حوار الأسبوع 2: الاجتهاد عند الإسلاميين المعاصرين

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
عبدالله حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 163
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 10:56 am

حوار الأسبوع 2: الاجتهاد عند الإسلاميين المعاصرين

مشاركة بواسطة عبدالله حميدالدين »

الاجتهاد عند الإسلاميين المعاصرين: موقفهم من حد الردة مثالاً.

سعود السرحان

المقدمة

إن القارئ لتاريخ ظهور الفرق العقدية والمذاهب الفقهية في الإسلام سيلاحظ أن التاريخ الإسلامي مرت به مرحلة انتشرت فيها الفرق العقدية والمذاهب الفقهية بصورة كبيرة ملفته للنظر بدءاً من نهاية القرن الأول الهجري وطغت على القرن الثاني وجزء كبير من القرن الثالث(1) ، ثم أخذت بالانحسار والتوحد والتكتل والاندماج حتى استقرت المذاهب العقدية والفقهية الإسلامية في مذاهب كبرى محدودة الأصول في القرنين الرابع والخامس.
فما سبب هذا الانتشار الكبير للفرق والمذاهب ثم حصول الانحسار واندثار أكثرها؟
هناك أسباب كثيرة تقبع وراء هذه الظاهرة، وسأكتفي بتسليط الضوء على سبب واحد من هذه الأسباب.
فالمناطق التي شملها حكم الإسلام كانت تخضع لأفكار دينية مختلفة وبعد دخولها في الدولة الإسلامية بقيت فيها أكثرية غير مسلمة منها اليهود والمسيحيون بطوائفهم المختلفة والمتناحرة والمانوية والزرادشتية والبوذية والعرب بماديتهم البسيطة وغيرها، وكان كل دين أو مذهب يخضع لمنظومة فكرية مختلفة عن الآخر، فبعضهم كان يرى التقدم للفصاحة والبلاغة اللغوية(2) ، والآخر يرى أن المرجع هو الحس، وثالث يراه العقل الأرسطي، ورابع يراه الغنوص (العرفان)، وخامس وسادس(3).
وكان لهذه الأديان أثرها الواضح في ظهور الفرق الإسلامية وفي مناهجها في التفكير والاستدلال.
ولعل هذا يفسر سبب الانتشار الكبير للفرق العقدية والمذاهب الفقهية في تلك الفترة، فلم يكن تأثير تلك الأديان والفلسفات على الفرق الإسلامية يكمن في تبنيها مقالات ورثتها أو تسربت إليها من الأديان القديمة، بل تجاوز التأثير إلى أمر أهم من ذلك وهو تشكيل وصياغة منهج للتفكير تحاكم به الأشياء، وهذا ما يعني عدم وجود (مرجعية فكرية) واحدة تحاكم إليها الاختلافات وإليها يرجع في معرفة المقبول والمردود من الأقوال، فمع أن جميع الفرق قالت بحجية القرآن الكريم إلا أنها لم تستطع الاجتماع على منهج واحد مقبول لتفسير آياته الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه “للتأويل”.
وشهد ذلك العصر ظهور جهود كثيرة تسعى إلى ضبط منهج الاستدلال، ووضع مرجعية يتحاكم إليها في فهم القرآن، وأهم هذه الجهود وأعمقها أثراً هو ما قدمه الإمام الشافعي من تأسيس لعلم أصول الفقه، فالشافعي المتوفى في أول القرن الثالث الهجري (204هـ) أول من بيَّن بصورة منظمة طرق فهم القرآن والاستدلال به، بالإضافة إلى استدلاله على ما يراه صواباً من حيث الاحتجاج بالسنة، والإجماع، والقياس، وقول الصحابي وغيرها من المسائل التي كان النزاع قائماً حول حجيتها.
لقد بدأ علم أصول الفقه بتحديد الأصول التي تشكل مصادر للتلقي، ومناهج وطرق الاستنباط من هذه الأصول وفهمها، وهو في دراسته للأصول والمناهج لا يقتصر على تلك التي يرى صحتها بل يتجاوز ذلك إلى نقد الأصول والمناهج المرفوضة والضعيفة التي ترى بعض الطوائف والمذاهب صحتها.
أي أنه يصبح ما يمكن تسميته “سياجاً تأويلياً”(4) يقوم بعملية “اندماجية” يقبل فيها طرق الاستدلال الخاضعة للآليات التأويلية المقبولة (عند علماء الأصول)، كما يقوم بعملية “إقصائية” يستبعد فيها كل طرق الاستدلال الخارجة عن هذه الآليات التي كانت تحدد العقلانية الإسلامية.
ولعل السؤال الذي يستحق أن يطرح هو: هل هذا السياج ما يزال نافعاً اليوم؟ أم أنه أصبح عبئاً على العقلانية الإسلامية التي أنتجته؟
في الجواب عن هذا السؤال: يلحظ المتابع لمسيرة الفكر الإسلامي أن هذا السياج التأويلي بدأ يضيق عن احتواء الإشكالات التي وجدها أمامه؛ وقد دعا ذلك علماء الأصول إلى محاولة توسيع هذا السياج بالاهتمام ببعض المسائل التي يرون أنها تساعد في احتواء الإشكالات الجديدة، كاهتمام الشاطبي المالكي بمسألة “المقاصد”، والطوفي الحنبلي“بالمصلحة”، والقرافي المالكي في تمييزه بين مقامات النبوة أو تصرفات النبي، صلى الله عليه وسلم، وغيرها.
لكن هذه المحاولات جميعها لم تكن من الوفرة والقوة بحيث تتمكن من توسيع السياج بالقدر الكافي؛ لأنها تنويعات وتطويرات كمية وليست نوعية.
وبالعودة إلى الأصلين الأساس اللذين استمد منهما علم أصول الفقه كينونته، وهما: علم الكلام وعلم اللغة؛ يمكن تلمس الأزمة التي يمر بها علم أصول الفقه والفكر الإسلامي عموماً. ففي علم الكلام اعتمدت القضايا الأساس في هذا العلم (مثل وجود الله وصفاته وأفعاله وباقي المسائل) على قضايا في الفلك والفيزياء والمنطق؛ مثل حقيقة الوجود والعدم وطبائع الأشياء وصفاتها (الجواهر والأعراض) وغيرها، وهذه القضايا تسمى عند الأشاعرة “المقدمات”، وعند المعتزلة “لطيف الكلام”، وعند الشيعة والفلاسفة الإسلاميين “الفلسفة الأولى”، وتشكل هذه القضايا ما نسبته 75% تقريباً من مسائل علم الكلام، ودونت تلك القضايا وفق المعارف التي كانت متوافرة في عصرهم، وهي معارف ما قبل نيوتن، ونحن اليوم نعي العالم وتلك القضايا بصورة مختلفة، حيث نعيش في عصر ما بعد أينشتاين.
وكذلك اللغة: فوعي الإنسان المعاصر باللغة والخطاب وكيفية فهم النص لم يعد هو وعي سيبويه أو الشافعي، وقد تطورت اليوم أساليب وآليات جديدة في كيفية دراسة النص، والنص المقدس على وجه الخصوص، فما توصل إليه علم “الهيرمونيطيقيا” أصبح ضرورة لكل فقيه ومتكلم وأصولي وباحث في الفكر الإسلامي.
وهنا ملاحظة أخيرة أسجلها وهي وجود بعض الباحثين والمفكرين الذين سعوا لتوظيف العلوم الحديثة في دراسة النص، إلا أن هؤلاء الباحثين والدارسين مثل: محمد أركون، ونصر حامد أبو زيد، كان اطلاعهم ومعرفتهم بالتراث الإسلامي ضعيفة، وكذلك لم تكن دراساتهم محايدة بل كانت موجهة لتوظيف النص لنتائج محددة سلفاً.
وفي سبيل دراسة الآفاق التي وصل إليها الفكر الإسلامي المعاصر اخترت دراسة المواقف التحديثية لبعض الفقهاء والمفكرين المعاصرين من مسألة (حد الردة)، وذلك لأسباب منها:
1- اعتراف المفكرين الإسلاميين بأن هذه المسألة تعتبر “إشكالية” في الفكر الديني.
2- علاقتها الوثيقة بقضية “حرية الاعتقاد”، وهي إحدى القيم المهمة في العصر الحديث.
3- أن هذا الحد لم يرد إلا في السنة النبوية، ولم يرد في القرآن الكريم؛ فما مدى التجديد الذي وصل إليه المفكرون في قضية السنة النبوية رواية ودراية؟

