ما وراء الصورة..
عبدالكريم الخيواني* ( 01/09/2006 )
يوليو 2005: متظاهرون يمزقزن صور الرئيس عقب تنفيذ الجرعة
يونيو 2006: متظاهرون يناشدون الرئيس العدول عن قراره وترشيح نفسه
الصورة أفضل من تعبر عن نفسها, لا تحتاج إلى شرح.. إلى تفسير, تستمد وحيها من ذاتها, يكفي القول إن العصر الراهن هو عصر الصورة,أنما للصور حكايات, وهناك ما وراء الصورة دائما..
حكاية صورة.....في ذكرى انتفاضة جياع
اليمن.. يوليو 2005م:
الرئيس يلقي خطاباً يعلن فيه عدم ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة, ويمر أسبوع, والجماهير لا تأبه لما أعلنه الرئيس..، الحكومة أعلنت جرعة اقتصادية ترفع الأسعار بموجبها بنسبة مائة بالمائة أو أكثر.. فتخرج الجماهير بتلقائية الى الشارع ساخطة على الأوضاع ناقمة على الفساد, محتجة على المفسدين.
كانت انتفاضة جياع, وسخط فقراء.. هتفوا ضد الفساد والمفسدين عبروا عن احتجاجهم بعفوية تؤكد غياب التوجيه, وبوسائل تخلوا من الاستغلال السياسي,.. الجيش نزل إلى الشوارع التي غابت عنها المعارضة, كما اختفى المسؤولون ولم تجرؤ سياراتهم على الخروج للشارع.. الإعلام الرسمي أطلق عليها مباشرة أحداث شغب، وكُشف ان الحكومة استعدت لمواجهة الفقراء المحتجين بهراوات وزعتها ليلة إعلان الجرعة حتى على القوات الجوية.
استمرت الانتفاضة ثلاثة أيام, وتوالت في المحافظات, ... في ظهر ملتهب بالجوع والحماسة قذف الطيش، الكبت، وكان الاستغلال حاضراً.. وقذفت محلات خاصة، ليكون ذلك مبرراً كافياً لنزول الجيش والدبابات إلى الشوارع لقمع الجياع الذين قذفوا بآهاتهم وأناتهم وجه السلطة ومسئوليها, مزقوا صور الزعيم, ورجموا لوحات الإعلانات, ومقرات الحزب الحاكم في بعض المدن, سلاحهم كان آهاتٍ وأناتٍ انفجرت في لحظة غضب خطط لها الفقر والاحتقان.
الحكومة لم تصدق ان الشعب الصابر فقد صبره وان الجماهير المغلوبة, لم يذهلها فراق باني نهضة اليمن, موحدها وابنها البار..صاحب السد والنفط، والقحط.
والقائد الرمز فاجأه الهتاف ضده, وتمزيق صوره, وذهب الى الداخلية وساءل المعتقلين ساعات, لعله يتأكد من غياب تلقائية المظاهرات,عن شيء ينفي عفوية الاحتجاج,..خاب ألأمل ولم يجد غير شعب دفعته الفاقة,فخرج شاهرا حنجرته, , إنما ذلك لم يمنع المسئولين ووسائل الإعلام الرسمية, والتابعة لها, من الحديث عن مؤامرة تم إحباطها, وعن جماعة الحوثي وعن قواعد حزب الاصلاح.. وكأنهم ليسوا جزءا من الشعب الجائع..، وإمعانا في إرهاب الجياع والشعب.. أعلن أن المحتجين مطلوبون للعدالة، ولا يحق لمواطن المطالبة بأن يشبعون من جوع ويأمنون من خوف.. أن يحلم برئيس يحقق ذلك رئيس من أجل اليمن.
رئيس من أجل اليمن..
لأنهم هتفوا.. أرادوا، رئيس من اجل اليمن وربما كان الهتاف مجرد أحلاما علنية، قتل من قتل في المظاهرات, واعتقل من اعتقل وسجن من سجن, وسجل الفساد انتصار آخر, والمفسدين فوزا جديدا، ومضت الجرعة, وبقت المعاناة تتراكم على كاهل حامليها من المواطنين، وعادت لوحات الإعلانات, وزاد عدد وحجم صور الرئيس الذي أكد من حينها احتكاره للمظاهرات.
إدانة المتظاهرين واعتبار صورهم دليل إدانة,ورد الفعل الرسمي القوي ,يمكن أن تفسره سلسلة الصور التالية التي التقطتها عدسة هاوي, ليس محترفا، التقط بقلبه قبل عينه مشاهدا لاحتجاج تلقائي ليس مخططا..، بدأ بالهتاف حتى رأى صورة الرئيس على البنك، فتذكر أن قضيته تكمن في الخزينة العامة المنهوبة والمحروم هو فقط منها أما نهاية الاحتجاج فقد كان بتكسير أحجار الوهم الرسمية التي اعتاد المسؤولون في المناسبات والانتخابات أن يلتقطوا صوراً تذكارية معها، لتبقى شاهداً على تنمية غائبة ونهب منظم وفساد عام.
فقط نشير ان الصور التقطت في محافظة عمران .. التقطت الصور قبل عام في انتفاضة الجوع وبعد أيام من إعلان الرئيس عدم ترشيح نفسه.
الصور لم تنشر من قبل.. ونرجو أن لا تكون مدعاة لإعادة ممارسة هواية الاعتقال وتلفيق التهم,ضد من في الصور وبأثر رجعي
ما وراء الصورة
اليمن.. يونيو 2006م: لا بديل لك ..الشعب عقيم
الرئيس مازال مصراً على عدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية, والحزب الحاكم يدفع بمهرجان في محافظة, ويحشد في أخرى, أما الاحتفال بالوحدة في محافظة الحديدة فتحول إلى احتفاء بالرئيس, وتحت شعار (لابديل لك) أعلنت الحكومة وحزب الحاكم عقم الشعب اليمني.
جامع الصالح لم ينجز بعد, والأنفاق إليه مازالت قيد التنفيذ..و الرئيس على المحك عربيا بعد إعلانه عدم الترشيح للانتخابات الرئاسية في مبادرة لقيت الاستحسان والتأييد.. إلى حد التوسل والرجاء أن يكون علي عبدالله صالح مانديلا آخر.., لكن لا مجال لذلك إنه (الملك, والملك عقيم).. الم تقل العرب هكذا قديما, واليمن مهد العروبة, والرئيس عربي أصيل.
إذاً إلى الجماهير.. وما أسهل امتطاء صهوة الجماهير عند الأنظمة,وهنا يأتي دور الأبناء,والأخوان ,والأقارب ,العشيرة,وألأصهار,والحاشية,والشركاء والمستفيدون .. فليحشد كل من جهته وليكن عنوان السباق تأكيد الولاء.. إلى الميدان..لا تهم التكلفة.. لمثل هذا وجدت الخزينة العامة وغاب الحساب, وضاع الثواب والعقاب,.. لمثل هذا يحتكر الإعلام رسمياً..ويغيب معيار المؤهل والكفاءة
يمن من أجل الرئيس
ميدان السبعين الذي يتسع في أكبر تقدير لـ400 ألف شخص اتسع حسب الروايات الرسمية ل-مليونين وربما ثلاثة,.. الرئيس لم يتأخر في الحضور للميدان بل كان مبكراً أيضا، ربما خشية أن تبدد حرارة شمس الصيف ما جمعه حزبه.., وأعلن الرئيس قرار مواصلة الرئاسة مبررا تراجعه عن قراره بأنة من أجل الشعب ,والوحدة,والثورة, والجمهورية،والديمقراطية,والتداول السلمي للسلطة, فقط لا غير, ومن أجلها ضحى بقراره و يالها من تضحية وحيدة يتمسك بها ويتقنها حكامنا ... ويصرون على اقناعنا أنهم عنوان التغيير وماضيهم مستقبل الشعب.
وفور الترشيح أعلن برنامجه الانتخابي الحربي لمواصلة سبع عجاف قادمة..,بكل بساطة و بهكذا مشهد تم إخراج الموقف لتبرز صورة معادة ومتوقعة،.. صورة تكلفتها الباهظة لا تزيل عنها التكلف والافتعال.. صورة بلد اختزل في شخصية الحاكم .. صورة ليمن من أجل الرئيس.
وبالرغم أن المنتِج الخزينة العامة, والمخرج حكومة وحزب, والمصورين محترفين, والمجاميع تحت السيطرة.. ,إلا أن المشهد العام كان معاداً وبائساً لمسرحية سماها الرئيس المصري في لحظة تهكم بحركات (النص كم). شهداء انتفاضة الجوع كانوا منسيين في الزفة الرسمية والشعبية وبعد عام قالت المعارضة إن على المتضرر اللجوء إلى القضاء.
المسافة بين المَشاهِد الأولى(يوليو 2005م), و المَشاهِد الثانية(يونيو 2006م) مسافة بشاعة، واقع وقدرة نظام على توظيف الضحية ضد نفسه...,مسافة بين ولادة أراده,... وقبور تهتف بحياة الحفار...
akarimkh@yahoo.com
نقلاً عن الشورى نت
http://www.al-shoura.net/sh_details.asp?det=5188
------
أمانة أنه شعب عرطه !!!
يتمنى كل رئيس لو يكون معه شعب مثل هذا الشعب العرطه !!!
