في بيتنا جوال .... هاتف جوال متنقل ، جلست بجوار شاب من بني جلدتي ، لفت إنتباهي جلوسه منكس الرأس تعل محياه الخيبة والحيرة والشرود ... ما هي حكايتك يافتى ، رفع راسه ورمقني بعينان غائرتان بمها بقية من دموع ... وأخذ يلوح بهاتفه الجوال ....
بعت ذهب زوجتي وذهب أمي أي كامل مصاغهما ... وبدأت عملية كنت أظنها ستفضي بالنهاية لولوجي دار السعادة والرخاء من أوسع أبوابها .. بداية شريت جوالان .. هذا ومثله تركته بالبيت .. وضعت بقية النقود بجيبي وبحثت عن أول سيارة تأخذني لمنطقة الحدود .. حيث دفعت النقود لمن يساعدني بالتسلل لأحواض العسل والبلدان التي ترصف شوارعها بالذهب عوضا عن البلاط .. ووصلت الهدف وجيبي جف وبقي معي دريهمات أبتعت بها شريحة جوال .. وقبل أن آكل أو أشرب هاتفت أهلي وسمعت صيحات الزغاريد وكدت أشعر بدفئ نفس أمي وهي تهاتفتني ... وبحثت عن العمل ولكنني لم أجد سوى أرخصة وأقساه .. وعندما أنتهي منه قد لاأقبض ثمن جهدي .. وإذا إبتسم الحظ أستطعت الوصول لما يشبع معدتي ومازاد عن ذلك يكن مكانه شريحة جديدة لجوالي .. ومضت الأيام وإنقضى عام .. وعلىجوالي زوجتي تناديني أين أنت يافلان هذا العيد يقترب .. وتذكرت أنني أمضيت عاما بالتمام والكمال وتفحصت جييبي فلم أجد به سوى جوال ... يعني عام كامل تركت زوجتي وأمي ومزرعتي وأفنيته بشراء شرائح جوال .. وكما ترى إذا ما قمت بجرد الحساب فإن شهري ثلاثون يوما وعامي إحسبها بنفس المعادلة ... وقد يلزم أمي بيع بقرتها لترسل لي الثمن حتى أستطع العودة ...
وعدت لمزلي ... وفوجئت أن ببييتنا جوال ...... ليس من نوع الهاتف ا لجوال ... هو فأرا منتفخ الأوداج شامخ الرأس له عينان سوداوان تصدران وميضا كفلاش الكاميرا وأذنان أشبه بأطباق إستقبال القنوات الفضائية عريض الشنب طويل الذنب ... وربما كان نبيلا وسليل فئران سدمأرب ... أو ميكي ماوس حقيقي ... كان يصول ويجول بالدار لم يحسم أمره ويحدد هدفه ولم يفكر بالخروج قبل الدخول فلمنزلي باب واحد ... فصال وجال مستمتعا بردود الأفعال من النساء والأطفال وعلو صيحات الفزع والسعال .. وأحال المنزل لمهزلة وكأنما أصابت محتوياته ومتاعه زلزلة ... وبعدما رأئيت تمنيت أن يجول فأرنا العظيم بأحد مراكز التسوق النسائية . .. وكنت مستعدا لنقله على وسادة من حرير لم يحلم بمثلها عنترة أو جرير ، فلعله يصيب المتسوقات بالهلع فيوفرن ما يصرفنه بالدلع ... لكن الفأر إستساغ بيتنا ،، وأعيتني الحيلة ... فلجأت لعدوه التقليدي القط توم ( حكاية توم وجيري ) ولكنه كان متثائبا ويسمع منه خرير النوم .. ونهض متثاقلا ولم يظهر حماسا يذكر لمأساة بيتي وسببها .. وضعته بباب المنزل الوحيد ليترصد الفأر لوخرج ، لكنه صوب ناظريه نحوي وحاول حك جسمه بساقي .. وما لبث أن توجه للمطبخ ... لم يكن له حماس بتعقب الفار ويريد الحصول على طعام مطهي تماما وكأن المستر توم فقد أسنانه .. لعله كان يأكل الحلوى ولاينضف أسنانه ... وتذكرت ضحالة معلوماتي حيث أن الحلويات ليست مدرجة بقائمة طعام القطط ... ورغم الخيبة لم ينتابني اليأس وحاولت مرارا إستنهاظ همة القط وشحذ شيمته ومثيالياته وتذكيره بأمجاده و بشدة بأسه وشجاعته المشهور بها وخاصة عندما يحصر بزاوية .... وتقعطت حبالي وآمالي ... وأحبطت بما كنت أعتقده من تنفيذ القط لوظيفته الطبيعية ..وأن قطط عصرنا لم تعد لها الهمة والعصامية لتعتمد على نفسها وما تفترسه من طرائد ومنها الفئران ... وإعتمدت على إستجداء بني البشر لطعامها ...
في بيــــتنا جوّال .....!
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال: