يقدم هذا التقرير توثيقاً للاعتقالات التي وقعت في صفوف المسلمين الشيعة في مصر في الفترة بين ديسمبر 2003 ومارس 2004، والتي لا يزال اثنان من ضحايا هم محمد الدريني ومحمد عمر في السجن حتى وقت كتابة هذه السطور. وبدأت فكرة التقرير بتوثيق الانتهاكات التي صاحبت هذه الاعتقالات بدءاً من القبض التعسفي، والاحتجاز غير القانوني، وانتهاءاً بالاعتقال الإداري المتكرر باستخدام قانون الطوارئ، مروراً بتعذيب المعتقلين بالضرب والصعق الكهربي وانتهاك حقهم في حرية الدين والمعتقد وحقهم في الخصوصية بالتفتيش في عقائدهم الدينية واستجوابهم بشأنها بل وأحياناً محاولة إثنائهم عنها.
غير أن باحثي ومحامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أثناء عملهم على هذه القضية وإعدادهم لهذا التقرير، تكشف لهم أن ما يحدث اليوم هو تكرار لنمط بدأ مع أول حملة اعتقالات ضد الشيعة في مصر عام 1988 وتكرر في أربع حملات بعدها.
كان هذا النمط يبدأ مع حملة عشوائية من القبض التعسفي على أفراد لا يجمع بينهم سوى انتماؤهم للمذهب الشيعي، ثم تعذيبهم بكافة الأساليب في محاولة لانتزاع "اعترافات" قد تساعد على تكوين قضية، وبعدها تبدأ حملة التشهير الصحفي المصحوبة باتهامات العمالة للخارج وتهديد الأمن القومي، ثم تنتهي القضية ويطلق سراح المحتجزين دون إحالتهم للمحاكمة بعد أن يكونوا قد قضوا فترات من الاحتجاز قد تصل إلى ستة أشهر. حدث هذا لما لا يقل عن 124 مواطناً مصرياً ألقي القبض عليهم في الحملات الخمس الكبرى التي وقعت منذ عام 1988. ولا شك أن هذا الرقم لا يمثل العدد الحقيقي لمن ألقي القبض عليهم في هذه الفترة دون أن تحصل قضاياهم على نفس الاهتمام الإعلامي الذي حازته هذه الحملات الخمس.
وأدركت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن ثقافة الحصانة التي سمحت لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت أثناء حملات الاعتقال الخمس هذه بالإفلات دون عقاب أو حتى تحقيق هي التي سمحت لهذه الأحداث بالتكرار. وهنا قرر باحثو المبادرة المصرية توثيق الانتهاكات الجسيمة التي صاحبت هذه الحملات الخمس وإعلان ما حدث أثناءها للرأي العام والمطالبة بالتحقيق فيها ومعاقبة من تثبت مسئوليته عنها، وهو السبيل الوحيد لمنع هذه الانتهاكات من التكرار في المستقبل، وتحقيق حد أدنى من رد الاعتبار لضحايا هذه الانتهاكات.
إن برنامج الحق في الخصوصية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية يعتبر حق الفرد في حرية الدين والمعتقد جزءاً أصيلاً من حقه في احترام خصوصيته. كما أن تدخل الدولة في الحياة الدينية للأفراد باستجوابهم بشأن معتقداتهم الدينية لا يعد فقط انتهاكاً لحقهم في حرية المعتقد، وإنما يمثل أيضاً تعدياً على الحرية الشخصية للأفراد والتي يحميها الدستور المصري وحددت المحكمة الدستورية العليا مجالها بأنه "ما يكون لصيقاً بالشخصية، مرتبطاً بذاتية الإنسان في دائرة تبرز معها ملامح حياته وقراراته الشخصية في أدق توجهاتها، وأنبل مقاصدها."
وتشعر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بقلق بالغ وهي ترى الدولة تتغول على الحياة الخاصة للأفراد، وتملي عليهم كيفية إدارتهم لحياتهم الدينية والعاطفية والزوجية، ثم تقوم بمعاقبة من يخرجون عن هذا الخط الذي تحدده الدولة لمواطنيها، مع تهميشهم وتشويه صورتهم واستعداء المجتمع عليهم بما يجعلهم أيضاً عرضة لانتهاكات المجتمع فضلاً عن الانتهاكات الحكومية.
ويبدو مما سبق أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لا تتعامل مع قضية الحق في حرية الدين والمعتقد من منظور الحقوق الجماعية للأقليات. وإنما تتناول هذا الأمر من منظور حق الفرد في أن يأتمر على ذاته وأن تُحترم خصوصيته، بما في ذلك حقه في اختيار دينه أو معتقده وممارسته دون تدخل من الدولة أو المجتمع. ويأخذ هذا التناول أهمية إضافية نظراً لأن الأفراد الذين يتعرضون عادة لهذا النوع من الانتهاكات هم من المهمشين الذين لا تلقى أصواتهم أو معاناتهم اهتماماً كافياً، بخلاف المنتمين لأقليات منظمة وظاهرة. هؤلاء المهمشون يحتلون المرتبة الأولى في نطاق اهتمام المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
هذا التقرير
لا تثبت الوقائع الواردة في هذا التقرير وجود سياسة من الاضطهاد ضد المسلمين الشيعة في مصر. كما لا تعتقد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بوجود اضطهاد لأي مجموعة دينية أخرى في الدولة. ما يحاول هذا التقرير إظهاره هو أن إطلاق يد الأجهزة الأمنية، وبالتحديد مباحث أمن الدولة في التعامل مع كافة المسائل الدينية بمنظور أمني، وعدم التحقيق معهم أو محاسبتهم على أي من الانتهاكات التي يرتكبونها أثناء التحقيق مع المحتجزين، يسمح بتكوين ثقافة من الحصانة تؤدي إلى ظهور نمط من هذه الانتهاكات يتكرر ويتكرر طالما لم تتدخل الدولة لوقفه.
ويبدأ التقرير في فصله الأول بسرد وقائع اعتقالات 2004، والتي لا يزال اثنان من ضحاياها رهن الاعتقال الإداري بموجب قانون الطوارئ رغم صدور عدة قرارات قضائية بالإفراج عنهم. ثم يتناول الفصل الثاني توثيقاً لكافة الحملات المشابهة التي وقعت في أعوام 1988، و1989، و 1996، و2002. ويظهر هذا الفصل تكرار نفس السيناريو من انتهاكات حقوق المحتجزين دون تحقيق أو عقاب.
ويتعرض الفصل الثالث للخيط المشترك الأساسي بين هذه القضايا الخمس، وهو أن الأسباب السياسية الظاهرة في هذه القضايا تخفي تعصباً دينياً يحاكم المعتقدات الدينية للمعتقلين، ويستجوبهم بشأنها، أو يتعمد إهانتها، بل في بعض الأحيان يحاول إثناءهم عنها من خلال الإقناع أو الإكراه.
ثم ينتهي الفصل بتحليل الالتزام القانوني للحكومة المصرية باحترام حرية الدين والمعتقد. كما يبين العلاقة المفصلية بين كل من الحق في حرية الدين والمعتقد والحق في الخصوصية، قبل أن يختتم التقرير بتقديم عدد من التوصيات إلى الحكومة المصرية.
منهج التقرير
تم جمع المعلومات الواردة في هذا التقرير من خلال 19 مقابلة أجراها باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع معتقلين حالين وسابقين وأسرهم. وتمت هذه المقابلات في كل من مدينة رأس غارب بالبحر الأحمر ومدينتي القاهرة والمنصورة ومعتقل وادي النطرون السياسي في الفترة من أواخر ديسمبر 2003 وحتى يونيو 2004. أما البحث في القضايا السابقة فقد اعتمد على الأرشيف الصحفي لمركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات، والذي غطى الفترة من 1988 وحتى 2004.
فريق التقرير
قام بكتابة هذا التقرير حسام بهجت، مسئول برنامج الحق في الخصوصية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وقام بجمع المادة وإجراء المقابلات كل من حسام بهجت وخليل أبو الحسن المحامي ببرنامج الحق في الخصوصية، والذي قام أيضاً بتقديم الدعم القانوني للمعتقلين في أحداث مدينة رأس غارب.
وتتوجه المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالشكر للوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، لدعمها نشاط المبادرة البحثي في مجال الحق في الخصوصية. كما يتوجه كاتب التقرير بالشكر إلى سكوت لونج من منظمة هيومان رايتس واتش، والذي استفاد منه الكاتب كثيراً في منهجية إجراء المقابلات وجمع المادة البحثية وكتابة تقارير حقوق الإنسان.
وتهدي المبادرة المصرية هذا التقرير إلى كل من تعرض للإيذاء الحكومي في مصر بسبب اعتناقه لديانة أو مذهب لا يعجب الدولة.
حريـــة الاعتـــقاد وقضايا الشــيعة في مصر
الشيعة في مصر
رغم أن هذا التقرير لا يتناول أوضاع الشيعة في مصر كأقلية، فإنه من المهم تقديم خلفية عن هذه المسألة قبل سرد الأحداث التي يغطيها التقرير.
كان التشيع مذهب بعض القبائل العربية التي وفدت إلى مصر بعد دخول الإسلام. واستمر الوجود الشيعي طوال العصر الأموي والعصر العباسي حتى جاء الفاطميون إلى مصر حيث ازداد الوجود الشيعي كثافة في عهدهم. وبعد قمع الأيوبيين للمذهب الشيعي فر كثير من شيعة مصر إلى الصعيد أو إلى الشام أو اليمن وتراجع المذهب بشكل عام أمام المذهب السني، وإن كانت بعض آثاره في الطقوس والمناسبات الدينية لا تزال قائمة. (1)
ولا توجد تقديرات رسمية معلنة حول عدد المسلمين الشيعة في مصر حالياً، غير أن أغلب التقديرات تتفق على أنهم لا يتجاوزون 1% من تعداد السكان الذي يدين قرابة 90% منه بالإسلام، غالبيتهم من الشيعة الإمامية الإثناعشرية (2). أما عن تعداد الشيعة بشكل عام فإن دراسة منشورة عام 1990 أشارت إلى وجود حوالي 105 مليون شيعي في العالم، بنسبة تقترب من 8.4% من مجمل المسلمين(3)، منهم حوالي 65.5 مليون شيعي إمامي إثناعشري، أي بنسبة حوالي 62.45% من مجمل الشيعة و 5.22% من مجمل المسلمين. ويبلغ عدد الشيعة في العالم العربي طبقاً لنفس الدراسة حوالي 10 ملايين نسمة (4).
وبينما لا تعترف الدولة في مصر بالمذهب الشيعي رسمياً فإن الأزهر يعترف به كأحد مذاهب الإسلام منذ أوائل ستينات القرن الماضي حين صدرت الفتوى الشهيرة لشيخ الأزهر وقتها محمود شلتوت والتي نصت على أن "مذهب الشيعة الإمامية الإثناعشرية مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة". (5) ثم عاد شيخ الأزهر الحالي محمد سيد طنطاوي فقام بتأكيد استمرار العمل بالفتوى في يناير 1997 عقب القبض على مجموعة من الشيعة في مصر وقتها. (6)
وفي أوائل عام 2004 تقدم بعض الشيعة في مصر بطلب إلى وزير الداخلية للاعتراف بالشيعة كطائفة دينية رسمية في مصر بموجب القانون رقم 15 لسنة 1927 (7). ولم تقم وزارة الداخلية بالرد على هذا الطلب حتى وقت كتابة هذا التقرير.
-----------
1- هموم الملل والنحل والأعراق في الوطن العربي، التقرير السنوي الرابع، القاهرة، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ودار الأمين، 1997، ص 149-150.
2- يشار إلى الشيعة الإمامية الإثناعشرية أحياناً بلفظ الشيعة الجعفرية. وترجع التسمية إلى اعتقاد أتباع هذا المذهب بإمامة الأئمة الإثني عشر المتحدرين من الإمام علي بن أبي طالب وحتى المهدي المنتظر عبر سلالة موسى الكاظم بن جعفر الصادق. للمزيد حول هذا المذهب انظر نبيلة عبد المنعم داود، نشأة الشيعة الإمامية، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1968؛ انظر أيضاً Moojan Momen, An Introduction to Shi'i Islam: The History and Doctrines of Twelver Shi'ism, New Haven, Yale University Press, 1985.
3- ناجي نعمان، موسوعة المجموعات العرقية والمذهبية في العالم العربي، بيروت، دار نعمان للثقافة، 1990، ص 217.
