بسم الله الرحمن الرحيم
ملاحظات بخصوص الحكم الصادر من المحكمة الجزائية المتخصصة ( اليمن) ضد يحيى الديلمي ومحمد مفتاح
من المتفق عليه أن القضاء مهمته الأساسية والوحيدة هي تحقيق العدالة وحماية الحقوق والحريات، ومعاقبة من يعتدي عليها، لا العكس، وفي سبيل تنفيذ ذلك عليه أن يجسد مبدأ المحاكمة العادلة.
ولكي يتبين لنا عدالة المحكمة يجب التحقق من وجود عناصر المحاكمة العادلة والتي من أهمها :
1- وجود نص قانوني مفهوم يتضمن تحديداً واضحاً للسلوك الغير المشروع.
Ascertainable standard of quilt
فالتشريع إذا كان غامضاً وغير محدد في عبارته وفي المدلول الذي يمكن أن يُفسر به بحيث يقصر عن تحديد الأعمال التي يعاقب عليها، فأنه يكون مخالفاً لشروط الوسائل القانونية السليمة، وبالتالي لا يجسد مبدأ المحاكمة العادلة .
2- حياد المحكمة ونزاهتها .
يتبين بوضوح وجلاء عدم حياد المحكمة من خلال عدم استجابة المحكمة للطلبات المشروعة لأحد الخصوم، وسعيها الدءوب لتنفيذ طلبات المدعية( النيابة العامة) حتى المخالف منها للقانون.
وهذا يؤكد عدم نزاهتها، وخضوعها للسلطة التنفيذية والأمن.
3- علنية المحاكمة.
ولا تتحقق العلنية إلا بوجود جميع أطراف الخصومة وخاصة ( المتهم أو المتهمين)، بالإضافة إلى جمهور المراقبين لعلنية المحاكمة، وكذا وسائل الإعلام.
وإن جاز استثناءاً وضع الصحافة ووسائل الإعلام في نطاق محدود وبأمر مسبب فأنه لا يمكن القبول بمبدأ تغييب ( المتهمين) مع وجودهم في مقر الحجز ( أو الاعتقال التابع للمحكمة)، حتى لو ظهرت المحكمة في وسائل الإعلام.
والمحاكمة كانت غيابية، حتى جلسة النطق بالحكم غيابية، بل تم إبعاد المتهمين بقرار من المحكمة.
4- الحق في الدفاع.
القانون يجعل الدفاع عنصراً ضرورياً من عناصر المحاكمة العادلة، والإخلال بحق الدفاع يجعل من المحاكمة مهزلة لا مبرر قانوني لها.
وأهم عناصر حق الدفاع تمكين المتهمين من جميع الأدلة المقدمة ضدهم للرد عليها، وحضورهم وموكليهم جلسات المحكمة العلنية.
5- عدم جواز إجبار المتهم على الشهادة ضد نفسه، أو إكراهه على الاعتراف.
to be a witness against himself
فخضوع المتهم لاعتقال قبيل المحاكمة والتحقيق معه في أجواء تحت التهديد وعدم وجود محام له أثناء التحقيق، يجعل التحقيق معه باطل، وجريمة يعاقب عليها من قام بالتحقيق معه لا العكس، ويدخل في حكم الإكراه بالاعتراف أخذ الأدلة من المنزل عنوة ولذا لا يجوز الاستدلال بالأوراق الخاصة بالمهنة ورسائله مع محاميه.
6- بطلان التفتيش غير القانوني والقبض غير القانوني.
Unreasonable searches and seizures
تنص الدساتير على بطلان وعدم جواز الإخلال بحرمة الأشخاص والمساكن، ووجوب حمايتها من التفتيش والقبض غير القانونيين.
وهذا ما تعرض له المتهمين، فجميع ما نسب إليهما من أوراق مأخوذة عنوة من منزلهما.
7- ضرورة إخطار المتهم وإعلانه بما هو منسوب له.(Notice)
وهو ما يعبر عنه شرط السماع (Hearing) .
هذان الشرطان أهم وأول وأقدم عناصر الوسائل القانونية السليمة بالنسبة لجميع الإجراءات في نطاق القانون الجنائي وغيره، وهو ما يعبر عنه الشراح للقانون والقضاء في المحاكمات الجنائية بضرورة حضور المتهم ومواجهته، وضرورة علانية المحاكمات .
Confrontation presence of the accused, public trials.
8- الالتزام الكامل بتطبيق نصوص القانون.
أهم وسائل القانونية السليمة التي تجسد مبدأ المحاكمة العادلة هو إلتزام المحكمة بتطبيق نصوص القانون، ما لم فيوصف عملها بالبطلان، وأبعد من هذا إن هي خالفت القانون فأن عملها يصبح مجَرَّماً لمخالفته صريح القانون.
وفي القضية المعروضة هنا نعرج على ذكر بعض النصوص اللازم إعمالها في القضية، ونرى مدى التزام المحكمة والنيابة بها من عدمها، ومدى التزامها بالقانون أو مخالفتها له:
- المادة (1) من الدستور : ( الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية ... والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية ).
- المادة (3) من الدستور : ( الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات ).
وهذا معناه أن نصوص القرآن والسنة حاكمة لعلاقات الأفراد المسلمين مع بعضهم البعض.
- المادة ( 42) من الدستور: ( لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون).
