بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد .....
تحية طيبة أخي الجعفري وبعد : فإنّ تصديركم الأخير للأسَف جعلَني
آسَى على معلومات جمّة أودعناها هذا الموضوع لم تستحضِروها ، فأنتُم بنيتُم محاور كلامكم (حول الاصطفاء) على محورين مُتداخِلَين :
الأوّل : آيَة فاطر فقط .
والثاني : أنّ الخطاب فيها موجّه لجميع العباد . وأنتُم في ردّكم هذا قد اتّبعتم عاطفَة الاعتقاد ، إذ لو قارنتُم ما سطّرته أيديكم بما تكلّمنا عنه (
وأنتم السّائلون!!) بخصوص آية البقرة : ((
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) ، لأنّ موضع اللجاج والاعتراض (
الذي صدرتم به جوابكم) هُو عن معنى الاصطفاء ، ومعنى العباد ، ونحنُ قد طَرَحنَا مُستَنَدنا في كلام طويل سُقناه في مشاركاتٍ آنفَة ، وأنتُم انكرتموها بل وأنكرتُم أقوال أئمتكم وفقهاءكم (
كما ذكرنا سابقا ، وكما سنذكرُ قريباً) ،
ولو كان المُخاطِبُ قاصرَ النّظر ، وغيرُ مُلِمٍّ بمداخل ومخارج المسألة لعذرناهُ فيمَا كَتب .
ولكنّا نجدكُم غير هذا ، فأنتُم أهلُ النّظر ، فكان الواجبُ عليكُم أن تَقولوا قد طرحَ الزيديّ أدلةً على كلامه ، ونحن خالفناهُ ، ولكن هلّموا بنا إخوة البحث الجعفري ننظر إلى بقيّة كتاب الله ، هَل يشهدُ لِما قُلنا به ، أم يشهدُ للزيدي ، فتأتون على آية البقرة السّابقة ، وآية الحديد : ((
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ )) ، وإنّما أشرتُ إلى هاتين الآيتَين بالتحديد ،
لأنّها أبعدُ ما يكون عن وجود اللفاظات التي اشتكلَت عليكم ، وأخطأتم في تصديركم لها ، أعني فَهمكم لمعنى الاصطفاء ، وعدم التفريق بينه وبين التكرمة ، وخلطكم تعميم لفظة العباد وإنكاركم تخصيصها . فآية البقرة أشدّ صراحةً ، وأشدّ مدلوليّةً على قولِنا في الاصطفاء العام لبني فاطمة ، وهي افضلُ وأعدَلُ مُفسِّر لآية فاطر ،
لأنّ خيَر مُفسّرٍ للقرآن القرآن .
نعم ! ولكنّكم نسيتُم (
ما تَعبِنا في إيضاحِه لكم ) ، وعرّجتم على مايجعلكُم تَخدعونَ أنفُسَكُم ، وتُعلّلونها بالأماني الغير موثقّة والغير صامدَة عندَ المُدارسَة .
==========
إن قيل : قد خلطُتم معشر الزيدية بين تَكرمَة الله تعالى لذرية الحسن والحسين ، وبين ما تُحاولون إثباتَه من إلصاق صفة الاصطفاء العام بهم ، والحقّ أنّه لا يوجَد ما يُسمّى بالاصطفاء العام لبني فاطمة ذرية الحسن والحسين ، بل يوجد ما يُسمى بالتكرمَة الإلهية لهذه الذرية العلوية الفاطمية ، والتكريم غير الاصطفاء ، فأنتُم قد لويتُم عُنُقَ الآيات ولم تُفرّقوا بين التكريم والاصطفاء ، هذا أمر .
والأمر الثاني : أنّ العباد في آية فاطر ليس المقصود بهم ذرية فاطمة ، بل المقصودُ بهم جميعُ النّاس .
والأمر الثالث : أنّه يُستحالُ أن يصطفي الله عباداً ليسوا أكفّاء .
والأمر الرابع : أنّ الله لا يصطفي العبد عبثاُ وإنما يصطفيه لمهمة فيزوده بكل ما يحتاجه من علم وشجاعة وتسديد وتوفيق ... لكي ينجح في مهمته وإلا كان اصطفاؤه عبثاً والله منزه عن العبث .
قُلنا : وبالله التوفيق ، قد فَهِمنَا كلامكم معشر الجعفرية ، فأنصتوا لقولِنا رحمكم الله ، فنقول ، فيما يخصّ :
الأمر الأول : أنّا في الحقيقة لم نَخلِط بينَ معنى التَكرِمَة الإلهيّة ، وبينَ معنى الاصطفاء الإلهي ،
بمعنى : أنّا نَسبَنا الاصطفاء الإلهي لعموم ذرية الحسن والحسين ، والأصل الصحيح هو التكرمَة بدلاً من الاصطفاء ،
فهذا وهمٌ . لأنّ الله تعالى قال في كتابه الكريم : ((
ثمّ أورَثنا الكتابَ الذين اصطَفينَا)) ، ولَم يقُل : ((
ثمّ أورثنَا الكتاب الذينَ كرّمنَا)) ، وأيضاً لم يَقُل جلّ شأنُه : ((
ثمّ أورَثنا الكتاب الذين فضَّلنا)) ، بل قال : ((
ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطَفينَا)) ، والاصطفاء فأخصّ من التكريم والتفضيل وإن كان للأخيرتين ثِقَلُها ،
والرسول فلا ينطقُ عن الهوَى ، فما بالُكَ بالله جلّ شأنه ، ونحنُ ما عَدونا قول الله في الاصطفاء إلى قولكم بالتكرمَة ،
هذا مِن جَهة .
