في مقال للعلامة ابراهيم بن محمد الوزير من مدينة القاهرة
في جريدة البلاغ
يتحدث عن ذكرى ثورة 26 سبتمير
عيدٌ بأيّ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ
> قبلَ أيام أحتـُفل في بلادنا بعيد »26 سبتمبر« الخامس والأربعين ، وبهذه المناسبة نريدُ أن نتساءلَ: هل تحققت مبادئُ »26 سبتمبر«؟! ، هل زال الظلمُ عن أبناء اليمن أو لا يزال؟ ، هل استغنى الناسُ؟ أم ازدادوا فقراً وحاجة؟! ، هل الجياعُ من أبناء تهامة وفي أنحاء اليمن شبعوا؟ أم ازدادوا جوعاً وفقراً؟! ، هل أمن الناسُ على أعراضهم وأموالهم أكثرَ مما كانوا أم أنهم أصبحوا يخشـَون على أعراضهم وأموالهم وأنفسهم حتى ولو كانوا داخلَ بيوتهم؟! ، هل إنتهى الفسادُ ، ونهبُ المال العام؟ ، أم أن الفسادَ إزداد وانتشر؟! ، هل حُقوقُ الإنسان مُصانةٌ اليوم في اليمن؟ ، أم أن حُقوقَ الإنسان ضائعة؟! ، هل يلتزمُ المسؤولون بالدستور والقانون أم أنه حبرٌ على ورق؟ ، هل اختفت ظاهرةُ الإعتقالات غير المسبَّبة؟! ، أم أنها أكثرُ مما كانت؟ ، هل يخافُ الناسُ على أراضيهم ونفوسهم وأعراضهم من بعضهم البعض؟ ، أم أنهم آمنون؟.
ثورةُ »26 سبتمبر« قامت من أجل مبادئَ وأهداف لصالح شعبنا اليمني فإن لم تتحققْ تلك الأهدافُ فما جَدوى الإحتفالُ وما معناه؟.
حُقوقُ الإنسان نعم حقوقُ الإنسان كبشر ضائعةٌ في بلادنا اليوم ، الدستورُ معطـَّـلٌ ولا يعملُ به المسؤولون ، ولا يلتفتون إليه ، القانونُ حبرٌ على ورق ، الجوعُ وانتشارُ الأمراض ، وانتشارُ المبيدات بغير رقيب ، وانتشارُ الأمراض الخبيثة ، والسرطاناتُ نتيجة الإهمال ، ودخول المواد السامة واستعمالها دون رقيب أو حسيب ، والمسؤولون يتفرَّجون ويضحكون ويحتفلون رغم الفقر والجوع والمرض.
ثورة »26 سبتمبر« لم تأتِ إلا بعد تضحيات جسيمة بدأها آلُ الوزير ، وضحَّـوا بخمسة من كبار رجالهم وعُلمائهم ، لقد استـُشهد من أجل التغيير علماءُ آل الوزير وكبارُهم ، استـُشهد من أجل التغيير أحرارُ اليمن، استشهد آلُ أبو راس وآلُ الشائف ، استـُشهد والدُ الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر وأخوه ، ذُبح أبناءُ اليمن ورجالُ اليمن وعلماءُ اليمن وسادةُ اليمن ، وقضاةُ اليمن ومشايخُ اليمن والمثقفون والعلماء والشباب ، استشهد أخي السيِّدُ العلامةُ/ عبدُالله بنُ محمد الوزير وهو دونَ العشرين من عمره ، ذُبح الأستاذ/ الحورش ، ذُبح المسمري ، ذُبح البراق ، ذُبح السيدُ زيد الموشكي الذي كان شُعلةً من الذكاء والحَميَّة والغيرة على الدين والوطن ، ذُبح السيدُ حسين الكبسي ، ذُبح من أبناء العرب الآخرين أناسٌ مثل الرئيس جمال جميل العراقي ، وفر آخرون مثل الفضيل الورتلاني ، وأخيراً استـُشهد أبو الأحرار المخلصُ الذي كان يسعى للخير لليمن بنفسه وجهاده وكل جهده الأستاذ القاضي/ محمد محمود الزبيري.
بالله عليك يا أخي اليمني الكريم عالماً أكنتَ أو مثقفاً أو ضابطاً أو عسكرياً أو شيخاً من أجل ماذا كلُّ تلك التضحيات؟! ، هل من أجل أن نصلَ إلى الخير والتقدم في بلادنا ونطورَها ونرعاها ونحرصَ على ثرواتنا ونستعملَ المساعدات التي تأتينا من الخارج في خيرِ أبناء بلادنا حتى نصلَ بها إلى دولة محترمة متطورة عزيزة كريمة أبناؤها متحابُّون متآخون لا فرقَ بين أحد وأحد ، ولا يكرَهُ منهم أحدٌ أحداً ، ولا يتآمَرُ عليه ولا يخونـُه ولا يظلمُه ولا يحقرُه ولا يغمطـُه حقـَّـه ولا ينهبُ أراضيَه... الخ؟ ، أم أن هذه التضحيات الجسَامَ من أجل أن نصلَ إلى هذا الفساد ونهب المال العام ، والاستهانة بحُقوق الإنسان ، والسجون والإعتقالات غير المبررة وحل المشاكل بسيطة التي يمكنُ حلـُّها سلمياً بسفك الدماء ودمار البيوت وإيجاد الضغينة بين أبناء البلد الواحد، وايجاد الصراع والنزاع؟.
بالله عليك يا أخي اليمني كائناً من كنتَ هل يُتَصوَّرُ أن هذا الوضعَ هو ما كان يفكرُ فيه الشهداءُ والأحرارُ الذين ذبحهم الإمامُ أحمدُ؟! ، هل هذا ما كان يُريدُه حسين بن ناصر الأحمر أبو الشيخ/ عبدِالله بنِ حسين ، وابنـُه حميد؟، وهل هذا هو ما كان يريدُه زعيمُ ثورة ٨٤ الشهيدُ العلامةُ عبدُالله الوزير؟ ، هل هذا ما كان يريدُه الشهيدُ الجليلُ الكريمُ/ عليٌّ بنُ عبدالله الوزير؟، هل هذا ما كان يُريدُه أبو الأحرار الأستاذُ الزبيري؟، هل يكفي تغييرُ الاسم وإعلانُ الجمهورية اسماً وشكلاً لا مضموناً ومحتوىً؟!! ، ألم يقل أبو الأحرار الأستاذُ الزبيري في قصيدته الخالدة التي أودت بحياته:
والموتُ من مدفعٍ حُرٍّ نقولُ له
موتٌ وإن أوهمونا أنه عُرُسُ
ولقد قال في تلك القصيدة يخاطبُ المتسلطين أيامَ الرئيس السلال
وأنتم طبعةٌ للظلم ثانيةٌ
تداركت كلَّ ما قد أهملوا ونسَوا
فكيف لو حضر وشاهد ما يجري اليوم ماذا كان سيقولُ؟.
إننا نحن أبناء الجمهورية ، ونحن أولُ من ضحَّى من أجل تغيير الأوضاع إلى الأفضل ، وسندافعُ عن مبادئنا التي سالت من أجلها دماءُ آبائنا الكرام، ودماءُ إخواننا وأعزائنا من أحرار اليمن ومشايخه وعلمائه ورجالاته.
إننا نُريدُ ويُريدُ كلُّ حُرٍّ في اليمن أن ينتفيَ الظلمُ ، وأن تـُحترمَ حُقوقُ الإنسان ، وأن لا يتجرأ أحدٌ على اعتقال أبناء اليمن لمجرد مذهبه أو عرقه أو نسبه أو صهارته أو معتقداته.
إن لليهود الحقَّ في أن يمارسوا معتقداتِهم ويُعلـِّموا أولادَهم دينـَهم ، وهذا حَقٌّ ويجبُ أن نعترفَ به؛ لأنه من حقهم ، ويجبُ أن تـُحترَمَ أموالُهم وأعراضُهم ودماؤهم ، كما يحترَمُ أيُّ مواطن ، والهاشميون والزيودُ من حقهم أن يُعَلـِّموا أولادَهم مذهبَهم ومعتقداتِهم ، والهاشميون من حقهم أن تحترَمَ دماؤهم ، وأن لا تسفكَ بدون حق ، والجميعُ يجبُ أن يأمنوا على نفوسهم وأموالهم ومنازلهم وأراضيهم وأعراضهم ، فلا يعتدي عليها أحدٌ ، ولا ينهبها أحدٌ ، والقانونُ العادلُ المقـَرُّ والمعترَفُ به فوق الجميع ، والجميعُ إخوانٌ يتعاونون من أجل مصلحة اليمن ، ومن أجل خير أبناء اليمن ، نعم إذا وصل اليمنيون جميعاً إلى هذا وإلى المحبة والتعاوُن من أجل تحقيق هذا فيحقُّ لهم أن يحتفلوا بثورة »26 سبتمبر« المجيدة ، وإن لم يصلوا إلى ذلك فإنما الإحتفالُ ضَحِكٌ على هذا الشعبِ المنكوب.
القاهرة 18 من رمضان 1428هـ
30 من سبتمبر 2007م