عودة الرقابة الصحفية باليمن
صنعاء- سعيد ثابت (قدس برس)- إسلام أون لاين.نت/ 14-7-2005
في خطوة اعتبرها مراقبون "استباقية" لتفريغ انتخابات الرئاسة اليمنية المقررة في إبريل 2006 من مضمونها التنافسي، أصدرت وزارة الإعلام قرارا يلزم إدارة المطابع بالقيام برقابة مسبقة على ما تطبعه من صحف، وإيقافها في حالة التعرض بالنقد المباشر والشخصي لرئيس الجمهورية.
ونقلت وكالة "قدس برس" الخميس 14-7-2005 عن "علي الجرادي" المسئول الإعلامي والثقافي بنقابة الصحفيين اليمنيين قوله: إن هذا الإجراء يتنافى مع حرية التعبير، واعتبره عودة للرقابة المسبقة على ما تنشره الصحف بعد أن ألغيت مع السماح بالتعددية الحزبية والصحفية عام 1990.
وقال "الجرادي": "ليس العدل في نص القانون، وإنما أصبح مرتبطا بالمزاج"، مؤكدا أن النقابة ستتخذ إجراءات إزاء مخالفات وزارة الإعلام للقانون والدستور الذي كفل حرية التعبير بكل الوسائل.
ووصف مسئول نقابي الوضع الصحفي منذ نحو سنة بالمخيف، ووصف الإجراء بأنه نوع من الإرهاب، وأكد أن مستقبل الوضع الصحفي في اليمن أصبح مخيفا.
وأعرب عدد من مديري مطابع الصحف في العاصمة صنعاء، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، عن استغرابهم لقرار الوزارة، وقال مدير أحد المطابع: "لم تتلق المطبعة مثل هذا القرار منذ عام 1990، وبهذا القرار أصبحنا مكلفين بقراءة الصحيفة وهذا يعني تأخر طباعتها عن وقتها المحدد". وكشف عن تلقي المطبعة رسائل من مكتب وكيل وزارة الإعلام تضمنت أسئلة حول الصحف التي تطبع فيها.
أما عصام السياغي مدير مطابع صنعاء فقد نفى أن تكون مطبعته تلقت توجيهات من وزارة الإعلام بهذا الشأن باستثناء إشعار واحد هو عدم طباعة صحيفة معارضة.
وقال سامي غالب رئيس تحرير صحيفة النداء وعضو مجلس نقابة الصحفيين: إن الإجراء خطير وغير مقبول لكونه يمثل فرض رقابة مسبقة على الصحيفة. ودعا غالب الصحفيين للوقوف تجاه ما تتعرض له الصحافة اليمنية من انتهاكات ووضع حد لمثل تلك الممارسات.
وأضاف: "تطبيق نص المادة (103) من قانون الصحافة يعيدنا إلى ما قبل الوحدة وما كانت عليه الصحافة من وضع في الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم".
المادة 103
وتلزم المادة 103 من قانون الصحافة والمطبوعات كلا من العاملين في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية والمسئولين في الإذاعة المسموعة والمرئية بصفة خاصة، وكلا من صاحب الصحيفة ورئيس التحرير المسئول وصاحب المطبعة ودور النشر والصحفيين بالامتناع عن طباعة ونشر وتداول كل ما يمس العقيدة الإسلامية أو يحقر الديانات السماوية والعقائد الإنسانية ويتعارض مع المصلحة العليا للبلاد أو ما يؤدي إلى إثارة النعرات القبلية أو الطائفية أو العنصرية أو المناطقية أو السلالية أو تلك التي تعمل على بث روح الشقاق والتفرقة بين أفراد المجتمع أو ما يدعو إلى تكفيرهم وترويج الأفكار المعادية لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية أو المساس بالوحدة الوطنية أو تشويه التراث والحضارة اليمنية والعربية والإسلامية، والإخلال بالآداب العامة وما يمس كرامة الأشخاص والحريات الشخصية بهدف الترويج والتشهير الشخصي.
كما تحظر بث وقائع الجلسات غير المعلنة لهيئات سلطات الدولة العليا ووقائع التحقيق أثناء مرحلتي التحقيق والمحاكمة وتعمد نشر بيانات أو أنباء أو معلومات أو أخبار غير صحيحة بهدف التأثير على الوضع الاقتصادي وإحداث تشويش أو بلبلة في البلاد والتحريض على استخدام العنف والإرهاب أو نشر الإعلانات المتضمنة عبارات أو صورا تتنافى مع القيم الإسلامية والآداب العامة أو قذف وتشويه سمعة الأشخاص أو الاعتداء على حقوق الغير أو تضليل الجماهير، وكذلك إعلانات المستحضرات الطبية والتجميلية والمواد الغذائية دون إذن من الجهة المختصة.
وأكدت المادة على منع التعرض بالنقد المباشر والشخصي لشخص رئيس الدولة، وأن لا تنسب إليه أقوالا أو تنشر لـه صورا إلا بإذن مسبق من مكتب الرئيس أو وزارة الإعلام ما لم يكن هذا القول أو التصوير تم في حديث عام للجمهور أو في مقابلة عامة، لا تسري هذه الأحكام بالضرورة على النقد الموضوعي البناء.
توقف 6 صحف
وجاء قرار وزارة الإعلام بعد أن أوقفت 6 صحف يمنية معارضة ومستقلة مشهورة بنقدها الجريء للممارسات التي تقوم بها الحكومة ورئاسة الجمهورية الأسبوع الماضي نظرا لتوقف المطبعة التي تطبع فيها غالبية تلك الصحف لأسباب غير معروفة.
وكانت مصادر إعلامية تحدثت عن ضغوط رسمية على مطابع الجيل التي تطبع فيها تلك الصحف أدت إلى توقف صحف "الثوري" لسان الاشتراكي اليمني، و"الشورى" التابعة لاتحاد القوى الشعبية، و"الأمة" التابعة للحق، و"النداء" الأهلية، و"الحرية" الأهلية وصحيفة "الوحدوي".
طوارئ ضد الصحفيين
وتأتي هذه الإجراءات التي يصفها الصحفيون بحالة طوارئ ضد الصحفيين بعد أن دعت صحيفة "الثورة" الحكومية إلى محاسبة كل من يشكك في الإنجازات القائمة وحقائقها الماثلة مثل الوحدة اليمنية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي وحقوق الإنسان ومشاركة المرأة وبناء سد مأرب واستخراج النفط وتحريز الوطن بالحدود وبناء الإنسان بالتعليم.
وكانت مصادر سياسية كشفت أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أعرب أثناء لقائه قيادات أحزاب المعارضة عن استيائه من أداء الصحافة الحزبية وحذر الانفصاليين والملكيين من محاولة إشعال الحرائق مجددا.
وقالت المصادر: إن معظم حديث الرئيس صالح مع المعارضة دار حول ما اعتبره أزمة الصحافة الحزبية التي وصفها بأنها نالت من شخصه.
وكانت صحيفتا "الشورى" و"الثوري" تناولتا في أعدادهما السابقة مواضيع جريئة، أبرزها فتح ملف المسئولين الذين يعملون في حقل التجارة، وتطرقت بالأرقام والأسماء عن شخصيات رفيعة جدا تمارس التجارة، في مخالفة صريحة للدستور اليمني الذي يحرم الجمع بين العملين.
ونشرت صحيفة "الثوري" مقالا تحت عنوان "هرمونات العبودية.. لا خصومة بيننا وبين الرئيس بل بلد كان يمكن أن يكون أفضل بدونه" قال فيه الصحفي نايف حسان: "يا إخوة ليس من المنطقي أن يحكمنا شخص كعلي عبد الله صالح 27 سنة، وتحرمونا حتى من حق السخرية منه".
ويشير نايف إلى أن الخلط بين انتقاد الرئيس والإساءة إليه الهدف منه "تشريع قانون يجرم تناول رئيس الجمهورية، وذلك لا يهم بالنسبة لنا.. للرئيس أن يسن القانون الذي يريد، فالأمر سيكون دافعا إضافيا لتوسيع مساحة حرية التعبير، وإن تم التضييق على الصحف المحلية فسنلجأ للنشر في الخارج، وفي حال اتساع المضايقات فالهجرة ستكون خيارا جيدا لفضح النظام بشكل أوسع".
ويضيف: "ليس بيننا وبين الرئيس خصومة.. بيننا وبينه بلد كان يمكن أن يكون أفضل بدونه.. الرجل جاثم على أنفسنا 27 سنة، شخص احتكر المناصب والثروة لأسرته وقبيلته، وانتهك الحقوق"، ويؤكد أن البلد يعيش أزمة وبحاجة للمكاشفة وبدء عمليات إصلاح شاملة "والجماعة يطبلون ويدافعون عن الرئيس الرمز".
http://www.islamonline.net/Arabic/news/ ... le05.shtml