وأمّا من جهةٍ أُخرَى فإنّ تأويلَكُم للاصطفاء بمعنى التكرمَة لا غير ، فإنّه يدخلُ تحت هذا إذهابُ الخصوصيّة لتلك الطوائف الثلاث ، بما فيهِم السّابقون بالخيرات ، بل إنّكم بإدخال جميع النّاس في هذه الآية ، تُذهبونَ خصوصيّة الطوائف الثلاث وعلى رأسِها طائفة السابقون بالخيرات ، إذ قد يكون هُناك احتمالٌ أن يكون السّابقون بالخيرات من سائر النّاس غير بني فاطمة بعموم ، أو حتّى أئمتكم الإثني عشر ، لأنّكم بالتأكيد لن تخصّوا صفة السّبق بالخيرات في أئمتكم فقط ، وأنّ مَن عَداهُم من أمة محمد بن عبدالله لا يستحقُّها !! ، وهذا لو ذهبتُم إليه فلا دليلَ عليه ، لأنّ الخطاب جاء عامّا (حسب قولكم) في جميع العباد ، ولم يخصّ مُقتصدون عن مُقتصدين ، ولا سابقون بالخيرات عن سابقين ، ومنه فإنّي أعجَبُ أنّكم بعدَ أن قُلتم بأنّ الآية لا تدلّ على اصطفاء عام لبني فاطمة ، بل تدل على التكرمة ، ثمّ قُلتم هي تُخاطب جميع العباد ، أعجبُ أنّكم تستدلون على النص الإمامي بقول الله جلّ اسمه : ((ومنهم سابقٌ بالخيرات
بإذن الله)) ، تستدلون على النص بقوله : ((بإذن الله)) وهذا فالتناقُضُ بعينه ، إذ كيفَ ترجّحَ لكم أنّ السابقون بالخيرات هم أئمّتكم ، أليس لي أن أقول على أصلِكم :
أنّ الخطاب موجّهٌ لجميع العباد ، فالظالمون لأنفُسهِم طائفةٌ تشمل كلّ ظالمٍ من هذه الأمّة . والمُقتصدون طائفةٌ تشملُ كلّ عابدٍ زاهد من هذه الأمّة . والسّابقون بالخيرات طائفةٌ تشمل كلّ عالمٍ عاملٍ من هذه الأمّة ، وهذا فيُناقض ما استدلّيتم به من قوله : ((بإذن الله)) ، ومن تخصيصكم صفة السبق لطائفة عِرقيّة معيّنة من النّاس بعد أنّ عممّتم الكلام على الجميع ، وهذا من جهَة .
وأمّأ من جهة ثالثة فإنّكم تقولون : ((فهذه
المصاديق القرآنية تؤكد أن عبادنا في الآية محل البحث هم كل العباد وليس ذرية الحسن والحسين وأن المصطفين هم السابقون بالخيرات من العباد وهم أفضلهم )) ، وهذا أخي الجعفري يُوقعُكَ في الإشكال السّابق ، وفي عين التناقض القريب ،فكيفَ خصَصَت طائفة السّابقين بالخيرات
بالاصطفاء دون البقيّة ، والخطاب الاصطفائي جاء مُشتملاً على جميع الطوائف !! ، أم أنّك تقول : أن طائفة الظالمين والمُقتصدين الاصطفاء في حقّهم إنّما هو تكرمَة فقط ، وطائفة السابقين بالخيرات اصطفاء وانتجاب إلهي إمامي نصّي ، وهذا فقمّة المُكابرَة ، والمُباهتَة .
والأمر الثاني :
وهُو المهم عندي ، لأنّه متى انتفَى انتفَى تعذّركم بالتكرمَة ، وإنكاركم للاصطفاء العام لبني فاطمة ، الذي ناقشناه في الأمر الأول .
فنقول : إنّ قولَكم بأنّ لفظة العباد تعني جميع العباد ، ولا تخصّ ذرية الحسن والحسين ،
هُو أمرٌ مُستحدثٌ قالت به العاطفَة للاعتقاد ، وخالفتُم به قول الجعفرية المشهور عن أئمّتهم وفقهاءهم ، وهُو قولُ مُستحدَثٌ لم تُطبِق عليه الجعفرية ، بل قد أنكرَهُ الإمام الرّضا علي بن موسى صلوات الله عليهما ، كما ذكرنا سابقاً ، وسنُعيدهُ هُنا ،
فإن كان الأمر كذا ، من أنّ العباد في الآية لفظةٌ ليسَت تضمّ تحتها جميع العباد ، بل تضمّ تحتها جميع بني فاطمة من أبناء الحسن والحسين ، فإنّ كلامنَا في أصل البحث ما زالَ قائماً ، وأنّ الاصطفاء العام للذرية الفاطمية هو المقصود بآية فاطر ، لأنّا وجدناكم أخي الجعفري بنيتُم إيراداتكم وتصديراتكم أعلاهُ على أنّ لفظة ((عبادنا)) تعني جميع النّاس دون بني فاطمة ، ونحنُ فمتى أثبتنَا لك أن قولَك هذا مُبتدَعٌ ليسَ الجعفرية عليه ، أثبتنا صحّة قولنا ، واختصرنا الكلام على بحثكم الذي ذهبَ إى غير مذهب الجعفرية في النص الاصطفائي في آية فاطر ، وهُنا تأمّل أخي الجعفري ، ما نردّ به عليكَ قولَك بأنّ لفظة العباد تعني جميع العباد الفاطمي وغيره من الناس ، فنقول :
[
أولاً : أقوال أئمة الجعفرية في خصوصيّة آية فاطر بأهل بيت الرسول(ص) ] :
1- روى الصّفار في بصائر الدرجات (ص44) ، بسنده :
((عن سورة بن كليب ، عن
أبي جعفر عليه السلام أنه قال في هذه الآية : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا . . الآية ، قال :
السابق بالخيرات الاِمام ، فهي في ولد علي وفاطمة عليهم السلام )) .
تعليق : تأمّل تأويل الباقر صلوات الله عليه للآية ، واشتمالِها بنصّه (ع) على أبناء علي وفاطمة ، وأبناء علي وفاطمة يدخلُ فيهم بنوا الحسن والحسين ، وهذا فدليلٌ على صحّة ما ذهبنا إليه من الاصطفاء العام من الله تعالى لبني فاطمة بعموم .
2- أورد المجلسي في البحار 23/218 :
((عن أبي إسحاق السبيعي قال : خرجت حاجاً فلقيت
محمد بن علي فسألته عن هذه الآية : ثمأورثنا الكتاب . . الآية ؟ فقال : ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق ؟ يعني أهل الكوفة ، قال : قلت يقولون إنها لهم ، قال : فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة ؟ ! قلت : فما تقول أنت جعلت فداك ؟ فقال : هي لنا خاصة يا أباإسحاق ، أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين
والشهيد منا أهل البيت [
وأهل البيت هم ذرية فاطمة بني الحسن والحسين ] ، وأما المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، وأما الظالم لنفسه ففيه ما جاءفي التائبين وهو مغفور له )) .
تعليق : وهُنا تأمّل إنكار الباقر (ع) ، لقول أهل الكوفة أنّ الآيَة لهُم ، يُريدون أنّها لجميع الأمة ، فيردّهم الباقر (ع) ، بقوله : ((هِيَ لَنا خاصّة)) ، أي هِيَ لنا يا بني فاطمة خاصّة دون بقيّة النّاس . وبني فاطمة يدخل فيهم بنوا الحسن والحسين ، فيكون هذا دليلاً على الاصطفاء العام من الله تعالى لهم جميعاً .
3- روى الشيخ الصدوق في أماليه ، المجلس التاسع والسبعون ، ص615 :
((عن الريان بن الصلت، قال: حضر
الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق والخراسان، فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية (
ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) . فقالت العلماء:
أراد الله عز وجل بذلك الامة كلها. فقال المأمون: ما تقول، يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام):
لا أقول كما قالوا، ولكني أقول: أراد الله العترة الطاهرة .. إلخ )) .
تعليق :وهُنا يُردّ الرضا علي بن موسى (ع) ، قولَ مَن قال أنّ العباد في الآيَة تعني جميع الأمّة ، ويُثبتُ صلوات الله عليه أنّ الآية تخصّ العترَة الطاهرة ، ولو تتبّعنا كامل الرواية المُشار غليها لوجدنا أنّه يقصد بالعترة جميع بني الحسن والحسين ، لا أنّهُ يعني أفراداً مُيّنين منهم .
4- روى في الثاقب في المناقب للطوسي (ص566) :
((وعنه قال : كنتُ عندَ
أبي محمّد [الحسن العسكري] عليه السلام فسألته عن قول الله تعالى : ((ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله)) ؟ فقال عليه السلام :
كلهم من آل محمد عليهم السلام ... إلخ . )) .
تعليق : وآل محمّد فهم ذرية الحسن والحسين .
5- روى ثقة الجعفرية محمد بن يعقوب الكليني في أصول الكافي 1/215 :
((عن أحمد بن عمر قال: سألت
أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " الآية، قال: فقال:
ولد فاطمة عليها السلام ... إلخ )) .
6- روى الصّفار في بصائر الدرجات (ص66) ، بسنده :
((عن عمّار الساباطى عن
أبى عبد الله عليه السلام : ((ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)) قال : قال :
هم آل محمد .. إلخ )) .
7- روى الحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل (وهو كتاب لهُ مكانتُه عند الجعفرية) ، 2/156:
((عن أبي حمزة الثمالي عن
علي بن الحسين ، قَال : إنّي لَجَالِس عِندَهُ ، إذ جَاءَه رَجُلان مِن أهل العِراق ، فقالا : يا ابن رسول الله جئناكَ كَي تُخبِرَنَا عَن آياتٍ مِنَ القرآن . فَقَال : وَ مَا هِيَ ؟ قَالا : قول الله تعالى : ((
ثمّ أورَثنا الكتاب الذين اصطَفينا)) فَقال (ع) : يَا [و] أهلَ العِراق أيش يقولون ؟ قَالا : يقولون :
إنّها نَزَلَت في أمّة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فَقال : علي بن الحسين : أمّة محمّد كلّهم إذا في الجنة ! ! قّال : فَقلتُ مِنْ بَين القَوم : يَا ابن رسول الله
فِيمَن نَزَلَت ؟ فَقَال :
نَزَلت و الله فِينَا أهل البَيت ثَلاث مَرّات . قُلتُ : أخبِرنَا مَنْ فِيكُم الظّالِمُ لِنَفسِه ؟ قَال :
الذي استوَت حَسَنَاتُه و سَيئاتُه و هو في الجنّة ، فَقلتُ : و المُقتصد ؟ قال :
العابِد لله في بيته حتى يأتيه اليَقين ، فَقلت : السّابق بالخيرَات ؟ قَال :
مَنْ شَهَرَ سَيفَه وَ دَعَا إلى سَبيلِ ربّه )) .
تعليق : وزين العابدين (ع) هُنا يردّ قولَ مَن قال أنّ لفظة العباد تعني جميع الأمة دون بني فاطمة أبناء الحسن والحسين . وهذا الأثر عن زيد العابدين (ع) نطقَ بعقيدة الزيدية ، وخالفَ على الجعفرية ، فالزيدية هي مَن تشترطُ الدّعوة في الإمام ، لأنّ الخروج بالسيف يعني إشهار الدّعوة ، وقول زين العابدين هذا هو نفس قول سادات أبناء عمومته من ساداتي بني الحسن والحسين ، فهذا حفيده الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (ت247هـ) ، يقول بنفس قول جده ، وقوله (ع) في السّابق بالخيرات : ((
والسّابق بالخيرات: الشاهر سيفه، الداعي إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، )) .
8- وجاء في تفسير أبي حمزة الثمالي ، ص276 ، لجامعه عبدالرزاق حسين حرز الدين ، والذي قدّم له الشيخ العلامة محمد هادي معرفة ، والصادر في إيران ، جاء فيه رواية عن الشيخ الصدوق تُشبه رواية الحسكاني ، اللهم ان الصدوق رواها عن أبي جعفر الباقر (ع) ، فجاء في التفسير ، ما نصّه :
((249 - [ الصدوق ] حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى البجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف الكوفي، قال حدثنا عبد الله بن يحيى، عن يعقوب بن يحيى، عن أبي حفص، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت جالسا في المسجد الحرام
مع أبي جعفر (عليه السلام) إذ أتاه رجلان من أهل البصرة فقالا له: يابن رسول الله إنا نريد أن نسألك عن مسألة فقال لهما: اسألا عما جئتما. قالا: اخبرنا عن قول الله عزوجل: ((ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرت بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير)) إلى آخر الآيتين.
قال:
نزلت فينا أهل البيت. قال أبو حمزة فقلت: بأبي أنت وامي فمن
الظالم لنفسه ؟ قال:
من استوت حسناته وسيئاته منا أهل البيت فهو ظالم لنفسه. فقلت:
من المقتصد منكم ؟ قال:
العابد لله ربه في الحالين حتى يأتيه اليقين. فقلت: فمن
السابق منكم بالخيرات ؟ قال: م
ن دعا والله إلى سبيل ربه وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ولم يكن للمضلين عضدا. ولا للخائنين خصيما، ولم يرض بحكم الفاسقين إلا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد أعوانا)) .
تعليق : وهُنا يُقال بقولنا السّابق ، ويُضاف أنّ قول الباقر (ع) نطق بعقدية الزيدية في اشتراط وجود النّاصر للقيام والدعوة وسلّ السيف .
9- روى الحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل (وهو كتاب لهُ مكانتُه عند الجعفرية) ، 2/157:
((عن أبي خالد ، عن
زيد بن علي في قوله تعالى : ثم أورثنا الكتاب و ساق الآية إلى آخرها و قال : الظالم لنفسه المختلط منا بالناس و المقتصد العابد
و السابق الشاهر سيفه يدعو إلى سبيل ربه )) .
تعليق : وهذا قول الزيدية بعينه .
[
ثانياً : أقوال مُفسّري وفقهاء الجعفرية في خصوصيّة آية فاطر بأهل بيت الرسول(ص) ] :
10- تفسير السيد محمد حسين الطباطبائي الجعفري لقول الله تعالى ((
ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطَفينا من عبادنا فمنهُم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابقٌ بالخيرات )) ،
مع العلم أنّ هذا السيّد قد نطق بعقيدة الزيدية في الآية تماماً ، فتأمّل تفسيره الأمثل :
ملاحظة : ما بين الـ [ ] ، هُو زيادةٌ منّي للتوضيح ، [
ما كان باللون الأحمر فهو منّي ]
والبقيّة من كلام السيّد.
(( وقيل وهو المأثور [
تأمّل] عن الصادقين ( عليهم السلام ) ، في روايات كثيرة مُستفيضة [
تأمّل] ، أنّ المُراد بهم ذرية النّبي (ص)
من أولاد فاطمة [
وهُوَ قول الزيدية ، وأولاد فاطمة هُم بنو الحسن والحسين] ، وهُم[ تأمّل]
الدّاخلون في آل إبراهيم في قوله : "
إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم ..." .... [
إلى أن قال ، مُفسّراً الطوائف الثلاث ] .... وقوله : "
فمنُهم ظالمٌ لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات " ، يُحتمل أن يكون ضمير "
منهُم " راجعاً إلى "
الذين اصطَفينا " ، فيكون الطوائف الثلاث ، الظالم لنفسه والمُقتصد والسابق بالخيرات ،
شُركاء في الوراثة [
تأمّل ، فهذا هُو قولُ الزيدية] ، وإن كانَ الوارث الحقيقي [
من أولاد فاطمة ، بنو الحسن والحسين] العالم بالكتاب والحافظ له ، هُوَ السّابق بالخيرات .
[
إلى أن قال السيّد الطباطبائي ]
وما في الآية من المُقابلة بين الظالم لنفسه والمُقتصد ، والسّابق بالخيرات ، يُعطي أنّ
المُراد بالظّالم لنفسه [
من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين] : مَن عليه شيء من السيئات وهُوَ مُسلمٌ من أهل القرآن
لكونه مُصطفىً ووارثاً [
وهُوَ قول الزيدية ، وتأمّل شمول الاصطفاء للظالم لنفسه في كلام السيّد] ،
والمُراد بالمُقتصد [
من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين] : المتوسّط الذي هو في قصد السبيل وسواء الطريق .
والمُراد بالسابق بالخيرات بإذن الله [
من ذرية فاطمة ، أبناء الحسن والحسين ، وهُوَ قول الزيدية دون الجعفرية ، فالجعفرية على كلام السيّد السّابق أثبتت اشتمال الآية على ذرية فاطمة بعموم ، في صفتي الظلم للنفس والاقتصاد ، ثمّ خصّصت صفة السّبق لبطنٍ من بطون ذريّة فاطمة ، بل لجزءٍ من بطن الحسين ، مثّله التسعة ، وهذا لا يستقيم ، فإمّا أن يقولوا أنّ المُقصود بالمُصطفين هم ذريّة فاطمة بعموم ، وعليه فعليهم تعميم جميع الطوائف عليهم وتجويز الإمامة في الحسني والحسيني ، وإمّا أن يقولوا أنّ المقصود بالمُصطفين هُم ذرية الحسين التسعة ، ومنهُ ، فعليهم إلصاق جميع الطوائف ( الظالمة للنفس ، والمقتصدة ، والسابقة بالخيرات ) ، في هؤلاء التسعَة ، نعم ! نعود لتفسير السيّد للسابق بالخيرات مَن هُو ، فيقول هُوَ ] : مَن سبَقَ الظالم والمُقتصد إلى درجَات القُرَب ، فهُوَ إمامُ غيره بإذن الله ،
بسببِ فعل الخيرات ... إلخ تفسيره )) اهـ من تفسير الميزان ، ج17 ، سورة فاطر .
