
بقـلم/ العلامة إبراهيم الوزْير
> قبلَ أسابيع توفي الزميلُ الأخُ النبيلُ المبتسمُ محمد جار الله شايف ، وبعد وفاته بفترة وجيزة توفي الصديقُ المهذبُ المتواضع النبيل الشيخ/ عبدالكريم قاسم منصر -عضو مجلس النواب ، وهكذا يختطفُ الموتُ بني آدم ، واحداً بعد الآخر ، لقد كان الشيخُ/ عبدالكريم قاسم صديقاً متواضعاً لطيفاً مهذباً ، كما كان محمد شايف زميلاً وأخاً بشوشاً دائماً يلقانا ويلقى إخوانه ببشاشة ومودة وتلطف كبير ، وقد لقي كلٌّ منهما رَبَّه ، وعاد إلى خالقه ، وليس مع كلِّ واحد منهما إلا ما قدمت يداه ، كما أننا جميعاً وكل بني آدم ليس مع أيِّ واحد منهم عندما تقبَضُ روحُه إلا ما قدمت يداه ، فمتى نفكرُ في هذه القضية التي هي واضحة وضوحَ الشمس ، والتي لا نستطيعُ أن نذكرَ بها الآخرين ؛ لأن كل واحد يعرفها تماماً ، وهي أن الجميعَ سيغادر هذه الدنيا في يوم من الأيام ، وأن أيَّ واحد منا لن يأخذَ شيئاً مما كسبه فيها من متاع يقول ربُّنا جل وعلا : (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خوَّلناكم وراء ظهوركم) ، أي في الدنيا ولم تأتوا بها معكم.
إذا استوعبنا هذه الحقيقة أننا لن نكسبَ من الدنيا ، ونأخذ معنا شيئاً ، في الأخير سنتركُ كل شيء ونذهبُ ، ولن يبقى معنا غيرُ أعمالنا إن خيراً فخيرٌ ، وإن شراً فشرٌّ.
ونجتهدُ في تحسين أعمالنا ، وأن يكون لنا رصيدٌ كبيرٌ من الأعمال الصالحة ، وهي التي ستبقى معنا ، وليس مكاسب الدنيا ومتعها ، والأعمال الصالحة كثيرة ، وأهمُّها إقامة الصلاة ، وإيتاءُ الزكاة ، والإكثار من ذكر الله ، ثم حُسنُ السيرة والسلوك ، والصدقُ في القول ، وإتقانُ العمل الصالح ، وكفُّ الأذى عن الآخرين ، والعملُ الجادُّ من أجل تحقيق المصلحة العامة للجميع ، ورفعُ مستوى الفقراء والمساكين إلى غير ذلك مما يطول شرحُه ، أو الإشارة إليه ، والأمرُ بالمعروف ، والنهيُ عن المنكر ، وإصلاحُ ذات البين.
إن الرصيدَ الكبيرَ من الأعمال الصالحة ، وخلوَّ سجل أعمالنا من الأعمال السيئة التي تأكلُ رصيدَنا من الأعمال الصالحة مثل مشاعر الكراهية والحقد والحسد وما أشبه ذلك هو الذي سينفعُنا ويسعدُنا حين نموتُ ، ونلقى ربَّنا جل وعلا ، وإن أكلَ الحلال هو الذي سيبقي البركةَ في بيوتنا ، وفي أموالنا ، وذرياتنا ، أما أكلُ الحرام فإنه يدمِّرُ البيوت ، ويُفسدُ الحالَ والمال ، فلنستعدْ للقاء الله ، فإن لقاءَ الله قريبٌ ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم.
رحم اللهُ الفقيدَين ، وأسكنهما جناتِ النعيم ، وصلى اللهُ وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
حسبي اللهُ ونعم الوكيل.
نعم المولى ، ونعم النصير..
وعلى الله توكلتُ..
❊ القاهرة 16 من ذي القعدة 1428هـ