صالح يهدد بالعسكر ويصف المعارضة بـ "التتار" وديمقراطيته ترفض المنافسة
رئيس قيد الارتباك !
يحلو لمرشح المؤتمر الشعبي العام وصف الانتخابات الرئاسية المقبلة بالمعركة وفي أحسن حالات تعديل الوصف فإنها لا تتجاوز كونها عراكاً، وتبدو دلالات ذلك واضحة في عدد من الخطابات ارتفعت فيها وتيرة الإقصاء وصولاً إلى التلويح بالقوة المسلحة لحسم ما بات معروفا في قاموسه "معركة الانتخابات".
مشكلة علي عبد الله صالح أنه لم يألف من قبل منافسة جادة على المنصب الذي يحتكره منذ 28 عاماً ، وقد مثل قرار خوض اللقاء المشترك المنافسة صدمة قوية للرجل الذي ظل يبعث برسائل متلاحقة حولت كرسي السلطة إلى "نار" والتهديد بأن أي تغيير سيقود إلى "صوملة البلاد".
وكانت تلك خطاباته قبل الشروع في الانتخابات بأشهر رغم ما حاول الإيحاء به من عزوف عن السلطة تمثل بقراره عدم الترشح للرئاسة في يوليو 2005م ليعود بعد أحد عشر شهرا عن القرار بمسرحية صاغها مؤلفون بائسون ما زالوا يتعبدون في محراب الزعيم الذي تخرج من أجله الجماهير ناحبة خوفاً على مستقبلها وهو ما شهدته البلاد ليجعل منها أضحوكة أمام العالم في الوقت الذي يزعم الحاكم أن البلد مهيأ للتداول السلمي للسلطة وتعيش حالة رخاء ديمقراطي!!
أسوأ ما عاد صالح لترديده في حملته الانتخابية التي بلغت ذروتها بالإعلان عن محافظات مغلقة له ولحزبه زعم وجود مؤامرة على البلد تريد تدمير التنمية التي حققها للوطن حد زعمه!!
لكن الأسوأ على الإطلاق اعتبار المنافسة أشبه بعملية عسكرية على "كنز" اسمه "البنك المركزي".
وعكست خطابات مرشح المؤتمر الأخيرة لا سيما في محافظة حجة وعبس وريمه والحديدة حالة تخبط وارتباك إذ أن الرجل بدا خاليا من شيء يفاخر به أمام الجمهور الذي يعيش حالة بؤس لم تشهدها البلاد من قبل ليجد في الحديث عن الثورة، والجمهورية والوحدة ملاذا وكأنه صانعها بل إنه قال في خطابه في حجة: "وضعنا لبنات ثورة 26 سبتمبر " هكذا يجيِر صالح التاريخ مثلما فعل بالجغرافيا وكأنها شيكاً في رصيد خاص.
لقد بلغت حالة الفوضى والفساد في عهد صالح ما لم تشهده اليمن في أسوأ مراحلها انحطاطاً، ولم يسبق لحاكم يمني أن ظهر مستسلماً أمام اللصوص وناهبي المال العام كما فعل صالح في خطاب شهير العام الماضي بمحافظة إب قال لهم: "إن الله هو من سيحاسبهم" ولن يفعل ذلك هو.
وأمر من ذلك أن الرجل لا يرى في المنافسة أكثر من كونها سباقا على البنك المركزي وهي تكشف نظرة الحاكم للسلطة باعتبارها بنك مركزي تحت السيطرة ومؤسسات عامة لا يفصل بينها وممتلكاته الشخصية شعرة ليذهب بعدها حال المواطنين إلى قعر البؤس كما هو حاصل الآن، وذلك لا يستحق المنافسة لإنعاشه بالنتيجة.
الوطن في مفهوم صالح هو كرسي يمارس من خلاله الأمر والنهي، ويبلغ الأمر في هستيريا ربط الوطن ومصيره بشخصه حد التوحد، فإما أن يظل رئيساً لينعم الوطن بالأمن والاستقرار حد مفهومه وهو تهديد مبطن وإلا فإن مصير الصومال بالانتظار وهو ما سبق أن صرح به في خطاب شهير بصنعاء قبل أربعة أشهر تقريباً.
يظهر مرشح المؤتمر الذي يزعم صنع الوحدة والديمقراطية مهجوساً بشق الصفوف وإثارة خلافات الماضي وربما هي الطريقة المثلى التي استمرأها لحكم اليمن طيلة تلك الفترة الحالكة من حياة اليمنيين.
والديمقراطية بحسب إدراكه كما صار واضحاً أنها لا تقبل المنافسة على كرسي الحكم، ويفضل أن تبقى ديكوراً تزين وجه حكمه أمام العالم، وتكشف خطاباته أن الوئام بين الأحزاب وفرقاء السياسة أمر لا يروقه، ويرقب فيه خطراً عظيماً، لا يهدد بقاءه على الكرسي كما هي الديمقراطية في كل مكان، بل تهدد الوطن والوحدة والثورة وكثير من المسميات التي يقتات منها الحكم بشكل صار يبعث على الضحك والبكاء معا.
لقد رأى مرشح المؤتمر في اللقاء المشترك تآمراً وانقلاباً على الشرعية ، التي يكيفها كيف أراد ولعل ذلك أبلغ ما قد يذهب إليه حاكم وطني في أسوأ حالات الاستبداد.
لكن تصوير المعارضين كغزاة وهو ما قذفه في وجوه المواطنين وعدسات التلفيزيون المحلية والأجنبية في مهرجانه بالحديدة بوصفهم "بالتتار" مؤشر خطر جامح يركبه صالح ربما ليبرر إجراءات انقلابية ضد الديمقراطية المعلنة لحماية الوطن وهو أقرب ما يستدعيه اللفظ حال إطلاقه.
إن خطاباً إقصائياً وإلغائياً ما برح مرشح المؤتمر يصطحبه عند كل مهرجاناته ، يدفع بالتساؤل: ما الذي يعد له الرجل بعيداً عن الصندوق؟!
في حجة وريمه وعبس والحديدة لم يجد مرشح المؤتمر ما يقدمه لهم غير تهما لتسويق نفسه مدافعا وحيدا عن البلد فيما تحاول المعارضة الانقضاض على الوطن لسلب ثرواته ونهبها والإجهاز على ما تبقى للمواطنين من رمق لسرقة أحلامهم!!
ولم تسترعِ اهتمام الرئيس في حجة والحديدة وعبس حالة البؤس التي تستوطن طوايا مئات الآلاف من المواطنين وهو إذ ظهر بشكل أعد سلفاً حاضنا لطفل يبدو أنه إبن لأحد أفراد حاشيته فإن عشرات الآلاف من الأطفال الذين يتم تهريبهم إلى دول الجوار لم يبد حيالهم لفتة مسئول عنهم لدية الكثير مما يستطيع فعله ليبلسم جراحاتهم وأناتهم وسد جوعهم.
بالتأكيد فإن الطفلين اللذين ظهرا في صورة حجة لم يسبق لهما أن مارسا التسول في العاصمة كالآلاف فأحسنت الحكومة سياستها لترميم فقرهم المدقع.
ولا يشغل ذهن الرجل شيء من ذلك، سوى الخوف على "البنك المركزي" والمنّ على المواطنين بطرق ومدارس هي آخر شيء يمكن قبوله في هذا العصر لتمرير حاكم إلى القصر بل إن جلد المواطنين صباح مساء بتلك الخدمات رغم قصورها وعدم كفايتها أمراً معيبا حقا.
خلال تجربة حكم ثبت إفلاسها من أي إبداع خلاق يخدم مصلحة الوطن وقضايا المواطنين يجرم مرشح المؤتمر كل المواطنين بكل مناطقهم وأطيافهم ومشار بهم فهم في نظره ليسو أكثر من بشر وجدوا على قارعة الطريق فجاء هو مخلصا أطعمهم ومد يد العون إليهم!!
قبلها كان الظلام والأمية والفقر وبعد 28 سنة من حكمه ليس ثمة شيء يعاب حتى تهريب الأطفال وبيع حقول النفط إنجازات يتعين الاحتفاء بها!!
ومن يفكر في منافسته فهو إما إمامي ظلامي ورجعي متخلف أو اشتراكي شمولي وهو جاهز لخلع كل ألقاب الوطنية والنضال عند الخضوع بين يديه كواهب نعمة، والأدهى أن الرجل ما زال ممسكا بخناق الديمقراطية يطلبها الإذعان لتعيد صياغة نفسها وفقاً لرغباته.
أقصى مراحل الإفلاس بات منظورا الآن، ووسط دعاية فجة تغرق المدن والشوارع ، لا يمثل حال المواطن الذي صار مزدرى في كل مكان، دافعاً لصالح لأن يشرع ولو الآن للتفكير به كمشكلة حقيقية يجب العناية بها.
لقد هاجم الدعوة لمحاربة الفساد والفاسدين وأكد في خطاباته أن خصومه الحقيقيون ليسوا أولئك الذين ينهبون ثروات الأمة وخيراتها بل الداعين لمحاكمتهم.
في ريمه قدم للمواطنين وعداً بتنفيذ قانون الذمة المالية، ومسئول في موقعه ما زال حاكماً حري به تجنب الوعود وإذا كان جاداً فليعلن عن ذمته المالية وطاقم حكمه الآن كمحك عملي لاختبار وعوده الأخرى.
ذخيرة صالح الأخيرة، الثورة والجمهورية والوحدة كمسميات أفرغها حكمه من مضمونها وهي لا تتجاوز الآن شعارات سوقها كاسدا !
والمخاطر الحقيقية التي تهددها هي سياسته وحزبه، ولو جال النظر حوله في كل مقصورة حلّ بها في مهرجاناته لأدرك أنه يلاصق تماماً مهددات الثورة والوحدة والديمقراطية أيضاً.
اليمنيون يدركون حقيقة حكم لم يعد يبيع إلا الوهم غير أن الأخطر، إفصاح الرجل عن سهام مخبئة في كنانته قد تهدد استقرار البلد !!
وحري بالمراقبين الدوليين تدوين ملاحظاتهم الآن عن حجم الفسحة الديمقراطية في صدر الحاكم.
المصدر :
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=5326
رئيس قيد الإرتباك !!
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1036
- اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 10:20 am
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1036
- اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 10:20 am