11- يقول علي بن إبراهيم القمي في تفسيره (تفسير القمي) 2/209 : ((
ثمّ ذَكَرَ [الله] آل محمد ، فَقَال : ((
ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا )) ... إلخ )) .
12- أيضاً انظر تفسير نور الثقلين (4/361) وما بعدها ، للشيخ عبدعلي العروسي الحويزي ، تجده جامعاً الأخبار الدالّة على اختصاص بني فاطمة بالآية دون غيرهم من الناس ، بشكل جيّد ، فراجعه .
نعم ! وبهذا القدر من النقولات أكتفي ، وهي لذوي الألباب كافيَة .
والأمر الثالث : وهُو استحالَةُ أن يصطفي الله تعالى أُناساً غير أكفّاء ، قد سبقَ الإجابَة عليه في حوارنا الطويل السّابق ، فليُراجَع ، لأنّا للأسف وجدنا كاتب الرسالة الجعفري لم يُحِط بجميع نقاط البحث إحاطةً تامّة ، وهذا يُلجؤنا إلى التكرار ، وجوابي على هذه الاستشكال القريب دليلٌ على هذا .
إن قيل : ثمّ إنّكم أخطأتم تأويل إيراث الكتاب في الآيَة ، بمعنى : إيراث فهمه ، وجعل الفهم الصحيح التام للكتاب في الذرية الفاطمية ، وأنّ الحق معهُم إلى يوم الدّين . لأنّ الله تعالى يقول : ((
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا )) . والآيات التي قبل هذه الآية تذم أهل الكتاب اللذين كانوا بالمدينة فالسورة مدنية فيكون آل إبراهيم هنا هم آل محمد وليس آل إبراهيم عن طريق يعقوب ( عليه السلام ) . والمقصود من آل محمد هنا ليس كافة ذرية الحسن والحسين بل المصطفون منهم وهم أئمة الهدى ( عليهم السلام ) فقد آتاهم الله الكتاب والحكمة والملك العظيم وهذا هو الميراث بعينه لا ما تذهبون إليه من أن الميراث هو الفهم الصحيح للقرآن .
قلنا : قد خلطتُم هُنا اخي في الله الجعفري ، ونحنُ نبيّن لك خلطَكَ هذا ، فإنّا ما خصصَنا معنى الإيراث في آية فاطر ، بالفهم الصحيح التام للعقيدة المحمديّة ، إلاّ لقرينة الآية ، فالآية تقول : ((
ثمّ أورَثنا الكتاب الذين ..إلخ)) ، وهُنا لم يُذكَر المُلك ، بل ذُكِرَ الكتاب ، ولو أتينَا على آيَة النساء التي ذكرتها : ((
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ))
لقلنا أن تأويلها : أنّ الله جعل الفهم الصحيح التام للعقيدة المحمديّة ، والإمامة العُظمى (المُلك) في الدين والدّنيا لآل محمّد ، فافهمَ ذلك رحمكَ الله . أيضاً نجدُنا نستغربُ أنّك اثبتّ أنّ المقصود بآل إبراهيم في الآية هم (آل محمّد) ، وآل محمّد فهم بنوا الحسن والحسين بالاتفاق ، ولَو رجعتَ للنقولات السّأبقة عن الأئمة لوجدتَ أنّ بعض الأئمة يقول بني فاطمة ، والبعض الآخر يقول آل محمد ، والكل يعني بنوا الحسن والحسين ،
نعم !
وجدناك تُثبت أنّ المقصود بآل إبراهيم هم آل محمد ، ثمّ وجدناك تخص أئمّتكم الإثني عشر بهذه اللفظة دون غيرهم من بني عمومتهم من بني فاطمة ؟! ، وهذا ما نحتجّ عليكُم به مراراً وتكراراً معشر الجعفرية ، فأنتُم تُخصّصون آيات الاصطفاء ببعض آل إبراهيم (بعض آل محمد) دون البعض الآخَر ، والله فيذكُر جميع (آل إبرهيم) الذين هم جميع آل محمد ؟! ، فما هو الدليل على أنّ آل إبراهيم هُم الاثني عشر من أئمتكم معشر الجعفرية ؟! . فليس خِطاب الزيدي كخطاب السنّي ، فيما يخصّ أهل البيت (ع) .
جعفري كتب :
بالنسبة للرواية رقم 1 نقول :
إن الأئمة عليهم السلام لا ينزل عليهم الوحي بل هو علم الغيب علمه الله إلى رسوله المصطفي و أخذه الأئمة عن رسول الله (ص) فالإمام كان يعلم أن هذا السائل سيأتيه في هذا الوقت ويسأله عمن يخلفه لذلك بادره بالإجابة .
ثم هناك نقطة أخرى لماذا سأل السائل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) عمن يخلفه ؟ أليس هذا دليلاً على أن مسأله الإمامة كانت واضحة لدى الناس وأنه لابد للإمام الموجود أن يستخلف وهذه نقطة في صالح الإمامية وليست في صالح الزيدية .
ولرب سائل يسئل إذا كان الأئمة منصوص عليهم من قبل الله على لسان رسوله (ص) فلماذا خفيت على السائل ؟ فنقول إن العباسيين قد أحكموا الخناق على أئمة الهدى لئلا يتصل بهم الناس وأشاعوا بين الناس ألأكاذيب التي أخفت حقيقة الأئمة فهذا السائل قد علم بوجود الإمامة وعرف حق الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ولكنه لا يعلم من سيخلفه نتيجة للتكتيم الإعلامي الذي فرضه العباسيون على أهل البيت فجاء يسئل الإمام لذلك ترى الإمام (ع) يقول : فإن بقيت بعدي فاشهد له بذلك عند شيعتي و أهل ولايتي المستخبرين عن خليفتي من بعدي.
وهذا دليل على أن هناك الكثير من شيعة الإمام قد خفي عليهم أمر الإمام الذي سيخلف الإمام موسى بن جعفر نتيجة لسياسة القمع والإرهاب والتكتيم الذي انتهجته الدولة العباسية وقد طلب الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) من السائل أن يشهد للإمام الجديد عند شيعته حتى يصدقوه .
سيدي النّص على أئمة الجعفرية لم يكن لا ظاهراً ولا مشهوراً ، وإلاّ فما رأيُكَ بجهل محمد بن جعفر الصادق بإمامة أخيه الكاظم ، حتّى خرج ودعا إلى نفسه بالإمامة على مذهب الزيدية ، بل وتُسمّيَ بأمير المؤمنين !! ، ثمّ ما رأيُك في رواية الصدوق في العيون [م1 ب6 ح2 ] : ((عن أبي نضرة قال لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر ( ع ) عند الوفاة دعا بابنه الصادق ( ع ) ليعهد إليه عهدا فقال
له أخوه زيد بن علي ( ع ) لو امتثلت في تمثال الحسن و الحسين ( ع ) لرجوت أن لا تكون أتيت منكرا فقال له يا أبا
الحسن إن الأمانات ليست بالتمثال و لا العهود بالرسوم وإنما هي أمور سابقة عن حجج الله عز و جل ثم دعا بجابر بن عبد الله فقال له يا جابر حدثنا بما عاينت من الصحيفة ..إلخ )) ،
ما رأيُكَ بجهل زيد بأن الإمامة نصيّة ، لأنّ زيد كان يُريد من الباقر أن يُعطيه الإمامة كما أعطى الحسن الحسين الإمامة !! ، فأين الشّهرة في النّص ؟! ، بل أني وجود النّص ، أيضاً انظر حال داود الرقي عندما قَال : قلتُ لأبي إبراهيم موسى بن جعفر (ع) جُعلتُ فِدَاك قَد كَبُرَ سنّي
فَحَدّثنِي مَن الإمام بَعدَك ؟ قَال : فَأشَارَ إلى أبي الحسن الرضا (ع) وقال :
هذا صاحبُكم مِنْ بَعدِي . [عيون أخبار الرضا م1ب4ح7و8 ] ،
فانُظر ذلك الرّجل المُتشّيع الذي شاخ على حبّه لآل بيت رسول الله ، ثمّ هُو لا يعرفُ إمامَهُ بعد إمامِه !! ، ولا يعرفُ شيئاً عن النّص الاثني عشري المُتسلسل بالاسم والعدد ، ثم انظُر موسى الكاظم لم يُقم الحجّة عليه بأن أخبرَه بمَن هُو خليفته ابتداءً منه ، والله المُستعان . فإن أنتَ وقفتَ أخي الجعفري على هذا الخلل ، فسدّه بترجيح عقلك على هواك ،
واحذر ممّا يتعلّل به الجعفريّة من أنّ ولاة بني أميّة والعبّاس قد سعَوا في دفن هذا الخبر الاثني عشري ، فإنّ في تصديقك لكلامهم هذا ، تسفيهٌ لله الذي (لو كان كلام الجعفرية في النص الاثني عشري صحيحاً ) لصانَهُ من الضيّاع كما يصونُ الآية من القرآن (لأنّ هذا الأمر دين) ، كما صان سبحانه وتعالى الأحاديث الجمذة الواردة في أهل البيت (ع) وفي أمير المؤمنين كحديث الغدير والمنزلة والسفينة والنجوم والثقلين وأمثالها ، فإنّ أعداء الله سعوا في دفنها وطمرها وما استطاعوا ، وهي الأقل دلالةً في الإمامة الإثني عشرية ، فما بالك بأمّ وأب النصوص الإمامية نعني تلك المُتسلسلة بالاسم والعدد (لو كان لها وجودٌ على أرض الواقع) ، والله المُستعان .
جعفري كتب :
بالنسبة للرواية رقم 2 نقول :
إن الإمام قد علم بعدم الإذن له في الإجابة ليس في لحظة السؤال لكن من رسول الله ( ص) فالله أعلم رسوله بما كان ويكون إلى يوم القيامة ومن ضمنها سؤال هذا السائل فكل إمام يلتزم بما أمره الله عن طريق رسوله (ص) فلا تستغرب ذلك فالإمام شأنه عظيم عند الله .
سُبحان الله العظيم ،
ما أسهل الكلام ،
وما أصعبَ التصديق .
جعفري كتب :
بالنسبة للروايتين رقم 3 و 4 نقول :
نعم إن الأئمة يعلمون متي يموتون وكيف ستكون ميتتهم فهذا شيء عادي لمن اصطفاه الله وجعله حجة على الناس فلا تستغرب ذلك والحسين عليه السلام كان يعلم أنه سيموت في أرض كربلاء يوم العاشر من محرم غريباً عطشاناً شهيداً على يد العصابة المجرمة فقد نزل الوحي على رسول الله (ص) وأخبره بمقتل الحسين ( عليه السلام ) حين ولدته أمه الزهراء ( عليها السلام ) . وكذلك بقية الأئمة علموا ذلك من رسول الله (ص) فلا تستغرب ذلك .
وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
أخي الكريم ،
لي قناعة مع نفسي دائماً تُحدّثني نفسي بها ،
وأُحدّثها عنها : (
أنّ الجعفريون مُستعدّون لنسفِ جميع عقائدِهم لإثبات العقيدة التي يُجادلونَ فيها ، فأنتُم بقولكم بأن العباد المقصودون في آية فاطر هم جميع العباد رميتم بأقوال أئمّتكم عرض الحائط ، لا لشيء ، ولكن لتُثبتوا صحّة كلامكم فيما ذهبتُم إليه من عدم أحقيّة بني الحسن والحسين للاصطفاء . ثمّ أنتُم هُنا بكلامكم الساّبق تقعون في نفس المحظور ، (فأنتُم تُثبتون أنّ مقتل الحسين قد أخير به الرسول (ص) ، إذاً فهوَ من الأمور الحتمية الوقوع التي لا يجوزُ البدَا فيها ، ولا التبديل ) ، ثمّ أنتُم تقولون في الرواية المنقولة القريبة أنّ الله أنزلَ مَلكا يُخيّر الحسين بينَ النّصر وبينَ الشّهادَة ، فاختارَ الحسين الشهادَة ، وهُنا فإنّ الله بتنزيله لاحتماليّة النّصر للحسين (ع) فإنّ هذا منه بداءٌ في الأمر وتبديل ، والمحتومٌ فلا تبديلَ فيه .
جعفري كتب :
بالنسبة للروايتين رقم 5 و 6 :
نقول : إن من يجهل شأن أئمة الهدى ومصابيح الدجى وشفعاؤنا يوم القيامة يمكن أن يعتبر هذا من الغلو فيهم ولكن يا أخي العزيز أنت تقرأ القرآن ليلاً ونهاراً ألم تمر عليك هذه الآيات :
(ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ *) – فصلت : 30 - 32
فأي عبد يوحد الله ولا يشرك به شيئاً تتنزل عليه الملائكة تبشره بالجنة وكلمة تتنزل هنا تدل على كثرة النزول .
فإذا كان هذا شأن العبد المؤمن فما ظنك بالهداة إلى الصراط المستقيم ألا تتنزل عليهم الملائكة؟ فلماذا تستغرب من ذلك ؟!!!!!!!!!!!!
و قول الملائكة نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة دليل على أن نزول الملائكة على المؤمنين في الدنيا والآخرة فما ظنك بأئمة الهدى فلا تستصغر شأنهم فإن شأنهم عند الله عظيم .
عظيمٌ أنّك أثبتَ أن تنزّل الملاكئة أمرٌ يخصّ جميع المؤمنين ، وليسَ أمرٌ يخصّ أئمّتكم فقط!! (
فاثبُت على هذا) ، ولكنّك أخي الفاضل ذهبتَ إلى غير مَذهب في هذه المسألة ، لأنّك ظننتَ أن تنزّل الملائكة على المؤمنين ، هُو تنزّلٌ في أيّ وقت وفي كلّ وقَت ، وليس على هذا دليل ، بل الثابت الصحيح عند اهل الإسلام أنّ الملائكة لاتُخاطبُ العَبد إلاّ عندَ احتضاره (ساعة الوفاة) ، ولو تأمّلتَ الآية جيّدا لوجدتَ أنّ الشّاهد فيها على ما قُلنا أقوى وأدلّ ، وذلك عندما تُخاطب الملائكة العباد المُتقين المُخلصين ، الذين دنت منيّتهم والله عنهم راضٍ ، فيُخبرونَهُم بمآلهِم وعاقبتهم أفي الجنّة فيبشرّونهم أم النّار فيُعزّوهم ، والملائكة فهم أولياء المؤمنين في الدنيا ، فهم يستغفرون لهم ، ويؤمنون على دعائهم ، من حيث لا يرى بعضهُم بعضاً ، ولا يكلّم بعضهُم بعضاً .
جعفري كتب :
إن الأمر بالنسبة للمسلمين يقتصر فهمهم لدينهم على العلم الذي ذكرته آيَةٌ مُحكَمَةٌ، أو فَرِيضَةٌ عَادِلَة، أو سُنّةٌ قَائمَة، وهذا ما يحتاجونه لكي يعبدوا الله على الوجه اللذي يريده منهم أنا اتفق معك في ذلك ولكن بالنسبة للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الأطهار الأمر مختلف فالقرآن يصرح بأنهم آتاهم الكتاب والحكمة والملك العظيم فهل تنكر ذلك ؟ فليس فقط علم الكتاب بل معه الحكمة والملك العظيم وهذا دليل على أنهم مهيئون لمهمة كبرى فلا تقلل من علمهم صلوات الله وسلامه عليهم فلا أحد يعلم مبلغ علمهم إلا الله عز وجل .
هُنا نوعٌ من العاطفة أخي الجعفري ، و لا تهوّل من لفظة (
الكتاب والحكمة والمُلك العظيم ) ،
لأنّ الجعفرية تُفسّر الكتاب بالنبوّة ، والحكمَة بالسنّة ، والمُلك بلزوم الطّاعة ، وليسَ في هذا ما يدلّ على أنّ هم علوماً خارقة للعادة .
جعفري كتب :
كتب الكاظم :
اقتباس:
ثمّ أُضيفُ سؤالاً للأخ جعفري (إن كان يقول أنّ أئمّته يعرفون جميع العلوم الدينيّة والدنيويّة) ، فَهلْ كان الباقر يعرفُ كيف تُصنعُ الطائرات والسيارات ؟ أم أنّ الصادق كان يُشيرُ إلى الحاسبات الآليّة والأنظمة القميّة المتطوّرة اليوم ؟ أم أنّ الكاظم كان مُطّلعا عارفاً لأجهزة الطب المُتقدّمة ؟ أم أنّ الرضا كان ضليعاً في علم النّفط والبترول وكيفيّة استخراجه ؟ أم أنّ الجواد كان يعرفُ عن المُترجمات اللغويّة المُتعدّدة ؟ أم أنّ الهادي كان مُلمّا بأدوات وآلات البناء المُستخدمة في عصرنا الحاضر ؟ أم أنّ العسكري كان مُتمكنّا من الإشارة إلى صناعة الغواصّات البحرية ؟ أم أنّ المهدي في يومنا هذا كان مُبرزّاً مُتمكّناً مُصقّعاً في تخصيب اليورانيوم النووي ، فيُساعدَ شيعته في هذا.
فهذه العلوم أخي الجعفري علومٌ دنيويّة ، ليسَ تضرّ أتباع الأئمة ، ولا الأئمّة أنفُسَهُم ، إن هُم جَهِلُوها . صلوات الله على سادات بني الحسن والحسين .