- المادة (8) الفقرة (7) من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم ( 66) 1991م:
(أن لا يكون الحزب أو التنظيم السياسي تابعاً لأي حزب أو تنظيم سياسي أو دولة أجنبية، ويحق لأي حزب أو تنظيم سياسي إقامة علاقات ثنائية مع أي حزب أو تنظيم سياسي غير يمني، وبما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، ونصوص الدستور والقوانين النافذة).
فمع العلم أن المشروع اليمني لم يمنع وجود علاقة ثنائية متكافئة مع الأحزاب الأجنبية، وقد جعل من حق أي حزب أو تنظيم حرية إقامة علاقات ثنائية مع الأحزاب الأجنبية، وقد جعل من حق أي حزب أو تنظيم حرية إقامة علاقات ثنائية ما لم تتعارض مع المصالح العليا للدولة.
ومع أن حزب البعث يقر بأنه تابعاً لحزب البعث (القيادة القطرية في العراق) إلا أنه يتمتع بكامل استحقاقاته السياسية، في الوقت الذي يدان فيه بمجرد الشبهة تنظيمات سياسية أخرى بتهمة وجود علاقات غير موثقة بسبب التقاء التنظيميين في مواجهة الصلف الصهيوني، فاستحق بذلك العقاب دون قانون.
- المادة (47) : (المسؤولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانوني، وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم بات).
- المادة(48) بجميع الفقرات.
- المادة(49) : حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى.
- المادة (52)+(53).
- المادة(58) : حق تكوين المنظمات الثقافية والعلمية والاجتماعية.
- المادة(60): الدفاع عن الدين والوطن واجب مقدس.
• ملاحظات هامة:
- تشترط القوانين العقابية لإيقاع العقوبة ضرورة وقوع ( ضرر) ويستثنى ذلك في جرائم الخطر العام، وبما أن انتهاك الحقوق في النوع الثاني من الجرائم محتمل، فتشترط القوانين العقابية النص صراحة على تحديد أنواع جرائم الخطر العام على سبيل الحصر، وهو ما أفرد المشرع اليمني لها الباب الثاني في قانون العقوبات، ابتداءاً من المادة ( 137) وما بعدها ..
أما المادة التي استند المدعي ( النيابة والأمن) والقاضي في تجريم فعل المتهم الأول فهي المادة(128) الفقرة (1)، وليست من جرائم الخطر العام بل من جرائم الضرر، وقد اشترطت المادة صراحة ضرورة حصول ضرر على مركز الجمهورية، فكان من الضروري إثبات وقوع اتصال (غير مشروع)، ويبين الحاكم صفة عدم المشروعية، ثم ضرورة إثبات وقوع ضرر سواء على المركز الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي وأمّر من هذا لم يحدث.
بل إن الاتهام بهذه العلاقة من النيابية والأمن والقاضي هي التي تحدث ضرراً على مركز الجمهورية في علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع دولة إسلامية غير معادية (فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض)، وحتى مع الدول المانحة الأخرى لأن جميع الدول ستعتبر هذا الحكم خطراً على علاقاتها بنظام بوليسي لا يحترم حقوق الإنسان.
ولأن الاتصال غير محرم قانوناً بأي دولة ما لم يكن غير مشروعاً، ويحدث ضرراً كما هو معلوم من نص المادة ، فأن الفقرة الثانية من المادة قد حددت أنواع الاتصال غير المشروع، حتى لا تتعدى النيابة والأمن على حق الأفراد في التواصل مع الآخرين، وأمر من هذه الاتصالات لم يحدث، وبالتالي فالجريمة متمثلة في المحاكم نفسها والإدعاء والقبض غير القانوني، والتفتيش غير القانوني، وكذا جريمة اعتقال المتهمين أكثر من شهر وتعرضهما للتعذيب النفسي والجسدي ، وكذا تعطيل العدالة وتضليلها، ومنع المحاميين من الدفاع بعدم السماح بتصوير ملف الإدعاء، مع أن الأدلة المدّعاة كتابية ومأخوذة من منزل من منزل المتهم بتفتيش باطل مخالف للقانون وبقائها في منزله يعني بوضوح أنها مشاريع أفكار ولم ترسل أي لم يحدث أي تواصل، ناهيك عن احتمال الإضافة بالتزوير.
كل هذه جرائم ارتكبتها المحكمة والنيابة والأمن، تشوه سمعة القضاء في اليمن وتوجب معاقبة مرتكبها ، كما أن المتهم قد تعرض لاستجواب عن القيام بأفعال مباحة ، يعتبر انتهاكها جريمة بحد ذاته، مثل حق الاعتصام والتظاهر وإبداء الرأي والانتماء لمذهب، كما استجواب عن أفعال قام بها الغير مثل رفع صور زعماء المقاومة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا انتهاك سافر للحقوق والحريات يجب أن يعاقب عليه عضو النيابة.
إن الحكم بالإعدام في هذه الواقعة يعتبر شروعاً متعمداً في جريمة قتل عمد إن لم يلغ، ويتحمل الجميع نتائج تنفيذه أمام القانون وأمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون....
- المادة (47) من الدستور : تشترط أن يكون مصدر العقوبة نص شرعي ، والقرآن والسنة حافلة بضرورة التآخي بين المسلمين والتواصل، فأي نص يحرم أي اتصال بدولة إسلامية يعتبر نصاً غير دستورياً استناداً إلى نص المادة (3) من الدستور اليمني الذي يجعل كل القوانين مصدرها الشريعة الإسلامية.
