الأخ / عبدالملك الحوثي لـ"البلاغ":
هناك بعضُ الأشياء يوجدُ إتفاقٌ بشأنها مع الحكومة
هناك جهاتٌ تتعمدُ عرقلةً كلّ الجهود الرامية إلى إيجاد حلول
ملف »صعدة« هو اليوم في طريقه إلى الإغلاق مع توفر النوايا الحسنة.. ولا شك أن إغلاقَ هذا الملف يحتاجُ إلى إرادة قوية وإلى قرار وإلى تجاوب جميع الأطراف..صحيحٌ أن هناك قضايا لا زالت شائكةً أو تمثل حجر عثرة أمام إغلاقه.. لكن الإرادةَ القويةَ ستؤدي إلى إغلاقه خاصة إذا احتكم الجميعُ إلى الدستور والقانون.
هناك مَن استفاد من حرب »صعدة« وهناك مَن يريدُ ابقاءَ هذا الملف مفتوحاً ًوهو يصطادُ في الماء العكر.. لكننا ومن خلال متابعة هذا الملف نرى أن هناك إرادةً سياسيةً لاقفال هذا الملف من قبل الدولة، ونرى أيضاً من خلال المتابعة أيضاً أن هناك تجاوباً من قبل عبدالملك الحوثي الذي يرى أن الإشكالية ليست تمرداً على السلطة أو رفضاً للدستور والقانون وإنما هي قضية تتعلق بأمر (الحرية) وأنه مع التوصل إلى حل بالنسبة إلى هذه القضية فإن ملف صعدة يعتبر منتهياً مع تأكيده على أن هناك جهات تريد إبقاء هذا الملف مفتوحاً ، لكنه بالعمل وبالصدق سيكون في طريقه إلى الإغلاق..
ومن المهم هنا الإشارةُ إلى أنه ومن خلال هذا الحوار اتضح أن هناك الكثير من نقاط الإلتقاء وإن نقاطَ الخلاف ليست كثيرة وأن حَلـَّها بالإمكان خاصة وأن التوجه الرسمي ليس مع بعض التصرفات التي يمارسها البعض باسم الدولة من مضايقات في المساجد أو المعتقد المذهبي..
ويتضح من خلال هذا الحوار أن إزالةَ هذه الممارسات الخاطئة ستكون بلا شك المشروع الرئيسي لإغلاق هذا الملف.. فإلى نص الحوار :-
ملاحظة: أجرى هذا الحوار قبل زيارة الأخ الرئيس لمران ومديرية حيدان بمحافظة صعدة.
{ حاوره / عبدالرحمن فايع
> ما تقييمُكم للأوضاع على الساحة اليمنية، خاصةً وأنها مَرَّتْ بأحداث كثيرة؟.
>> في البداية نهنؤكم بحلول شهر رمضان المبارك الذي ينبغي أن يكونَ فرصةً عظيمةً لتغيير واقع الأمة العربية والإسلامية، وتغيير نفوس الناس، فلن يغيِّرَ اللهُ ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، أما ما يتعلقُ بواقع اليمن والأمة الإسلامية فالكلُّ يعرفُ أن الأمة الإسلامية بما فيها اليمن تعيش في واقع مؤسف، والمتأمل في هذا الأمر سيلحظ أن الوضعَ يتغير من سيء إلى أسوء، فالأمة الإسلامية بحاجة إلى مَن يغيِّرُ واقعَها بشكل عام، وأعتقد أن الشيءَ الوحيدَ الذي يمكن من خلاله تغييرُ واقع الأمة الإسلامية بكاملها هو العودةُ الجادَّةُ إلى القرآن الكريم، وإلى تعاليمه، ومبادئه، ورُؤاه المتكاملة في شتى المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية... الخ، كما أن أيَّ جُهد يُبذل وكلَّ عمل يقدم يهدفُ إلى التغيير ولا ينطلق من خلال الرؤية القرآنية الصحيحة فسيكونُ محكوماً عليه بالفشل، ويشهَدُ بذلك الواقعُ الذي يَئنُّ بأوضاعه المتردية، وأكبرُ دليل على ذلك شعاراتُ التغيير التي تنطلقُ من كلِّ بلدان العالـَم الإسلامي، إلا أن الملحوظَ أن تلك الشعارات، وتلك المطالب جميعَها لم تنجح في إحداث نوع من التغيير لافتقارها إلى الرؤى القرآنية الصحيحة، وهو ما يجعلنا نجزمُ أن الإلتزامَ الصحيحَ بالقرآن، والعمل به، وفهمه فهماً صحيحاً باعتباره منهجَ حياة شاملاً وكاملاً لا مجرد كتاب خاص بالمواعظ كما يراه البعضُ.
> تابعنا منادات الرئيس لكم عند زيارته للمحافظة في مستهلِّ حملته الإنتخابية بالنزول من الجبال، وأن لكم كلَّ الحقوق، وعليكم واجبات.. فما المستجَدُّ في هذا الجانب؟.
>> كنا دائماً نستغربُ هذا الكلام، فقد كنا ولا زلنا نقول: إن ما أوصلنا إلى الجبال هو عدوانُ الدولة علينا، فقد حُوربنا في البداية في بيوتنا ومنازلنا ومناطقنا في "مران" والمناطق المجاورة لـ"مران"، ثم حصل اعتداءٌ جديدٌ متمثلٌ في تدمير البيوت والقرى، وهذا كان من أهم الأسباب التي أدت إلى نزوح الناس للجبال، وعندما وصلنا إلى الجبال كان موقفنا واضحاً منذ البداية »بعد الحرب الثانية بالرزامات«، وصلنا إلى الجبال، ومكثنا فيها ولم يحدُث منا أيُّ موقف لعدة شهور، فالقضيةُ لم تكن كما يقال قضية تمرد، فقد لـُذنا بالجبال بأنفسنا وبديننا وبمبادئنا، والحربُ في "مران" والمناطق المجاورة لها وفي "الرزامات" كانت حرباً شاملة تستهدفـُنا وتستهدفُ مبادئـَنا ودينـَنا، وكانت الحربُ تقدَّمُ على أنها حربٌ دينيةٌ كما كنا نسمَعُ من خلال مكبرات الصوت، تحشَرُ فيها قضايا مذهبية وغير ذلك.
ولم يكن تواجدُنا في الجبال تمرداً كما كان يقال، لكننا نزحنا من مناطق دُمرت!، وأُخرِجنا منها بالقوة!، فمكثنا في الجبال وبشكل طبيعي إلى أن تم اتخاذُ قرار بشن الحرب الثالثة علينا في الجبال والمناطق الجديدة التي سكنا فيها مؤخراً، والآن يدعوننا أن ننزلَ من الجبال ونترك هذه المناطق التي سكنا فيها مؤخراً، والواقعُ أن المناطقَ الأخرى تعيشُ واقعاً سيئاً للغاية، واضطهادٌ واقعٌ للناس في مبادئهم، واحتلالٌ لمساجدهم، وهيمنةٌ كاملةٌ عليهم جعل معظمَ المناطق أشبه بمواقع عسكرية بحتة، وبعض البيوت لا زالت محتلة ولا زالت بعضُ الأسلحة الثقيلة موجهةً إلى بعضها، وهو ما يجعلُ تواجُدُنا في الجبال أمراً طبيعياً وليس تمرداً، مما يجعل مطلبُهم بالنزول من الجبال مطلباً لا مبرر له، كما أن الوضعَ في مناطقنا التي أُخرجنا منها لا تشجعنا على النزول من الجبال، كما يتم أخذُ مبالغ كبير من الناس، والمبالغ في فرض الزكاة والضرائب، وكذا أخذ مبالغ كبيرة مقابل إخراجهم من السجون، وهو ما يستوجبُ على الحكومة معالجةُ تلك الأوضاع المأساوية القائمة.
