صولبان صعده وشقاة البورجي
توكل عبد السلام كرمان
( 04/02/2006 )
بعد أسبوع فقط من الضجة الإعلامية الرسمية حول ما قيل أنه مقبرة جماعية لثلاثة وعشرين جثه تم اكتشافها في خور مكسر عدن ، كان علينا أن نسمع عن مجازر حقيقية طازجة في صعده .. عشرات السجناء خلفتهم قوات الأمن في مركزي صعده بين قتيل وجريح ، هكذا تمت تصفيتهم رغم أنف كوفي عنان ومنظمته العالمية ، أولاً سجنوهم بغير تهمة ، وثانياً قتلوهم بغير حكم ، وثالثاً فلتذهب منظمة العفو الدولية إلى الجحيم .
المتباكون على العظام وهي رميم في صولبان عدن لم نسمع لهم هذه المرة كلمة ولم يعلقوا بحرف ، قبل ذلك "سمعنا" عن سحل عدد من – الشباب المؤمن - في شوارع صعده وظلت السيارات تجر جثثهم لساعات ليكونوا لغيرهم عـِبرة وعـَبره ، هكذا كتبت بعض الصحف " اليمنية " ، وهكذا تناقل الناس أخبارهم ، مجزرة السجن المركزي بصعده دشنت المعارك الجديده التي مازالت مستمرة حتى الآن في ظل صمت رهيب !!
غير أن كل أولئك لا " بورجي" لهم ، فلم يسمع بهم أحد ولم يبث أخبارهم أحد ، السؤال الملح هنا : لماذا لم نر مشاهد المجازر في صعده على قنوات البث المباشر أو حتى المسجل ؟! لماذا رغبت القنوات الفضائية هذه المرة عن السبق والإثارة ؟! كل أولئك لا "بورجي" لهم فلا تطمح أن يتحدث عنهم أحد ! أخشى أن تكون هذه هي الإجابة !
بين مساعدي الرئيس ومستشاريه كان البورجي وحده مساعد ومستشار بحق وحقيق " وهكذا وإلا بلاش " كما يعلقون .
في عصر الانترنت وشبكاته الإخبارية ووكالات الأنباء العابرة للقارات ومتعددة الجنسيات بدا أن الذين يضربون قيوداً على المعرفة يطلبون المحال ، وأن الذين لا يرغبون في تغطية الأحداث المزعجة لهم يتمنون مالا يمكن تحقيقه ، هكذا تبدوا الأمور طالما أن هناك شبكات مراسلين متعددة يغطون كل متر مربع على وجه البسيطة ، بجزء من الثانية ينقلون الخبر وبأقل منها تتفنن وسائل إعلامهم في البث والتغطية ، غير أن هذه الحقيقة ليس بوسعها أن تعمل في اليمن !. هنا في اليمن السعيد رغم تعدد المراسلين وكثرة مكاتب وسائل الإعلام الخارجية إلا أن هناك مراسل واحد فقط يختزلهم جميعاً ، لا غير الـبورجي مراسل مركزي للغالبيه الساحقة من وسائل الإعلام الخارجية قنوات وإذاعات وصحف ، وحين راح الكثير من المراسلين يعرضون عليه الخبر أولاً ويطلبون منه الإذن ثانياً كانوا يؤكدون كفاءة الرجل ، مستشار الرئيس الإعلامي الذي حول مراسلي الصحافة الحرة والإعلام المحايد إلى مجرد موظفي تحويلة وسعاة بريد لديه ، وهم وإن كانوا يتقاضون الراتب والأجر من قنواتهم إلا أنهم يظلون عمال وشقاة لدى الـبورجي لا أكثر ، الأدلة كثيرة ولا سبيل لدحضها .
في التظاهرات الأخيرة كانت مئات الآلاف الرافضة لرفع أسعار المشتقات النفطية تجوب المدن الرئيسية أفواجاً من البشر ليس لها آخر ، في الوقت نفسه كانت القنوات الفضائية المحايدة جداً ! تتحدث عن المئات فقط وتنقل صور العشرات من المشاغبين !! . كانت تلك المظاهرات العشوائية تظهر انضباطاً أخلاقياً يثير الإعجاب ، ببساطة ماالمصير الذي كنا نتوقعه للعاصمة صنعاء – مثلاً - لو كل تلك الأفواج مارست الشغب في شوارعها ! للأسف كان المراسلون يمدون قنواتهم بصور عن أعمال الشغب الهامشية التي قام بها عشرات المشبوهين .
في صولبان خور مكسر لم يكن الأمر مختلفاً كانت أوامر البورجي تقضي ببث الخبر على هذا النحو " اكتشاف مجزرة جماعية تعود إلى ضحايا صراع أحداث 86 التي خاضها طرفي الصراع في الحزب الاشتراكي " وهكذا وببساطة تحولت أجهزة المراسلين إلى جهاز لتحديد زمن وسبب الوفاة ، وتحول المراسلون إلى أخصائيين في الطب الشرعي ، ومفتون في الطب الجنائي ، سرعة في إعطاء النتائج ودقة في تحديد الفعل والفاعل ! ليس على اللجان الدولية الراغبة في الكشف عن حقيقة مقتل الحريري إلا الاستعانة بها فوراً ، على الأخ " ميليس " إذا أراد أن يكتسب مهارة كيف يكشف الحقيقة في خمس ساعات أن يستقل أول طائرة قادمة إلى صنعاء في الحال ، لن يضطر بعدها إلى الاستقالة عن أي لجنة تحقيق قد يكلف برئاستها مستقبلاً !
- لسنا هنا نخل بمبدأً الزمالة مع البورجي بقدر ماندعوا إلى مزيد من التكريم الرئاسي له ، لا يكفي لأن يكون عضواً في الأمانة العامة لحزب الرئيس ، أثبت البورجي بحق أنه يقوم بما لم يقم به الإرياني وباجمال وكل أعضاء الطابور الخامس من العجزة والفاشلين حول الرئيس .
حزبياً .. يستحق البورجي أن يكون النائب الأول والثاني لرئيس المؤتمر وأمينه العام ومساعديه الخمس ، رسمياً.. رئاسه الوزراء ونائب الرئيس مناصب قليلة عليه .
- لسنا هنا نحرض ضد زملائنا المراسلين أيضاً نعلم أن قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ، بقدر ماهي دعوة إلى تحريرهم من سيطرة البورجي أو على الأقل التخفيف منها .
مكرهٌ مراسلكم لا بطل .. هذا مانريد إيصاله إلى تلك القنوات ، عليها بعد ذلك أن تعمل معنا على تحريرهم من الخوف الذي لم يعد مقبولاً في عالم اليوم . الواجب تجاه الوطن والواجب تجاه الزمالة خياران عندما يتعارضان فلن نتردد أن ننحاز للأول طوعاً أو كرهاً .
- لسنا هنا وفيما سنقوله لاحقاً ندعوا إلى نبش القبور وبثها على العالم أملاً في التدخل الخارجي بقدر ماهي دعوة إلى عدم مجاراة الصبية الأمنيين في خور مكسر وأسيادهم في إيصال رسائل خاطئة إلى العالم ، إذا كان على الإخوة المراسلين ان ينقلوا أخبار النبش ، فعليهم أن يمارسوا النبش وعلى أصوله كمان .
على أفلام التحقيق الصحفية المكتوبة والمصورة أن تذهب ملازمة للجان التحقيق في كل اتجاه ، في مقتل إبراهيم الحمدي وأخيه والكثير من أركان حكمه – مثلاً – مجالٌ رحب للباحثين عن الإثارة والسبق وخدمة الحقيقة أيضاً ، وهي حقيقة سيظل اليمنيون يشعرون بالغبن التاريخي إذا تم التهاون في الكشف عنها هكذا إلى مالانهاية ، كانوا يرون في إبراهيم الحمدي مشروع الدولة الحديثة التي كادوا يعيشونها ، والحلم الجميل الذي كانوا على وشك أن يحيوه ، وهم يشعرون أيضاً انه من الظلم والجحود بحق الرئيس الحمدي أولاً وبحقهم ثانياً أن تمر جريمة اغتياله هكذا بغير عقاب وأن تظل هذه الأسئلة : من نفذ ؟ ومن دبر ؟ ومن مول ؟ ومن ساعد ؟ ومن المستفيد ؟ بغير جواب !
سنعود إلى صولبان خور مكسر لماذا لا تعود تلك الجثث المكتشفة إلى ضحايا الصراع في حرب 94 ، لماذا لم يكن المنتصر في الحرب هو من نفذها ، لماذا لا تعود إلى ضحايا ماقبل يناير وماقبل أكتوبر 78 وماقبل القبلين في بلاد قد يبلغ ضحايا الصراع فيه مئات الآلاف خلال الأربعة عقود الماضية .
" لسنا أصحاب عقول محنطة " كما قال الصبري يوماً، ولسنا دعاة نبش الماضي ، لكن على الصبية الأمنيين أن يفهموا انه إن كان ولابد فإن فرق التحقيق الدولية والمصحوبة بأفواج المراسلين الإعلامية ستجوب البلاد حتماً من المهرة إلى صعده إذا استمروا في غيهم يعمهون !
Tawkkol@yahoo.com
http://al-shoura.net/sh_details.asp?det=1958
صولبان صعده وشقاة البورجي
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1041
- اشترك في: السبت مارس 19, 2005 9:03 pm
صولبان صعده وشقاة البورجي
عندما نصل إلى مرحلة الفناء على المنهج القويم ، أعتقد أنا قد وصلنا إلى خير عظيم .


-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال: