خواطر محبوس( عيد مركزي)

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
محمدمفتاح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 21
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 07, 2005 9:53 am

خواطر محبوس( عيد مركزي)

مشاركة بواسطة محمدمفتاح »

بسم الله الرحمن الرحيم

من وراء الأسوار خواطر محبوس( عيد مركزي) 15 نوفمبر2005 / 13شوال 1426
للعيد في السجن قصة مختلفة ومذاق آخر ففيه تختلط مشاعر باهتة من البهجة المصطنعة بألم متوقد وشعور بالقهر خاصة من أولئك الذين سُجنوا ظلماً وقد قسم لي أن أقضي أربعة أعياد متوالية بعيداً عن الأهل ، أما الأول فقد كان في أقدس البقاع وأفضلها في المشاعر المقدسة ، ومع بعد المسافة عن الأهل إلا أن الحاج يستطيع أن يتصل بأهله في أي لحظة ولو من داخل المسجد الحرام ، أما العيد الثاني فقد قضيته معزولاً في زنزانة في إحدى سراديب معتقل الأمن السياسي أو مقبرة ( أبو غليب ) كما هي التسمية اللائقة لبشاعة ما يجري فيه من انتهاكات للإنسانية ، أما العيد الثالث والرابع فقد قضيتهما في مركزي صنعاء أتأمل أحوال السجناء وانطباعاتهم حول العيد الذي يحرصون أن يتشبثوا بمظاهره وشكلياته وإن كان في واقعه خاوياً من مضمونه وروحه وجوهره . في الأيام التي تسبق العيد يتطلع معظم السجناء إلى أن يتحفهم أقاربهم بمتطلبات العيد من ثياب جديدة وحلوى ومأكولات ونقود ، وأثناء العيد يترقبون الزيارة التي فقدت معنوياتها هذا العيد بسبب تشدد إدارة السجن ومنعها للزوار من الاقتراب من السجناء وكأنهم في حديقة حيوانات متوحشة ، في العيد السابق والخميس والجمعة من كل أسبوع وفي العطل إلى ما قبل حوالي سبعة أشهر كان السجناء وزوارهم يتصافحون برؤوس أصابعهم عبر الشبك الحديد الذي يسمح بنفاذ جزء من الأصابع ، وكان السجناء يتمكنون من تقبيل أطفالهم قبلات ممزقة عبر ذات الشبك والتي سماها البعض ( القبلات الحديدية ) أما هذا العيد وفي تطور ملحوظ لعلم الزرة فقد منعت الزيارة بجوار هذا الشبك وحشر السجناء وزوارهم في مساحة ضيقة خلف شبكين متوازيين بينهما فاصل يصعب معه سماع الصوت في الزحام ، وتظهر الصورة خلفهما مقطعة وغير واضحة إلا في بعض الجوانب منه ، وكانت الزيارة بالنسبة للزوار عبارة عن طوابير وزحام وزعيق وضجة وضوضاء كبيرة نتيجة تراكم حشد كبير من الزوار رجالاً ونساءً وأطفالاً في مساحة ضيقة إضافة إلى الإزعاج الفظيع الذي يسببه خبط الجنود للأبواب الحديد بالعصى بشكل عنيف ومتكرر مما يرعب الأطفال والنساء ويؤدي إلى انعدام السماع ، وقد لاحظت بأنني قد بدأت أفقد قدرتي على السمع بنسبة غير قليلة نتيجة حدة الأصوات التي تحدثها هذه الجلبة والضجة والدقدقة التي نضطر لتجرعها كل يوم وكأننا في ورشة حدادة ولسنا في مكان معد للزيارة ، أما السجناء فقد كانوا يأملون من مدير السجن أن يسمح بجعل الزيارة في الشبك الداخلي _ كما يسمونه _مراعاة لمكانة العيد في نفوس الناس وحتى يتمكنوا من مداعبة أطفالهم عبر الشبك ،وكذلك ليحظوا بملامسة أيدي الأمهات والآباء وتقبيل أطراف أصابعهم وكذلك الأخوان والأخوات والأقارب ولكنهم صدموا بالمنع ورفعوا شكواهم إلى الله .وصار العيد في نظرهم لا يختلف عن أي يوم خميس في شكل الزيارة وطريقتها ،أما أحاديث السجناء في العيد فإنها تدور عن عدد الأعياد التي قضوها في السجن وعن المدد والفترات التي مرت عليهم وعن الأقسام والعنابر التي تنقلوا فيها وعن مدد المحاكمات التي امتدت في بعض القضايا إلى أكثر من عشرين سنة كما في قضية نبيل الزبيدي وقضية بيت الريامى ، وقد تجد أن بعضهم مضت عليه في السجن عشر سنوات وهو لازال في المحكمة الابتدائية مثل السجين مجاهد الحريش ، ومع أن العيد مقفر من البهجة والفرحة لدى السجناء إلا أن بعضهم يختلقون لأنفسهم بعض المواقف المسلية والمضحكة ويتصنعون الابتسامة أمام زوارهم ومن أظرف ما يعمله الزوار تبادل الرسائل الفكاهية والتي نتطرق لها في العدد القادم بإذن الله.

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“