عن الأخلاقية الأوروبية

مجلس للمشاركات الأدبية بمختلف أقسامها...
أضف رد جديد
أحمد بنميمون
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 10
اشترك في: الخميس سبتمبر 15, 2005 4:26 pm
مكان: المغرب
اتصال:

عن الأخلاقية الأوروبية

مشاركة بواسطة أحمد بنميمون »

عن الأخلاقية الأوروبية


أثارني في المقال (1) الذي نشرته بـ (كيكا) الصحافية اللبنانية الشاعرة جمانة حداد يوم 25/10/2005 عن الروائي التركي أورهان باموك،الذي كان صدور عمله الأدبي (2) الفائز بجائزة السلام لدور النشر والمكتبات الألمانية في فرانكفورت، مناسبة لحوار صحفي فضح فيه المذابح التي تعرض لها الأرمن في تركيا سنة 1915 ، قولـُها في إحدى فقراته إن (الاعتراف بالخطأ فضيلة اوروبية تحرص اوروبا على التمسك
بها عموما، وتذهب أحيانا في حرصها عليها حد الهوس والمبالغة (...) إلى قولها : دول أخرى تكاد تتمنى العثور على خطإ تعتذر بسببه لفرط تحول هذه المبادرة النبيلة تقليداً أوروبيا،ودلالة
على الأخلاقية الأوروبية العالية)
وقد أحببت في هذه المناسبة إن أثير انتباه الكاتبة والقراء إلى
مأساتين رفضت دولة أوروبية هي اسبانيا تقديم اعتذار عنهما
،إحداهما حديثة وتتعلق بأسلحة الدمار السامة التي استعملتها إسبانيا
في حرب الريف في شمال المغرب بين سنوات 1921و1926 ضد مجاهدي ثورة الخطابي ، ولا تزال الدولة الإسبانية تتهرب من الاعتراف بمسؤوليتها في استعمال الأسلحة المحرمة دولياإلى يوم الناس هذا.
أما المأساة الثانية فقديمة ، وقد تمكنت من الاطلاع على بعض أسرارها حينما تمت
بشفشاون (شمال المغرب) سنة 2002م إقامة الذكرى الخمسمائة
لطرد المسلمين من الأندلس سنة 1502م وهي السنة التي أخل فيها الإسبان بشروط
الاتفاقية التي عقدت بينهم وبين مسلمي غرناطة سنة تسليمها للإسبان 1492م
وقد كان المؤرخ المغربي (محمد عزوز آل حكيم) قد بعث برسالة (3) ـ بهذه المناسبة ـ
إلى ملك إسبانيا يطلب منه تقديم اعتذار عن الحيف الذي لحق بالمسلمين الذين طردوا من
الأندلس، ولم يجب عنها الملك الإسباني الذي كان في وقت سابق قد قدم اعتذارا لليهود
السفارديين الذين شملهم الطرد في مناسبة سابقة

.
(CARTA A S.M EL REY DE ESPANA DON JUAN CARLos1)
en pro de la reparacion del agrabo hecho a los musulmanes andalusies expulsados de Eespana
وقد كانت الذكرى قد حلت يوم 14فبراير 2002م لمرور 500 سنة على القرار الذي
أصدرته يوم 14فبراير 1502م الملكة الإسبانية ايسابيل الكاثوليكية التي تنكرت لما قد كانت قد تعهدت به في اتفاقية
الاستسلام التي وقعها معها آخر ملوك غرناطة أبو عبد
الله محمد بن علي بن الأحمر يوم 25/11/1491
وكان الملك الإسباني قد اعترف
بالخطأ الذي ارتكبته نفس الملكة في حق اليهود الذين طردوا بمقتضى قرارها الصادر
يوم 31مارس سنة 1492
إن المغاربة أحفاد ألأندلسيين المطرودين من إسبانيا، يتساءلون وهم الذين
يصل تعدادهم الآن إلى المليونين (2.000.000.) عن الوقت الذي ستستيقظ في الأسبان
( فضيلتهم الأوروبية ) بالاعتراف بالخطأ، ونحن نتطلع إلى ذلك اليوم الذي سيقدم
فيه المسؤولون في إسبانيا هذا الاعتذار، تأكيدا ( لأخلاقيتهم الأوروبية العالية)
وليس لمجرد الحرص على عادة لا يصل الأوروبيون فيها إلى حد الهوس، إلا إذا تعلق
الأمر بالاعتذار إلى إسرائيل، وليس لغيرها.أم أن أفريقيا ما زالت تبدأ من جبال البرانس، كما قال ذات يوم الكاتب الفرنسي جورج دوهاميل،
وإذا كان الأمر سيبقى كذلك إلى إشعار آخر، فإن على مثقفينا ، شعراء وكتابا ، وربما شمل هذا حتى المؤرخين منهم،ألا يبالغوا في الاعتراف بـ (الأخلاقية العالية ) أو حتى المتدنية ، لدول امتصت إلى وقت قريب دماء شعوبنا ، وأورثت أراضينا ـ بما استعملته من أسلحة سامة في مقاتلتنا، حين استمتنا في الدفاع عن أوطاننا ـ سموما بدأت تربتنا تخرجها مؤخراً ، بما ينبجس عنها من مياه تشربه دوابنا ، وأطفالنا أيضا، لتظهر مضاعفات ذلك في ما أصبح يلاحظ من ارتفاع نسبة المصابين بالسرطان في كل جهات شمال المغرب ، جراء استماتة آبائنا في صد الاستعمار الإسباني الذي كان قد ضل الطريق وأخطأ التقدير، فحسب أن أبناء هذا الشمال الفقير سيستقبلونه بالزغاريد والورود وأكاليل الزهور، فإذا بهم يستقبلونه بمعارك سار بذكرها الركبان ( أنوال) و(الحمراء) من أسمائها ، فسل بذلك خبيرا. وليس عجيبا أن تصمت إسبانيا عن الاعتراف بما سببته للمغاربة من مآس قديما وحديثا ، انتقاما ممن حمل الحضارة العربية الإسلامية إلى ديارها ( إذ تكون جيش طارق بن زياد من اثني عشرة ألف من المغاربة، وستمائة فارس عربي). وممن سبب للإسبان أيضاً، أكبر الهزائم التي عرفها جيشهم في القرن العشرين، على يد أبناء الريف الأشاوس ، وأبناء قبائل (جبالة) الذين كان تنظيمهم في مواجهة الغزاة الإسبان تنظيما شعبيا محضا مثيرا للإعجاب. فليس غريبا ألا يعترف غزاتنا بالأمس القريب بمآسينا التي سعوا فيها، أم تراهم ينتظرون أن يعتذر المغاربة الذين أوقعوا من الجيش الإسباني ما يقرب من أربعين ألف من القتلى ، إلى درجة أن أطلقوا ـ هم أنفسهم ـ على معركة أنوال سنة 1921،التي كان الظفر فيها من نصيب المغاربة اسم (كارثة أنوال) وأوقع أبطالنا في الشمال الغربي في معركة (الحمراء) سبعة عشر ألف وخمسمائة قتيل من الجيش الغازي، من مختلف الرتب العسكرية ؟ إذن فليقدم الإسبان برهانهم على (عدواننا ) عليهم إن كانوا صادقين. وإلا فإن أي تأخر في تقديم الاعتذار، عن مأساة الطرد من الأندلس، والمأساة التي ترتبت عن استعمال الإسبان للأسلحة السامة في قتال مقاومي احتلالها لبلادنا خلال العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين في شمال المغرب، سيجعلنا مع مثقفين كثيرين نعتقد أنهم ليسوا على شيء من (الأخلاقية الأوروبية العالية) ، هذا إذا لم نجردهم من الانتماء إلى أوروبا ، أو نطالب بإخراجهم من الاتحاد ألأوروبي الذي لا يزال يضيّـق الخناق على تركيا، بلد أورهان باموق ، حتى تعترف بمسؤوليتها عن مآسي الأرمن .وإلا فلا سبيل أمام سبعين مليون مسلم تركي للدخول إلى فراديس وجنات الاتحاد المذكورالتي أصبح أمام من يريد حتى مجرد زيارتها للسياحة عذاب حصول على تأشيرة دونها خرط القتاد .
أحمد بنميمون26/10/2005

إشارات:
(1)مقالة جمانة حداد بـ (كيكا) لنشر الثقافة الحرة وقيم التسامح الإليكترونية يوم 25/10/2005 بعنوان(عاش اورخان باموق)
(2)أورهان باموق:" أوروبا وتركيا الإسلامية : يجدان مكانا لكل منهما "
(3)مأساة الأندلس: محمد بن عزوز حكيم ـ تطاون2002
Impreso : editoreal DISPRESS[size=24][/size][size=18][/size]

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الأدب“