خليليَّ عوجا بالمعاهد علني *** أرقرق دمعي بين تلك المعاهد

[عماد الدين يحي بن حُميد]

مناسبة هذه القصيدة أن الفقيه المبارك العالم المقري شمس الدين "أحمد بن محمد مسوع" وغيره من الأصحاب لما شق عليهم مفارقة الأصحاب الذين وفدوا إلى هجرة ذي مرمر لطلب العلم الشريف وهم كانوا زملاء من قبل في ذما ر و شبام , فكتب إلى الفقيه الأفضل المبارك العارف " صالح بن سعيد الوقشي " بقصيدة يشكو فيها ما يجد من الوحشة لفراقهم ويستشيرهم في أي موقف يقف للقراءة وتولى الرد عليها الفقيه المقام الصدر الصمصام شرف الدين "حسن بن علي حنش" على لسان الفقيه صالح بن سعيد الوقشي وقال فيها بعد حمد الله والصلاة على محمد بن عبدالله وآله:

بيان سقامي للعواذل شاهدي *** و"غيث" دموعي عند ذاك مساعدي(1)
وشرح غرامي إن أرت إبانة *** بسيطٌ وأحزاني الشفاء لحاسدي
و"مجمع وجدي بحره " متدافقٌ *** وأصل "فروعي" فيه نامي" الزوائد"
و"تذكرة المكروب" أزمته مضت *** أثارت غليلا في الخشا غير هامد
ليالي كانت بالسعود طوالعاً *** كواكبها في أفق ليل" الفوائد"
شدائد دهر بالتفرق خانني *** وأحصد "أثمار " اللقاء بالتباعد
فنار اشتياقي ليس يطفئ حرها *** سوى "وابل " من دمع أعيان شاهد
ولي مذهبٌ أحكامه قد توضحت *** ومتبع " الأحكام " ليس بحائد
خليليَّ عوجا بالمعاهد علني *** أرقرق دمعي بين تلك المعاهد
وأسأل عن أهلها : أين يمموا *** وكيف نأوا عن طيبات المشاهد
ألم يثنهم نحو العراص تشوقٌ *** وتذكار خلٍ وامق وموادد
لقد جار هذا الدهر في الحكم واعتدى *** وسار مجداً سير باغٍ معاند
فشتت ما بيني وبين أحبتي *** وبالغ في تشتيتنا بالمكائد
فمن إخوتي فذٌ بصنعاء "قاطنٌ "(2) *** مكبٌّ على ضبط العلوم الشوارد
وبعضهم في أرض "يحصب" ساكن *** لتحصيل علم مستطاب " الفوائد"

ومنهم مقيم في " الحواز" وآخر *** نحا نحو "عفار" لحوز الفوائد
وكلهم باغٍ رضا الله وحده *** وطالب علم محسن في المقاصد
فنسأل رب العالمين إعانة *** لنا الكل في إصدارنا والموارد
وعلماً وتوفيقاً ولطفاً ورحمةً *** يباعدنا عن كل شينٍ مباعد
وجمعاً لشملٍ في نعيم وراحة *** وعيش رغيد في ذرى الأمن بارد
ومما أثار الوجد والشوق والجوى *** وألهب جمرا في الحشا غير خامد
كتابٌ أتانا للمحاسن جامع ***ودر نظامٍ فيه نظم الفرائد
ك"سمط عقودٍ" ب"اللآلي" نضدت *** بجيد غزالٍ أغيد الجيد شارد
محبر حبر لوذعي مهذبٌ *** أديب لبيب للمكارم شايد
زكي سري ذي صلاحٍ وعفة *** تقي نقي عن جميع المفاسد
شهاب المعالي "أحمد بن محمد" *** حميد المساعي المجتبى في الأحامد
له همة عليا ونفسٌ أبية *** وعزمٌ إلى كسب العلى والمراشد
نشا طالبا ما يرتضيه إلآهه *** ويسمو به فوق السرى والفراقد
فنال من العلم الشريف مرامه *** وأشجى به حلق الحسود المعاند
وحاز كتاب الله نقلا محققا *** لسبعة قراء كرامٍ أماجد
تراه إذا الديجور أرخى سدوله *** ومال بأعيانٍ لقوم هواجد
يقوم إلى محرابه متهجداً *** يرتل قول الله ترتيل عابد
ويقصد وجه الله في ذاك كله *** فأعظم بمقصودٍ وأعظم بقاصد
وإن أخاك الصب بالعبعد "صالحا"*** عظيم اشتياقٍ للقاء متزايد
ولولا اشتغالي يا أخي بقراءةٍ *** على شيخنا رب العلى والمحامد
عماد الهدى (2)محيي شريعة "أحمد" *** وناطورة الأعيان زاكي المحامد
مجلي دياج يالمبهمات بنوره *** وإيضاحه للمبهمات الشدائد
مروي ظمأ الطالبين هدايةً *** " بوابله المغزار" قيد الأوابد
لكنت لكم يا أخي ومن غدت *** محبته في القلب أول وارد
وسوف يمن الله بالقرب عاجلا *** فيحلو به حالي ويرغم حاسدي
وأسنى صلاة الله ثم سلامه *** على أحمد والآل ختم القصائد .

1.مابين القوسين الصغيرين أسماء كتب أو أشخاص : فبيان يقصد به بيان بيان بن مظفر , وغيث يقصد به الغيث المدرار . وهكذا.
2.وهو مؤلف هذا الكتاب ( مكنون السر في تحرير نحارير السر ) سيدنا المقام الصمصامه .الحبر الفهامة سراج الدين وقنديله وتاج المجد وإكليله عماد الدين يحي بن محمد بن حسن بن حُميد المقرائي بلدا الحارثي المذحجي نسباً ضاعف الله أجره وأجزل ثوابه .
تحقيق السيد العلامة زيد بن علي الوزير ضاعف الله أجرهم وأجزل ثوابهم .