ملاحظات الحكماء على بيان بعض العلماء

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
عبدالله الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 149
اشترك في: السبت فبراير 28, 2004 8:53 pm

ملاحظات الحكماء على بيان بعض العلماء

مشاركة بواسطة عبدالله الحسني »

ملاحظات الحكماء على بيان بعض العلماء تجاه ما يجري في
صعدة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وخاتم النبيين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :

لا شك أن العلماء قد وضعوا أمام امتحان عسير وكبير خاصة
بعد أن فوضهم الرئيس تفويضا مطلقا وألقى على عواتقهم
مسؤولية حل المشكلة القائمة في صعدة وكنا نتمنى أن
يكونوا على مستوى المسئولية وان يضطلعوا بذلك الواجب
الديني والوطني والإنساني في إخماد نيران الفتنة وحقن
دماء اليمنيين انطلاقا من الأمر الإلهي الواضح والبين (
وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان
بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى
أمر الله )
وان يستشعروا عظم المسؤولية التي حملوها والدور التاريخي
المناط بهم والواجب الديني والوطني والإنساني الملقى على
عواتقهم .
وان يرتفعوا على ما في النفوس من مخاوف بطش السلطة وما
في القلوب من دوافع وأحقاد مذهبية وطائفية وسلالية وان
ينأوا بأنفسهم عن أي إثم أو قطيعة مهما كانت المبررات
والدوافع .
وان يظلوا في موقف الحكم العادل الذي جعل الإصلاح بين
المتقاتلين غايته والالتزام بشرع الله في ذلك وسيلته .
وهذا كان أمل الكثير من أبناء اليمن فيمن حضر من العلماء
أو في بعضهم ، لكن بيانهم الذي تحول إلى عريضة اتهام
على احد الأطراف وتضمن من التهم والنعوت والأوصاف لذلك
الطرف ما لم يسبق لخصمه أن اتهمه أو نعته به ، فانتقلوا
من موقع التحكيم إلى موقع الخصومة بانضمامهم إلى احد
طرفي الحرب قبل ان يبادروا حتى بوقف إطلاق النار وحقن
الدماء لقد فوتوا على أنفسهم فرصة تاريخية عظيمة في
نيل شرف واجر حقن الدماء وإخماد الفتنة وإحقاق الحق ،
وفوتوا على شعبهم فرصة الخروج من هذه الفتنة التي تهدد
سلمه الاجتماعي ومستقبل أجياله .
لقد أرادت منهم السلطة ( علموا أم لم يعلموا وقصدوا
أم لم يقصدوا) أن يشرعنوا لها كل ما قامت به من تدمير
قرى بكاملها وإفراط في استخدام القوة وحصار ومعاقبة
جماعية لأبناء صعدة ومنع أي مساعدة إنسانية لمشرديهم
وجرحاهم ومنع الإعلام من تناول مطالبهم والوصول إليهم
على مدى أربع سنوات .,
لقد بالغوا في هذا الانحياز إلى الحد الذي جعلهم يضيفون
للحوثيين تهما لم تفطن لها السلطة من قبل ، بل ويفرعون
ويشتقون من تهم السلطة الموجهة للحوثيين تهما أخرى وصل
عددها إلى رقم قياسي لم يسبق إليه أي ادعاء للسلطة على
مدى أربع سنوات من الحرب .
وبدل أن يقوموا بحل الأزمة زادوها عمقا وتعقيدا وبدل أن
يكونوا محكمين في القضية صاروا فيها خصوما .
وبدل أن يحققوا غاية الرئيس في حل المشكلة سلميا كما
فوضهم ، عادوا هم وفوضوه في حلها عسكريا ، كما جاء في
خاتمة بيانهم .
وأمام هذا المأزق الجديد الذي دخلت فيه الفتنة ، كان
لابد للغيارى من حكماء اليمن أن يقولوا كلمتهم التي تبرأ
بها ذممهم أمام الله تعالى ، وان يوضحوا للأمة حقائق
وملابسات ما يجري حتى يكون الجميع على رؤية واضحة ويكون
للجميع بعد ذلك موقف واضح بعيدا عن أي تضليل أو تلبيس من
هذا الطرف أو ذاك
ويتحمل كل واحد من موقعه مسؤوليته التاريخية بما يقتضيه
الواجب الديني والوطني والإنساني
ولابد لنا في ذلك من الوقوف على بعض ما تضمنه بيان
العلماء من نقاط وقضايا كانت ستحوز احترام الجميع لو
أنها جاءت بعد بحث وتحقيق واستماع من كل الأطراف في
مواقع الفتنة .
ولو إنهم انطلقوا فيها من قناعات شرعية ودوافع مبدئية
وموضوعية تشهد لهم بها مواقف سابقة وميادين للواجب
الشرعي في إنكار المنكرات ، كائنا من كان مرتكب المنكر
وصاحب العدوان .
وهذه ملاحظاتنا :
1 - كنا سنأخذ إشارة بيانهم في الاعتبار إلى أن
الحوثيين يسعون إلى إعادة الإمامة وانتهاج الثورات
للحكم في سلالة معينة ، وما في ذلك من انقلاب على النظام
الجمهوري والثورة الممهورة بتضحيات الشعب ، وتعطيل
الشورى التي هي من أُسس الدين ، لو انه سبق لهم أو ظهر
لهم الآن موقف من بقاء حاكم واحد في السلطة ما يقارب
ثلاثين عاما بقوة السلطة والجيش والثروة والقبيلة
وتحويل الجمهورية إلى ولايات ( مناطق عسكرية ) يحكم كل
ولاية ( منطقة) احد إفراد أُسرته ويتبعه فيها
المحافظون والقادة الأمنيون تبعية المملوك للمالك .
ويسعى الآن بأكثر من خطوة لتوريث الحكم من بعده لابنه
..
كنا سنقدر غيرتهم على الثورة والجمهورية والشورى لو أنهم
وجهوها إلى حيث يجب أن توجه
خاصة وأنهم يعلمون أن الحوثيين لا يملكون أي مقومات
تؤهلهم للانقلاب على النظام الجمهوري والثورة وتعطيل
الشورى ، بل هم يتبرأون من هذه التهم كل يوم
، بينما الرئيس وأسرته الحاكمة يمارسون ذلك عمليا
ويملكون كل المقومات التي تثير فزعنا على الثورة
والجمهورية والشورى المغيبات أصلا من حياتنا !
فهم يصرفون ثروات البلاد على ملذاتهم وعلى شراء الذمم
واستقطاب الأنصار ومحاربة الخصوم السياسيين بلا حدود .
2 - كنا سنأخذ مأخذ الجد إشارتهم إلى مشاقة الحوثيين لله
والرسول وإتباعهم سبيل غير المؤمنين واستعداء الأجانب
للتدخل في أرضنا وانتهاك سيادتنا ( هذا الأمر نفاه
الحوثيون ) .. لو أن لهؤلاء العلماء الأجلاء موقف رافض
لموالاة حكامنا للصليبيين واليهود وشراكتهم لهم المعلنة
في الحرب على ما يسمى بالإرهاب الذي لا يعني عندهم غير
الإسلام كما ثبت للقاصي والداني أن هذه الشراكة ــ بل
الموالاة والتبعية ــ وصلت بحكامنا أن يتجسسوا على أبناء
شعبهم للأمريكان ويسجنون ويطاردون لهم من تريده الإرادة
والإدارة الامريكية إلى حد أن سمحوا وشاركوا للطائرة
الامريكية أن تنتهك سيادة اليمن وتقتل أبو علي الحارثي
في مأرب جهارا نهارا وتبجحوا بذلك أمام العالم ، فأين
جاءت أيمان الرئيس ومسئولوه التي حلفوها عشرات المرات في
الحفاظ على سيادتها ثم نكثوا بها ؟؟
أين كانت غيرة العلماء على سيادة الوطن يومئذ واليوم وكل
يوم بما لم يسبق إليه أي عميل للأمريكان في العالم
المعاصر ؟ بل أن عملاء أمريكا يعيرونا بهذه الحادثة في
كل مناسبة .
3 - كنا سنأخذ بعين التقدير إشارة بيانهم المستنكر
لإحياء العصبيات وإثارة النعرات من جانب الحوثيين حسب
قولهم .. لو انه سبق لهم موقف أو لحق من الخطاب النعراتي
والعصبي والسلالي الذي ينتهجه إعلام السلطةــ حزبيا
ورسميا ــ وخطاب مسئوليها الموجه ضد سلالة الهاشميين دون
تمييز ، والطعن في أنسابهم ونعتهم بأنهم فرس والطعن في
دينهم ونعتهم بأنهم مجوس وما ينطوي ذلك على تعد صارخ
على أخلاق شعبنا وقيمه ، وعلى مكون أساسي للنسيج
الاجتماعي والفكري والثقافي والعلمي والتاريخي والسياسي
.
والعلماء يفترض فيهم العلم بأحكام الطعن في الأنساب
والطعن في الدين ، سيما أن هذا الطعن لم يقتصر على جيل
واحد بل طال أجيالا سابقة أصبحت في ذمة الله على
امتداد 1200 سنة .
فأين علماؤنا من هذا الخطاب الجنوني والمهووس الذي يستفز
من في الأرحام ومن في الأصلاب ، ومن في القبور ؟ ويؤسس
لشروخ عميقة وجراحات ثأرية في بنية المجتمع والشعب
لأجيال قادمة .
في حين أن هذه ما زالت بالنسبة لليوم دعوى من جهة السلطة
ويفترض في العلماء كمحكمين مفوضين من الدولة أن يسمعوا
إجابة الطرف الأخر على هذه التهم التي أعلن تبرؤه منها
.
4 - كنا سنأخذ بعين الاحترام إشارة بيانهم إلى إقدام
الحوثيين على ارتكاب المنكرات
( ما زالت مجرد دعوى ) .. لو أننا رأينا لهم مواقف
معتبرة من منكرات السلطة التي يراها العلماء ويراها
الشعب عيانا بيانا كل يوم والمتمثلة في استحلال ما حرم
الله تعالى من ربا بوجود مؤسسات ربوية اقتصادية قامت على
الربا والمعاملات المحرمة ، وحرمة هذا المنكر مما هو
معلوم من الدين بالضرورة ، ومما يوجب سخط الله وغضبه
وحربه على الجميع .
وكذلك عدم محاربة الزنا وإباحة أعراض بنات اليمن في
الفنادق والمدن السياحية والمراقص الليلية المحروسة
بجنود الدولة ومخابراتها . وصار من المعلوم أن انعدام
غيرة حكومتنا على أخلاقنا الفاضلة شجع تحول السياحة
الخليجية الآثمة من بلدان الانحلال السياحي إلى اليمن
بسبب أن اليمنيات ارخص سعرا ! واقل أمراضا جنسية !
فأين جمعية علماء اليمن ؟ وأين غيرتهم الدينية والوطنية
من هذه المنكرات طوال سنوات ، سيما وهذه المنكرات تزدهر
عاما بعد عام بل شهرا تلو شهر .؟
لو كان للعلماء مواقف صادقة تجاه هذا أو أن بيانهم
تضمنها بلفظ ومعنى تبرأ به ذممهم ، لساغ لنا أن نتقبل ما
يتحدثون عنه من منكرات ادعتها السلطة على الحوثيين ، رغم
نكرانهم لها وتبرؤهم منها .
5 - كنا سنشكر لعلمائنا استنكارهم للحوثيين من حمل
السلاح خارج القانون وترويع الآمنين وإخافة السبيل ..
لو أنه سبق لهؤلاء للعلماء مواقف ضد من يحملون السلاح
خارج القانون داخل صنعاء وعدن وغيرها من العواصم والمدن
، ويروعون الآمنين ويخيفون السبيل ويسفكون دماء الأبرياء
في الأسواق والشوارع ، إلى درجة استمرار معارك
المتنفذين يوم أو أيام في قلب العاصمة أو ضواحيها
الناشبة عن نهب الأراضي والممتلكات والقتل المستقوي
بالقبيلة الحاكمة أو الحزب الحاكم ..
فلماذا لا تجد هذه العصابات من يتحدث عن سلاحها غير
القانوني ؟ وعن سفكهم الدماء وقطعهم الطرقات ونهبهم
السيارات واختطافهم المواطنين ؟ بل لماذا نجدهم معززين
مكرمين مؤيدين بإمكانيات الدولة وسلطاتها في تحدي
القانون والنظام ؟ ولماذا نجدهم محصنين من أي مساءلة في
كل تلك الجرائم التي لا يستطيع أي مكابر مهما بلغت به
الصفاقة أن ينكرها أو يحجبها بعد أن علمها الجميع .

6 - كنا سنتقبل دعوتهم للحوثيين لإلقاء السلاح لو إنهم
دعوا سفاكي الدماء ومغتصبي الحقوق ومثيري الخوف في المدن
لإلقاء أسلحتهم

7 - كنا سنقف إلى جانب العلماء في توجيه الدعوة للحوثيين
والشعب لطاعة ولي الأمر لو إنهم قد سبق لهم دعوة ولي
الأمر ( علي بن أبي صالح كرم الله وجهه ) إلى طاعة الله
ورسوله ، وإزالة منكرات الربا والزنا المرخصة منه
والمحمية بقوة جنوده.
وكذلك لو إنهم دعوه إلى طاعة الله وعصيان الأمريكان
الذين يحتلون أراضي المسلمين ويحاربون الإسلام وأمة
الإسلام على كافة الأصعدة ، مثل تغيير المناهج
التعليمية وإلغاء التعليم الشرعي وتوجيه الإعلام نحو
الترويج للرذائل والتهوين من شأن التطاول على عقائد
الإسلام وتعاليمه وتشريعاته .
فأين الموقف المشرف لعلماء بيان صعدة حيال ذلك كي نقنع
أنفسنا بأنهم لم يكيلوا بمكيالين .؟

8 - ما كنا قط نتوقع من علماء حملهم الله أمانة الصلح
بين متحاربين أن يشيدوا بمواقف احد طرفي القتال ويقدروا
تضحياته في حرب الطرف الآخر الذي يشهد بأن لا اله إلا
الله وبأن محمدا رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة
ويصوم رمضان ويحج البيت .

9 - كنا سنثمن استنكار العلماء للحوثيين في مسألة إدخال
البلاد في فتن ومحن وقتل الأبرياء .. لو أننا قد سمعنا
لهم مواقف مستنكرة لجرائم إبادة قرى كاملة ببشرها
وضرعها وزرعها بواسطة طائرات الميج 29 والمروحيات و
الاباتشي والمدفعية الثقيلة وما دون ذلك من أسلحة ،
بحجة ملاحقة إفراد لا يملكون إلا أسلحتهم الشخصية (
آليات الكلاشنكوف) ..
وكنا سنثمن أنين ضمائرهم .. لو سبق لهم أن وقفوا موقفا
شجاعا يستنكر الدولة في إطباقها الحصار لتلك المناطق
كاملة ومنع معظم الإغاثة الإنسانية عنهم، ومنع وسائل
الإعلام من أي حديث أو تصريح أو نقل معاناة ، حتى أن
الهلال الأحمر والصليب الأحمر يصطدمون بالتعسف العسكري
الذي أوصل الإغاثة إلى درجة الشلل..
فأين علماؤنا من هذه الجرائم ضد الإنسانية التي لم يكن
لها سابقة في بلاد الإيمان والحكمة .
فالاستكبار العالمي يرتكب الكثير من الجرائم حول العالم
، غير أن النظام الحاكم حقنا زاد على تلك الجرائم جرائم
أخرى وهي :
أ ـ منعه إغاثة المنكوبين في حين أن عُتاة الصهيو
أمريكية لا يمنعون .
ب ـ يرتكب جرائمه ضد شعبه في حين أن أولئك الطواغيت
يجرمون في حق شعوب أخرى.
ج ـ تجريم ومنع وسائل الإعلام من الاطلاع على ما يجري
هناك ، وتخوين أي رأي سياسي بشأن أحداث صعدة لا يروق
للمزاج السلطوي .
في حين أن أولئك يعتبرون التواجد الإعلامي في مواقع
الاحداث شيئا طبيعيا يستوجب التعاون معه وتقديم
التسهيلات له، بل حتى أن جنودهم في أبو غريب والبصرة لم
يلحقهم أي أذى رغم كشفهم لبعض ممارسات جيش التحالف .