4- السابق.
5- صورة ضوئية من الفتوى بتوقيع شيخ الأزهر محمود شلتوت منشورة كملحق في عبد القادر عبد الصمد، نظرات على كتاب أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية، القاهرة، بدون ناشر، 1993، ص 151.
6- العربي، شيخ الأزهر: فتوى شلتوت ما زالت سارية، عدد 2 يناير 1997.
7- عبده مغربي، شيعة مصر طلبوا من وزارة الداخلية الاعتراف بهم رسمياً، صحيفة صوت الأمة، عدد 19 يناير 2004.
رغم أن هذا التقرير لا يتناول أوضاع الشيعة في مصر كأقلية، فإنه من المهم تقديم خلفية عن هذه المسألة قبل سرد الأحداث التي يغطيها التقرير.
كان التشيع مذهب بعض القبائل العربية التي وفدت إلى مصر بعد دخول الإسلام. واستمر الوجود الشيعي طوال العصر الأموي والعصر العباسي حتى جاء الفاطميون إلى مصر حيث ازداد الوجود الشيعي كثافة في عهدهم. وبعد قمع الأيوبيين للمذهب الشيعي فر كثير من شيعة مصر إلى الصعيد أو إلى الشام أو اليمن وتراجع المذهب بشكل عام أمام المذهب السني، وإن كانت بعض آثاره في الطقوس والمناسبات الدينية لا تزال قائمة. (1)
ولا توجد تقديرات رسمية معلنة حول عدد المسلمين الشيعة في مصر حالياً، غير أن أغلب التقديرات تتفق على أنهم لا يتجاوزون 1% من تعداد السكان الذي يدين قرابة 90% منه بالإسلام، غالبيتهم من الشيعة الإمامية الإثناعشرية (2). أما عن تعداد الشيعة بشكل عام فإن دراسة منشورة عام 1990 أشارت إلى وجود حوالي 105 مليون شيعي في العالم، بنسبة تقترب من 8.4% من مجمل المسلمين(3)، منهم حوالي 65.5 مليون شيعي إمامي إثناعشري، أي بنسبة حوالي 62.45% من مجمل الشيعة و 5.22% من مجمل المسلمين. ويبلغ عدد الشيعة في العالم العربي طبقاً لنفس الدراسة حوالي 10 ملايين نسمة (4).
وبينما لا تعترف الدولة في مصر بالمذهب الشيعي رسمياً فإن الأزهر يعترف به كأحد مذاهب الإسلام منذ أوائل ستينات القرن الماضي حين صدرت الفتوى الشهيرة لشيخ الأزهر وقتها محمود شلتوت والتي نصت على أن "مذهب الشيعة الإمامية الإثناعشرية مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة". (5) ثم عاد شيخ الأزهر الحالي محمد سيد طنطاوي فقام بتأكيد استمرار العمل بالفتوى في يناير 1997 عقب القبض على مجموعة من الشيعة في مصر وقتها. (6)
وفي أوائل عام 2004 تقدم بعض الشيعة في مصر بطلب إلى وزير الداخلية للاعتراف بالشيعة كطائفة دينية رسمية في مصر بموجب القانون رقم 15 لسنة 1927 (7). ولم تقم وزارة الداخلية بالرد على هذا الطلب حتى وقت كتابة هذا التقرير.
-----------
1- هموم الملل والنحل والأعراق في الوطن العربي، التقرير السنوي الرابع، القاهرة، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ودار الأمين، 1997، ص 149-150.
2- يشار إلى الشيعة الإمامية الإثناعشرية أحياناً بلفظ الشيعة الجعفرية. وترجع التسمية إلى اعتقاد أتباع هذا المذهب بإمامة الأئمة الإثني عشر المتحدرين من الإمام علي بن أبي طالب وحتى المهدي المنتظر عبر سلالة موسى الكاظم بن جعفر الصادق. للمزيد حول هذا المذهب انظر نبيلة عبد المنعم داود، نشأة الشيعة الإمامية، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1968؛ انظر أيضاً Moojan Momen, An Introduction to Shi'i Islam: The History and Doctrines of Twelver Shi'ism, New Haven, Yale University Press, 1985.
