كنت لبرهة من الزمن أعمل مرحلا ... أي أودع وأستقبل موظفي الشركة التي أعمل بها ... والشركة كانت عالمية أي أشبه بالأمم المتحدة وتظم الكثير من الأجناس البشرية ... ولكنها بأيامها الأخيرة خضعت لعوامل الربح والخسارة وقررت أن تستبدل عمالها من درجة عامل عادي ونحوه بالعمالة الأسيوية ذات السعر المتدني ... كنت أستقبل زميلا من الدانيمارك .. دينماركي أصل وفصل ... وحينها كانت معلوماتي عن الدينمارك مختصرة بالزبدة والحليب ... وبالفعل واقفني زميلي أن الألبان وصناعتها هي السلعة الرئيسة للتصدير بالدانيمارك .. وبعدها الكيميائيات ... وقد فهمت ذلك فيما عند إحتياجي لعبوات الإنسولين ..
صديقي الدانيماركي .. يشاهد أطفالا بالمطار ينمتون لمختلف القارات ... يلهون ويلعبون بل ويتفاهمون ... بينما الكبار كل منقبظ ومتوجس ومنشغل ومكشر ... قال صديقي عندما يكبر هؤلاء للإسف سيصبحون مثل أولئك ... يقصد الكبار .. قاطعته بقول أتقصد أن نمو الإنسان يعيق مشاعره ... أجاب كلا بل يعقدها ... وأتفقنا على أن مرحلة الطفولة إستثناء وأن الشقاء يبداء عند مرحلة التمييز ... والعقل .
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله * وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ومرت بنا قطة وأخذت تعر جسمها بنا وتماوي ... حاولت التخليص منها لكن صديقى أنحنى ليداعبها ... كانت هذه القطة ثرثارة ... كان يسمعها ويبتسم ... ويردد مياو ... يالها من جملة فصيحة .. والتفت إلي وهو يحتضن القطة ويقول إن صديقتي هذه لها لغة أبلغ من لغاتنا وأكثر تعبيرا ...... وأستطرد بقول تصور ياعزيزي أن قطة تأتي من أميريكا أو آسيا ... لايحتاجان لمترجم .. فكلاهما يفهمان معنى " مياو " إذا فكلمة مياو هي لغة عالمية .. تحتوي على الشعر والنثر والغناء والفكر والفلسفة والغزل .... الخ ..
أوصلت صديقي لمقر الشركة ... وودعته بالكلمة المتعارف عليها ... باي ،، فأجابني ... مياو ...
القط .... وبلاغة المنطق ..
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال: