مرَّت امرأة بعلي بن الحسين عليه السلام في بعض مساعي مكة فرأى منها ما أعجبه بها من جسم وحسن خلق فأرسل إليها ألك زوج؟ قالت: لا، فخطبها إلى نفسه، فتزوجته، فدخل بها ولم يسأل عن نجادها وسلالة نسبها، وكان رجلاً من الأنصار صديقاً له يدخل عليه ويلاطفه فلما سمع ذلك شق عليه كراهته أن يقال: تزوج علي بن الحسين امرأة لم يسأل عن موضعها ولا حسبها، فلم يزل ذلك في نفس الأنصاري حتى سأل عنها بعض من يعرفها فوجدها في قومها شيبانية من [ذي الجدين]، فلما علم ذلك دخل على علي بن الحسين. فقال: أصلحك اللّه ما زال تزويجك هذه المرأة في نفسي حتى سألت عنها فوجدتها شيبانية من آل ذي الجدين فسررت بذلك وطابت نفسي. قال: ولم ذاك؟ قال: كراهية أن تكون غير كفؤ وأن يقول الناس. فقال علي بن الحسين عليه السلام: قد كنت أراك أحسن رأياً وأقوم نظراً ممَّا أنت عليه أما علمت أن اللّه جاء بالإسلام فرفع به الخسيسة وأتم به الناقصة وكرم به من اللؤم فلا لؤم على أمرىء مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية.
* وقد كان رجل من العرب بالمدينة له أم ولد فمات عنها فتزوجها علي بن الحسين فكتب بذلك إلى عبد الملك بن مروان فكتب إليه: أما كان لك في قريش وأفناء العرب كفاية؟ ما فخرك أن تتزوج أَمَةَ رجل؟ فكتب إليه علي بن الحسين أما بعد:
فإن اللّه تبارك وتعالى قرب بالإسلام النسب البعيد، وباعد بالإسلام النسب القريب، ورفع به الخسيسة، وأتم به الناقصة، وكرَّم به اللؤم، فلا لؤم على امرئ مسلم، إنما اللؤم لؤم الجاهلية قد تزوج رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أمة، وامرأة عبده. وقال هشام: فلما ورد كتاب علي بن الحسين على عبد الملك بن مروان قال عبد الملك بن مروان، علي بن الحسين يرتفع من حيث يتضع الناس.