3- ناجي نعمان، موسوعة المجموعات العرقية والمذهبية في العالم العربي، بيروت، دار نعمان للثقافة، 1990، ص 217.
4- السابق.
5- صورة ضوئية من الفتوى بتوقيع شيخ الأزهر محمود شلتوت منشورة كملحق في عبد القادر عبد الصمد، نظرات على كتاب أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية، القاهرة، بدون ناشر، 1993، ص 151.
6- العربي، شيخ الأزهر: فتوى شلتوت ما زالت سارية، عدد 2 يناير 1997.
7- عبده مغربي، شيعة مصر طلبوا من وزارة الداخلية الاعتراف بهم رسمياً، صحيفة صوت الأمة، عدد 19 يناير 2004.
أحداث رأس غارب: آخر الحلقات
أثناء كتابة هذا التقرير كان كل من محمد رمضان الدريني ومحمد (حمام) عمر معتقلين في سجن وادي النطرون بموجب قانون الطوارئ دون اتهام أو محاكمة، وذلك رغم صدور عدة أحكام قضائية بالإفراج عنهما. كلاهما يقول إنه تعرض للتعذيب على أيدي ضباط مباحث أمن الدولة مع آخرين لا يجمع بينهم إلا انتماؤهم للمذهب الشيعي.
القصة التي تعد آخر حلقة في سلسلة انتهاكات جهاز أمن الدولة لحقوق المحتجزين في قضايا المسلمين الشيعة في مصر لم تقتصر على هذين المعتقلين وإنما شملت العديد من المشتبه في انتمائهم للمذهب الشيعي في مدينة رأس غارب الساحلية الهادئة، والتي تتبع محافظة البحر الأحمر وتقع حوالي 300 كم جنوبي القاهرة، حيث وقعت حملات اعتقال متتالية ضد عدد من المسلمين الشيعة من سكان المدينة. بعض هؤلاء أطلق سراحه بعد ساعات أو أيام، بينما انتهى الأمر بالبعض الآخر بعد جولات الاستجواب والتعذيب في الغردقة والقاهرة إلى سجن وادي النطرون. وهناك بدأت دائرة الاعتقال الإداري المتكرر بموجب قانون الطوارئ والذي نجا منه البعض بينما ظل الدريني وعمر في انتظار قرارات الإفراج عنهم.
البداية
بدأت أولى الحملات في ساعة متأخرة من ليل 8 ديسمبر 2003 عندما قامت قوات مباحث أمن الدولة بمداهمة عدة منازل في مدينة رأس غارب لأفراد يشتبه في اعتناقهم المذهب الشيعي. وكان من هذه المنازل منزل محمد عمر الذي ألقي القبض عليه وتم ترحيله فوراً لمقر أمن الدولة بالغردقة. تقول زوجته
دخلوا البيت حوالي الساعة 1:30 الصبح ولما شافوا لوحات وشعارات على الحيطان عن أهل البيت والأئمة سألوا عن مكتبة الحاج، وبحثوا في الكتب وطلبوا مننا كرتونة حطوا فيها كل الكتب وشرايط الفيديو اللي عندنا، وبعدين خدوا الحاج وخرجوا. (8)
أما أحمد جمعة فقد كان في عمله بإحدى شركات البترول بمنطقة توشكي عندما اقتحمت قوات أمن الدولة منزله بنفس الليلة. ولما لم يجدوه بمنزله هددوا زوجته باحتجازها وأبنائها الخمسة رهائن لإجبار جمعة على تسليم نفسه (9). وبعد أسبوع عاد رجال أمن الدولة من جديد لتفتيش المنزل ومصادرة كتب وأوراق. تقول والدة أحمد جمعة
أول مرة جم تلات ضباط لابسين ملكي حوالي الساعة 11 بالليل. وفي المرة التانية جم حوالي أربعتاشر واحد بعربيات وعساكر.وفي المرتين ما قالوش عايزينه ليه. بس فتشو غرفته وورشته وأخدوا كتبه وأوراق الجيش بتاعته. (10)
ومثلما كان الحال مع محمد عمر، لم يظهر رجال أمن الدولة خلال هذه المداهمات أية أذون من النيابة العامة بالتفتيش أو المصادرة أو ضبط المطلوبين.
وعندما نقلت أسرة جمعة إليه تفاصيل ما حدث، خشي من تهديد مباحث أمن الدولة باحتجاز أسرته كرهائن فعاد إلى رأس غارب وقام بتسليم نفسه في 22 ديسمبر 2003. ولم يعد جمعة بعدها إلى منزله قبل مرور أربعة أشهر من الاحتجاز كما سيرد لاحقاً.
وإلى جانب عمر وجمعة، فقد احتوى تقرير صحفي نشر وقتها على أسماء عدة أفراد آخرين تمت مداهمة منازلهم وهم كاشف الهلباوي (لم يجدوه)، وعبد الهادي يحيى تمام، وعلي خليل، وإسماعيل الحاج. (11) وقد التقى باحثو المبادرة المصرية بالأخير وروى لهم قصة توقيفه
أنا لقيت حد جاي لي الشغل من أمن الدولة وأخدني معاه في عربيته ورحنا البيت عندي. أول ما دخلنا سألني عن مكتبتي فضحكت وقلت له أنا ساقط إعدادية يا بيه وما عنديش مكتبة. فمشي وقال لي أروح له تاني يوم الصبح الغردقة. (12)
"بتصلي إزاي؟"
عندما ذهب إسماعيل في اليوم التالي إلى مقر مباحث أمن الدولة بالغردقة
فضلت قاعد في الاستراحة من الساعة اتنين الضهر لغاية الساعة ستة.لما دخلت للضابط قلت له يا بيه أنا مواليد 1952 يعني جيل الثورة وشاركت في حرب أكتوبر. قعد يسألني انت بتصلي إزاي؟ ومن هو أبو بكر الصديق؟ ومن هو عمر بن الخطاب؟ وأسماء صحابة تانيين. وبعدين سابني أمشي. (13)
وكما حدث مع إسماعيل أخلي سبيل جميع من تم توقيفهم أو القبض عليهم باستثناء أحمد جمعة ومحمد عمر اللذين ظلاّ محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي دون أن تعرف أسرهما مكان احتجازهما.
الحملة الثانية من الاعتقالات جاءت بعد سابقتها بأسبوع واحد. وعلمت المبادرة المصرية أنها شملت مداهمة منازل وتوقيف كل من محمد عبد الحافظ وياسر عباس وسراج رشوان.
ووفقاً لمعلومات المبادرة المصرية فقد أخلي سبيلهم جميعاً بعد استجوابهم. تقول والدة سراج (وهو ابن أخت إسماعيل الحاج الذي تم توقيفه خلال الحملة الأولى)
أمن الدولة جم البيت وأخدوا سراج بعد أسبوع من يوم ما أخدوا خاله إسماعيل. قعد شوية وسألوه حبة أسئلة ولما رجع ساب البلد وراح يشتغل بره. (14)
عادل الشاذلي: بلاغ غير كاذب
خلال هذه الفترة كان عادل الشاذلي وهو أحد الشيعة المقيمين في رأس غارب قد اتصل بالمبادرة المصرية وبعض الصحفيين وبالمنظمة العربية لحقوق الإنسان - حيث قال إنه عضو بها - لإبلاغهم بهذه الأحداث. وبينما كان فريق من باحثي المبادرة المصرية يستعد لزيارة رأس غارب للتحقيق في الواقعة والالتقاء بعادل تم اقتحام منزله في ليل 27 ديسمبر 2003 والقبض عليه. ومن وقتها لم يفرج عن عادل الشاذلي حتى أواخر يونيو 2004.
وإلى جانب القبض على عادل الشاذلي بسبب معتقداته الدينية، فإن من المرجح أن يكون من أسباب اعتقاله الجهود التي بذلها في توثيق انتهاكات حقوق المسلمين الشيعة من رأس غارب ونقلها إلى الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان. خاصة وقد أخبر عادل مندوباً عن المبادرة المصرية فيما بعد أنه تم استجوابه لاحقاً بشأن حيازته لمطبوعات وكتب صادرة عن منظمات لحقوق الإنسان وكذلك هاتف وعنوان المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالقاهرة. (15) وهو ما يضيف إلى الانتهاكات العديدة لحقوق عادل مخالفة واضحة لإعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والذي ضمنت فيه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن "لكل شخص الحق، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره… في الاتصال بالمنظمات غير الحكومية" (16). كما تعهدت بحماية "حرية نشر الآراء والمعلومات والمعارف المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو نقلها إلى الآخرين وإشاعتها بينهم" .(17)
أما آخر ضحايا حملة الاعتقالات التعسفية تلك فكان كاشف الهلباوي الذي كانت مباحث أمن الدولة قد داهمت منزله في الحملة الأولي لتكتشف أنه يعمل ويقيم بشكل شبه دائم بدولة قطر. وعند عودته في إجازة من عمله تم إلقاء القبض عليه بمطار القاهرة الدولي في 3 مارس 2004.(18) غير أن مباحث أمن الدولة عادت وأطلقت سراحه بعد حوالي شهر من الاحتجاز. ولم يستطع باحثو المبادرة المصرية مقابلة كاشف الهلباوي للاستفسار عن مكان احتجازه طوال هذه الفترة أو طبيعة معاملته وظروف احتجازه واستجوابه.
ولكن لماذا بدأت هذه الحملة أصلاً؟ ولماذا في مدينة رأس غارب بالتحديد؟
كانت الرواية التي قدمتها صحيفة صوت الأمة في تقريرها عن بدء الحملة كالتالي
سبب الخلاف هو قيام على خليل بالصلاة على "شقفة" (19) يطلقون عليها التربة الحسينية داخل مسجد الإمام السجاد برأس غارب. وعندما رآه شقيقه [محمد] يصلي على هذا النحو دارت بينهما مشادة كلامية تحول بعدها إلى اتهام [محمد] خليل السلفي لشقيقه [علي] بالكفر والخروج عن الملة. ولما استمر علي بالصلاة على طريقته والتي تشبه طريقة الشيعة قام [محمد خليل] بإبلاغ مديرية الأوقاف عنه والتي قامت بندب مسئول لرد الشيخ علي خليل عن طريقته. ولما لم تفلح معه المحاولات وصل الأمر إلى مباحث أمن الدولة. (20)
ولا تختلف المعلومات التي حصلت عليها المبادرة المصرية أثناء إحدى زياراتها الميدانية لرأس غارب كثيراً عن هذه الرواية. حيث التقى باحثو المبادرة المصرية مع محمد خليل الذي ذكر اسمه في الموضوع الصحفي فقال
أنا في يوم فوجئت بأخويا بيصلي على شقفة. فقلت له ده شرك بالله. ولما لم يتعظ بلغت مدير أوقاف رأس غارب اللي بعد كده أظن أنه بلغ أمن الدولة. (21)
ويبدو من هذه القصة أن ضباط مباحث أمن الدولة ربما يكونون قد بدأوا في التحري عن علي بعد أن وصلهم الخلاف بين الشقيقين على ومحمد خليل. ومن هنا ربما يكونون قد اكتشفوا اعتناق عدد من أهالي المدينة للمذهب الشيعي فخطر لهم القبض على أكبر عدد منهم واتهامهم بتشكيل تنظيم كما يحدث عادة في مثل هذه القضايا. (22)
وفي حال كان هذا هو السبب الحقيقي للقبض على شيعة رأس غارب، فإن هذا الأمر يثير عدة تساؤلات حول دور مدير الأوقاف- وهو مسئول حكومي- الذي رأى أن من واجبات وظيفته محاولة إثناء أحد المسلمين عن مذهب يعترف به الأزهر الذي تخرج منه مدير الأوقاف نفسه على الأغلب. ولما فشل في هذه المهمة التي لم يوكلها إليه أحد قام بإبلاغ مباحث أمن الدولة! (23)
من الغردقة إلى القاهرة
عندما قام أحمد جمعة بتسليم نفسه لفرع مباحث أمن الدولة بالغردقة خوفاً على أسرته، تم احتجازه قرابة عشرة أيام قبل ترحيله إلى فرع مباحث أمن الدولة بمدينة نصر في القاهرة. وعلم جمعة في هذه الفترة أن محمد عمر والذي كان قد اعتقل قبله قد تم ترحيله إلى القاهرة.
