الحسني يكتب: على الطريق إلى واشنطن yr
السفير احمد عبد الله الحسني*
" التغيير" ـ خاص: يستعد الرئيس المخضرم علي عبد الله صالح لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية في شهر نوفمبر 2005 ولاشك أن هذه الزيارة ستكون مختلفة كل الاختلاف عن الزيارات العديدة التي قام بها الرئيس صالح خلال سنوات حكمه الطويل لليمن ولعل ما يجعلها اشد اختلافا كونها تأتي اثر تباينات شاسعة في وجهتي النظر لكثير من القضايا ذات الوزن الثقيل التي تحكمت في
علاقات البلدين في السنوات الخمس الأخيرة وبالطبع تأتي قضايا مكافحة الإرهاب والإصلاح السياسي ونشر الديمقراطية في المقدمة منها وهنا سنحاول إجراء تقويم لجوانب النجاح والفشل في القضايا الرئيسية التي ذكرنا قبل قليل ونعرف انعكاس ذلك على المشهد السياسي الداخلي وانعكاساته على العلاقة بالولايات المتحدة الأمريكية ثم نقدم قراءة خاصة لتوقعاتنا.
رأت الولايات المتحدة في اليمن ما يمكن أن نسميه مختبر التجارب والمشاريع التي يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تعتمدها نموذجا لدول الإقليم
1- في قضايا مكافحة الإرهاب:-
لعلى هذه المسالة هي الرئيسية التي حكمت معظم نشاط الدولتين وحظيت بالأولوية على ما عداها تماما لأسباب لا يجهلها احد فالولايات المتحدة الأمريكية قد قررت أن تشن حربا لا هوادة فيها ضد الإرهاب في كل العالم ولأسباب وجيهة أيضا اعتبرت اليمن من البلدان الرئيسية والمهمة التي يجب أن تكون طرفا في الحملة ضد الإرهاب قبل أن تتحول إلى جبهة رئيسية لعمليات القوات الأمريكية أو بكلام آخر قبل أن تتحول إلى مسرح لعمليات تشنها الولايات المتحدة وحلفاءها ضد المجموعات الدينية المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة والعائدة من جبال أفغانستان بعد أن أدت واجبها هناك مقاتلة إلى جانب الشيخ إسامة والملا محمد عمر. ويمكن أن نقول بان الطرفين حققا نجاحا في هذا الجانب فالولايات المتحدة استطاعت أو هكذا اعتقدت أنها قد كسبت السلطة إلى صفها والتزمت سلطة الرئيس علي عبد الله صالح بان تكون شريكا فاعلا بل منفذا لما يطلب منه وبهذا حقق الجانب الأمريكي أول نجاح مهم له حتى قبل أن تبدأ حربه الفعلية على الإرهاب, من ناحيته تحدث النظام في صنعا بل انه تباهى كثيرا بقدرته على تجنيب اليمن من أن يكون هدفا لضربات القوات الأمريكية في مستهل حربها على الإرهاب وتبرع حينها كثيرون إضفاء صفات الحكمة والاقتدار التي يتحلى بهما الرئيس علي عبد الله صالح في المناورة والسياسة كما في التكتيك والاستراتيجية.
نتيجة لذلك شهدنا سيلا لا ينقطع من رجالات الأمن الأميركي سواء من الإف بي آي أو من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وتشكلت اللجان المشتركة في كل ما يمكن يخطر على بال وفي ما لا يخطر على بال أيضا وتدفقت المعونات الفنية والأمنية والعسكرية على اليمن وهي وفق المنظور الأمريكي ستخلق القاعدة المادية والفنية التي ستبنى عليها قدرات للحركة والفعل في العمليات اللاحقة والمتوقعة في اليمن أو على مشارفها الجنوبية والقرن الإفريقي أو في مداخل البحر الأحمر ذو الأهمية الاستثنائية للملاحة الدولية وضمان تدفق النفط عبره إلى أوروبا وأميركا, وقد كان لسهولة قبول كافة الطلبات الأمريكية المقدمة إلى الجانب اليمني وقع ايجابي لدى الأمريكان وعندما لم تعترض اليمن على طلبات إقامة أنظمة التجسس والتصنت ومراقبة مكالمات الرئاسة نفسها ناهيك عن الهيئات والمؤسسات والمراكز الأقل أهمية الأمر الذي دفع بالجانب الأمريكي إلى الذهاب بعيدا ومكافأة السلطة بان منحتها الإمكانيات الضرورية لإنشاء وحدات خاصة وقامت بالتسليح والتدريب وإلخ ( يقود هذه القوات العقيد احمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس ) كما انشأت مكتب الأمن القومي اليمني ( وهذا يرأسه عمار محمد عبد الله صالح ابن شقيق الرئيس علي عبد الله صالح) وعينوا في هاتين المؤسستين الجديدتين من الخبراء والأخصائيين الأمريكان ما اعتقدوا معه بان الأمور تسير بدرجة أكثر من جيد لتدفع الولايات المتحدة باتجاه إنشاء وحدات عسكرية جديدة سميت بخفر السواحل وهي الأخرى حظيت بالدعم لجهة الأسلحة كالقوارب وزوارق الدورية أو إنشاء مراكز المراقبة هنا وهناك وبدا أن الأمور على ما يرام بل هي طيعة ربما أكثر مما كانوا يتوقعوا وازدادت ثقة الأمريكان عندما وجدوا أنفسهم وهم يقومون بالتحقيق مع الشباب اليمني المعتقل في مختلف الأماكن ولعل تصفية أبو علي الحارثي ورفاقه بإطلاق صاروخ على سيارتهم من طائرة أمريكية وقتلهم جميعا داخل الأراضي اليمنية قد عزز الانطباع لدى الأمريكان باكتمال قدرتهم على فعل كل ما يريدونه في اليمن دون أن تقابلهم صعوبات لا من السلطة وأجهزتها ولا من الشعب بمختلف قواه السياسية على اختلاف مشاربها بما فيها المنظمات السياسية والحزبية ذات التوجهات الدينية المعتدلة والمتطرفة على السواء . لكن هل هذه الصورة الوردية لسيطرة الأمريكان على الأمور في اليمن هل هي الصورة الوحيدة أم أن لها نسخة سوداء شديدة القتامة أخرى لم تلاحظها الإدارة الأمريكية وتفهمها إلا بعد أن طفح سيل المعلومات الواردة إليها عن المشاركة الفعالة والحقيقية للسلطة في كثير مما يجري وينفذ باسم المقاومة أو القاعدة أو باسم فصائل تحمل أسماء مختلفة لكنها جميعا تستظل بظل القاعدة وتأتمر بأمرها سواء في العراق أو في السعودية أو في الصومال أو ضمن ما يتم اكتشافه في بعض الأقطار المشرقية الأخرى من تنظيمات تحت التأسيس أو تلك المعلومات التي مابرحت تصل تباعا عن شحنات الأسلحة المختلفة القادمة من اليمن والمتجهة صوب العراق وبلدان الخليج والقرن الإفريقي وبكميات ومن أنواع أثارت الاهتمام بل الدهشة لدى القيادات الأمريكية المختلفة. ولم تتعجل الإدارة الأمريكية في إجراءاتها ضد اليمن بل أخذت بأسلوب التدقيق والمتابعة واقتفاء الأثر حتى وصلت إلى قناعة يقينية بان النظام اليمني قد تعامل معها ومع أجهزتها باستخفاف مبالغ فيه وشعر الأمريكان أنهم قد نصب عليهم أو هذا ما يمكنني أن أطلقه على حالة الولايات الأمريكية بعد أن تواجدت بكل أجهزتها ومراقبيها ومحققيها ومدربيها ومنسقي أنشطة الأمن في كل مراكز السلطة السياسية والأمنية والعسكرية اليمنية ثم وجدت نفسها لا تفقه شيئا مما يجري حولها أو ما تتكبده قواتها من خسائر في الرجال والعتاد على ارض العمليات بالعراق وتلمس يقينا أن من يقومون بالعمليات الانتحارية في العراق الآن حاليا وفي خلال السنوات الماضية كما هو قبل أسابيع خلت، هم من مجموعات شبابية جرى تجميعها وتدريبها وتامين حركتها داخل اليمن وزودت بالوثائق اللازمة التي تمكنها من الوصول إلى وجهتها في العراق وتقوم بعملياتها ضد القوات الأمريكية بالذات وضد الشعب العراقي المسكين وهذا عمل تنظيمي واسع لا يمكن أن تقوم به سوى تنظيمات متمرسة في العمل الجهادي وذات نفوذ في أجهزة الدولة المختلفة بل وبمباركة السلطة نفسها.
لنا أن نتصور حالة القيادة الأمريكية وهي تقلب بين يديها سيل هذه المعلومات والوقائع والأدلة وهي تلملم أشلاء أبناءها المقتولين بسلاح الحليف أو من أوهمها بأنه حليف, كيف ستتعامل مع من اعتقدت انه جدير بان يمنح الصلاحيات لترتيب أوضاع الصومال واستعادة الأمل بنشر السلام في ربوع تلك البلاد التي مزقتها الحروب في مؤتمر الثمان المنعقد في أمريكا وإذا بها أمام حقائق مؤلمة بان هذا الحليف هو من يشحن الأسلحة ويبيعها إلى مختلف الفصائل الصومالية ليزيدها اقتتالا وتمزقا وتشرذما. الحقيقة الكاملة هي أن الأمريكان قد استثمروا في الوهم في اللا شيء فهل يفيقوا ويعيدوا ترتيب أوراقهم قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة فعلا
إن وضع الإدارة الأمريكية جد حرج في هذه الوضعية المعقدة ولهذا فإننا نتوقع أن يكون الحساب عسيرا جدا ولا أتوقع أن يفلت النظام وسلطة الرئيس علي عبد الله صالح من العقاب. ولكن ما هو شكل هذا العقاب والى ما سيفضي؟
لا شك أن الثقة مفقودة بين الرئيس صالح وبين الإدارة الأمريكية ولن يبقى علي عبد الله صالح الرئيس المدلل لأميركا ولن يكون شريكها في الحرب ضد الإرهاب من الآن فصاعدا وهذا استنتاج تفرضه وقائع الأحداث واستدلالاتها.
فلا يمكن بعد الآن أن تستغفل الإدارة الأمريكية أو تنخدع القيادة الأمريكية بطعم يرمى لهم هنا أو هناك فهم قد استوعبوا الدرس فالتحالف القوى البين شديد الوضوح بين سلطة الرئيس علي عبد الله صالح وبين قيادة تنظيم القاعدة ولعل تأكيده يأتي من خلال معرفة الأمريكان قبل غيرهم بأسرار تلك العلاقة في ماضي الأيام وكما تعمده اللقاءات والمؤتمرات التي تمت في اليمن بين مختلف الفصائل الجهادية خلال الشهرين الماضيين وهو ما يشكل الخطر الأكبر على المشروع الأمريكي من ناحية وفي نفس الوقت يبين عمق العلاقة وآفاق مستقبلها بين السلطة في اليمن وبين قيادة تنظيم القاعدة وتأثير ذلك على الحملة الأمريكية على الإرهاب بل تأثير ذلك على المصالح الأمريكية الحيوية في المنطقة برمتها بل وفي العالم اجمع. من هنا فان التوقعات مفتوحة على كل الاحتمالات.
2- الإصلاح السياسي ونشر الديمقراطية:-
رأت الولايات المتحدة في اليمن ما يمكن أن نسميه مختبر التجارب والمشاريع التي يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تعتمدها نموذجا لدول الإقليم بل ربما الشرق الأوسط برمته في محاكاتها لمضامين المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد ( التسمية الإسرائيلية ) أو الشرق الأوسط الكبير وهي التسمية الأمريكية, منطلقة في حكمها ذلك من تفرد وخصوصية العلاقة اليمنية الأمريكية وجملة حقائق أخرى على الأرض لا يمكن لأحد إلا أن يعترف بها وبعمقها وهي الوجود السياسي الاقتصادي الإسرائيلي وتأثيراته المختلفة وتشعب علاقاته بأطراف السلطة
ومراكز المال والأعمال من جهة ووجود تجربة سياسية حزبية يمكن تطويرها والارتقاء بعملها وتحسين أداء مختلف هيئاتها لتكتمل بنية المنظومة الحزبية السياسية بأنماط وأشكال تحاكي نماذج الغرب ومنظوماته.
في هذا الجانب يمكن رصد جملة من المشاريع والأنظمة والهياكل والورش والندوات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها في المجموعة الأوربية حرصت من خلالها على أن لا تبخل بالمال والخبرة والإمكانيات لتخلق ظروفا ملائمة لإقامة مشروع سياسي ناجح يكون نموذجا يحتذى لبقية دول الإقليم وقد حققت الكثير من النجاح في هذا الجانب وساعدها إلى حد بعيد ترديد السلطة لمقولات وشعارات الديمقراطية من جهة ووجود قوى سياسية ناشطة تمتلك الخبرة الحزبية وتمتلك الإرادة والرغبة في تحقيق مجتمع مدني نشيط وفعال ولذا تحققت في اليمن قفزة كبيرة إلى الأمام وأصبح وجود الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ونقابات الصحفيين ورجالات القانون وحماية الحقوق المدنية وهيئات حقوق الإنسان من الأمور الطبيعية والمسلم بها.
في الجانب الآخر من العملية جرت وبإشراف وإلحاح أميركي وأوروبي تنظيم الانتخابات المحلية والبرلمانية ثم الرئاسية لتغدو الصورة للوهلة الأولى بأنها تكتمل وبان ملامح المشروع النموذجي آخذة في التبلور والوضوح وكانت السلطة تتباهى بإنجازاتها في مجال حقوق الإنسان وفي نشر الديمقراطية في البلاد وبالدور النشط للمرأة اليمنية في الحياة السياسية. لكن غاب عن السلطة بسبب فقرها إلى الخبرة والتجربة الحزبية وبسبب عدم امتلاكها لرؤيتها السياسية المنسجمة مع روح العصر والتي يمكن أن تتفاعل مع المعطيات الجديدة، غاب عنها انه قد حان قطاف ثمرة هذا المشروع الديمقراطي الجديد وان التراكم الكمي الذي حدث يتطلب بالضرورة أن يؤدي إلى تحول نوعي في جوهر الحياة السياسية ومنظوماتها المختلفة بمعنى أن استحقاقات كثيرة تترتب على ما تم إنجازه وكان للأسباب التي سبق أن أوردناها سابقا والمضاف إليها درجة الاستخفاف المريع والاستهجان التي تعاملت بهما السلطة، فإننا لم نشهد تطورا طبيعيا للديمقراطية في اليمن بل ما تحقق على ارض الواقع هوـ في اعتقادي الشخصي ـ يعكس مفهوم السلطة للحياة السياسية برمتها ويعكس فهمها كذلك لمعنى الديمقراطية. فنحن أمام حالة شديدة الغرابة فالسلطة التي ما فتئت تنادي بالديمقراطية وتردد عبارات لا تجرؤ أحدث الديمقراطيات على ترديدها من قبيل إصلاح الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية وحرية الفكر وحرية تشكيل الأحزاب وإصدار الصحف وحرية النشر وحق التظاهر والاعتصام، هي نفسها تأتي أمرا لم يسبق لبشر أن أتى مثلها أو برجل دولة أن اجترح مثيلا لها إذ أن تفريخ الأحزاب واستنساخ الصحف وتفقيص منظمات المجتمع المدني وعقد المؤتمرات الحزبية للتنظيم الواحد بقيادات ورئاسات متعددة هي أفعال غريبة على الحياة السياسية في العالم كله ولعل السلطة في اليمن هي صاحبة الاختراع والملكية الفكرية لمثل هذه الأفعال وهي صاحبة السبق في هذا المضمار.
من الطبيعي أن هذه الأفعال مضاف إليها جرأة في المواجهة مع قوى التحديث والديمقراطية وصلت إلى حد التصفية الجسدية نهارا جهارا لرموز وقيادات مشروع التحديث أمثال المفكر والقائد السياسي المحنك جار الله عمر أو المناضل الوطني البارز يحيى المتوكل ونالت شخصيات أكاديمية ناشطة في مسائل الفكر السياسي الحديث أمثال المفكر اليمني الشهير الأستاذ الدكتور أبو بكر السقاف ما نالته من إهانات وملاحقات بل واعتداءات بالضرب بالأيدي والعصي قد أصابت المراقبين بل والمتابعين لتطور العملية السياسية في اليمن من الأمريكيين و من الأوروبيين أصابتهم بحالة من عدم التوازن خاصة وأنهم يعرفون جيدا أن الفساد المستشري في البلاد أفقيا وعموديا وعدم القدرة على إيقافه، إنما هو من صنع السلطة نفسها فالعملة المزيفة التي يجري تداولها في الأسواق وفي البنوك الرسمية للدولة ووجود حسابات خاصة في البنك المركزي لليمن وانتشار تجارة السلاح وتعدد أسواقه في كافة أرجاء البلاد وانخراط رجال السلطة في نشاطات مشبوهة ورعايتها للمجموعات الإرهابية كل ذلك كاد أن يفقد الأمريكان السيطرة ولعلهم فطنوا إلى أن السلطة الحالية ليست هي الشريك الحقيقي ولا المناسب ولا المؤهل لنشر الديمقراطية في المنطقة كما أنها لم تكن المؤهلة وليست الشريك الموثوق في الحرب على الإرهاب للدلائل السابق ذكرها.
لنا أن نتصور حالة القيادة الأمريكية وهي تقلب بين يديها سيل هذه المعلومات والوقائع والأدلة وهي تلملم أشلاء أبناءها المقتولين بسلاح الحليف أو من أوهمها بأنه حليف
عد كل ما ورد أعلاه هل هناك منطق في الإصرار على أن الإصلاح السياسي المطلوب، الإصلاح الضرورة، لا يتم إلا والرئيس علي عبد الله صالح في السلطة بل أن بعض الأحزاب والكتاب ذهبوا غلى ما هو ابعد من ذلك وأفتوا بان الشعب اليمنى غير مؤهل لإقامة الدولة الحديثة.
إننا نعتقد جازمين بان إصرار بعض قيادات المعارضة على بقاء الرئيس علي عبد الله صالح على رأس النظام مع معرفتهم بدوره المحوري كقائد لمجموعة الفساد بل يمكن تسميته بالمدير العام للفساد الشامل في البلاد إنما يعني إطالة معاناة الناس وإطالة نهب الثروات وإطالة ليل الظلم والظلام. ولعل ما يمكن إنجازه اليوم يصبح مستحيلا غدا. وأود هنا أن الفت انتباه القيادات الحزبية والسياسية إلى حقيقة يدركها كل مراقب وكل متابع للشأن اليمني ومؤداها أن الجماهير المنسحقة تحت وطأت الظلم والفساد والمحرومة من حقها في التغيير التي لا تملك الأمل في الغد والمحاصرة بنيران قوات السلطة وأجهزتها الأمنية من جهة وبتخاذل القيادات الحزبية وتخليها عن الدفاع عنها وتبني قضاياها، هذه الجماهير ستجد نفسها مدفوعة إلى الطريق الآخر طريق الخلاص الأبدي من ربقة الظلم والهوان وهو ما تتوفر له كل الشروط الضرورية الذاتية والموضوعية وليس ببعيد اليوم الذي سنسمع فيه عن تشكيل جبهة للخلاص الوطني أو أي اسم آخر تعمل بعيدا عن الأحزاب المحنطة والأحزاب الفاسدة !
الحقيقة الكاملة هي أن الأمريكان قد استثمروا في الوهم في اللا شيء فهل يفيقوا ويعيدوا ترتيب أوراقهم قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة فعلا ويهب الطوفان الذي سيكون مدمرا بالتأكيد ليس لنظام الفساد الشامل فقط ولكن و بنفس القدر للمصالح الأمريكية ولمشروعها المستقبلي في المنطقة برمتها.
شخصيا اعتقد انه ما زال في إمكان الأمريكيين قلب المعادلة وتغيير قواعد اللعبة...ونسج تحالفات جديدة ووضع النقاط على الحروف ومعرفة القوى المهيأة والمالكة لمشروعها المستقبلي والتخلي نهائيا عن قوى الفساد والقوى التي لا تملك مشروعا للمستقبل بل هي تعيش في الوهم مرتهنة لثقافة ظلامية لا تمت للعصر بصلة سوى التعلق بالقشور وترديد الشعارات التي لا تؤمن بها ولا تفهمها أصلا.
دعونا ننتظر زيارة الرئيس علي عبد الله صالح إلى واشنطن في نوفمبر 2005.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحسني يكتب: على الطريق إلى واشنطن
الحسني يكتب: على الطريق إلى واشنطن
آخر تعديل بواسطة نبض عدن في الثلاثاء أكتوبر 18, 2005 2:11 am، تم التعديل مرة واحدة.