01/02/2007 م 01:08:46

أيها الحوثيون .... من انتم !!؟
---------------------- محمد محمد المقالح
الحوثيون أو من أطلقت عليهم الصحافة هذه التسمية, فرضي بها البعض واستهوت آخرين كما هو الحال في تصريحات الصديق البرلماني يحي بدر الدين الحوثي الذي أصبح يتحدث عن"أهلنا" و"أصحابنا" في تعبيرات تلقائية وقبلية لا علاقة لها بالسياسية والمواطنة في شيء ,.... هولا بالذات هم اليوم وأكثر من أي وقت مضى بحاجة ماسة إلى إعادة تعريف أنفسهم إلى الناس والى ووسائل الإعلام العربية والأجنبية حتى لا تظلمهم ويظلمون أنفسهم مرة أخرى ... من هم ...ما هي أهدافهم ...... لماذا ُيقتلون أو يقاتلون ... هل هم جماعة دينية ومذهبية .. جمعية خيرية ...حزب سياسي .... منظمة حقوقية ومدنية !؟ أم أنهم مجرد قبائل يحملون البندقية بدوافع ثأرية ويخرجون إلى البرع والزامل وشعار الموت لأمريكا في مناسبات الغدير وغيرها من المناسبات الاجتماعية والدينية, , الخ !!؟
لإجابة على هذه الأسئلة الهامة والضرورية هو ما يحتاجه أتباع حسين الحوثي ومن هذه النقطة يبدأ حل مشكلة صعدة المتفاقمة والتي أهلكت الحرث والنسل بسبب جهل الغالبية من الناس بكنه المشكلة التي ساهم فيها الحوثيون أنفسهم بوعي وبدون وعي والأقرب بدون وعي واستغلتها السلطة لاستمرار الحرب والإثراء منها أيضا وعلى حساب دماء ومعانات المواطنين في صعدة وغيرها .
لم يعد يكفي وبعد أربع سنوات من الحرب والتوتر في صعدة,أن يطرح البعض من أتباع الشهيد حسين بدر الدين الحوثي أنهم مجرد مواطنين "مظلومين" وأنهم لا يعملون شيئا سوى الدفاع عن أنفسهم ومعتقداتهم حتى الموت و"الشهادة" ,فهذه الحجة حتى وان كانت صحيحة 100% ,وهي تحمل من ذلك الشيء الكثير فعلا ,إلا أن "حجة الدفاع عن النفس" بالسلاح كانت ولا تزال "حجة قوية" بيد السلطة وتستخدمها باستمرار ضد الحوثيين وليس العكس, وفي كل مرة كان يرغب فيها قادة الوحدات العسكرية المنفلتة من عقال القانون والأخلاق في تفجير الحرب وفي الإثراء منها كانوا يطرحون وجود "مجموعة" مسلحة تقاوم سلطات الدولة " الشرعية" وبالتالي فان من حقها أن تتعامل معهم كمتمردين وان تعيدهم إلى الشرعية بقوة السلاح
وتحت هذه الحجة نجحت السلطة وبسبب سيطرتها على وسائل الأعلام,وضعف ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة لدى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وبسبب غموض الحوثيين وعدم وجود رؤية سياسية واضحة لديهم ... نجحت في أن تقدمهم في كل مرة "قربانا" لجهة من الجهات المحلية والإقليمية والدولية ...
في البداية وفي حرب مران الأولى حاولت السلطة تقديم حرب صعدة للعالم باعتبارها جزء من الحرب ضد الإرهاب الأصولي وقد نجحت جزئيا ولو عبر صمت المنظمات الحقوقية العالمية تجاه الجرائم التي ارتكبت في صعدة وفي حرب مران تحديدا, ..
وفي المرة الثانية قدمت الحرب باعتبارها جزء من الحرب الإقليمية لمواجهة ما سمي بـ"الخطر الشيعي "على منطقة الخليج والجزيرة وقد نجحت في ذلك كليا, خصوصا بعد أن ساندتها في الحرب دول إقليمية عديدة بالمال والسلاح, وها هي اليوم تحاول طرح الموضوع من جديد بعنوان الخطر "الصفوي الفارسي" في محاولة مكشوفة لاستغلال التوتر الطائفي في العراق والمنطقة كما هي العادة دائما في استغلال الأحداث الداخلية لتسويق السياسة الخارجية , ...وإذا كانت السلطة أو أطراف منها بهذه القدرة "الأخلاقية" العالية في استخدام دماء مواطنيها وجنودها في سوق العرض والطلب الإقليمي والدولي !؟فان من المؤسف والمؤسف جدا أن يقدم الحوثيون لها وباستمرار الحجة تلوا الحجة من اجل الإثراء بالحرب والدماء,لا لشيء إلا لأنهم ظلوا متمترسين وبدون وعي تحت عنوان واحد جعلوا منه نهاية الكون هو عنوان "الدفاع عن النفس" حتى الشهادة.
