هذه الهزيمة التي لاحقتنا عبر سنين , حتى صارت مجرد أن يلفظ أحدهم بلفظ الهزيمة يصبح ملاصقا لها اسم العرب ..... فهل حقيقة أن العرب هزموا حقيقة ؟؟
وما مدى مصداقية المصطلح الجديد الذي صار يلاحقنا أينما ذهبنا (جيل الهزيمة)
فهل حقا هذه الهزيمة هي التي أنجبتنا , أم كان قدرنا أن نولد في عصر لم يستطع آبائنا وأجدادنا أن يحققوا أدنى انتصار على ذاتهم حتى قبل أن يحققوه على أعدائهم الحقيقيين؟
إذا أردنا التجوال في صفحات التاريخ الذي كتبه المنتصرون دائما باحثين عن الهزائم نجد أن هناك الكثير من الهزائم التي التصقت بالعرب, فنكبة عام 1948م ومن بعدها بسنوات قليلة نكسة عام 1967م وغيرها وصولا إلى الانتكاسة الكبرى عام 1990م .... تلك الوعكة التاريخية التي أهداها إلينا جميعا ذاك المجنون صدام حسين.
فلماذا إذا دخل الكويت ؟
ولماذا قررت محاربة 36 دولة وهو يعلم مسبقا قدرات جيشه المعتل والخارج من معارك طاحنة بلا مبرر مع إيران ؟
ولماذا استمر بعناده ورفض أن يتنحى من منصبه قبل أن يسقط العراق في أيدي الأمريكان في التسليم الأخير لبغداد قبل عام؟
صدام حسين كان يعلم حجم المعركة ... وقد كان يعلم مسبقا أنه لو خاض أي حرب بعد حصار دام عشر سنوات على الشعب العراقي والجيش العراقي سيكون الخاسر الوحيد حتى لو كانت حربه ضد إيران مرة أخرى أو حتى ضد أي دولة تملك تقنية عسكرية حديثة.
وهو يعلم مسبقا أن القصور التي بناها في فترة الحصار لن تكون حصون طروادة لتحميه من الغزاة القادمين على حاملات طائرات هذه المرة وليس على خيول.
لكن أصر على موقفه, والغريب أنها المرة الرابعة التي ينتصر بها الغزاة دون أن يحاربونا.
في الحروب السابقة لم ينتصر الغزاة علينا , بل دخلوا بلادنا فاتحين.
في عام 1948م قالت الإذاعات العربية أن على الفلسطينيين أن يخرجوا من بلادهم لمدة أسبوع حتى تقوم الجيوش العربية بتنظيف فلسطين من المحتلين ... (العصابات الصهيونية التي لا لم تتعدى العشرة آلاف مسلح من رجال العصابات التي دربتها بريطانيا)
وبعد أيام تبين أن الجيوش العربية التي نادت بهذا النداء كانت تقصد أنها لن تحارب ولكنها تحاول إقناع الصهاينة بالخروج من فلسطين بطرق سلمية فالحقيقة أن الصهاينة لم ينتصروا ولكن نحن انهزمنا بطريقة استسلامية غريبة.
لقد خسرنا الحرب بطريقة غريبة
(إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها.. بمنطقِ الطبلةِ والربابه)(نزار قباني)
ْ
في عام 1967م أو كما يسميها البعض حرب الأيام الستة, وصعود الصرخات الشهيرة (سنجعل الصهاينة طعام للسمك ) ( وتجوع يا سمك ) وغيرها من النداءات العالية التي كانت كما قال عنها قباني أيضا في هوامش على دفتر النكسة (السرُّ في مأساتنا صراخنا أضخمُ من أصواتنا وسيفُنا أطولُ من قاماتنا) أفقدتنا الضفة الغربية وغزة دون طلقة واحدة من الجيوش العربية.
فجيوشنا استسلمت قبل أن تحارب والغزاة لم ينتصروا بل تسلموا المدينة وقضوا على من حاول من الثوار المقاومة .
الطائرات المصرية دمرت في مطارها قبل أن تحارب
إسرائيل لوحدها سحقت كل طائرات وأخذت جولاننا وسيناءنا وضفتنا الغربية من النهر وغزتنا وأخذت أيضا عزتنا ونخوتنا.
خلاصةُ القضية توجزُ في عبارة
لقد لبسنا قشرةَ الحضارة والروحُ جاهلية...
تعد التجربة العراقية اليوم مثال بارز لاستسلام العرب قبل المعركة, لكن هذه المرة هناك طعم أخر للاستسلام, فالجيوش العربية التي استسلمت دون أن تصرح من إذاعاتها مثل كل مرة وتتوعد الغزاة بالموت على أبواب المدينة .
فبعض هذه الجيوش اليوم يدرب طلائع الشرطة العراقية التي يعدها الاحتلال
والبعض الأخر يمول العراق
والبعض الأخر يسرق نفط العراق
والبعض ..................
إنها استراتيجية عربية جديدة في الاستسلام ربما تنفعنا في الحروب القادمة.
فلم نعد نجوع السمك قبل الاستسلام ... بل اخترعنا شيء جديد اسمع مبادرات القمة العربية في طريقة تسليم المدينة دون نقطة دم.
فإن رياح التغيير الأمريكية قادمة ولن ترحم أحدا.
لقد فات الثعلب الأمريكي إلى العراق ودول الخليج .... لكن الدور على من
وأي نوع من الاستسلام سيختاره العرب هذه المرة ؟؟
المرة السابقة كسروا تمثال صدام
المرة القادمة أتوقع أن يستسلموا بإعدام الرئيس على باب المدينة, ويرشو الدبابات الأمريكية بدمه مع الورد والأرز.
فالأمريكان يدخلون بلادنا فاتحين
هم لا ينتصرون في كل مرة ..... لكن في كل مرة نحن نستسلم
وبهذا الحال
لا يحدثُ انتصار
هم لم ينتصروا .... نحن الذين دوما نستسلم..
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 116
- اشترك في: الأحد سبتمبر 04, 2005 10:49 pm
هم لم ينتصروا .... نحن الذين دوما نستسلم..
صرخة .... في زمن يعشق الصمت
أنا من تحفر الاغلال في جلدي شكلا للوطن
_______________________

أنا من تحفر الاغلال في جلدي شكلا للوطن
_______________________
