المقرئ الشيخ يحيى الحليلي

أضف رد جديد
ابن المطهر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1041
اشترك في: السبت مارس 19, 2005 9:03 pm

المقرئ الشيخ يحيى الحليلي

مشاركة بواسطة ابن المطهر »

الحليلي: الحافظ الكفيف الذي يضفي علي جمعة وسحور اليمنيين نكهة مميزة
الإثنين, 02-يوليو-2007
صورة
غمدان اليوسفي - غرفة بحجم محراب تحتضنه لـ 35 عاما، هاتف عمومي وجهاز إذاعة ملفوف بغلاف جلدي، ودولاب صغير وفراش نوم غير وثير.
حياة بسيطة، لكنها كل ما يحتاجه الشيخ الحافظ يحي الحليلي.
هذا الاسم لا يحتاج إلى كثير من الشرح، صوته يسكن المآذن والآذان.. صوت بمثابة موعد، ودعوة للتأهب لفرض زائر كل أسبوع، وسحور يقيم ثلاثين فجرا كل عام.
جامع المتوكل في التحرير وسط العاصمة المقر الدائم للحليلي، وغرفته تلك تقع في سطح الجامع الذي يتم الصلاة في كل أرجائه حتى باب غرفته التي تجاور غرفة بحجم فراش وذراع هي منامه.

