
قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[الكهف: 28]. [وهم فقراء المهاجرين من أهل الصفة].
(43) أبو الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إياكم ومجالسة الموتى )). قيل: ومن الموتى؟ قال: (( الأغنياء )).
(44) وقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( أربع خصال مفسدة للقلب : مجارات الأحمق إن جاريته كنت مثله؛ وإن سكت عنه سلمت، والكذب قال تعالى: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[المطففين:14]. والخلوة بالنساء؛ والعمل برأيهن، ومجالسة الموتى )).
قيل: وما الموتى؟
قال: (( كل غني أبطره الغنى، وقال تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ﴾[القصص:58] )).
* وعن ابن عباس: أتباع الأنبياء عليهم السلام، الضعفاء، والمساكين.
* وعن كعب: ما في القرآن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. فهو في التوراة: يا أيها المساكين.* وكان داوُد عليه السلام يختار مجالسة المساكين على غيرهم، وإذا ناجى ربه نادى: يا إله المساكين.
(45) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا ابن أبي داوُد، أخبرنا محمد بن المصفى، أخبرنا بقية، أخبرنا الهقل، عن عبيد بن زياد، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( اللهم، احيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين )).
* وعن المسيح عليه السلام ذلك أيضاً فيما أظنه.
* روي أن نبياً من الأنبياء قال: يا رب كيف لي أن أعلم علامة رضاك عني؟
قال: علامة ذلك، أن تنظر إلى رضى المساكين عنك.
(46) أخبرني أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة النيسابوري، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل البخاري، أخبرنا مكحول بن الفضل، أخبرنا حمدان بن ذي النون، أخبرنا مكي بن إبراهيم، عن هشام بن حسان، عن محمد بن واسع، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: أوصاني رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: بحب المساكين والدنو منهم ، وأوصاني: أن انظر إلى من هو دوني، ولا انظر إلى من هو فوقي، وأوصاني: أن أقول الحق ولو كان مُراً، وأوصاني: أن أصل رحمي وإن أدبرت، وأوصاني: أن لا أخاف في اللّه لومة لائم، وأوصاني: أن لا اسأل الناس شيئاً، وأوصاني: أن أستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنوز الجنة )).* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام هذا الخبر، عن سلمان رحمه اللّه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصاه بسبع خصال: إلا أنه ذكر بدل حب المساكين الدنو من أهل العقل.
* وروي أن سليمان عليه السلام: كان فيما له من الملك إذا دخل المسجد؛ وفيما نظر إلى مسكين في المجلس فجلس إليه فقال: مسكين جَالَسَ مسكيناً.
* مُصَنِّفُه: وصحبة الأغنياء تورث الغم، واستزراء نعمة الله، وصحبة الفقراء تورث السلوة والراحة، وشكر نعمة اللّه تعالى.
* وعن كعب: إن موسى عليه السلام قال: يا إلهي، أين أبغيك؟
قال: عند المنكسرة قلوبهم.
* وعن بعضهم: إياكم والجيران الأغنياء، وقُرَّاء الأسواق، وعلماء الأمراء.
* عبادة بن الصامت: للنار سبعة أبواب: ثلاثة للأغنياء، وثلاثة: للنساء، وباب: للفقراء والمساكين.
* وعن بعضهم: من ادَّعى أربعاً دون أربع فهو مكذب:
من ادَّعى حب مولاه من غير توقي محارمه، ومن ادَّعى حب الجنة من غير إنفاق ماله.
ومن ادَّعى حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير صحبة المساكين والفقراء.
ومن ادَّعى الخوف من الموت من غير الإستعداد للموت.
(47) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا ابن منيع، أخبرنا داوُد بن رشيد، أخبرنا الوليد، عن ابن جابر، حدثني: زيد بن أرطأة الفزاري، عن جبير ابن نفير، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( أروني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم )).
(48) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا ابن منيع، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني، قال: التفت رجل من عظماء العرب إلى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: جئتك من عند سيد العرب يطعم الطعام، ويضرب الهام. قال: فسكت عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال: فمر رجل من ضعفاء المهاجرين على ظهره قربة، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( هذا خير من صاحبك )).
* وفي مناجاة موسى وداوُد عليهما السلام: قال: أي عبادك أقرب إليك؟
فقال: الفقراء الذين يعدون الفقر نعمة.
ثم قال: الملوك الذين ينصفون رعيتهم ويعدلون في قضيتهم.