- المادة (60) من الدستور: الدفاع عن الدين قبل الدفاع عن الوطن ، والوطن في المفهوم الإسلامي كل أوطان العالم الإسلامي، وفي المفهوم القومي كل بلدان العالم العربي ومنها فلسطين، فالدفاع عنها واجب ديني وقانوني، والاعتداء عليها( على فلسطين يوجب على الجميع نصرتها) ، وإقامة المظاهرات أقل ما يمكن من الواجبات ، وحضور المحافل الدولية لنصرتها واجب لمن يملك ذلك ، والمعاقبة على إقامة ذلك الواجب هو المحرم ، و الذي يجب أن يعاقب هو من يحاول تعطيله ناهيك عمن يحاول تحريمه والمعاقبة عليه.
- وقد أكد الدستور اليمني هويته الدينية والوطنية فنص على أن اليمن ( جزء من الأمة الإسلامية والعربية).
فمن يتفاعل مع قضية فلسطين ويحاول نصرتها بالقول والتظاهر يوجب معاقبته بالإعدام ؟؟، مثل هذا الحكم لا يصدر حتى في تل أبيب .
لقد تبين لنا من خلال مطالعة الحم الصادر بحق المتهمين أنه لا وجود لأي عنصر من عناصر المحاكمة العادلة سالفة الذكر .
ونناشد جميع المهتمين بحقوق الإنسان وقف هذه المهزلة، والوقوف بوجه المخالفين للقانون والمنتهكين لحقوق الإنسان .
إتحاد المحامين العرب
القاهرة
مدينة نصر
ملاحظات بخصوص الحكم على العلماء الديلمي ومفتاح
ملاحظات بخصوص الحكم على العلماء الديلمي ومفتاح
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..
اتحاد المحامين العرب: مثل هذا الحكم لا يصدر حتى في تل أبيب.
مركز استقلال القضاء يدعو لوقف تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الديلمي ومفتاح
الشورى نت-خاص ( 18/05/2006 )
ناشد اتحاد المحامين العرب جميع المهتمين بحقوق الإنسان وقف ما أسماها بالمهزلة المتمثلة بمحاكمة الديلمي ومفتاح والأحكام الصادرة بحقهما، والوقوف بوجه المخالفين للقانون والمنتهكين لحقوق الإنسان .
وأضاف بيان صادر عن الاتحاد أنه تبين من خلال مطالعة الحكم الصادر بحق المتهمين أنه لا وجود لأي عنصر من عناصر المحاكمة العادلة.
وتساءل الاتحاد عن قانونية حكم يصدر بحق من يتفاعل مع قضية فلسطين ويحاول نصرتها بالقول والتظاهر فهل يوجب ذلك معاقبته بالإعدام ؟؟، مضيفا "مثل هذا الحكم لا يصدر حتى في تل أبيب".
من جهة أخرى طالب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة الحكومة اليمنية والجهات المعنية بوقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق العلامة يحيى حسين الديلمي و سجن العلامة محمد احمد مفتاح مناشدا السلطات معاملتهم كسجناء رأي وضمير.
ودعا المركز كل من المقرر الخاص بشأن تعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص بنزاهة العدالة، التابعين للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التدخل الفوري والعاجل واتخاذ ما يلزم لحماية الناشطين اليمنيين ووقف الأحكام الصادرة بحقهما، والتي جاءت بسبب ممارستهما لحقوقهما في حرية الرأي والتعبير، طبقا للمركز.
وكانت المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة أصدرت حكمها بحق الديلمي ومفتاح بتاريخ 29/5/2005 ، والذي قضى بإعدام الأول وسجن الثاني مدة ثمانية أعوام وأيدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة هذا الحكم بتاريخ 3/12/2005.
المركز توجه بندائه بناء على ملاحظاته بخصوص صدور الحكم عن محكمة استثنائية، تفتقر إجراءاتها لأدني معايير المحاكمات العادلة والمنصفة، وتعصف بضمانات الدفاع، ويشير المركز إلى أن إجراءات المحاكمة سواء أمام المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة أو أمام محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة، تمت في ظل تواجد أمني وعسكري مكثف، وممارسات قمعية طالت فريق الدفاع عن المتهمين، تمثلت في الضرب والإهانة والتهديد بالاعتقال، الأمر الذي دفع فريق الدفاع إلى الانسحاب من جلسة المحاكمة.
وأشار المركز إلى أن هذه الأحكام الصادرة من هذه المحاكم الاستثنائية تمثل إخلالا جسيما وخروجا على التعهدات الدولية للحكومة اليمنية.
الشورى نت تنشر ملاحظات اتحاد المحامين العرب بخصوص الحكم الصادر من المحكمة الجزائية المتخصصة ( اليمن) ضد يحيى الديلمي ومحمد مفتاح
من المتفق عليه أن القضاء مهمته الأساسية والوحيدة هي تحقيق العدالة وحماية الحقوق والحريات، ومعاقبة من يعتدي عليها، لا العكس، وفي سبيل تنفيذ ذلك عليه أن يجسد مبدأ المحاكمة العادلة.
ولكي يتبين لنا عدالة المحكمة يجب التحقق من وجود عناصر المحاكمة العادلة والتي من أهمها :
1- وجود نص قانوني مفهوم يتضمن تحديداً واضحاً للسلوك الغير المشروع.
