
الحمد لله رب العالمين، المنزّه عن مشابهة المخلوقين و المُعتلي عليهم بألوهيته و المتفضل عليهم بربوبيـَّـته. الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبةً و لا ولداً و لم يكن له نظيراً و لا نـِداًّ. الذي جعل النبوة و الرسالة حُجَّةً على الناس؛
{ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } –النساء:165-. و جعل الإمامة خلفاً للنبوة و تثبيتاً للحُجة إلى يوم الدين؛ { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } –البقرة:124-. و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله و صفيُّه من خَلقه، فصلوات ربي و سلامه عليه و على أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً؛ { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } –الأحزاب:33-، الذين هم سفينة نوح، من ركبها نجى و من تخلف عنها غرق و هوى، و على أزواجه أمهات المؤمنين و على صحابته الميامين و على من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّـا بعد ،،،
حملني على كتابة هذه الرسالة الوجيزة ما دار بيني و بين أخي في الله ( واصل بن عطاء ) حول أسباب ضعف الزيدية في عصرنا الحالي. و كان زبدة الرأي عند أخي واصل هو أن الإمامة عند الزيدية هي نقطة الضعف.
قال أخي الحبيب واصل: [نقطة الضعف التي أراها هي نظرية الإمامة من عائلة واحدة ، وهو ما يحمل تمييزا بين خلق الله على أساس لا اعتبار له في الإسلام .
وحل هذه المشكلة هو في نظام شعبي حزبي يتم فيه التنافس بين الناس جميعا على الحرص على صيانة الدين والوطن وتحقيق المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات وإلغاء الفروق الطبقية القائمة على أسس المال أو الجنس .
وفي هذا النظام يتقدم آل محمد مثلهم كباقي الناس فإن كان بينهم من يصلح للإمامة تم انتخابه ، فإن لم يكن كان غيره .] و قال أيضاً: [أرجو أن نفتح نقاشا علميا حول هذه الأفضلية القائمة على النسب ، والتي أراها فكر جاهلي حاربه الإسلام وأعاده بنو أمية ، وظهر كرد فعل عند أبناء علي ، والأفضلية في الإسلام للعمل ووحده ولا اعتبار للأنساب ، فكلنا لأدم وأدم من تراب .
وإني أحذر إذا لم يتم معالجة هذه المشكلة في الفكر الزيدي ولا أقول بنفيها ولكن بأن يعتمد نظام قائم على اختيار الإمام من بين الناس جميعا فإن كان في آل البيت من يصلح لها قدم وإلا كان غيره ولو كان عبدا حبشيا ، أحذر إذا لم يحدث ذلك فإنه يعني المزيد من الغياب للفكر الزيدي عن الساحة والمزيد من الضعف .]
و لكي أرد على رأي و مقولة أخي العزيز واصل، سأرتب الكلام و أقسمه إلى عِدَّة نقاط محددة يسهل نقاشها. و يعلم الله أننا لا نريد إلا الخير و لا نريد إثارة نعراتٍ طائفية أو جدالاً سقيماً. و أنا أحترم رأي أخي واصل و أشكره على حسن أدبه و لطفه. و أسأل الله تعالى أن يوفق أمتنا الإسلامية و يصلح ذات بينها و أن ينصرها على من عاداها أو أرادها بسوء، إنه على ذلك لقدير.
و كتبه / أبو مجدالدين الكستباني
السبت 2/12/1424هـ - 24/1/2004م