الأخ الكاظم المحترم :
لا تغتر بحضارة هذا العصر فعند أئمة أهل البيت ما هو أعظم من هذا وسأوضح لك :
إن آصف بن برخيا وهو وصى سليمان ( عليه السلام ) قد أحضر عرش بلقيس في لمح البصر فهل تقل لي ما مدى العلم الذي وصلت إليه حضارة اليوم مقابل ما فعله آصف بن برخيا إنه لا شيء ولا يوجد وجه للمقارنة فحضارتنا ضئيلة جداً أمام هذا العمل الجبار الذي قام به وصي سليمان (ع) وأن وصي سليمان (ع) عنده علم من الكتاب أي بعض العلم فكيف بمن عنده علم الكتاب وهم آل محمد فماذا تتوقع منهم أن يفعلوا . طبعاً كل هذا بإذن الله .
والقرآن يقول : ( ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أوكلم به الموتى ... )
فأئمة أهل البيت عليهم السلام عندهم علم الكتاب يقدرون على ذلك بإذن الله فهل تنكر ذلك ؟
إذاً أعتبرُ هذا اعترافٌ ضمني أنّ أئمتكم قد يعلمون علوماً ، ويجهلونَ عُلوماً أخُرى ؟! ثمّ رَحِمَك الله لو كان الأمر كما تقولون من حال آصف بن برخيا وصي سليمان (ع) ، وأنّ حال أئمتكم كحاله ، فأين مهديّكم من تسخير هذه العلوم لخدمة الإسلام والُسلمين اليوم أمْ أنّه بختزلُها لحين ظهوره؟! ، وكيفَ لم يُسخّر الباقر والصادق والكاظم هذه العلوم لخدمة شيعتهم قبلَ المُسلمين ، أمّ أنّ هذه العلوم حِبرٌ على وَرَق ، والله المُستعان .
جعفري كتب :
وهذا جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) عندما تهيأت له فرصة التعليم ما بين سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية نشر العلم وأتاه العلماء من أقطاب الدنيا ينهلون من علمه الواسع .
يقول عنه ابن حجر الهيثمي في كتابه الصواعق المحرقة ص 120 :
( جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمة الأكابر كيحي بن سعيد وابن جريج ومالك والسفيانين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السجستاني .)
وقال عنه محمد بن حمزة بن زهرة (نقيب حلب ) في كتابه غاية الإختصار ص62 :
( أبو عبدالله الإمام المعظم جعفر الصادق ، صاحب الخارقات الظاهرة والآيات الباهرة المخبر بالمغيبات الكائنة أمه وأم أخيه عبدالله أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر ولذا كان جعفر بن محمد عليه الرضوان يقول ولدني أبو بكر مرتين ولد سنة 83 وتوفي سنة 148هجرية ودفن بالبقيع ) .
وفي كتاب مناقب ابن شهر اشوب ج2ص147 :
عن زيد بن علي ( ع) : (( في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه ، وحجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه . ))
هذه غيض من فيض مما قيل في أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام وهو جعفر بن محمد الصادق من كتب السنة والرواية الأخيرة لزيد تثبت أنه يعترف بإمامة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ومن قبله من أئمة أهل البيت فأين كلامكم أيها الزيدية أن زيد بن علي نصب نفسه إماماً ؟!!!!!!!!!
أقول أخي الجعفري ، هلاّ أخبرتنا عن تلك العلوم التي كان ينشُرُها أبا عبدالله (ع) ، هل كان ينشُرُ الفقه والفرائض والأحكام والعقيدة فقط ،
أم أنّه كان ينشر هذا كلّه ومعه الولاء لأهل البين ، وينشُرُ خبر الإثني عشر إماماً ، ويُعلُمُهُم بإمامَة نفسِه الإمام الربّانية ، ويُعلّمهم أّن عندَهُم من العلوم مايُسيرون به الجبال ، وأنّ اسم الله الأعظم عندهُم ، وأنّهم يعلمون الغيب متى ما أرادوا، فهل تتوقّع أخي الجعفري أن الصادق (ع) كان يُعلّم تلك العلو لتلميذه أبي حنيفة الذي درس على يده سنتان ، وهل تتوقّع أخي الجعفري أن الصادق كان يُعلّم أهل المدينة وهم القريبونَ منه بتلك العلوم فضلاً عن حجج بيت الله وزوّار قبر الرسول من أهل الأمصار ،
أم أنّه كان يتكتّم في هذه العلوم ويُشدّد على أتباعه ألا يبوحوا بها لأحَد ، بل إنّ الصادق (ع) قد أنكرَ إمامَة نفسه خوفاً وتقيّة عندما جاءه نفرٌ من رعيّته يسألونَه (هَل أنت الإمام) . فإذا أنتَ وقفتَ على هذ الخلل أخي الجعفري ، فاعلم أنّ الصادق صلوات الله عليه كان أبرأهُم وأبعدَهٌم من نشر إمامة الجعفرية، وما تنسبهُ الجعفريّة إليه وإلى آبائه وأبناءه من علوم خارقة .
تنبيه : أنصحُكَ أخي الجعفري بقراءة أحاديث الجعفرية الت يُشدّد فيها الأئمة بإخفاء أمرهِم وأمر إمامتهم ، وأمر علومهم الخارقة ، كيلا لا تُجبرَني على سردِها لك (
وهذا يطول) .
تنبيه :
قد كنت أودّ ألاّ أخوضَ في بعض الأمور الخارجَة عن موضع النّقاش ،
ولكنّ طرحكم أخي الجعفري أجبرني ، فإني خشيتُ أن يظنّ القارئ أنّ فيه قوّة ، فأعملت الردّ عليه
بإجمال ، وبإطلاق إشارات . (و
إلاّ فأنا أرجوكم البقاء في صلب الموضوع ) .
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين .