ديمقراطية للشم فقط - جمال الجعبي

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
freedom
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 159
اشترك في: الثلاثاء مايو 03, 2005 7:22 am

ديمقراطية للشم فقط - جمال الجعبي

مشاركة بواسطة freedom »

يصادف احدنا شخص من دولة عربية ويجري تبادل للحديث حول أحوال البلدين، وقد يكون هذا الشخص ممن يعتبر ان الحديث عن سلبيات نظام الحكم في بلاده عيب على نحو الحديث عن العورات، مما يجعله يسارع الى تأكيد ان في بلاده دولة مؤسسات، وربما يبالغ في الانفعال ويقسم أغلظ الإيمان بأن لديهم ديمقراطية.
وقد يكون حديث من هذا النوع في ظل وجود القنوات الفضائية وشبكة الانترنت شيء من الاستخفاف بالطرف الآخر في الحديث, وأذكر انه قبل نحو سبع سنوات كنت أتحدث مع صديق من لبنان اجتمعنا في مخيم شبابي عن أحوال بلدينا وقلت له عن المملكة العربية السعودية أنها (الشقيقة الكبرى) فألتفت نحوي ضاحكاً حتى انتم لديكم شقيقة كبرى، وعندما استفسرت منه قال نحن في لبنان نطلق على سوريا(الشقيقة الكبرى) عندها تدخل آخر وقال نحن لدينا شقيقتنا الكبرى الخاصة بنا، وهكذا اكتشفنا ان كل بلد لديه دولة مجاورة تمثل له (شقيقة) وقد يكون لبلد أكثر من شقيقة.
الأمر الذي يعزز وحدة الهم والمعاناة, وبالمثل فإن الحديث عن ديمقراطية الأنظمة سرعان من يتأكد عند الحديث عند ممارسات هذا الجهاز الأمني أو ذاك في كل بلد وتصبح تفاصيل الممارسات القمعية مجرد فارق في الخبرة بين نظام قمعي خشن وآخر ناعم.
أما دولة المؤسسات فإنها صارت حالة خاصة تتمتع بها الأنظمة العربية بامتياز، ويكون التجلي في انصع صوره عند الحديث عن محاكم امن الدولة التي تتفنن الأنظمة في تشكيلها وفق احتياجات القمع الداخلي، ومدى صلابة المعارضين وقدرتهم على التحمل، وقد كان من نصيب المناضلين في تونس أخيراً ان تسلط عليهم الأضواء مع انعقاد قمة المعلومات في بلادهم التي تتمتع بنظام بوليسي قمعي من النوع الخشن، وهو ما يصيب المتابع بالحيرة كيف يوافق المجتمع الدولي على ان تنعقد قمة لمناقشة المعلومات في بلد تراقب فيه الأنفاس، ولولا الإضراب عن الطعام الذي أعلنه المقموعين في تونس لكان النظام التونسي يفاخر بديمقراطيته ودولة المؤسسات التي يتمتع بها.
وفي سوريا ونقلاً عن موقع إيلاف الالكتروني فإن رئيس محكمة امن الدولة العليا بدمشق تهجم على محامية سورية وتوجيه ألفاظ تسيء إلى كرامتها الإنسانية وتتعارض مع حقوقها في ممارسة مهنتها كمحامية و طردها من مبنى المحكمة اثناء حضورها للترافع في الدعوى المقامة على عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية المعتقل نزار رستناوي.
وفي اليمن يواجه المحامين معاملة مماثلة في المحكمة الجزائية المتخصصة التي تماثل محكمة امن الدولة بحسب اختصاصاتها القانونية، وهي بالمناسبة أنشئت في نفس الفترة تقريباً التي أنشئت فيها محكمة امن الدولة السورية، وتمارس فيها أنواع عديدة من التهجم والاهانة للمحامين ناهيك عن إجراءاتها غير القانونية والتي لا تحقق شروط المحاكمة العادلة، ويرى العديد من القانونيين في سوريا واليمن ان المحكمتين غير شرعيتين، وعند تفحص بقية البلاد العربية سيكون من السهل اكتشاف ان هناك محاكم مماثلة في كل بلد من هذه البلدان. ولا يختلف حال الصحفيين في تعرضهم للتنكيل ومحاولات إسكات أصواتهم ومنعهم من توصيل المعلومات للناس. أننا أمام وحدة في القمع والتنكيل، وأمام مؤسسات تتشابه وديمقراطية نشمها ولا نتذوقها.

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“