ماذا كان يجب على العلماء ؟

لقد كان الأحرى بالعلماء الذين حازوا تفويضا مطلقا من
الرئيس أن يكونوا عند مستوى الأمانة الدينية والوطنية
والإنسانية ، ومن موقع التحكيم الذي وضعوا أنفسهم ووضعهم
الرئيس فيه ، أن يبادروا قبل كل شيء بدعوة الجيش
والحوثيين إلى وقف فوري لإطلاق النار ، ويدعوا مواطني
صعدة للمبادرة بنشر مجموعات منهم في مناطق القتال
لمراقبة الموقف بحيادية وأمانة .
وكذلك دعوة المواطنين في صعدة لمشاركة مراقبي العلماء
واستقبالهم ودعمهم ثم يشكلون لجنة من بينها يكون فيها
علماء من أهل الثقة عند الطرفين ، ويكون على اللجنة
المبادرة بالطلب من الحكومة توضيح أسباب إرسال قوات
الجيش والأمن إلى صعدة وخوض الحرب فيها على مدى أربع
سنوات ، وعن الأسباب الحقيقية لاستعانتها بالقبائل ، ثم
تتجه اللجنة بعد ذلك وتسمع ردودهم على ما توجه لهم من
تهم ، وما يتهمون هم به السلطة من ظلمها لهم وانتهاكها
لحقوقهم ومعرفة مجمل مطالبهم .
ثم على اللجنة أن تحقق في أقوال ودعاوي الطرفين وتنظر
وتتفحص وتطلب الإثباتات وان تستعين بمتخصصين قانونيين
وأمنيين ممن تثق في أمانتهم ولو من المتقاعدين أهل
الخبرة والتقوى ، القاضي ، ثم تعد تقريرا شاملا عما
تتوصل إليه في نهاية المطاف لكل طرف أو عليه انطلاقا من
قوله تعالى :
( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان
بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى
أمر الله )
فإن وجدت من احد الطرفين رفضا للصلح أو للتعاون في أي
تحقيق أو مطالب تطلبها من اللجنة أو ممن به اعتبرته
باغيا ودعت الجميع إلى مقاتلته ، وعندئذ لن يجروء أي طرف
على الخروج على هذه اللجنة أو التمرد عليها ، لو حملت
الأمانة بصدق وثقة وعدم محاباة ، وطلب وجه الله في
القيام بالواجب الشرعي في تنفيذ مراده في آية الصلح
الآنف ذكرها .

ومن المهم التأكيد على :

لقد كان بإمكان العلماء ــ طالما وقفوا هذا الموقف
الكبير الذي فوضهم، وحملوا هذه الأمانة العظيمة التي
يرنو إليها شعبنا بأمل كبير ، أن يقوموا بواجبهم خير
قيام في حقن الدماء وإخماد الفتنة وإحقاق الحق وإنقاذ
البلاد والعباد من تفاقم الفتنة التي بدأت نارها في عزلة
مران وتطاير شررها حتى شمل كل صعدة وليس بمستحيل أن تمتد
إلى محافظات أخرى ..
لقد كان بإمكانهم أن يعتبروا أنفسهم مثل القاضي ( شريح
) وان يعتبروا أن الخصمين هما :
1- رئيس الجمهورية - باعتباره أمير المؤمنين
مجازا
2- الحوثي ، وليعتبروه يهوديا أو نصرانيا أو
مجوسيا كما تصفه الصحف الامنية .
فيسألون الرئيس تفصيلا عن دعواه وتهمه الموجهة لخصمه،
فإن اقر بها الحوثي وإلا قالوا للرئيس : أين البينة ؟
حتى لو كانوا مقتنعين أن دعواه صحيحة وصادقة ، فهم في
موضع التحكيم ، وحتى لو كان الخصم في نظرهم بلا دين ولا
خلق ولا جنسية يمنية ، ما داموا في موقع الحكم ، وحتى لو
حلف لهم الرئيس أن دعواه صادقة لابد أن يقولوا :
ــ والله انك لصادق يا أمير المؤمنين ولكن البينة
مطلوبة
فإن اثبت دعاويه حكموا له وإلا حكموا عليه ، وهنا
سيكونون عظماء جداً في نظر الأُمة ، وسيتحدث التاريخ
عنهم كما تحدث عن شريح وخليفته ، وكم سيكون أجرهم عند
الله في إطفاء نار الفتنة والوقوف فيها بموقف العدل
الذي قال المصطفى الكريم عنه : ( إن عدل ساعة يعادل
عبادة سبعين ألف سنة )
فالعدل يحتاج تقوى وإرادة وعزم وشكيمة وإقدام ورجال
أقوياء ولهذا لا تكون السبعون الألف السنة من الأجر
مقابل الساعة الواحدة إلا لهم .

وعودا على بدء

فإن علماؤنا الأجلاء في نهاية بيانهم وبعبارة خجولة
ومرتبكة يطالبون الدولة حماية العقيدة والأخلاق وإزالة
المنكرات وإقامة الحدود سدا لذرائع المتقولين ..
والحاجة شديدة لدى القارئ والسامع ليضع ألف علامة تعجب
عند عبارة ( سدا لذرائع المتقولين )!!!
وقد ختم البيان العلمائي بما دعا به اللواء علي محسن
واللواء مطهر المصري واللواء يحيى الشامي منذ أربع سنوات
: بـ ( إلقاء السلاح وترك التمرد) وإلا فإن الواجب
الشرعي الذي يخولون الدولة في القيام به هو ( قتالهم لكف
شرهم واستئصال فتنتهم )!
وعادوا إلى نقطة البداية حيث الدولة ممثلة برئيسها فوضت
العلماء في حل القضية سلميا ، وانتهى بهم المطاف إنهم
فوضوه لحلها عسكريا بل ويكلفون أبناء اليمن الذين لم
يدخلوا في الفتنة إلى الآن أن يشاركوا السلطة في هذه
الحرب!
وان مؤتمر العلماء سيظل منعقدا بصورة دائمة ليس حتى تحل
المشكلة وتنتهي الفتنة بل كما قالوا في آخر سطور بيانهم
: ( حتى يقضى على التمرد وتعود الأحوال إلى ما كانت
عليه)
وفي الحقيقة لا يدري المتابع هل هذا بيان لعلماء رحمة؟
أم إعلان حرب لجنرالات دمويين ؟!
لقد نسبت السلطة إلى الحوثيين على مدى أربع سنوات تهما
كثيرة، لكن بعض العلماء زادوا في تلك التهم وفرعوا
واشتقوا من كل تهمة تهما عديدة حتى أنها تزيد على خمسة
وعشرين تهمة . وهو رقم لم يسبق للسلطة أن وصلت إليه في
أي مقال أو تحليل أو خطبة أو بيان عسكري منذ بداية الحرب
.
خلاصة رأي حكماء اليمن في بيان علماء اليمن

إن حكماء اليمن يدعون أهل اليمن جميعا إلى الوقوف صفا
واحدا ضد استمرار هذه الحرب مطالبين السلطة وهي الطرف
الأقوى والأقدر على وقف العمليات العسكرية ومطالبين
الطرفين إلى وقف إطلاق النار والاحتكام إلى دستور البلاد
وقوانينها في أي دعاوي أو مطالب متبادلة فلبس احد فوق
الشرع والقانون سواء كان خارج السلطة أو داخلها .
كما إننا نشيد بمواقف العلماء الذين نأوا بأنفسهم عن
الوقوع في فخ السلطة وكانت لهم مواقف منصفة وعادلة
تتناسب مع مكانتهم العلمية والدعوية والاجتماعية
والسياسية في هذه الفتنة منذ بداياتها الأولى ، ومنهم
فضيلة الشيخ - عبد المجيد الزنداني والوالد العلامة حمود
عباس المؤيد ، كما لابد من الإشادة بموقف أحزاب اللقاء
المشترك التي كانت وما زالت على مستوى المسئولية الوطنية
، وكذلك المواقف الشجاعة لمؤسسات المجتمع المدني
والصحافيين والحقوقيين الذين دفعوا ثمن مواقفهم المبدئية
والشجاعة غالبا ، وتحدوا تعسفات السلطة وملاحقاتها
وتهديداتها وأدوا واجبهم الوطني والشرعي باستبسال ما زال
مستمرا ومتواصلا .
كما لابد لنا من توجيه اللوم والعتاب إلى وسائل الإعلام
المحلية والعربية والعالمية التي تستنفر جيوشها
الإعلامية إذا حدث حادثا صغيرا فتحشد إمكانياتها
الكبيرة وتخصص التغطيات المباشرة وتفرد الحلقات
النقاشية ، بينما يحل الدمار العسكري بمدينة صعدة منذ
أربع سنوات وتعيش وضعا إنسانيا كارثيا ، بينما وسائل
الإعلام هذه تجتر صمتها المطبق الذي ستسأل عنه يوم
الحساب الرباني والتاريخي .
ولا يمنعنا اللوم من تكرار مناشدة ضمائر هذه الوسائل
الإعلامية أن يؤدوا واجبهم في نقل الحقائق كما هي على
ارض الواقع .. وليس أكثر من ذلك .
لان نقل الحقائق كما هي هو بوابة حشد الضمير العربي
والإسلامي والعالمي من اجل توجيه النصح للسلطة اليمنية
الغاشمة لكف عدوانها على مواطنيها .
كما نناشد المنظمات الإنسانية أن تبادر بالإغاثة
الدوائية والغذائية إلى تلك المناطق المنسية من خارطة
أعمالهم الإنسانية لإنقاذ بعض ما يمكن إنقاذه .
فيكفي مواطني صعدة ظلم ذوي القربى حتى وان كان اشد على
النفس من وقع الحسام المهند
ونناشد الشقيقة الكبرى والجارة الأقرب السعودية بقيادة
جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي وضعه الله في
موقع المسؤولية لأمة الإسلام اجمع وكان أهلا لها في
فلسطين ولم يتوان عنها في المغرب والصومال ولبنان عن
القيام بهذا الواجب .
نناشده الله أن يكون له موقف حاسم في وقف نزيف الدماء في
جارته الأقرب صعدة ، وهو أهل لذلك ولديه القدرة على
ذلك ، بحكم ما له من ثقل عند قطاع كبير من أبناء وقبائل
وتيارات سياسية وشخصيات اجتماعية ، وما يحظى به من
احترام عند المواطن اليمني في كل مناطق اليمن .
كما أننا نحمل الرئيس مسئولية استمرار نزيف الدماء
وزيادة تعقيد المشكلة واتساع نطاق الفتنة باعتباره
المسئول الأول في البلد أمام الله وأمام الشعب وأمام
العالم
وهو القادر على اتخاذ القرار بإيقاف الحرب وإخماد
الفتنة .
ونناشده الله أن لا ينساق وراء تهورات بطانته السيئة
وقادته العسكريين المدفوعين ببغض مذهبي وضغينة طائفية
ونزعات عرقية وسلالية في تأجيج نار الفتنة وتوسيعها .
فعلى رئيس الجمهورية باعتباره أب اليمن جمعاء أن يستدعي
حكمته التي كانت حاضرة في فتن ومحن سابقة اكبر وأعظم ،
فأخرجت اليمن واليمنيين إلى بر الأمان .
ومن العار على تاريخ اليمن أن تغيب هذه الحكمة عن أحداث
صعدة . خاصة وانه يعلم أن من كانوا يعيدون إنتاج الحرب
وإشعالها من جديد هم قيادات اجتماعية وعسكرية وامنية
تدفعهم أحقادهم المذهبية ومصالحهم المادية التي باتت
معلومة للمتأملين .
وآخر دعوانا ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين )

صـــادر عن حكمــاء اليمـــن .....
ياليتَ شعري، ما يكون’ جوابهمْ حين الخلائقِ لِلْحساب ’تساق’...!
حين الخصيم’ "محمدُ"، وشهوده أهل السّما ، والحاكم’ الخلاّق ..! ؟

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“