عام 1952 استقبلت قرية الحليلة في بني مطر الطفل (يحي)، لينعم بعينيه لمدة سبع سنوات يدخله الجدري بعدها في ظلام أطفأ نور عينيه إلى الأبد، كان للطفل قلب يتسع لما ضاقت عنه عينيه، ووجد له والده طريقا أخذته لتشرح به قلوب وآذان كثيرين ممن يملكون نعمة النظر.
"سأفتح لك بابا مقابل باب متحف التراث، أنا هناك" حديث عبر الهاتف أنهيت آخر حرف منه عند أول درجة تدخل منها صوب درجات مفروشة ببساط أخضر يقف عند أعلاها الشيخ الحافظ ممسكا بحبل يسحبه ليفتح الباب.
يتحدث الحليلي بشجن منقطع عن أستاذه الراحل محمد حسين عامر، يخفي خلف عينيه المغمضتين إجلالا يجسده حديثه عنه، هي عادة تبجيل العلماء لدى جيل يكاد يختفي مخلفا جيلا آخر لايحفظ ذاك المعنى.
والده (أحمد) الجندي في سلاح المدفعية كان صاحب الخطوات الأولى حيث كان يقوم بتحفيظه القرآن بينما كان على المشائخ في الجامع الكبير في صنعاء التدقيق والتجويد..
أتى به والده إلى الجامع الكبير قبل الثورة بعامين، هناك كان بانتظاره الشيخ الذي رافقه طويلا برغم أنه يكبره بـ 17 عاما.. عامر وشقيقه كانا أستاذين هناك إضافة إلى قرابة 25 شيخا ومدرسا، وكان الطالب (يحي) قد أنهى حفظ المصحف بعد أن فقد بصره بثلاثة أعوام فقط.
"في حفل ختم القرآن حضر وزير المعارف آنذاك محمد عبدالله عامر، كان هذا قبل الثورة بشهرين فقال هذا الطفل سندخله المدرسة العلمية ودخلت المدرسة العلمية بالفعل لكن الثورة قامت وتحولت المدرسة إلى معهد أزهري يديره المصريون ويدرسوا فيه إلى جانب بعض اليمنيين، وهم كما أذكر الأستاذ أحمد عبدالرزاق الرقيحي الذي كان يدرسنا الأدب وحشين الظفري كان يدرسنا الفقه، ومنهم أحمد لطف الديلمي كان يدرسنا الحديث، والأستاذ أحمد حسين الكحلاني كان يدرس القرآن وكذلك القراءات السبع التي درستها في الجامع الكبير على يد مجموعة من المشائخ إضافة إلى الكحلاني منهم الشيخ محمد حسين عامر وأخيه وحسن لطف باصهيب، وغيرهم من المشائخ".
كان الجامع الكبير إحدى أكبر المدارس العلمية في اليمن.. لم يعد كذلك حاليا لكنه يمكن أن يعود وفقا لوعد أطلقه وزير الأوقاف الحالي للحليلي بأن الجامع سيتم إعادة تدريس القرآن وعلومه فيه تحت مسمى مدرسة زيد بن على لتحفيظ القرآن.
يقوم الشيخ يحي الحليلي بتحفيظ القرآن في مسجده تطوعا، ويدرس لديه قرابة 30 من الطلاب ومثل العدد من الطالبات الذي يقول عنهن أنهن يظهرن اهتماما منقطع النظير وبشكل أكبر من الطلاب، كما يقوم بالتدريس في الكلية العليا للقرآن الكريم ثمان محاضرات في الأسبوع، هذا كل برنامجه اليومي إضافة إلى إمامة مسجد المتوكل صلاته يوم الجمعة في الجامع الكبير حيث يقوم بقراءة القرآن قبيل الصلاة لتنقله الإذاعة والتلفزيون على الهواء وكذلك قراءة قرآن ماقبل صلاة الفجر في رمضان.
يمنح الشيخ الحليلي التزكيات للطلاب بعد اختبارهم بعدها يتم منحهم الشهادات بطريقة رسمية من وزارة الأوقاف، ويتم ذلك من خلال منح الطالب سندا عن المشائخ الذين درس عندهم يبدأ من مدرسه ومدرس مدرسه وهكذا إلى أن ينتهي ذلك السند عند الرسول الكريم.
يتتبع الحليلي ما يدور في اليمن والعالم باستمرار من خلال مذياعه الصغير حيث يهتم أولا بأخبار اليمن ولا يذهب إلى محطات أخرى قبل أن يسمع الأخبار من إذاعة صنعاء، خصوصا في أوقات وقوع بعض المشاكل كما حدث في صعدة.
بدأ ارتباط الحليلي بالشيخ محمد حسين عامر مبكرا وذلك منذ قيام الثورة أو قبلها، وكان يداوم على الذهاب إلى المسجد الذي كان يقيم فيه وهو مسجد بهمة في شارع جمال " وخلال هذه الفترة أتذكر أن لغما انفجر بجوار منزل القاضي عبدالله الشماحي لحظة مروري مع والدي بالقرب من المنزل وذلك عند صلاة الفجر، كان موقفا مرعبا ومخيفا، كنت حينها لا أزال طفلا لم أصل الثالثة عشرة بعد".
يتذكر الحليلي أحرج موقف وقع له أمام الشيخ محمد حسين عامر، وذلك حين قرأ آية في سورة المائدة تقول "يسألونك ماذا أحل لهم" لكنه أخطأ وقرأها "يسألونك ماذا ينفقون"، "بعدها لم يراجعني الشيخ ولا انتبهت، وكان الشيخ يصمت ولا يراجع ويجعلك تحس بالخطأ في وقت لاحق، وكان هذا محرجا جدا بالنسبة لي".
يتذكر حين كانا يذهبان إلى التدريس في كلية علوم القرآن سوية في سيارته وكيف كانا يمضيان أوقاتهما في تلك الغرفة لكنه لم يتذكر أشياء طريفة بينهما لسبب أنه كان يخجل ويجل شيخه عامر كثيرا وكان يعتبره بالنسبة له أكثر من أب.
يرتاح الشيخ الحافظ يحي الحليلي مع تجويد المقريء المصري محمد صديق المنشاوي وترتيله أيضا، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد في ترتيله، والحصري تجويدا، أما من قراء اليمن فإنه معجب بالشيخ محمد حسين عامر.
يشكو الشيخ من عدم اهتمام الإذاعة بالقراء الجدد وتسجيلهم لديها، مطالبا الإذاعة بتشجيعهم ودعوتهم للتسجيل، "ذهبت بأحدهم ليسجلوا له وسجلوا له نصف ساعة فقط وانتهى الأمر، وذهبنا بآخرين ونفس القصة حدث معهم، وهم قراء درسوا على يدي وهم مجيدون".
من القراء الشباب الجدد يتذكر القاريء الشاب فارس عباد الذي سجل المصحف المرتل مؤخرا ونزل إلى الأسواق، مشيرا إلى أنه سمعه "وهو قاريء جيد فقد سمعته وأرسلت لي وزارة الثقافة أشرطته لكي يوافقوا على ترخيص الصدور وختمت عليه وأجزته".
ينهض الشيخ من مجلسه الصغير المرتب ليقودنا إلى السطح حيث مجلسه المستند إلى ظل حائط الغرفة حيث يجلس مع طلبته لحظات التدريس، ويتنقل بين غرفة جلوسه تلك وغرفة النوم المستطيلة، ويعرف جيدا أين يضع عمامته ونظارته السوداء، بكل تلقائية فهو يعرف درجاتها جيدا وكذلك الطريق إلى المسجد الذي يمر عبر سلم يفضي به إلى الشارع من جهة وإلى المسجد من جهة أخرى.
ويثني الرجل على المجتمع الذي يساعده في أي مكان حيث يقول إنه إذا مر في أي مكان فإن الجميع يساعده لمعرفة طريقه، ويتحدث أن هناك قراء جدد أيضا مكفوفين ويدرس حاليا ثلاثة طلاب لديه.

*السياسية
عندما نصل إلى مرحلة الفناء على المنهج القويم ، أعتقد أنا قد وصلنا إلى خير عظيم .
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الشخصيات الإسلامية“