بسم الله الرحمن الرحيم
من أفضل الصحابة ؟ . رغم أن هذا السؤال يبدو بسيطا إلا أنه من أعقد الأسئلة على مائدة المذاهب الإسلامية !
و للأجابة على السؤال نصبت المناظرات و زيفت أحداث تاريخية و دلست أحاديث نبوية ... و أحيانا سلت سيوف !!
و الحقيقة إننى فى نشأتى لم أسأل هذا السؤال و لم أهتم بالأجابة . و السبب بسيط و هو إنى نشأت سنيا حيث يحتل الإمام علي المركز الرابع و الأفضلية طبعا محسومة لصالح من تقدمه للخلافة . و يمكن القول أن هذا كان تصورى أنا أيضا عندما كنت سنيا .
و يمكن القول بأن الجملة التى ومضت أمامى هى ما قالها يوما عبد العزيز بن مروان لأبنه عمر ( الخليفة فيما بعد ) :
يا بنى .. ان الذين حولنا لو يعلمون من علي ما نعلم لتفرقوا عنا الى ولده
فأخذت على عاتقى تقصى ما الذى يعلمونه عن علي لو علمته لملت إلى ولده ؟!
فى هذا البحث سأحاول أتمام عدة زوايا لأخرج بصورة متكاملة . و سأغطى بإذن الله الجوانب الآتية :
1- ثبوت أفضلية الإمام علي على الشيخين أبو بكر و عمر
2- كيف تم أنتقاص قدر الإمام علي على مر العصور ( دور معاوية - دور الأمويون – دور العباسيون )
3- دور طيور الظلام ! .كيف تم تدليس فضائل الإمام علي عليه السلام و نسبها للآخرين ثم تكريس و تقنين نظرية الأفضلية طبقا للترتيب الرباعى
و الآن أبدأ بتغطية النقطة الأولى :
1- ثــبــوت أفــضـلــيـة الإمـام عــلي على الـشيـخـيـن أبـو بكـر و عـمـر
هذا طبعا أمرا بديهيا عند كافة الأخوة الشيعة قاطبة إمامية و زيدية و إسماعيلية . و يشاركنا فى هذا التصور أيضا قطاعا من المعتزلة منهم البغداديون قاطبة قدماؤهم و متأخروهم كأبي سهل بشر بن المعتمر و أبي موسى عيسى بن صبيح و أبي عبد الله جعفر بن مبشر و أبي جعفر الإسكافي و أبي الحسين الخياط و أبي القاسم عبد الله بن محمود البلخي. و إلى هذا المذهب ذهب من البصريين أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي و قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد
* أنظر : شرح نهج البلاغة لأبن أبى الحديد عز الدين عبد الحميد المدائنى المعتزلى ج 1
و ترجع أفضلية الإمام علي على الشيخين لتفضله عليهما فى كل مقاييس المفاضلة بين الصحابة فاذا ما تمت المقارنة نجده :
-أسبق أسلاما
-أشرف هجرة
-أعظم جهادا
-أبين دعوة للأسلام
-أفقه فقها و علما و فتوى
1-الإمــام عــلي عليه السلام ... أسبق أســلاما من أبـي بكر و عمر:
يقول الله تعالى :
و السابقون السابقون أولئك المقربون
و للامام علي فضل السبق للأسلام على الشيخين أبو بكر و عمر و هذا أمر مسلم به
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :
صليت أنا أول يوم الأثنين و صلت خديجة آخر يوم الأثنين و صلى علي يوم الثلاثاء من الغد
و لتلاشى الأقرار بسابقة الإمام علي على أبو بكر الصديق يتجنب اهل السنة القول بأن أبو بكر الصديق ثانيا بعد الإمام علي فيفصلون بينهما بالقول بأن الإمامعلي هو أول من أسلم من الصبيان بينما أبو بكر الصديق هو أول من أسلم من الرجال الا أن أهل السنة يتجاهلون أمرين مهمين و هما :
1- ان الأسلام ظل لفترة طويلة مقتصرا على رسول الله و السيدة خديجة و الإمام علي عكس ما يتصوره البسطاء من أهل السنة ان أسلام الإمام علي و أبو بكر كان متزامنا و لكن هذا أول الصبيان و هذا أول الرجال !
يروي أبن كثير عن أسماعيل بن أبى أياس بن عفيف عن أبيه عن جده عفيف :
كنت أمرأ تاجرا فقدمت أيام الحج و كان العباس بن عبد المطلب أمرءا تاجرا فأتيته أبتاع منه و أبيعه فبينا نحن اذ خرج رجل من خباء فقام يصلى تجاه الكعبة ثم خرجت أمرأة فقامت تصلي و خرج غلاما فقام يصلي معه فقلت : يا عباس ما هذا الدين ؟ فقال : هذا محمد بن عبد الله يزعم ان الله أرسله وان كنوز كسرى و قيصر ستفتح عليه و هذه أمرأته خديجة آمنت به وهذا أبن عمه علي بن أبى طالب آمن به و أيم الله ما أعلم على ظهر الأرض كلها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة . قال عفيف : فليتني كنت آمنت فكنت أكون ثانيا
* أنظر : البداية و النهاية لأبن كثير 2 : 362
- و ذكر الإمام أحمد بن حنبل فى مسنده شهادة رسول الله نفسه بأن الإمام علي الأسبق أسلاما :
عن محمد بن عبد الله الأسدى ( المتوفى 203 هـ ) عن خالد بن طهمان السلولى عن نافع بن أبي نافع عن الصحابى معقل بن يسار المزنى قال : دخلنا على فاطمة فقال لها : كيف تجدينك ؟ قالت : و الله لقد اشتد حزني و اشتدت فاقتي و طال سقمي . قال : أو ما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما و أكثرهم علما و أعظمهم حلما
* أنظر : مسند أحمد بن حنبل – أول مسند البصريين – حديث معقل بن يسار
2-و هو ما قد يصيب القارئ بالذهول و هو ان كون أبو بكر الصديق أول الرجال أسلاما أساسا أمرا غير مؤكد و أختلفت فيه آراء المؤرخين من أهل السنة أنفسهم !
فقد نقل أبن كثير عن أبن عساكر ( المتوفى 571 هـ) عن سعد بن أبى وقاص و محمد بن الحنفية رضى الله عنهما أنهما قالا عن أبى بكر الصديق : لم يكن أولهم أسلاما و لكن كان أفضلهم أسلاما و قال سعد : و قد آمن من قبله خمسة
و نقل أبن كثير أيضا فى البداية و النهاية عن الطبري و الواقدي و عروة و سليمان بن يسار و آخرون :
من أول من أسلم من النساء ؟ قال خديجة قلت فمن الرجال ؟ قال : زيد بن حارثة
* أنظر : البداية و النهاية لأبن كثير 2 : 367
و جاء في تاريخ اليعقوبى :
و كان أول من أسلم خديجة بنت خويلد من النساء و علي بن أبى طالب من الرجال ثم زيد بن حارثة ثم أبو ذر الغفاري
و من الباحثين المعاصرين يقول محمد حسين هيكل في كتابه حياة محمد ص 156 :
كان علي أول رجل أسلم و من بعده أسلم زيد بن حارثة مولى النبى و بذلك بقى الأسلام محصورا فى بيت محمد
أما عمر بن الخطاب فسابقة الإمام علي عليه لا تخفى على أحد فقد أسلم بعد الإمام علي بستة سنوات كاملة اذ كان أسلامه بعد الهجرة للحبشة و قد سبقه إلى الإسلام 39 رجل و 23 أمرأة
2-الإمـام عـلـي عليه السلام ... أعـظـم تـضـحـية مـن أبي بـكر الصديق يوم الهـجرة :
يقول الله تعالى :
و من الناس من يشرى نفسه أبتغاء مرضاة الله
من كان أعظم تضحية بروحه فداءا لرسول الله ؟ من كان مع رسول الله فى الغار ..أم من نام على فراشه و وقاه بنفسه حتى تم لرسول الله ما أراد من الهجرة ؟
ففى الأول من شهر ربيع الأول أمر الله رسوله أن يأمر الإمام علي بالنوم على فراشه و ان يقى رسول الله بنفسه فأمره بذلك النبى فبكى الإمام علي فقال له رسول الله : أجزعا من الموت ؟
قال الإمام علي : لا و الذي بعثك بالحق و لكن خوفا عليك . أفتسلم يا رسول الله ؟
قال رسول الله : نعم
فقال الإمام علي : سمعا و طاعة و نفسى بالفداء لك
ثم أتى مضجع رسول الله و تسجى بثوبه و جاء المشركون فحفوا به لا يشكون انه رسول الله و قد اجمعوا ان يضربه من كل قبيلة من قريش رجلا ضربة رجلا واحد لئلا يطلب بنى هاشم له ثأرا و الإمام يسمع ذلك و يعلمه فلا يدعه ذلك الى الجزع أو الحزن كما جزع و حزن أبو بكر فى الغار فبعث الله ملائكته تحف الإمام علي و تمنعه من المشركين
تقييم آية الغار فى سورة التوبة :
ألا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى أثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه و أيده بجنود لم تروها
يأول أهل السنة و الجماعة معنى الآية بأنها ذات مدلول واضح على أفضلية أبو بكر الصديق فهو ثانى رسول الله فى الغار و وصفه الله بأنه صاحب رسول الله .... إلا ان التحليل الموضوعى لتلك الآية يقدم صورة آخرى لموقف الغار :
1-متن الآية يدل على عرض حقيقة واقعية و لا يبدو منها إشادة فعلية فكل ما فى الأمر أن القرآن يصف رحلة الهجرة وصفا تقريريا
2-قول النبى لأبى بكر الصديق : لا تحزن إن الله معنا . يأتى فى إطار التوجية نظرا لما بدا عليه من حزن و لم يبدو منه رباطة جأش
3-ذكر الآية حزن أبى بكر و هو فى معية رسول الله تجعل كفته تشيل أمام العديد من صحابة رسول الله الذين أثبتوا قدراتهم على الصبر و الصمود و من ذلك أن فى ذات الوقت كان الإمام علي وحيدا على فراش رسول الله و هو يعلم بأن صناديد الكفار قاتلوه لا محالة ثم يهاجر وحيدا و مع ذلك لا نجده حزينا أو جزعا . و قبل ذلك وقف جعفر بن أبى طالب وحيدا أمام النجاشى محاطا بقساوسته فلم يحزن و لم يجزع
4-لم يقتصر وصف الله فى القرآن ( للصاحب ) بأن فى ذلك إشادة بهذا الصاحب !
فقد قال الله أن أحد المؤمنين كان له صاحب كافر :
فقال له صاحبه و هو يحاوره أكفرت بالذى خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربى و لا أشرك بربى أحدا
و قد يصف القرآن الرجل ( بالصاحب ) لمجرد التواجد المكانى - مثل حالة الغار - عندما وصف المساجين مع النبى يوسف بأنهم أصحابه : يا صاحبى السجن أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار
و قد يصف الله ( الصاحب ) فى القرآن لمجرد الرفقة فى السفر . كقول الله : و الصاحب بالجنب و أبن السبيل ( النساء 36 )
و ليس فى كل ما سبق دلالة على إيمان أو كفر !
بل المثير أن القرآن الكريم قد يطلق ( الصحبة ) بين الأنسان و الحيوان ! إذ قال عن النبى يونس أنه صاحب الحوت :
و لا تكن كصاحب الحوت إذ نادى و هو مكظوم ( القلم 48 )
5-لم ينفرد أبو بكر الصديق بأنه ( صاحب ) رسول الله فى القرآن . بل نجد الله قد منح صفة ( الصحبة ) لحشد من الناس !
فقد قال الله : و ما صاحبكم بمجنون ( التكوير 22 )
و قال الله : و النجم إذا هوى . ما ضل صاحبكم و ما غوى ( النجم 1 )
6- إن نص الآية نفسه يجعل موقف أبو بكر الصديق حرجا . إذ أنه و هو الحزين لم ينزل الله السكينة عليه و تجاهله و تركه على هذه الحالة و خص رسوله بالسكينة دون صاحبه معنا فأنزل الله سكينته عليه و أيده بجنود لم تروها
بينما نجد الله أنزل السكينة على رسول الله و صحبه من المؤمنين فى مواقف أخرى :
فأنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و ألزمهم كلمة التقوى
أنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و أنزل جنودا لم تروها
و بينما نجد الله فى آية الغار لا ينزل السكينة على أبى بكر الصديق الحزين الجزع نجده ينعم على سائر المؤمنين بالسكينة فى مواقف أقل عصبية : هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين
لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم
7- لفظ ( ثانى أثنين ) مجرد وصف تقريرى للعدد و ليس فيه أى فضيلة كقول الله : سبعة و ثامنهم كلبهم ( الكهف 22 )
و لو أخذنا برأى أهل السنة بأن فى هذا فضيلة نكون قد فضلنا و قدمنا أبو بكر الصديق على رسول الله نفسه !
لأن إذا كان رسول الله ثانى الأثنين فيكون أبو بكر الصديق هو أول الأثنين !!
3-الإمــام علــي عليه السلام ...أعظم جهادا بالنفس من أبـي بـكر و عـمـر:
يقول الله تعالى ان من يقاتل فى سبيل الله يؤتيه الله أجرا عظيما :
فليقاتل فى سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما
و يقول الله تعالى ان القتال فى سبيل الله هو الفوز العظيم :
ان الله أشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة و الانجيل والقرآن
و من أوفى بعهده من الله فأستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم
و القتال في سبيل الله كتب على المؤمنين فرضا من عند الله :
كتب عليكم القتال و هو كره لكم و عسى ان تكرهوا شيئا و هو خيرا لكم
و فضل القتال فى سبيل الله تفضل به كله الإمام علي على الشيخين و لم ينل منه أبو بكر الصديق أو عمر بن الخطاب الا النذر اليسير و هذا أمرا تاريخيا ثابتا لا يمكن إنكاره فقد شهد الإمام علي مع رسول الله كافة مغازيه ( ما عدا تبوك 9 هـ) و طعن بسيفه بين يدي رسول الله فى كافة مشاهده
و حمل لواء رسول الله فى غزوة بدر الأولى فى جمادي الأولى 2 هـ
و حمل راية الرسول السوداء التى تسمى العقاب فى غزوة بدر الكبرى رمضان 2 هـ
و حمل لواء رسول الله فى غزوة حمراء الأسد في شوال 3 هـ و غزوة بنى قريظة 5 هـ
و كتب بين يدي رسول الله صلح الحديبية 6 هـ
و أعطاه رسول الله راية المسلمين ففتح الله على يديه يوم خيبر 7 هـ
و حمل أحدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة 10 هـ
و بعثه رسول الله فى عدة سرايا فبعثه أميرا على 100 رجل الى بنى سعد قرب فدك فى شعبان 6 هـ و بعثه أميرا على 150 رجلا من الانصار الى طئ فى ربيع الآخر 9هـ و بعثه أميرا على 300 فارس الي بلاد مذحج في رمضان 10 هـ
و ما من غزوة غزاها النبى الا برز الإمام علي لصناديد الكفر و صرعهم بسيفه و جعل الله الأستقامة للأسلام بسيف الإمام علي منها :
- غزوة بدر الكبرى 2 هـ ( 15 مارس 624 م ) :
برز الإمام علي مع حمزة بن عبد المطلب و عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب لمبازة أئمة الكفر عتبة بن ربيعة و أخيه شيبة و أبنه الوليد فلم يمهل الإمام علي الوليد حتى صرعه ثم أعان عبيدة و قد ثبت له عتبة فلما نشب القتال كان الإمام علي أسد الله الغالب فقتل 23 من أصل 70 مشركا قتلوا يومها ( سيأتى بيان بأسمائهم لاحقا )
- غزوة أحد 3 هـ ( 23 مارس 625 م ) :
برز الإمام علي لطلحة بن أبي طلحة حامل لواء المشركين فصرعه و ثبت يحامي عن رسول الله آخر يوم أحد لما أنهزم المسلمون اذ هاجمت رسول الله كتيبة من بنى كنانة من 50 فارس فقال رسول الله للامام علي : أكفنى هذه الكتيبة . فحمل عليها الإمام علي مترجلا يطاعنهم بسيفه حتى ردهم و قتل منهم الأخوة الأربعة خالد و أبو الشعثاء و أبو الحمراء و غراب أبناء سفيان بن عويف
و كان يوم أحد كله للإمام علي أهلك بسيفه يومها صناديد المشركين منهم :
صاحب لواء قريش طلحة بن أبى طلحة و عبد الله بن حميد بن زهير الأسدى و أبو الحكم الأخنس بن شريق الثقفى حليف بنى زهرة و أبو أمية بن أبى حذيفة المخزومى
- غزوة الخندق 5 هـ ( أبريل 627 م ) :
برز الفارس الصنديد عمرو بن ود ينادي : هل من مبارز ؟ أين جنتكم التي تزعمون ؟ فأراد الإمام علي ان يخرج اليه فقال له رسول الله : أنه عمرو فقال الإمام علي : و إن كان عمرا . فعمم رسول الله الإمام علي بعمامته و قال له : أمض لشأنك فخرج له الإمام علي منشدا :
لا تعجلن فقد أتاك . مجيب صوتك غير عاجز
ذو نية و بصيرة . و الصدق ينجى كل فائز
انى لأرجو ان اقيم . عليك نائحة الجنائز
و بارزه الإمام علي ساعة حتى ضربه على عاتقه فخر صريعا و كر على أبنه حنبل فقتله
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يوم الخندق :
لمبارزة علي بن أبي طالب لعمر بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة
* أنظر : المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابورى 3 : 34
أما الشيخين أبو بكر و عمر فلا نعرف عن بلائهما فى الجهاد و قتالهما في سبيل الله الا أقل القليل فلم يطعنا بين يدي رسول الله يوم بدر أو أحد أو الأحزاب أو تبوك و ما نعرفه لأبى بكر الصديق أنه حمل لواء المهاجرين مرة واحدة في غزوة بنى المصطلق 6 هـ و جعل رسول الله أبو بكر على جيش المسلمين يوم خيبر فلقى هزيمة منكرة فجعل رسول الله عمر على المسلمين فلقي ما لاقاه أبو بكر من الهزيمة و بعد خيبر أرسل رسول الله ابو بكر الصديق في سرية لبني فزارة و أرسل عمر بن الخطاب فى سرية من 30 رجلا الى أرض هوازن فأنسحب الي المدينة دون قتال و أخيرا أرسلهما رسول الله في غزوة ذات السلاسل 8 هـ مددا لعمرو بن العاص فكانا تحت أمرته
غزوة خيبر ( 20 رجب 7 هـ ) تؤكد فضل الإمام علي على الشيخين في الجهاد :
أن ما حدث يوم خيبر أصدق دليل على فضل الإمام علي على الشيخين في الجهاد فى سبيل الله و من وضوح دلالاتها نكتفى بسرد الأحداث كما رواها أبن كثير و لا نضطر للتعليق عليها :
بعث النبى أبا بكر رضي الله عنه الي بعض حصون خيبر فقاتل ثم رجع و لم يكن فتح و قد جهد ثم بعث عمر فقاتل ثم رجع و لم يكن فتح . فقال رسول الله :
لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله و رسوله و يحب الله و رسوله يفتح الله على يديه و ليس بفرار
فبات الناس يدركون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على النبى كلهم يرجو ان يعطاها . و قال عمر بن الخطاب : فما أحببت الامارة الا يومئذ . فصلى رسول الله صلاة الغداة ثم دعا باللواء و قام قائما فما منا من رجل له منزلة من رسول الله الا و هو يرجو ان يكون ذلك الرجل فقال رسول الله : أين علي بن أبى طالب ؟
فجاء علي و بعينه رمد فتفل رسول الله في عينه و أعطاه الراية و قال له : أذهب فقاتل حتى يفتح الله عليك و لا تلتفت
فأنطلق الإمام علي فبرز له الصنديد اليهودي مرحب صاحب الحصن فضربه الإمام بسيفه ففلق رأسه حتى سمع وقع السيف فى أضراسه فخرجت له اليهود فطرح ترسه من يده فتناول باب الحصن فتترس به فلم يزل يقاتل به حتي ألقاه فأجتهد ثمانية من الصحابة أن يقلبوا الباب فما أستطاعوا
* أنظر : البداية و النهاية لأبن كثير 3: 358-363
و ترينا الواقعة ان رسول الله أعطى رايته للإمام علي مفضلا أياه على كافة صحابته عامة و أبو بكر و عمر خاصة بعد ان حملاها قبله فخذلا رسول الله
4- الإمام علي عليه السلام ... أبـيـن دعـوة للأسلام و لرسـوله مـن أبـي بـكر الصديق :
يقول الله تعالى :
أدع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتى هى أحسن
يروي أبن كثير عن أبى بكر الصديق :
و كان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محبا سهلا و كان أنسب قريش لقريش و كان رجال قومه يأتونه و يألفونه لعلمه و تجارته و حسن مجالسته فجعل يدعو للإسلام من وثق به من قومه فأسلم على يديه الزبير بن العوام و عثمان بن عفان و طلحة بن عبيد الله و سعد بن أبى وقاص و عبد الرحمن بن عوف فأنطلقوا الى رسول الله و معهم أبو بكر فعرض عليهم الأسلام و قرأ عليهم القرآن .
و هذا فضلا عظيما لأبى بكر الصديق لا ينكر . الا ان الإمام علي فى دعوته لسبيل الله و رسوله فاقه فضلا اذ أنه لم يدع أفرادا بل دعا شعوبا و قبائل مأمورا من الله و رسوله :
-بعث رسول الله الإمام علي الى بنى جزيمة 8 هـ :
بعث رسول الله خالد بن الوليد الى بنى جزيمة داعيا للأسلام فلما خرج اليهم جعلوا يقولون له ( صبأنا صبأنا ) أي خرجوا من دين آباهم و دخلوا الأسلام و خالد بن الوليد يأخذهم قتلا و دفع الى كل رجل أسيرا فلما أصبح الصبح أمر خالد بن الوليد بقتل الأسري فرجع المسلمون الى النبى و أخبروه بما فعل خالد بن الوليد فقال رسول الله : اللهم أنى أبرأ اليك مما صنع خالد
و عنف عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد على قتله مسلمى بنى جزيمة الأبرياء و قال له : عملت بأمر الجاهلية فى الأسلام
فقال خالد بن الوليد : أنما ثأرت بأبيك
فقال عبد الرحمن : كذبت و لكنك ثأرت لعمك الفاكه بن المغيرة
أي أن خالد بن الوليد و قد أسلم أعترف بقتل مسلمين أبرياء ثأرا لعمه الكافر !
دعا رسول الله الإمام علي و قال له : أخرج الى هؤلاء القوم فأنظر فى أمرهم و أجعل أمر الجاهلية تحت قدميك .
فخرج اليهم الإمام علي فسكن النفوس و ودى القتلى و أطفأ الفتنة التى أشعلها خالد بن الوليد
* أنظر : البداية و النهاية لأبن كثير 3: 513
-بعث رسول الله الإمام علي ليقرأ على الناس سورة التوبة في موسم الحج 9 هـ :
أقام رسول الله أبو بكر الصديق ليحج بالناس سنة 9 هـ فخرج فى 300 مسلم قاصدين مكة فأنزل الله سورة التوبة فقال رسول الله : لا يبلغها الا أنا أو رجل من أهل بيتي . فأوفد الإمام علي ليقرأ فى الناس سورة التوبة فلحق بأبى بكر الصديق و الناس فى منى يؤدون مناسك الحج فقرأ عليهم سورة التوبة : براءة من الله و رسوله الى الذين عاهدتم من المشركين
ثم بلغ الناس أمر رسول الله : أيها الناس . لا يدخل الجنة كافر . و لا يحج بعد العام مشرك . و لا يطوف بالبيت عريان . و من كان له عند رسول الله عهد فهو الى مدته فلما عاد أبو بكر الصديق جاء رسول الله فقال : يا رسول الله نزل فى شئ ؟
قال رسول الله : لا و لكن جبريل جاءني فقال لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك .
* أنظر : البداية و النهاية لأبن كثير 3: 640
-بعث رسول الله الإمام علي ليدعو أهل اليمن للأسلام 10 هـ :
بعث رسول الله خالد بن الوليد الى أهل اليمن يدعوهم للأسلام فأقام فيهم ستة أشهر كاملة يدعوهم للأسلام فلا يجيبونه فأمر رسول الله بأعادة خالد بن الوليد و بعث الإمام علي فلما دنا من القوم خرجوا اليه فصف الإمام علي أصحابه و صلى بهم ثم تقدم الى همدان و خطب فيهم و قرأ عليهم كتاب رسول الله فأسلمت همدان جميعا فى يوم واحد فكتب بذلك الإمام علي الى رسول الله فلما قرأ رسول الله كتابه سجد لله و قال : السلام على همدان . السلام على همدان .
ولي رسول الله الإمام علي على قضاء اليمن و كان شابا لا يتجاوز الثلاثين عاما فقال له الإمام علي : تبعثنى الى قوم أسن منى و أنا حدث لا أبصر القضاء فوضع رسول الله يده على صدر الإمام علي و دعا له : اللهم ثبت لسانه و أهد قلبه
فقال الإمام علي : فما شككت فى قضاء بين أثنين
* أنظر : البداية و النهاية لأبن كثير 4 : 13-16
و ما سبق يؤكد أن الإمام علي هو الأبين دعوة و الأبلغ حجة في سبيل الله و رسوله لعدة أسباب :
مع تقديرنا لدعوة أبو بكر الصديق للأولين الخمسة الزبير و عثمان و طلحة و سعد و عبد الرحمن الا ان دعوة الإمام علي لأهل اليمن كانت أشق و أجهد لأن أبو بكر الصديق دعا خمسة من أصدقاءه يعرفونه و يحبونه و هو عندهم محل ثقة كما ان لديهم أستعدادا فطري لقبول الأسلام لأستنكارهم كفر قومهم أما الإمام علي فدعا جماعة كثيفة من البشر لا يعرفهم و لا يعرفونه و يقرأ عليهم القرآن ستة أشهر كاملة فيرفضونه و مع ذلك أدخلهم جميعا في الأسلام في يوما واحدا !
بعث رسول الله الإمام علي الي نفوس ثائرة . تبكي قتلاها . حديثة العهد بالأسلام قريبة العهد بالجاهلية فنجده يهدئ النفوس و يسكن الثارات و يثبت أمر الأسلام فى تلك البقاع برغم ان رسول الله أقام ابو بكر الصديق ليحج بالناس الا أنه أوضح ان من يؤدي عنه الدعوة و أبلاغ رسالة ربه هو الإمام علي و ليس أبو بكر الصديق فلم يرض أن يكون أبو بكر الصديق أميرا على قوم فيهم الإمام علي
5-الإمام علي عليه السلام ... أقضي و أفـقـه عـلمـا و فـتـوي من أبـي بـكر و عـمر :
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :
أنا مدينة العلم و علي بابها . فمن أراد العلم فليأت الباب
* أنظر : سنن الترمذي - كتاب المناقب - باب مناقب علي بن أبى طالب
* أنظر : أحمد بن حنبل - كتاب فضائل الصحابة - حديث 1081
* أنظر : المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري
و قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم للامام علي عندما ولاه القضاء على اليمن :
ان الله سيهدي لسانك و يثبت قلبك
* أنظر : مسند أحمد بن حنبل - حديث 636
* أنظر : البداية و النهاية لأبن كثير 4 : 16
و فضل العلم و الفقه ذهب كله للإمام علي و الفضل ما شهد به الأعادي فقد شهد لفقه الإمام علي معاوية بن أبى سفيان نفسه فى فعندما كان يستعصي عليه حكما فى الشام يبعث الي الإمام علي بالكوفة يستفتيه فيجيبه الإمام علي
* أنظر : موطأ الإمام مالك - كتاب الأقضية - باب فيمن وجد مع أمرأته رجل
و لما أستشهد الإمام علي قال معاوية : ذهب الفقه و العلم بموت أبن أبي طالب
فقال له أخوه عتبة : لا يسمع هذا منك أهل الشام
فقال له : دعني عنك
* أنظر : الأستيعاب في معرفة الأصحاب - لأبن عبد البر القرطبي
و فضل الإمام علي على الشيخين في العلم و الفقه و الفتوي نجده في ذهابهما له يستفتونه فيما أستعصي عليهما من أمور فقهية و قد تكرر ذلك كثيرا خاصة على عهد عمر بن الخطاب و شهد بذلك عمر بن الخطاب نفسه بأن الإمام علي الأعلم و الأفقه و خيرهم فتوي و قضاءا بنصوص صريحة و مثبتة في مراجع أهل السنة و الجماعة
فشهد عمر بن الخطاب قائلا : أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن
* أنظر : أحمد بن حنبل - كتاب فضائل الصحابة - حديث 1100
و قال : أنت يا علي خيرهم فتوى
* أنظر : سنن الدارقطني – كتاب الصيام – باب القبلة للصائم
و قال : علي أقضانا
* أنظر : صحيح البخاري - كتاب تفسير القرآن - تفسير آية ( و ما ننسخ من آية ) -حديث 4481
و لعمر بن الخطاب قول شهير يقر فيه بأفضلية الإمام علي فى العلم و الفقه و هي : لولا علي لهلك عمر
* أنظر : أحمد بن حنبل - كتاب فضائل الصحابة - حديث 1209
* أنظر : مسند أحمد بن حنبل - حديث 1330 و 1364 و 1366
* أنظر : سنن أبو داود - حديث 4399 و 4402
و إلى أن نلتقى فى النقطة التالية ....
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
دراسة فى أثبات أفضلية الإمام علي عليه السلام - الجزء الأول
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 199
- اشترك في: الاثنين مايو 31, 2004 2:29 pm
- مكان: مصر
دراسة فى أثبات أفضلية الإمام علي عليه السلام - الجزء الأول
وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال: