الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
شرف الدين المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 221
اشترك في: السبت ديسمبر 08, 2007 1:51 pm
مكان: صنعاء

مشاركة بواسطة شرف الدين المنصور »

الكاظم كتب:الشبهة الثالثة :

أن مؤلف طبقات الزيدية الصغرى يقر أن الإمام الهادي قد خالف الإمام زيد بن علي في الفروع ولم يعتمد أقواله ، فكيف يكون من هذا حاله تابعاً لنهج زيد بن علي ؟

النص :

قال صاحب الطبقات ما نصه : ( وأما الفروع فاستقل ( أي الهادي ) فيها باجتهاده فخالف زيد بن علي في مذهبه ولم يتقيد لأقواله التي تضمنها مجموع الفقه الكبير لزيد بن علي وجامع الكافي لأقوال زيد بن علي وأقوال أهل البيت السابقين فمن عرفها علم الخلاف فيها) ا.هـ

الرد :

قلت : لنكتفي بما أورده السيد حميدان عليه السلام في المجموع ممالفظه:

" ورُوي عن الإمام أبي الفتح بن الحسين الديلمي عليهما السلام أنه قال: أما فروع الشريعة فإن وقع بين الأئمة عليهم السلام اختلاف في ذلك فليس ذلك مما ينقص من علمهم وفضلهم لأن الاجتهاد في الدين واجب، والاحتياط لازم والرجوع إلى الكتاب والسنة مما تعم به البلوى، ولكل في عصره نظر واستدلال وبحث وكشف..... الخ "انتهى

ومن كلام الإمام أبي الفتح الديلمي نستنتج أن المخالفة في الفروع قد تقع بين أئمة الزيدية ، أضف إلى ذلك أن الاجتهاد واجب على أئمة الزيدية ، فالفروع قد تختلف ولكن الأصول لم تختلف .
إختلاف الأئمة في الفروع نتيجة لإتفاقهم في الأصول،
واعتصموا بحبل الله جميعاً

شرف الدين المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 221
اشترك في: السبت ديسمبر 08, 2007 1:51 pm
مكان: صنعاء

مشاركة بواسطة شرف الدين المنصور »

الكاظم كتب:الشبهة الرابعة :

أن الزيدية لم يعد لها وجود بعد الإمام زيد بن علي بل أصبحوا معتزلة ؟

النص :

قال الشهرستاني في الملل والنحل (1/162): (أما في الأصول فيرون رأي المعتزلة حذو القذة بالقذة , ويعظمون أئمة الاعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت )ا.ه

وقال (وصار أصحابه -أي بعد استشهاد الإمام زيد بن علي-كلهم معتزلة!!!) ا.ه

الرد :

قلت : في الحقيقة إن الشهرستاني لم يوفق في تعريف الزيدية وغيرها من الفرق ذاك التعريف الدقيق، ولعل القارئ يرجع إلى كتاب الإمام زيد للشيخ محمد أبوزهرة رحمه الله فقد أشبع هذا الموضوع نقاشاً، ومن أول لمحة لما كتبه الشهرستاني بقوله أن أصحاب الإمام زيد بن علي أصبحوا بعد استشهاده كلهم معتزلة!!! فكأنه نسي أو تناسى ابنه الإمام يحيى بن زيد فهل كان هذا معتزلي وهو ممن جاء بعد زيد، وهل عالم آل محمد عبدالله بن الحسن بن الحسن من المعتزلة وهو ممن جاء من بعد زيد بن علي وهو القائل" (العَلَم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب، والعَلَم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي)، وهل الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية معتزلي وهو المتبع لنهج عمه زيد بن علي وهو القائل: (أما والله لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذْ اعوج، ولن نقتبس إلا من نوره، وزيد إمام الأئمة)، وهل الأئمة يحيى وإبراهيم وإدريس وموسى معتزلة وهم ممن جاء بعد زيد بن علي، ولا أعتقد أن أحداً سيقول بأنهم معتزلة بل زيدية .
الزيدية والمعتزلة والإباضية يجمعها القول بالعدل والتوحيد ووجوب الأمر بالمعروف النهي عن المنكر ولو بحد السيف بشروطه، ويميز بعضها عن بعض إختلافها في الإمامة،وفي الحكم على مرتكب الكبيرة، وفي بعض فروع الأصول
والكثير من المعتزلة أو أغلب معتزلة بغداد زيدية،
والزيدي لايمكن أن يكون معتزلياً وزيدياً،
والواجب على من يدعي أن الزيدية معتزلة أن يحدد مالذي جعلهم كذلك؟
هل أن الزيدية لم تعد تؤمن بالإمامة؟؟؟
هل أن الزيدية لم تعد تؤمن أولوية الإمام علي عليه السلام وأفضليته؟؟؟
الأتفاق في المنهج والمدرسة هو الذي قرب بين المعتزلة والزيدية وغيرهم من فرق العدل،
ودعوى أن الزيدية معتزلة قصد به استعداء أهل الحديث والأشاعرة، وخلق إنقسام بين الشيعة للحد من إجماعهم على الخروج مع دعاة الزيدية،
واعتصموا بحبل الله جميعاً

شرف الدين المنصور
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 221
اشترك في: السبت ديسمبر 08, 2007 1:51 pm
مكان: صنعاء

مشاركة بواسطة شرف الدين المنصور »

بسم الله
كاتب مميز مبدع
بارك الله في جهودك ياكاظم
وأحسن الله إليك
واعتصموا بحبل الله جميعاً

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

الشّبهَة الثّامنة والعشرون :

مَن تأمّل وتدبّر كتاب الله تعالى ، وجدَه عزّ وجل يقول : ((وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ))[الحجرات:09] ، فكيفَ توفّق الزيدية بين نفي اسم الإيمان عن أصحاب الكبائر وتُسمِّيهِم فسَقَة ، والله سبحانه وتعَالى أثبتَ اسم الإيمان للطائفتَين اللتَين اقتَتَلَتا ؟! ، ومعلومٌ أنّ إحداها ستكون باغيَة ؟! ، واربطوا هذا رحمكم الله حال هذه الآية بحال قتال معاوية بن أبي سفيان مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ؟!.

الرَّد : هُنا اعلَم أخي صاحب الشّبهَة أنّ هذه المسألة تندرجُ ضمِن مسائل الوعد والوعيد عند أهل البيت (ع) ، ونخصّ المنزلَة بين المنزلتَين ، وهي الفِسق لصاحب الكبيرَة ، فلا يكونُ مؤمناً لمُخالفتِه أو لعدم عملِه بموجبِات الإيمان ، ولا كافراً لمكان الشّهادتَين وباقي الطّاعات ، فالقاتِلُ حينَ يقتُل مُتعمّداً بغير وجهِ حقّ يكون فاسقاً لا مؤمناً ، وهُو محلّ الإشكال في الآيَة عندما شملَ الله اسم الإيمان على المُتقاتِلِين ، ونسوقُ الجَواب على هذا من ثلاثة وجوه:

الوجهُ الأوّل : أنّ تعلمَ أنّ الله سبحانَه وتعالى في الآيَة محلّ النّقاش يتكلّم عن المُستقبَل لهؤلاء المؤمنين ، عن حال هؤلاء المؤمنِين ، فيكونُ لسانُ حال الآيَة : أنّه وإن حصلَ أيهّا المؤمنون مُستقبلاً وتقاتَلتُم ، فعليكُم أن تُقاتلوا الفئَة الباغيَة الظّالمَة منُكم حتى تعودُ إلى أمرِ الله تعالى ، فالمُسلمون حال الخطاب مازالوا مؤمنين ، ولكن إن حصلَ وتَقاتَلوا وبَغى بعضهُم على بعض في المُستقبل ، فإنّ اسم الإيمان يزولُ عن هذه الطّائفَة ويُتَبَدَّلُ بالفِسق .

مثالُه : تدبّر قول الله تعالى : ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ )) [آل عمران:100] ، هُنا خاطبَ الله تعالى المُسلمين بمُسمّى الإيمان في وقتهِم الرّاهن (وقت الخِطاب) ، ولكنّه تعالَى نفَى عنهُم اسم الإيمان في المُستقبَل إن هُم استمعُوا لأهل الكتاب واتّبعوهم وأطلقَ عليهِم اسم الكُفر .

نعم ! وهُنا أخي القارئ نقولُ نفسَ المقَال في الآيَة محل النّقاش ، فالله تعالى خاطبَ المسلمين بمسمّى الإيمان في وقتِ الخطاب ، لا أنّه شاملٌ لهم بعد التقاتل ، ونخصّ الفئةً الباغيَة منهُم ، لأنّ المُحقّة مازالَت مُحتفظةً باسم الإيمان لمّا لم تعصِ الله تعالى ولم تبغِ ، وإلى هذا المعنى أشار وليّ أهل البيت السيد العلامة علي بن محمد العجري (ع) في كتابه (مفتاح السّعادَة) .

الوَجه الثّاني : أن تعلَم أنّ رسول الله (ص) قد بيّنَ لَنا هذه الآيَة لمن تأمّل وتدبّر ، فنحنُ نقولُ أنّ المسلمين قبلَ الاقتتالِ مُؤمنين في الآيَة ، ولكن بعد الاقتتال يُصبحُ (الباغي) منهُم (فاسقاً) ، و(المُحقّ) يبقَى على صفة (الإيمَأن) ، فانظر رسول الله (ص) ينفي صفَة الإيمَان عن الزّناة وشاربي الخُمور ، وهم بعصيانهِم هذا لا يقلّون عن عصيانِ قاتلي الأنفس المؤمنَة بالبَغي والقِتال ، روى البخاري في صحيحه ، قال ، قال رسول الله (ص) : (( لَا يَزْنِي الزَّانِي حين يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ ولا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حين يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ ولا يَسْرِقُ حين يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ )) [صحيح البخاري:2/875] ، فكيفَ يَنتفي اسم الإيمان على الزّاني ، ويُثبتُ الله اسم الإيمان على المٌقاتِل الباغِي القاتِل ، وهُنا أنتَ أخي القارئ أمام خيارين اثنين لا ثالثَ لهُما ، إمّا أن تقولَ: أنّ رسول الله (ص) خالفَ على الله تعالى ، والعياذُ بالله ، وإمّا أن تقولَ : بقولنا القريب البيَان.

الوجه الثّالث : وهُو فائدةٌ زائدةٌ عن الضرورة (إذ الإجابَت عن أصل الشبهَة قد اكتملَت) ، نقولُ فيها : أنّ كثيراً من الباحثين يربطونَ مضمون هذه الآيَة بحرب أمير المؤمنين (ع) مع معاوية بن أبي سفيان ، ويحتّجو بها لإثبات اسم الإيمان دونَ الفسق على الطائفة الباغية المُخطئة التي أجمع سواد المُسلمين على أنّها طائفة معاوية بن أبي سفيان ، وهُنا اعلم أخي أنّا لو سلّمنا لكَ أن طائفَة معاويَة كانَت مؤمنَة فإنّ المؤمنين لن (تفيد النّفي والتأبيد) يكونوا دُعاةً إلى النّار ، قال رسول الله (ص) : ((وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ يَدْعُوهُمْ إلى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إلى النَّارِ )) [صحيح البخاري:1/172] ، وإلاّ فما الفرقُ بين الدُعاة إلى الجنّة والدّعاة إلى النّار إن كانوا جميعاً مؤمنين ؟! والإيمان من أعلى مراتب الإسلام تنبّه لهذا أخي القارئ ، لأنّكَ إن قُلتَ : هُناك مؤمنٌ عاصٍ ومؤمنٌ غير عاصٍ ، أو قلُت : أنّ الدّاعي إلى النّار مؤمنٌ ناقصٌ إيمانه ، والدّاعي إلى الجنّة مؤمنٌ مُكتملٌ إيمانهُ ، قلتُ لكَ فيه كلّه : كتابُ الله بينا وبينَكم حكماً ، فهل ذكرَ الله تعالى مؤمنين وميّز بينَهُم عُصاةً وغير عُصاة ، أم أنّه كان يمتدحُهم ويعدهُم الجنان ، ومعلومُ لنا أنّ العاصي لا يستحقّ المَدح بل الذّم ومآلُه النّار لا الجّنة ، فكيف هذا ، سلّمنا ، فعلى قوَد كلامِكم هذا فإنّ أصحابَ الوشايَة بين المُسلمين والكذّابين مُؤمنين ناقصي إيمان وليسوا فسّاقاً ، فأخبرونا رحمكم الله مَن هُم المؤمنين حقاً ، ومَن هُو الفاسق في قول الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) [الحجرات:06] ، سلّمنا ، فأخبرونا عن حال معاويَة بن أبي سفيان في بغيه وخروجه على إمام الجماعة أمير المؤمنين (ع) هل هُو اجتهادٌ منه أو طمَعٌ في المُلك ، إن قلتُم : اجتهادٌ منه في الطّلب بدم عثمان بن عفان والاقتصاص من قَتلَتِه حيثُ هُو من أولياء المقتول ؟! ، قُلنا : فهَل الحقّ في الاقتصاص للمقتول مِن القاتِل حقٌّ يأخذُه ذوي القتيل بأنفسهِم أم يأخذُه الإمام الشّرعي لهُم ، إن قلتُم : يأخذُه الإمام الشّرعي وهو قول سواد الفقهاء سقطَ اجتهاد معاوية في القِتال لأجل الطّلب بدم عثمان بن عفّان ، ولَو فتحنا المجَال لذوي القَتلى في الأخذ بحقّهم بأيديهِم وقَتل القتلَة وبرّرنا لهُم هذا الفعل بأنّهم مُجتهدين ولا ذنبَ عليهِم لحصلَت الفوضَى ولانتشرَ الفسَاد ولعادَت العصبيّة القبليّة النّتنة ، فللإمام قاضٍ أو يكونُ الإمام العالم هُو القاضي ينظرُ في القضيّة ويُقيمُ الحدّ ، فلا وجهَ لاجتهاد معاوية في خروجِه على أمير المؤمنين بدعوى الاجتهَاد والأخذ بقتلَة عثمان ، عليه لم يبقَ إلاّ الأمر الثّاني المُسبِّب لخروجه ، وهُو الطّمع في المُلك دون أمير المؤمنين (ع) ، وهذا ظاهرٌ وجهه من عدّة أمور لمَن أنصفَ وتدبّر :

الأمر الأوّل : أنّ معاويَة في حادثَة التحكيم أوصَى عمرو بن العاص بألاّ يخلعَه ، خصوصاً أنّ هناك معاركاً كبيرَة قد حصلَت بين الطّرفين قبل حادثَة التّحكيم ، فلو كانَ معاوية مُجتهداً في تحكيم الكتاب لَما أوصَى عمراً بألاّ يخلعَه ، إن قُلتَ : ما مصدرُ توصيَة معاوية لعمرو بن العاص ألاّ يخلعَه ؟! قُلنا: مصدرُه مُترجمٌ في فعل عمرو نفسه عندما أثبتَ معاوية في الوقتِ الذي تحذّق فيه على أبي موسى الأشعري الذي خلعَ أمير المؤمنين (ع) ، وذلكَ أنّ أبا موسى وعمرو بن العاص كانا حكمَين ، واتفقا على أن يُعلنَا جميعاً خلع علي ومعاوية ، فقدّمَ عمرو بن العاص أبو موسى لإعلان نتيجة التحكيم ، فقال أبو موسى أمام الملأ : بما يخلع به أمير المؤمنين (ع) ، ثمّ تكلّم بعدَهُ عمرو بن العاص فقال : أنّه مثبتٌ لولاية معاوية بن أبي سفيان ، فخدعَ أبو موسى بهذا ، نعم! وبعد هذا لم يغضَب معاوية من فعل عمرو بن العاص هذا ، بل ولاّه على مِصر ، فهل مَنْ هذا حالُه يجتهدُ في الحُكم بكتاب الله تعالى ، أو أنّه مُتأوّلٌ له سفك الدّماء بعذر الأخذ بقتلَة عثمان ؟!! أم أنّ المُلك هُو الهدف الرئيسي ؟!! .

الأمر الثّاني : أنّ معاوية لو لم يكُن طامعاً في المُلك ، ولو لم يكُن هُو الباعثُ الحقيقي له على الخروج على أمير المؤمنين دون الاجتهاد الذي يعتذرُ به كثيرٌ من السلفيّة ، نعم! لو لم يكُن طامعاً في المُلك لمَا ولّى ابنَه يزيد على رقاب المُسلمين ، وهُناك صحابةٌ أفضلُ وأعلمُ منه ، ولو لم يكفِ إلاّ وجود أبي عبدالله الحسين بن علي (ع) ، دَع عنكَ أنّه نقضَ صُلح الحسن بن علي (ع) الذي اتفقوا فيه على أن يتولّى أمور المُسلمين بعدَه (بعدَ معاوية) ، فعجّل معاوية بقَتل الحسن ، ثمّ أسرعَ بتوليَة ابنه يزيد والله المُتسعان .

الأمر الثّالث : أنّ معاوية لو لم يكُن خروجه على أمير المؤمنين (ع) نابعُ من كُرهه لعلي (ع) شخصياً لمَا أمرَ النّاس بسبّه بعد اسشتهاده صلوات الله عليه ، روى ابن عساكر ، (( عن أبي كثير ، قَال : كُنتُ جَالِسَاً عِندَ الحسَن بن علَي ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال : لَقَدْ سَبَّ عِند مُعَاوية عَليّاً سَبّاً قَبيحَاً رَجُلٌ يُقَال له مُعاوية بن حديج ، قَال : تَعْرِفُهُ؟! . قَال : نَعَم . قَال : إذَا رَأيتَهُ فَائتِنِي بِه . قَال : فَرَآهُ عِند دَار عمرو بن حُريث ، فَأرَاهُ إيّاه . قَال : أنْتَ مُعاوية بن حديج ؟ ، فَسَكَتَ فَلم يُجِبهُ ثَلاثاً ، ثمّ قَال : أنتَ السّابُّ عَلياً عند ابن آكلَةِ الأكبَاد؟ أمَا لَئن وَرَدْتَ عَليه الحَوض ، ومَا أرَاكَ تَرِدُه ، لَتَجِدَنّهُ مُشَمِّراً حَاسِراً ذِرَاعَيه يَذودُ الكفّار والمنَافِقِين عَن حَوض رَسول الله (ص) كَمَا تُذَادُ غَريبَة الإبل عن صَاحِبِهَا ، قَولُ الصّادقِ المصدُوق أبي القَاسم (ص)) [تاريخ مدينة دمشق:9/130] ، وروى الحاكم والبزّار بأسانيدهِم : ((قَال مَعاوية لِسعَد بن أبي وقّاص ، مَا يَمْنَعُكَ أنْ تَسُبَّ ابن أبي طَالِب ؟! قَال ، فقال : لا أسُبُّ مَا ذَكَرْتُ ثَلاثاً قَالَهُنَّ لَهُ رَسولُ الله (ص) ، لأنْ تَكونَ لِي وَاحِدةٌ مِنهُنّ أحَبٌّ إليّ مِنْ حُمْرِ النِّعَم ...)) [المستدرك على الصّحيحين : 3/117 ، مسند البزّار : 3/324] ، وهذا من مُعاوية أمرٌ صريح ، فإن لَم يَكُن فوصفٌ لحال ذلك المُجتمع الطّاعن الواقِع على أمير المؤمنين (ع) ، ووصفٌ لحال معاوية الرّاضي بهذا الفِعل القبيح ، فسؤالُه لابن سَعد (إن لَم يكُن أمراً) فَهو استغرابٌ من سعد بن أبي وقّاص عندما لَم يَشتُم علياً كسائر النّاس !! ، والله المُستعان ، وقد وضّح هذا علي (ع) قبل أن يموت ، فقال صلوات الله عليه : ((إنّكُم سَتُدْعَونَ إلى شَتْمِي فَلا عَليكُم أنْ تَشْتُمُونِي ، وتُدْعَونَ إلى البَراءةِ مِنّي فَلا تَتَبرؤا مِنّي ، فَإنّهُ مَنْ تَبَرّأ مِنّي فَقَد بَرِئ مِنْ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله ، و مَنْ تَبَرّأ مِنْ رَسول الله لَقَى الله وهُوَ مُسْوَدٌّ وَجْهُه)) [مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي الزيدي:2/419] ، والشّتم فمعَ الإكراه ، وأمّا البراءة فمحلُّها القَلب ولا مُكرِهَ عليها إلاّ عندَ المُجْبِرَة ، والله المُستعان .

وبهذا ومَا مضَى نكتفي ، وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمّد وآل الطيبين الطّاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

Re: الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

مشاركة بواسطة الكاظم »

الشّبهة التاسعَة والعشرون:

يُروى عن الإمام زيد بن علي (ع) ، أنّه جاء إليه رجلٌ ، فقال له : ((أنتَ الذي تَزعم أنَّ الله تعالى أرَادَ أن يُعصَى؟ فَقال زَيد بن علي: أفيُعصَى عُنوة؟!)) ، وهذا قد يُفهمُ منه أنّ الإمام زيد بن علي (ع) يقول بإرادَة الله للمعاصي خلافاً لما يقتضيه المذهب الزيدي في المسألَة .

الرّد :

اعلم أخي رحمنا الله وإيّاك أنّ هذا القول عن الإمام زيد بن علي (ع) غير موثوقٍ به ، لا من طريقِ أهل البيت (ع) ، ولا من طريق الفرقَة السنيّة ، فهو ليس بعُمدَة في الاحتجاج على عقيدة الإمام زيد بن علي (ع) في مسألة إرادَة الله للمعاصي ، وسنوردُ حبالاً قويّة تُدعّم كلامَنا هذا ، نوردُها من عدّة محاور .

المحور الأوّل : طريقُ هذه الرواية إلى الإمام زيد بن علي (ع) ، وصحّتها :

هنا اعلم أيّها الباحث أنّ هذه الرواية عن زيد بن علي (ع) لم تُؤثَر إلاّ
من طريقٍ واحد
، رواه اللالكائي ، وابن عساكر ، كلّهم يقول : ((حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن الحسين بن محمّد الزّعفراني ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نا عمرو بن حماد القناد ، حدثنا مطلب بن زياد ، قال : جاء رَجل إلى زيد ، فقال : يَا زيد أنت الذي تَزعم أنّ الله أرَاد أن يُعصَى ، فقال لَه زَيد : أفيُعصَي عُنوة ؟! ، فأقبلَ يَحصر مِن بين يَديه)) واللفظ لابن عساكر[1] .

نعم ! فهذه الرواية موهومَة على الإمام زيد بن علي (ع) ، لمخالفتها لصريح الكتاب أولاًّ، ولوجود (المطّلب بن زياد بن أبي زهير الثقفي الكوفي في طريقها ، وليسَت تُروى عن الإمام زيد بن علي (ع) إلاّ من طريقِه ، كلّ هذا على شرط أهل الحديث ، والمطّلب بن زياد هذا ممّن لا يُحتجّ بحديثهِم ، قاله أبو حاتم[2] ، وقال أبو داود : رأيتُ عيسى بن شاذان يضعّفه ، وقال: عندَه مناكير [قلتُ : ولا شكّ أنّ هذه الرواية من مناكيرِه] ، وقال ابن سعد : كانَ ضعيفاً في الحديث جداً[3] ، وقال ابن حجر : صدوق ربّما وهِم[4] ، [قلتُ : وهذه قد تكون من أوهامِه] .

عليه فهذه الرواية لا يُحتجّ بها على عقيدة الإمام زيد بن علي (ع) في إرادَة الله تعالى للمعاصي ، وليس يحتجّ بها عنه (ع) إلاّ من يبحثُ عن روائح الأعذار في جلب هذا الإمام إلى دائرة الفرقَة السلفيّة ، علماً بأنّه لو أتى عنه (ع) ما يُنكِرُ على عقيدة أهل السنّة في مسألة الإرادَة ، بهذا السّند نفسه ، لأعلّوه ولأسقطوا الاحتجاج بهذا الخبر ، والله المُستعان .

وَعَينُ الرِّضَا عَن كَلِّ عَيب كَليلَة***وَلكنَّ عَين السُّخْطِ تُبدِي المَسَاوِيَا

المحور الثّاني : تحرير عقيدة الإمام زيد بن علي (ع) في مسألة إرادة الله للمعاصي :

وهُنا نوردُ لُمعاً من أقوال الإمام زيد بن علي (ع) في المسألَة ، ونطلبُ من الباحث تدبّر معانيها قبل النّظر إلى قائلِها ، وعرضها على كتاب الله تعالى ، وعلى الفطرَة السويّة ، هل فيها ما يُخالف؟! ، نعم! فمنَ هذا الأقوال :

1- قولُه (ع) : ((فقـالوا: منه جَمِيْعُ تَقَلُّبِنَا في الحركات، التي هي: المعاصي، والطاعات، وإنه محاسبنا يوم القيامة على أفعاله التي فعلها، إذْ خَلَقَ: الكفر، والزِّنا، والسَّرقة، والشِّرك، والقتل، والظلم، والجور، والسَّفَه. ولولا أنه خَلَقَها ـ زعموا ـ ثم أجْبَرَنا عليها، ما قَدَرْنَا على أن نَّكْفُرَ، وأن نُشْرِكَ، أو نُكَذِّب أنبياءه، أو نجحد بآياته، أو نقتل أولياءه، أو رُسُلَه، فلما خَلَقَهَا وجَبَرَنا عليها، وقَدَّرها لنا، لم نخرج من قضائه وقَدَرِه، فَغَضِبَ علينا، وعذَّبنا بالنار طول الأبد ، كلا وباعِثِ المرسلين، ماهذه صِفَةُ أحكم الحاكمين، بل خلقهم مُكَلَّفِين مستطيعين مَحْجُوْجِيْنَ مأمورين منهيين، أمرنا بالَخْيرِ ولم يمْنَعْ منه، ونهى عن الشَّر ولم يُغْرِ عليه، وهـداهم النجدين ـ سبيل الخير والشر، ثم قال: ((اعْمَلُوا))، فكلٌ مُيَسَّر لما خُلِقَ له مِنْ عَمَلِ الطاعة، وترك المعصية))[5] .

2- قوله (ع) : ((وذكرتَ أنّ قَوماً قَد أقامُوا على سخط اللّه تعالى وعِصيانه، ومُخالفته، وأنّهم إذا نُهو عن ذلك قالوا: اللّه أرادَ هذا، اللّه قدَّر هذا. فأرسَلوا أنفُسَهم في الذنوب، ولجّوا في المعاصي، فَأحببتَ أن أكتُبَ إليك مَا أرَى في ذَلك، والذي أقولُ فِي ذَلك وأرضَاه: أن تقرأ القرآن وتَدَّبَره، فَتنظر مَا أرَادَه اللّه، وأوجَبهُ فَتضيفُه إلى اللّه، ومَا كَرِهَهُ فَتضيفُه إلى صَانِعِه. أرَأيتَ قَوله فِي كِتابه: ((وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)) [الزمر: 7] ، أرَأيتَ قَوله: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ)) [البقرة: 185]، أرَأيتَ قَوله تعالى: ((وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَانُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)) [الزخرف: 20]، هَذا كلّه قَول اللّه عزّ وجَلّ وهُو أصدَقُ مِن قَولِهم. ثمّ إنّي أرتضِي لكَ ألاّ تُخرِجَ العَاصين مِن قُدرَة اللّه تعالى، ولا تَعذرَهم فِي مَعصية اللّه، ومَن قال: إنّه قَد مَلك أعمَاله مَع اللّه فَقد أشرَك بالله، ومَن قَال: إنّه قَد مَلكها دون اللّه تعالى فَقـد كَفر بالله، ولكنّ القَول الذي أرضَاه فِي هَذا الباب إتّباع ، فَإذا أطعتَ شَكَرتَ اللّه تعـالى، وإن عَصيتَ استغفرتَ اللّه))[6] . [وشرح كلامه (ع) سنورددهُ مُجملاً قريباً] .

