نحو الحقيقة

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
moonblue
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2
اشترك في: الاثنين مارس 06, 2006 11:59 am

نحو الحقيقة

مشاركة بواسطة moonblue »

بسم الله الرحمن الرحيم


عندما كنت في سن العاشرة كنت أشاهد والدي يشتري الكتب ويقرأها وذات يوم أخذت أحد كتبه وبدأت بقراته.كان عنوان الكتاب(الحرب العالمية الثانية).في الحقيقة أنا لم اقرأ الكتاب جيدا ولكن كان تركيزي على الصور . الآن وبعد ثمانية عشر عاما لأزلت اذكر صورة رومل أو ثعلب الصحراء وهو يتحدث واقفا بين جنوده.وعندما لاحظ والدي اهتمامي بقراءة الكتاب,بدأ بإهدائي كتب أخرى.وأذكر أن والدي أشترى لي كتابا عن الصحون الطائرة وغزاة الفضاء وكان الكتاب يدرس فرضية وجودهم وقد إستهواني الكتاب كثيرا.منذ ذلك الحين بدأت أهتم بشراء الكتب بنفسي وقرأتها وكان من ضمن الكتب الموجودة مع والدي كتاب هام وشيق وخطير وأسمه (في علم الكلام- الزيدية)للدكتور محمد احمد صبحي أستاذ الفلسفة بجامعة الاسكندرية وجامعة صنعاء في بداية الثمانينات. وبدأت اتحول الى قرأة الكتب الدينية والتراثية بشكل مكثف.خلال تلك الفترة ترسخت لدي مفاهيم و قناعات تتطابق تقريبا مع تلك المنتشرة بين الناس.وكنت أعتقد أن سبب تخلف أمتنا العربية والإسلامية هو التآمر الحاصل ضدها من قبل القوى الاستعمارية والصهيونية والصليبية و الإمبريالية...ألخ.

وبقيت على هذه القناعات حتى السنة الجامعية الأخيرة أي قبل سنتين من الآن,عندما بدأنا بدراسة مرحلة النهضة الأوروبية.وقد لفت انتباهي شيئا واحدا كان هو السبب في زعزعة ثقتي بقاعاتي ومفاهيمي السابقة.هذا الشيءهو حالة تحجير العقل وقتل الفكر في العصورالوسطى.فكان كل من يأتي بنظرية علمية تخالف ما رأته الكنيسة يتعرض لعقوبة الإعدام حرقا. ومن الشخصيات العظيمة التي نالت إعجابي كوبرنيكوس وديكارت الذي أعتبرهما برائي الشخصي من ضمن أعظم العباقرة في البشرية. بعد انتهاء دراستي بدأت باستعراض جميع المعتقدات و القناعات والمفاهيم المترسخة لدينا وبدأت أتأمل جيدا في الوضع الذي صارت أليه أمتنا وعن أسباب تخلفنا ولم أتردد بسؤال جميع من أقابل من علماء دين إلى دكاترة جامعات وبعض المثقفين الذي حالفني الحظ بمقابلتهم وكنت في حالة شك وعدم يقين من كل شيء حتى وصل إلى يدي كتاب (دراسة في علم الحياة) ل(ارنست ماير). في الحقيقة لقد شكل هذا الكتاب نقلة كبيرة ليس في توجهاتي الفكرية ولكن في نظرتي للحياة والطبيعة والكون و حينها فهمت حقا لماذا نحن متخلفون وسنظل كذلك ربما لقرون طويلة.وبالرغم من أن هذا الكتاب يناقش موضوع علمي بحت هو(البيولوجيا) إلا أنه حمل في طيا ته ما يمكن بتسميته فلسفة حقيقية حول العلم وحقيقته ا ومعناه وغير ذلك .

وبعد هذا كله تبينت لدي عدة حقائق هامة هو أن مكمن الخلل لا يكمن في أعدائنا بل فينا نحن . وقبل أن أبين هذا الخلل أحب أن أوضح أمر هام جدا وهو أن كثيرا من الناس يعتقدون أن المخرج لأمتنا من هذا التخلف الحضاري التي تقع فيه هو العودة إلى الإسلام. وأنا أعتقد ببطلان هذا الرأي تماما لأن العودة إلى الإسلام تعني أحد أمرين الأول هو أننا غير مسلمين وهذا غير صحيح والثاني هو أننا لا نتبع تعاليم الإسلام وهذا غير صحيح أيضا لأن معظم إن لم يكن كل المسلمين يؤدون شعائر الإسلام ويلتزمون بها.......هذا هو معنى العودة إلى الإسلام إن لم يكن المقصود عند القائلين بهذا القول هو عودة الخلافة فهذا شيء أخر.........

أستطيع أن أقول الان أن أسباب (انحطاط) امتنا حضاريا هو نمط التفكير لدينا والنضرة الخاطئة نحو الحياة والطبيعة والكون والخلط بين ما لا ينبغي الخلط بينهما.أنها مسئلة فكرية ثقافية بالدرجة الأولى . ولعلي هنا أستطيع أن احدد بعض هذا العوائق التي تحول بين امتنا وبين تطورها وتقدمها حضاريا:
1-الخلط بين الدين والعلم: هذه هي آفة الآفات.فكثير من النظريات العلمية التي قد ترقي إلى مستوى الحقائق الثابتة لا زالت مرفوضة من قبلنا بحجة أنها(حسب قولهم هم)تتناقض مع الدين وهذا ليس قول المواطن البسيط فقط بل و الأوساط العلمية والثقافية لدينا ولعل خير دليل على ذلك نظرية الأصل المشترك والتطور الطبيعي ل(داروين).وردي على ذلك كالتالي:
أولا: لا يحق لنا أصلا أن نزج بالدين في العلم فالعلم يخضع لمعايير موضوعية ومادية بحتة ليس للدين فيها أي مجال .
ثانيا: قصر النظر والتأمل والتدبر لدى المرء يجعله يظن أن هناك تناقضا بين الدين والعلم. ويحتجون على ذلك من خلال نصوص دينية التي تبدوا لهم أنها مناقضة للعلم الحديث .
2-الخلط بين الدين والأساطير والخرافات: هناك الكثير من الخرافات والأفكار التي أصبحت من المسلمات والتي من المحرم مناقشتها فضلا عن نفيها أو إنكارها وهذه الأفكار أخذت صبغة دينية مقدسة وهي في الحقيقة أبعد ما تكون عن الدين والعقل والمنطق مثل وجود الروح وعذاب القبر والعين والسحر والحسد .
3- الخلط بين الدين والسياسة: مع الأسف الشديد فكل نظريات الحكم عندنا تتخذ من الإسلام منطلقا لها ألا أن الواقع بعيد تماما عن ذلك وخاصة في هذا الأوان والأفضل هو فصل الدين عن الدولة واعتماد قوانين ونظم مدنية تقوم على القيم الإنسانية المتفق عليها كالعدل والحرية و المساواة مثلا.
4-التركيز على بعض المظاهر والسلوكيات كالملابس والحجاب وحلاقة الشارب والإبقاء على اللحية وغير ذلك ومحاربة الفنون والإبداع الفني والأدبي وهذه كلها مسائل نسبية تختلف من زمان لأخر ومن مكان لأخر ولا يمكن أبدا أن نعطيها صفة مقدسة مطلقة .
4-عقيدة المركزية والمؤامرة: نحن نعتقد أن العالم اجمع هو ضدنا ويتكالب علينا وهو السبب في تخلفنا وانحطاطنا وهو يسعى دائما إلى إلحاق الأذى بنا وأننا مركز العالم والعالم ينظر ألينا ومهتم بمصيرنا و ببقائنا على هذه الحالة وهكذا نعلق فشلنا وتخلفنا على شماعة الآخرين .
5-الصنمية والتعظيم: فكل شيء عندنا مقدس وغير قابل للنقاش فالتراث مثلا فيه الطيب والخبيث وليس كله حسنا وليس كل السابقين دوما على صواب وليس من المنطق في شيء اتباعهم دون مراجعة لارائهم وكلامهم فلا يعقل أن نظل متبعين لفقة الشافعي وابن حنبل ومالك وابو حنيفة والامام زيد وجعفر الصادق حتى يومنا هذا فهولاء ماتوا منذ اكثر من الف سنة ! فهل عقمت هذة الامة على انجاب شخص واحدفقط على الاقل كل مئة عام بنفس مستواهم وعلمهم؟؟ هل يعقل وبيننا وبين أبى حنيفة حوالي ألف ومأتي سنة أن نقول (زوجتك على سنة الله وسنة رسوله ومذهب أبى حنيفة)!!!!!وكذلك التاريخ فعندما تنظر إلى ما فعله بعض الصحابة بعد وفاة النبي(صلى الله علية واله وسلم)من أمور تستلزم الوقوف عندها تفاجأ بسد منيع بينك وبين ذلك بسبب أنهم أصحاب النبي ولا يجوز لك أن تقول أو تنتقد أو توضح أو حتى تسأل لماذا!!!!! وأنا هنا لا اجرح بأحد إطلاقا ولكن الحقيقة هي الشيء الوحيد المقدس وما عدا ذلك فكل شيء قابل للنقاش والمسائلة والنقد وإن كان الأمر يتعلق بالصحابة أو العلماء و الأئمة فكلهم بشر وهم غير معصومين وهم معرضين للخطأ وتاريخنا ليس كله صفحات بيضاء وهو بحاجة للمراجعة والنقد والتصحيح وإظهار الحقائق أن كان هناك ما هو مخفي .
6-هضم المرأة وثقافة العيب: هذا خلل كبير تعانيه امتنا فالمرأة لدينا مغبونة ومظلومة ونعتبر خروجها إلى ميادين العلم والعمل عيبا ومخالفا للدين وفي الحقيقة ليس هذا سوى سلب لحقوق نصف المجتمع وامتهان لكرامة الإنسان .




هذه بنظري أهم العوائق التي تحول دون تقدمنا الحضاري وتأخذ نسبة 90% والعشرة في المائة ترجع إلى الحكومات والأنظمة السياسية الفاسدة وغير الديمقراطية ولكن هذا شر بسيط مقارنة بما سبق التحدث عنه.




كمال المرء خير من جماله

Nader
مشرفين مجالس آل محمد (ع)
مشاركات: 1060
اشترك في: السبت إبريل 09, 2005 6:22 pm

مشاركة بواسطة Nader »

أخي MoonBlue
كلامك جيد ويدل على ثقافة واسعة واطلاع كبير. ولي بعض نقاط أريد مناقشتك فيها:

قلتم:
وأنا أعتقد ببطلان هذا الرأي تماما لأن العودة إلى الإسلام تعني أحد أمرين الأول هو أننا غير مسلمين وهذا غير صحيح والثاني هو أننا لا نتبع تعاليم الإسلام وهذا غير صحيح أيضا لأن معظم إن لم يكن كل المسلمين يؤدون شعائر الإسلام ويلتزمون بها
لماذا غير صحيح، هل تعتقد أن الإسلام مجرد شهادتين وشعائر؟ وماذا عن الكذب والزيف والغيبة والنميمة والمعاملات الربوية والاعلام الفاضح والسياسة القمعية...الخ. هل كل ذلك إسلام..
لا يا أخي، يجب العودة للإسلام وإن كنا مسلمين.

قلتم أيضاً:
.فكثير من النظريات العلمية التي قد ترقي إلى مستوى الحقائق الثابتة لا زالت مرفوضة من قبلنا بحجة أنها(حسب قولهم هم)تتناقض مع الدين وهذا ليس قول المواطن البسيط فقط بل و الأوساط العلمية والثقافية لدينا ولعل خير دليل على ذلك نظرية الأصل المشترك والتطور الطبيعي ل(داروين)
ربما هي تتناقض مع فهم البعض للدين وليست مع الدين. فقبل أن نفكر بالفصل يجدر بنا أن نفهم ديننا جيدا..

وهناك من فسر نظرية التطور بشكل مقارب من نظرية دراوين مستدلا بالقرآن وهو الدكتور عبدالصبور شاهين ولك أن تبحث عما قال.

قلتم:
قصر النظر والتأمل والتدبر لدى المرء يجعله يظن أن هناك تناقضا بين الدين والعلم. ويحتجون على ذلك من خلال نصوص دينية التي تبدوا لهم أنها مناقضة للعلم الحديث .
وهذا يؤيد كلامي ويتناقض مع ما قلتم أعلاه، فسبب التناقض هو قصر التأمل أو الفهم الخاطئ، لذا أكرر، قبل أن نبدأ بالفصل يجب أن نتأمل ونتدبر ديننا.

وما عدا ذلك فأنا أؤيدك 100% خصوصاً النقط المتعلقة بالسياسة والتعظيم و الأساطير وثقافة العيب و نظرية المؤامرة..


تحياتي لك.
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“