العِقْدُ الثّمِينُ فِي إثبَاتِ وَصَايَةِ أمِيرِ المؤمِنِينَ

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

العِقْدُ الثّمِينُ فِي إثبَاتِ وَصَايَةِ أمِيرِ المؤمِنِينَ

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم


العِقْدُ الثّمِينُ فِي إثبَاتِ وَصَايَةِ أمِيرِ المؤمِنِينَ



أخي ... الباحِث ، هذا كِتابٌ لا يُحبّه أصحابُ الشّوكاني !! فتأمّله (تَعْرِف لماذا)؟.



العِقْدُ الثّمِينُ فِي إثبَاتِ وَصَايَةِ أمِيرِ المؤمِنِينَ


تأليف / القَاضِي محمّد بن عَلِي الشّوكَانِي


[ مقدّمة المؤلّف ]

أحمَدُكَ لا أُحصي ثناءً عليك ، أنتَ كما أثنيتَ على نفسِك ، وأصلّي وأُسلّم على رسولك وآله الأكرمين .

وبعد :

فإنّه سألني بعض آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الجامعين بين فضيلة العِلم والشّرف من سكان المدينة المعمورة بالعلوم ، مدينة زَبيد ، عن إنكار عائشة أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصدور الوصيّة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا ذَكَروا عندَها أنّ أمير المؤمنين عليّاً – عليه السلام- كانَ وصيّاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا ثابتٌ من قولها في الصّحيحين ، والنّسائي من طريق الأسود بن يزيد بلفظ : (( مَتى أوصَى إليه ؟ ، وقد كُنتُ مُسندَته على صدري فدعا بالطست ، فلقد انخنثَ في حجري وما شعرتُ أنّه مات ، فمتى أوصَى إليه ؟ )) ، وفي روايَة عنهَا أنّها أنكرَت الوصيّة مُطلقاً ولم تُقيّد بكونها إلى علي – عليه السلام – قالت : ((ومتَى أوصَى، وقد ماتَ بين سحري ونحري ؟ )) .

ولنُقدّم قبلَ الشّروع في الجواب مقدّمَة ينتفعُ بها السائل . فنقول : أن يُعلَم أوّلاً : أنّ قول الصّحابي ليسَ بحجّة ، وأن المُثبِت أولَى من النّافي ، وأنّ من عَلِمَ حجّةٌ على مَن لم يَعلَم ، وأنّ الموقوف لا يُعارض المرفوع على فرض حجّيته ، وهذه الأمور قد قُرّرت في الأصول ، ونِيطَت بأدلّة تقصُر عن نَقضها أيدي الفحول ، وإن تبالَغَت في الطّول .

ويُعلَم ثانياً : أنّ أم المؤمنين – رضي الله عنها – كانَت تُسارِع إلى ردّ ما خالَفَ اجتهادها ، وتُبالغ في الإنكار على راويه ، كما يقع مثل ذلك لكثير من المجتهدين . وتتمسّك تارةً بعموم لا يُعارض ذلك المروي ، كتغليطها لعمر – رضي الله عنه – لمّا رَوى مُخاطبته صلى الله عليه وآله وسلم لأهل قليب بدر ، وقوله عند ذلك : يا رسول الله إنّما تُخاطب أمواتاً ، فقال له : (( ما أنتُم بأسمَعَ منهُم )) ، فردّت هذه الرّواية عائشة بعد موتِ عُمر ، وتمسّكت بقوله تعالى : (( وما أنتَ بمُسمِعٍ مَن في القبور )) ، وهذا التمسّك غير صالح لردّ هذه الرّوايَة من مثلِ هذا الصّحابي ، وغاية ما فيه بعد تسليم صِدقه على أهل القليب انّه عام وحديث إسماعهم خاصّ ، والخاصّ مُقدّم على العام ، وتخصيص عمومات القرآن بما صحّ من آحاد السنّة ، هُو مَذهبُ الجمهور .

وتارةً تتمسّكُ بما تَحفظُهُ كقولها ، لمّا بلغها رواية عمر – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بلفظ : (( إنّ الميّت ليُعذّب ببكاء أهلِه )) ، فقالت : يرحمُ الله عُمَر ، ما حدَّث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الميّت ليُعذّب ببكاء أهله ولكن قال : (( إنّ الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه )) ، ثمّ قالت : حسبُكُم القرآن : (( ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى )) ، أخرجه الشيخان والنّسائي ، وفي رواية ، أنّه ذُكِرَ لها أنّ ابنُ عُمَر يقول : إنّ الميّت ليُعذّب ببكاء أهله عليه ، فقالت : يغفرُ الله لأبي عبدالرحمن ، أمَا إنّه لم يَكذب ولكنّه نَسيَ أو خطأَ ، إنّما مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على يهوديّةٍ يُبكى عليها ، فقال : (( إنّها ليُبكى عليها ، وإنّها لتعُذّب في قبرها )) ، أخرجها الشيخان ومالك والترمذي والنّسَائي ، وقد ثبتَ هذا الصحيح في صحيح البخاري وغيره من طريق المغيرة بلفظ : (( مَن يَنُح عليه ، يُعذّب بما نيح عليه )) ، فهذا الحديث قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من طريق ثلاثة من الصّحابَة ، ثمّ إن عائشة – رضي الله عنها – ردّت ذلك مُتمسّكَة بما تَحفَظُهُ وبعموم القرآن ، وأنتَ تعلَم أنّ الزيادة مقبولَة بالإجماع إن وقَعَت غير مُنافية ، والزّيادة هاهنا في رواية عمر وابنه والمغيرة لأنها مُتناولة بعمومها للميّت من المسلمين ، ولم تجعل عائشة روايتها مُخصّصةً للعموم ، أو مقيّدة للإطلاق حتّى يكون قولها مقبولاً من وجه ، بل صرّحَت بخطأ الرّاوي أو نسيانه ، وجزَمَت بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لَم يَقُل ذلك ، وأمّا تمسّكها بقوله تعالى : (( ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى )) فهو لا يُعارض الحديث ، لأنّه عام ، والحديث خاصّ ، ولهذه الواقعات نظائر بينها – رضي الله عنها – وبينَ جماعة من الصّحابَة كابي سعيد وابن عبّاس وغيرهما ، ومن جملتها الواقعَة المسؤول عنها ، أعني إنكارَها – رضي الله عنها – الوصيّة منه صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي – عليه السلام – ، وقد وافقَها في عدم وقوع مُطلقها منه صلى الله عليه وآله وسلم غير مُعتد بكونِهَا إلى علي – عليه السلام – ابن أبي أوفَى – رضي الله عنه – فأخرجَ عنه البخاري ومسلم والترمذي والنّسائي عن طريق طلحة بن مصرف قال : سألتُ ابن أبي أوفى ، هَل أوصَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ . قال : لا . قلت : فكيفَ كتبَ على النّاس الوصيّة وأمرَ بها ، ولَم يُوصِ . قال : أوصَى بكتابِ الله تعالى .

وأنتَ تعلَم أنّ قولَهُ : أوصَى بكتاب الله تعالى ، لا يتمّ معَهُ قولُهُ : لا ، في أوّل الحديث ، لأنّ صدق اسم الوصيّة لا يُعتبَر فيه أن يكون بأمور مُتعدّدة حتّى يمتنع صدقه على الأمر الواحد ، لا لغةً ولا شرعاً ولا عُرفاً للقطع بأنّه مَن أوصَى بأمرٍ واحد يُقال لهُ : مُوصي ، لُغةً وشرعاً وعرفاً ، فلا بدّ من تأويل قوله : لا . وإلاّ لم يصحّ قولُه : أوصى بكتاب الله تعالى ، وقد تأوّلَهُ بعضُهُم بأنّه أرادَ أنّهُ لم يوصِ بالثّلث كما فعلَهُ غيرُه ، وهُو تأويل حسَن ، لسلامة كلامه معه من التناقض .

إذا عرفتَ هذه المُقدّمة . فالجواب على أصلِ السّؤال ينحصِر في بحثَين : البحث الأول : في إثبات مُطلق الوصيّة منه صلى الله عليه وآله وسلم . والبحث الثاني : في إثبات مُقيّدُها ، أعني كونها إلى علي – عليه السلام - .

المبحَث الأوّل : في إثبات مُطلَق الوصيّة منه صلى الله عليه وآله وسلم

" أمّا المبحَث الأوّل " فأخرج مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بثلاث أن يجيزوا الوفد بنحو ما كان يجيزهم. الحديث.

وفي حديث أنس عند النسائي وأحمد وابن سعد واللفظ له:كانت غاية وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين حضره الموت: ((الصلاة وما ملكت أيمانكم)) , وله شاهد من حديث علي عند أبي داوود وابن ماجة زاد : ((أدوا الزكاة بعد الصلاة)). وأخرجه أحمد وأخرج سيف بن عمر في الفتوح من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حذر من الفتن في مرض موته ,وأمر بلزوم الجماعة والطاعة.

وأخرج الواقدي من مرسل العلاء بن عبد الرحمن أنه صلى الله عليه وآله وسلم أوصى فاطمة: ((قولي إذا مت إنا لله إنا إليه راجعون)) .

وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث عبد الرحمن بن عوف قالوا: يا رسول الله
أوصنا-يعني في مرض موته- قال: ((أوصيكم بالسابقين الأولين من المهاجرين وأبنائهم من بعدهم)) . وقال:لا يروى عن عبد الرحمن إلا بهذا الإسناد تفرد به عتيق بن يعقوب وفيه من لايعرف حاله.

وفي سنن ابن ماجة من حديث علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئر أريس)) . وكانت بقباء .

في مسند البزار ومستدرك الحاكم بسند ضعيف أنه صلى الله عليه وآله وسلم أوصى أن يصلى عليه أرسالاً بغير إمام .

وأخرج أحمد وابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سأل عائشة عن الذهيبة في مرض موته فقال: ((ما فعلت الذهيبة؟ )) قالت :هي عندي . قال: ((أنفقيها)).

وأخرج ابن سعد من وجه آخر أنه قال : ((ابعثي بها إلى علي ليتصدق بها)) .

وفي المغازي لابن إسحاق قال: لم يوص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند موته إلا بثلاث لكل من الداريين والرهاويين والأشعريين بخادم ومائة وسق من خيبر وأن لايترك في جزيرة العرب دينان وأن ينفذ بعث أسامة , وقد سبق في حديث ابن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بالقرآن .

وثبت في الأمهات وغيرها أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((استوصوا بالأنصار خيراً ، استوصوا بالنساء خيراً,أخرجوا اليهود من جزيرة العرب )) .

ونحو هذه الأمور التي كل واحد منها لو انفرد لم يصح أن يقال أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يوص .

وثبت في الصحيح من حديث أبي موسى أوصاني خليلي بثلاث ولعل من أنكر ذلك أراد أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يوص على الوجه الذي يقع من غيره من تحرير أمور في مكتوب كما أرشد إلى ذلك بقوله : (( ماحق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده )) . أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر , ولم يلتفت إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نجز أموره قبل دنو الموت , وكيف يظن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يترك الحالة الفضلى ؟ . أعني تقديم التنجيز قبل هجوم الموت وبلوغها الحلقوم , وقد أرشد إلى ذلك , وكرر وحذر وهو أجدر الناس بالأخذ بما ندب الله إليه . وبرهان ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد كان سبل أرضه. ذكره النووي , وأما السلاح والبغلة والأثاث وسائر المنقولات فقد أخبر أنها صدقة كما ثبت عنه في الصحيح . وقال في الذهيبة التي لم يترك سواها ما قال كما سلف . إذا عرفت هذا علمت أنه لم يبق من أمور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند موته ما يفتقر إلى مكتوب .

نعم قد أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتب لأمته مكتوباً عند موته يكون عصمة لها عن الضلالة وجنة تدرأ عنها ما تسبب من المصائب الناشبة عن اختلاف الأقوال فلم يجب إلى ذلك وحيل بينه وبين ما هنالك ولهذا قال الحبر ابن عباس : الرزية : كل الرزية , ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين كتابه . كما ثبت ذلك عنه في صحيح البخاري وغيره , فإن قلت : لاشك أن في هذه الأدلة التي سقتها كفاية وأن المطلوب يثبت بدون هذا , وأن عدم علم عائشة بالوصية لا يستلزم عدمها ,ونفيها لا ينافي الوقوع وغاية ما في كلامها الإخبار بعدم علمها , وقد علم غيرها ,ومن علم حجة على من لم يعلم ونفي الوصية حال الموت لايلزم من نفيها في الوقت الخاص نفيها في كل وقت , إلا أن ثمة إشكالاً وهو ماثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم مات وعليه دين ليهودي آصع من شعير ,فكيف ولم يوص به كما أوصى بسائر تركته .

قلت: قد كان صلى الله عليه وآله وسلم رهن عند يهودي في تلك الآصع درعه والرهن حجة لليهودي كافية في ثبوت الدين , وقبول قوله لايحتاج معه إلى وصية .كما قال تعالى في آية الدين : ((و لَم تَجِدُوا كاتباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضةٌ )) على أن علم ذلك لم يكن مختصاً به صلى الله عليه وآله وسلم بل قد شاركه فيه بعض الصحابة ,ولهذا أخبرت به عائشة , وليس المطلوب من الوصية للشارع إلا التعريف بما على الميت من حقوق الله وحقوق الآدميين وقد حصل هاهنا.

المبحث الثاني : ((في إثبات الوصية لعلي رضي الله عنه))

وأما " البحث الثاني " : فأخرج أحمد بن حنبل عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( وصيي ووارثي ومنجز موعدي علي بن أبي طالب )) .

وأخرج أحمد من حديثه قال : قلنا لسلمان سل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وصيه ؟ قال سلمان : يا رسول الله من وصيك ؟ قال : ((يا سلمان من كان وصي موسى ؟ )) قال : يوشع بن نون . قال : ((فإن وصيي ووارثي ويقضي دَيني وينجز موعدي علي بن أبي طالب )) .

وأخرج الحافظ أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لكل نبي وصي ووارث ,وإن علياً وصيي ووارثي )) .

وأخرج ابن جرير عن علي – عليه السلام – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة ,وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم)).قال: فأحجم القوم عنها جميعاً .وقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك . فأخذ برقبتي ثم قال : ((هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا )) .

وأخرج محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في مناقبه من حديث ذكره متصلاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيه في وصف علي- عليه السلام – ((ووعاء علمي ووصيي )) .

وأخرج أيضاً عن علي - عليه السلام – أنه قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتال ثلاثة : الناكثين , والقاسطين , والمارقين .

وأخرج أيضاً عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي بن أبي طالب : ((سلام عليك يا أبا ريحانتي أوصيك بريحانتي خيراً )) . قال : هذا حديث حسن من حديث جعفر بن محمد .

وأخرج الطبراني عن عمار عنه صلى الله عليه وآله وسلم : ((ألا أرضيك يا علي ؟ أنت أخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي وتبرى ذمتي )) الحديث بطوله .

وأخرج نحوه أبو يعلى , وأخرج البزار عن أنس مرفوعاً : ((علي يقضي ديني )). وروي بكسر الدال .

وأخرج ابن مردويه والديلمي عن سلمان الفارسي مرفوعاً : ((علي بن أبي طالب ينجز عداتي ويقضي ديني )) .

وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعاً : ((علي أنت تبين للناس ما أختلفوا فيه من بعدي )) .

وأخرج أبونعيم في الحلية والكنجي في مناقب من حديث طويل وفيه : (( وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين )) .

وأخرج العلامة إبراهيم بن محمد الصنعاني في كتابه إشراق الإصباح عن محمد بن علي الباقر عن آبائه عنه صلى الله عليه وآله وسلم من حديث طويل , وفيه : ((وهو – يعني علياً – وصيي ووليي )) . قال المحب الطبري بعد أن ذكر حديث الوصية إلى علي – عليه السلام - : والوصية محمولة على ما رواه أنس من قوله : ((وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب )) . أو على ما أخرجه ابن السراج من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((يا علي أوصيك بالعرب خيراً )) .أو على ما رواه حسين بن علي – عليه السلام – عن أبيه عن جده قال : أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً أن يغسله . فقال : يا رسول الله أخشى أن لا أطيق . قال : (( إنك ستعان عليه )) انتهى.

والحامل له على هذا الحمل حديث عائشة السابق , والواجب علينا الإيمان بأن علياً –عليه السلام – وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يلزمنا التعرض للتفاصيل الموصي بها , فقد ثبت أنه أمره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ,وعين له علاماتهم , وأودعه جملاً من العلوم , وأمره بأمور خاصة كما سلف .فجعل الموصي بها فرداً منها ليس من دأب المنصفين .

وأورد بعضهم – على القائلين بأن علياً عليه السلام وصي رسول الله – سؤالاً . فقال : إن كانت الوصاية إخباره بما لم يخبر به غيره من الملاحم ونحوها ,فقد شاركه في ذلك حذيفة – رضي الله عنه –فإنه خصه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمعرفة المنافقين , واختصه بعلم الفتن ,وإن حملت على والوصاية بالعرب كما ذكر الطبري فقد أوصى صلى الله عليه وآله وسلم المهاجرين بالأنصار , وأوصى أصحابه بأصحابه , وأنت تعلم أنا لم نقصر الوصية بالعرب , ولم نتعرض للتفضيل ,بل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنه وصيه فقلنا : إنه وصيه فلا يرد علينا شيء من ذلك .

تنبيه :

اعلم أن جماعة من المبغضين للشيعة عَدُّوا قَولَهُم إن علياً – عليه السلام – وصي لرسول الله من خرافاتهم , وهذا إفراط وتعنت يأباه الإنصاف , وكيف يكون الأمر كذلك ,وقد قال بذلك جماعة من الصحابة .

كما ثبت في الصحيحين أن جماعة ذكروا عند عائشة أن علياً وصي .وكما في غيرهما . واشتهر الخلاف بينهم في المسألة وسارت به الركبان ,ولعلهم تلقنوا قول عائشةَ في أوائل الطلب وكبر في صدورهم حتى ظنّوه مكتوباً في اللوح المحفوظ , وسدوا آذانهم عن سماع ما عاداه وجعلوه كالدليل القاطع , وهكذا فليكن الإعتساف والتنكب عن مسالك الإنصاف ,وليس هذا بغريب بين أرباب المذاهب ,فإن كل طائفة في الغالب لاتقيم لصاحبتها وزناً ,ولا تفتح لدليلها وإن كان في أعلى رتبة الصحة أذناً ,إلا من عصم الله وقليل ما هم .

وقد اكتفينا بإيراد هذا المقدار من الأدلة الدالة على المراد , وإن كان المقام محتملاً للإكثار لكثرة الآثار والأخبار فمن رام الاستيفاء فليراجع الكتب المصنفة في مناقب علي – عليه السلام - .

حرّرَه المجيب غفر الله له ، محمد بن علي الشوكاني ، ختم الله له ولوالديه بالحسنى ، في اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان 1205هـ . ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم .

تمّ الكتاب

* * * * *
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

هذا الكتاب المنسوب الشوكاني آلفه إن صحت النسبة في بداية أمره

فهو فرغ من تآليفه سنة 1205

بينما توفي الشوكاني سنة 1250

أي قبل 45 سنة من وفاته

و هو كتبه عندما كان ما يزال ناشئا على عقائد الشيعة

على كل

جل ما في هذا الكتاب أحاديث موضوعة و ضعيفة

و لا عجب

فهذه حال الشيعة

ليس لهم بضاعة إلا الضعيف و الموضوع

و قد قام الشيخ خليفة الكواري

بتخريج جميع أحاديث هذا الكتاب و بين أنها بين ضعيف و موضوع

في كتاب اسمه العقد الثمين بتخريج أحاديث الوصاية لأمير المؤمنين

و قال في مقدمة الكتاب التالي :


الـحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آلـه وصحبه ومن والاه ، وبعد فهذا جزء فيه: ( تخريجُ أحاديث الوصاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب t ) ، قمت بجمع تلك الأحاديث التي فيها ذكر الوصية لأمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ، مع تخريجها والحكم عليها بما تقتضيه القواعد الحديثية .
وقد رتبت تلك الأحاديث على طريقة المسانيد فكانت على النحو التالي:
أولاً: مـسند أنس بن مالك t .
ثانياُ: مـسند بريدة بن الحُصَيب الأسلمي t .
ثالثاً: مـسند سلمان الفارسـي t .
رابعاً: مـسند العباس t .
خامساً: مـسند عبد الله بن العباس t .
سادساً: مـسند عبد الله بن مسعود t .
سابعاً: مـسند علي بن أبـي طالب t .
ثامناً: مـسند أبي ذر الغفاري t.
تاسعاً: مـسند أبـي رافع مولى رسول الله r .
عاشراً: مـسند أم سلمة رضي الله عنها.
الحادي عشر: مرسل عطية العَوفـي.
ولتخريج هذه الأحاديث سبب ، وهو أني لما وقفت على كتاب ( العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين ) ، المنسوب لمحمد بن علي الشوكاني ، فرأيت الشوكاني قد استدل على إثبات الوصية لأمير المؤمنين بأحاديث موضوعة ومكذوبة على النبي r، فكان هذا السبب في جمع تلك الأحاديث وتخريجها .
وأود أن أنبه هنا أنني تركت بعض طرق تلك الأحاديث لعدم وجود لفظة الوصية فيها ، طلباً للاختصار ، وقد اقتبست عنوان هذا الجزء من ذلك المُؤَلف فسميته بـ: ( العقد الثمين بتخريج أحاديث الوصاية لأمير المؤمنين ) .
والآن دونك تلك الأحاديث والكلام عليها:

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

أولاً: ( مـسند أنس بن مالك t )

وفـيه حـديثان:
( الحديث الأول )

أخرجه أبو نعيم في: ( حلية الأولياء ) ، ومن طريقه الخوارزمي في:
( المناقب ) ، وابن عساكر في: ( تاريخـه ) ، وابن الجوزي في: ( الموضوعات ) .
عن إبراهيم بن محمد بن ميمون ، ثنا: علي بن عابس ، عن الحارث بن حصيرة ، عن القاسم بن جندب ، عن أنس ، قال: قال رسـول الله r : ( يا أنس اسكب لي وضوءا ) ، ثم قام فصلى ركعتين ، ثم قال: ( يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين ) ، قال أنس: قلت اللهم اجعله رجلاً من الأنصار ، وكتمته إذ جاء علي ، فقال: ( من هذا يا أنس ؟ ) ، فقلت: علي ، فقام مستبشراً ، فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ، ويمسح عرق علي بوجهه ، قال علي: يا رسول الله ، لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت بي من قبل ، قال: ( وما يمنعني وأنت تؤدى عني ، وتسمعهم صوتي ، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي ).

قال أبو نعيم : ( رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس نحوه ).

أقول: هذا إسـناد ضعيف جداً ، وهو معلول بثلاث علل:
الأولى: القاسم بن جندب ، لم أظفر بـه.
الثانية: علي بن عَابِس ، هو: الأسدي الكوفي ، قال الحافظ ابن حجر: ( ضعيف ) .
الثالثة: إبراهيم بن محمد بن ميمون ، بيض لـه ابن أبي حاتم ، وقال الحافظ الذهبي:
( إبراهيم بن محمد بن ميمون ، من أجلاد الشيعة ، روى عن علي بن عابس خبراً عجيباً ، روى عنه أبو شيبة بن أبي بكر وغيره ) .
وذكر الحافظ ابن حجر الخبر ، وهو حديث أنس هذا ، ثم قال: ( ونقلت من خط شـيخنا أبي الفضل الحافظ أن هذا الرجل ليس بثقة ) .

وقول أبي نعيم : ( رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل ، عن أنس نحوه ) ، لم أقف على هذه الروايـة ، وفي إسنادها جابر الجعفي ، والكلام فيه معروف ، قال الحافظ ابن حجر: ( ضـعيفٌ رافضيٌ ) .


( الحديث الثانـي )

أخرجه ابن المغازلـي في: ( مناقب علي ) ، والجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير ) ، وابن الجوزي في ( الموضوعات ) ، عن سليمان بن أحمد بن يحيى بن عثمان المصري ، قال: حدثنا أبو قضاعة ربيعة بن محمد الطائي ، قال: حدثنا ثوبان بن إبراهيم أخو ذو النون المصري ، قال: حدثنا مالك بن غسان النهشلي ، قال: حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، قال: انقض كوكب على عهد النبي r ، فقال رسول الله r :
( انظروا إلى هذا الكوكب ، فمن انقض في داره ، فهو الخليفة من بعدي ) ، قال: فنظرنا فإذا هو قد انقض في منـزل علي بن أبي طالب ، فقال جماعة من الناس: قد غوى محمد في حب علي فأنزل الله تعالى : ) وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ( إلى قولـه:
) وَحْيٌ يُوحَى ( ( النجم:1 ـ 4 ).

أقول: حديث باطل ، وفيه أربع علل:
الأولى: مالك بن غسان النهشلي ، قال الحافظ الذهبي: ( لا يُعْرَف ، وقيل هو: مالك بن سليمان ) .
وقال الحافظ ابن حجر: ( وجزم الحسيني بأن الصواب: أن اسم أبيه سليمان ، وأَمَّا غسان فكنيته هو .
وأَمَّا ابن عدي ، فقال: مالك بن غسان النهشلي ، بصري ، ثم أخرجَ عن أبي يعلى ، عن شيخٍ ، عنه ، حديث: أفطر الحاجم والمحجوم ، وقال: هذا غير محفوظ عن ثابت ) .
قال الحافظ الذهبي في: ( المغني في الضعفاء ) ( بصريٌ عن ثابت لا يعرف ، وحديثه منكر ) .
الثانية: ثوبان بن إبراهيم أخو ذو النون المصري .
قال الدارقطني: ( روى عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر ) .
وضعفه الجورقاني كما سيأتي.
وقال الحافظ الذهبي: ( وقلَّ ما روى من الحديث ، ولا كان يُتقِنُه ) .
أقول: إذا كان لا يتقن الحديث على قلة روايته لـه فمثله لا يحتج بـه .
الثالثة: ربيعة بن محمد ، أبو قُضاعة الطائي ، متهم ، قال الحافظ الذهبي: ( ربيعة بن محمد ، أبو قُضاعة الطائي ، عن ذي النون المصري ،بخبر باطل ).
ثم ذكر الخبر وهو: حديث أنس هذا.
الرابعة: سليمان بن أحمد بن يحيى ، هو: سليمان بن أحمد بن يحيى بن عثمان بن أبي صَلاَيَة ، أبو أيوب الـمَلَطِي.
قال الخطيب البغدادي: ( سليمان الملطي كذّاب ).
وقال ابن حِنْزابة والدارقطني: ( ضعيف ).
قال الحافظ الذهبي: ( كذّبه الدارقطني ).
وقال أيضاً: ( ليس بثقة ).
وفي: ( المغني في الضعفاء ) ، قال: ( لا يوثق به ، وكذّبه الدارقطني ).

قال الجورقاني عن هذا الحديث: ( هذا حديث لا يرجع مـنه إلى صحة ، وليس لهذا الحديث أصل من حديث أنس بن مالك ، ولا من حديث ثابت ، وكل حديث يكون بخلاف السنة فهو متروك ، وقائله مهجور ، وأبو الفضل العطار ، وسليمان بن أحمد المصري ، ومالك بن غسان ثلاثتهم مجهولون ، وثوبان هذا كان زاهداً صوفياً لكنه ضعيف في الحديث ، وأبو قضاعة هذا متروك الحديث منكر الحديث ) .

أقول: سليمان بن أحمد المصري قد سبق أنـه كذابٌ .
وقال ابن الجوزي: ( وهذا هو الحديث المتقدم ، إنما سرقه بعض هؤلاء الرواة فَغير إسناده ، ومن تغفيله إياه وضعه على أنس ، فإن أنساً لم يكن بمكة في زمن المعراج ولا حين نزول هذه السورة ، لأن المعراج كان قبل الهجرة بسنة ، وأنس إنما عرف رسول الله بالمدينة … ) .

ولهذا الحديث شاهدٌ موضوعٌ من حديث ابن عباس t ، سيأتي في مـسنده .

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

ثانياً: ( مـسند بريدة بن الحُصَيب الأسلمي t )

وفيـه حديث واحدٌ:
أخرجه أبـو القاسم البغوي في: ( معجم الصحابة ) ، ومن طريقـه الديلمي في: ( مسند الفردوس ) ، والحافظ الجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير ) ، والموفق بن أحمد الخوارزمي في: ( المناقب ) ، والحافظ ابن عساكر في: ( تاريخه ) ، وابن الجوزي في: ( الموضوعات ) ، ومن طريق البغوي الكنجي في: ( كفاية الطالب ) .
عن محمد بن حميد ، نا: علي بن مجاهد ، نا: محمد بن إسحاق ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال: قال رسول الله r :
( لكل نبيٍ وصيٌ ، وإنّ علياً وصيي ووارثي ).

أقول: هذا إسنادٌ ضعيفٌ جداً ، وهو معلول بعلتين:
الأولى: علي بن مجاهد الرازي ، قال الحافظ ابن حجر: ( متروك …وليس في شيوخ أحمد أضـعف منه ) .
الثانية: محمد بن حميد الرازي ، واهي الحـديث وقد تكلّم فيه بشدة ، وكذَّبه بعضهم، وأمَّا ثناء الإمـام أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبي زرعة، وغيرهم ، فذاك قبل أن ينكشف أمره، ويتبين حاله .
فقد نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه قال: ( لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد )، قال عبد الله: قدم علينا محمد بن حميد حيث كان أبي بالعسكر فلمّا خرج قدم أبي وجعل أصحابه يسألونه عنه، فقال لي: ( ما لهؤلاء ) قلت: قدم هاهنا فحدثهم بأحاديث لا يعرفونها، قال: ( لي كتبت عنه؟ )، قلت: نعم، فأريته إياه فقال: ( أمّا حديثه عن ابن المبارك وجرير فصحيح، وأمّا حديثه عن أهل الري فهو أعلم ).
ثم تبيّن له حاله حين أتاه أبوزرعة الرازي، وابن وَارة وشهدا عنده أنه يكذب، في قصة يرويها ابنه، وفيها يقول:
( قال ابن وَارة: يا أبا عبد الله رأيت محمد بن حميد ؟ قال: نعم، قال: كيف رأيت حديثه ؟ قال: إذا حدّث عن العراقين، يأتي بأشياء مستقيمة، وإذا حدّث عن أهل بلده مثل إبراهيم بن المختار وغيره أتى بأشياء لا تعرف لا تدري ما هي، قال: فقال: أبو زرعة وابن وَارة: صَـحّ عندنا أنّه يَكْذِب ) قال: فرأيت أبي بعد ذلك إذا ذُكر ابن حميد نَفَضَ يده.
وكذلك ابن معين أثنى عليه قديماً ، فقد قال عنه: ( ثقةٌ ، ليس به بأس ، رازي ،كيس ).
وقال أيضاً: ( ابن حميد ثقة، وهذه الأحاديث التي يحدّث بها ليس هو من قبله إنّما هو من قبل الشيوخ الذي يحدث به عنهم ).
وتوثيقه هذا كان قـبل أن يتبين له حال ابن حميد، فقد قال أبو حاتم: سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر، فقال: أي شيء تنقمون عليه ؟ فقلت: يكون في كتابه الشيء فنقول ليس هذا هكذا إنا هو كذا وكذا، فيأخذ القلم فيغيره على ما نقول، قال: بئس هذه الخصلة، قدم علينا بغداد فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي، ففرقنا الأوراق بيننا ومعنا أحمد بن حنبل فسمعناه ولم نر إلاّ خيراً.
فظهر أن ثناء الإمام أحمد وابن معين كان قديماً قبل أن ينكشف أمره .
وقد جء من وجه آخر يرويه ابن حميد عن سلمة بن الفضل .
قال الحافظ الذهبي: ( ويروى من وجه آخر عن سلمة الأبرش ، عن محمد بن إسحاق مثله ، وهو منكر من القول ) .
وهو ما أخرجه ابن عدي ، وابن المغازلـي في: ( مناقب علي ) ، عن محمد بن حميد ، ثنا: سلمة ، حدثني: محمد بن إسحاق ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، إنَّ رسول الله r قال: ( لكل نبي وصي ، ووارث ، وإنَّ علياً وصيي ووارثي ).

أقـول: في إسناده محمد بن حـميد الرازي ، وقد تقدم ، وسلمة بن الفضل ، ضعيف الحديث قال الحافظ ابن حجر: ( صدوق كثير الخطأ ) .
وتابع ابن حُمَيد الفِرْيانَاني .
روى ابن الجوزي في: ( الموضوعات ) ، قال: أنبأنا زاهر بن طاهر ، قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي ، قال: أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، قال: أنبأنا محمود بن محمد أبو محمد المطوّعي ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن راذبه ، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن عبد الله الفِرْيانَانِي ، قال: حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال: قال رسول الله r: ( إنَّ لكل نبيٍ وصياً ، ووارثاً ، فإنَّ وصيي ووارثي علي بن أبي طالب ).

أقـول: في إسناده أحمد بن عبد الله بن حكيم أبو عبد الرحمن الفِرْيانَانِي ، كان متروك الحديث ، ليس بثقة ، وقال أبو نعيم : ( كان وضاعاً ، مشهوراً بالوضع ) .
وسلمة بن الفضل ضعيف كما تقدم.

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

ثالثاً: ( مـسند سلمان الفارسـي t )

وفيه حديث واحد لـه عدة طرق:
الطريق الأول: أبو سـعيد الخدري ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ.


أخرجه الحافظ الطبراني في: ( المعجم الكبير ) ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا: إبراهيم بن الحسن الثعلبي ، ثنا: يحيى بن يعلى ، عن ناصح بن عبد الله ، عن سماك بن حرب ، عن أبي سعيد الخدري ، عن سلمان قال: قلت : يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك ؟ فسكت عني ، فلما كان بعد رآني ، فقال: ( يا سلمان ) ، فأسرعت إليه قلت: لبيك ، قال: ( تعلم من وصي موسى ؟ ) ، قلت: نعم ، يوشع بن نون ، قال: ( لـم ؟ ) ، قلت: لأنه كان أعلمهم ، قال: ( فإن وصيي وموضع سري ، وخير من أترك بعدي ، وينجز عدتي ، ويقضي ديني ، علي بن أبي طالب ) .

قال أبو القاسم: ( قولـه: وصيي ، يعني: أنه أوصاه فـي أهله لا بالخلافـة ، وقولـه: خير من أترك بعدي ، يعني: من أهل بيته r ).

أقـول: لكن الحديث لم يصح سنده ، فإسناده واهٍ جداً ، ففيه علتان:
الأولى: ناصح بن عبد الله المُحَلِّمِّـي الكوفي ، صاحب سماك بن حرب ، واهي الحـديث .
الثانية: يحيى بن يعلى القطواني ، قال الإمام البخاري: ( مضطرب الحديث ، كنيته: أبو زكريا ، ذاهب الحديث ) ، وقال أبو حاتم الرازي: ( كوفي ، ليس بالقوي، ضعيف الحديث ) .

الطريق الثانـي: أشياخ من قوم جرير بن عبد الحميد ، عن سلمان t.

أخرجه الخطيب البغدادي في: ( المتفق والمفترق ) ، والجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير ) ، وابن الجوزي في: ( الموضوعات ) ، عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن محمد الصوري الحافظ ـ لفظاً من أصله ببغداد ـ ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان الأزدي الحافظ ، أخبرنا: أبو بكر أحمد بن محمد النرسي ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الأشناني ، قال: حدثنا إسـماعيل بن موسى السدي ، قال: حدثنا عمر بن سعد ، عن إسماعيل بن زياد ، عن جرير بن عبد الحميد الكندي ، عن أشياخ من قومـه ، قالوا: أتينا سلمان ، فقلنا لـه : مَنْ وصي رسول الله r ؟ قال: سألت رسول الله r من وصيـه ؟ قال: ( وصي وموضع سري ، وخليفتي في أهلي ، وخير من أخلف بعدي علي بن أبي طالب ) .

قال الجورقاني: ( هذا حديث باطل ، لا أصل لـه ، مداره على إسماعيل بن زياد ، عن جرير بن عبد الحميد الكندي ، عن أشياخ من قومه، وإسماعيل قال أبو حاتم محمد بن حبان : هو شيخ دجال ، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
وجرير وأشياخ من قومه مجهولون ، وجرير هذا ليس هو بجرير بن عبد الحميد الذي روى عنه سهيل بن أبي صالح ) .

فالحديث إذاً في سنده ثلاث علل:
الأولـى: إسماعيل بن زياد ، وهو متروك الحديث ، قال الحافظ ابن حجر في إسماعيل بن زياد : ( متروك ، كذبوه ) .
الثانـية: جهالة جرير بن عبد الحميد الكندي ، ذكره الحافظ ابن حجر في:
( لسان الميزان ) ، ونقل كلام الجورقاني السابق فيه ، وقال الخطيب البغدادي: ( كوفيٌ غير مشهور ، لم أر له ذكراً إلاّ في حديثٍ ) ، ثم ساق هذا الحديث .
الثالثـة: جهالة أشياخ قوم جرير بن عبد الحميد .

لكن بقيت هناك علة أخرى لم يذكرها الجورقاني وهي: جهالة حال عمر بن سعد الراوي عن إسماعيل بن زياد ، ترجم لـه الحافظ ابن حجر في: ( لسان الميزان ) ، وهو: مجهول ، قالـه البيهقي.
ولهذا قال الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ) عن هذا الحديث إنه روي: ( بسند مظلم ، عن إسماعيل بن زياد ـ وهو كذاب ـ عن جرير الكندي ، عن أشياخ من قومه … ) .


الطريق الثالث: أبو هريرة ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ.

أخرجه العقيلي في: ( الضعفاء ) ، ومن طريقه ابن الجوزي:
( الموضوعات ) ، قال: حدثنا أحمد بن الحسين ، قال: حدثنا محمد بن حميد ، قال: حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن جبير ، عن الحسن بن سفيان ، عن الأصبغ بن سفيان الكلبي ، عن عبد العزيز بن مروان ، عن أبي هريرة ، عن سلمان ، قال: سألت رسول الله r ، قلت: يا رسول الله ، إن الله لم يبعث نبياً إلاّ يبين له من يلي من بعده ، فهل بين لك ؟ فقال: ( لا ) ، ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال: ( نعم ، علي بن أبى طالب ) .

قال العقيلي: ( حكيم بن جبير واهٍ ، والحسن والأصبغ ؛ مجهولان لا يعرفان إلا في هذا الحديث ).
أقول : حكيم بن جبير على ضعفه لبريء من عهدة هذا الحديث ، فإنَّ في الإسناد من هو أولـى منه ، وهو: ابن حميد، والحمل عليه أوكد كما صنع الحافظ الذهبي ـ كما سيأتي نقل قوله ـ ، وعلى كل فالإسناد ضعيف جداً ، فيه عدة علل:
الأولى والثانية: الحسن بن سفيان ، والأصبغ بن سفيان مجهولان ، كما قال العقيلي .
الثالثة: حكيم بن جبير ، ضعيف الحديث.
الرابعة: عنعنة ابن إسحاق فإنه كان مدلساً.
الخامسة: سلمة بن الفضل ، ضعيف.
السادسة: محمد بن حميد ، واهي الحديث ، وقد سبق الكلام عليه قريباً.

وقد أشار الذهبي إلى علة أخرى بقوله: ( ثم كيف يروي مثل هذا عبد العزيز بن مروان ، وفيه انحراف عن علي t ) .


الطريق الرابع: أنس بن مالك ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ.

أخرجه القطيعي في زوائده على: ( فضائل الصحابة ) ، والأزدي ، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )
عن الهيثم بن خلف ، قثنا: محمد بن أبي عمر الدوري ، قثنا: شاذان ، قثنا: جعفر بن زياد ، عن مطر ، عن أنس ـ يعني: ابن مالك ـ ، قال: قلنا لسلمان: سل النبي r مَنْ وصيه ؟ فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك ؟ قال: ( يا سلمان من كان وصي موسى ؟ ) ، قال: يوشع بن نون ، قال: ( فإن وصيي ، ووارثي ، يقضي ديني ، وينجز موعودي ، علي بن أبي طالب ) .

اللفظ للقطيعي.

أقـول: هذا إسناد ضعيف جداً ، فيه أحد المتروكين وهو مطر بن ميمون ، قال الحافظ ابن حجر: ( متروك ) .

ورواه أيضاً مطر بن ميمون مرة فجعله من مسند أنس ، فقد أخرج ابن عدي في: ( الكامل ) ، وابن حبان في: ( المجروحين ) ، عن عبيد الله بن موسى ، ثنا: مطر الإسكاف ، عن أنس ، قال: قال النبي r : ( علي أخي ، وصاحبي ، وابن عمي ، وخير من أترك بعدي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ).
قال: قلت له أين لقيت أنس ؟ قال: بالحديبية .
ولفظ ابن حبان: ( إنَّ أخـي ووزيري ، وخليفتي في أهلي ، وخير من أترك بعدي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ، علي بن أبي طالب ).

وفي إسناده مطر بن ميمون ، وهو متروك الحديث ، قال الحافظ الذهبي:
( قلت: المتهم بهذا … مطر فإن عبيد الله ثقة ، شيعي ، ولكنه أثم برواية هذا الإفك ) .

ورواه العقيلي في: ( الضعفاء ) ، ومن طريقه ابن عساكر في: ( تاريخه ) ، قال: حدثني جدي ، نا: عبد العزيز بن الخطاب الكوفي ، نا: علي بن هاشم ، عن مطر بن أبي خالد ، عن أنس ، عن سليمان ، قال: قال رسول الله r : ( إنَّ أخي وخليفتي في أهلي ؛ علي بن أبي طالب ) ، رضي الله عنه .

قال أبو بكر: ( أظن عن أنس ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ ).
أي: ( سلمان ) وليس بـ ( سليمان ) بحرف الياء.

وفي الإسـناد مطر بن أبي خالد وقد تقدم ، لكن وقفت على إسناد آخر لا يفرح بـه من غير طريق مطر هذا .
أخرجـه ابن حبان في: ( المجروحين ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في:
( الموضوعات ) ، قال: حدثنا: عبد الله بن محمود بن سليمان ، ثنا: العلاء بن عمران ، عن خالد بن عبيد العتكـي ، عن أنس بن مالك ، عن سلمان ، عن النبي r أنه قال لعلي بن أبي طالب u : ( هذا وصيي ، وموضع سري ، وخير من أترك بعدي ).

أقـول: في إسناده خالد بن عبيد العتكـي ، يروي عن أنس بن مالك نسخة موضـوعة ، وقال الحافظ ابن حجر: ( متـروك الحديث مع جلالتـه ) .


الطريق الخامس: قيس بن ميناء ، عن سلمان t .

أخرجه العقيلي في: ( الضعفاء ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في:
( الموضوعات ) .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا: عبد العزيز بن الخطاب ، حدثنا: علي بن هاشم ، عن إسـماعيل ، عن جرير بن شراحيل ، عن قيس بن ميناء ، عن سلمان ، قال: قال النبي r : ( وصيي علي بن أبي طالب ) رضي الله عنه .

وهذا إسناد ضعيف جداً ، وهو معلول بثلاث علل:
الأولى: قيس بن ميناء الكوفي ، قال العقيلي: ( كوفي لا يتابع على حديثه ، وكان لـه مذهب سوء ) ، لأنه كان من كبار الشيعة ، ذكر ذلك ابن الجوزي .
الثانية: جرير بن شراحيل ، قال أبو حاتم الرازي: ( شيخ مجهول ) .
الثالثة: إسماعيل ، ولم ينسب هنا في الإسناد ، لكن ذكر ابن الجوزي أنه ابن زياد ، وإسـماعيل بن زياد متروك الحديث بل كذبه بعضهم ، وقد تقدم .
وأخشى أن يكون جرير بن شراحيل هذا هو: جرير بن عبد الحميد الكندي المتقدم ، فإن الراوي عنه هناك هو إسـماعيل بن زياد ، فربما كان ينسبه مرة إلى ابن شراحبيل ، ومرة إلى ابن عبد الحميد ، وكلاهما مجهولان ، والله أعلم.
والحديث كذَّبه الحافظ الذهبي في: ( ميزان الاعتدال ) ، كما في ترجمة: ( قيس بن ميناء ) .

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

رابعاً: ( مـسند العباس t )

فيه حديثٌ واحدٌ:
أخرجـه الحافظ ابن عساكر في: ( تاريخـه ) ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر ، أنا: أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار ، أنا: أبو الحسن العتيقي ، أنا: أبو الحسن الدارقطني ، نا: أحمد بن محمد بن سعيد ، نا: جعفر بن عبد الله بن جعفر المحمدي ، نا: عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبي رافع قال: كنت قاعداً بعدما بايع الناس أبا بكر ، فسمعت أبا بكر يقول للعباس: أنشدك الله هل تعلم أن رسول الله r جمع بني عبد المطلب ، وأولادهم وأنت فيهم ، وجمعكم دون قريش ، فقال: ( يا بني عبد المطلب إنه لم يبعث الله نبياً إلاَّ جعل لـه من أهله أخاً ، ووزيراً ، ووصياً ، وخليفة في أهله ، فمن يقوم منكم يبايعني على أن يكون أخي ، ووزيري ، ووصيي ، وخليفتي في أهلي ) ، فلم يقم منكم أحدٌ ، فقال: ( يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً ، والله ليقومن قائمكم ، أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن ) ، فقام علي من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه ، أتعلم هذا له من رسول الله r ؟ قال: نعم .

أقول: وهذا إسناد معلول بثلاث علل:
الأولى: علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ذكره ابن حبان في:
( الثقات ) ، وقال: ( يعتبر حديثه من غير رواية أولاده ) ، وقال الحافظ ابن حجر: ( مستور ) .
الثانية: عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فلم أقف عليه إلاَّ عند السخاوي في: ( التحفة اللطيفة ) ، وذكر أنه حفيد عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فقط ، لكن ذكر ابن حبان في ترجمة أبيه كما تقدم أنه يعتبر بحديث الأب من غير رواية أولاده وبهذا يشير إلى الطعن في رواية الأبناء عنه ، وعمر هذا من أولاده ، فلا يعتبر بحديثه ، والله أعلم.
الثالثة: جعفر بن عبد الله بن جعفر المحمدي يلقب بـ ( رأس الـمِدْرَى ) ، ترجم لـه ابن حجر في: ( اللسان ) ، وهو من رجال الشيعة ، ذكره ابن النجاشي في:
( رجالـه ) ، ووثقه ، ولا يعرف حالـه عند أهل السنة بتوثيق أو جرح ، ومع ذلك فإن ابن النجاشي قد أهملت كتب الرجال عندنا ترجمته فلا تكاد ترى لـه ترجمة عندنا ، نعم ذكره الصفدي في: ( الوافي بالوفيات ) ، وترجم لـه ، لكن لم يعرف لنا حالـه ، والحافظ الذهبي لما ترجم للغضائري شيخ الشيعة ، ذكر أنه يروي عنه أبو جعفر الطوسي ، وابن النجاشي هذا ، ثم رماهما بالرفض ، فمثله لا يلتفت لتوثيقه لجعفر بن عبد الله.
ثم إنَّ ابن النجاشي هذا كان معاصراً للخطيب البغدادي ، ولم يترجم لـه وقد مات ابن النجاشي سنة: ( 450 ) ، أي: قبل وفاة الخطيب البغدادي ، فلا أدري ما السبب في عدم ذكره ، فلعله كان لا يقيم لـه وزناً .

وللحديث شاهد من مسند أبي رافع ذكرتـه هناك ، وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ حول الحديث هناك أيضاً.

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

خامساً: ( مـسند عبد الله بن العباس t )

وفيه حديثان:
( الحـديث الأول )

ولـه طريقان:
الطريق الأول:

سعيد بن جبير ، عن ابن عباس t .

أخرجه ابن المـغازلي في: ( مناقب علي ) ، والحافظ ابن عساكر في:
( تاريخه ) ، عن أبي عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز ـ إذناً ـ، حدثنا:
أبو عبد الله الحسين بن علي الدهّان ـ المعروف بأخي حماد ـ حدثنا: علي بن محمد بن الخليل بن هارون البصري ، حدثنا: محمد بن الخليل الجهني ، حدثنا: هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي r ، إذا انقض كوكب ، فقال النبي r : ( من انقض هذا النجم في منـزلـه فهو الوصي من بعدي ) ، فقام فتية من بني هاشم ، فنظروا فإذا الكوكب قد انقض في منـزل عليِّ ، قالوا: يا رسول الله قد غويت في حب علي ؟ فأنزل الله تعالى: ) وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى & مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى & وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى & إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ( ، إلى قولـه: ) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ( ( النجم: 1 ـ7 ) .

قال الحافظ ابن عساكر: ( هذا حديث منكر ، ومن بين أبي عمر ، وبين هشيم مجهولون لا يعرفون ).

أقـول: هذا حديث منكر كما قال الحافظ ابن عساكر ـ يرحمه الله ـ، ففي إسناده أربع علل:
الأولى: تدليس هشيم بن بشير ، قال الحافظ ابن حجر: ( ثقة ، ثبت ، كثير التدليس والإرسال الخفي ).
الثانية: محمد بن الخليل الجهني ، لم أقف عليه ، ويحتمل أن يكون هو: محمد بن الخليل بن أسد الثقفي ، وقيل: النخعي كوفي يكنى أبا عبد الله ، فهذا قد ذكره ابن النجاشي في
( رجالـه ) ، ووثقه ، لكن لم أجد له ذكراً عندنا والله أعلم.
الثالثة: علي بن محمد بن الخليل بن هارون البصري ، لم أقف عليه أيضاً.
الرابعة: الحسين بن علي بن الحسين بن الحكم أبو عبد الله الأسدي الدهان الكوفي ، ترجم له الخطيب البغدادي في: ( تاريخه ) ، ولم يذكر له جرحاً ولا تعديلاً.


الطريق الثانية: أبو صالح ، عن ابن عباس t .


أخرجه الجورقاني في: ( الأباطيل ) ، وابن الجوزي في: ( الموضوعات ) ، عن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر البرقي ، أخبرنا: أبو القاسم نصر بن علي بن محمد الفقيه ، أخبرنا: أحمد بن إبراهيم بن أحمد ، قال: حدثنا أحمد بن الحسين المعروف بأبي الحجناء ، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن علي بن أحمد بن محمد بن الأحنف بن قيس التميمي ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن منير الدامغاني ـ بديبل ـ، قال: حدثنا المسيب بن واضح ، عن محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال: لما عرج بالنبي r إلى السماء السابعة ، وأراه الله من العجائب في كل سماء ، فلما أصبح جعل يحدث الناس من عجائب ربه ، فكذبه من أهل مكة من كذبه ، وصدقه من صدقه ، فعند ذلك انقض نجم من السماء ، فقال النبي r : ( في دار من وقع هذا النجم ، فهو خليفتي من بعدي ) ، قال: فطلبوا ذلك النجم ، فوجدوه في دار علي بن أبي طالب ، فقال أهل مكة : ضل محمد وغوى وهوى إلى أهل بيته ، ومايل إلى ابن عمه علي بن أبي طالب ، فعند ذلك نزلت هذه السورة: ) وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى & مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى & وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى & إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى & عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( ( النجم:1 ـ 5 ).

أقول: هذا حديث موضوع ، وفي إسناده عدة علل:
منها: أبو صالح ، هو: باذام مولى أم هانئ ، قال الحافظ ابن حجر: ( ضـعيف مدلس ) ، وهو لم يسمع ابن عباس ، قال ابن حبان: ( يحدث عن ابن عباس ولم يسمع منه ) .
ومنها: محمد بن السائب الكلبي ، قال الحافظ ابن حجر: ( متهم بالكذب ، ورمي بالرفض ) .
ومنها: محمد بن مروان ، وهو: السدي الصغير ، ذاهب الحديث ، متروك الحديث ، وقال الحافظ ابن حجر: ( متهم بالكذب )
ومنها: المسيب بن واضح ، كان كثير الخطأ .
ومنها: عبد الله بن منير الدامغاني ، لم أعرفـه.
ومنها: محمد بن جعفر بن علي بن أحمد بن محمد بن الأحنف بن قيس التميمي ، متهم ، روى أحاديث ، كلها مناكير وموضوعات بأسانيد صحيحة ، ولهذا أفحش القول فيه الحافظ علي بن محمد الميداني ، فقال: ( كان يضع الحديث ، ويركب على الأئمة ) .
ومنها: أحمد بن الحسين المعروف بأبي الحجناء ، وفي بعض نسخ من: ( كتاب الموضوعات ) ( محمد ) بدل: ( أحمد ) ، وأحمد هذا لم أظفر بـه ، وإنما ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمة : ( محمد بن جعفر التميمي ) ـ المتقدم ـ، وأنه يروي عنه فقط.
والحديث قال عنه الحافظ الجوزقاني: ( هذا حديث باطل ، وفي إسناده
ظلمات ).
قال ابن الجوزي: ( هذا حديث موضوع لا شك فيه ، وما أبرد الذي وضعه وما أبعد ما ذكر ، … والعجب من تغفيل من وضع هذا الحديث كيف رتب ما لا يصح في العقول من أن النجم يقع في دار ويثبت حتى يرى ؟ ! ومن بلهه أنه وضع هذا الحديث على ابن عباس ، وكان ابن عباس في زمن المعراج ابن سنتين فكيف يشهد تلك الحالة ويرويها ).
قال الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ): ( وهذا من أبرد الموضوعات كما ترى ) .
وقال الشوكاني: ( في إسناده ثلاثة كذابون ، وهو موضوع بلا ريب ) .


ويتبين وضع الحديث أيضاً من خلال هذه الوجوه :
الوجه الأول: عدم صحة السند إلى النبي r .
الوجه الثاني: أنه مما يدل على وضعه وكذبه أن فيه ابن عباس شهد القصة حيث قال:
( كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي r ، إذا انقض كوكب ) ، ومن المعلوم أن ابن عباس لم يكن ولد بَعدُ عند نزول سورة النجم ، فإن سورة النجم كانت من أوائل ما نزل من القرآن ، وابن عباس t ، حين هجرة النبي r كان له نحو خمس سنين تقريباً.
الوجه الثالث: إن علي بن أبي طالب t كان صغيراً عند نزول سورة النجم ، وكان ذلك في أول الإسلام ، ولم تشرع الأحكام الشرعية بعد ، من الفرائض وغيرها ، فلو كانت الوصية حقاً لكانت في آخر الأمر ، لا في أول الإسلام.
الوجه الرابع: لم يقل أحد من المفسرين باتفاق على تفسير الآيات بما ذكر في هذا الحديث ، إن المقسم به وهو النجم الذي نزل في دار علي t !.
الوجه الرابع: أنه لم يعرف أنه انقض كوكب بمكة ولا بالمدينة ، ولو عُرف ذلك لتوفرت الداوعي على نقله ، ولتناقله الثقات ، كيف وهو لم يأت إلاّ من طريق الكذبة والوضاعين والهلكى.
الوجه الخامس: إن انقضاض النجم في دار علي بن أبي طالب t ليس في ذلك فضيلة لـه ، ولا كرامة ، فإن من وظيفة النجوم أن تكون رجوماً للشياطين ، وهي لا تصل إلى الأرض ، ولو قدر وصولها إلى دار علي t ، لم يكن ذلك منقبة لـه ، بل هو طعن فيه t ، فما أوقح واضع هذا الحديث ، وقلة حيائه ، وما أجرأه على الكذب .

وأقول أيضاً: إنَّ هذا الحديث يناقض حديث سلمان الفارسي المتقدم ، فحديث سلمان الذي رواه العقيلي بسـنده ، عن أبي هريرة t ، عنه أنه سأل النبي r، فقال: يا رسول الله إن الله لم يبعث نبياً إلاَّ يبين لـه من يلي من بعده ، فهل بين لك ؟ فقال:
( لا ) ، ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال: ( نعم ، علي بن أبي طالب ) ، ومن معلوم أن سلمان الفارسـي t لم ير النبي r إلاَّ في المدينة النبوية ، فحديث سلمان r متأخر عن حديث ابن عباس الذي كان في مكة قبل الهجرة ، فكيف يصح أن يقول النبي r لسلمان أنه لم يبين الله لـه مع أن حديث ابن عباس قد بين فيه من يلي من بعده وهو متقدم عليه ؟!! ، لكن أقول قبح الله من وضع هذه الأحاديث المكذوبة.


( الحديث الثانـي )

ولـه طريقان:

الطريق الأول: عكرمـة ، عن ابن عباس t .

أخرجه الخطيب البغدادي في: ( تاريخـه ) ، ومن طريقه ابن عساكر في:
( تاريخه ) ، وابن الجوزي في: ( الموضوعات ) .
عن محمد بن المظفر ، حدثنا: عبد الجبار بن أحمد بن عبيد الله السمسار ـ ببغداد ـ، حدثنا: علي بن المثنى الطُّهَوِي ، حدثنا: زيد بن الحباب ، حدثنا: عبد الله بن لهيعة ، حدثنا: جعفر بن ربيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله r : ( ما في القيامة راكب غيرنا نحن أربعة ) ، فقام إليه عمه العباس بن عبد المطلب ، فقال: من هم يا رسول الله ؟ ، فقال: ( أما أنا فعلى البراق ، وجهها كوجه الإنسان ، وخدها كخد الفرس ؛ وعرفها من لؤلؤ ممشوط ؛ وأذناها زبرجدتان خضروان ؛وعيناها مثل كوكب الزهرة ؛ توقدان مثل النجمين المضيئين ، لها شعاع مثل شعاع الشمس ، بلقاء محجلة تضيء مرة ، وتنمي أخرى ، يتحدر من نحرها مثل الجمان مضطربة في الخلق أذنها ، ذنبها مثل ذنب البقرة ، طويلة اليدين والرجلين ، أظلافها كأظلاف البقر من زبرجد أخضر ، تجد في مسيرها ؛ ممرها كالريح ، وهي مثل السحابة ، لها نفس كنفس الآدميين ، تسمع الكلام وتفهمه ، وهي فوق الحمار ودون البغل ) ، قال العباس: ومن يا رسول الله ؟ قال: ( وأخي صالح على ناقة الله وسقياها ؛ التي عقرها قومه ) ، قال العباس ومن يا رسول الله ؟ قال: ( وعمي حمزة بن عبد المطلب ، أسد الله ، وأسد رسوله ، سيد الشهداء ؛ على ناقتي ) ، قال العباس: ومن يا رسول الله ؟ قال: ( وأخي علي على ناقة من نوق الجنة ؛ زمامها من لؤلؤ رطب ؛ عليها محمل من ياقوت أحمر ، قضبانها من الدر الأبيض ، على رأسه تاج من نور ؛ لذلك التاج سبعون ركناً ، ما من ركنٍ إلاَّ وفيها ياقوتة حمراء ؛ تضيء للراكب المحث ، عليه حلتان خضروان ، وبيده لواء الحمد ، وهو ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، فيقول الخلائق: ما هذا إلاَّ نبي مرسل ، أو ملك مقرب ، فينادي مناد من بطنان العرش: ليس هذا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب ، وصي رسول رب العالمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ).

قال الخـطيب البـغدادي: ( لم أكتبه إلاَّ بـهذا الإسنـاد ، وابن لهيعة
ذاهب الحديث ).

أقـول: هذا حديث موضوع ، وألفاظه ركيكة كما قال الحافظ الذهبي ، والمتهم بـه عبد الجبار بن أحمد السمسار ، قال الحافظ الذهبي: ( روى عن علي بن المثنى الطُّهَوِي ، فأتى بخبر موضوع في فضائل علي ) ، ثم ذكر الخبر.
وأمَّا حمل الخطيب البغدادي عهدة هذا الحديث على ابن لهيعة واتهامه إيّاه ، وتابعه على ذلك ابن الجوزي ، فليس ذلك بجيد منهما ، وخاصة أن هناك من هو أولى منه ، ولهذا استدرك عليه الحافظ ابن حجر وتعقبه قائلاً: ( ابن لهيعة مع ضعفه لبريء من عهدة هذا الخبر ، ولو حُلفت لحلفت بين الركن والمقام أنه لم يروه قط ) .
أي: أنه وضع عليه ، وهذا ما أشار إليه الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ) ، بعد ما ذكر أنه خبر ركيك مكذوب قال: ( وما تعلق فيه ابن الجوزي بغير ابن لهيعة ، وأنا أحسبه وضع بعد ابن الحباب ) .


الطريق الثانـي: سعيد بن جبير ، عن ابن عباس t .

أخرجـه الخوارزمي في: ( المناقب ) ، والحافظ ابن عساكر في : ( تاريخه ) ـ واللفظ لـه ـ، عن أبي العباس ابن عقدة ، نا: محمد بن أحمد بن الحسن ـ يعني: القَطَواني ـ، نا: خزيـمة بن ماهان المروزي ، نا: عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله r : ( يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلاَّ نحن أربعة ) ، فقال لـه العباس بن عبد المطلب عمه فداك أبي وأمي ، ومن هؤلاء الأربعة ؟ قال: ( أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد الله ، وأسد رسوله على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة ، مدبجة الحسن ، عليه حلتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، لذلك التاج سبعون ركنا ، على كل ركن ياقوتة حمراء ، تضيء للراكب مسيرة ثلاثة أيام ، وبيده لواء الحمد ينادي: لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فيقول الخلائق من هذا ؟ ملك مقرب ، نبي مرسل ؟ حامل عرش ؟ فينادي مناد من بطن العرش: لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب ، وصي رسول المسلمين ، وأمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، في جنات النعيم ).

قال الحافظ ابن عساكر: ( في إسناده غير واحد من الشيعة ).
أقـول: في إسناده ثلاث علل:
الأولـى: تدليس الأعمش.
الثانـية والثالثـة: خزيـمة بن ماهان المروزي ، ومحمد بن أحمد بن الحسن
القَطَوانـي ، قال الحافظ الذهبي في ترجمة: ( خزيمة بن ماهان المروزي ): ( أتى بخبرٍ موضوعٍ ، فما أدري هو الآفـة فيه أو الراوي عـنه ) ، أي: القَطَواني ، ثم ذكر الخبر ، وهو حديثنا هذا.

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

سادساً: ( مـسند عبد الله بن مسعود t )

وفيه حـديث واحدٌ:
أخرجـه ابن المغازلـي في: ( مناقب علي ) ، قال: أخبرنا أبو أحمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجانيُّ ، أخبرنا: أبو الفتح هلال أبو محمد الحفار ، حدثنا: إسماعيل بن علي بن رزين ، قال: حدثني أبي ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، قالا: حدثنا عبد الرزاق ، قال: حدثني أبي ، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف ، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآلـه سلم ـ: ( أنا دعوة أبي إبراهيم ) ، قلنا: يا رسول الله وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم ؟ قال: أوحى الله ـ عز وجل ـ إلى إبراهيم: ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) ( البقرة: من الآية: 124 ) .
( فاستخفَّ إبراهيم الفرح ، قال: يا رب ، ومن ذريتي أئمة مثلي ، فأوحى الله إليه أن يا إبراهيم إنّي لا أُعطيك عهداً لا أفي لك بـه ، قال: يا رب ما العهد الذي لا تفي لي بـه ؟ قال: أعطيك لظالم من ذريتك ، قال إبراهيم عندها:
] وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ & رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ [ ( إبراهيم: من الآية: 35 ـ 36 ).
قال النبي ـ صلى الله عليه آلـه وسلم ـ: ( فانتهت الدعوة إليَّ وإلى علي لم يسجد أحد منا لصنم قط ، فاتخذني الله نبياً واتخذ علياً وصياً ).


أقـول: في إسناده مِيْناء بن أبي مينا الخرَّاز ، مولى عبد الرحمن بن عوف ، قال الحافظ ابن حجر: ( متروك ، ورمي بالرفض ، وكذبه أبو حاتم ، … ، ووَهَم الحاكم فجعل لـه صحبة ، والله أعلم ) .
ومما يدل على خطأ الحاكم ـ يرحمه الله ـ ما ذكره البخاري في: ( التاريخ الكبير ) في ترجمة ميناء هذا: ( قال أحمد عن عبد الرزاق ، أخبرني أبي ، نا: ميناء ، قال: أخذت البقرة وآل عمران من أبي هريرة ، واحتلمت حين بويع لعثمان ) .
فهذا واضح في أن ميناء لم يدرك النبي r .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في الجواب عن هذا الحديث بعد ما ذكر عدم صحته وأنه كذب موضوع بإجماع أهل العلم بالحديث ، قال في الوجه الثالث:
( الثالث: إن قولـه: انتهت الدعوة إلينا ، كلام لا يجوز أن ينسب إلى النبي r ، فإنه إن أريد: أنها لم تُصب من قبلنا كان ممتنعا ، لأن الأنبياء من ذرية إبراهيم دخلوا في الدعوة.
قال تعالى: ) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ $وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَـاةِ ( (الأنبياء: 72 ـ 73 ) .
وقال تعالى: ) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي
إِسْرائيلَ ( (الإسراء: 2 ) .
وقال عن بني إسرائيل: ) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ ( ( السجدة: 24 ) .
وقال: ) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ $ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ( ( القصص: 5 ـ 6 ).

فهذه عدة نصوص في القرآن في جعل الله أئمة من ذرية إبراهيم قبل أمتنا.
وإن أُريد: انتهت الدعوة إلينا: أنه لا إمام بعدنا ، لزم أن لا يكون الحسن والحسين ولا غيرهما أئمة ، وهو باطل بالإجماع ، ثم التعليل بكونه لم يسجد لصنم هو علة موجودة في سائر المسلمين بعدهم.
الوجـه الرابع: أن كون الشخص لم يسجد لصنم فضيلة يشاركه فيها جميع من ولد على الإسلام ، مع أن السابقين الأولين أفضل منه ، فكيف يجعل المفضول مستحقاً لهذه المرتبة دون الفاضل ؟
الوجه الخامس: أنه لو قيل: إنه لم يسجد لصنم لأنه أسلم قبل البلوغ ، فلم يسجد بعد إسلامه ، فهكذا كل مسلم ، والصبي غير مكلف.
وإن قيل: إنه لم يسجد قبل إسلامه ، فهذا النفي غير معلوم ، ولا قائله ممن
يوثق بـه .
ويقال: ليس كل من لم يكفر ، أو من لم يأت بكبيرة ، أفضل ممن تاب عنها مطلقاً ، بل قد يكون التائب من الكفر والفسوق أفضل ممن لم يكفر ولم يفسق ، كما دل على ذلك الكتاب العزيز ، فإن الله فضَّل الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وأولئك كلهم أسلموا بعد الكفر ، وهؤلاء فيهم من ولد على الإسلام ، وفضل السابقين الأولين على التابعين لهم بإحسان ، وأولئك آمنوا بعد الكفر ، وأكثر التابعين ولدوا على الإسلام.
وقد ذكر الله في القرآن أن لوطاً آمن لإبراهيم ، وبعثه الله نبياً ، وقال شعيب:
) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ( ( الأعراف: 89 ) .
وقال تعالى: ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ( ( إبراهيم: 13 )
وقد أخبر الله عن إخوة يوسف بما أخبر ، ثم نبأهم بعد توبتهم ، وهم الأسباط الذين أمرنا أن نؤمن بما أوتوا في سورة البقرة وآل عمران والنساء ، وإذا كان في هؤلاء من صار نبياً ، فعلموا أن الأنبياء أفضل من غيرهم … ) إلى آخر ما قال ـ رحمه الله تعالى ـ .



محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

سابعاً: ( مـسند علي بن أبـي طالب t )

وفيه حديث واحد روي من طريقين:
الطريق الأول: عبد الله بن العباس ، عن علي ـ رضي الله عنهما ـ.

أخرجه ابن جرير الطبري في: ( تفسيره ) ، وفي: ( تاريـخه ) ـ وفيهما قصة ـ، وفي: ( تـهذيب الأثار ) ـ مختصراً واللفظ لـه ـ، وابن عساكر في: ( تاريخـه ) ، والطحاوي في: ( معاني الآثار ) .
عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، قال: قال رسول الله r : ( يا بني عبد المطلب ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يُؤَازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصييّ وخليفتي فيكم ؟ ) ، قال: فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ، وقال: ( هذا أخي ووصيي ، وخليفتي فيكم ، فأسمعوا لـه وأطيعوا ).

قال الحافظ ابن كثير في: ( تفسيره ) بعدما ذكر رواية ابن جرير الطبري:
( تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبي مريم ، وهو متروك كذاب شيعي ، اتهمه ابن المديني وغيره بوضع الحديث ، وضعفه الأئمة رحمهم الله ) .

ورواه البزار في: ( مـسنده ) ، قال: حدثنا علي بن حرب الكندي ، ثنا: إسحاق بن إبراهيم ختن سلمة بن الفضل ، عن سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، عن علي قال: لما نزلت : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ( الشعراء : 214 ) ، قال رسول الله r : ( يا علي اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، واجمع لي بني هاشم ) ، ـ وهم يومئذ أربعون رجلا أو أربعون غير رجل ـ، قال: فدعا رسول الله r بالطعام ؛ فوضعه بينهم ، فأكلوا حتى شبعوا ، وإن منهم لمن يأكل الجذعة بإدامها ، ثم تناول القدح فشربوا منه حتى رووا ـ يعني: من اللبن ـ، فقال بعضهم: ما رأينا كالسحر ـ يرون أنه أبو لهب الذي قاله ـ، فقال: ( يا علي اصنع رجل شاةٍ بصاع من طعام ، واعدد قَعباً من لبن ، ) ، قال: ففعلت فأكلوا كما أكلوا في اليوم الأول ، وشربوا كما شربوا في المرة الأولى ، وفضل كما فضل في المرة الأولى ، فقال: ما رأينا كاليوم في السحر ، فقال:
( يا علي اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، واعدد قعباً من لبن ) ، ففعلت ، فقال:
( يا علي اجمع لي بني هاشم ) ، فجمعتهم ، فأكلوا وشربوا ، فبدرهم رسول الله r فقال: ( أيكم يقضي عن ديني ؟ ) ، قال: فسكت وسكت القوم ، فأعاد رسول الله r المنطق فقلت: أنا يا رسول الله ، قال: ( أنت يا علي ، أنت يا علي ) .

قال البزار: ( لا نعلم رواه بهذا الإسـناد متصلاً ، إلاَّ من حديث سلمة ،
عن ابن إسحاق ).
أقـول: في إسناده عبد الغفار بن القاسم ، كذاب شيعي ، كما الحافظ ابن كثير ، وسلمة بن الفضل ، ضعيف ، كما سبق .


الطريق الثانـي: عباد بن عبد الله ، عن علي t .

أخرجه ابن عساكر في: ( تاريخ دمشق ) ، أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي العلوي ـ بالكوفة ـ، أنا: أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان الشاهد ، أنا: محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين ، أنا: أبو عبد الله محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، نا: عباد بن يعقوب ، نا: عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله ، عن علي بن أبي طالب ، قال: لما نزلت ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ( الشعراء : 214 ) ، قال رسول الله r : ( يا علي اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام وأعد قعبا من لبن ) ، ـ وكان القعب قدر ري رجل ـ، قال: ففعلت ، فقال لي رسول الله r : ( يا علي اجمع بني هاشم ـ وهم يومئذ أربعون رجلاً ، أو أربعون غير رجل ـ ) ، فدعا رسول الله r بالطعام فوضعه بينهم فأكلوا حتى شبعوا ، وإن منهم لمن يأكل الجذعة بإدامها ، ثم تناولوا القدح فشربوا حتى رووا ، وبقي فيه عامته ، فقال بعضهم: ما رأينا كاليوم في السحر ـ يرون أنه أبو لهب ـ، ثم قال يا علي: ( اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، وأعد بقعب من لبن ) ، قال: ففعلت ، فجمعهم فأكلوا مثل ما أكلوا بالمرة الأولى ، وشربوا مثل المرة الأولى ، وفضل منه ما فضل المرة الأولى ، فقال بعضهم: ما رأينا كاليوم في السحر ، فقال الثالثة: ( اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، وأعد بقعب من لبن ) ، ففعلت فقال اجمع بني هاشم فجمعتهم فأكلوا وشربوا فنذرهم رسول الله r بالكلام فقال: ( أيكم يقضي ديني ويكون خليفتي ، ووصيي من بعدي ؟ ) ، قال: فسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله ، فأعاد رسول الله الكلام فسكت القوم ، وسكت العباس مخافة إن يحيط ذلك بماله ، فأعاد رسول الله الكلام الثالثة ، قال: وإني يومئذ لأسوءهم هيئة ، إني يومئذ لأحمش الساقين أعمش العينين ، ضخم البطن ، فقلت: أنا يا رسول الله ، قال: ( أنت يا علي ، أنت يا علي ) .

أقـول: هذا إسناد معلول بثلاث علل:
الأولى: عباد بن عبد الله الأسدي ، قال الإمام البخاري: ( فيه نظر ) ، وهذه اللفظة لا يقولـها إلاّ فيمن يتّهمه غالباً ، فهو عنده أسوأ حالاً من الضعيف.
الثانية: تدليس الأعمش.
الثالثة: محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي أبو عبد الله ، المعروف بالسُودَاني .
قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا الحسن بن سفيان بن حماد الحافظ بالكوفة عن محمد بن القاسم السُودَاني المـحاربي ؟ فقال: ( ما رؤي له أصل قط ، وكان يؤمن بالرجعة ) ، قال ابن سفيان: ( وحضرت مجلسه ، وحسين بن سعيد يقرأ عليه كتاب النهي عن حسن بن نصر بن مزاحم ، فلما فرغ أعطاني أبلغ فيه ، فقلبت ظهره ، فإذا عليه أسـماء جماعة قد ماتوا قبل أن يحدث بسنين ، فقال لي ابن أبي الفتح الهاشمي: بلغ لي ، فقلت له: اسمك عليه ؟ فقال: اسكت ، فلما انصرفنا ، قال: هذا كتاب جعفر بن حارز ، سمعته سنة ست وثمانين ، وليس هو كتاب السوداني ، ولا له فيه سماع ) .
وقال حمزة بن يوسف السهمي ـ أيضاً ـ: سألت أبا الحسن بن حماد الحافظ القرشي بالكوفة عن محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ؟ فقال: ( ليس بشيء ، وهو يعرف بالسُودَاني ، وكان ابن عقدة يدخل عليه الحديث ، وكان غالياً ، وذكر أنه كان له ابن غال ، ما كان يخرج يده من كمه ، ويقول: قد صافحت به الإمام ، حتى نهاه عنه ابن عمر العلوي أمير الكوفة ) .
وقال الحافظ الذهبي : ( تكلم فيه ) ، وقال في المغني: ( مشهور ، ضعيف ، يقال: كان يرمى بالرجعة ، كذاب ).

وللحديث شاهد من مسند أبي رافع ، وسيأتي وانظر هناك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في نقده لهذا الحديث.

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

ثامناً: ( مـسند أبـي ذر الغفاري t )

وفيه حديثٌ واحدٌ:
أخرجه الجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير ) ، وابن الجوزي في: ( الموضوعات ) ، عن أبي محمد الحسن بن محمد الخلال ، قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن حرب ، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق القرشي ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا: معمر ، عن محمد ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ، قال: سـمعت رسول الله r يقول: ( كما أنا خاتم النبيين ، كذلك علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم الدين ).

أقـول: هذا حديث كذب ، في إسـناده علتان:
الأولى: إبراهيم بن عبد الله ، وهو: إبراهيم بن عبد الله بن همام الصنعاني ، يروي عن عمه عبد الرزاق بن همام ، كان كذاباً .
الثانية: الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، متهم .

قال الجورقاني عن هذا الحديث: ( هذا حديث منكر ، لا أعلم رواه سوى الحسن بن محمد العلوي ، وهو منكر الحديث ، وكان يميل إلى الرفض ) .
وقال الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ) : ( وبسند مكذوب عن أبي ذر رفعه: كما أنا خاتم النبيين ، كذلك علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم القيامة ) .
وفي: ( ميزان الاعتدال ) ، قال ـ رحمه الله تعالى ـ : ( روى بقلة حياءٍ عن الدبري ، عن عبد الرزاق بإسنادٍ كالشمس: علي خير البشر .
وعن الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن محمد ، عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر مرفوعاً ـ ، قال: علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم الدين.
فهذان دالان على كذبه وعلى رفضه ـ عفا الله عنه ).

أقـول: قول الحافظ الذهبي: ( عن الدبري ، عن عبد الرزاق ) ، هل هو وهم منه ـ رحمه الله تعالى ـ أو أنه وقف له على إسناد آخر يرويه العلوي من غير طريق إبراهيم بن عبد الله ؟ فالله أعلم بالصواب.

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

تاسعاً: ( مـسند أبـي رافع مولى رسول الله r )

وفـيه حديث واحد:
أخرجه ابن عساكر في: ( تاريخـه ) ، عن محمد بن يوسف ، قال: أنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، أنا: أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، أنا: أبو الحسن أحمد بن يعقوب الجعفي ، نا: علي بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ، نا: إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي ، حدثني: إسماعيل بن الحكم الرافعي ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، قال: قال أبو رافع: جمع رسول الله r ولد بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلاً ـ وإن كان منهم لمن يأكل الجذعة ، ويشرب الفرق من اللبن ـ، فقال لهم: ( يا بني عبد المطلب إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له من أهله أخاً ، ووزيراً ، ووارثاً ، ووصياً ، ومنجزاً لعداته ، وقاضياً لدينه ، فمن منكم يتابعني على أن يكون أخي ووزيري ، ووصيي ، وينجز ، عداتي ، وقاضي ديني ؟ ) ، فقام إليه علي بن أبي طالب ، وهو يومئذ أصغرهم ، فقال له: ( اجلس ) ، وقدم إليهم الجذعة ، والفرق من اللبن فصدروا عنه ، حتى أنهلهم ، وفَضُل منه فضله .
فلما كان في اليوم الثاني ، أعاد عليهم القول ، ثم قال: ( يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤوساً ، ولا تكونوا أذناباً ، فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي ، ووزيري ، ووصيي ، وقاضي ديني ، ومنجز عداتي ) ، فقام إليه علي بن أبي طالب فقال: ( اجلس ) .
فلما كان اليوم الثالث ، أعاد عليهم القول ، فقام علي بن أبي طالب ، فبايعه بينهم ، فتفل في فيه ، فقال أبو لهب: بئس ما جزيت به ابن عمك ، إذ أجابك إلى ما دعوته إليه ، ملأت فاه بصاقاً .

أقـول: هذا إسناد معلول بأربع علل:
الأولـى: إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي ـ ابن أبي طالب t ـ، لم أقف عليه .
الثانيـة: علي بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ، ـ ابن علي أبي طالب t ـ لم أقف لـه على ترجمة أيضاً.
الثالثـة: أبو الحسن أحمد بن يعقوب الجعفي ، هو: أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن حمزة بن زياد أبو الحسن القصباني الجعفي ، المعروف بـ ( ابن الجلاء ) ، هكذا ورد نسبه في موضع عند ابن النجاشي في: ( رجالـه ) ، لكن لم أظفر لـه بترجمة تكشف عن حالـه في كتبنا .
الرابـعة: أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، لم أظفر بـه.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحـمه الله تعالى ـ كلام متين في نقد هذا الحديث في كتابـه القيم : ( منهاج السنة ) ، ولولا خشية الإطالة لنقلت تمام كلامـه ، لكن سأذكر بعض ما ذكره باختصار شديد جداً ، فمما ذكره:
أولاً: إن بني عبد المطلب لم يبلغوا أربعين رجلاً حين نزلت هذه الآيـة .
ثانياً: إن قولـه: ( وإن منهم لمن يأكل الجذعة ) كذب على القوم ، ليس بنو هاشم معروفين بمثل هذه الكثرة في الأكل.
ثالثاً: إن الذي ثبت في الصحاح في نزول هذه الآية خلاف هذا .

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

عاشراً: ( مـسند أم سلمة رضي الله عنها )

فيه حديث واحدٌ:
أخرجه الموفق الخوارزمي في: ( المناقب ) ، عن أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه ، قال: أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن السري يحيى التميمي ، حدثنا: المنذر بن محمد بن المنذر ، حدثني: أبـي ، حدثنا عمي الحسين بن يوسف بن سعيد بن أبي الجهم ، حدثني أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن علي بن محمد بن المنكدر ، عن أم سلمة زوج النبي ـ صلى الله عليه وآلـه ـ في حديث طويل ، وفيه قصة لها مع النبي r ـ ذكرت أنَّ النبي r قال: ( يا أم سلمة لا تلوميني ، فإن جبرائيل أتاني من الله تعالى يأمر أن أوصي به علياً من بعدي ، وكنت بين جبرائيل وعلي ، وجبرئيل عن يميني وعلي عن شمالي ، فأمرني جبرائيل أن آمر علياً بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة ، فاعذريني ولا تلوميني ، إن الله عز وجل اختار من كل أمة نبياً واختار لكل نبي وصياً ، فأنا نبي هذه الأمة وعلي وصيي في عترتي ، وأهل بيتي وأمتي من بعدي … ) .

أقـول: هذا حديث موضوع ، وفي إسناده عدة علل:
الأولى: علي بن محمد بن المنكدر ، لم أظفر بـه.
الثانية والثالثة: الحسين بن يوسف بن سعيد بن أبي الجهم ، وأبوه لم أظفر بـهما أيضاً.
الرابعة: محمد بن المنذر هو: محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم الكوفي ، كان مقرئاً ترجم لـه الجزري في: ( غاية النهاية ) ، وقال: ( مقرئ معروف ) ، لكن لم أقف على ما يفيد منـزلته في الجرح والتعديل.
الخامسة: المنذر بن مـحمد بن المنذر ، فرق بينه وبين القابوسـي الحـافظ الذهبي في: ( المـيزان ) ، وأمّا الحافظ ابن حجر فمال إلى أنهما واحد ، وهو الصواب فيما أرى ، فقد نسبه ابن النجاشي في: ( رجالـه ) ، فقال: ( المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم القابوسي ) ، وهو متروك الحديث .
السادسة: أحمد بن محمد بن السري يحيى التميمي ، قال الحاكم: ( رافضي غير ثقة ) ، وقال الحافظ الذهبي: ( الرافضي الكذاب ) .

محمد33333
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الخميس أكتوبر 06, 2005 11:59 am

مشاركة بواسطة محمد33333 »

الحادي عشر: ( مرسل عَطـية العَوفـي )

أخرجه ابن الجوزي في: ( الموضوعات ) ، قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد الخلال ، قال: أنبأنا علي بن الحسين بن أيوب ، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان ، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير ، قال: حدثنا: علي بن الحسن بن فضالة الكوفي ، قال: حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا: أبو عرفجة ، عن عطية العوفي ، قال: مرض رسول الله r المرض الذي توفي فيه ، قال: فكانت عنده حفصة وعائشة ، فقال لهما: ( أرسلا إلي خليلي ) ، فأرسلتا إلى أبي بكر ، فجاء فسلم ودخل ، فجلس ، فلم يكن للنبي r حاجة فقام ، فخرج ، ثم نظر إليهما فقال: ( أرسلا إلي خليلي ) ، فأرسلتا إلى عمر ، فسلم ، ودخل ، فلم يكن للنبي r حاجة فقام فخرج ، ثم نظر إليهما فقال: ( أرسلا إلي خليلي ) ، فأرسلتا إلى علي ، فجاء ، فسلم ودخل فلما جلس أمرهما ، فقامتا ، قال: ( يا علي ادع بصحيفة ودواة ) فأملى رسول الله ، وكتب علي وشهد جبريل u ، ثم طويت الصحيفة ، فمن حدثكم أنه يعلم ما في الصحيفة إلاَّ الذي أملاها أو كتبها أو شهدها فلا تصدقوه .

أقـول: في إسناده عدة علل:
الأولى: الانقطاع ، عطية العوفي لم يدرك زمن النبي r .
الثانية: ضعف عطية العوفي فقد كان ضعيفاً ، قال الحافظ ابن حجر: ( صدوق يخطئ كثيراً ، وكان شيعياً مدلساً ) .
الثالثة: أبو عرفجة ، هو: عمير بن عرفجة الفَائِشـي ، بَيّضَ لـه ابن أبي حاتم ، وذكره ابن حبان في: ( ثقاته ) .
ولا يلتفت إلى توثيق ابن حبان لـه ، فإن من عادته توثيق الـمجاهيل .
الرابعة: نصر بن مزاحم الكوفي ، واه ، ليس بثقة ولا مأمون ، قال الحافظ الذهبي:
( رافضي جلد ، تركوه ) .
الخامسة: الحسين بن نصر بن مزاحم ، لم أظفر بـه.

هذا آخر ما قمت بجمعه وتخريجـه ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آلـه وصحبه وسلم.

خليفة بن ارحمة بن جهام آل جهام الكواري
الخميس 2 / ذو الحجة / 1422 هـ

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“