كتبه مشاري الذايدي صحيفة الشرق الاوسط

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
بدر الدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1344
اشترك في: الاثنين أغسطس 01, 2005 1:58 am
مكان: هنااك
اتصال:

كتبه مشاري الذايدي صحيفة الشرق الاوسط

مشاركة بواسطة بدر الدين »

هل الحوثي فقط من يريد إرجاعنا إلى الوراء?

حركة اتباع رجل الدين اليمني الزيدي، القتيل، حسين بدر الدين الحوثي، لا تريد ان تهدأ، ويبدو ان معركتها مع الحكومة اليمينة تنهي فصلا لتبدأ فصلا آخر. ولسنا هنا في صدد استجلاء بواعث هذه الحركة المسلحة، وسبب استعصاء القضاء على هذا التمرد المسلح لحد الآن.

اريد الاشارة فقط الى تعليق ادلى به الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن هذه الحركة ذات النكهة المذهبية الزيدية، الرئيس قال انها حركة رجعية تريد ارجاع عجلة الزمان الى الوراء، يقصد بذلك اعادة حكم الامامة، الذي انتهى مع اسرة حميد الدين، وتحديدا مع الامام البدر في 26 سبتمبر 1962.

لكن السؤال هنا، ليس هل كان حكم الامام نصيرا للماضي مخاصما للمستقبل، بل هل نجح النظام الجمهوري، العلماني، في تحقيق المضي الى المستقبل؟ هل استطاع اليمن «الجمهوري» فعلا تحريك عجلة الزمان الى الامام؟ وتحقيق شروط النجاح والانتماء للعصر في كل المجالات؟ لا اعتقد ان الاجابة ستكون سارة لمن يحب اليمن.

هذا هو السؤال، وليس هل كان حكم الامام ماضويا وحكم الجمهورية مستقبليا. فهذه المسألة ليست شعارا يرفع فقط، بل حقائق ووقائع وارقام ومؤشرات تنطق بحكاية الامر.

اليمن منذ إسقاط حكم الامامة ونجاح الثوار الجمهوريين، بدعم من عبد الناصر، ولاسباب داخلية معقدة، مر بمحطات كثيرة، لعل من ابرزها الحرب الباردة بين اليمن الشمالي البعثي واليمن الجنوبي الماركسي، وصولا الى اعلان الوحدة بين شقي اليمن سنة 1989 ثم حرب الانفصال صيف 1994، وانتصار صالح، عبر التحالف مع قوى متعددة، وعلى رأسها القوى الاسلامية الحركية بزعامة الشيخ الزنداني، الذي كان من الاصل ضد التحالف مع اعدائه الماركسيين «الملحدين» في الجنوب. وقد تحالف الزنداني والاسلاميون مع الشيخ عبد الله الاحمر شيخ مشايخ قبائل حاشد القوية، بحيث تم تكوين الحزب السياسي الجامع للاسلاميين وحلفائهم، التجمع اليمني للاصلاح 1990. وما جرى بعد ذلك كثير ومعروف، وليس من غرضنا تخصيص هذه المساحة للحديث عن السياسية اليمنية، بل الوقوف عند تعليق الرئيس حول اعادة الثوار الحوثيين الزمن اليمني الى الوراء، وغني عن القول أن هذا الاتهام ينطبق على الاصوليين السنة في اليمن ايضا، خصوصا من انصار «القاعدة»، مثل ابي علي الحارثي او الحسن المحضار، او قاتل جار الله عمر.. وغيرهم ممن واجهوا النظام بحجة الجهاد في سبيل الله واقامة شريعته، أي ان هذا الهم الاصولي الماضوي، ليس حكرا على جماعة الحوثي (الشباب المؤمن) الزيدية. مما يعني ان الصعود الاصولي الثوري حالة عامة حاليا، اخترقت كل المذاهب والطوائف، من السنة الى الزيدية الى الاباضية (طلاب العلوم الدينية الذين قبض عليهم مؤخرا في سلطنة عمان بعد مطالبتهم بحكم امامي وفق الشروط الاباضية) الى الشيعة الاثني عشرية، هذا الصعود يزدهر الآن في اوساط طوائف المسلمين كلها، لكن ذلك يجب الا يجعلنا نغفل عن ان هذا الصعود الديني الثوري داء يسري في اوردة العالم كله، بجل اديانه وكثير من مجتمعاته.

