صعدة مقبرة النظام
خالد سلمان ( 09/02/2007 )
محق رئيس الجمهورية وله تمام الحق في نقد مواقف النخب تجاه ما يجري في صعدة.. ولكنه النقد الخاطىء المرسل في العمق الخاطىء.. فالنخب اخطأت في الصمت حيال المجازر البشعة..
التي أرتكبتها مجنزرات السلطة بحق مدنيي صعدة.. وعجزها عن فعل شعبي ميداني حقوقي.. يدين هذه الإبادة الجماعية.. ويضغط لوقف حمامات دم النظام ضد مواطنيه، في سائر محطات الحرب الآثمة.. واحباط تحويل اليمن إلى معاقل للتواجد الأممي للسلفية التكفيرية.. والعسكرية البعثية.
في المنطق لا توجد خيارات متعددة: إما التقدم إلى أمام مصالح الشعب.. وإما الوقوف في منطقة رمادية، ونقطة وسط.. تفسر سيراً إلى الخلف والتحاقاً في آخر ركب الداعمين لهذه البربرية، والوحشية الفظة غير المبررة لآلة قمع النظام.. وهو ما تحشر به النخب عنوة بين شقي رحى بلعبة رئاسية شيطانية، تعمد إلى توجيه ضربة استباقية ضد المعارضة، لتكتيفها وابقاءها خارج ساحة الفعل المنتج.
وإن نجح مرصد الدكتور محمد المخلافي، سابقاً في رسم لوحة تنز دماً للإعتداءات الحكومية ضد قاطني صعدة.. إلا أن هذا الرصد لم تلتقطه آنذاك قوى الفعل السياسي.. لتراكم وتبني عليه رأياً وطنياً.. يرفض اللجوء إلى غمط الناس حقوقهم السياسية والمدنية وحتى المذهبية.. عبر القوة والعنف وإسالة أنهار الدم، وتوزيع أحكام التخوين وسحب صكوك الوطنية يميناً ويساراً وعلى امتداد الخارطة.
نعم من حق الرئيس التقاط هذا الارباك السياسي للنخب لعدم التدقيق في مواقفها.. وعدم المجاهرة العلنية بالانحياز الكلي لمدنيي صعدة.. خلال الحروب الماضية.. ومن حق النخب بالمقابل، بل ومن واجبها الاستفاقة السريعة من وهم جدوى تقديم الترضيات للعدوان.. وبالتالي النأي بنفسها، بعيداً عن هجمات وتخرصات رأس النظام العسكري.. فاللاموقف هو في مطلق القراءات موقفاً داعماً لهذه الذهنية الدموية التصفوية.. وهو خسارة مزدوجة للنخب: إذ تخسر تعاطف الشارع الوطني.. وتخسر في عين الوقت، رضا الحكم من مثل هكذا توجه سياسي مراوح.
تجاربنا مع العربدات السابقة للنظام من حرب 94م الإلحاقية إلى حروب صعدة وكل اليمن تقطع بأن الصمت يشد من قبضات السلطة، ويصب في مكنتها الحربية المزيد من القوة ويمنحها الغطاء السياسي الأخلاقي لسفك المزيد من الدم الحرام.
فالحكم درج على آلية متخلفة، في إدارة البلاد عبر صناعة وتفقيس الأزمات، وبعث بالونات دعائية للغرب والأمريكان، عن جذور إرهاب أصولي في اليمن يهدد ليس النظام، وحسب بل وعموم المصالح الغربية.. فتح حنفية الدم في صعدة.. واطلاق شارة البدء لعملية الأرض المحروقة.. تأتي في سياقات محددة، تقايض فيه السلطة فقدان النظام لورقة المحاكم الصومالية.. بتسويق أضاليل وجود الإرهاب المحلي بحاضنة إقليمية ايرانية في اليمن.. بحثاً عن "شباش" أمريكي.. ومساحة ابتزاز ولعب مكشوف بما يؤدي إلى ارجاء استحقاقات، تتصل بفساد السلطة ووحشيتها، وعدم صلاحيتها في الاشتغال على ملفات تتصل بالأمن والاستقرار الداخلي وفي الجوار..
من الفظاعة أن يرسم حكم الرئيس (صالح)، مناوراته الغبية تلك.. بدم ضحاياه، ان يشكل مجسم سياسته من أشلاء مواطنيه.. فان كررت النخب ذات الأداء.. إن لم تخرج من حبائل صمتها واستحياء بياناتها.. ان لم تتجاوز رجراجية مواقفها السابقة.. ان لم تتمايز عن مكنة إعلام الرئيس، بمواقف أكثر تحديداً ونضجاً وانحيازاً لناس هذه البلاد.. فإنها قد تدفع خطوة أخرى باتجاه الظل الصامت..
على كل أبناء اليمن استشعار حجم الكارثة.. على الجميع ان يتحسس حرارة دم أطفال ونساء وشيوخ صعدة.. ومن عدن إلى مران، من التهائم إلى قمم جبال كل اليمن حان الوقت لإعادة الاعتبار لوحدة المعاناة.. حان الوقت للتعجيل باسدال الستار على ترويكة حكم تقتات على استنساخ الحروب.. صناعة الأزمات.. وثقافة استمطار المزيد من الدم.. المزيد من الجثث..
على الناس أن تتحرك.. حفاظاً على حلم بلاد كل ما فيها يتكسر.. حتى لا يأتي وقت "نبكي فيه كالنساء.. وطناً لم ندافع يوماً عنه كالرجال".
... لتكن صعدة / عدن هما المحك.. هما بوابة مقبرة فساد النظام.
http://www.al-shora.net/shouradbase/new ... p?det=7620
صعدة مقبرة النظام ، بقلم / خالد سلمان
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 724
- اشترك في: الأحد يناير 08, 2006 4:40 pm
- مكان: مجالس آل محمد
- اتصال: