تصفير العدّاد قائم.. رئاسي أو برلماني
د. محمد عبد الملك المتوكل
الرئيس علي عبد الله صالح يطرح النظام الرئاسي مع صلاحيات أوسع للحكم المحلي، أحزاب اللقاء المشترك تطرح النظام البرلماني مع حكم محلي واسع الصلاحيات. ورغم اختلاف نوع النظام السياسي الذي يطرحه كل من الرئيس والمشترك إلا أنهما اتفقا على أن النظام السياسي القائم نظام مخلول وغير صالح وبحاجة ماسة إلى التغيير.
كما اتفقا على أهمية إقامة حكم محلي واسع الصلاحيات . واعتراف الرئيس وحزبه بالخلل في النظام السياسي القائم وبأهمية إقامة حكم محلي واسع الصلاحيات يعتبر خطوة متقدمة والتقاء مع المشترك في منتصف الطريق.
الآن علينا أن ننتقل من التمترس حول نيابي رئاسي إلى تحديد ما هي المشكلة؟ هل المشكلة اسم النظام وشكله أم المشكلة جوهر النظام وأسلوب تطبيقه ؟ ها نحن منذ عام 1962م قد غيرنا اسم النظام من نظام ملكي إلى نظام جمهوري فهل جمهوريتنا أفضل من ملكية هولندا أو بلجيكا أو حتى المغرب أم أنها ديمة قلبنا بابها واستبدلنا العمامة بالبريه والعكفة بالحرس الجمهوري والأمن المركزي ، والدوشان بوزارة إعلام وجنان لوزي.
لنفترض أن الرئيس علي عبدالله صالح قَبِلَ على أن ينص الدستور على أن يكون نظامنا السياسي نظاما برلمانياً ما الذي يمكن أن يتغير في ظل انعدام توازن القوى القائم؟ من مصلحة الرئيس -لو كان لديه الرغبة في التمسك بالسلطة وتصفير العداد وتوريث الأبناء- أن يقبل بالنظام البرلماني. فتصفير العداد لا يرتبط باسم النظام وإنما يرتبط بالتعديل الدستوري للنظام سواء كان رئاسيا أو برلمانيا. علما بأن التحكم في الانتخابات البرلمانية أسهل من التحكم في الانتخابات المحلية - وانتخاب الرئيس من البرلمان المطوق بالقوات المسلحة والمنتخب بالطرق المضمونة أسهل من انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة وأضمن للرئيس ولمن يرغب في توريثه. وبذلك يكون قد أرضى غرور المعارضة وسحب البساط من تحتها وأصبح النظام جمهوريا برلمانيا ومن قرح يقرح والجمعة الجمعة ولا جاك شر.
المشكلة يا هؤلاء لا تكمن في اسم النظام وإنما تكمن في غياب توازن القوى الذي سوف يفرض تطبيق النظام ويفرض الالتزام بجوهره. الجيش والأمن والمال العام والوظيفة العامة بيد من ! وتحت سلطة من؟ وبالمقابل هل الطرف المعارض قادر على تعبئة الجماهير وتحريكها ليخلق توازنا ضاغطا وفارضا للتغيير ومستعدا للصمود أمام عنف سلطة وجبروتها وأمام ذهبها وجاهها؟ هل المعارضة قادرة على فرض تحييد المال العام والوظيفة العامة والقوات المسلحة والأمن وحتى إدارة الانتخابات ولجانها. وليس المهم بعد ذلك اسم النظام السياسي رئاسياً أو برلمانياً ملكياً أو جمهورياً.
وليس المهم - أيضا - بعد ذلك أن يسكن النهدين علي عبد الله أو أحمد علي أو علي سالم البيض أو ناصر النوبة، محمد قحطان أو عبد الله الرزامي، المهم أن يمتلك الشعب إرادته الحرة في اختيار من يريد من خلال انتخابات حرة ونزيهة ومتكافئة لا يشوبها ترهيب ولا ترغيب ولا تزوير.
لتقل المعارضة للرئيس أنت تريد نظاما رئاسيا كاملا.. ليكن دعنا نتفق على أسسه وأولها ضمان أن يعبر الشعب عن إرادته بكامل حريته. وضمان حيادية الجيش والأمن والمال العام والوظيفة العامة ، والفصل بين السلطات كما هو في الأنظمة الرئاسية في بلاد الله . وبذلك تكون الكرة في ملعب الرئيس وحزبه. ولم يعد لدى السلطة وقت كاف للفهلوة لو أراد الله لهم الهداية.
نقلا عن أسبوعية "الوسط"
تصفير العدّاد قائم.. رئاسي أو برلماني ؟!
-
- مشرف مجلس الأدب
- مشاركات: 404
- اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
- مكان: أمام الكمبيوتر !