تقرير عن الحروب الأربعة ورؤى مختلفة:
يذهب تقرير قدمه رئيس جهاز الأمن القومي إلى مجلس الشورى ونشر الشهر الماضي إلى أن الخسائر البشرية في صفوف قوات الجيش والأمن من جراء أحداث صعدة قد توزعت كما يلي:
أ- الحرب الأولى والتي بدأت بتاريخ 20/6/2004م واستمرت حتى 10/9/2004م وسقط فيها 473 شهيداً و2588 جريحاً بينما بلغت الخسائر في الممتلكات العامة والخاصة 600 مليون دولار؛
ب- الحرب الثانية والتي ابتدأت في 19/3/2005 واستمرت حتى 12/4/2005 وسقط فيها 254 شهيداً و 2708 جرحى بالإضافة إلى 80 مليون دولار كنفقات؛
ج- نفذ الحوثيون خلال عام 2006 هجمات أدت إلى سقوط 42 شهيدا و81 جريحاً؛
د- نفذ الحوثيون خلال شهر فبراير والنصف الأول من مارس هجمات على مواقع الجيش والنقاط العسكرية أدت إلى سقوط 20 قتيلاً و38 جريحاً.وفي الوقت الذي لم يشر فيه تقرير الأمن القومي إلى خسائر «الحوثيين» والمدنيين في الأرواح أو في الممتلكات يذهب عادل الذهب المحامي اليمني المقيم في كندا في بحث تقدم به إلى إحدى الجامعات الأمريكية إلى ان عدد قتلى الحرب يتراوح بين 4000 (تقديرات الصحفي عبدالفتاح الحكيمي) و20000 (تقديرات النائب يحي الحوثي) بالإضافة إلى تشريد 65000 نسمة وتهديم 533 منزلاً و22 مدرسة. أما عدد المحتجزين في السجون فوصل إلى حوالي 1500 سجين. وكان تقرير صادر عن وزارة الداخلية قد أكد عدد المنازل والمدارس التي تهدمت من جراء الأحداث.ومع ان اليمنيين يبدون في الظاهر وكأنهم يتقاتلون من اجل «دجاجة» ويبيعون «الحول» من اجل المشارعة على «بقعة صغيرة» إلا أنه من الصعب القول بأن الحروب المتعاقبة بين «الدولة» و«الحوثيين» والتي بدأت في يونيو 2004 ولم تنته حتى اليوم هي بسبب شعار «الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل».
رؤية الحوثيين
يقول عبدالملك الحوثي الزعيم الجديد للشباب المؤمن في مقابلة أجراها معه الصحفي محمد الظاهري ونشرت في صحيفة الناس بتاريخ 12 فبراير 2007 ان سبب الصراع هو النشاط الثقافي للشباب المؤمن ومعارضتهم للهيمنة الأمريكية في المنطقة. فوفقا لعبد الملك فان الدولة تعاطت مع أنشطتهم التي تندرج في إطار الدستور والقانون «بطريقة عدائية، وغير منطقية» حيث قامت بتنفيذ اعتقالات في جامع الإمام الهادي في صعدة والجامع الكبير في صنعاء. وكانت تلك الاعتقالات التي قام بها الأمن السياسي مصحوبة بالضرب المبرح والمعاملة القاسية للمحتجزين في سجون الأمن السياسي. كما ان الدولة قامت -وما يزال الحديث لعبدالملك- بإيقاف مرتبات كثير من الموظفين وطرد البعض وفصل البعض الثالث. ويفسر عبدالملك سلوك الدولة ضدهم بأنه نتيجة لـ:
أ- رغبة الدولة في التحكم في كل شيء داخل اليمن (يمكن ترجمة القول ليعني تغييب السلطة للتمثيل السياسي للهاشميين وغيرهم من الجماعات)؛
ب- التحريض الأمريكي ضدهم ورغبة المسئولين في التقرب من الأمريكيين (ارتهان السلطة للخارج)؛
ج- وجود جناح في السلطة يستهدفهم كفئة اجتماعية معينة وخصوصا بعد ظهور نشاطهم الثقافي (استبداد الدولة وممارستها للتمييز ضد الهاشميين).
ويعزو عبد الملك تمسك الجماعة بالشعار ورفضهم التخلي عنه إلى:
أ- المسئولية أمام الله؛
ب- المسئولية أمام الأمة الإسلامية؛
ج- المسئولية أمام الشعب اليمني؛
د- كشف الزيف الأمريكي المتعلق بالحرية والديمقراطية.
ويضيف عبدالملك بأن الحملة العسكرية التي شنتها الدولة عليهم في عام 2004 لم تقتصر على إغلاق وتدمير بعض مساجد ومراكز الشباب المؤمن كلياً أو جزئياً ولكنها امتدت إلى إغلاق المدارس الزيدية بشكل عام وسواء أكانت محسوبة عليهم أو على غيرهم، ولتشمل أيضا تغيير أئمة وخطباء الكثير من المساجد بخطباء وصفهم بأنهم «حاقدين على الزيدية ولديهم خطاب تكفيري وعدائي». وفي الوقت الذي اقر فيه عبدالملك بتلقيهم لمعونة شهرية من الدولة تقدر بحوالي 2000 دولار بسعر صرف الريال الحالي فإنه أتهم الدولة بدعم السلفيين بدرجة أكبر وذلك لاستهداف الزيدية واستخدام المذهبية ك«ورقة ضغط بيدها لضرب أبناء الشعب اليمني بعضهم ببعض».أما عن سبب رفع «الشباب المؤمن» للسلاح في وجه الدولة وبقائهم في الجبال رغم قرارات العفو فيقول عبدالملك إنهم رفعوا السلاح في الحرب الأولى دفاعا عن النفس. ويقول يحيى الحوثي- وهو شقيق عبدالملك ونائب في البرلمان اليمني ينشط حالياً في الخارج- في حديث للشرق الأوسط «عندما يهاجم الثعلب أو الذئب منزلك فماذا ستفعل؟» كما يقول عبدالملك إن الدولة لم تلتزم بعد الحرب الأولى بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من إطلاق السجناء وإفساح المجال للناس لممارسة الشعائر الدينية. وقامت بدلاً عن ذلك بالمزيد من الاعتقالات وضيقت على أبناء المحافظة ومنعتهم من الاحتفال بالمناسبات الدينية مثل عيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم شنت عليهم حربا ثانية اضطرتهم إلى الخروج إلى الجبال، ليس كمتمردين ولكن كمشردين.
رؤية السلطة
برغم ان خطاب الحوثيين يستخدم الرموز كثيرا في تعبيره عن مطالبه وهو ما يضفي عليه بعض الغموض إلا ان ذلك الخطاب -وبغض النظر عن شرعيته- يبدو للقارئ المتمعن أكثر وضوحاً واستقراراً وعقلانية من خطاب الدولة وان كان ليس بالضرورة أكثر إقناعا. فأحاديث الداعية حسين الحوثي خلال الحرب الأولى وأحاديث الأب بدر الدين الحوثي (خلال الحرب الثانية في 2005) ثم أحاديث عبدالملك وأخيه يحيى هذا العام (2007) تصب كلها تقريبا في نفس الاتجاه. وعلى العكس من ذلك فإن السلطة وكما يبدو تتحدث بأكثر من صوت وتمارس السياسة بأكثر من يد. فإذا كانت صحيفة سبتمبر قد أشارت في مايو 2004 إلى ان علماء الزيدية يدينون أفكار الحوثي وتصرفاته المتطرفة فإن الدولة ومع اندلاع المواجهات بدأت تتهم حسين الحوثي بالإدعاء انه المهدي المنتظر وبأنه مدعوم من قبل يهود صعدة، وبأنه يعمل على تنفيذ مخططات أعدتها أجهزة استخبارات أجنبية لإعاقة التنمية في اليمن وإخافة المستثمرين وضرب الوحدة الوطنية. ويخلط الكثير من المحسوبين على السلطة بين الدعاية الحزبية وبين الخطاب السياسي المصاحب للحرب. كما يخلط خطاب الدولة بين الأسباب والنتائج. ويظهر ذلك واضحاً في ميل الخطاب الرسمي إلى الحديث عن إشهار الحوثيين للسلاح في وجه الدولة، تحصنهم في الجبال، الحصول على أسلحة، جمع الأموال من الداخل والخارج، والاعتداء على القوات المسلحة والأمن كأسباب للحرب.
وبرغم ان الحركة يمكن ان توصف ببساطة ووضوح على أنها «تمرد على الدولة» كما قال الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب وبغض النظر عن الأسباب إلاَّ ان الخطاب الرسمي يضيع الصدق بكثرة الكذب. فالحديث عن الإرهاب والمخططات الخارجية والدعم الإيراني والليبي والإثنا عشرية والصفوية وعنصرية «الهاشميين» وغير ذلك من الأمور مثلت كلها ضربات للنسيج الاجتماعي للوحدة الوطنية وزعزعت الاستقرار وأوهمت الناس بأن دعم الحوثيين يمتد من شمال اليمن إلى إيران ومن شرق الوطن العربي إلى غربه، وهو ما وسع من رقعة التأييد والمساندة للمتمردين في أوساط الهاشميين والزيدية بشكل عام.ابومحمد
تقرير
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 42
- اشترك في: الأربعاء يونيو 27, 2007 11:19 pm
- مكان: اليمن
- اتصال:
تقرير
احب ان التحق في مجالس ال محمد لانة موقع رائع