لقد قاتل الشهيد حسين بدر الدين الحوثي وثلة قليلة من أتباعه المؤمنين قتال الإبطال في مران , وقدموا وعلى مدار ثلاثة اشهر من القتال بأسلحتهم الخفيفة أروع الأمثلة في الشجاعة والتضحية والفداء,وفي الأخير وبعد أن نفدت الذخائر والأغذية اعدم حسين الحوثي جريحا وهو مرفوع الرأس, غير أن ما يجب أن يفهمه أتباعه اليوم في النقعة وغيرها من المناطق والجبال المعزولة هو أن قتال زعيمهم الشهيد وبطولات أتباعه وتضحياتهم العظام في حرب مران كانت كلها مفهومة ومبررة لهم وللرأي العام أيضا,لأنهم كانوا مظلومين فعلا و لان "الجماعة" كانوا يطلبون رأس حسين بدر الدين ويستهدفون قهره وإذلاله, لدوافع وأسباب شخصية وثأرية في معظمها,ولذلك أطبقوا عليه الحصار من اللحظة الأولى وشنوا الحرب بكل الأسلحة والمعدات بما فيها الطيران والصواريخ والدبابات , ولم يسمحوا له بمنفذ واحد للحوار أو للانسحاب , وبالتالي لم يكن أمامه وهو- الحر الأبي كما اعرفه -سوى القتال حتى الموت وهذا ما حصل في 10سبتمبر2004م وكان ولا يزال مفهوما ومقبولا من قبل الرأي العام , أما أن تكون"الشهادة "والدفاع عن النفس حتى الموت هي المثل الوحيد الذي لا يجوز الإقتداء بغيره وفي ظروف وأجواء مختلفة وبعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ ومن قبل أشخاص آخرين لا علاقة لهم باتصال "صنعاء" التلفوني الشهير , فهذا هو الغباء أو قل القتل المعنوي والأخلاقي لرمزية الشهيد حسين بدر الدين ولتضحيته البطولية الرائعة , ومن قبل اقرب الناس إليه أو هكذا يفترض. .
وفي سياق متصل وعندما رفع حسين الحوثي شعاره الشهير"الموت لأمريكا الموت لإسرائيل " وجعل منه عنوانا لحركته ومركز جذب للشباب من حوله لم يكن بذلك يستلهم فقط تجربة الثورة الإسلامية والبدايات الأولى لحزب الله اللبناني مفترضا أن هذا الشعار سيكون "جامع" ولا خلاف حوله كما كان في إيران الثورة ولبنان الحزب وليس شعارا"مفرقا" ويمكن أن تسفك من اجله الدماء الداخلية الكثيرة كما تبين لاحقا في صعدة وغيرها ,ولو عرف ذلك لما عمل, ولربما اتخذ شعارا أخرا لكشف ضيق الديمقراطية اليمنية وعدم قدرتها على تحمل الآخر وحقه في التعبير السلمي.
