فشل يصنع تسويات !!!!

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
عبدالله الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 149
اشترك في: السبت فبراير 28, 2004 8:53 pm

فشل يصنع تسويات !!!!

مشاركة بواسطة عبدالله الحسني »

فشل يصنع تسويات
بقلم :صبحي غندور



تشهد المنطقة العربية جملة من التحرّكات الدولية والمؤتمرات الإقليمية الساعية كلّها إلى التعامل مع أزمات قائمة الآن في العراق وفي فلسطين ولبنان. ويتزامن هذا التحرّك الدبلوماسي الدولي مع استمرار أزمة الملف النووي الإيراني الذي أصبح بوابة التصعيد أو الحل في مستقبل العلاقات الأميركية/الإيرانية.


لكن، ما الذي دفع بعجلة التحرّك أن تتحرك الآن من أجل البحث عن تسويات لأزمات تهدّد كلّ منها عموم المنطقة بأخطار جمّة؟ أعتقد أنّ الفشل في الخيارات الأخرى هو العامل الأساس في بدء مسيرة البحث عن تسويات.


فالإدارة الأميركية تسعى الآن إلى ترميم فشلها الكبير في العراق الذي جعلها عاجزة عن تحقيق مكاسب في قضايا أخرى بالمنطقة. وهناك استحقاقات سياسية داخلية في الولايات المتحدة تضغط على إدارة بوش من أجل تغيير المسار الفاشل لسياستها في العراق.


فلو لم تكن هناك مرجعيات دستورية تراقب وتحاسب، ولو لم تكن هناك قيمة لدور الرأي العام الشعبي، لما اضطرّت وتضطّر إدارة بوش للتراجع النسبي عن أجندتها وعن أساليبها في إدارة شؤون السياسة الخارجية الأميركية، وكذلك إلى إقالة بعض رموز هذه السياسة التي قادت أميركا والعالم خلال السنوات الست الماضية.


وكما فشلت إدارة بوش في حربها على العراق، فشلت إسرائيل أيضاً في حربها الأخيرة على لبنان، إذ عجزت آلة التدمير العسكرية الإسرائيلية عن تحطيم المقاومة اللبنانية وعن إضعاف حزب الله، رغم كل الوحشية العدوانية الإسرائيلية التي استمرّت لخمسة أسابيع وشملت معظم المناطق والمرافق اللبنانية.


أيضاً، لم تنجح إسرائيل حتى الآن، رغم الدعم الكبير من إدارة بوش، في استثمار حربها على لبنان من أجل إحداث فتنة داخلية لبنانية تضعف المقاومة سياسياً، وتدفع بلبنان وبالمنطقة إلى حروب أهلية طائفية ومذهبية تستند إلى ما حدث وما زال يحدث في العراق، وإلى ما هو سائد من أجواء مسمومة لإعادة رسم خريطة المنطقة.


أمّا على الجانب الفلسطيني، فإنّ الفشل الإسرائيلي قد تكرّر أكثر من مرّة في السنوات الماضية. فلا خطة شارون التي أعلنها بعد وصوله للحكم عن إمكان تدمير المقاومة الفلسطينية خلال مئة يوم، ولا سياسة العزل والاغتيالات والتهجير والتدمير قد حقّقت أيٌّ منهما أهدافها.


كذلك الأمر في تكرار الفشل مع حكومة أولمرت والسياسة المدعومة من واشنطن تجاه الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس.وقد أسقط اتفاق مكّة الأخير، بين جناحي السلطة الفلسطينية، المراهنة الإسرائيلية/الأميركية على حرب أهلية فلسطينية، وأقام حكومة وحدة وطنية فلسطينية أصبح العالم مجبراً على التعامل معها.


ثلاثية الفشل الراهن في سياسة إدارة بوش تجاه كلٍّ من العراق ولبنان وفلسطين، تكتمل الآن من خلال العجز الحاصل في كيفية التعامل مع الملف الإيراني رغم الحشد الرقمي المتصاعد في قرارات مجلس الأمن. فواشنطن تدرك أنّ المشكلة مع إيران لا تُحلّ بمزيد من القرارات، بل بأحد طريقين: الحرب أو التفاوض.


وحتى الآن تتجنّب إدارة بوش خيار الحرب على إيران بسبب محاذيره العسكرية والسياسية والاقتصادية على أميركا وعلى المنطقة والعالم عموماً، وتجد إدارة بوش نفسها أمام الخيار الآخر (أي التفاوض) دون جاهزية بعد من الطرف الإيراني الذي ما زال يحاول تحسين أوراقه التفاوضية رافضاً القبول حتى بتجميدٍ مؤقت للتخصيب النووي.


وتدرك إدارة بوش أنّ «رباعيات الفشل» الحاصلة الآن من غزّة إلى طهران مروراً ببغداد وبيروت، لا يمكن معالجتها وتصحيحها من خلال «رباعية دولية» أو «رباعية عربية»، وأنّ هذه الأزمات القائمة الآن في منطقة الشرق الأوسط تحتاج إلى مفاوضات جديدة ثمّ إلى تسويات عملية.


لكن «رقصة تانغو» التسويات تحتاج إلى جاهزية (الراقص) الآخر وليس فقط لجوقة الموسيقى القائمة الآن. فالطرف الإيراني لم يلمس بعد أي تحوّل عملي في الموقف الأميركي رغم (رسائل التحية) التي وردت عبر أكثر من وسيط عربي أو دولي، ورغم أيضاً المحادثات المباشرة التي جرت في المؤتمر الإقليمي/الدولي الأخير في بغداد، والذي سيشهد ترفيعاً في مستوى المشاركين خلال المؤتمر المقرّر عقده في الشهر المقبل.


طبعاً، يدرك المستهدفون سلباً من قبل إدارة بوش في منطقة الشرق الأوسط (وهم رباعية: إيران، سوريا، حزب الله، وحركة حماس) أنّهم في حالة «دفاعية»، وبالتالي، فإنّ حركتهم المعارضة للسياسة الأميركية تتوقّف على طبيعة هذه السياسة وأهدافها وأساليبها، وأنّ المتغيّرات إن حدثت في الجانب الأميركي، فإنّها تستدعي متغيّرات في المواقف أيضاً.


كذلك تدرك الأطراف الرباعية المستهدفَة أنّ صمودها كان مهمّاً في كلّ السنوات الماضية، لكنّها غير قادرة الآن على التقدّم أكثر ممّا فعلت. أي أنّها وصلت إلى الحدّ الأقصى الممكن في هذه المرحلة، وهو الصمود وعدم التراجع أمام حجم الضغوطات الكبيرة التي مارستها واشنطن ولا تزال بالتعاون مع إسرائيل وأطراف دولية ومحلية.


لكنَّ هذا الجدار الكبير الدفاعي الذي تقف خلفه «رباعية المستهدفين»، هو نفسه الجدار الذي يمنع حركتها للأمام بحكم الظروف والمعطيات القائمة دولياً وإقليمياً ومحلياً. إذن، يبدو من واقع حال إمكانات وظروف الإدارة الأميركية،


والأطراف التي تستهدفها هذه الإدارة في منطقة الشرق الأوسط، انّ التفاوض هو الخيار الأفضل المتاح الآن أمام الجميع من أجل تحقيق تسويات تحقّق «سلاماً مؤقتاً» بينها، في إطار مناخ دولي وإقليمي مناسب لتراجعات متبادلة ولتنازلات ومكاسب على مستوى كل طرف.


عملياً، فإنّ إدارة بوش تسير على الخطى التي رسمتها توصيات مجموعة بيكر/هاملتون لناحية التعامل مع الأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط المحيطة بالوضع المتفجّر والمتأزّم في العراق، كما هو الأمر في مسألة التفاوض مع طهران ودمشق من خلال المحادثات التي جرت وتجري بشأن العراق.


لكنّ إدارة بوش (حسب تفسير أحد الدبلوماسيين العرب في واشنطن) تحرص على عدم الإعلان عن الأخذ بكل توصيات بيكر/هاملتون لما فيها من جدول زمني للانسحاب العسكري الأميركي من العراق، وهو أمر مرفوض تماماً من قبل الإدارة الأميركية.


وهذه المفاوضات القادمة، واللقاءات والمؤتمرات الجارية، والتحرّك الدبلوماسي الدولي والأميركي في المنطقة، لن يؤدّي أيٌّ منها إلى صفقة شاملة لرباعية الأزمات القائمة الآن (العراق - فلسطين - لبنان- الملف النووي الإيراني)، بل إنّ الآمال المرجوّة من هذه المفاوضات العلنية والسرّية هي تفكيك الأزمات وفكّ الارتباط بينها وحلّ ما أمكن منها دون المراهنة على صفقة شاملة لكلّ القضايا.


إنّ ممّا لا شك فيه أنّ تسوية ما لأيٍّ من الأزمات ستكون قوة دفع إيجابية لتسوية الأزمات الأخرى. من هنا كان اتفاق مكّة مدخلاً مهمّاً لإعادة تركيز الأنظار على الملف الفلسطيني، وستكون نتائج القمّة العربية في الرياض هي المدخل لإعادة الاهتمام الدولي للصراع العربي/الإسرائيلي وتحديد مصير التسويات المطلوبة على الجبهات الفلسطينية والسورية واللبنانية.


المراهنة الأميركية الآن هي إمّا على انضمام إيران إلى مطبخ إعداد التسويات (بشروط أميركية)، أو على عزل طهران عن طريق تسوية أزمات معنيّ بها حلفاء رئيسيون: سوريا، حزب الله، وحركة حماس!.


مدير مركز الحوار العربي في واشنطن


alhewar@alhewar.com
ياليتَ شعري، ما يكون’ جوابهمْ حين الخلائقِ لِلْحساب ’تساق’...!
حين الخصيم’ "محمدُ"، وشهوده أهل السّما ، والحاكم’ الخلاّق ..! ؟

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“