هل يأتي شرع بنفي وجود الله ؟! ( حول حجية العقل)

[عبدالوكيل التهامي]

سم الله الرحمن الرحيم

هل يأتي الشرع بنفي وجود الله ؟!!

قرأت أحد الابحاث في ثنيات هذا المنتدى الكريم تناقش مدى حجية العقل ومدى سلطانه في تأويل وفهم النصوص المتعلقة بقضايا أصول الدين ، حيث يوصف المعتزلة فيها بالتعطيل وبتحكيم العقل على الشرع كمرادف للزيغ والضلال وأحيانا بالاغراق في الاعتماد على العقل في مقابل التفريط بالنص.

ولكي أبين بشكل مختصر وواضح أن هذا المنهج المعتزلي الشهير إنما هو منهج حتمي لكل مؤمن عاقل لا مناص منه أوجه هذا السؤال البسيط إلى جميع المتهمين للمعتزلة قائلا بالاعتماد على الله:

هل من الممكن أن ينص شرع بنفي وجود الله ؟!

وقد تحريت في هذا السؤال أن يكون متناولا لقضية هي محل اتفاق بين الفرقاء لعله يكون الارضية التي من الممكن الانطلاق منها إلى فهم الدواعي الحتمية التي دفعت بالفريق المتهم (بفتح الهاء) إلى منهج التأويل حيث كان مبرره هو تقديم رؤية منسجمة للنصوص الشرعية مع العقل ومع سياقها وأمثالها تصديقا لقوله تعالى عز من قائل : "لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" إذ أنه منهج في غاية البساطة والوضوح ولا يحتاج سوى لوقفة تأمل وصدق حتى يتخذه المؤمن الموحد منهجا لا مناص عنه.

ولزيادة التوضيح هذه صيغة أخرى لهذا السؤال بناء على التفريق السلفي بين طرق التوصل إلى التوحيد التي أدناها الاعتقاد بوجوده تعالى :

هل بالامكان أن يكون التوحيد الذي يأتي به الشرع نافيا لوجود الله ؟!

فإذا كان الجواب هو (نعم) أو (ممكن) فقد كفر المجيب ، لان الشرع أو التوحيد الذي يؤمن به لا يصدر عن إله موجود.
وإذا كان الجواب هو (لا) أو (مستحيل) فقد دخل المجيب في مذهب المعتزلة لانه يحكم العقل على الشرع وسيضطر إلى تأويل أي نص من هذا القبيل - إن كان قطعي السند - إلى معنى لا يتعارض مع وجود الخالق الثابت أصلا بالعقل.

فإذا سلم المجيب بتلك الدلالة فإنه حينئذ ينظر من نفس الزاوية التي ينظر منها المعتزلة إلى قضية التأويل وحتميتها وسيعلم علم اليقين أنهم ليسوا هواة للتأويل بقدر ما هم متحملون لمسؤولية العلماء الذين ألقي على عاتقهم تفسير النصوص الشرعية والجمع بينها وفهمها دون ان تتعارض أو تتضارب أو ينفي بعضها بعضا عند العقلاء لتمام الحجة وخلوها من اللغو والتناقض ، فالتفريط بذلك حتما هو نظير الصد عن سبيل الله ولكن تحت لواء مذهبي مخدوم قوامه "إعمال ظواهر النصوص وإهمال قواصر العقول" (راجع موضوع "هل للنبي جناح في عقيدة المسلمين").

[محمد الغيل]

سلمت لنا تلك الايادي