لقد كان شعار "الموت لأمريكا" في جزء منه تعبرا عن فشل تجربة الشهيد حسين الحوثي المريرة مع حزب الحق بعد إضعاف وضرب السلطة المتعمد للحزب وللمجتمع السياسي اليمني برمته, لكن هذا الموقف يجب التعامل معه وفقا لظروف الزمان والمكان ولا يجوز اتخاذ موقفا دائما ونهائيا ضد العمل السياسي والحزبي كما يعمل أتباع الحوثي اليوم ويفقدون بذلك فرصة تاريخية للنضال السلمي والمدني وفقا للدستور والقانون بل ويخسرون فرصة الدفاع عن مظلوميتهم ومعاناتهم من قبل الأصوات المدنية والحقوقية في كل اليمن وفي كل العالم , ثم إنني افهم أن يكون هنالك حزب أو حركة لها شعار لكنني لا افهم أن يكون هنالك شعار هو الوسيلة والهدف وهو كل شيء... هل أكون قاسيا هنا؟ ربما تكون القسوة ضرورية وفيما يخص حفظ الدماء والأرواح بالذات
قلت في وقت سابق بان السلطة الاستبدادية في المنطقة العربية تستطيع أن تبقى على راس الحكم قوية ومتماسكة في حرب داخلية أو أهلية تستمر ست سنوات أو أكثر , لكنها لا تستطيع ألبقا على راس الحكم في مسيرات شعبية وسلمية تستمر ستة أيام يطالب فيها الشعب كل الشعب بسقوطها , اما لماذا !؟ فلأنها في الحالة الأولى لا تهتم كثيرا كم يقتل من الجنود والمواطنين في الحروب الداخلية والأهلية طالما "والحجر من القاع والدم من راس القبيلي " وطالما والكرسي محفوظا فلا باس من تقديم الدماء والأرواح حتى لو تحول صاحبه إلى أمير حرب , وهذا ما تؤكده التجارب "الإنسانية" لأمراء الحرب في معظم بلدان العالم الثالث, حيث تستمر الحروب الداخلية بلا نهاية بل إنها تتحول مع المدى إلى مصدر للإثراء ولكسب الوجاهات والنفوذ, أما في الحالة الثانية فلن تستطيع السلطة مواجهة الشعب بالجيش وإذا ما استخدمته في اليوم الأول وقتل العشرات من المتظاهرين بدون رد أو استفزاز فلن تستطيع استخدامه في اليوم التالي , هذا ما يقوله التاريخ وهذا ما يجب أن يعيه الحوثيون في النقعة وغيرها من الجبال التي عزلوا أنفسهم فيها بعيدا عن مجتمعهم وحاضنتهم الطبيعية .
في أول مهرجان انتخابي لرئيس الجمهورية دعا فيه عبد الملك الحوثي وعبد الله عيضة الرزامي إلى النزول من الجبال وتشكيل حزبا سياسيا ضمن الدستور والقانون , وقبل ثلاثة أيام دعا الرئيس عبد الملك الحوثي إلى تسليم الأسلحة الثقيلة لأتباعه , وأنا شخصيا مع الرئيس في الدعوتين ولكن بدون وعد ووعيد بل إنني ادعوا إلى تسليم الأسلحة الخفيفة أيضا واستبدالها بأسلحة سلمية أكثر فتكا واقل خسائر في الأرواح والدماء.
اعلم بان الثقة معدومة بين الطرفين ولن يامن لا الحوثي ولا الرزامي عدم التعرض لهما بالاغتيال والقتل كما حصل لعدد من اتباعهما أثناء الهدنة , خصوصا بعد أن قام ألسفها والقتلة بمطاردة عالم جليل في الثمانيين من عمره اعتبره شخصيا من اجل علماء اليمن ومن أكثرهم زهدا وورعا والمقصود هنا هو الوالد العلامة بدر الدين أمير الدين الحوثي ,غير أنني اعرف ولهذا السبب بالذات أن الرجل متسامحا وممن يجنحون إلى السلم والى حقن الدماء رغم كل الجراحات والمهم هو الوصول إليه وعدم جعل المتمترسين في الجبال حاجزا بينه وبين دعوات الخير والتسامح .
اختم بالقول بأنني لست معنيا ما إذا كان عبد الملك الحوثي أو عبد الله عيضة الرزامي سيبادران إلى النزول من الجبال وتشكيل حزب سياسي أو منظمة مدنية أم أنهم"سيتشرذمون" مثل أي حركة معزولة عن شعبها في العالم , ما يهمني وسيضل يهمني هو الحرب في صعدة ,وضرورة إيقاف نافورة الدم المسكوب هناك , وهي مسؤولية الدولة والسلطة وكل المعنيين بحفظ دماء الناس وأرواحهم , ومن ضمنهم من يطلق عليهم الناس اليوم تسمية "الحوثيون" أو أصحاب الشعار الشهير الذي لا باس من ترديده معهم اليوم في العراق وفلسطين ولبنان بل واليمن أيضا بشرط أن لا تسفك من اجله الدماء الداخلية الزكية .
-----------------------
نقلا عن صحيفة الثوري