المحور الثّالث : مناقشَة عقليّة بسيطَة ومُختصرَة للقائلين بإرادة الله للمعاصي :

قال المُخالف : لو قُلنا أنّ الله غير مُريد للمعاصي ، والإنسان أرادَها ، لغلبَت إرادَة الإنسان على إرادَة الله تعالى ، ولوقعَ في مُلكِ الله تعالى ما لا يُريدُه من المعاصي ، ولغلبَ الإنسانُ ربّه ، والعياذ بالله ، هذا أقصى احتجاج المخالف في المسألَة وعليها فهمَ المُخالف الأثر السابق المروي (الموهوم) عن الإمام زيد بن علي (ع) .

وهُنا يُقال للمخُالف : هَل تقولُ أنّه يقعَ في هذا الكون ما لايَرضاهُ الله تعالى ، والله يرضَى لعبادَه الإيمان والطّاعَة دون الكفر والعصيان .

إن قُلتَ أخي المُخالف : نعم ! يقعَ من الإنسان في هذا الكون ما لا يرضاهُ الله تعالى ، وقد أشركَ من الإنس والجن مَن أشرَك ، وقد عصَى وخالف على الكتاب والسنّة كثيرٌ من المُسلمين ، وهذا لا يُرضي الله تعالى .

قٌلنا : فقد زعمتَ أنّه يقعَ في هذا الكون ما لا يُرضي الله تعالى ، فالله يرضَى للنّاس الإيمان والطّاعة ، والنّاس يُخالفون على الله تعالى فيرضَون لأنفسهِم الكفر والعَصيان ، فقد غلبَت رغبتهُم ورضاهُم وإرادتهُم على إرادَة الله تعالى ، هذا مبنيُّ على إلزامكم لنا في المسألَة الأولى (مسألة الإرادَة ، وأنّ الله مُريدٌ لجميعِ المعاصي الحاصلة في الكون ، وإلاّ لزمَ من ذلك أن يُريد النّاس ما لا يريدُ الله تعالى ، فتحصلُ مُغالبَة الله تعالى في إرادَته) ، وهُنا (نلزمُكم بما ألزمتمونا به في مسألة رضا الله تعالى عن جميع أفعال العباد ومعاصيهِم ، وأنّ الله يجب أن يكون راضٍ عن معاصيهِم ، وإلاّ حصلَت المُغالبَة من النّاس لخالقهِم ، حيث أنّه يرضَى لهم الإيمان ، وهُم يرضون يغير ما رضيَ الله تعالى) ، ونحنُ وإيّاكم نقرأ قول الله تعالى : ((
وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ
)) .

نعم! فما أجبتُم به في المسألَة كان جوابنا قريباً منه ، حيث أنّه لا سبيل للجواب على هذا الإشكال إلاّ ما قالَت به الزيدية في مسألة إرادَة الله للمعاصي ، وذلكَ أنّ الله تعالى أرادَ أن يخلُقَ العباد مُختارِين ، مُتمكّنين ، لهم حريّة الإرادَة في الاختيار ، فكانَ هذا من الله تعالى إرادَة جُمليّة مُخرجاتُها التمكين من إرادَة فعل الطاعَة ، وإرادَة فعل المعصيَة ، فالإرادَة الجُمليّة تُنسبُ إلى الله تعالى ، فنقول : الله أرادَ منّا أنّ نكون مريدين لاختيار أفعالِنا ، وإرادَةُ الله تعالى الجُمليّة تدخلُ تحتها إرادَة الإنسان الخاصّة به والتي بها ارتكب المعصية ، أو فعلَ الطّاعَة ، فإرادَة الإنسان الخاصّة تدخلُ تحت إرادَة الله الجُمليّة ، والله في إرادته الجُمليّة أرادَ منّا ورَضِيَ لنا اختيار وإرادَة (بإرادتنا الخاصّة) فعل الطّاعَة ، وحذّرنا من اختيار وارتكاب وإرادة ارتكاب المعاصي ،
فكانت جميع أعمالِنا واقعَة بإرادَتنا الخاصّة التي تُنسبُ إلينِا لا إلى الله تعالى ، وإرادتنا الخاصّة هذه إنّما استطعناَ أن نُريدَ بها ونختار كلّ ذلك بفضل إرادَة الله تعالى لذلك
، فالله بإرادته ورغبته ورضاه أرادَ أن يُفوّض إلينا حريّة الإرادَة الخاصّة للفعل أو الترك ، وذلك ليتمّ التكليف ، وابتلانَا بطلبه منّا أن نُريدَ الإيمان والطّاعة دوناً عن الكفر والعصيان ، ابتلانا بإرادة واختيار ما يُرضيه دوناً عمّا يُغضبُه . نعم! فإرادتنا الخاصّة داخلةٌ تحت إرادَة الله تعالى الجُمليّة ، ولكنّ أفعالَنا ومعاصينا تُنسبُ لإرادتنا نحن الفاعلين الُمختارين ، وسنضربُ على هذا مثالاً علّه يكون أقرب للفهم .

مثاله :

خلقَ الله البشر وأرادَ منهُم أن يُطيعوه ، وأن يفعلوا ما يُرضيه من الأفعال ، ولكنّه لم يُرِد أن يُجبرَهُم على طاعتِه ، بل يُريدُ منه أن يُطيعوه باختيارهِم وبمحضِ إرادتهِم ، ليميّز المُطيع من العاصي ، ابتلاءٌ وامتحان ، ((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)) [يونس:99] ، نعم! فهُنا أرادَ الله تعالى (إرادَة جُمليّة) ، أن يجعلَ للنّاس إرادات خاصّة بهِم ، يستطيعون من خلالها على إرادَة التّرك للمعصية ، أو الفعل للطاعَة ، قال تعالى : ((مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ)) [آل عمران:152] ، وبهذا المنح من الله تعالى للإنسان بالإرادَة الخاصّة ، سيتم التكليف ، وسيتم قوله تعالى : ((وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ)) [العنكيوت:11] ، فالله تعالى أرادَ أن يكون صالحٌ من النّاس مُريداً للخير أو الشّر ، مخيّرٌ في الفعل ، أو التّرك ، فإن أرادَ صالح أن يفعل الطاعَة وافقَت إرادتهُ إرادَة الله تعالى بفعل الطّاعات وفاز بالثواب ، وإن أرادَ صالح أن يرتكب المعصيَة فقد خالَفت إرادته على إرادَة الله تعالى بفعل الطّاعات واستحقّ العقاب ، ففعل صالح للمعصية هُو بإرادته التي أراد الله تعالى أن يمنحَها له ، وارتكاب صالح للمعصية هُو بإرادته التي أراد الله تعالى أن يمنحَها له ،
فإرادَة الله لصالح هُو أن يكونَ صالح مُريداً للفعل
(فعلاً أو تركاً) ،
وإرادَة صالح هي فعل الخير أو الشّر ، الفعل أو التّرك
، فإرادتنا محفوفَة بإرادَة الله تعالى غير خارجةٍ عنها ، إذ
لو أرادَ الله تعالى أن نكون غير مُريدين مُختارين لكنّا كذلك
، ولصحّ أن يُقال حينها أنّ إرادتنا للفعل هي إرادَة الله المُباشرَة حسب قول السلفيّة ، ولكن حينما منحنا الله إرادَة الاختيار امتنع ذلك الفهم على السلفيّة ، وأصبح القول الصحيح : أنّ إرادتنا للفعل أو الترك تُنسبُ إلينَا ، فالله أرادَ أن تُنسبَ إلينَا لأنّنا مَن اختارَها لأنفُسَِنا ، ولهذا نسبَ الله الإرادَة إلى العباد في قوله : ((مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ)) ، وتدبّر هذه الآيَة : ((وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا)) [النساء:27] ، ففيها أنّ الله تعالى أرادَ لنا أن نُريدَ الطّاعَة ، ومكّننا من إرادَة المعصيَة ، فالله تعالى يُريد أن يتوب على النّاس ، بفعلهم الطّاعات ، والكفّار والفسّاق المُظلّون بإرادتهم الخاصّة التي مكنّهم الله بها من الفعل أو التّرك ، يريدون أن يضلّوا النّاس ، فمَن وافقت إرادته الخاصّة إرادة الله بفعل الطّاعات كان ناجياً ، ومن وافقت إرادته إرادَة أولئك المُضلّين كان من أصحاب العقاب ، وهُنا يُسألُ المُحتجّين علينا بمُغالبَة الإنسان لربّه في الإرادَة إن هُو أرادَ غير ما يُريدُ الله تعالى ، في آية النّساء القريبة هل غلبَت إرادَة أولئك المُتبّعون للشهوات على إرادَة الله بالتوبَة على عبادِه ؟! علماً بأنّ هُناك تفريقٌ من الله تعالى بين الإرادَتين إرادته وإرادتهم ؟! ، أجيبوا على أنفسكم ، وحسبُنا الله عليكم رقيباً ووكيلاً ، ومثله تدبّروا قول الله تعالى : ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا)) [النساء:60] ، نعم! وهُنا في الآية التالية هل وقعَت إرادَة الله تعالى ، حيث أنّ إرادته الطّاعَة ، أم إرادَة الشيطان : ((إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)) [المائدة:91] ، وهُنا في الآية التالية أخي الُمخالف لا ندري أيّ إرادَة هي لله تعالى ، هل إرادة العباد الذين أرادوا عرض الدّنيا ، أم إرادته سبحانه وتعالى بالنعيم الأخروي : ((تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [الأنفال:67] ، وهنا في الآية التالية أخي المُخالف لا نعلم هل إرادات الله تتعارَض وتتضارَب ، فإن كان الله يريد من الكفار فعلَهم بالسعي في إطفاء نور الله ، ثمّ الله تعالى يريدُ أيضاً أن يُتمّ نورَه رغماً عن إرادتهم التي هي إرادته ، فهل هذا يُعقل إخوَة البحث مُعطّلي التدبّر للكتاب ، ((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) [التوبة: 32] ، ومثله قوله تعالى : ((وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ)) [غارر:42] ، فالله ينفي أن تكون إرادته ظُلم العباد ، والمُخالف يقول أنّ ظُلم العباد لإخوانهم إنّما هُو بإرادَة الله تعالى ، فهل إلى هذا الخلاف من وفاق .

نعم ! بهذا الاختصار أنهي هذه الجزئية ، على أنّ المقام يحتاج إلى رسالة خاصّة كرسالة الخلود ، فعسى أن ييُسر الله بإتمَامها ، ويجدر بي التنبيه على أنّ خيوط الاختلاف عند التمحيص رفيعَة دقيقَة ، ولكنّها غليظةٌ سميكَة بالآخذ بالظّاهر ورمي التّهم ، والله الموفق .

المحور الثّالث : ذِكر رأي الحافظين المجتهدَين ابن الوزير اليماني ، وابن الأمير الصّنعاني في مسألة إرادة الله للمعاصي :

وهنَا نذكرُ رأي الحافِظَين الكبيرَين محمد بن إبراهيم الوزير ، ومحمد بن إسماعيل الأمير الصّنعاني ، في هذه المسألة ، واختيارنا لهذين العلمَين نابعٌ من تأثّر السلفيّة بأقوالِهما وتبجيلِهما ، وكذلك هي موجّهةٌ لعموم الأصحاب المتأثّرين بالمنهج السّلفي في مسألة الإرادَة الإلهيّة للمعاصي ، حيث أنّ هذين الحافظَين لم يغبَ عليهما فساد وعَوار هذه العقيد السلفيّة وهم بشهادَة المخالف من أهل الاجتهاد والتدقيق ، فممّا قالاه رحمَهما الله تعالى :

قال ابن الوزير :

(( وقد أجمَعَت الأمّةُ إجماعاً ضرورياً أنّهُ يجب الرِّضا بما كانَ من الله تعالى ، والتحسينُ له ، والثّناءُ به ، وأنُّ يجبُ كراهَةُ المعاصي وسخطُها والتقبيحُ لها ، فلو كانَت المعاصي مِن الله لتناقَضَ الإجماعان ، واتّحَدَ محلُّ السَخَط والرّضا ))[7] .

قال ابن الأمير :

((وأمّا المعاصي فليسَ منه تعالى فيها إرادةٌ ولا إعانَة ، وليسَ إلاّ تمكين العبد منها معَ نهيه تعالى عنها ، وإخباره بقُبحها ، واقتضَت حكمَة الابتلاء تمام تمكينِه للعبد من ذلك))[8] .

قال ابن الوزير :

(( الوجه الثاني : أنَّ الدلالة على بُطلان الجبر قاضيةٌ بصحّةِ ما ذَكرنا من إضافَة القبائح والفضائح إلى فاعِلِها الراغِبِ فيها ، المُختارِ لعارِها وما فيها منَ الذَّم والخِزي ، وقُبحِ إضافَتِها إلى السّبوحِ القُدّوس المُحرِّمِ لها الناهِي عنها ، الكارِه لها ))[9] .

قال ابن الأمير :

((وحاصِلهُ أن لا شيءَ من الظّلم مُرادٌ له تعالى بدليل : ((وما اللهُ يُريدُ ظلماً للعباد))، وإرادَةُ ظُلم العباد ظُلمٌ لهم لأنّه معصيَة بالضرورة))[10] .

قال ابن الأمير :

((وما ذهبَ إليه الأشعريّة من القَول بأنّ المعاصي مُرادَةٌ لله تعالى قولٌ شنيع وشُبهتُه أرَكّ من أن يُعوَّل عليها،
وهي أنّه لو لم تكُن مُرادةً للزمَ كونُه مغلوباً مقهوراً ، وذلكَ لأنّه إذا أرادَ عدم وقوع المَعاصي وأرادَ العبدُ وقوعَها ، ووقعَ مُرادُ العَبد لزمَ ذلك
، وهي مُتفرّعة على كون الأمر لا يستلزِم الإرادَة أو يَسلتزِمُها. قالت بالأول الأشعريّة وأنّه قد يأمر بالشيء من لا يُريده ، وبالثاني المعتزلة ، (تأمّل)
والقولُ بالمَغلوبيّة والمَقهوريّة قَعقَعةٌ لا طائلَ تحتَها ، فإنّها إنّما تكونُ في المَغلوب المَقهور لا المُمَكِّن لمملوكه من ذلك باختيارِه وهُو قادرٌ على منعه كيف شاء في كلّ لحظَةٍ وطرفَة
)) [11] .

* خلاصَة موقف الزيدية والسلفيّة في مسألة الإرادة للمعاصي:

* السلفيّة تقول : الله خلق الإنسان ===> وكلّفه بالعقل والشّرع ===> وأراد منه الطّاعة ، ومكّنه من الفعل للمعصية أو الترك ==> فما فعلَهُ الإنسان من المعاصي ينسبونهُ إلى العبد فعلاً ، ويقولون فعلَ هذه المعصيَة بإرادَة الله تعالى ، لأنّه لا يحصل شيء من أفعال الإنسان إلاّ بإرادَة الله تعالى ، فجعلوا اختيار المُكلّف للمعصيَة إرادَةً لله تعالى مع أنّ الله تعالى لا يُريدُ المعاصي ولا يرضاهَا .

* أهل البيت (ع) من الزيدية قالوا : الله خلقَ الإنسان ===> وكلّفه بالعقل والشّرع ===> وأرادَ منه الطّاعَة ، ومكّنه من الفعل للمعصية أو التّرك بمحض إرادته مُخيّراً ، يريدُ أو لا يُريدُ ===> وسابقاً عرّفه أنّ عليه واجباً للتكليف وهي أن يُريدَ بإرادته التي منحَها الله إيّاها طريق الخير ليُوافق بذلك مُراد الله تعالى ، وألاّ يختار بإرادته التي منحها الله إيّاها طريق الشّر فيُخالف الله تعالى ويفشل في واجب التكليف ===> فمَا فعلَه الإنسان بإرادته من المعاصي ينسبونَه إلى العبد فعلاً وإرادةً ، ويقولون فعلَ العبدُ هذه المعصية بإرادته واختيارِه ، وهذه الإرادة للمعصية الصّادرة مُباشرةً من العبد لا تُنسبُ إلى الله تعالى لأنّه لم يخترهَا ولم يأمُر بها ، وإنّما العبدُ أقدمَ عليها ، والله ليسَ له من إرادَة العبد لفعل المعصيَة إلاّ التمكين من الإرادَة الخاصّة ، ((مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ)) .

موقع الإشكَال الحقيقي :

هُنا أخي القارئ لو استلهمت خلاصَة الموقفَين الزيديّ والسّلفي ، لظهرَ لكَ أنّ موقع الإشكال الحقيقي هُو في نسبَة المعصيَة الصّادر من فعل العبَد ، التي لم يفعلَها العبدُ إلاّ بمحض إرادته واختيارِه ، فمحض الإرادَة والاختيار من العبد للمعصيَة نسبتَها السلفيّة إلى الله تعالى وإلى العبد ، قالت هي من العبد فِعل واختيار ، وأنّها وقعَت بإرادَة الله تعالى ، ولو أنّهم نسبوا إرادَة واختيار هذه المعصية إلى الُمريد المُباشر لهذه المعصية وهو العبد ، وقالوا خالفَ على إرادَة الله تعالى لمكان التكليف بدون قهر ولا غلبَة على الله تعالى بهذه الُمخالفَة ، حيث أنّ الله تعالى هُو الذي منحَ هذا المُكلّف حريّة الإرادَة بالموافقَة لإرادته سبحانه بالطاعة ، أو المخالفَة بفعل المعاصي ، لمكان إقامَة الحجة ، فيكونون بهذا قد نزّهوا الله تعالى عن إرادَة أفعال العباد ومعاصيهِم ، وفي نفس الوقت خرجوا من المغالبَة لله في إرادته ، حيث أنّه تعالى هُو الذي أرادَ أن يكونوا مُريدين ، فيوافقون ما أرادَ أو يُخالفون ، وتوعّد الُموافق بالثواب ، وتوعّد المُخالف بالعقاب ، لكان هذا قولاً عدلاً مقبولاً موافقاً لصريح الكتاب العزيز.

هذا وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

===============================
[1] تاريخ دمشق: 19/460 ، اعتقاد أهل السنة: 4/686 .
[2] الكاشف:2/270 ، تهذيب التهذيب:10/160.
[3] تهذيب التهذيب:10/160.
[4] تقريب التهذيب:1/534.
[5] مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي : كتاب الجواب على المجبرة: 214-215 .
[6] مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي : الرسالة المدنيّة : 319-320 .
[7] العواصم والقواصم: 7/163 .
[8] إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة : 302 .
[9] إيثار الحق على الخلق : 338 .
[10] إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة : 323 .
[11] إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة : 306-307 ، وانظر أيضاً ص120 وما بعدها .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

Re: الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

مشاركة بواسطة الكاظم »

الشبهة الثلاثون :
وردَ عن بعض أئمّة أهل البيت (ع) رواياتٌ تفيد الرؤية للذات الإلهيّة يوم القيامَة ، ومعلومٌ أنّ مذهب أهل البيت (ع) هُو نفي الرؤية الإلهيّة يوم القيامَة ، فمَا وجه القَول في هذا ؟! .

الرّد :

هُنا أخي الكريم يكون الرّد على هذه الشبهَة من وجهين اثنين :

الوجه الأوّل : يتناول الضّوابِط التي من خلالِها نعرفُ هل حديث الإمام يُعتبرُ رأياً له :

وفيه اعلَم أخي رحمَنا الله وإيّاك ، أنّ حال الرّوايات عن أهل البيت (ع) ، ونخصّ منها الصحيحَة ، يجبُ عرضُها على عدد من الضوابِط لتعرِفَ من خلالَها موقفَ الإمام منهَا ، بمعنَى هَل تُعتبرُ قولاً له في المسألَة ، أم لا ، ومنهَا :

1- أن تكونَ الرّواية محتملَة التأويل ، ثمّ هي مع ذلِك تُخالفُ نصّاً صريحاً من قِبِل الإمام ينفي ظاهرَ هذه الراوية بما يُعيدُها إلى التأويل ، أو هي تُخالفُ قولاً عامّاً لأهل بيتِه وهُو يُصرّحُ بمتُابعتهِ لهُم ، أو يكونُ هذا الظّاهرُ من الرواية مخالفاً في التبعيّة منه لإجماعهِم .

تعليق: ومثالُ هذا الضّابط : أن يرويَ الإمام زيد بن علي (ع) ، خبراً يُفيدُ الرّؤية الإلهيّة ، وهُو مُحتمِلٌ للتأويل بغير ظاهرِه ، قياساً بحال المتشابه من القرآن الكريم في التأويل ، ثمّ هُو معَ هذا الاحتمال للتأويل يوجدُ نصّ للإمام زيد يخصّه واعتقادَه في الرؤية ينفي ما قد يُفهَمُ من ظاهرِ ما رواهُ ، ويردّه على صاحبِه من القول بإثبات الرؤيَة الإلهيّة ، وسيأتي بيانُ هذا بذكر أمثلَة حيّة في الوجه الثاني .

2- أن يكونَ الإمام روَى هذا الخبر للاستدلال المُباشِر على قضيّةٍ بعينِها ، فهُو يُعتبرُ رأياً له .

تعليق : ومثالُ هذا الضّابط : أن يكونَ الإمام يتكلّم عن إثبات الحيعلَة بحيّ على خير العمَل ، ثمّ هُو يوردُ كلاماً أو حديثاً نبويّاً في التدليلِ على هذا ، فإنّ موطنَ الشّاهد من الحديث يكون رأياً وقولاً للإمام ، فإن خالفَ صدرُ أو أطرافُ الخبَر لمقصَد الإمام باستدلاله المُباشِر لصحّة الحيعلَة ، فإنّ ما خرجَ عن مقصودِه المُباشِر لا يكون رأياً له إلاّ بوجود قرينةٍ تدلّ على ذلك .

نعم ! فما كانَ من الرّوايات الُمتشابهَة ، فإنّه يُعرضُ على هذه الضوابِط وهي لا تُخالفُ على مذهب الزيدية من حيث هيَ ، فليس لنَا إلاّ إعادَة الصياغَة والترتيب ، وهي مُختصرةٌ هُنا كاختصارٍ لموضعِ الشّاهد من هذه الشبهَة .

الوجه الثاني : يتناولُ الروايات التي اشتكلَ أمرُها على صاحب الشبَهة ، ومنهَا:

1- ما رُوي عن الإمام علي بن موسى الرّضا (ع) ، بإسناده ، عن أمير المؤمنين (ع) ، عن رسول الله (ص) أنّه قال في فضل الغزو والجَهاد والشّهيد ، من حديثٍ طويل : ((..، وإذا كَانَ يَوم القِيامَة يَخرُجُ مِن قَبرِه شَاهراً سَيفَه , تَشخُب أودَاجُه دَماً ، اللون لَون الدّم ، والرّائحَةُ رَائحَة المِسك , يَخصر فِي عَرصَة القِيامة ، فَو الذي نَفسي بِيدِه لو كَان الأنبياءُ عَلى طَريقهِم لترجّلوا لَهُم مِمّا يَرونَ مِن بَهائهِم , حتّى يأتوا على مَوائدَ مِنَ الجَوهَر فَيقعدونَ عَليها , ويَشفَعُ الرّجل مِنهُم فِي سَبعين ألفاً مِن أهل بيته وجِيرانه , حَتّى إنّ الجَارَين يَختصِمَان أيّهما أقرَبُ جواراً , فَيقعُدونَ مَعِيَ ومَع إبراهيم عليه السلام على مَائدَة الخُلد , فَينظُرونَ إلى الله تعَالى فِي كلّ يَومٍ بُكرَةً وعشيّا)) . [صحيفة الإمام الرّضا].

تعليق : وهذا الخَبر أخي الباحث ، ننظرُ منهُ في الضابط الأوّل السّابق ، فنجدُ من حالِه أنّه يحتملُ التأويل ، إذ النّظر إلى الله تعالى في كلّ يومٍ بكرةً وعشيّة ليسَ فيه ميزَةٌ للمُجاهِد عن غيرِه من القاعدِين من أهل الجنّة ، إذ الجميعُ يتمتّعون بالنّظر إلى ربّهم حسب كلام المُخالِف ، وتأويلُه الصحيح : أنّ الشّهداء يكون لهُم يوم القيامَة منزلةٌ عظيمَة ، واختصاصٌ عجيب ، يتمتّعون من خلال هذه المنزلَة بالنّظر بمعنَى التمتّع والنّظر نعيم الله تعالى في كلّ يوم بكرةً وعشيّاً دوناً عن بقيّة أهل الجنّة ، فلا يبلغُ غيرُهم دَرجتهُم في هذا التمتّع بالنعيم الإلهيّ الذي أجلّه وأعظمه مُجالسَة الأنبياء ، ومَن مِنَ الأنبياء محمّد (ص) الذي منزلُه الفردوس الأعلى ، وليسَ كلّ أهل الجنّة في الفردوس الأعلَى ، فيكونُ هذا دالاً على مزيد الاختصاص بالنّظر إلى الله ، بمعنى النّظر إلى نعيم الله الزّائد والترفّل فيه في كلّ يوم بكرةً وعشيّاً ، هذا من جهَة .

ومن جهةٍ أخَرى ، فإنّه بعرضِ هذه الرواية على الضّابط الثاني فإنّا نجدُ أنّه لا يصحّ أن تُنسبُ هذه الرواية كرأيٍّ للإمام علي بن موسى الرّضا (ع) في إثبات الرؤيَة الإلهيّة رأساً ، لأنّه (ع) إنّما كان وجه تقريرِه منها هُو لفضل الجهَاد والشّهداء ، وما سوى ذلك فلا يُعتبرُ رأياً له إلاّ بوجود قرائن تدلّ على ذلك ، ولا قرائن تدلّ على أنّه (ع) كان يقول بالرؤية الإلهيّة ، بل على العكس من ذلكَ فإنّا لا نشكّ في متابعَة الإمام الرّضا (ع) لإجماع سلفهِ من أهل البيت (ع) وهُم مُجمعون على عدم القول بالرؤيَة الإلهيّة ، أيضاً أنّا ننظرُ إلى أقوال الإمام الرّضا (ع) في هذه المسألة في مسانيد الأمّة الحديثيّة فلا نجدُ له تقريراً ثابتاً صريحاً بإثبات الرؤية الإلهية على مقتضى قول السلفيّة ، بل على العكس فإنّه يقويّ ما ذهبَت إليه الزيدية من حملِه على متابعَة الإجماع ، فإنّه جاء من طريقه قولٌ صريحٌ بنفي الرؤية من جهة الجعفريّة من الشيعَة ، فروى الكليني في أصول الكافي ، بإسناده ، من حديث فيه بعض طول ، عن الإمام علي بن موسى الرّضا (ع) ، قال : ((كَيفَ يَجيء رَجُلٌ إلى الخَلق جَميعاًَ فَيُخبِرُهم أنّه جَاء مِن عِند الله ، وأنّه يَدعُوهم إلى الله بأمرِ الله فَيقول: ((لا تُدرِكُه الأبصَارُ)) ، ((وَلا يُحيطُونَ بِه عِلماً)) ، ((ولَيسَ كَمثلهِ شَيء)) ،ثمّ يَقول أنَا رَأيتُه بَعينِي ، وأحَطتُ بِه عِلماًَ وهُو عَلى صُورَة البَشر؟! ، أمَا تَستَحون؟!،...، فقالَ أبوقرّة : فَتُكذِّبُ بالرِّوَايات؟! فَقال أبو الحسن (ع):إذا كَانَت الرّوايَاتُ مُخالِفَةً للقرآن كَذَّبتُهَا ، ومَا أجمَع المُسلمُون عَليه أنّه لا يُحَاطُ بِه عِلماً ولا تُدرِكُه الأبصَارُ وَليس كَمثله شيء)). [أصول الكافي:1/96] ، وهذه قرينةٌ لا نلتزمُ صحّتها ، ولا نستبعدُها ،إلاّ أنّ على الباحث ألاّ يعدُوها إلى غيرِها بغير دليلٍ ، فيذهبُ إلى إثبات عقيدة الرؤية الإلهيّة على الإمام علي بن موسى الرّضا (ع) ، والزيدية تقولُ رأيُه رأيّ الإجماع الفاطمي بعدم الرّؤية ، والجعفريّة تروي عنه نفي الرؤية ، فإن تعدّى هذا إلى إثبات الرؤية من هذه الرّواية فما هُو في الحقيقَة بباحِث ، بل هُو باحث !! باحثٌ عن روائح الأعذار والشّبه، وإلاّ فأهل البيت عندَنا نهلوا من مشكاةٍ محمّدية واحدَة ووجه مُعتمدهِم واحد حيث لو ذكرنَا لكَ وجهَ قول الإمام فقيه أهل البيتالحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي(ع) في آية عدم الإدراك بالأبصار لبانَ لكَ منهُ قُربُ الوجهَة مع الإمام الرّضا من كلامه القريب ، فقال (ع) :((وقال موسى: ((رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي))[الأعراف:143] ،ومَا قَالَ الله فَهُو كمَا قَال)) [جامع علوم آل محمّد] ، إن قيلَ : فهل روى أحدٌ من أئمّة أهل البيت (ع) روايَة الإمام علي بن موسى الرّضا المُشار إليهَا ، وقرّرَ فهمَهُ منها ؟! قُلنا : لم يرِد لهذه الرواية في كتب أهل البيت طريقٌ بغير هذا ، وتلكَ الموجودَة في مسند الإمام زيد بن علي (ع) ، فإنّ البعض القليل قد يتوهّم أنّها تابعةٌ للمُسند وهي تابعةٌ لصحيفة الإمام الرّضا ، حيث أنّ المطبوع تلَتهُ الصحيفَة في نفس المجلّد المطبوع ، فقد يُتوهّم هذا ولا يُتنبّه إليه ، حيث آخر جزء المطبوع هُو جزءٌ حديثيّ تابعٌ للإمام علي بن موسى الرّضا (ع) .

2- ما روُي عن الإمام علي بن موسى الرّضا (ع) ، بإسناده ، عن أمير المؤمنين (ع) ، عن رسول الله (ص) أنّه قال في فضل المؤمن : ((إذَا كَان يَوم القِيامَة تَجلّى الله تعالَى لِعبدِه المؤمِن ، فَيوقِفَه على ذُنوبِه ذَنباً ذَنباً ، ثمّ يَغفرُ الله لَ‍ه ، ولا يُطلِعُ الله عزّ وجلّ عَلى ذَلِك مَلَكَاً مُقرَّباً ، ولا نَبيّاً مُرسَلا ، ويَسترُ عَليه مَا يَكرَهُ أن يقِفَ عَليه أحَد ، ثمّ يَقولُ لسيئاته: كُنَّ حَسنَات)) [صحيفة الإمام الرّضا] .

تعليق : أيضاً أخي الباحث ننظرُ في هذا الخبر فنجدُ أنّه لا يوجَد فيه دلالَة كبيرَة على إثبات الرؤيَة الإلهيّة يوم القيامَة ، فقوله (ص) : ((إذَا كَان يَوم القِيامَة تَجلّى الله تعالَى لِعبدِه المؤمِن ، فَيوقِفَه على ذُنوبِه ذَنباً ذَنباً)) ، فإنّ التجلّي يعني الالتفَات والتوجّه من الله تعالى للعبد المؤمن ، تجلّى الله لفلان أي يُقبلَ عليه ، فليسَ في هذه الرواية ما يُثبتُ الرؤية ، هذا من جهَة .

ومن جهة أخرَى ، فإنّ بعرضِ هذه الرواية على الضّابط الثاني فإنّا نجدُ أنّه لا يصحّ أن تُنسبُ هذه الرواية كرأيٍّ للإمام علي بن موسى الرّضا (ع) في إثبات الرؤيَة الإلهيّة رأساً ، لأنّه (ع) إنّما كان وجه تقريرِه منها هُو لفضل المؤمن ، وفضلُه من الرواية ليسَ في التجلّي ، وإنّما في أنّه الله سبحانه وتعالى يكتُم معاصيه عن عبادِه فلا يطّلع عليها ملَكٌ ولا نَبي ولا أحدٌ من الخَلق ، هذه هي الكرامَة لا أنّ التجلّي هُو الكرامَة في الحديث فافهَم هذا ، فإن قيل : هل روى أحدٌ من أئمّة أهل البيت (ع) هذا الخَبر ؟! قُلنا: لم يرِد لهذه الرواية في كتب أهل البيت طريقٌ بغير هذا ، وتلكَ الموجودَة في مسند الإمام زيد بن علي (ع) ، فإنّ البعض القليل قد يتوهّم أنّها تابعةٌ للمُسند وهي تابعةٌ لصحيفة الإمام الرّضا ، حيث أنّ المطبوع تلتهُ الصحيفَة في نفس المجلّد المطبوع ، فقد يُتوهّم هذا ولا يُتنبّه إليه ، حيث آخر جزء المطبوع هُو جزءٌ حديثيّ تابعٌ للإمام علي بن موسى الرّضا (ع) .

3- ما نُسِبَ إلى الإمام فقيه أهل البيت الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، (ت247هـ) ، بما جاء في جامع علوم آل محمّد للشريف العلوي ، قال الحسن (ع) : ((وقد رُويَ فِي الحَديث: ((أنَّ أهلَ الجنّة تَبلُغُ بِهم الكَرَامَة إلى أن يَنظرُوا إلى خَالقهِم كمَا يَنظرُ بَعضُهم بَعضاً)) ، والله سُبحانَه أجلّ وأعظَمُ مِن أن تُدرِكَهُ الأبصَار ، أو تُحيطُ بِه العُقول ، أو تَقعُ عَليه الأوهَام، والأمرُ فِي ذَلك مِردودٌ إلى الله يَفعَلُ مَا يشَاء ، ويُري أولياؤه مِن عظمَة نُورِه وجَلال عَظمَته مَا لَم تَكُن أبصارُهُم تُطيقُ النّظر إليه فِي الدّنيا))[جامع علوم آل محمّد] .

تعليق:هنا أخي الباحث يجبُأن تقِفَ على رأي الإمام الحسن بن يحيى (ع) في مسألَة الرؤية لتقفَ على مُقتضى كلامِنا الآتي، فرأيُ الإمام الحسن بن يحيى (ع)هُو نفي الرؤية الإلهيّة يوم القيامَة وهُو ثابتٌ عنه، قال الحافظ محمد بن علي العلوي في كتابه الكافي ، باب نفي إثبات الرؤية : ((قال أحمَد ، والقَاسم ، والحسَن ، ومحمّد: ليسَ نَرى الله فِي الدّنيا ، ولا فِي الآخِرة)) [جامع علوم آل محمّد] ، وأحمّد : هُو الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت240هـ) ، والقاسم : هُو الإمام القاسم الرّسي بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت246هـ) ، والحسن : هُو الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ت247هـ) ، ومحمّد : هو الحافظ محمد بن منصور المُرادي ، نعم! فإجماع سادات أهل البيت في زمانهِم هُو على عدم الرؤيَة لا في الدّنيا ولا في الآخرَة ، ثمّ قالَ الإمام الحسن بن يحيى (ع) ، مقرّراً قولَه في الإجماع:((إن الله سُبحَانه مَدَح نَفسَه فِي كِتابه بِمدِحهوهُو حَقيقٌ لا تَنقطع مِدحَته فِي الدّنيا ولا فِي الآخِرة، فَقال: ((لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَوَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام:103] وقال مُوسى: ((رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي))[الأعراف:143]ومَا قَال الله فَهو كمَا قَال))[جامع علوم آل محمّد] . قلتُ : يعني بأنّه لن يكون هناك رؤيَة لا في الدّنيا ولا في الآخرَة . أيضاً قال الإمام الحسن بن يحيى(ع) في تفسير قول الله تعالى : ((وجوهُ يومئذٍ ناضرَة إلى ربّها ناظرَة[color=ع#333333])) ، قالَ معنَى ((ناظِرَة)) :[/color]((تنتظرُ ثوابَ ربّها))[جامع علوم آل محمّد] ،نعم! أخي الباحث ها هُو رأي الإمام الحسن بن يحيى (ع) الصرّيح والثّابت في المسألَة ، يبقَى النّظر في وجه قوله المنقول عنه قريباً.

وفيه اعلَمأنّ الإمام (ع) أوردَ تلكَ الرواية بقولِه : ((ورُويَ)) ، وهي صيغَة تمريض للروايَة ، لم يدلّ من جهته على تقويتِه لهَا بدليل مُخالفتِه لهَا ، إلاّ أنّه مع ذلكَ أثبتَ فهمهُ من هذه الرّوايَة ، وأثبتَ تأويلَه لهَا حملاً على الصحّة، فقال بما يُثبتُ وجه كلامنا الذي نقلناهُ عنه قريباً في نفي الرؤية :((والله سُبحانَه أجلّ وأعظَمُ مِن أن تُدرِكَهُ الأبصَار ، أو تُحيطُ بِه العُقول ، أو تَقعُ عَليه الأوهَام)) ، وهذا فيه نفيّ للرؤيَة الحقيقيّة الذي تدّعيه السلفيّة ، وهو ردّ على ظاهر الرواية التي أوردَها (ع) ، إذ في الروايَة ما يُفيد الرؤيَة الحقيقيّة كما يرى النّاس بعضهُم ، وهذا يؤيّد قولَنا بأنّ هذه الرواية من الإمام رواية تمريض ، نعم! وقال (ع) تأوّله لها حملاً لها على الصحّة : ((والأمرُ فِي ذَلك مِردودٌ إلى الله يَفعَلُ مَا يشَاء ، ويُري أولياؤه مِن عظمَة نُورِه وجَلال عَظمَته مَا لَم تَكُن أبصارُهُم تُطيقُ النّظر إليه فِي الدّنيا)) ، وعظمَة الله تعالى ، نبحَث هل هي عن الإمام رؤيَة الله تعالى ، أم رؤيَة شيءٍ عظيم مُرتبطٌ بجلال الله وعظمته للمؤمنين ميزةٌ به عن غيرهِم ، فلا نجدُ من الإمام إشارَة إلى رؤيَة الذات الإلهيّةوإنّما قال((يُري أولياؤهمن عظمَة نورِه وجلالِهما لم تكُن أبصارُهم تُطيقُ النّظر إليه في الدّنيا))،وهذا قد يكونُ بأن يُرينَا الله تعالى شواهداً وكراماتاً وأنواراً أخرويّة لم يكُن الإنسان يراهَا ، ولم يكُن ليُطيقَ ذلك في الدّنيا ، وليسَ شرطاً أن تكونَ هذه الشواهد والكرامات والأنوار هي الذات الإلهيّة، وقريبٌ من ذلك رؤيَة المؤمنين للحور العين الذين لم يكونوا ليستطيعوا رؤيَتهم في الدّنيا ، بل لو رأوهُم لما قدروا على ذلك من عظيم نورهِم ، نعم! فعظمَة الله ونوره الذي يختصّ به أولياؤه تكون قريبةً من هذا وأعظَم وأفضَل ، فليسَ فيه عن الإمام الحسن بن يحيى (ع) ما يُفيدُ الرؤية الإلهيّة الذاتيّة الحقيقيّة ، فافهَم ذلك، بل هُو نافٍ لهَا بما هُو أصرحُ مما استنبطَه صاحبُ الشّبهَة .

4- ما نُسبَ إلى الإمام زيد بن علي(ع) ، فيما حكاهُ عنه الإمام الحسن بن يحيى (ع) ، قال الحسن بن يحيى :((وقَد رُوِي عَن زيد بن علي (ع) ، أنّه قَال : ((إنّ بَين الله سُبحانَه يَوم القِيامة وبَين أدنى خَلقه مِن مَلك مُقرّب، أو نَبيّ مُرسَل سَبعين ألف حِجاب مِن نُور، لن يَستطيع أدنَاهم أن يرفَع رَأسَه إلى أدنَاها حجاباً من عظمَة الله تبَارك وتعَالى)) ، وقَد قال سبحانه: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ))[الشورى:10]والصّواب: إذا تأوّلَ النّاس شَيئاً ، واختلَفوا فِيه أن يردُّوا حكمَه إلى الله، ولا يتأوّلوا بِرأيهِم على أهوائهم))[جامع علوم آل محمّد] .

تعليق: هنا اعلم أخي الباحثأنّ هذه الحكايَة من الإمام الحسن بن يحيى (ع) ، مرويّةٌ بطريق التمريض الذي يُخالفُ ظاهرُها ما اعتقدَهُ هُو ، وما اعتقدَهُ الإمام زيد بن علي ، وما اعتقدَهُ أهل البيت (ع) ، حيث ظاهرُها التجسيم ، والقول بالرؤيَة ، وإن كانَت محُتملَة التأويل ، إلاّ أنّ الإمام (ع) مرّضهَا بدليل قولِه في آخرِها:((وقَد قال سبحانه: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ))[الشورى:10] والصّواب: إذا تأوّلَ النّاس شَيئاً ، واختلَفوا فِيه أن يردُّوا حكمَه إلى الله، ولا يتأوّلوا بِرأيهِم على أهوائهم)) ، فجعلَ الإمام (ع) هذه الرّواية من صنفِ ما اختلفَ النّاس في حُكمه ، وأنّها مُغايرَة لرأيه في المسألَة بما أدلى به وصرّح من النفي للرؤيَة ، فيكون معنى كلامه:((إذا تأوّلَ النّاس شَيئاً))ووجه تأوّلهم هُو إثبات الرؤيَة لله سبحانه وتعالى من هذا الخَبر ،((واختلَفوا فِيه))بالإثبات والنّفي ،((أن يردُّوا حكمَه إلى الله، ولا يتأوّلوا بِرأيهِم على أهوائهم)) ، بمعنى أن ينظروا قول الله تعالى في المسألَة ، والإمام الحسن بن يحيى (ع) قد نظرَ في كتاب الله تعالى ، فوجدَ أنّه لا يُمكنُ القول بالرؤيَة فقال (ع) :((إن الله سُبحَانه مَدَح نَفسَه فِي كِتابه بِمدِحه وهُو حَقيقٌ لا تَنقطع مِدحَته فِي الدّنيا ولا فِي الآخِرة، فَقال: ((لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَوَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام:103] وقال مُوسى: ((رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي))[الأعراف:143] ،ومَا قَال الله فَهو كمَا قَال))[جامع علوم آل محمّد] ، فهذا التعقيب على هذه الرواية من الإمام الحسن بن يحيى (ع) موجّه لمن تأوّل وفهمَ الرؤيَة من هذا الخبَر .

ومن جهَة أخرى ، فإنّ هذه الرّواية عن الإمام زيد بن علي (ع) ، إضافَة إلى تمريض الإمام الحسن بن يحيى لَها، فإنّها لم ترِد إلاّ من طريق سويد بن عبدالعزيز ،وسويدٌ هذا مقدوحٌ فيه لا تستقيم روايته ، ولا يُتابعهُ غيرُه عليَها ، فهي لا تصلحُ أن تكونَ دليلاً على الرؤية الإلهيّة في حقّ الإمام زيد بن علي (ع) ، وذلكَ أنّ الإمام زيد بن علي (ع) كان ينفي الرؤيَة الإلهيّة في الآخرَة ، فقال (ع) مُفسّراً قول الله تعالى : ((وجوهٌ يومئذٍ ناضرَة إلى ربّها ناظرَة)) ، قال (ع) : ((مُنتظرَة للثواب ، إلى أمرِ ربّها ناظرَة من النّعيم والثواب)) [تفسير غريب القرآن] ، وقال (ع) في تفسير قوله تعالى : ((مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)) [طه:110] : ((هُو عَالِمٌ بأمُور خَلقِه مُتقدِّماً وَمُتأخِّراً، ولا يُحيطُ بِه، ولا يُدركُه أحَدٌ مِن خَلقِه (تأمّل) تَبَصُّراً أو بِوَهم ، وإنّما يُعرَف بالآيَات ، ويَثبتُ بالعَلامَات)) [تفسير غريب القرآن] ، وهذا أيضاً يردّ على تلكَ الرّواية عن الإمام زيد بن علي (ع) من أنّ رسول الله (ص) رأى ربّه كما يرى النائم في المنام ، وذلكَ أنّ رسول الله (ص) لم يرَ ربّه بإجماع أهل البيت (ع) ، وبقول الإمام زيد نفسَه ، ويُحتمَل رؤيَة عظمته وهيبَته .[/COLOR]

نعم! هذا أقصى ما قد يشتكلُ على الباحث أثرُه من أقوال أئمّة أهل البيت (ع) ، وهذه كما ترى ليسَ طريقُها عنهُم التصريحُ إنّما الاستنباط والظنّ ، وهُم مُصرّحون بعكسِها تماماً كما ظهرَ لك ، على أنّ صاحب الشبَهة قد يعتمُد على ما نقلَه الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله تعالى فيستنتجُ من هذا أنّ أئمّة أهل البيت (ع) يقولون بالرؤية بالأدلّة السابقَة ، وهذا في الحقيقَة اعتمدَ على نقل الحافظ ابن الوزير (ع) ولكّنه لم يبلُغ فهمَهُ في المسألَة، فإنّ ابن الوزير مع نقلهِ هذه المُشكلات عن أهل البيت (ع)لم ترقَ عندَه مع ذلكَ إلى إثبات الرؤية الإلهيّة عنهُم ، وذلكَ ليسَ إلاّ لمكان الوعي عندهُ بعدم مدلوليّة هذه الآثار على الرؤية بشكل تامّ ، ولذلك نقلَ عن أهل البيت (ع) القول بنفيّ الرؤيَة، فقال (ع):((وحاصلُ الكلام:أنَّ القُدمَاء مِنَ العِترة عليهم السلام لَم يُنقَل عنهُم مذهبُ المُعتزلَة أنَّ الرؤية من المُحالات التي لا تدخُل في مقدور الله تعالى ، بل مُقتضى عبارتهم : أنَّ اللهَ لا يُرى لِعَظَمَتِه ، وعِزَّتِه ، وكبريائه)) [العواصم والقواصم:5/15] ، وهُنا من ابن الوزير إثبات أنّ قُدماء أهل البيت كانوا يقولون بنفي الرؤيَة الإلهيّة ، هذا مع إيرادِه (ع) للأخبار السابقَة عن بعضهِم فيما ظاهرهُ إثبات الرؤية ، ولكنّه كان أحذقَ وأذكَى من أن يفهَم منهَا إثبات الرؤيَة عنهُم ، فأتى بعدَه أهل الإهمال في النّظر ففهموا منها الإثبات للرؤية، والله المُستعان ، وبهذا نختم الكلام على هذه الشبهة مُصلّين ومسلّمين على سيدنا محمّد وآل الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

ضيم الليالي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1
اشترك في: الثلاثاء يناير 20, 2009 11:00 am

Re: الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

مشاركة بواسطة ضيم الليالي »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الكاظم
اشكرك كثيرا على هذا الموضوع الجميل الذي لا يعتبر موضوع بل مجلدات عظام الذي تم طرحه اتمنى كل التوفيق والنجاح
الرجاء موافاتنا بما هو جديد لديكم ويمكن من الجميع الاستفادة منه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مسلم الإسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 49
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 01, 2010 7:40 pm

Re: الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

مشاركة بواسطة مسلم الإسلام »

بسم الله الرحمن الرحيم

أنَّ الزيدية لا تُؤمنُ بظهورِ إمامٍ مَهديّ في آخر الزّمان ، اسمهُ باسمِ الرّسول ، واسمُ أبيه باسمِ أبي الرسول (ص) ، وإنّما تنظرُ إلى أنّ كلّ إمامٍ هُو مَهديُّ زمانه ، وعلى هذا حَملوا خبرَ المهدي الذي تدوالتهُ

أولا: أنَّ الزيدية لا تُؤمنُ بظهورِ إمامٍ مَهديّ في آخر الزّمان ، اسمهُ باسمِ الرّسول ، واسمُ أبيه باسمِ أبي الرسول (ص) ، وإنّما تنظرُ إلى أنّ كلّ إمامٍ هُو مَهديُّ زمانه ، وعلى هذا حَملوا خبرَ المهدي الذي تدوالتهُ الأمّة .

بارك الله في ما سطرته من عبارة مقنعة ، ودلائل باهرة ، وأقاويل محكمة ن صور ناصعة ، فبارك الله فيك وكثر من أمثالك يا سيد الكاظم.

أعلم أيها الباحث عن حقيقة الأمور ودقائق الأنوار أن المذهب الزّيدي على حق واضح وجلي , لا يحتاج الى معالجة وتأويل ولا مدرسة، وأنا في هذه العجالة سوف أوضح من الجعفرية من كتبهم المحترم والحقيقة أنا منهم ولكن الق يقال ولو على رقبة الانسان سيف والله المستعان.


نبدء بقول الكليني (رض) قال في باب الإشارة والنص الى صاحب الزمان سوف أذكر الطرق الحيحة إقتصاراً للوقت : محمد بن يحي ( ثقةٌ ن فقية من اصابنا ، قمي ) عن أحمد بن إسحاق (كان خاصة بأبي محمد ، كبير القدر ، شيخ القميين)عن ابي هاشم المجعغري ( ثقةُ ، شريق القدر عند النجاشي ، قال الطوسي كبير القدر ، عظميم القدر.)


الدلالة المتنية :في دلالة واضحة في وجود ولد الى الي محمد ولكن ,لماذا ذّكّر على وجود ولد في المدينة ، والحق أقول أنا لم أجمع جميع الرويات ليس أصتطيع الفهم الواضح لمن جمه الرويات وعربلتها من المنهاج الصحيحة ، وكذا أنا أتوقف في تأويل حديث واضح فقط.

نكتفي بهذا القدر الكافي والوافي.


أنَّ الزيدية ، تقول بإمامة المفضول ، مع وجود الأفضل ، فَتُصَحّحُ بذلكَ إمامة أبو بكر وعمر وعثمان ، مع اعتقادِ أنَّ عليّ بن أبي طالب (ع) هُو الأفضل ، وهُم المفضولين .
وما المانع بتفضل المفصول على الفاضل ما دامت المصلحة تعتضي إخماد الفتنة وعد تفريق شمل الأمة.

أنكر من كان بين اصحابة الذي هم خير البرية:

خرج الإمام علي (ع) الى الناس فوجدهم يشتمون ويلعنون معاوية ومن تبعه فزجرهمالإمام ، فقال الاشتر " ألسنا محقين " قال "بلي " قال عدي بن حجر " أليسوا مبطاين ؟ قال الإمام "بلى " قال الناس " فلم تمنعنا عن شتمهم قال كرهت لكم أن تكونوا شتامين لعنين ولكن لو وصفتم مساؤي أعملهم كان أصوب في القول فإت قلتم مكانلعنكم لعانين ولك\من ولووصفتم مساؤي أعملهم كان أصوب في القول فإن قلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم اللهم احقن دماءنا ودماءهم واصلح ذات بيننا وذات بينهم وأهدهكم من صلاتهمحتى يعرف الحق من الباطل ويرعوى عن الغي والعدوان من لهج به كان عذا أحب الى وخير لكم. لله ذرك يا أمير المؤمنين.

وللكلام بقية

مسلم الإسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 49
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 01, 2010 7:40 pm

Re: الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

مشاركة بواسطة مسلم الإسلام »

بسم الله الرحمن الرحيم

روى الشيخ الصدوق في [ عيون أخبار الرضا م1ب23ح1

قال صدّوق في كتاب عيون أخبار الرضا (ع) حدثنا علي بن الحسين شاذويه الؤدب ( مجهول ) وجعفر بن محمد بن مسرور (مجهول ) رضي الله عنهما قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري (ثقةٌ) عن أبيه (ثقةٌ) عن الريان بن الصلت (ثقةٌ ، صدوقاً )

الدلالة السندية :روى القميين بالعنعة وأخرجه الصدّوق (رض) بالإسناد القمي ، والحديث محجهول من طرف علي بن الحسين شاذويع المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور

عن الريان بن الصلت :قال حضر الرضا ( ع ) مجلسالمأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان فقالالمأمون أخبروني عن معنى هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَاصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فقالت العلماء أراد الله عز و جل بذلك الأمة كلها فقالالمأمون ما تقول يا أبا الحسن فقال الرضا ( ع ) لا أقول كما قالوا و لكني أقول أرادالله عز و جل بذلك العترة الطاهرة فقال المأمون و كيف عنى العترة من دون الأمةفقال له الرضا ( ع ) إنه لو أراد الأمة لكانت أجمعها في الجنة لقول الله عز و جل فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌبِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال عز و جل جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم فقال المأمونمن العترة الطاهرة فقال الرضا ( ع ) الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز و جل إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْتَطْهِيراً و هم الذين قال رسول الله ( ص ) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتيأهل بيتي ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفون فيهما أيهاالناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم قالت العلماء أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل فقال الرضا ( ع ) هم الآل فقالت العلماء فهذا رسول الله ( ص ) يؤثرعنه أنه قال أمتي آلي و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه آلمحمد أمته فقال أبو الحسن ( ع ) أخبروني فهل تحرم الصدقة على الآل فقالوا نعم قال فتحرم على الأمة قالوا لا قال هذا فرق بين الآل والأمة ويحكم أين يذهب بكم أ ضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون أ ما علمتمأنه وقعت الوراثة و الطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم قالوا و من أين ياأبا الحسن فقال من قول الله عز و جل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَوَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍوَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ فصارت وراثة النبوة و الكتاب للمهتدين دون الفاسقينأ ما علمتم أن نوحا حين سأل ربه عز و جل فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ و ذلك أن الله عز و جل وعده أن ينجيه و أهله فقال ربه عز و جل يا نُوحُ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍفَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ .

فقال المأمون هل فضل الله العترة على سائر الناس فقال أبو الحسن إنالله عز و جل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه فقال له المأمون و أينذلك من كتاب الله فقال له الرضا ( ع ) في قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ اصْطَفىآدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و قال عز و جل فيموضع آخر أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاًعَظِيماً ثم رد المخاطبة في أثر هذه إلى سائر المؤمنين فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ يعني الذي قرنهم بالكتاب و الحكمة و حسدوا عليهما فقوله عز و جل

[231]
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ماآتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً يعني الطاعة للمصطفين الطاهرينفالملك هاهنا هو الطاعة لهم فقالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله عز و جل الاصطفاءفي الكتاب فقال الرضا ( ع ) فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا فأول ذلك قوله عز و جل وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و رهطكالمخلصين هكذا في قراءة أبي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود و هذهمنزلة رفيعة و فضل عظيم و شرف عال حين عنى الله عز و جل بذلك الآل فذكره لرسولالله ( ص ) فهذه واحدة و الآية الثانية في الاصطفاء قوله عز و جل إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْتَطْهِيراً و هذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند ضال لأنه فضل بعد طهارة تنتظرفهذه الثانية و أما الثالثة فحين ميز الله الطاهرين من خلقه فأمر نبيه بالمباهلةبهم في آية الابتهال فقال عز و جل يا محمد فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَناوَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْلَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فبرز النبي ( ص ) عليا و الحسن و الحسين و فاطمةص و قرن أنفسهم

[232]
بنفسه فهل تدرون ما معنى قوله وَأَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ قالت العلماء عنى به نفسه فقال أبو الحسن ( ع ) لقد غلطتمإنما عنى بها علي بن أبي طالب ( ع ) و مما يدل على ذلك قول النبي ( ص ) حين قال لينتهينبنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يعني علي بن أبي طالب ( ع ) و عنى بالأبناءالحسن و الحسين ( ع ) و عنى بالنساء فاطمة ( ع ) فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد و فضل لايلحقهم فيه بشر و شرف لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي ( ع ) كنفسه فهذه الثالثة وأما الرابعة فإخراجه ( ص ) الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك و تكلمالعباس فقال يا رسول الله تركت عليا و أخرجتنا فقال رسول الله ( ص ) ما أنا تركته وأخرجتكم و لكن الله عز و جل تركه و أخرجكم و في هذا تبيان قوله ( ص ) لعلي ( ع ) أنت منيبمنزلة هارون من موسى قالت العلماء و أين هذا من القرآن قال أبو الحسن أوجدكم فيذلك قرآنا و أقرأه عليكم قالوا هات قال قول الله عز و جل وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسىوَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوابُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى و فيها أيضا منزلة علي ( ع ) من رسول الله ( ص ) و مع هذا دليل واضح في قول رسول الله ( ص ) حين قال ألا إن هذا المسجدلا يحل لجنب إلا لمحمد ( ص ) و آله قالت العلماء يا أبا الحسن هذا الشرح و هذا البيانلا يوجد

[233]
إلا عندكم معاشر أهل بيت رسول الله صفقال و من ينكر لنا ذلك و رسول الله يقول أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أرادالمدينة فليأتها من بابها ففيما أوضحنا و شرحنا من الفضل و الشرف و التقدمة والاصطفاء و الطهارة ما لا ينكره إلا معاندو الله عز و جل و الحمد على ذلك فهذهالرابعة و الآية الخامسة قول الله عز و جل وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ خصوصيةخصهم الله العزيز الجبار بها و اصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسولالله ( ص ) قال ادعوا إلي فاطمة فدعيت له فقال يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله فقالهذه فدك مما هي لم يوجف عليه بالخيل و لا ركاب و هي لي خاصة دون المسلمين و قدجعلتها لك لما أمرني الله تعالى به فخذيها لك و لولدك فهذه الخامسة و الآيةالسادسة قول الله عز و جل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و هذه خصوصية للنبي ( ص ) إلى يوم القيامة و خصوصية للآلدون غيرهم و ذلك أن الله عز و جل حكى في ذكر نوح في كتابه يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَ ما أَنَابِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ لكِنِّي أَراكُمْقَوْماً تَجْهَلُونَ .


[234]
و حكى عز و جل عن هود أنه قال يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ و قال عز و جل لنبيه محمد ( ص ) قُلْ يا محمد لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و لم يفرض الله تعالى مودتهم إلا و قد علم أنهم لايرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون إلى ضلال أبدا و أخرى أن يكون الرجل وادا للرجلفيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل فأحب الله عز و جل أن لا يكونفي قلب رسول الله ( ص ) على المؤمنين شي‏ء ففرض عليهم الله مودة ذوي القربى فمن أخذبها و أحب رسول الله ( ص ) و أحب أهل بيته لم يستطع رسول الله ( ص ) أن يبغضه و من تركها ولم يأخذ بها و أبغض أهل بيته فعلى رسول الله ( ص ) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة منفرائض الله عز و جل فأي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا أو يدانيه فأنزل الله عز و جلهذه الآية على نبيه ( ص ) قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَفِي الْقُرْبى فقام رسول الله ( ص ) في أصحابه فحمد الله و أثنى عليه و قال يا أيهاالناس إن الله عز و جل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه فلم يجبه أحد فقال ياأيها الناس إنه ليس من فضة و لا ذهب و لا مأكول و لا مشروب فقالوا هات إذا فتلاعليهم هذه الآية فقالوا أما هذه فنعم فما وفى بها أكثرهم و ما بعث الله عز و جل نبياإلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأن الله عز و جل يوفيه أجر الأنبياء و محمد صفرض الله عز و جل طاعته و مودة قرابته على أمته و أمره أن يجعل أجره فيهم ليؤدوهفي قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز و جل لهم في المودة إنما تكون على قدرمعرفة الفضل فلما أوجب الله تعالى ذلك ثقل ذلك لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم قدأخذ الله ميثاقهم على الوفا و عاند أهل الشقاق و النفاق و ألحدوا في ذلك فصرفوه عنحده الذي

[235]
حده الله عز و جل فقالوا القرابة هم العرب كلها و أهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمناأن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي ( ص ) أولاهم بالمودة و كلما قربت القرابة كانتالمودة على قدرها و ما أنصفوا نبي الله ( ص ) في حيطته و رأفته و ما من الله به علىأمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه أن لا يؤدوه في ذريته و أهل بيته و أن يجعلوهمفيهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله فيهم و حبا لهم فكيف و القرآن ينطق بهو يدعو إليه و الأخبار ثابتة بأنهم أهل المودة و الذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء عليها فما وفى أحد بها فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلااستوجب الجنة لقول الله عز و جل في هذه الآية وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَهُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّاالْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى مفسرا و مبينا ثم قال أبو الحسن ( ع ) حدثني أبي عن جدي عنآبائه عن الحسين بن علي ( ع ) قال اجتمع المهاجرون و الأنصار إلى رسول الله ( ص ) فقالواإن لك يا رسول الله ( ص ) مئونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا معدمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا أعط ما شئت و أمسك ما شئت من غير حرج قال فأنزلالله عز و جل عليه الروح الأمين فقال يا محمد قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِأَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يعني أن تودوا قرابتي من بعدي فخرجوافقال المنافقون ما حمل رسول الله ( ص ) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته

[236]
من بعد إن هو إلا شي‏ء افتراه في مجلسه و كان ذلكمن قولهم عظيما فأنزل الله عز و جل هذه الآية أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِماتُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُالرَّحِيمُ فبعث عليهم النبي ( ص ) فقال هل من حدث فقالوا إي و الله يا رسول الله لقدقال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول الله ( ص ) الآية فبكوا و اشتد بكاؤهمفأنزل عز و جل وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُواعَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ فهذه السادسة و أما الآية السابعةفقول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً قالوا يارسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك فقال تقولون اللهم صل على محمدو آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد فهل بينكم معاشرالناس في هذا خلاف فقالوا لا فقال المأمون هذا مما لا خلاف فيه أصلا و عليه إجماعالأمة فهل عندك في الآل شي‏ء أوضح من هذا في القرآن فقال أبو الحسن نعم أخبروني عنقول الله عز و جل يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلىصِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فمن عنى بقوله يس قالت العلماء يس محمد ( ص ) لم يشك فيه أحد قالأبو الحسن فإن الله عز و جل أعطى محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنهوصفه إلا من عقله و ذلك أن الله عز و جل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء ( ص ) فقالتبارك و تعالى سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ .


[237]
و قال سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ و قال سَلامٌ عَلى مُوسى وَ هارُونَ و لم يقل سلام على آل نوح و لم يقل سلام على آلإبراهيم و لا قال سلام على آل موسى و هارون و قال عز و جل سلام على آل يس يعني آلمحمد ( ص ) فقال المأمون لقد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا و بيانه فهذه السابعة وأما الثامنة فقول الله عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍفَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فقرن سهم ذي القربىبسهمه و بسهم رسول الله ( ص ) فهذا فضل أيضا بين الآل و الأمة لأن الله تعالى جعلهم فيحيز و جعل الناس في حيز دون ذلك و رضي لهم ما رضي لنفسه و اصطفاهم فيه فبدأ بنفسهثم ثنى برسوله ثم بذي القربى في كل ما كان من الفي‏ء و الغنيمة و غير ذلك مما رضيهعز و جل لنفسه فرضي لهم فقال و قوله الحق وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْشَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى فهذا تأكيدمؤكد و أثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍحَمِيدٍ و أما قوله وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرجمن

[238]
الغنائم و لم يكن له فيها نصيب و كذلك المسكينإذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم و لا يحل له أخذه و سهم ذي القربىقائم إلى يوم القيامة فيهم للغني و الفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من الله عز و جلو لا من رسول الله ( ص ) فجعل لنفسه منها سهما و لرسوله ( ص ) سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله ( ص ) رضيه لهم و كذلك الفي‏ء ما رضيه منه لنفسه و لنبيه ( ص ) رضيه لذي القربى كماأجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم و قرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله ( ص ) و كذلك في الطاعة قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فبدأ بنفسه ثمبرسوله ثم بأهل بيته كذلك آية الولاية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُوَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فجعل طاعتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كذلك ولايتهم مع ولايةالرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة و الفي‏ء فتبارك الله و تعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت فلما جاءت قصة الصدقةنزه نفسه و رسوله و نزه أهل بيته فقال إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِيالرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ فهل تجد في شي‏ء

[239]
من ذلك أنه سمى لنفسه أو لرسوله أو لذيالقربى لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة و نزه رسوله و نزه أهل بيته لا بل حرم عليهملأن الصدقة محرمه على محمد ( ص ) و آله و هي أوساخ أيدي الناس لا يحل لهم لأنهم طهروامن كل دنس و وسخ فلما طهرهم الله عز و جل و اصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه و كرهلهم ما كره لنفسه عز و جل فهذه الثامنة و أما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قالالله عز و جل فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فنحن أهل الذكر فاسألونا إن كنتم لا تعلمون فقالت العلماء إنما عنى الله بذلك اليهود و النصارى فقال أبو الحسنع سبحان الله و هل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم و يقولون إنه أفضل من دينالإسلام فقال المأمون فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوه يا أبا الحسن فقال أبوالحسن نعم الذكر رسول الله و نحن أهله و ذلك بين في كتاب الله عز و جل حيث يقول فيسورة الطلاق فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ فالذكر رسول الله ( ص ) و نحن أهله فهذه التاسعة و أما العاشرة فقول اللهعز و جل في آية التحريم حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ الآية فأخبروني هل تصلح ابنتي و ابنة ابني و ما تناسل من صلبي لرسولالله ( ص ) أن يتزوجها لو كان حيا قالوا لا قال فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح لهأن يتزوجها لو كان حيا قالوا نعم قال ففي هذا بيان لأني أنا من آله و لستم من آلهو لو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي

[240]
لأني من آله و أنتم من أمته فهذا فرق بين الآل و الأمة لأن الآل منه و الأمةإذا لم تكن من الآل فليست منه فهذه العاشرة و أما الحادية عشرة فقول الله عز و جلفي سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْآلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ إلى تمام الآية فكان ابنخال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبة و لم يضفه إليه بدينه و كذلك خصصنا نحن إذ كنا منآل رسول الله ( ص ) بولادتنا منه و عممنا الناس بالدين فهذا فرق بين الآل و الأمة فهذهالحادية عشره و أما الثانية عشره فقوله عز و جل وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها فخصصنا الله تبارك و تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمةبإقامة الصلاة ثم خصصنا من دون الأمة فكان رسول الله ( ص ) يجي‏ء إلى باب علي و فاطمةع بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول الصلاةرحمكم الله و ما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنابها و خصصنا من دون جميع أهل بيتهم فقال المأمون و العلماء جزاكم الله أهل بيتنبيكم عن هذه الأمة خيرا فما نجد الشرح و البيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم .

للحديث بقية

أخوكم مسلم الإسلام

مسلم الإسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 49
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 01, 2010 7:40 pm

Re: الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

مشاركة بواسطة مسلم الإسلام »

بسم الله الرحمن الرحيم

العصمة بين الانبياء وائمة أهل البيت


قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه: : (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما..)"سورة طه:116".

قال الله سبحانه وتعالى وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى "

قال الله سبحانه تعالى : :{ يا بني آدم لا يفتننّكم الشّيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما } سورة الأعراف 27

قال الل سبحانه وتعالى :{ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّة وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ 22 قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 23 قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين 24 } الأعراف.

فقال سبحانه: { قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الجاهلين } 46 هود


قال جلا جلاله { قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَك مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِين } 47 هود.


قال سبحانه وتعالى :{ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلآّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }


فقال تعالى : { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ }


قال سبحانه تعالى { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مليم * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِين * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ }


قال سبحانه وتعالى يقول الله عز وجل : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } محمد:19

قال سبحانه وتعالى { إِنَّا أنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا. وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا.وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } النساء:105-107

قال سبحانه وتعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ }


قال سبحانه وتعالى { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا 73 وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا 74 إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } 75 الأسراء.
ـ وكان أشدّ الإنكار عليه في أسرى بدر فقال تعالى :{ ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض تريدون عرض الدّنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم 67 لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم " 68} الأنفال ـ وكذلك في قوله تعالى{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ } 145 سورة البقرة.

لم المستيقن إلى الهوى المتقلّب. وما ليس من عند الله فهو الهوى بلا تردّد ".

ـ وما جاء في سورة هود وقد شيّبت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم...؟
ـ وكذلك ما جاء في قوله تعالى: { يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم } التّحريم 1. على ما لم ترد له.. فمطلع الآية { لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } هو فقط من باب " المشاكلة " { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }. ذلك بقوله: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى }. فمقولة بعضهم أنه يحرّم هو تحميل اللفظ على غير ما جاء فيه، وما هو إلا وعد أو عهد منه صلى الله عليه وآله وسلّم لبعض نسائه فهو بمثابة يمين له كفّارته ولا صلة له بتحريم ما أحلّ الله تعالى. "


كلّ هذا في أنبياء شهد لهم ربّهم بالصّدق والكفاءة والأمانة والتّبليغ. فلماذا يعيب علينا بعض النّاس حين نردّ فيما تبيّن لنا خطؤه على المتطفّلين على الشّرع العزيز . فالرّدّ على المخالف منهج قرآنيّ أصيل !!! فبعد هذه النّصوص القرآنيّة هل يجرؤ موحّد على التّهوّك والدّفاع عن المحرّفين ؟؟

تصحيح القرآن الكريم أخطاء الصّحابة رضي الله عنهم

وكما شمل الإنكار والتّصحيح أيضا أخطاء الصّحابة الكرام، ومن ذلك :

ـ قصّة الثّلاثة الّذين خلّفوا { وعلى الثّلاثة الّذين خلّفوا...} 118 التّوبة.
ـ ما حدث لحاطب بن أبي بلتعة الّذي نزل فيه قوله تعالى :{ يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء } الآية.
ـ ما نزل في حقّ أبي لبابة :{ يا أيّها الّذين آمنوا لا تخونوا اللّه وتخونوا الرسول }
ـ ما نزل في صفيّة زوج النّبيء رضي الله عنها لمّا أظهرت ما أسرّه لها رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم.
ـ ما جاء في قصّة الإفك وما حدث فيها من أخطاء.
ـ ومنها عتاب الله للصّحابة في حادثة أحد والحكم على بعضهم بأنّهم أرادوا الدنيا على الآخرة { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }.
ـ وفي الّذين رفعوا أصواتهم عند رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم { لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النّبيّ ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } الحجرات 2 ـ والذين نادوه من وراء الحجرات بصوت مرتفع ودعوه كما يدعي أحدهم صاحبه، فوصفهم بأنّهم لا يعقلون { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ } الحجرات 4.
ـ
ـ وفي الّذي جاء بخبر غير دقيق فوصفه القرآن في سورة الحجرات بالفاسق في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نادمين } فهنا سمّى من كذب في أمر القوم وأنّهم منعوا الزكاة، فاسقاً لكذبه على رأي من ذهب إلى هذا التّفسير ولم يعترض على سبب النزول، وإذا سمّي من كاد أن يريق دماء المسلمين بلا سبب فاسقاً فكيف بمن يزعزع عقائدهم ويشكّكهم في أمور دينهم ويفتنهم فيه !!.
ـ والمتخلّفين عن اللّحاق بالمهاجرين إلى المدينة النّبويّة { مالكم من ولايتهم حتّى يهاجروا } و { إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم...} الآية ..
ـ ما جاء في سورة التّوبة من لوم عظيم للأصحاب وفي سورة التّوبة ومنها قوله تعالى: { لقد تاب الله على النّبيّ والمهاجرين والأنصار الّذين آتّبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثمّ تاب عليهم إنّه بهم رؤوف رحيم 117 والذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً...} وفي سورة الأنفال : { لولا كتاب من اللّه سبق لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم } 68 الأنفال.
ـ ومنها عتاب الله لمخشي بن حمير في قوله تعالى: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ 65 لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ 66 } سورة التّوبة. فوصف هنا بالكفر أثناء الحادثة وقبل توبته، ثم تيب عليه وبقيت الآية عظة للمتّعظ.
ـ وفي قصّة زيد بن الحارثة وأمّ المؤمنين زينب بنت جحش حيث بلغ عتاب الله عزّ وجلّ لمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم في سورة الأحزاب مداه إذ يقول تعالى : { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } وكانت هذه الآية من أعتبها على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لذا قالت أمّنا عائشة رضي الله تعالى عنها : لو كتم محمّد صلّى الله عليه وسلم شيئاً ممّا أوحي إليه من كتاب الله لكتم { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } أخرجه الطبري 22/11وأصله في الصّحيح بلفظ " من حدّثك بثلاث " .



ـ والدّليل قصّة موسى عليه السّلام حين قال لأخيه هارون : { اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } ولمّا رجع موسى عليه السّلام وجد قومه يعبدون العجل، فقال مخاطباً هارون عليهما السّلام منكرا عليه : { مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ، أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ؟ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } طه: 92-94 .

قوله تعالى: { يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم }


فإن قال قائلٌ : هل أنبياء صلوت الله عليهم يرتكون الكبائر من الذنون.
تقول لا , فإن الله سبحانه وتعالى نزه الانبياء من إرتكاب الاكبار من الذنوب.

فإن قال قائل: كيف ذلك وأخطاء الانبياء مثبوتة في كتاب الله
تقول ،لان الله جعل قلوبهم ساذجة ( البساطة والقلب النقي الي يحفز نفسه لطاعة الله.

فإن قال قائلُ ما فادة الانبياء إذا هم يخطئون ربما يخطئون في التبلغ؟

نقول إن الله سبحانه وتعالى أيد عباده المخلصين بتجنب الكبائر مثل قصة يوسف (ع)

فإن قال قائلُ ما هي الاخطاء التي يفعلها الانبياء ؟
تقول اللمم مثل النسيان ، السهو ، الغصب ، تحريم النفس من بعض ما أحله الله تورعاً وحباً لله كقصة الغسل مع النبي (ص) و الحرمان النفسي ، الخوف ، العجلة ، الخطىء البريىء ، الافتتان ، الاستغفار لعمل ساذج( اي برىء) الحرام مما أحله الله إبتغاء قربه ،الاستغفار من الذنوب الصغيرة.

ملاحظة:

السنة النبوية :

.قال صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير
الخطائين التوابون.. [رواه الترمذي 3499]

قوله صلى الله عليه وسلم كل بني ادم خطاء وخير الخطاؤون التوابون

قال الكليني علي بن غبراهيم عن ألبيه عن ابن ابن عمير عن ابي أيوب عن محمد ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال (ع) قلت له قول الله سبحانه وتعالى قلت له أرأيت قول الله عزّوجلّ (الذيم يجتنبون كبائر الإثم والفواحس إل اللمم ) قال الذنب يلم به الرجل فيمكث ما شاء الله ثم يلم به بعده.


أخوكم مسلم الإسلام

مسلم الإسلام
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 49
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 01, 2010 7:40 pm

Re: الشبه الوردية حول الزيدية ......... !!!

مشاركة بواسطة مسلم الإسلام »

بسم الله الرحمن الرحيم

العصمة عن الجعفرية: لان أخرج عن نطاق العصمة بمسئلة الذهاب الى المعجم اللغوية لأثبات معنى الرجس ولكن سوف أُعرج على أقوال السلف الصالح من أهل البيت (ع) وغيرها.


في الكافي قال محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه: علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلي بن سهل زيد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس (جمعياً ) عندالله بن مسكان عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) السلام عن قول الله سبحانه وتعالى( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) فقال نزلت في علي بن ابي طالب (ع) والحسن والحسين(ع) فقلت له فما له يسمّ علياً واهل بيته(ع) في كتاب الله؟ قال فقال قولوا لهم: إن رسول الله (ع) نزلت عليه الصلاة ولم يسوّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتى كان رسول الله (ص) هو الذي فسر لهم ذلك لهم ونزلت ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم من أربعين درهماً درهم حتى كان رسول الله (ص) هو الذي فسر لهم ونزلت (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأةلى الأمر منكم) ونزلت في علي والحسن والحسين فقال الرسول(ص) في علي : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقال (ص) أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي , أني سألت الله عزّ وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض ، فاعطاني ذلك ، وقال لاتعلموهم فهم أعلم منهم ، ةقال إنهم لن يخرجوكم من هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول الله(ص) فلم يبين من أهله بيته ،لا دعاها آل فلان وآل فلان وبكن الله عزّ وجلّأنزله في كتابه تصديقاً لنبية (ع) (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهلركم تطهيراً) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (ع) فأدخلهم رسول الله (ص) تحت الكساء في بيت أمّ سلمة، ثم قال : اللهم إن لكل أهلاً وثقلاً ةهةلاء أهلي وثقلي فقالت أمّ سلمة: ألست من أهلك؟ فقال : إنك الى خير ولكن هؤلاء أهلى وثقلي، فلما قبض رسول الله (ص) كان علي أول من الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه الرسول (تأمل جيداً) (ص) وغقامته للناس وأخذ بيده ،فلما قبض علي لم يكن يستطيع علي ملم يكن ليفقل أن هذا يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده كما أمر بطاعتط ، وبلّغ فينا رسول الله (ص) كما بلّغ فيك ، وأذهب عنا الرجس كما أدهبه عنك، فلما مضى علي (ع) كان الحسن أولى لكبره(تأمل جداً) ، فبما توفى لم يستطيع أن يدخل ولده ولم يكن يفعل ذلك والله عزّوجلّ لقول عز وجل ( وأولوا الارحام بعضهم من بعض أولى ببعض في كتاب الله) فيجعلها في ولده ، ، أذا لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك وبلّغ في رسول الله (ص) كما بلّغ فيك وفي أبيك ، وأضهب الله عني الرجس كما أذهبعنط وعن أبيك، فلما صارت الحسيم لكم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه ، ولو راد أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا ، ثم صارت حيث أفضت الى الحسيم (ع) فجرى تأويل هذه الاية ( وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ثم صارت من بعد الحسيم لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين الى محمد بن علي (ع) وقال: الرجس هو الشك والله لانشك في ربنا أبداً . (تأمل جيداً في تفسير الرجس )

ربما قول قائلٌ : الرجس تابعة للذنوب والخطاي.

تقول تؤكد اللإمام الرجس أكد ذلك من تؤكيد والله نشك بربنا أبداّ


وروى محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد ةالحسيم بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحي بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر وعمران بن علي الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد الله مثل ذلك.


قال الصدّوق رضي الله عند بإسناد قوي حدثنا أبي ومحمد بنالحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب قال حدثنا النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد الله (ع) في قوله عزّ وجل ّ (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويتطركم تطهيرا قال الرجس هو الشك.

لماذا الإمام جعفر الصادق دائما يفسر الرجس بالشك ، لانها المعنى الانسب والمتجانس مع العقيدة الصحيحة .

أقول أهل العلم :تفسير إبن أبي حاتم :حدثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا الحسين بن علي ، ثنا عامر بن الفرات ، عن أسباط ، عن السدي قوله : فزادتهم رجسا إلى رجسهم يقول : " شكا إلى شكهم.


إبن الأثير :‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏‏.‏ قلت لواثلة‏:‏ ما الرجس‏؟‏ قال‏:‏ الشك في الله عز وجل‏.


الشوكاني - فتح القدير :وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ويجعل الرجس قال السخط .



- وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال الرجس الشيطان والرجس العذاب.


المباركفوري - تحفة الأحوذي :قوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس قيل هو الشك وقيل العذاب وقيل الاثم

الثعالبي - تفسير الثعالبي :قال ابن عطية : الرجس : كل مكروه ذميم ، وقد يقال للعذاب والرجز : العذاب لا غير .



والحق يقال أختلف أهل العلم في تأويل الرجست منهم قال الأثم ت ومنهم القذر ن منهم السخط وغيرها من المعاني المتباينة والحق البقاء على تفسير الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) فـتأمل.


السيرة العقلائية: هذا إمام المجاهدين الإمام زيد بن علي (ع) السلام لم يقول بعصمته وهو من معاصريه وغير أهل البيت عاصره الامام جعفر الصادق ولم يقولو بعصمته ،ولا واحد من أهل البيت يقول بعصمة الإمام جعفر الصادق (ع) نا هيك غير أهل البيت مثل هذا الإمام مالك بن أبس روى عن جعفر الصادق ولم يقول بعصمته , هذا الإمام ابي حنبفة روى عن الإمام جعفر الصادق ولم يقل بعصمته ،وهذا سفيان الثوري تتلمذ على يد الإمام جعفر الصادق ولم يقول بعصمته.


فمابالكم يا جعفرية تتقولون على الائمة بدون حجة بالغة والله عنده الحجة البالغة.


مسلم الإسلام

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“