وفي هذا البحث قسمتُ الفقهاء الذين حاولوا تقديم رؤية تجديدية في هذه المسألة إلى ثلاثة تيارات حسب ما توصلوا إليه من نتائج.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

التيار الأول

يذهب أتباع هذا التيار إلى أن حد الردة حد شرعي ثابت بالسنة النبوية، حيث وردت أحاديث صحيحة عن عددٍ من الصحابة منهم: ابن عباس وأبو موسى ومعاذ وعلي وعثمان وابن مسعود وعائشة وأنس وأبو هريرة ومعاوية بن حيدة. وهو قول جمهور العلماء.

إلا أن هؤلاء جمعوا بين هذا الحكم الشرعي وبين حرية الاعتقاد التي يرونها أصلاً من أصول الإسلام بالتفريق بين نوعين من الردة، وهما:
• النوع الأول: الردة المغلظة، أو الردة المعلنة، وهي أن يعلن الإنسان عن ردته وكفره، ويصرح بها في أقواله أو كتاباته، ويدعو إليها، فهذا مرتد يجب على ولي الأمر استتابته ثم قتله.

• النوع الثاني: الردة المخففة، أو الردة السرية، وهي أن لا يعلن الإنسان عن ردته وكفره، بل يسرّهما في نفسه، ويمارس ردته في الخفاء، فهذا يبقى في حرز {لا إكراه في الدين}.

ويستدلون على تفريقهم هذا بدليلين، من الأثر ومن النظر:
الدليل الأول: ما رواه عبد الرزاق والبيهقي من أنَّ أنساً عاد من (تستر) فقدم على عمر فسأله: ما فعل الستة الرهط من بكر بن وائل الذين ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين؟ قال: يا أمير المؤمنين، قوم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين، قتلوا في المعركة. فاسترجع عمر. قال أنس: وهل كان سبيلهم إلا القتل؟ قال: نعم، كنتُ أعرضُ عليهم الإسلام، فإن أبوا أودعتهم السجن. وهو قول النخعي والثوري.
الدليل الثاني: ما ذهب إليه الجمهور من أن علة القتال في الجهاد هي الحرابة، فتكون علة قتل المرتد هي الحرابة، وهذا لا يكون في المرتد الذي يُسرُّ ردته، لكنه يصح في المرتد الذي يجهر بردته ويدعو إليها. ووجه اعتبار إعلانه بردته ودعوته إليها محاربة للإسلام، لأنه يحارب الإسلام بلسانه وبقلمه وهي محاربة أنكى من الحرب باليد، فالمستعلن بردته عن الإسلام، داخل المجتمع الإسلامي، خارج على جماعة المسلمين بكل مقوماتها الدينية والوطنية والسياسية، صرح بذلك أو لم يصرح، لذا فقد صار عميلاً للقوى الاستعمارية التي تتربص بالمسلمين وبلادهم الشر.

هذا التيار يمثله مجموعة من الفقهاء الذين يصنفون ضمن تيار الوسطية، من أمثال الدكتور يوسف القرضاوي (5) ، والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (6).
ولو أردنا تفحّص مقولات هذا التيار، ومدى انطباقها على مقولات التنوير؛ فسيمكن ملاحظة الآتي:

1- التسليم بحجية السنة النبوية، وفهم أحكامها على أنها أحكام مطلقة قطعية الدلالة.
2- حرص أتباع هذا التيار على عدم الخروج عن أقوال الفقهاء، واكتفوا بانتقاء الأقوال الأكثر تسامحاً داخل المنظومة الفقهية التقليدية، أي قاموا بعملية انتقاء واختيار من داخل المدارس الفقهية وأقوال السلف.
3- لو نظرنا بجدية إلى أقوال هذا التيار نجد أنه لا فائدة عملية منها، فهم يرون قتل المرتد المعلن بردته الداعي إليها، وعدم قتل المسر بردته، وهذا أمر لا معنى له، فالمسر بردته لا يمكن معرفته، مما يعني عدم إمكانية تطبيق الحكم عليه أصلاً.
4- لم يقدم المنتمون إلى هذا التيار أي تجديد أو إعادة قراءة لمفهوم الردة، فالردة عندهم ليست مقصورة على من ينتقل عن الإسلام إلى دين آخر كاليهودية أو المسيحية، بل هي تشمل –عندهم- مَنْ ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام أو أنكر شيئاً من المعلوم من الدين بالضرورة، وبالتالي فهم يعدون العلمانيين والشيوعيين من المرتدين.
5- إشكالية هذا التيار الكبيرة تكمن في الحكم بردة بعض المثقفين والكتاب والمفكرين، فعندما يُتهم أحد الكتاب والمفكرين بالردة بسبب قصيدة كتبها أو رواية أو كتاب ألفه، فإنه وفق تأصيل أتباع هذا التيار لا يدخل في حرز {لا إكراه في الدين}، بل هو مرتد داعية إلى ردته، خارج عن جماعة المسلمين، صرح بذلك أم لم يصرح!
6- يغفل أتباع هذا التيار أنهم بطريقتهم هذه يشجعون، من حيث لا يشعرون، انتشار النفاق بين الناس، ويحاربون الشجاعة في طرح الأفكار والاجتهادات ومناقشتها التي تؤدي إلى نفخ روح التجدد في الفكر الديني وإعطائه الصلابة والقوة.

التيار الثاني

يرى أنه ليس في القرآن دليل على قتل المرتد، بل إن فيه دليلاً على عدم قتل المرتد؛ فقد قال تعالى: {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليكم سبيلاً} وروى ابن جرير عن مجاهد أن هؤلاء الناس كانوا يأتون النبي، صلى الله عليه وسلم، فيسلمون رياءً، فيرجعون إلى قريش، فيرتكسون في الأوثان، يبتغون أن يأمنوا ههنا وههنا، فأمر بقتالهم إنْ لم يعتزلوا ويصلحوا.
وما ورد من الأحاديث في قتل المرتد؛ فيجيبون عنها بأنها تندرج تحت مسألة أصولية وهي: “نسخ القرآن بالسنة” وهي مسألة فيها خلاف، والتحقيق أن القرآن لا ينسخ بالسنة كما قال الشافعي ومن تبعه.
ويستدل بعضهم بأن قتل المرتد حد من الحدود الشرعية، والحدود لا تثبت بأحاديث الآحاد.
إلا أن هؤلاء يرون قتل المرتد إذا كان يقاتل المسلمين أو خارجاً عن طاعة الحكومة.

ويمثل هذا التيار المنتمون إلى مدرسة الشيخ محمد عبده مثل محمد رشيد رضا (7)، ومحمود شلتوت(8)، ولو تفحصنا ما يقوله هذا التيار، فيمكن أن نخلص إلى بعض النتائج، ومنها:
1- كان موقفهم من السنة النبوية أكثر تحرراً من التيار الأول فهم لا يرون أن الحدود تثبت بأحاديث الآحاد، ولا أن السنة النبوية تنسخ القرآن الكريم.
2- كما كان واضحاً في موقف هؤلاء تأثرهم بقيم الحداثة الأوروبية، وسعيهم إلى تأكيد أن الإسلام يحافظ على حرية الاعتقاد، ويحمي حق الإنسان في الإيمان.
3- إلا أن الملاحظ على هذا التيار هو تركيزهم على النتيجة وعدم الاهتمام بالتأصيل العلمي لها؛ مما أدى إلى ضعف استمراره وتأثيره.
ويوضح هذا أن موقفهم من السنة النبوية مضطرب ولا يخضع لمقياس دقيق؛ فبينما نراهم يقبلون مرسل مجاهد في سبب نزول آية: {فإن اعتزلوكم….}، وهو يندرج في قسم الضعيف عند المحدثين، نراهم يردون مجموعة من الأحاديث في قتل المرتد الوارد بعضها في الصحيحين. وهذا يدل على أنْ تعاملهم مع السنة كان تعاملاً نفعياً لا يخضع لمقياس علمي دقيق.
كذلك قولهم بأن الحدود لا تثبت بأحاديث الآحاد، وهو قول قد يكون (تجديداً) في تطبيق الحدود، إلا أنه تجديد كمي وليس نوعياً، بمعنى أنه يخفف من حدة الإشكالية لكنه لا يقدم حلاً نهائياً لها، لا سيما إذا عرفنا أن بعض الفقهاء ادَّعوا التواتر المعنوي في أحاديث قتل المرتد.
كما لا يفوتنا ملاحظة أن الشيخ شلتوت حين طرح هذه النظرية (وهي أن الحدود لا يقبل فيها حديث الآحاد) فإنه قدمها دون أن يسعى لإثباتها، وتقديم الأدلة على صحتها، حتى يتسنى للباحثين قبولها.
4- أتباع هذا التيار –أيضاً- انحصرت جهودهم في محاولة التجديد في حد الردة، لكنهم انساقوا خلف ما قرره الفقهاء حول مفهوم الردة، فالردة عندهم بالإضافة إلى كونها تعني التصريح بالانتقال من دين الإسلام إلى دين آخر؛ فإنها تشمل إنكار ما علم من الدين بالضرورة، أو ارتكاب ما يدل على الاستخفاف والتكذيب(9).
5- وقع أتباع هذا التيار في تناقض في تعريفهم للردة، فهم كما سبق يعتبرون مجرد الخروج عن الإسلام أو إنكار شيء من المعلوم من الدين بالضرورة ردة، وعند تعاملهم مع الأحاديث الواردة في قتل المرتد يفسرون الردة بأنها محاربة الإسلام.

التيار الثالث

يذهب أتباع هذا التيار إلى أن الإسلام كفل حرية الاعتقاد للناس جميعاً، وأن القرآن لم يضع عقوبة دنيوية للمرتد، ويحتجون على ذلك بأدلة، فمنها:
أولاً: أن القرآن الكريم ذكر الردة ذكراً صريحاً في أكثر من موضع، ولم يرتب عليها عقوبة دنيوية.
ثانياً: أن القرآن الكريم أوضح، بما لا يدع شكاً، في مئات الآيات أن المعول في قضية الإيمان هو القلب والإرادة، وصرح بأنْ ليس للأنبياء من دخل في هذا بضغط أو قسر، وأنه لا إكراه في الدين، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
ثالثاً: أن النبي لم يقتل مرتداً لمجرد ارتداده، على كثرة المنافقين الذين كفروا بعد إيمانهم.
رابعاً: أن الردة في عهد النبي وأصحابه ارتبطت بمعادة الإسلام وأهله وحربهما، وما ورد من أحاديث في قتل المرتد فينبغي أن يحمل على هذا المعنى من الردة، وهو الردة السياسية.

ويمثل هذا التيار جمال البنا (10)، وعبد الرحمن حللي (11)، وغيرهما، ويخالف البنا الفقهاء في تعريفهم للمرتد؛ حيث يعترض على تكفيرهم من جحد معلوماً من الدين بالضرورة، وكذلك على قولهم باستتابة المرتد، ويقول: “وهاتان الإضافتان، فقهيتان قلباً وقالباً، معنى ومبنى، ولا نجد لهما ذكراً في قرآن أو سنة، بل إنهما يجافيان تماماً روح الإسلام ويرفضهما كل من لديه حس إسلامي أصيل تكوَّن في النفس ثمرة لقراءة القرآن ومطالعة السيرة، والشيء الوحيد الذي أقحمهما في كتب الفقه هو “فنية الحرفة الفقهية” ورغبة الفقهاء في أن يكون فقههم شاملاً كاملاً لا يفلت صغيرة ولا كبيرة، والوصول بما أرسوه من أصول ومبادئ إلى غايتها، وأن الأوضاع أوقفتهم موقف حماة القانون والنظام وليس دعاة حرية الفكر والعقيدة” (12).
ومما يمكن لنا أنْ نلاحظه على هذا التيار:
1- أنهم اعتمدوا على النصوص القرآنية في سعيهم إلى تأصيل مفهوم “حرية الاعتقاد”، وقد جعلوا هذه الحرية أصلاً يرجعون باقي النصوص إليه.
2- لا يختلف الفقهاء القائلون بقتل المرتد عن أتباع هذا التيار في أن المعول في قضية الإيمان هو القلب، فهم لا يقولون بإكراه الناس على الإيمان، ولا يقولون بصحة إيمان المكره، لكن مناط الخلاف بين الفريقين هو فيمن دخل في الإسلام طائعاً ثم خرج منه، فالفقهاء يقولون بقتله.
3- حاول أتباع هذا التيار التعامل بشيء من التاريخية مع الأحاديث الواردة بقتل المرتد؛ حيث ذكروا أن الردة في عهد النبي وأصحابه ارتبطت بمعاداة الإسلام وأهله وحربهما، وأنَّ ما ورد من أحاديث في قتل المرتد فينبغي أنْ يحمل على هذا المعنى من الردة. وبغض النظر عن صحة هذه الدعوى (13) أو عدمها؛ فإنه يمكن أن تُعكس المسألة بأنْ يقال: إن الحكم الشرعي الثابت هو قتل المرتد، أما عمل النبي بعدم قتل المرتد فيرجع إلى “السياسة الشرعية” لأن الإسلام كان في بدايته، والمسلمون في حالة ضعف، ولهذا لم يقتل النبي المنافقين مثل عبد الله بن أبي بن سلول، فهذا التصرف من النبي لا يلغي الحكم الشرعي بقتل المرتد بعد زوال المانع.
4- كان موقفهم من السنة مضطرباً، حيث تجاهلوا الأحاديث (= السنة القولية) القائلة بقتل المرتد، وفي الوقت ذاته احتجوا بما ظنوه دليلاً من السنة الفعلية بأن النبي لم يقتل مرتداً لمجرد ارتداده، كما لا بد من الانتباه إلى أن أتباع هذا التيار في تأصيلهم لحرية الاعتقاد اعتمدوا على النصوص القرآنية فقط وحيدوا النصوص النبوية.

الخاتمة والتعليق

تم تأسيس علم أصول الفقه والفقه الإسلامي في لحظة انتصار وقوة، فالفتوحات كانت في أوج نشاطها، والدولة الإسلامية أكثر قوة وتقدماً من باقي الأمم في العالم القديم، ولهذا انطبع الفقه الإسلامي بطابع الدولة الغالبة والأمة المنتصرة، وما تمليه من تعاليم وقوانين.
إلا أنه وبعد تراجع دور الدول الإسلامية، وتحول العالم الإسلامي إلى الطرف المهزوم والضعيف بعد أن كان منتصراً قوياً، أصبحت هناك مفارقة في كيفية تعامل الأمة المهزومة مع تراث كتبه المنتصرون، وكيف تتعايش الأمة الضعيفة مع تراث كتبه الأقوياء!
إن تراجع دور الأمة الإسلامية ترافق معه تعاظم دور الأمم الغربية التي برزت كأمة منتصرة جديدة، وزاد من قوة الأمم الغربية أن العلم الحديث التي ظهر من رحمها، وهي التي حضنته وقادت النهضة الصناعية والإلكترونية الحديثة. ومع هذه الحضارة الجديدة ظهرت قيم جديدة، انصبغت بصبغة الحضارة الغربية، وتحولت هذه القيم إلى قيم عالمية بفضل تبني الحضارة الغالبة لها، ومن هذه القيم الحديثة: “حرية الاعتقاد”.
لقد أصبحت الحضارة الحديثة والقيم المرتبطة بها ركيزة أساساً في التفكير اليوم، فبعد أنْ كان الشافعي يرى أن اللغة (= البيان) كفيلة في فهم النص؛ أصبح الفقيه أو المفكر اليوم لا يستطيع أن ينظر إلى النص بعين إلا وينظر بالعين الأخرى إلى القيم التي أفرزتها الحضارة الحديثة، وقد يميل بعض المفكرين إلى الفقه القديم، ويحاول بعضهم أن يجمع بين الفقه القديم وبين القيم الحديثة ولو كان جمعاً ظاهرياً، وقد يحاول بعضهم الانتصار للقيم الحديثة على حساب الفقه القديم، وقد ينتصر للفقه القديم ضد الحداثة، لكنه، في جميع الأحوال، لا يمكن أنْ يهمل ما نتج عن الحضارة الحديثة من قيم.
وكانت (مسألة الردة) مثالاً لتعارض الفقه القديم مع قيم الحداثة الغربية (أو العالمية)، ودرسنا في هذا البحث ثلاثة تيارات تعاملت مع هذه القضية أو (الإشكالية)، حيث يُلحظ على التيار الأول (الذي يمثله القرضاوي والبوطي) أنه قام بعملية انتقاء بين أقوال الفقهاء، مع التزامه بعلم أصول الفقه التقليدي. أما التيار الثاني (الذي يمثله رشيد رضا وشلتوت) فلم يلتزم بأقوال الفقهاء كما أنه قام بعملية تلفيق بين مسائل أصول الفقه، حيث يستدل بقاعدة أصولية عامة ويحاول تنزيلها (بدون تدقيق) على مسائل جزئية منتقاة. أما التيار الثالث: فقد حاول الخروج على المنظومة الفقهية التقليدية، مع تشديده على احترام النصوص، إلا أنه لم يقدم رؤية جديدة في كيفية التعامل مع النصوص، وتطوير طريقة الاستدلال.
إن سبب الانتقائية بين أقوال الفقهاء التي وقع فيها التيار الأول، والانتقاء بين قواعد أصول الفقه التي وقع فيها التيار الثاني، وما وقع فيه التيار الثالث من محاولة للخروج على منظومة الفقه القديم= هو تأثير القيم الحديثة على طريقة فهم وتعامل الفقهاء والمفكرين مع النصوص الدينية.
إن الصدمة من جراء الاتصال بالحضارة الحديثة التي أصابت الفكر الإسلامي أدت إلى اضطراب في آلية التعامل مع النصوص (فكما سبق هناك مفارقة بين تعامل أمة ضعيفة مع تراث كتبته أمة منتصرة، بالإضافة إلى تغير العالم والواقع بين الحاضر وبين ما كان عليه عند كتابة الفقه ووضع أصوله)، ومن أمثلة هذا الاضطراب في مسألة الردة:
1- الانتقاء في التعامل مع نصوص القرآن الكريم، فعند تأصيلهم لقضية “حرية الاعتقاد” من القرآن الكريم؛ قاموا بعملية انتقائية، حيث استدلوا بقوله تعالى: {لا إكراه في الدين}، وقوله: {لست عليهم بمسيطر}، وقوله: {أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}. وتجاهلوا آيات تدل ظواهرها على خلاف هذه الآيات، كقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون}، وقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد}، وقوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}.
2- الاضطراب في التعامل مع السنة النبوية، فمع أن النتيجة العملية لما سبق عرضه من أقوال في قضية الردة هو عدم الأخذ بالأحاديث الواردة في قتل المرتد (التياران الثاني والثالث)، إلا أن المنتمين إلى هذين التيارين يصرحون باحترام الأحاديث النبوية وأنهم يأخذون بها، لذا فقد قاموا بـ”ـتأويل” لهذه الأحاديث وأنزلوها على أمر آخر غير “الردة” وهو “المحاربة”. وهذا يعكس المأزق الذي يمر به الفكر الإسلامي الحديث في تعامله مع السنة النبوية، فالمحدِّثون من علماء الإسلام وضعوا معياراً دقيقاً (وفق معارف عصرهم) للتمييز بين الصحيح والضعيف من الأحاديث، والأصوليون وضعوا قواعد لكيفية التعامل مع الأحاديث الصحيحة. لكن الفقهاء والمفكرين المعاصرين عجزوا عن تطوير علم السنة رواية ودراية، والاستفادة من مناهج التاريخ الحديثة لتجديد علم الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف، فضلاً عن تقديم نظرية في كيفية التعامل مع السنة النبوية.
3- النظرة التجزيئية للتراث الإسلامي، فهؤلاء الباحثون ينظرون إلى المسألة التي يدرسونها معزولة عن باقي مسائل الفقه الإسلامي، ولم ينتهوا إلى أن الفقه الإسلامي يتمتع بوحدة تحكم كل جزئياته مهما بدا أنها بعيدة عن بعضها، فعندما يوظف الفقيه أو المفكر قاعدة أصولية في مكان ما فإن هذا سيؤثر على باقي المسائل الفقهية المتعلقة بهذه القاعدة، وقد كان الفقهاء السابقون متنبهين لهذه الوحدة ولذا ألفوا كتب “الأشباه والنظائر” (14) في الفقه، وكتب “الفروق” (15)، وحذروا من عملية الانتقاء التي تؤدي إلى بناء فقهي مهزوز، وهي التي أسموها “التلفيق” (16).

إن ما سبق لا يعني فشلاً تاماً للفكر الإسلامي المعاصر في قدرته على تطوير أصول الفقه وإنتاج فقه إسلامي جديد قائم على قواعد وأصول علمية متينة، ولكنه يعني أننا ما نزال في بداية الطريق، ونحتاج إلى دراسات علمية جادة تتفهم تراثنا القديم، وتكون محيطة بالفكر الحديث؛ بحيث تستطيع تقديم نظريات مهمة في تجديد الفقه وأصوله تكون بمستوى ما ينطوي عليه التراث من فضائل ومستوى الفكر الحديث.

الهوامش:

1.دراسة بعض الكتب التي صنفت في أواخر المائة الثالثة مثل كتاب: مقالات المسلمين واختلافات المصلين، تأليف: الإمام الأشعري، وفرق الشيعة، تأليف: الحسن بن موسى النوبختي، توضح صحة هذا الادعاء.

2.عندما قدم وفد تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، طلبوا أن يفاخروه ففاخر شاعرُهم الزبرقان بن بدر شاعرَ النبي حسان بن ثابت، وخطيبُهم عطارد بن حاجب خطيبَ النبي ثابت بن قيس، فغلب شاعرُ النبي شاعرَهم، وخطيبُه خطيبَهم، فقال الأقرع بن حابس: وأبي إن هذا الرجل لمؤتى له! لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا. فلما فرغ القوم أسلموا.

3.كان أبو منصور العجلي يسمي نفسه “الكسف”، ويزعم أن آل محمد هم السماء، وشيعتهم هم الأرض، وهو الكسف الساقط من بني هاشم، وأنه هو المقصود في القرآن في قوله تعالى: {وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم}. فالدراس اليوم عندما يجد أن استدلال منصور هذا كان يلقى قبولاً واستطاع أن يكون أتباعاً له؛ فإنه يعني وجود منظومة استدلالية أو آلية فكرية كانت تقبل مثل هذا النوع من الأدلة وطرق التفكير.

4. حول مفهوم “السياج التأويلي” تمت الاستفادة من : محمد الحداد، محمد عبده قراءة جديدة في خطاب الإصلاح الديني، ط دار الطليعة، الطبعة الأولى 2003م، ص 13- 14.

5. د.يوسف القرضاوي، جريمة الردة وعقوبة المرتد في ضوء الكتاب والسنة، ط مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 1996م.

6.د. محمد سعيد رمضان البوطي، الجهاد في الإسلام كيف نفهمه وكيف نمارسه، ط دار الفكر، الطبعة الثانية 1997م.

7. محمد رشيد رضا، الفتاوى، السؤال رقم 16.

8. محمود شلتوت، الإسلام عقيدة وشريعة، ط دار الشروق، الطبعة السادسة 1992م، ص 280- 281.

9. المرجع السابق.

10. جمال البنا، حرية الاعتقاد في الإسلام، ضمن الإسلام وحرية الفكر، ط دار الفكر الإسلامي، 1999م، ص 35- 43.

11. عبد الرحمن حللي، حرية الاعتقاد في القرآن الكريم، ط المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2001م، ص 105- 128.

12.جمال البنا، حرية الفكر والاعتقاد في الإسلام، ضمن الإسلام وحرية الفكر، ص 159.

13.في رأيي أنَّ هذا الادعاء غير صحيح، فالنبي أمر بقتل بعض المرتدين ولم يكونوا محاربين مثل ابن أبي السرح. وانظر: ابن تيمية، الصارم المسلول على شاتم الرسول، تحقيق: محيي الدين عبد الحميد، ص 168. وكذلك قتل معاذ بن جبل رجلاً يهودياً أسلم ثم ارتد، وذكر معاذ أن ذلك قضاء الله ورسوله، وأحرق علي بن أبي طالب بعض الغلاة. انظر: البخاري، الجامع الصحيح، كتاب: استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم.

14. انظر مثلاً: الأشباه والنظائر في مذهب أبي حنيفة النعمان، تأليف: ابن نجيم، والأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، تأليف: السيوطي، وغيرها كثير.

15. انظر مثلاً: الفروق، أو أنوار البروق في أنواء الفروق، تأليف: القرافي المالكي.

16. انظر مثلاً: التحقيق في بطلان التلفيق، تأليف: السفاريني الحنبلي

الغزالى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 60
اشترك في: الجمعة مارس 04, 2005 2:00 pm

مشاركة بواسطة الغزالى »

هذا بحث متواضع كنت كتبته فى مسالة حد الردة :

القران الكريم قد قرر حرية الاعتقاد , بل هذه الحرية هى قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الغراء كما بينها القران الكريم .

قال تعالى :

"لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " البقرة : 256

و هذه الاية الكريمة دليل واضح على عدم مشروعية فرض الاسلام على اى انسان .

و قد قيل ان الاية منسوخة , و الواقع انها ليست منسوخة ,فالاية واضحة فى ان عدم الاكراه إنما هو لعدم الحاجة إليه من جهة وضوح الرشد وتبينه من الغي
وإذا كان هذا هو المراد فلا يمكن نسخه
لان دين الاسلام كان واضح الحجة من أول الامر و وضوحه مستمر ان لم يكن يزداد بمضى الوقت ، ومعنى هذا أن الاكراه في أواخر دعوة النبي (ص) أحرى بأن لا يقع لان برهان الاسلام في ذلك العهد أسطع و أوضح

و قيل ان الاية خاصة باهل الكتاب ,لكنه قول غير صحيح لان علة وضوح الرشد و تبينه من الغى علة مشتركة بين جميع طوائف الكفار ، فلا يصح تخصيص الحكم ببعض الطوائف دون بعض .

و ليس صحيحا ان القران الكريم يجيز اكراه غير اهل الكتاب من المشركين على الاسلام , و قوله تعالى :"سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ " لا يدل على ذلك , فقوله " يسلمون " اى : ينقادون و هو معنى للاية ذكره الامام الزمخشرى , و هو الذى يتعين حملها عليه لدلالة النصوص الاخرى على عدم الاكراه على الدين ,و قد قال فريق من المفسرين ان الاية عن قتال بعض اهل الكتاب من الروم و لا شك فى عدم جواز فرض الاسلام عليهم.

و كذلك قوله تعالى :" فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، إن الله غفور رحيم"
فالاية خاصة بفريق خاص من المشركين: كان بين رسول الله (ص) وبينهم عهد، فنقضوه، وظاهروا عليه أعداءه , المشركين، بدليل قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
و ليس الغرض من قتال هذا الفريق اكراههم على دخول الاسلام ولا أدل على هذا من قول الله عز وجل لنبيه، في الآية التي تليها :
" وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ " (التوبة:6)
؛ فإن في هذه الآية أمرًا من الله عز وجل لرسوله بأن يجير من يستجير به من المشركين، ثم يدعوه إلى الإيمان بالله، ويبين له ما في هذا الإيمان من خير له، فإن هو ـ بعد هذا ـ أصر على ضلاله، واستمرأ البقاء على كفره بالله، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغه المكان الذي يأمن فيه، فعلى الرسول أن يجيبه إلى طلبه، وأن يؤمنه حتى يصل إلى ذلك المكان

و يقول تعالى :
(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا. أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (يونس: 99).


و ليس فى كتاب الله اى نص على عقوبة المرتد لاجل ردته , و انما ورد فى القران الكريم النص على عقوبة من ارتكب جريمة الحرابة
اما الاحاديث النبوية فى المسالة فعلى فرض صحتها فهى محمولة على عقوبة المرتد المحارب
فرواية " من بدل دينه فاقتلوه " قد خصصها الاحناف بالمرتد الرجل ,فالمراة المرتدة عند الامام ابى حنيفة لا يقام عليها حد الردة , فلا مانع ان نخصص الحديث - موافقة لكتاب الله - بالمرتدين المحاربين .
و يجب الاخذ بالاعتبار ظروف صدور الخبر و كما يقول الشيخ عبد المتعال الصعيدى :
المسلمين كانوا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في حالة حرب؛ فكان من يرتد بعد إسلامه لا يلزم بيته، بل ينضم إلى أعداء الإسلام يقاتل معهم؛ فكان الأمر بقتله على قتاله مع أولئك الأعداء لا على ردته عن الإسلام، وكان عدم قتله للمنافقين الذين ارتدوا بعد إيمانهم؛ لأنهم لم يقاتلوا المسلمين، بل كانوا أحيانًا يقاتلون بجانبهم، ولم يكن عدم قتلهم للجهل بكفرهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم نفاق كثير منهم، وحينئذ تكون تفرقته بين المرتدين في ذلك راجعة إلى حملهم للسلاح مع ارتدادهم أو عدم حملهم له؛ فمن حمل السلاح مع ارتداده يُقتَل، ومن لم يحمل السلاح لم يُقاتَل ولم يُقتَل، وهذا هو أحسن ما يُجمع به بين الاختلاف الذي ورد في هذه المسألة."


و الحديث الاخر" التارك لدينه المفارق للجماعة " محمول على ان المراد به عقوبة من جمع بين الردة و بين الحرابة .

و هذا هو حاصل مذهب الاحناف فى المسالة , فالمرتدة عندهم لا تقتل لانها لا تقاتل , اذن علة قتل المرتد عند ابى حنيفة رحمه الله انه محارب فهو يقتل للحرابة لا لمجرد الردة .


كتب الدكتور محمد عمارة حفظه الله فى جريدة " افاق عربية " لسان حال الاخوان المسلمين فى مصر بتاريخ 5/5/2005 :
"وحتي عندما كانت فلتات اللسان تُظهر ما في البواطن -بواطن المنافقين- فيطلب بعض الصحابة عقابهم, كان رسول الله, صلي الله عليه وسلم, يرفض إقامة العقاب الدنيوي عليهم, ويقول: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".. وكما يقول ابن القيم [691 - 751هـ 1292 - 1350م]: "فإن نفاق عبدالله بن أُبي [9هـ 630م], وأقواله في النفاق كانت كثيرة جدا, كالمتواترة عند النبي, صلي الله عليه وسلم, وأصحابه, وبعضهم -[أي بعض المنافقين]- أقر بلسانه, وقال: "إنما كنا نخوض ونلعب", ولما قيل للنبي, صلي الله عليه وسلم: ألا تقتلهم? قال: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".


ولم يقم رسول الله, صلي لله عليه وسلم حدا ولا عقوبة دنيوية علي الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا.. ولا علي الذين آمنوا وجه النهار وكفروا آخره..
{لا إكًرّاهّ فى الدين } [البقرة: 256]" لأن الإكراه يثمر نفاقا, ولا يثمر إيمانا, إذ الإيمان تصديق قلبي يبلغ مرتبة اليقين, فاجتماعه مع الإكراه مستحيل..
وما الردة والزندقة والإلحاد إلا أمراض تعتري العقل -كالأمراض العضوية التي تعتري البدن- وعلاج الأولي بالحوار مع العلماء, وطلب الهداية والشفاء عند الهداة والحكماء.. كما أن علاج الأمراض العضوية هو من اختصاص الأطباء, لا المؤسسات العقابية للدولة..
ولذلك, جعل القرآن الكريم عقوبة الردة عن الدين أخروية, لا دنيوية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة217
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54) .

ولم يُقم رسول الله, صلي الله عليه وسلم -وهو رأس الدولة - حدا علي مرتد إلا في الحالة الواحدة التي لم يقف فيها الأمر عند الردة عن الدين, وإنما بلغ الأمر مرتبة الحرابة والخروج المسلح علي الأمة والدولة.. فالنفر الذين اغتصبوا إبل الصدقة -مال الدولة- وقتلوا الغلمان الذين كانوا يرعون هذه الإبل -عمال الدولة- ومثّلوا بجثثهم, وارتدوا عن الإسلام, قد ارتكبوا جريمة مركبة, صنّفها الإسلام تحت حد الحرابة, وليس في باب الردة, وذلك عندما نزل في هؤلاء النفر قول الله سبحانه وتعالي: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [المائدة: 33, 34].

ولهذه الحكمة, جاء تصنيف "باب الردة" -في الفقه الإسلامي- ضمن "كتاب الحرابة".. وقال كثير من الفقهاء -ومنهم علي بن أبي طالب وابن عباس والحسن البصري وسفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وعطاء وابن عُلية -قالوا إن المرأة المرتدة لا يقام عليها الحد, لأنها غير محاربة, فلم تتحقق الحرابة في ردتها.
فالردة, إذا كانت مجرد اختيار فكري ذاتي, فإنها تدخل في حرية الاعتقاد.. وتعالَج بالحوار
ذلك أنها مرض, والمرض لا يعالَج بالعقاب..
وكما يقول الإمام محمد عبده
"فإن الرجوع عن الإيمان إلي الكفر يشبه الآفة تصيب المخ والقلب فتذهب بالحياة, فإن لم يمت المصاب بعقله وقلبه, فهو في حكم الميت, لا ينتفع بشيء, وكذلك الذي يقع في ظلمات الكفر بعد أن هُدي إلي نور الإيمان, تفسد روحه, ويظلم قلبه, فيذهب من نفسه أثر الأعمال الصالحة الماضية, ولا يعطي شيئا من أحكام المسلمين الظاهرة, فيخسر الدنيا والآخرة..". انتهى

و من العلماء المعتبرين الذين قرروا ان عقوبة المرتد هى للمرتد المحارب الشيخ عبد المتعال الصعيدى رحمه الله فى كتابه القيم " الحرية الدينية فى الاسلام "

و يقول بعض علماء الامامية الكرام فى المسالة :
"مسألة احكام الردة فيها غموض فقهي بالفعل ..ولم نعثر الا على قضية او قضيتين غامضتين في الردة مع أن الردة عن الاسلام في زمن النبي كثيرة ولم يحكم رسول الله بالقتل وكذا في زمن امير المؤمنين ولكن الفقه السني قائم على تصرف ابي بكر والتعثب له وهو مبني على فكرة ان تارك الصلاة والزكاة عنده مرتد يجب قتله وسبي عياله ولم يوافقه احد في السبي حتى السنة ولكن الحكام جميعا وافقوه بالقتل ، ولهذا انا لي تحفظ على أحكام الردة جميعها والمسألة تحتاج الى تحقيق لوجود بعض النصوص المشكلة التي يجب حلها ..
الثابت عندي أن الخارج على السلطان الشرعي بالسيف سواء كان مسلما او كافرا أو مرتدا يجوز قتله بل يجب. كما أن مخيف الناس وقاطع الطريق يجب قتله. وهذا ثابت من سلوك امير المؤمنين والنبي صلى الله عليه وآله وسلم . "


و لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قتل احدا لمجرد انه ارتد عن الاسلام .

اما حروب الردة فافعال الخلفاء ليست مصدرا للتشريع الاسلامى و مع ذلك فهذه الحروب كانت مجرد مواجهة لتمرد سياسى على الدولة الاسلامية قام به مرتدون محاربون
الساكت عن الحق شيطان اخرس

الموت لامريكا
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 131
اشترك في: السبت نوفمبر 26, 2005 5:01 pm

مشاركة بواسطة الموت لامريكا »

بسم الله الرحمن الرحيم
الاجتهاد محوط بمسائل كثيره حتى حول صحته وسلامته وانه غير مخالف للقرآن الكريم والشريعة الاسلامية
فاني اريد ان اسأل :ـ
هل اتت الشريعة الاسلامية ناقصه ؟؟
حتى نحتاج الى اجتهادات .
الم يقل الله تعالى
( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )
ومن ثم اليس فتح باب الاجتهاد يزيد من رقعة الاختلاف الاسلامي والمذاهب حتى على كل المستويات والاصعدة
فمثلا (( شيخ علم يدرس عشرة طلاب في المسائل الفقهية وفي الاخير خرج كل طالب برؤية اخرى غير ما يختاره الاخر وخالف شيخه وزملائه كلهم فهل هذا الدين يشجع على الاختلاف ام يحذر منه ))
فهل هذه نظرية القرآن الكريم الذي دعى الى الوحدة والاعتصام
ومن ثم ما فائدة قول الله تعالى (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ))
فقال حبل واحد وليست حبال كثيرة
مع العلم ان الاختلاف في المسائل الفرعية يدعوا الى الاختلاف في المسائل الاخرى بل والنزاع والخلاف المستمر حتى في كل شيئ فعندما تختلف الطرق تبتعد نقطة الوصول
الم يقل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام في خطبتة التي يذم فيها اهل الرأي

وفيه يذم أهل الرأي ويكل أمر الحكم في أمور الدين للقرآن]
تَرِدُ عَلَى أحَدِهِمُ القَضِيَّةُ في حُكْم مِنَ الاَْحْكَامِ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِهِ، ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ القَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَحْكُمُ فِيها بِخِلافِ قَوْلِهِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ القُضَاةُ بِذلِكَ عِنْدَ إمامِهِم الَّذِي اسْتَقْضَاهُم(4)، فَيُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِيعاً، وَإِلهُهُمْ وَاحِدٌ! وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ! وَكِتَابُهُمْ وَاحِدٌ!
____________
أَفَأَمَرَهُمُ اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ بِالاخْتلاَفِ فَأَطَاعُوهُ! أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوْهُ! أَمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِيناً نَاقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِهِ! أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْضِى؟ أَمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِيناً تَامّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ(صلى الله عليه وآله) عَنْ تَبْلِيغِهِ وَأَدَائِهِ؟ وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (مَا فَرَّطْنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيْء) وَفِيهِ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْء، وَذَكَرَ أَنَّ الكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضاً، وَأَنَّهُ لاَ اخْتِلافَ فِيهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
وَإِنَّ القُرآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ(1)، وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لاَ تَفْنَى عَجَائِبُهُ، وَلاَتَنْقَضِي غَرَائِبُهُ، وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إلاَّ بِهِ.

1. العَجّ: رفع الصوت، وعجّ المواريث هنا: تمثيل لحدّةِ الظلم وشدّة الجَوْر.
2. أبْوَرُ: من بَارَتِ السّلْعة: كَسَدَتْ.
3 . أنْفَقُ: من النّفاق ـ بالفتح ـ وهو الرّواج.
4. الامام الذي استقضاهم: الذي ولاّهم القضاء.

ومن ثم اليس الاختلاف في الدين معصية
ولا يستطيع احد ان يقول ان الاختلاف في المسائل الفرعية لا يشكل خطرا على وحدة المسلمين
بل ولنا ان نسال من اين اتت لنا مسائل فرعية وغير فرعية
واصول دين وفروع دين
لقد قال الله في كتابة دين ولم يقسم
من اين اتت هذه التقسيمات ؟؟؟
وحديث كل مجتهد مصيب اعتقد انه غير صحيح لانه يخالف منهجية القرآن الكريم
فهل الشريعة تشجع على اتساع رقعة الخلاف بين المسلمين ..؟؟
ولماذا نجتهد وفي أي شيئ نجتهد
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا من بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتى ان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )
ومن ثم لماذا هذا التفرق بين المسلمين ..؟؟
انها في نظري نتاج الاختلافات والاجتهادات
ان الله لا يمكن ان يجعل دينه ناقصا ومن ثم يكل الناس الى نفوسهم وهو قد ارشدنا في القرآن الكريم حتى على ابسط المستويات كالذباحة وغيرها !!
والانسان ضعيف قاصر لا يعرف حتى مصلحته فكيف سيجعله يجتهد لنفسه
بل والاعجب من هذا كله
ان الدين يشجع على الاختلاف فيجعل هناك اجران للمصيب واجر للمخطئ

يا اهل العقول النيرة
قد انزل الله نبيه محمد وكتابة القرآن الكريم وارشدنا فيهما الى كل خير وقال تعالى انا هديناه النجدين واكمل الله دينه
ومن ثم ظمن لنا عدم الاختلاف في الدين بماذكره في حديث الثقلين
وقال الرسول
تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك
فلسان حالنا يقول اننا نحتاج الى اجتهادات حتى نستنير ونستبصر
وقال الرسول
ما تركت حلالا الا وبينته وحراما الا بينته او بمعنى الحديث وهو معروف

وان قال قائل كيف نعمل في المسائل التي تطرأ علينا من جديد ولا نجد لها في القرآن الكريم ولا السنة
نقول ان الله قد بين على لسان نبيه باننا اذاسلكنا هذه الطريق لا يمكن ان نختلف وهو حديث الثقلين

ولي عوده اوضح فيها ما بقي وكيف نعمل
ووضحوا ما غاب عنا او ردوا ما أشكل علينا
والله الموفق
وكل مصاب نال آل محمد فما هو الا يوم السقيفة جالبه

الموت لامريكا
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 131
اشترك في: السبت نوفمبر 26, 2005 5:01 pm

مشاركة بواسطة الموت لامريكا »

الموت لامريكا كتب:بسم الله الرحمن الرحيم
الاجتهاد محوط بمسائل كثيره حتى حول صحته وسلامته وانه غير مخالف للقرآن الكريم والشريعة الاسلامية
فاني اريد ان اسأل :ـ
هل اتت الشريعة الاسلامية ناقصه ؟؟
حتى نحتاج الى اجتهادات .
الم يقل الله تعالى
( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )
ومن ثم اليس فتح باب الاجتهاد يزيد من رقعة الاختلاف الاسلامي والمذاهب حتى على كل المستويات والاصعدة
فمثلا (( شيخ علم يدرس عشرة طلاب في المسائل الفقهية وفي الاخير خرج كل طالب برؤية اخرى غير ما يختاره الاخر وخالف شيخه وزملائه كلهم فهل هذا الدين يشجع على الاختلاف ام يحذر منه ))
فهل هذه نظرية القرآن الكريم الذي دعى الى الوحدة والاعتصام
ومن ثم ما فائدة قول الله تعالى (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ))
فقال حبل واحد وليست حبال كثيرة
مع العلم ان الاختلاف في المسائل الفرعية يدعوا الى الاختلاف في المسائل الاخرى بل والنزاع والخلاف المستمر حتى في كل شيئ فعندما تختلف الطرق تبتعد نقطة الوصول
الم يقل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام في خطبتة التي يذم فيها اهل الرأي

وفيه يذم أهل الرأي ويكل أمر الحكم في أمور الدين للقرآن]
تَرِدُ عَلَى أحَدِهِمُ القَضِيَّةُ في حُكْم مِنَ الاَْحْكَامِ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِهِ، ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ القَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَحْكُمُ فِيها بِخِلافِ قَوْلِهِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ القُضَاةُ بِذلِكَ عِنْدَ إمامِهِم الَّذِي اسْتَقْضَاهُم(4)، فَيُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِيعاً، وَإِلهُهُمْ وَاحِدٌ! وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ! وَكِتَابُهُمْ وَاحِدٌ!
____________
أَفَأَمَرَهُمُ اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ بِالاخْتلاَفِ فَأَطَاعُوهُ! أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوْهُ! أَمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِيناً نَاقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِهِ! أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْضِى؟ أَمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِيناً تَامّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ(صلى الله عليه وآله) عَنْ تَبْلِيغِهِ وَأَدَائِهِ؟ وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (مَا فَرَّطْنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيْء) وَفِيهِ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْء، وَذَكَرَ أَنَّ الكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضاً، وَأَنَّهُ لاَ اخْتِلافَ فِيهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
وَإِنَّ القُرآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ(1)، وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لاَ تَفْنَى عَجَائِبُهُ، وَلاَتَنْقَضِي غَرَائِبُهُ، وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إلاَّ بِهِ.

1. العَجّ: رفع الصوت، وعجّ المواريث هنا: تمثيل لحدّةِ الظلم وشدّة الجَوْر.
2. أبْوَرُ: من بَارَتِ السّلْعة: كَسَدَتْ.
3 . أنْفَقُ: من النّفاق ـ بالفتح ـ وهو الرّواج.
4. الامام الذي استقضاهم: الذي ولاّهم القضاء.

ومن ثم اليس الاختلاف في الدين معصية
ولا يستطيع احد ان يقول ان الاختلاف في المسائل الفرعية لا يشكل خطرا على وحدة المسلمين
بل ولنا ان نسال من اين اتت لنا مسائل فرعية وغير فرعية
واصول دين وفروع دين
لقد قال الله في كتابة دين ولم يقسم
من اين اتت هذه التقسيمات ؟؟؟
وحديث كل مجتهد مصيب اعتقد انه غير صحيح لانه يخالف منهجية القرآن الكريم
فهل الشريعة تشجع على اتساع رقعة الخلاف بين المسلمين ..؟؟
ولماذا نجتهد وفي أي شيئ نجتهد
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا من بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتى ان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )
ومن ثم لماذا هذا التفرق بين المسلمين ..؟؟
انها في نظري نتاج الاختلافات والاجتهادات
ان الله لا يمكن ان يجعل دينه ناقصا ومن ثم يكل الناس الى نفوسهم وهو قد ارشدنا في القرآن الكريم حتى على ابسط المستويات كالذباحة وغيرها !!
والانسان ضعيف قاصر لا يعرف حتى مصلحته فكيف سيجعله يجتهد لنفسه
بل والاعجب من هذا كله
ان الدين يشجع على الاختلاف فيجعل هناك اجران للمصيب واجر للمخطئ

يا اهل العقول النيرة
قد انزل الله نبيه محمد وكتابة القرآن الكريم وارشدنا فيهما الى كل خير وقال تعالى انا هديناه النجدين واكمل الله دينه
ومن ثم ظمن لنا عدم الاختلاف في الدين بماذكره في حديث الثقلين
وقال الرسول
تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك
فلسان حالنا يقول اننا نحتاج الى اجتهادات حتى نستنير ونستبصر
وقال الرسول
ما تركت حلالا الا وبينته وحراما الا بينته او بمعنى الحديث وهو معروف

وان قال قائل كيف نعمل في المسائل التي تطرأ علينا من جديد ولا نجد لها في القرآن الكريم ولا السنة
نقول ان الله قد بين على لسان نبيه باننا اذاسلكنا هذه الطريق لا يمكن ان نختلف وهو حديث الثقلين

ولي عوده اوضح فيها ما بقي وكيف نعمل
ووضحوا ما غاب عنا او ردوا ما أشكل علينا
والله الموفق
وكل مصاب نال آل محمد فما هو الا يوم السقيفة جالبه

الموت لامريكا
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 131
اشترك في: السبت نوفمبر 26, 2005 5:01 pm

مشاركة بواسطة الموت لامريكا »

[quote="الموت لامريكا"]بسم الله الرحمن الرحيم
الاجتهاد محوط بمسائل كثيره حتى حول صحته وسلامته وانه غير مخالف للقرآن الكريم والشريعة الاسلامية
عفوا غلط مطبعي
واقصد مخالف للقرآن الكريم
وكل مصاب نال آل محمد فما هو الا يوم السقيفة جالبه

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“