> في رسائلكم إلى لجنة الوساطة ذكرتم معاناة السجناء والإعتقالات الأخيرة والمضايقات للعائدين من "مران" وغيرها من المناطق الأخرى، وقد نما إلى علمنا أن هناك عرقلةً لإطلاق ثلاثة سجناء مرضى وطلب ضمانات لإطلاق سراحهم، ما الجديد بالنسبة للسجناء؟.
>> الوضعُ داخل السجون أو خارجها ليس على ما يُرام، ففي الفترة الماضية حصلت ملاحقاتٌ ومتابعاتٌ، وكانت الإعتقالاتُ تلاحقـُهم، كما كان يتم حتى اعتقال المرضى في المستشفيات، وقد جرى في »مستشفى السلام« أن بعض المرضى كانوا "يُكَلـْبَشُونَ" في أسرَّتهم داخل المستشفى!!.
أما السجونُ فالجميعُ يعلمُ أن وضعَها مزرٍ، ولا إنسانية فيها ولا رحمة، فالوضعُ كما قلت بحاجة كذلك إلى إصلاح في السجون التي يوجدُ فيها مساجينُ منذ عدة سنين بلا إدانات سوى صرخة أطلقوها بـ"الجامع الكبير"، وهذا ظلمٌ وباطلٌ ولا مبرر له قانوناً ولا دستوراً.
والغريبُ أن السلطةََ قررت الإفراجَ عن السجناء لكنها لم تفرج سوى على البعض منهم، في حين الأكثر لا زالوا في السجون، وقرارٌ بعد قرار، وعفوٌ بعد عفو، إلا أن السجونَ لا زالت ملأى بالسجناء.
> ما الجديد في ملف المفقودين؟
>> بالنسبة للإخوة المفقودين فهم في الأصح غير مفقودين، بل هم موجودون في يد السلطة، وقد سيطرت عليهم أثناء المعارك، ومع ذلك نحن نعتبرُهم أحياءً، وتتحمل السلطةُ المسؤوليةَ الكاملةَ في ما يتعلق بمصيرهم.
وقد أُبلغنا عن مكان تواجد بعضهم، وأملنا إن شاء الله إذا كانت السلطة جادةً في وضع حد لتلك المآسي أن تضَعَ حداً كذلك لهذه المشكلة.
> صرَّحَ عضوُ لجنة الوساطة د/ فضل المطاع: إن توجيهات رئاسية صدرت بإطلاق كافة المساجين، فإلى أين وصلت الأمورُ في هذا الجانب؟.
>> نعتبرُ أنه لا يوجدُ موقفٌ جادٌّ من السلطة لإطلاق السجناء؛ لأنه لو كان هناك موقفٌ جاد لرأينا الأثرَ على أرض الواقع، والسلطةُ بحاجة إلى الصدق، وفيما يتعلق بلجنة الوساطة فهم يتحدثون بأن هناك بوادر من السلطة، وأن الرئيسَ قد اتخذ قرارات فإننا مع ذلك نريد أن نرى تلك القرارات على أرض الواقع.
> ما هي نقاطُ التقارب في المواقف ونقاطُ الإختلاف بينكم وبين الحكومة؟.
>> هناك بعضُ الأشياء يوجدُ اتفاقٌ بشأنها؛ لكن لا يوجد اتفاق على إعمالها وتنفيذها، فعلى سبيل المثال نحن نؤكد دوماً على أن لنا الحرية الكاملة في المبدأ، والفكر، والتعبير، وممارسة الشعائر الدينية، وهو حَقٌّ شرعي ودستوري، ورغم أنهم يقولون دوماً لنا: هذا صحيح. إلا أنهم مع ذلك يطلبون منا أن لا نمارِسَ حقوقـَنا في التعبير، أو في ممارسة حرية الفكر، وأن نسكتَ عن أشياء أخرى تتناقضُ مع ما يعترفون به لنا من حقوق.
> ماذا عن العفو العام؟
>> أعتقد أنه كان من المفترض بموجب العفو العام أن يتم الإفراجُ عن كافة السجناء دون الحاجة إلى وضع آلية معقدة، أما بقيةُ الجوانب الأخرى كرفع الآليات العسكرية فهي الأخرى لا تحتاجُ إلى آليات معقدة، وإعادة الوضع إلى سابقه لا يحتاجُ إلا إلى الجد والمصداقية فيما يتخذونه من قرارات؛ لأنه لا توجد هناك عوائق من قبلنا نحن، وأعتقد أن هناك جهات داخل السلطة تتعمدُ عرقلةَ كل الجهود التي تـُبذَلُ للوصول إلى حلول سلمية، وإعادة الوضع إلى ما قبل الحرب، باعتبار أن لها مصلحةً من التوتر والمتاجرة بالأرواح والدماء والخراب، وتعملُ لجهات أخرى قد تكون خارجية!! وهذا شيءٌ مؤكـَّدٌ!!.
> ما موقفـُكم من اغتيال الدكتور/ أحمد صالح الأعجم ورفيقه؟، ومن تعتقدون أنه المستفيدُ من ذلك؟.
>> بالنسبة لهذا الحادث المؤسف فقد اعتبرناه منذ البداية جريمةً، وقد سمعنا أن هناك بعضَ الجهات الحاقدة والسيئة تحاولُ أن تنسبَ الحادثَ إلى بعض الإخوة، وهذا كما أكدناه يعد زوراً وبُهتاناً، فهذا الحادثُ يعتبر جريمةً بكل المقاييس وعملاً لا مبرر له، فمثلُ هذه الأحداث لم تحصُلْ في صعدة فقط، بل حصلت كذلك في محافظة مأرب وفي محافظة حضرموت، مما يؤكد أن هناك جهات كانت تسعى لتنفيذ بعض الأعمال لتحقيق أهدافها وأطماعها.
> كيف تنظرون لـ"حزب الله"، وقراءتكم لموقف بلادنا؟.
>> نحن نعتبرُ "حزبَ الله" حُجةً كبيرةً لله على الشعوب، ونموذجاً عظيماً للشعوب نفسها، والأحداثُ قدمت درساً مهماً لا يمكن لأحد أن يتجاهلـَه إلا إذا كان ينكرُ الواقعَ، وأعتقدُ أن الشعوبَ بحاجة إلى أن تستفيدَ من هذا الدرس.
فموقفُ الحكومة اللبنانية كان نموذجاً للحكومات العربية كيف تعاملت أثناء الأحداث وبعدها على عكس موقف "حزب الله" الذي يعَدُّ نموذجاً عظيماً ومشرفاً.
وبالنسبة للنصر العظيم الذي مَنَّ اللهُ به على المجاهدين في "حزب الله" يعتبَرُ درساً مهماً لا ينبغي التعامُلُ معه فقط بالعواطف وإنما بالاستفادة منه على أرض الواقع العملي، والمؤسفُ أن معظمَ الشعوب تتعامَلُ مع تلك الأحداث فقط بعواطفهم، أما ما يتعلق بالموقف الرسمي فهو لا بأس به.
> يتعرَّضُ الإسلامُ لحملات إساءة مُستمرة ما تعليقـُـكم على ذلك؟
>> بالنسبة لما يحصُلُ من قبَل فريق من "أهل الكتاب"، أو من قبل جهات كثيرة غربية من مواقف معادية للإسلام، فالذي يحصُلُ عملياً أكثرَ مما يحصلُ كلامياً، فالملاحَظُ أن الإسلامَ يتعرضُ في الواقع العملي إلى حرب شرسة تستهدفُ المعتقدَ، والثقافة، والفكرَ، ونشرَ الفساد الشامل في أوساط المجتمعات الإسلامية، فالمسلمون أصبحوا في وضع مزرٍ يسيطرُ عليهم أعداؤهم سيطرةً كاملةً، يحتلون مقدساتهم، وبلدانـَهم، وينتهكون أعراضَهم، ويسفكون دماءَهم .[/b]
http://www.al-balagh.net/index.php?opti ... 04&Itemid=
السيد عبدالملك الحوثي في حوار مع صحيفة البلاغ
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1036
- اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 10:20 am