بسم الله الرحمن الرحيم
ثقافة الحرب أم ثقافة الحوار (الغزو الاثنا عشري للزيدية نموذجا)؟
كثيرا ما نستمع إلى بعض المثقفين وهم يمدحون الحوار ويرفعونه إلى أعلى المراتب باعتباره الاداة الانسانية الافضل للتعامل بين الافكار المتباينة وباعتباره البديل العقلائي للخروج من حالة (حرب الجميع ضد الجميع) أو (حرب التكفير) أو (حرب العصبيات الفكرية والمذهبية).
فبدون الحوار لا يمكن للبشرية أن ترتقي بفكرها ، وبدونه لا يمكن ان يتأكد صاحب الفكر أو مخالفه أنه على صواب أو خطأ ، وبدونه لا يمكن أن تتعامل مع المخالفين إلا بريبة وشك وعداء وكراهية وحقد وربما بإهدار الدم والمال والعرض.
فالحوار إذن أداة عظيمة يعرف أهميتها العقلاء ويدرك فعاليتها العلماء ولكنها بالنسبة لنا كمسلمين - وخصوصا كزيديين - واجب شرعي وفريضة علمية لا يمكن المساومة عليها أو التنازل عنها لانها الميزان الذي نقيس به الصواب من الخطأ والحق من الباطل وهي الجواز الاستثنائي والبطاقة الذكية التي سنطبق بها مراد الله تعالى في أرضه وبين خلقه.
وثقافة الحوار تعني أهمية الانفتاح على الفكر المغاير وعدم الخشية من مطالعة كتبه وأفكاره ومبادئه لان ذلك ما تدعونا إليه انسانيتنا ولا تبرأ إلا به ذممنا و لو حرص الفرقاء جميعا علماء وكوادر على مطالعة الفكر المغاير وعدم الرهبة منه ومناقشة علمائهم فيه والتحلي بروح البحث والتقصي والتأمل والموضوعية والحيادية والانصاف لكنا في أحسن حال.
ولكن وللاسف فإن البعض لا يستطيع التفريق بين ثقافة الحوار وثقافة الحرب ، ويجعل رفضنا لثقافة الحرب كرفض البعض لثقافة الحوار ، ولتبيين ذلك له يجب أن يعرف أن ثقافة الحوار تنتج الحوار الفكري وتتسم بالود والصفاء والتعاون والموضوعية أما ثقافة الحرب فلا تنتج سوى الحرب الفكرية والحقد والكراهية والتعصب فكيف نميز بينهما :
أولا : الحوار الفكري :
هي أن يؤمن فكران أو مذهبان بمبدأ الحوار وأهميته وجداوه ثم يطبقان ذلك بواسطة عدد من العلماء من الطرفين ، وإنما قلت العلماء لانه لا يمكن أن يوجد حوار إلا بين العلماء وأما ما يحصل بين العوام وبعضهم أو بين العوام وأحد العلماء فهو مهاترات أو تلقين أو أية صورة أخرى من صور الحرب الفكرية -التي نحن في غنى عنها كمسلمين - والسبب الذي جعلني اعتبر ما يحصل بين العوام وبعضهم أو بين العوام وأحد العلماء مهاترات أو تلقين أو حرب فكرية هو عدم توفر أهم عوامل الحوار في سماع حجة الطرف الاخر ، فكيف ستستمع إلى حجة الطرف الاخر وأنت لا تحاور عالما ؟! وكيف يمكن أن تلزم الطرف الاخر بحجتك إذا لم يكن عالما ؟!
أما لماذا احترزت من كون العوام أحد طرفي الحوار فذلك لان العامي قد يغتر بما ليس دليلا أصلا أو لا يستطيع استيعاب الدليل الصحيح والحقيقي ، أو يحول الحوار إلى مهزلة وعناد أطفال ، ولكن اذا كان الحوار بين العلماء فسيضطر المتحاوران الى الالتزام بالمنطق السليم والحجج الصحيحة وهذا يسهل الكثير في طريق التحاور البناء ويجعلهما يتجاوزان السفاسف والتفاهات التي لا يقوم عليها دليل ولا يجوز أن يتعبدا الله بها وسيجعلهما ينطلقان من نقطة سليمة في طريق الحوار وسيقترب الطرفان من معرفة الصواب والوصول إليه لاسيما إذا توفرت التقوى والرغبة الحقيقية في الاستفادة والوصول للحق، بينما في حق العوام لا يتحقق كل ذلك ومثال ذلك ما يفعله "الغزاة" الاثني عشريون لابناء المذهب الزيدي في اثبات صحة مذهبهم فنرى كثيرا من هؤلاء "الغزاة" يتأثر برؤيا يدعيها هذا الغازي ويظنها دليلا فيقول له :"أنا رأيت المهدي في المنام فيقول أنت ستصبح من شيعتنا أو يقرؤك السلام أو يقول إنه في شوق شديد لانضمامك إلى المذهب العظيم" أو يدخل له من باب القوة الايرانية والسلاح النووي فهذه الترهات التي اعتدناها أو مثلها هي أكبر ما يزيد الجهل في المجتمع ويؤجج الفتن ويقتل الود والتراحم فليس ذلك بالدليل الذي يصح أن يبني عليه العوام خروجهم من فكر إلى فكر ، ولو كان ذلك "الغازي" في مواجهة عالم (أو حتى نصف متعلم ) لما جرؤ على التفوه بمثل هذه الترهات لانه يعلم أنه سيرد عليه قوله وسيضعه في موقف الجاهل فينقلب السحر على الساحر ويتحول الدليل الذي يضلل به العوام إلى دليل قاطع على جهله وتجهيله.
وللتمثيل على ذلك :
- لنتمثل عاميا يجادل عاميا آخر محاولا إثبات وجود المهدي المنتظر منذ أكثر من ألف ومئة سنة فيقول له : "لقد رأيت قائم آل محمد في المنام وقال لي إذهب إلى فلان فإنه سيكون من انصارنا" فيتأثر ذلك العامي بهذا الكلام ويبني عليه اعتقادات جديدة ويصدق بوجود المهدي الغائب منذ أكثر من ألف ومئة سنة ، فهل هذا حوار أم استغلال لمشاعر العامي البرئية وجهله بطرق الاستدلال الصحيحة؟!.
- لنتمثل أحد العلماء يلقن عاميا محاولا أن يثبت له أن خط التشيع هو الخط الاسلامي الصحيح فيستدل عليه بقوله تعالى :"وإن من شيعته لابراهيم" فيتأثر ذلك العامي ويبدأ في محبة الشيعة ، فهل ذلك حوار أم استغلال لجهل العامي بطرق الاستدلال والمصطلحات الاصولية؟!.
- لنتمثل عاميا يجادل عاميا آخر ويحاول أن يثبت له أن خط التشيع على ضلال فيقول له "إن الشيعة يقولون إن جبريل أخطأ في الرسالة وبدلا من علي أعطاها محمدا" ، فيتأثر العامي لسماع هذا الكلام ويبدأ في كراهية الشيعة والبراءة منهم ، فهل هذا حوار أم استغلال لعاطفة العامي وجهله بعقائد الشيعة ؟!.
- لنتمثل أحد العلماء يوضح لعامي أن الشيعة لا يقولون بأن جبريل أخطأ في الرسالة وأن من يقول ذلك كافر لا شيعي ، فيرفض العامي أية طريقة للاقتناع لانه يعتبر هذا الكلام من المسلمات التي لا يمكن أن يلغيها من رأسه ويظل يقاوم محاولات العالم لافهامه الحقيقة قائلا له في صلف وثبات:"لا لا لا لا يمكن أن لا يقول الشيعة ذلك"، فهل هذا حوار أم أشبه ما يكون بالنقاش مع طفل عنيد لا يستطيع تفهم ما يقوله الكبار ؟!.
- لنتمثل أحد العلماء الشيعة يلقن عاميا سنيا أن حديث الاثني عشر مروي في كتب السنة بالتواتر ويريه عدة كتب من كتب أهل السنة فيها حديث الاثني عشر أو حتى كلمة الاثني عشر ولكنها في الحقيقة ترجع كلها لراو واحد أو مواضيع متفرقة لا علاقة لها بموضوع الامامة الاثني عشرية فيغتر السني العامي بهذا ويتأثر به ، فهل هذا حوار أم استغلال لجهل العامي بحقيقة تصنيف الحديث وحقيقة التواتر والتفريق بينه وبين التشابه.
ثانيا :الحرب الفكرية :
هي ان يقوم أحد المذاهب أو التيارات الفكرية بمحاولة استئصال أو إلغاء فكر معين بسبب معين ويستخدم في سبيل ذلك جميع الوسائل التي يراها مشروعة ، فبعض التيارات يرى أن استغلال انبهار العوام بحضارته لغسل أدمغتهم مشروع ، وبعض التيارات يرى أن استغلال حاجة العوام المادية لتجنيدهم مشروع ، وبعض التيارات يرى أن استغلال جهل العوام بفكرهم الاصلي لتلقينهم مشروع ، وبعض التيارات يرى أن استغلال هوى العوام وتحريك غرائزهم لاخراجهم من مبادئهم مشروع ، وبعض التيارات يرى أن تصفية العلماء من الطرف الاخر جسديا وعسكريا وفرض نفسه بالقوة على قاعدتهم المذهبية مشروع.
ومن التطبيقات العملية على ذلك :
النموذج الاول : (استغلال انبهار العوام بحضارته لغسل أدمغتهم)
لنتمثل أمريكيا علمانيا يحادث مسلما مبهورا بالمباني العملاقة في منهاتن وباحترام حقوق الانسان في دي سي وبسيادة القانون في الكونجرس وبالصواريخ الذكية في البنتاغون وبالخدع الكمبيوترية في هوليوود وبالازياء الانيقة من كالفين كلاين وبالعطور الزكية من فيرزاتشي وبالبرامج المتقنة من مايكروسوفت وبالمأكولات السريعة في مكدونالدز فهل نتوقع أن يحدث بينهما حوار ؟! بالطبع لا ، فإن ما سيحدث أن يستغل ذلك الامريكي حالة الانبهار والذهول لدى المسلم ليبين له أن السبب وراء تخلفه وتخلف مجتمعه هو الاسلام أو الانفتاح الجنسي أو .. أو .. أو .. ويقوم بغسل دماغه لينسلخ عن جلده ولو كان الحوار بين ذلك الامريكي وأحد العلماء لرد عليه العالم بأننا يجب أن نستفيد من تجربتكم ولا يجب أن نكون نسخة منكم.
النموذج الثاني: (استغلال حاجة العوام المادية لتجنيدهم )
لنتمثل (مبشرا مسيحيا رقيق الكلام مدربا تدريبا عاليا ) يحادث مسلما فقيرا في الصومال قليل الخبرة والمعرفة بالاسلام وبالمسيحية فهل نتوقع أن يقوم حوار بينهما ؟! لا بالطبع ، فإن ما سيحدث أن يستغل ذلك المبشر حاجة المسلم المادية أو الصحية أو العاطفية فيملأ الفراغات التي لديه ويستدرجه لادخاله في دينه.
النموذج الثالث: (استغلال جهل العوام بفكرهم لتلقينهم)
لنتمثل شيوعيا ملحدا (عالما بالفلسفة والالحاد ) يحادث شخصا عاميا قليل الخبرة والمعرفة ، فهل نتوقع أن يقوم حوار بينهما ؟! بالطبع لا ، فإما أن يسيطر الطرف الاكثر ثقافة بينهما على الاخر ويلقنه الافكار مستغلا قلة خبرته ومعرفته أو لا يمكن أن يقوم بينهما جسور تواصل فعلي تماما كما يجد البالغ نفسه يناقش طفلا عنيدا.
النموذج الرابع : (استغلال هوى العوام وغريزتهم لتثويرهم على مبادئهم)
لنتمثل مديرا اقليميا للسفارة الامريكية قد ضاق ذرعا بعموم ظاهرة الحجاب في مجتمع الضاحية الجنوبية لبيروت ، فقرر دعم معاهد متخصصة تبدو وكأنها لتدريس اللغة الانجليزية والديمقراطية وحقوق الانسان والازياء والفنون ولكنها في حقيقتها تهدف إلى زعزعة الثوابت الدينية لدى الشابات وتستخدم في سبيل ذلك أسلوب "التحفيز الغريزي" ، وتسعى دائما إلى الايحاء بأن الحجاب والعفة والحياء مفاهيم مرتبطة بعهد التسلط الرجالي على النساء وانتهاك حقوقهن وهو عهد متخلف قد مضى ،فتتحرك المشاعر الغريزية لديهن للثورة على هذا التسلط ورموزه التشريعية ، ولا تتورع من الاستهتار بنبي الرحمة والهدى سيدنا أبي القاسم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باعتباره أول من جمع بين أكثر من زوجة ، وأمر نساءه بالقرار في البيوت وأمرهن بضرب الحجاب على جهة التغليظ ولم يكن يصافح النساء الاجنبيات !
فهل هذا حوار ؟! بالطبع لا ، فإنه استغلال من ذلك الامريكي والمعاهد التي يدعمها لتفشي عقلية الهزيمة في نفوس بعض المسلمين بسبب الاعلام والدعاية الغربية المركزة واستغلال لغريزتي "إثبات الذات" و "تأكيد الذات" لدى بعض الفتيات واستغلال لعدم رسوخ حب الله وحب الرسول واستحضار اليوم الاخر في نفوس البعض الاخر واستغلال لمشاعر الكبت والاحباط والغضب لدى البعض الاخر واستغلال لانبهار البعض الاخر بالحضارة الغربية واستغلال لكسل البعض الاخر في تطبيق الواجبات الشرعية!
النموذج الخامس : (تصفية العلماء جسديا وعسكريا وفرض المذهب الجديد بالقوة على القاعدة الجماهيرية للمذهب السابق)
وهذا النموذج من وحي الواقع وقد حدث في اليمن عندما أقدم النواصب والوهابيون بدعم غير محدود وإجازة سياسية مفتوحة على تصفية العلماء الزيديين إبان الثورة اليمنية (بعلة العمامة والرجعية وتهمة الانتماء للنسب الهاشمي) ومحاربة التوجه الديني الذي ساد في المجتمع اليمني معلنين بلا حياء "ليس منا اليوم من صلى" وفي ظل هذا القمع والقتل العشوائي والجهر بالمجون والفسق تعذر على الزيدية توليف أبسط صور التنظيم الحديث وانقطعت صلتهم مع قاعدتهم الجماهيرية العريضة لما أصابهم من المحن والملاحقة والقتل والتشريد والاتهام وقطع خطوط الامداد وغيرها طيلة أربعة عقود ، ثم تسليط الوهابيين على المساجد الزيدية بأي ثمن حتى لو كان التصفية الجسدية - كما حدث للشهيد عثرب رحمه الله وغيره- ثم تغيير المناهج الدراسية وإلغاء الفكر الزيدي منها وتحريمه ، ثم منع كتب الزيدية من التداول في المعارض العامة وإلى سجن أي خطيب زيدي يرثي حسينا عليه السلام ويدين الطاغية يزيد على المنبر، ثم استضعاف الزيدية ودك بيوتهم وقتل أولادهم وتشريد نسائهم وأطفالهم وقطع مرتباتهم وسجن كوادرهم وشتمهم في الصحف الصفراء ليلا ونهارا ، كذبا وزورا كما فعل بأمير المؤمنين علي عليه السلام لاكثر من ثمانين عاما !!، فهل يقوم بعد ذلك حوار بين الوهابية وبين الزيدية أم نتوقع أن ما سيحدث هو إملاء وفرض وقهر لوجهة النظر الوهابية على الزيديين بقوة السلطة والعساكر والمال والمخابرات ، فلا وظيفة إلا بالتأكد من أنك لاتعتقد اعتقادات معينة ولا تدريس إلا لو كان لفكر مناقض لفكرك ولا دراسة إلا بسؤالك عن رأيك في معاوية ! ولا إطلاق من السجن إلا بتعهد بعدم تدريس الزيدية ، ولا حرية صحافة إلا بعدم التعرض لقضايا معينة ولا مناصب إلا لمن كان ناصبيا ضليعا في النصب أوعدوا مبينا للزيدية ورموزهم؟! إنا لله وإنا إليه راجعون حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
نموذج جامع :
لنتمثل طفلا من أسرة فقيرة وله أب مسلم قليل المال والمعرفة ويقبع في أحد السجون ، وذلك الطفل لا يحترم أباه ولا يرى فيه مثلا أعلى فإذا ما لقيه مبشر مسيحي ذي مظهر أنيق وأسلوب مهذب و لسان رقيق ومنطق معسول واستغل طفولته وخوائه الفكري والعاطفي والمالي وبعده عن أبيه السجين العاجز ماليا والفقير معرفيا والمهموم فكريا والمشدوه عمليا وبدأ في استدراجه واقناعه بالدين المسيحي وبذل في سبيل ذلك العزومات والمطاعم والاموال والكتب والالعاب والزيارات والافلام وغيرها .. فهل نعتبر ذلك الاستغلال لظروف الطفل تصرفا ينم عن تفوق فكري للمسيحي على المسلم ؟
وهل نعتبر ذلك الاستغلال حلقة من حلقات الحوار بين المسيحية والاسلام؟
وهل نعتبر أن ذلك دليل على أن المسيحية أعظم من الاسلام ؟؟
وعلى كل حال فإنني إنما قلت إن تلك النماذج تمثل صورا لحالة الحرب الفكرية لما فيها من قتل الروح الاخوية بين الطرفين والقضاء على حسن النية والود ولانها لا تؤدي في النهاية إلى نتيجة سليمة ولا تنبني على أساس أخلاقي قويم ، فهل استغلال جهل العوام لتلقينهم فكرا معينا عمل أخلاقي أو علمي أو موضوعي ؟ وهل استغلال حاجة العوام لتجنيدهم عمل أخلاقي ؟! وهل استغلال انبهار العوام لغسل أدمغتهم عمل أخلاقي أو علمي أو موضوعي ؟! وهل استغلال هوى العوام وتحريك غرائزهم لتثويرهم على مبادئهم عمل أخلاقي أو علمي أو موضوعي ؟!وهل تصفية العلماء والقمع والتنكيل والعدوان وفرض واقع جديد بقوة السلطة عمل أخلاقي أو موضوعي أو علمي ؟!
ومن جانب آخر ما هو رد الفعل الذي سنتوقعه من الطرف الاخر ،
أليس يحق للطرف الاخر - على الاقل - الاحتجاج والصراخ ورفض تلك التصرفات العدوانية غير الموضوعية؟
أليس يحق للطرف الاخر أن يحذر أتباعه من تلك الاساليب الملتوية غير الموضوعية؟
أليس يحق للطرف الاخر أن يدين الاساليب الدموية و"البلطجية" والاستغلال المذهبي للسلطة؟
أليس يحق للطرف الاخر الدفاع عن نفسه بكافة الوسائل المشروعة إزاء العدوان السافر الذي يشن عليه؟
وبالنسبة للحوار الفكري فهو في مذهبنا الزيدي (واجب شرعي) وهو بحسب فطرتنا وعقولنا وإنسانيتا مطلوب جدا بين المذاهب وبين الاديان وبين عامة الفكر الانساني والفلسفي لفائدته العظيمة ومردوده الايجابي ودوره الفعال في تطوير الفكر البشري والارتقاء به من مرحلة إلى مرحلة عبر وسائله المعقولة والمشروعة والودية التي لا تؤدي به في النهاية إلى إشعال حرب فكرية.
ويجب أن نحذر من مهاترات السفهاء (التي يسميها البعض بالمناظرات)فهي دائما مقبرة الحوار والحالقة التي لا تبقي على حسن نية أو مودة أو احترام ، وتستطيع واحدة منها أن تهدم ما بناه ألف عمار في لحظات.
وحبذا لو بقيت قنوات الحوار بين علماء متخصصين واسعي المعرفة والاطلاع واضحي البيان مهذبي المنطق موضوعي الطرح راغبين في الوصول للحقيقة مهما كانت لا يكتفون بسماع الاخر بل يستمعون إليه (وفرق بين السماع والاستماع) ، ويعتبرون الحوار عبادة تقربهم إلى الحقيقة لا أداة لفرض الرأي وتفنيد المخالف وإفحام الاخرين ولعب أدوار دنيوية مأجورة وإلا فما هي الفائدة من الحوار ؟!
وعلى هذه المبادئ وجدنا أن العقلاء بيننا اليوم يحذرون الامة من الوقوع في مزالق الفتن والمهاترات والدخول في حرب فكرية تزيدنا هوانا وضعفا وتفرقا.
وعلى هذه الاسس أيضا سمعنا السيد حسن نصر الله (المعروف بوعيه الاستراتيجي الكبير) وهو يعلن أكثر من مرة عن عدم رغبته في تحويل السنة إلى شيعة.
وأيضا سمعناه وهو يعلن عدم ارتياحه لمناظرة "المستقلة" (بين الشيعة والسنة) قبل سنوات ، بسبب أنها كانت بين أشخاص لم يكونوا مؤهلين لادخال الامة في حالة حوار فكري بل في حالة حرب فكرية تنتهي بالامة لمزيد من الشتات والضعف والهوان.
وبالطبع فإن الكثير من الجهال ذوي العاهات الفكرية الميؤوسة والمحدودية الصبيانية في الافق والرؤية قد جعلوا كلام السيد نصر الله دليلا على ضعف فكره وخوفه من المناظرة والحوار أو عائقا يحد من طموحاتهم الضيقة!!
وإننا إذ نحملهم على السلامة لم نجد حلا لهم إلا أن نتعامل معهم كالاطفال الذين مهما أثاروا من الضوضاء حولنا فلا ينبغي أن نضيق بهم ذرعا لانهم في النهاية مجرد أطفال من الصعب عليهم أن يفهموا الكثير من الاشياء.
أصلح الله أطفالنا وأطفالكم .. آمين
ثقافة الحرب أم ثقافة الحوار (الغزو الاثنا عشري لليمن نموذجا)
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 105
- اشترك في: الخميس مارس 30, 2006 2:21 pm
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
لم نجد حلا لهم إلا أن نتعامل معهم كالاطفال الذين مهما أثاروا من الضوضاء حولنا فلا ينبغي أن نضيق بهم ذرعا لانهم في النهاية مجرد أطفال من الصعب عليهم أن يفهموا الكثير من الاشياء.
أصلح الله أطفالنا وأطفالكم .. آمين



دمت لنا اخا ورفيق درب موضوع هام جدا
سيدي دعني اقتبس هنا بعض الاقتباسات الرائعة
كود: تحديد الكل
في البدء كان الحوار.. الله تعالى عندما اراد ان يجعل في الأرض خليفة حاور الملائكة واستجاب لتساؤلاتهم ولم يقمعها وهو ربّ العزة الذي لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، ولكنه سبحانه أراد للكون كله ان يغتني بالحركية، والملائكة - كما الإنسان - تُغنى حركيتهم بالمعرفة.. وكانت قمة الحوار في دلالاته على ان من الممكن ان تحاور ايّ شخص حتى لو كان في قمة الشر، عندما حاور الله تعالى إبليس عندما رفض السجود لآدم (ع) فسأله واجابه وطرده، ومن خلال ذلك نفهم انه لا مقدسات في الحوار، ولا نرفض ايّ حوار مع أيّ شخص إلا اذا كان للحوار دلالات سياسية لا نؤمن بها، كما في الحوار مع الذين يغصبون الأرض ويحتلونها كإسرائيل.
الحوار هو صيغة إنسانية للتفكير بصوت مسموع، ومسألة ان نتحاور هي مسألة ان نفكر اولاً ونتفاهم، لأن كثيراً من مشاكلنا على كل المستويات هي اننا لا يفهم احدنا الآخر، لا يفهم احدنا فكر وسياسة والخلفيات النفسية والإجتماعية للآخر، ولذلك فانك تدخل الى الآخر في عمى للألوان والأفكار والأحاسيس، ومن هنا فقد تخطئ الكلمة معه لأن هذه الكلمة لا تتناسب مع خلفياته الفكرية أو تعقيداته النفسية أو مع بعض اوضاعه التي تحيط به.. ان نتحاور ان أدخل الى عقلك وقلبك واكتشف خلفياتك واتعرف من أنت في كل ما يحيط بك، وتفعل ذلك معي، فاذا فهمنا بعضنا استطعنا ان نعرف كيف نتخاطب ونختلف، لأن المشكلة هي اننا لا نعرف كيف نتفق ولا كيف نختلف!!..
لا اريد ان أطلق المسألة شعاراً أو موعظة تُعطى على الناس من فوق، ولكن علينا ان ندرس ما هي الآليات الواقعية العملانية التي يمكننا من خلالها ان نحقق هذا الهدف، حتى نستطيع ان نصنع مجتمعاً يفهم ويحترم بعضه بعضاً، لأن الحوار دليل الإحترام. واذا دخلنا في بعض التفاصيل، فاننا نختلف في ادياننا، فلماذا لا يتحاور المسلمون مع اهل الكتاب، أو اهل الكتاب مع المسلمين؟ عندما نخلص جميعاً لله فان من الطبيعي ان نتحاور لنكتشف ما هي كلمة الله الحقيقية هنا وهناك، وقد دعا القرآن الكريم الى الكلمة السواء والى الحوار مع اهل الكتاب "بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا".. واذا دخلنا الى الواقع الاسلامي نجد الخلاف بين المذاهب، فلماذا لا نفتح كتاب الله وسنّة رسوله، وندرس كيف يعالجان هذه الفكرة أو تلك، فاذا وقفنا على جوهر الاسلام من هنا وهناك فمن الطبيعي ان يلتقي احدنا بالآخر؟ وعندما لا نقتنع بالفروع هنا وهناك فالأصول واحدة وان اختلفنا في بعض تفاصيلها. ولكن، هل أننا جادون في أننا مسلمون أو اننا متعصبون لما نحن عليه، حيث حوّل كل واحد منا مذهبه الى دين؟..
كانت هذه الاقتباسات من كلام السيد العلامة الحجة محمد حسين فضل الله
والذي له العديد من الكتب في هذا المجال مثل
*حوارات في الفكر والسياسة والاجتماع.
* آفاق الحوار المسيحي الإسلامي.
* مفاهيم إسلامية
سيدي عبد الوكيل التهامي اتعرف سيدي
لقد ذهب بعض اطفالنا المستبصرين ذات يوم الى لبنان و تمكنوا من زيارة السيد محمد حسين فضل الله
وطرحوا عليه أنهم يفكرون في الخروج من مذهبهم الزيدي والدخول في الذهب الاثنى عشري .... فكان جوابه لهم اخواني ابقو ا على ما أنتم عليه ونصحهم بالتعمق في مذهبهم الزيدي ... وهنا أكتفي بهذا لتعرفو سيدي مدى هشاشة ثقافة المستبصر والسلام عليكم !

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون

-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 113
- اشترك في: السبت مايو 28, 2005 12:22 am
- مكان: بيروت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله
ليس بعيب أن يفكر الأنسان ويبحث بل هو واجب شرعي وهذه من ميزات المذهبان الزيدي والجعفري فمن كان عقله دليله فلا خوف عليه لأنك تستطيع أن ترجعه إلى الصواب مادام يستعمل عقله ولكن العيب فيمن يعبد مذهبه لأنه على سيرة آبائه والعياذ بالله وهنا الكارثة لأن العبادة تكون للمذهب وليس لله
وأعتقد بأن المهم هو البحث والأخلاص لله تعالى ومن أخلص لله فإن الله يهديه للحق
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله
ليس بعيب أن يفكر الأنسان ويبحث بل هو واجب شرعي وهذه من ميزات المذهبان الزيدي والجعفري فمن كان عقله دليله فلا خوف عليه لأنك تستطيع أن ترجعه إلى الصواب مادام يستعمل عقله ولكن العيب فيمن يعبد مذهبه لأنه على سيرة آبائه والعياذ بالله وهنا الكارثة لأن العبادة تكون للمذهب وليس لله
وأعتقد بأن المهم هو البحث والأخلاص لله تعالى ومن أخلص لله فإن الله يهديه للحق
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 154
- اشترك في: الأربعاء مارس 01, 2006 9:07 pm
- اتصال: