المجتمع الحائر نتاج الحكم الجائر
11/8/2004 رشيدة القيلي(الشورى)
يستولي علي التشاؤم والقلق وأنا ارقب الخلل الذي أصاب حياتنا الاجتماعية بمقتل، فأتساءل: الى أي هاوية سحيقة يهرول مجتمع حائر في ظل نظام حكم جائر؟ وتصفعنا إجابة الواقع القائلة: >> جرائم قتل علنية أو غامضة، أسبابها في الغالب تافهة ولا تستدعي حتى تبادل الصفعات، فضلا عن تبادل الطعنات والطلقات. üü جرائم سرقات تتزايد وتتنوع وتتجدد الى حد اجبر الناس على عدم نشر غسيلهم ليلا، وعلى استخراج الوقود من جوف السيارات واعادته نهارا! üü جرائم اختطاف بدوافع شتى تنبىء بتحويل اليمن الى مدينة امريكية عنيفة، لا تتورع أن يكون المخطوف امرأة أو طفلا. üü جرائم احتيال ونصب وغش يتباهى فاعلوها بشطارتهم وذكائهم وكأنهم قد أنجزوا مايبعث على الفخر والتباهي. وفي هذا النوع من الجرآئم تبدو الأساليب مدهشة مستغربة لم تكن لتخطر على بال أحد، ولا يتوقعها أي أحد مهما بلغ حذره وسوء ظنه، وشدة حيطته. üü جرائم اخلاقية يفوح نتنها كل يوم- وما خفي كان أعظم- وهذا النوع من الجرآئم الفاحشة بدأ يزيد ويتسع لأسباب اقتصادية ولاسباب تتلعق بموجة الافساد المعولمة التي تهب من عواصم الانهيار الخلقي عبر الفضائيات والانترنت وما شابه. والمخيف ان نشاط هذه الجرآئم اخذ في الانتشار والتوغل عبر ابعاد منظمة ومرتبة في شبكات تسترزق من القوادة والدعارة وغالبا ماتكون محمية بشخصيات نافذة أمنيا وسياسيا وماليا واداريا. üü جرائم الاغتصاب وهي أسوأ الجرائم على الإطلاق ويتسم هذا النوع من الجرائم بالوحشية خصوصا حين يكون الضحية طفلة أو طفلاً، ويزداد مقدار التوحش بحسب طريقة التخلص من الضحية ومحاولة إخفاء أثار الجريمة. وخطر التعرض للاغتصاب هو أكثر أمر يقلق الأسر ويفقدها ما لا يستهان به من الشعور بالأمان والتمتع بالاطمئنان، ونتيجة لذلك تبالغ الأسر في تضييق الخناق على تحركات أفرادها الضعفاء (نساء- صغار السن- معاقين). üü ونجد الناس يتداولون أخبار المحاولات الناجحة في ارتكاب الجرائم، أما تلك التي أكرمنا الله بإفشالها فهي اكثر من أن تعد أو تحصى. ولم تكن هذه الجرآئم لتظهر بهذه الكثرة وبهذه العلنية لولا هذا الفساد الحكومي الذي طغى على جميع مفاصل حياتنا وعلى تفاصيل يومياتنا، فالنظام السياسي بمثابة قلب الوطن إذا فسد، فسد الوطن بكله، ففي زمن الفساد هذا خرجت أفاعي الإفساد الشامل من جحورها لتنفث سمومها وهي آمنة العقوبة، وليس يضيرها إن عوقبت- وهذا نادر الحدوث- بقطع بعض أذنابها، لأن رؤوسها على كل حال محمية بقبعة الإغضاء السلطوي إن لم يكن بكوفية الرضى عنها. üü وما كانت الجرآئم المنظمة لتسري في أوصال المجتمع سريان النار في الهشيم لو لم يستند مقترفوها على ظهور فاسدة قوية وعلى مناكب عريضة تعتاش على استثمار فسادها الذاتي وافسادها للغير بما يجعلها أكثر نفوذا وثراءً. وفي تصوري لو أن هذه الجرآئم يتم الإعلان عنها والتناول الإعلامي لها، لما وسع صحيفة يومية الإلمام بها أولا بأول، لكثرتها وتشعبها وطول خيوطها التي تتكشف تباعا كلما أوغل التحري والتحقيق في أوكارها. عاتبت ذات مرة الأخ العقيد علي منصور الشميري المدير المشرف على صحيفة (الحارس) الأمنية على نشر الصحيفة تفاصيل جرائم بشعة، فقال إن مايتم نشره هو مايمكن نشره! وما خفي كان ابشع. üü ولا شك في ان انتشار الفساد الاجتماعي والاقتصادي بهذه الصورة البشعة، لم يأت عفويا، بل مما لا شك فيه هو اعتقاد الأشرار ان الفرصة ربما لن تسنح لهم كما هي الآن حيث ولاة امورنا من كبيرهم إلى صغيرهم يطوفون حول كعبة ذواتهم ويولون وجوههم شطر مصالحهم، فأعمل الأشرار المفسدون معاولهم مستهدفين عقيدة الشعب واخلاقه وطمأنينته. üüü وما أملك أخيرا إلا أن أقول أن المخلصين الخائفين على سلامة المجتمع قد أسمعوا لو نادوا حكومة، ولكن لا حياة لمن تنادي.. ولا حياء أيضا!!! r5r51400@yahoo.com