Ascertainable standard of quilt
فالتشريع إذا كان غامضاً وغير محدد في عبارته وفي المدلول الذي يمكن أن يُفسر به بحيث يقصر عن تحديد الأعمال التي يعاقب عليها، فأنه يكون مخالفاً لشروط الوسائل القانونية السليمة، وبالتالي لا يجسد مبدأ المحاكمة العادلة .
2- حياد المحكمة ونزاهتها .
يتبين بوضوح وجلاء عدم حياد المحكمة من خلال عدم استجابة المحكمة للطلبات المشروعة لأحد الخصوم، وسعيها الدءوب لتنفيذ طلبات المدعية( النيابة العامة) حتى المخالف منها للقانون.
وهذا يؤكد عدم نزاهتها، وخضوعها للسلطة التنفيذية والأمن.
3- علنية المحاكمة.
ولا تتحقق العلنية إلا بوجود جميع أطراف الخصومة وخاصة ( المتهم أو المتهمين)، بالإضافة إلى جمهور المراقبين لعلنية المحاكمة، وكذا وسائل الإعلام.
وإن جاز استثناءاً وضع الصحافة ووسائل الإعلام في نطاق محدود وبأمر مسبب فأنه لا يمكن القبول بمبدأ تغييب ( المتهمين) مع وجودهم في مقر الحجز ( أو الاعتقال التابع للمحكمة)، حتى لو ظهرت المحكمة في وسائل الإعلام.
والمحاكمة كانت غيابية، حتى جلسة النطق بالحكم غيابية، بل تم إبعاد المتهمين بقرار من المحكمة.
4- الحق في الدفاع.
القانون يجعل الدفاع عنصراً ضرورياً من عناصر المحاكمة العادلة، والإخلال بحق الدفاع يجعل من المحاكمة مهزلة لا مبرر قانوني لها.
وأهم عناصر حق الدفاع تمكين المتهمين من جميع الأدلة المقدمة ضدهم للرد عليها، وحضورهم وموكليهم جلسات المحكمة العلنية.
5- عدم جواز إجبار المتهم على الشهادة ضد نفسه، أو إكراهه على الاعتراف.
to be a witness against himself
فخضوع المتهم لاعتقال قبيل المحاكمة والتحقيق معه في أجواء تحت التهديد وعدم وجود محام له أثناء التحقيق، يجعل التحقيق معه باطل، وجريمة يعاقب عليها من قام بالتحقيق معه لا العكس، ويدخل في حكم الإكراه بالاعتراف أخذ الأدلة من المنزل عنوة ولذا لا يجوز الاستدلال بالأوراق الخاصة بالمهنة ورسائله مع محاميه.
6- بطلان التفتيش غير القانوني والقبض غير القانوني.
Unreasonable searches and seizures
تنص الدساتير على بطلان وعدم جواز الإخلال بحرمة الأشخاص والمساكن، ووجوب حمايتها من التفتيش والقبض غير القانونيين.
وهذا ما تعرض له المتهمين، فجميع ما نسب إليهما من أوراق مأخوذة عنوة من منزلهما.
7- ضرورة إخطار المتهم وإعلانه بما هو منسوب له.(Notice)
وهو ما يعبر عنه شرط السماع (Hearing) .
هذان الشرطان أهم وأول وأقدم عناصر الوسائل القانونية السليمة بالنسبة لجميع الإجراءات في نطاق القانون الجنائي وغيره، وهو ما يعبر عنه الشراح للقانون والقضاء في المحاكمات الجنائية بضرورة حضور المتهم ومواجهته، وضرورة علانية المحاكمات .
Confrontation presence of the accused, public trials.
8- الالتزام الكامل بتطبيق نصوص القانون.
أهم وسائل القانونية السليمة التي تجسد مبدأ المحاكمة العادلة هو إلتزام المحكمة بتطبيق نصوص القانون، ما لم فيوصف عملها بالبطلان، وأبعد من هذا إن هي خالفت القانون فأن عملها يصبح مجَرَّماً لمخالفته صريح القانون.
وفي القضية المعروضة هنا نعرج على ذكر بعض النصوص اللازم إعمالها في القضية، ونرى مدى التزام المحكمة والنيابة بها من عدمها، ومدى التزامها بالقانون أو مخالفتها له:
- المادة (1) من الدستور : ( الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية ... والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية ).
- المادة (3) من الدستور : ( الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات ).
وهذا معناه أن نصوص القرآن والسنة حاكمة لعلاقات الأفراد المسلمين مع بعضهم البعض.
- المادة ( 42) من الدستور: ( لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون).
- المادة (8) الفقرة (7) من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم ( 66) 1991م:
(أن لا يكون الحزب أو التنظيم السياسي تابعاً لأي حزب أو تنظيم سياسي أو دولة أجنبية، ويحق لأي حزب أو تنظيم سياسي إقامة علاقات ثنائية مع أي حزب أو تنظيم سياسي غير يمني، وبما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، ونصوص الدستور والقوانين النافذة).
فمع العلم أن المشروع اليمني لم يمنع وجود علاقة ثنائية متكافئة مع الأحزاب الأجنبية، وقد جعل من حق أي حزب أو تنظيم حرية إقامة علاقات ثنائية مع الأحزاب الأجنبية، وقد جعل من حق أي حزب أو تنظيم حرية إقامة علاقات ثنائية ما لم تتعارض مع المصالح العليا للدولة.
ومع أن حزب البعث يقر بأنه تابعاً لحزب البعث (القيادة القطرية في العراق) إلا أنه يتمتع بكامل استحقاقاته السياسية، في الوقت الذي يدان فيه بمجرد الشبهة تنظيمات سياسية أخرى بتهمة وجود علاقات غير موثقة بسبب التقاء التنظيميين في مواجهة الصلف الصهيوني، فاستحق بذلك العقاب دون قانون.
- المادة (47) : (المسؤولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانوني، وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم بات).
- المادة(48) بجميع الفقرات.
- المادة(49) : حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى.
- المادة (52)+(53).
- المادة(58) : حق تكوين المنظمات الثقافية والعلمية والاجتماعية.
- المادة(60): الدفاع عن الدين والوطن واجب مقدس.
• ملاحظات هامة:
- تشترط القوانين العقابية لإيقاع العقوبة ضرورة وقوع ( ضرر) ويستثنى ذلك في جرائم الخطر العام، وبما أن انتهاك الحقوق في النوع الثاني من الجرائم محتمل، فتشترط القوانين العقابية النص صراحة على تحديد أنواع جرائم الخطر العام على سبيل الحصر، وهو ما أفرد المشرع اليمني لها الباب الثاني في قانون العقوبات، ابتداءاً من المادة ( 137) وما بعدها ..
أما المادة التي استند المدعي ( النيابة والأمن) والقاضي في تجريم فعل المتهم الأول فهي المادة(128) الفقرة (1)، وليست من جرائم الخطر العام بل من جرائم الضرر، وقد اشترطت المادة صراحة ضرورة حصول ضرر على مركز الجمهورية، فكان من الضروري إثبات وقوع اتصال (غير مشروع)، ويبين الحاكم صفة عدم المشروعية، ثم ضرورة إثبات وقوع ضرر سواء على المركز الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي وأمّر من هذا لم يحدث.
بل إن الاتهام بهذه العلاقة من النيابية والأمن والقاضي هي التي تحدث ضرراً على مركز الجمهورية في علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع دولة إسلامية غير معادية (فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض)، وحتى مع الدول المانحة الأخرى لأن جميع الدول ستعتبر هذا الحكم خطراً على علاقاتها بنظام بوليسي لا يحترم حقوق الإنسان.
ولأن الاتصال غير محرم قانوناً بأي دولة ما لم يكن غير مشروعاً، ويحدث ضرراً كما هو معلوم من نص المادة ، فأن الفقرة الثانية من المادة قد حددت أنواع الاتصال غير المشروع، حتى لا تتعدى النيابة والأمن على حق الأفراد في التواصل مع الآخرين، وأمر من هذه الاتصالات لم يحدث، وبالتالي فالجريمة متمثلة في المحاكم نفسها والإدعاء والقبض غير القانوني، والتفتيش غير القانوني، وكذا جريمة اعتقال المتهمين أكثر من شهر وتعرضهما للتعذيب النفسي والجسدي ، وكذا تعطيل العدالة وتضليلها، ومنع المحاميين من الدفاع بعدم السماح بتصوير ملف الإدعاء، مع أن الأدلة المدّعاة كتابية ومأخوذة من منزل من منزل المتهم بتفتيش باطل مخالف للقانون وبقائها في منزله يعني بوضوح أنها مشاريع أفكار ولم ترسل أي لم يحدث أي تواصل، ناهيك عن احتمال الإضافة بالتزوير.
كل هذه جرائم ارتكبتها المحكمة والنيابة والأمن، تشوه سمعة القضاء في اليمن وتوجب معاقبة مرتكبها ، كما أن المتهم قد تعرض لاستجواب عن القيام بأفعال مباحة ، يعتبر انتهاكها جريمة بحد ذاته، مثل حق الاعتصام والتظاهر وإبداء الرأي والانتماء لمذهب، كما استجواب عن أفعال قام بها الغير مثل رفع صور زعماء المقاومة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا انتهاك سافر للحقوق والحريات يجب أن يعاقب عليه عضو النيابة.
إن الحكم بالإعدام في هذه الواقعة يعتبر شروعاً متعمداً في جريمة قتل عمد إن لم يلغ، ويتحمل الجميع نتائج تنفيذه أمام القانون وأمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون....
- المادة (47) من الدستور : تشترط أن يكون مصدر العقوبة نص شرعي ، والقرآن والسنة حافلة بضرورة التآخي بين المسلمين والتواصل، فأي نص يحرم أي اتصال بدولة إسلامية يعتبر نصاً غير دستورياً استناداً إلى نص المادة (3) من الدستور اليمني الذي يجعل كل القوانين مصدرها الشريعة الإسلامية.
- المادة (60) من الدستور: الدفاع عن الدين قبل الدفاع عن الوطن ، والوطن في المفهوم الإسلامي كل أوطان العالم الإسلامي، وفي المفهوم القومي كل بلدان العالم العربي ومنها فلسطين، فالدفاع عنها واجب ديني وقانوني، والاعتداء عليها( على فلسطين يوجب على الجميع نصرتها) ، وإقامة المظاهرات أقل ما يمكن من الواجبات ، وحضور المحافل الدولية لنصرتها واجب لمن يملك ذلك ، والمعاقبة على إقامة ذلك الواجب هو المحرم ، و الذي يجب أن يعاقب هو من يحاول تعطيله ناهيك عمن يحاول تحريمه والمعاقبة عليه.
- وقد أكد الدستور اليمني هويته الدينية والوطنية فنص على أن اليمن ( جزء من الأمة الإسلامية والعربية).
فمن يتفاعل مع قضية فلسطين ويحاول نصرتها بالقول والتظاهر يوجب معاقبته بالإعدام ؟؟، مثل هذا الحكم لا يصدر حتى في تل أبيب .
لقد تبين لنا من خلال مطالعة الحم الصادر بحق المتهمين أنه لا وجود لأي عنصر من عناصر المحاكمة العادلة سالفة الذكر .
ونناشد جميع المهتمين بحقوق الإنسان وقف هذه المهزلة، والوقوف بوجه المخالفين للقانون والمنتهكين لحقوق الإنسان .
إتحاد المحامين العرب
القاهرة
مدينة نصر
http://al-shoura.net/sh_details.asp?det=3307
مركز استقلال القضاء يدعو لوقف تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الديلمي ومفتاح
الشورى نت-خاص ( 18/05/2006 )
ناشد اتحاد المحامين العرب جميع المهتمين بحقوق الإنسان وقف ما أسماها بالمهزلة المتمثلة بمحاكمة الديلمي ومفتاح والأحكام الصادرة بحقهما، والوقوف بوجه المخالفين للقانون والمنتهكين لحقوق الإنسان .
وأضاف بيان صادر عن الاتحاد أنه تبين من خلال مطالعة الحكم الصادر بحق المتهمين أنه لا وجود لأي عنصر من عناصر المحاكمة العادلة.
وتساءل الاتحاد عن قانونية حكم يصدر بحق من يتفاعل مع قضية فلسطين ويحاول نصرتها بالقول والتظاهر فهل يوجب ذلك معاقبته بالإعدام ؟؟، مضيفا "مثل هذا الحكم لا يصدر حتى في تل أبيب".
من جهة أخرى طالب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة الحكومة اليمنية والجهات المعنية بوقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق العلامة يحيى حسين الديلمي و سجن العلامة محمد احمد مفتاح مناشدا السلطات معاملتهم كسجناء رأي وضمير.
ودعا المركز كل من المقرر الخاص بشأن تعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص بنزاهة العدالة، التابعين للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التدخل الفوري والعاجل واتخاذ ما يلزم لحماية الناشطين اليمنيين ووقف الأحكام الصادرة بحقهما، والتي جاءت بسبب ممارستهما لحقوقهما في حرية الرأي والتعبير، طبقا للمركز.
وكانت المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة أصدرت حكمها بحق الديلمي ومفتاح بتاريخ 29/5/2005 ، والذي قضى بإعدام الأول وسجن الثاني مدة ثمانية أعوام وأيدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة هذا الحكم بتاريخ 3/12/2005.
المركز توجه بندائه بناء على ملاحظاته بخصوص صدور الحكم عن محكمة استثنائية، تفتقر إجراءاتها لأدني معايير المحاكمات العادلة والمنصفة، وتعصف بضمانات الدفاع، ويشير المركز إلى أن إجراءات المحاكمة سواء أمام المحكمة الابتدائية الجزائية المتخصصة أو أمام محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة، تمت في ظل تواجد أمني وعسكري مكثف، وممارسات قمعية طالت فريق الدفاع عن المتهمين، تمثلت في الضرب والإهانة والتهديد بالاعتقال، الأمر الذي دفع فريق الدفاع إلى الانسحاب من جلسة المحاكمة.
وأشار المركز إلى أن هذه الأحكام الصادرة من هذه المحاكم الاستثنائية تمثل إخلالا جسيما وخروجا على التعهدات الدولية للحكومة اليمنية.
الشورى نت تنشر ملاحظات اتحاد المحامين العرب بخصوص الحكم الصادر من المحكمة الجزائية المتخصصة ( اليمن) ضد يحيى الديلمي ومحمد مفتاح
من المتفق عليه أن القضاء مهمته الأساسية والوحيدة هي تحقيق العدالة وحماية الحقوق والحريات، ومعاقبة من يعتدي عليها، لا العكس، وفي سبيل تنفيذ ذلك عليه أن يجسد مبدأ المحاكمة العادلة.
ولكي يتبين لنا عدالة المحكمة يجب التحقق من وجود عناصر المحاكمة العادلة والتي من أهمها :
1- وجود نص قانوني مفهوم يتضمن تحديداً واضحاً للسلوك الغير المشروع.
Ascertainable standard of quilt
فالتشريع إذا كان غامضاً وغير محدد في عبارته وفي المدلول الذي يمكن أن يُفسر به بحيث يقصر عن تحديد الأعمال التي يعاقب عليها، فأنه يكون مخالفاً لشروط الوسائل القانونية السليمة، وبالتالي لا يجسد مبدأ المحاكمة العادلة .
2- حياد المحكمة ونزاهتها .
يتبين بوضوح وجلاء عدم حياد المحكمة من خلال عدم استجابة المحكمة للطلبات المشروعة لأحد الخصوم، وسعيها الدءوب لتنفيذ طلبات المدعية( النيابة العامة) حتى المخالف منها للقانون.
وهذا يؤكد عدم نزاهتها، وخضوعها للسلطة التنفيذية والأمن.
3- علنية المحاكمة.
ولا تتحقق العلنية إلا بوجود جميع أطراف الخصومة وخاصة ( المتهم أو المتهمين)، بالإضافة إلى جمهور المراقبين لعلنية المحاكمة، وكذا وسائل الإعلام.
وإن جاز استثناءاً وضع الصحافة ووسائل الإعلام في نطاق محدود وبأمر مسبب فأنه لا يمكن القبول بمبدأ تغييب ( المتهمين) مع وجودهم في مقر الحجز ( أو الاعتقال التابع للمحكمة)، حتى لو ظهرت المحكمة في وسائل الإعلام.
والمحاكمة كانت غيابية، حتى جلسة النطق بالحكم غيابية، بل تم إبعاد المتهمين بقرار من المحكمة.
4- الحق في الدفاع.
القانون يجعل الدفاع عنصراً ضرورياً من عناصر المحاكمة العادلة، والإخلال بحق الدفاع يجعل من المحاكمة مهزلة لا مبرر قانوني لها.
وأهم عناصر حق الدفاع تمكين المتهمين من جميع الأدلة المقدمة ضدهم للرد عليها، وحضورهم وموكليهم جلسات المحكمة العلنية.
5- عدم جواز إجبار المتهم على الشهادة ضد نفسه، أو إكراهه على الاعتراف.
to be a witness against himself
فخضوع المتهم لاعتقال قبيل المحاكمة والتحقيق معه في أجواء تحت التهديد وعدم وجود محام له أثناء التحقيق، يجعل التحقيق معه باطل، وجريمة يعاقب عليها من قام بالتحقيق معه لا العكس، ويدخل في حكم الإكراه بالاعتراف أخذ الأدلة من المنزل عنوة ولذا لا يجوز الاستدلال بالأوراق الخاصة بالمهنة ورسائله مع محاميه.
6- بطلان التفتيش غير القانوني والقبض غير القانوني.
Unreasonable searches and seizures
تنص الدساتير على بطلان وعدم جواز الإخلال بحرمة الأشخاص والمساكن، ووجوب حمايتها من التفتيش والقبض غير القانونيين.
وهذا ما تعرض له المتهمين، فجميع ما نسب إليهما من أوراق مأخوذة عنوة من منزلهما.
7- ضرورة إخطار المتهم وإعلانه بما هو منسوب له.(Notice)
وهو ما يعبر عنه شرط السماع (Hearing) .
هذان الشرطان أهم وأول وأقدم عناصر الوسائل القانونية السليمة بالنسبة لجميع الإجراءات في نطاق القانون الجنائي وغيره، وهو ما يعبر عنه الشراح للقانون والقضاء في المحاكمات الجنائية بضرورة حضور المتهم ومواجهته، وضرورة علانية المحاكمات .
Confrontation presence of the accused, public trials.
8- الالتزام الكامل بتطبيق نصوص القانون.
أهم وسائل القانونية السليمة التي تجسد مبدأ المحاكمة العادلة هو إلتزام المحكمة بتطبيق نصوص القانون، ما لم فيوصف عملها بالبطلان، وأبعد من هذا إن هي خالفت القانون فأن عملها يصبح مجَرَّماً لمخالفته صريح القانون.
وفي القضية المعروضة هنا نعرج على ذكر بعض النصوص اللازم إعمالها في القضية، ونرى مدى التزام المحكمة والنيابة بها من عدمها، ومدى التزامها بالقانون أو مخالفتها له:
- المادة (1) من الدستور : ( الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية ... والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية ).
- المادة (3) من الدستور : ( الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات ).
وهذا معناه أن نصوص القرآن والسنة حاكمة لعلاقات الأفراد المسلمين مع بعضهم البعض.
- المادة ( 42) من الدستور: ( لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون).
- المادة (8) الفقرة (7) من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم ( 66) 1991م:
(أن لا يكون الحزب أو التنظيم السياسي تابعاً لأي حزب أو تنظيم سياسي أو دولة أجنبية، ويحق لأي حزب أو تنظيم سياسي إقامة علاقات ثنائية مع أي حزب أو تنظيم سياسي غير يمني، وبما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، ونصوص الدستور والقوانين النافذة).
فمع العلم أن المشروع اليمني لم يمنع وجود علاقة ثنائية متكافئة مع الأحزاب الأجنبية، وقد جعل من حق أي حزب أو تنظيم حرية إقامة علاقات ثنائية مع الأحزاب الأجنبية، وقد جعل من حق أي حزب أو تنظيم حرية إقامة علاقات ثنائية ما لم تتعارض مع المصالح العليا للدولة.
ومع أن حزب البعث يقر بأنه تابعاً لحزب البعث (القيادة القطرية في العراق) إلا أنه يتمتع بكامل استحقاقاته السياسية، في الوقت الذي يدان فيه بمجرد الشبهة تنظيمات سياسية أخرى بتهمة وجود علاقات غير موثقة بسبب التقاء التنظيميين في مواجهة الصلف الصهيوني، فاستحق بذلك العقاب دون قانون.
- المادة (47) : (المسؤولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانوني، وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم بات).
- المادة(48) بجميع الفقرات.
- المادة(49) : حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى.
- المادة (52)+(53).
- المادة(58) : حق تكوين المنظمات الثقافية والعلمية والاجتماعية.
- المادة(60): الدفاع عن الدين والوطن واجب مقدس.
• ملاحظات هامة:
- تشترط القوانين العقابية لإيقاع العقوبة ضرورة وقوع ( ضرر) ويستثنى ذلك في جرائم الخطر العام، وبما أن انتهاك الحقوق في النوع الثاني من الجرائم محتمل، فتشترط القوانين العقابية النص صراحة على تحديد أنواع جرائم الخطر العام على سبيل الحصر، وهو ما أفرد المشرع اليمني لها الباب الثاني في قانون العقوبات، ابتداءاً من المادة ( 137) وما بعدها ..
أما المادة التي استند المدعي ( النيابة والأمن) والقاضي في تجريم فعل المتهم الأول فهي المادة(128) الفقرة (1)، وليست من جرائم الخطر العام بل من جرائم الضرر، وقد اشترطت المادة صراحة ضرورة حصول ضرر على مركز الجمهورية، فكان من الضروري إثبات وقوع اتصال (غير مشروع)، ويبين الحاكم صفة عدم المشروعية، ثم ضرورة إثبات وقوع ضرر سواء على المركز الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي وأمّر من هذا لم يحدث.
بل إن الاتهام بهذه العلاقة من النيابية والأمن والقاضي هي التي تحدث ضرراً على مركز الجمهورية في علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع دولة إسلامية غير معادية (فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض)، وحتى مع الدول المانحة الأخرى لأن جميع الدول ستعتبر هذا الحكم خطراً على علاقاتها بنظام بوليسي لا يحترم حقوق الإنسان.
ولأن الاتصال غير محرم قانوناً بأي دولة ما لم يكن غير مشروعاً، ويحدث ضرراً كما هو معلوم من نص المادة ، فأن الفقرة الثانية من المادة قد حددت أنواع الاتصال غير المشروع، حتى لا تتعدى النيابة والأمن على حق الأفراد في التواصل مع الآخرين، وأمر من هذه الاتصالات لم يحدث، وبالتالي فالجريمة متمثلة في المحاكم نفسها والإدعاء والقبض غير القانوني، والتفتيش غير القانوني، وكذا جريمة اعتقال المتهمين أكثر من شهر وتعرضهما للتعذيب النفسي والجسدي ، وكذا تعطيل العدالة وتضليلها، ومنع المحاميين من الدفاع بعدم السماح بتصوير ملف الإدعاء، مع أن الأدلة المدّعاة كتابية ومأخوذة من منزل من منزل المتهم بتفتيش باطل مخالف للقانون وبقائها في منزله يعني بوضوح أنها مشاريع أفكار ولم ترسل أي لم يحدث أي تواصل، ناهيك عن احتمال الإضافة بالتزوير.
كل هذه جرائم ارتكبتها المحكمة والنيابة والأمن، تشوه سمعة القضاء في اليمن وتوجب معاقبة مرتكبها ، كما أن المتهم قد تعرض لاستجواب عن القيام بأفعال مباحة ، يعتبر انتهاكها جريمة بحد ذاته، مثل حق الاعتصام والتظاهر وإبداء الرأي والانتماء لمذهب، كما استجواب عن أفعال قام بها الغير مثل رفع صور زعماء المقاومة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا انتهاك سافر للحقوق والحريات يجب أن يعاقب عليه عضو النيابة.
إن الحكم بالإعدام في هذه الواقعة يعتبر شروعاً متعمداً في جريمة قتل عمد إن لم يلغ، ويتحمل الجميع نتائج تنفيذه أمام القانون وأمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون....
- المادة (47) من الدستور : تشترط أن يكون مصدر العقوبة نص شرعي ، والقرآن والسنة حافلة بضرورة التآخي بين المسلمين والتواصل، فأي نص يحرم أي اتصال بدولة إسلامية يعتبر نصاً غير دستورياً استناداً إلى نص المادة (3) من الدستور اليمني الذي يجعل كل القوانين مصدرها الشريعة الإسلامية.
- المادة (60) من الدستور: الدفاع عن الدين قبل الدفاع عن الوطن ، والوطن في المفهوم الإسلامي كل أوطان العالم الإسلامي، وفي المفهوم القومي كل بلدان العالم العربي ومنها فلسطين، فالدفاع عنها واجب ديني وقانوني، والاعتداء عليها( على فلسطين يوجب على الجميع نصرتها) ، وإقامة المظاهرات أقل ما يمكن من الواجبات ، وحضور المحافل الدولية لنصرتها واجب لمن يملك ذلك ، والمعاقبة على إقامة ذلك الواجب هو المحرم ، و الذي يجب أن يعاقب هو من يحاول تعطيله ناهيك عمن يحاول تحريمه والمعاقبة عليه.
- وقد أكد الدستور اليمني هويته الدينية والوطنية فنص على أن اليمن ( جزء من الأمة الإسلامية والعربية).
فمن يتفاعل مع قضية فلسطين ويحاول نصرتها بالقول والتظاهر يوجب معاقبته بالإعدام ؟؟، مثل هذا الحكم لا يصدر حتى في تل أبيب .
لقد تبين لنا من خلال مطالعة الحم الصادر بحق المتهمين أنه لا وجود لأي عنصر من عناصر المحاكمة العادلة سالفة الذكر .
ونناشد جميع المهتمين بحقوق الإنسان وقف هذه المهزلة، والوقوف بوجه المخالفين للقانون والمنتهكين لحقوق الإنسان .
إتحاد المحامين العرب
القاهرة
مدينة نصر
http://al-shoura.net/sh_details.asp?det=3307
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..