثل هذه الإحتفالات.. لكن مع هذا حضرتم وشاركت في قراءة القرآن الكريم.. كيف تنظر إلى هذا الموقف؟.
>> أنا دائماً أبتعدُ عن مثل هذه الإحتفالات ولأول مرة أحضُرُها.. لكن أقول: إجتمعنا مع علماء مدينة إب واتفقنا على أن ندخُلَ على مُحافظ المحافظة وزرنا مديرَ مكتب الثقافة ورئيس لجنة الحفل وعرضنا عليهم موقفـَنا من المخالفات الشرعية في هذه المهرجانات والتي أقيمت قبل الإحتفال بأيام وشاركت فيها أكثر المحافظات بالغناء والرقص.. وحذرنا منها أيضاً في الخطب بأنها تنافي الأخلاق السامية وشكر النعمة على الاتحاد فحصل ما حصل مع تخفيف الفساد وتقليص نفوذه.
أما الحضور بالنسبة للحفل فقد دُعيت رسمياً للحفل ووجبة الغداء، ولم أكن ناوياً الحضور.. بل كنت ليلة الحفل خارج مدينة إب، لكن اتصل بي القاضي/ حمود الهتار -وزير الأوقاف والإرشاد -حفظه الله- وبجواره فضيلة الشيخ/ حسن الشيخ هاتفياً، وأصرا عليَّ إلا أن أحضر وأمرني الوزير الهتار بأن أقرأ القرآنَ فترددت، وكنتُ أحاولُ أن يقرأَ أحدُ الشباب ولكن أصرَّ أن أقرأ، فقرأت قرآناً ولم أرتكب محظوراً.. سمعاً وطاعة له فهو ولي أمر المساجد والدعوة والإرشاد، وهي طاعة لا معصية. وحينما فوجئت بالعرض ساءني ما لم أتوقعه فانصرفت من المنصة، وخرجت ولم يسمح لي الحراس بمغادرة المكان فذهبت بعيداً حتى انتهى العرض، فهذا هو الذي حصل وما كنت أفكر بأيِّ منكر أراه أمامي إذ كنا نظن أنه عرضٌ شبابي حسب ما بلغنا. وأنا مع هذا أقول إن عرض الفتيات للرقص أمام الرجال والإختلاط والتبرج من المحرمات.
> ما رأيـُك في التصوير؟.
>> التصوير لذوات الأرواح وتعليقها وتعظيمها وردت في النهي عنها نصوص صحيحة، والرخصة فيه عند الحاجة والضرورة يباح تصويرُ ما سوى ذلك وبدون تبذير وإسراف.
وإن كان هناك من العلماء من يتأول النصوص بأنها في التصاوير المجسمة غير هذه المطبوعة ويحتاجون إلى دليل للتخصيص، والأصل أن النصوص عامة بدليل حديث عائشة في صحيح البخاري أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير ليقعد عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: فعرفت في وجهه الكراهية. فقال: »إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم«، ولم تكن هذه الصورُ مجسمة.
> كلمة أخيرة؟.
>> أنصح إخوانـَنا الصحفيين أن يستغلوا حُريةَ التعبير بما ينفعُهم وينفعُ المسلمين، وأن يترفعوا عن المواقف السيئة، وسفاسف الأمور، من تشجيع ما يدعو إلى محاربة الأخلاق، والمغنين والمغنيات، ومحاربة الملتزمين، وأن يشتغلوا بما هو أولى فبدلاً من الدفاع عن الفنانات اليومَ كان الأولى أن يُدافعوا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويبثوا في الناس ما يدعو إلى الحفاظ على اتحاد البلاد وقوتها، وأن لا يخدموا أعداءَنا في هذا البلد، فالصحفُ الغربية كافيةٌ في تشويه المسلمين وما يحصُلُ من شتم وتشويه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أكبر الأدلة على أن الصليبيةَ جاهدةٌ في حرب الفضائل ونشر الرذائل، فواجبُ الصحفيين الدفاعُ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والإسلام والعلماء والدين.. لا أن يتراشقوا فيما بينهم.
واللهُ المستعان.
http://www.al-balagh.net/index.php?opti ... 44&Itemid=