الآن، هل يكفي القول بأن أهل المذهب الزيدي يشعرون بالتهميش في بلادهم، خصوصا في معاقل الزيدية في الشمال اليمني، وأن هناك نصرة من النظام لحساب السلفيين ضدهم، كما في بروز الاخوان ودعم السلفيين في عقر ديارهم في منطقة دماج المجاورة لصعدة، مهوى الفؤاد الزيدي؟ هل يكفي تفسير انشقاق الحوثي الابن عن (حزب الحق)، المعبر التقليدي عن الزيود في اليمن، وانشاء حركة الشباب المؤمن، تفسير كل هذا بالحنق من اجل الهوية؟ ام ان مناطق انصار الحوثية تعاني من حرمان اقتصادي وفقدان رعاية الدولة، فثاروا من اجل ذلك؟ ام بسبب تحمس انصار الحوثي لمعاداة امريكا والدعوة للجهاد ضدها، ورفع شعارات بحناجر غاضبة تشبه شعارات انصار (الباسيج) في ايران او حزب الله في لبنان، من طراز «الموت لامريكا»، وهي شعارات غير مقلقة لو اقتصرت على حق التعبير عن السخط من السياسة الامريكية، ولكنها دائما ما تعني الارتباط بـ«برنامج» سياسي آخر متكامل، برنامج ثوري بديل، فحزب الله لا يشاطر حزب الشيطان رغيفا واحدا!

نعم، هناك حالة إخفاق كبير للدولة العربية الحديثة، ويجب ان يكون هذا الصعود الاصولي بشقيه: العسكري والسلمي، اي صعود القاعدة والاخوان المسلمين في نفس اللحظة، يجب ان يكون مؤشرا لشيء آخر غير قوة الاصولية، وهو ضعف وهزال الدولة الحديثة والقوى المدنية، والا فلو وجد المواطن العربي او المسلم من يوفر له خيارا افضل لربما ترك الدولة والجماعة الاصولية في نفس اللحظة!

هذه العودة للماضي بكل صوره واكثرها حرفية في الجانب السياسي، رأيناها مؤخرا في رسالة قائد ومفتي المقاتلين الاصوليين العرب في الشيشان، السعودي ابو عمر السيف، الذي أعلن عن قتله الاسبوع الماضي. ففي رسالته الى المقاتلين الاصوليين في العراق، يدعو اهل السنة، و«المجاهدين» الى الكفر بالديمقراطية لأنها مزاحمة لشرع الله و«ديانة كافرة» يجب تركها، وان يعمد اهل السنة في العراق، الى اختيار امام عدل تنطبق عليه شروط الامامة الشرعية، وفق مواصفات الفقه السياسي لدى اهل السنة قبل ازيد من الف سنة في كتب الاحكام السلطانية، وحتى بما هو افقر، بكثير، مما هو موجود في تلك الكتب...

هل صعدت الاصوليات في العالم الاسلامي؟ نعم. هل تشكل خطرا؟ الى حد كبير. هل المواطن العربي او المسلم نكص عن الدولة الحديثة والمجتمع الحديث؟ لا أظن. بل هو رفض منه للنموذج الذي تحقق للدولة الحديثة، فهو لا يبعث ابدا على التشجيع، هو رفض للنموذج وليس للفكرة من اصلها، كما انه قد يرفض في الغد، نموذج الدولة او شبه الدولة، الذي ربما حققه الاصوليون هنا او هناك، اذا تخلف الشعار عن التطبيق، ولم تمتلىء الارض عدلا بعد ان امتلأت جورا... كما هي وعود الغائبين عن كرسي الحكم الوثير الآن... وذلك هو الاختبار والمحك، بالنسبة للمواطن العادي غير المسيس.


منقوووووووووول
وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون.......!

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“