دراسة فى أثبات أفضلية الإمام علي عليه السلام - الجزء الثانى

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
أحمد شريف طنطاوى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 199
اشترك في: الاثنين مايو 31, 2004 2:29 pm
مكان: مصر

دراسة فى أثبات أفضلية الإمام علي عليه السلام - الجزء الثانى

مشاركة بواسطة أحمد شريف طنطاوى »

بسم الله الرحمن الرحيم


نستكمل فى هذا الجزء المراحل التى قننت زحزحة الإمام علي عن مكانه . و يمكن تحديد المراحل بثلاث مراحل محورية :
1- دور معاوية بن أبى سفيان و حزبه
2- دور الأمويون و حزبهم
3- دور العباسيون و حزبهم

أولا : دور مـــعـــاويـــة بـن أبـــي ســـفــيــان و حــزبــه :‏
‏1-كان معاوية اذا قنت فى صلاته سب علي و أبن عباس و الحسن و الحسين و مالك الأشتر و اذا خطب علىالمنبر يختم خطبته قائلا :‏
اللهم ان أبا تراب ( يعنى الإمام علي ) ألحد فى دينك و صد عن سبيلك فألعنه لعنا وبيلا وعذبه عذابا أليما‏
و كتب بذلك اللعن الى الآفاق ليجهر به على المنابر فكان الناس يكرهون سماع اللعن فكانوا اذا أدوا صلاة العيد خرجوا من المساجد ‏فألزم معاوية الناس على تقديم الخطبة لسماع لعن الإمام علي و كان غرض معاوية أن يغرس فى نفوس المسلمين أن أهل البيت لا كرامة ‏لهم و أن إمامهم الذين يصولون و يفتخرون بمناقبه و سابقته و هجرته و جهاده هذا حاله و هذا مقداره فيكون من ينتمى اليه عن ‏الشرف أبعد

‏2-يروي المؤرخ أبو الحسن المدائنى فى كتابه ( الأحداث) و أبن أبى الحديد المعتزلى فى ( شرح نهج البلاغة ) :‏
كتب معاوية نسخة واحدة الى عماله بعد عام الجماعة 41 هـ :‏
‏ أن برئت الذمة ممن روى شيئا فى فضل أبى تراب (أى الإمام علي ) و أهل بيته . فقام الخطباء فى كل جهة و على كل منبر يلعنون علي ‏و يبرأون منه و كان أشد الناس بلاء أهل الكوفة لكثرة ما بها من شيعة علي فأستعمل عليهم زياد بن سمية فكان يتتبع شيعة علي فقتلهم ‏تحت كل حجر و قطع الأيدي و الأرجل و صلبهم على جذوع النخل ‏
و كتب معاوية الى عماله في جميع الآفاق :‏
‏ أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي و أهل البيت شهادة و أن أنظروا من قبلكم من شيعة عثمان و محبيه و الذين يروون فضائله ‏فقربوهم و أكرموهم أكتبوا الى بكل ما يروي رجل منهم و أسمه و أسم أبيه و عشيرته . ‏
‏ ففعلوا حتى أكثروا فى فضائل عثمان لما كان يبعث اليهم معاوية من الصلات ‏
‏ ثم كتب معاوية الى عماله :‏
‏ أن الحديث فى عثمان قد كثر فى كل ناحية فأذا جاءكم كتابى هذا فأدعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة و الخلفاء الأولين و لا ‏تتركوا خبرا يرويه أحدا فى أبى تراب ( يقصد الإمام علي ) إلا و تأتونى بمثيل له في الصحابة . ‏
‏ فقرئت كتبه على الناس فرويت أخبار فى مناقب الصحابة لا حقيقة لها و أشادوا بذلك على المنابر و ألقى على معلمى الكتاتيب فعلموا ‏صبيانهم من ذلك و تعلموه كما يتعلمون القرآن و علموه بناتهم و نساءهم و خدمهم ‏

‏3 -و يروي أبو جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب المعروف بالأسكافى شيخ المعتزلة ( المتوفى 240 هـ ) :‏
ان معاوية وضع قوما من الصحابة و التابعين على رواية أخبار قبيحة فى علي تقتضى الطعن فيه و جعل لهم على ذلك جعلا يرغب فى مثله ‏فأختلقوا ما أرضاه منهم أبو هريرة و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و من التابعين عروة بن الزبير

و من أمثلة ما رواه حزب معاوية بن أبى سفيان لتشويه مكانة الإمام علي نذكر على سبيل المثال لا الحصر :‏

‏1- بذل معاوية للصحابى سمرة بن جندب الفزارى 100 ألف درهم حتي يروي أن هذه الآية نزلت فى الإمام علي :‏
و من الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا و يشهد الله على ما فى قلبه و هو ألد الخصام
و أن الآية التالية نزلت فى قاتل الإمام علي عبد الرحمن بن ملجم : و من الناس من يشرى نفسه أبتغاء مرضاة الله ‏
فلم يقبل سمرة بن جندب فبذل له معاوية 400 ألف درهم فقبل‏

‏2- يذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى ج3 ص 170 : ‏
عن بسر بن أرطأة العامرى قائد معاوية أنه خطب على منبر البصرة فأخذ يسب الإمام علي ثم قال: نشدت الله رجلا علم أني صادق إلا ‏صدقني أو كاذب إلا كذبني . فقال أبو بكرة : أللهم إنا لا نعلمك إلا كاذبا . فأمر به فخنق

‏3-و يذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى ج3 ص 182 : ‏
عن الصحابى المغيرة بن شعبة و كان معاوية بن أبى سفيان قد ولاه الكوفة أنه قال لصعصعة بن صوحان العبدي :‏
أياك أن يبلغنى عنك أنك تعيب عثمان و أياك ان يبلغنى عنك انك تذكر شيئا من فضل علي علانية فأنك لست بذاكر شيئا أجهله و لكن ‏هذا السلطان ( أي معاوية ) قد ظهر و قد أمرنا بأظهار عيبه للناس فأن كنت ذاكرا فضله فأذكره بينك و بين أصحابك سرا و فى ‏منازلكم و اما علانية فهذا لا يحتمله الخليفة لنا و لا يعذرنا فيه ‏

ثانيا : دور الأمـــويـــون و حـــزبـــهــم :‏

أستمر بنى أمية فى سياستهم فى سب الإمام علي و أنتقاص قدره بعد معاوية بن أبى سفيان ..‏

‏1- فى عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك ( 86-96هـ ) تشدد واليه على الكوفة السفاح الحجاج بن يوسف الثقفى حتى أنه منع ‏الناس عن ذكر أسم الإمام علي فكان الحسن البصرى و التابعين اذا رووا حديثا عنه لم يقدروا ان يصرحوا بأسم الإمام علي خوفا من ‏بطش الحجاج فكان يقول ( عن أبى زينب ) يقصد الإمام علي .‏

‏2- و أستعمل الحجاج بن يوسف الثقفى عبد الرحمن بن أبى ليلى على القضاء ثم عزله و ضربه ليسب الإمام علي و يلعنه . ‏

‏3- و يروي علي المسعودي فى ( مروج الذهب ج3 ص 175 ) أن كراهية الإمام علي و أهل البيت كانت وسيلة التقرب للحجاج بن ‏يوسف الثقفى كما نرى فى حوار الحجاج و عبد الله بن هانئ شيخ بنى أود :‏
عبد الله بن هانىء : إن لنا مناقب ما هى لأحد من العرب
الحجاج بن يوسف الثقفى : و ما هذه المناقب ؟
عبد الله بن هانىء : ما منا أحد تزوج أمرأة تحب علي و تتولاه
الحجاج بن يوسف الثقفى : هذه و الله منقبة
عبد الله بن هانىء : و ما منا أمرأة إلا نذرت إن قتل الحسين أن تنحر عشر أبل ففعلت
الحجاج بن يوسف الثقفى : و هذه و الله منقبة
عبد الله بن هانىء : و ما منا رجل عرض عليه شتم علي و لعنه إلا فعل و أزيدكم أبنيه الحسن و الحسين و أمهما فاطمة ‏
الحجاج بن يوسف الثقفى : هذه و الله منقبة

‏4- و كان الخليفة الوليد بن عبد الملك نفسه يخطب على المنبر قائلا : ‏
ان الحديث الذي روي عن رسول الله أنت منى بمنزلة هارون من موسى صحيح لكنه محرف لأن رسول الله قال : أنت منى بمنزلة قارون ‏من موسى فأشتبه على السامع
‏* أنظر : تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 8 : 268‏

‏5- و أستمرت تلك السياسة الأموية حتى تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز ( 99- 101 هـ) فحدث أن نال من الإمام علي و كان ‏آنذاك يلزم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود فأتاه و هو يصلي فأطال الصلاة فلما فرغ قال لعمر : متى علمت ان الله غضب ‏على أهل بدر و بيعة الرضوان بعد أن رضى عنهم ؟ ‏
عمر بن عبد العزيز : لم أسمع ذلك ‏
عبيد الله بن عبد الله : فما الذي بلغنى عنك فى علي
عمر بن عبد العزيز : و هل شهد علي بدر ؟
عبيد الله بن عبد الله : و هل كانت بدر الا لعلي
عمر بن عبد العزيز : معذرة الى الله و اليك ‏
و أمر عمر بن عبد العزيز بأستبدال السب و اللعن في خطبة الجمعة و الأعياد بقول الله تعالى :‏
ان الله يأمر بالعدل و الأحسان و ايتاء ذى القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغى

‏- بعد وفاة الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز عاد بنو أمية لسياستهم فى سب الإمام علي و أهل البيت خاصة فى عهد الخليفة هشام بن ‏عبد الملك ( 105-125 هـ) فكان والى المدينة خالد بن عبد الملك بن الحارث يدفع أعوانه لسب فاطمة الزهراء بنت رسول الله فى ‏المسجد النبوى و على منبر أبيها و كان والى الكوفة خالد بن عبد الله القسري يبالغ فى سب الإمام علي تقربا للخليفة ...‏

و أصبح مجرد التسمية بأسم ( علي ) جريمة يعاقب عليها بنى أمية و إذا سمعوا بمولود سمى ( علي ) قتلوه . حتى أن التابعى علي بن رباح ‏اللخمى ( 24-114 هـ ) نجد أباه يغير أسمه إلى ( عُلي ) مصغرا ‏

حتى أنه يروي أبن كثير أن جماعة من أهل السنة عندما سمعوا الفقية و المفسر سليمان بن مهران الأعمش ( 61-148 هـ ) يروى ‏حديث الطير المشوى الذى فيه فضيلة للإمام علي أخرجوه من المسجد و غسلوا مكانه!!

و نتيجة لهذا النهج الأموي طيلة القرن الهجري الأول من تدليس و تشوية أن صار الإمام علي منتقص القدر مهان الكرامة لا يعلم له ‏المسلمون فضيلة بينما سائر الصحابة تلمع سيرتهم بالمناقب المذهلة و بسقوط الدولة الأموية 132 هـ و قيام الدولة العباسية كانت ‏صورة الإمام علي بين أهل السنة مأساوية تدمى القلب .‏
يروي المسعودي فى مروج الذهب ج3 : 39 - 41 :‏
أخبرني رجل من أهل العلم قال كنا نقعد فنتناظر فى أبى بكر و عمر . و علي و معاوية فقال لى بعض أهل الشام و كان من أعقلهم و ‏أكبرهم لحية : كم تظنون فى علي و معاوية ؟ ‏
قلت : علي . ما تقول فيه ؟
قال : أليس هو أبو فاطمة ؟
قلت : و من كانت فاطمة ؟
قال : أمرأة النبى بنت عائشة أخت معاوية
قلت : فما كانت قصة علي ؟
قال : قتل فى غزوة حنين مع النبى ! ‏
و سئل رجل من أهل الشام يعد من كبرائهم و من أهل الرأى فيهم : من أبو تراب هذا الذى يلعنه الإمام على المنبر ؟
قال : أراه لصا من لصوص الفتن !‏

بل وصلت مأساة ما زرعه الأمويون بأهل الشام أن رجلا منهم سمع آخر يصلى على محمد فقال : ما تقول فى محمد هذا ؟ أهو ربنا ؟‏
و لما خرج عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس في طلب مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية وجه الى أبى العباس السفاح أشياخا من ‏أهل الشام من أرباب النعم و الرئاسة فحلفوا للسفاح أنهم ما علموا لرسول الله أهل بيت يرثونه غير بنى أمية حتى وليتم الخلافة !‏

ثالثا : دور العـــبـــاســيــون و حـــزبــهـــم :

عاني العلويون من بني عمهم العباسيين اضعاف ما عانوه من الأمويين فنكل بهم أبو جعفر المنصور ( 136-158 هـ) الذى سفك دماء ‏العديد من آل محمد و حبس آل الحسن جميعا ‏
و كان الإمام مالك بن أنس المقرب من الخليفة المنصور يلقى دروسه فى المدينة المنورة مؤكدا على أن الإمام علي ليس إلا صحابيا عاديا لا ‏يمتاز عن غيره بشئ . فقد سئل الإمام مالك في مجلسه : من خير الناس بعد رسول الله ؟ فأجاب : أبو بكر . فسئل : ثم من ؟ قال : ‏عمر . فسئل : ثم من ؟ قال : عثمان . فسئل : ثم من ؟ . قال : هنا وقف الناس . هؤلاء خيرة رسول الله أمر أبا بكر على الصلاة و ‏اختار أبو بكر عمر و جعلها عمر إلى ستة فأختاروا عثمان . و وقف الناس ها هنا .‏

إلا أن أبنه أبو عبد الله محمد المهدي ( 158-169 هـ ) خالف سياسة أبيه و أحسن إليهم
ثم عاد موسى الهادى (169- 170 هـ ) الي سياسة التنكيل و أسرف واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن ‏عمر بن الخطاب فى الأساءة لأهل البيت .‏
‏ ثم أحسن إليهم أبو جعفر المأمون (198- 218 هـ ) .‏
‏ إلا ان أبو أسحق المعتصم (218 -227 هـ) عاد لأضطهادهم .‏
‏ فلما تولى أبو جعفر الواثق (227 -232 هـ) أحسن إليهم و بالغ فى إكرامهم ‏

إلا ان المأسأة تجسدت فى عهد أبو الفضل جعفر المتوكل ( 232 -247 هـ ) :‏
كان الخليفة جعفر المتوكل يكره العلويين كراهية شديدة حتى أنه فى 237 هـ أمر بهدم ضريح الإمام الحسين في كربلاء و نبش قبره و ‏هدم ما حوله و حرث مكانه و وضع الشرطة على الطرق المؤدية لقبر الإمام الحسين . و كان لا يمنح مالا الا لمن شتم الإمام علي .‏
و فى رجب 244 هـ أمر بقتل العالم النحوي المشهور أبو يعقوب بن أسحق بن السكيت صاحب كتاب ( أصلاح المنطق ) و كان ‏أستاذا لولديه أبشع قتلة فأستخرج لسانه من قفاه عندما أكتشف أنه يحب الإمام علي ‏
و بلغ حقده على الإمام علي أنه أمر بقتل أي مولود يسميه أبواه علي لأنه أبغض الأسماء اليه حتى أن الشاعر علي بن الجهم لما تقابل مع ‏الخليفة المتوكل قال له : ان أهلى عقونى . فقال المتوكل : لماذا ؟ .فقال : لأنهم سمونى علي و أنا أكره هذا الأسم ..... فضحك المتوكل ‏و أمر له بجائزة
و كان يقيم فى مجلسه رجلا يتشبه بالإمام علي فيضحك الناس عليه و يقولون : ( قد أقبل الأصلع البطين ) . و يتسلى الخليفة
و يروي أنه لما حدث نصر بن علي بن صهبان بحديث ان رسول الله قال عن الحسن و ‏الحسين : ( من أحبنى و أحب هذين و أباهما و أمهما كان فى درجتى يوم القيامة ) أمر الخليفة المتوكل بضربه 1000 سوط حتي ‏أشرف على الهلاك .‏
و بقى أن نذكر أن الخليفة المتوكل هو الذي نكل بالمعتزلة و قرب أحمد بن حنبل وعرف بأسم : محى السنة ! و كانت نهايته أن قتله أبنه ‏أبو جعفر المنتصر ( 247-248هـ)‏

فى النقطة التالية إن شاء الله سأغطى المرحلة الأخطر و هى تزييف أحاديث نبوية تقنن زحزحة أمير المؤمنن علي عن مقامه و تنسب فضائله للآخرين ... بل و أحيانا تلقى به إلى درجة أحد عوام المسلمين !!

و لله الأمر من قبل و من بعد

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

karraar
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 49
اشترك في: الاثنين ديسمبر 08, 2003 12:09 am

مشاركة بواسطة karraar »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله فيك


وإلى الأمام


ولكم جزيل الشكر


وصلى الله على نبينا محمد المختار وآله الأطهار

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“