عبدالله حميد الدين يكتب عن الإرهاب ؟

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
الزيدي اليماني
مشرف مجلس الأدب
مشاركات: 404
اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
مكان: أمام الكمبيوتر !

عبدالله حميد الدين يكتب عن الإرهاب ؟

مشاركة بواسطة الزيدي اليماني »

الإرهاب يفرزه فكر متطرف .أم واقع منحرف .

ما هي العلاقة بين الفكر المتطرف وبين الإرهاب "سؤال يجيب عليه الباحث والكاتب عبد الله محمد حميد الدين حيث يقول:
العلاقة بين الفكر المتطرف والإرهاب جدلية يؤثر كل منها على الأخر وينتجه ذلك يكيفبات متباينة بحسب الظروف المحيطة فكما أن الفكر المتطرف ينتج الدافع للقيام بعمل إرهابي ،فان ذلك الدافع نفسه قد ينتج فكراً متطرفاً ليسوغ وجوده .وعليه فلا يمكن اعتبار الفكر المتطرف عله تامة للإرهاب ،ومن الخطأ حصر العلاقة بينهما بعلاقة أحادية ألاتجاه من نحو علاقة العلة بالمعلول.وبشي من الاختزال يمكن رسم العلاقة بينهما كما يلي :ـ



إذا اعتبرنا أن الظروف الموضوعية المحيطة بالفرد والمجتمع مستقرة ومعتدلة بمعنى أنها تمارس ضغوطاً طبيعية ومتوازنة على الفرد ،وضغوط لا تعمل على سحقه ولكن في الوقت نفسه لا تعطيه مجالاً للاسترخاء المطلق والدعة التامة ،فان من المتوقع أن يكون للفكر هنا دور قوي حيث أن المجتمع والإنسان هنا يتصرفان بفاعلية تنطلق لتصنع الواقع من رؤية للحياة ،أي من الفكر وهنا سيقوم الفكر بدوره في التحفيز نحو الفعل كما سيكون له دور مهم في تحديد الشكل الذي سيظهر عليه الفعل مع عدم التقليل من شأن اعتبارات أخرى تدخل في خلف الحوافز..أي في الحالة الطبيعية فإن الفكر يكون محفزاً نحو الفعل ثم محدداً لشكل الفعل ..لكن تلك الحالة المتوازنة لا تكاد توجد بل الغالب الأعم أن لم يكن الدائم اختلال التوازن بين المجتمع والفرد وبين الظروف الموضوعية لكل منهما وبالتالي اختلال دور الفكر في صناعة الواقع هذا الاختلال إما باتجاه الدعة حيث لا يجد كل من الفرد أو المجتمع الضغط الطبيعي الإيجابي المحفز نحو التفكير والفعل وإما باتجاه خلل السحق وهو حين تتجه الظروف الموضوعية لتكون عامل سحق للمجتمعات والأفراد ،ومع الآثار السلبية لخلل الدعة وما يؤدي إليه من أزمات نفسية وفقدان لمعنى وقيمة الرفاه إلا أن الخلل المعنى به موضوعنا هو خلل السحق وذلك لأنه الخلل الأبرز في حياتنا اليوم على المستويين المحلي والدولي .ويمكن اعتبار تأثير خلل السحق بأنه بقدر ما يزيد ضغط الواقع على الإنسان فوق ما هو طبيعي ومحتمل بقدر ما تقل فاعلية الفرد والمجتمع وتزداد انفعاليت،وبقدر ما تزيد الانفعالية فإنه يقل دور الفكر ويصبح الانفعال هو المحفز للفعل في حين كان الفكر يقوم بذلك الدور سواء كان متطرفاً أو غير متطرف .ولذلك نجد تشابه ظروف كثير من المجتمعات لكن شكل انفعالاتها يختلف لاختلاف المحددات الفكرية , وعند مرحلة تناقص الدور التحفيزي للفكر يكون الضغط لمخلل السحق ،سحق في المعيشة ضغط فوق ما يحتمله الإنسان عادة في أمور حياته المادية .ومع ذلك لا ينتهي الدور التحد يدي للفكر بشكل كامل
.وإذا كان السحق للذات الذي يأتي في ترتيبه بعد السحق المعيشي ويطال ما يعتز به الفرد والمجتمع في تشكيل هويته ويعطي له كينونته إذا وصل الأمر إلى تلك الحالة فإن الفعل لن يحدده الفكر وسيأخذ الانفعال في تحديد شكل الفكر الذي يسوغ لنفسه ووجوده.
إذن إما أن يكون الفكر محفزاً نحو الفعل حين يسهم في خلق الدافع نحوه أو يكون الفكر محدداً للفعل حين يسهم في الشكل الذي سيظهر عليه ..أو يكون الفكر مسوغاً للفعل حين يبحث عن مسوغات لظهوره.
في ضوء ما سبق وعند البحث في تأثير الفكر المتطرف على الإرهاب لابد من الأخذ في الاعتبار طبيعة ألظروف الموضوعية للفرد والجماعة ، ونميز بين مستويات عديدة للظروف الموضوعية على المستوى الأسري –أو المحلي أو الوطني أو على المستوى الدولي ..فكلاً منها تمارس ضغوط متنوعة على الأفراد والمجتمعات ولكل من تلك الضغوط آثار ونتائج مختلفة.
في حالة السعي لفهم العلاقة بين الفكر المتطرف والإرهاب ضمن الواقع اليوم محلياً ودولياً فإن علينا أن نسأل:-
هل نحن في مرحلة استقرار بين الواقع والمجتمع والفرد أم إننا في مرحلة ضغوط معيشية بحيث نعتبر أن الفكر قد قل وبقي الدور التحديدي .أم أننا في مرحلة سحق الذات بحيث نقول أننا صرنا ننشئ الفكر الذي يسوغ لنا وجود الفعل ويسوغ لنا شكله أتصور أننا صرنا بين مرحلتين :-
مرحلة الضغوط المعيشية ومرحلة سحق الذات ..فالواقع اليوم يتسم بعولمة اقتصادية تتبعها عولمة ثقافية كما يتسم بقطبية أحادية تتبعها هيمنة سياسية ،والسمتان تخلقان لدى الأفراد والمجتمعات أشكالاً من الضغوط الشديدة على المعيشة من جهة وذلك من خلال السياسات المتعددة الناشئة عن شروط منظمة التجارة العالمية ،ومن جهة أخرى على الذات من خلال أعمال الهيمنة العسكرية والسياسية والثقافية التي تمارس هنا وهناك .يزيد الأمر سوءاً الواقع المحلي بكل أبعاده ومختلف تجلياًته ،في مثل هذا الواقع فان الفكر متطرفاً كان أم معتدلاً سيصبح نتيجة وليس سبباً أو على الأقل الفكر غائب كمحفز وعليه فلا يصح اعتبار الإرهاب حالة فكرية بل انعكاساً لخلل في التوازن وإذا كان تخفيف الضغط الدولي خارج سيطرتنا حاليا فلا مناص من الاتجاه نحو زيادة قوة الأفراد والمجتمعات بحيث نقترب من جديد إلى حالة من التوازن وأن عمل يقلل من قوة الداخل سيعني زيادة في سحق الواقع الدولي إلى أن نصل مرحلة ننتهي فيها أو تزيد من الانفعالات التي ستخلق لنفسها تسويفات متواصلة .

بقلم : عبد الله حميد الدين
عن كتاب آفاق ووجهات بتصرف

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“