يقول جمعة عن هذه الفترة
في الغردقة قلعوني كل حاجة إلا الكلسون. كنا في شهر ديسمبر والدنيا برد. وكان فيه ضابط اسمه عماد بيضربني بعصايا في الرايحة والجاية، والعساكر يلطشوني بإيديهم أثناء التحقيق. ده طبعاً غير سبي وسب آل البيت. (24)
وعن التحقيق يقول
في العشر أيام دول حققوا معايا مرتين. أول مرة ساعتين وتاني مرة ساعة. سألوني عن انتمائي للمذهب الشيعي وقلت لهم إني شيعي جعفري. وسألوني عن أسماء أشخاص كتير من المعروفين بانتمائهم للمذهب الشيعي. (25)
وفي مقابلة أخرى قال جمعة
كانوا قبل التحقيق يجوعوني يوم كامل. وبعدين يبدؤوا التحقيق متأخر بعد الساعة 11 بالليل وما أرجعش الحجز إلى بعد الساعة اتنين صباحاً. كنت طول التحقيق متغمي وإيديا متكتفة ورا ضهري بحبل كهربا. (26)
وفي نفس اليوم الذي تم فيه ترحيل أحمد جمعة إلى القاهرة، وصل عادل الشاذلي إلى فرع أمن الدولة بالغردقة. وكان على عادل أن يمر بمثل ما مر به من قبله جمعة وربما محمد عمر. وبعد 12 يوماً قضاها عادل في الغردقة تم ترحيله إلى القاهرة ليجتمع المحتجزون الثلاثة عمر وجمعة والشاذلي بمقر أمن الدولة بمدينة نصر.
في مدينة نصر تم تجريد المعتقلين من ثيابهم مرة أخرى باستثناء ملابسهم الداخلية في صقيع يناير. ويحكي عادل عن التحقيق معه مرة واحدة هناك
سألوني عن التشيع وإن كانت لي علاقة بإيران ودول أخرى وسألوني عن أسماء أشخاص وعن كتب وجدوها عندي في البيت لما قبضوا عليا. أثناء التحقيق كنت متغمي ومتكتف وكان فيه ضرب بييجي من ورايا على ضهري وقفايا. وبعدين استخدموا الكهربا في فمي ووداني والقبل والدبر. وعملوا نفس الشيء مع محمد عمر. دلوقتي باجيب دم من مؤخرتي. ومحمد عمر رجله الشمال بتقف من الكهربا وأحياناً جنبه الشمال كله .(27)
ورغم أن هذه المقابلة التي أخبرنا فيها عادل عن وقائع تعذيبه بمدينة نصر تمت بعد أكثر من شهر من التحقيقات، فإن جسده كان لا يزال يرتجف بعنف من آن لآخر وهو يحدثنا من آثار الصعق الكهربي. كما كان في حالة نفسية سيئة للغاية وكانت دموعه تنهمر وهو يقص على باحثي المبادرة المصرية ما جرى معه هناك
كهربوني في مدينة نصر لغاية ما كنت هاموت من الألم. قلت للضابط اللي كان بيحقق معانا "عملنا ايه احنا؟ مش حرام؟ مسلمين احنا ولا كفرة؟" ورد عليا "انت هنا في مستشفى المجانين. أنا وظيفتي إني أجننك؟" (28)
من الانتهاكات المخالفة للقانون إلى الانتهاكات بموجب القانون
بينما كان التحقيق والتعذيب يجري في مدينة نصر، كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد قامت بتوثيق الاعتقالات وزيارة مدينة رأس غارب وجمع المعلومات المتعلقة بالواقعة. وأصدرت المبادرة المصرية أول بيان صحفي حول الأحداث في 5 يناير 2004 ضم أسماء المعتقلين الثلاثة وطالب بالإفراج الفوري عنهم بعد أن كان بعضهم وقتها قد قضى قرابة شهر كامل رهن الاحتجاز دون سند قانوني ودون العرض على أية سلطة قضائية. (29)
وفي اليوم التالي لصدور البيان الصحفي، تقدم محامو المبادرة المصرية ببلاغ إلى مكتب النائب العام في 6 يناير 2004 تضمن المعلومات المتعلقة بالمعتقلين وأسماءهم. (30) وطالبت المبادرة المصرية النائب العام بإصدار تعليماته بسرعة تحقيق هذه الوقائع والأمر بالإفراج الفوري عن المحتجزين دون وجه حق. (31)
كما قامت المبادرة المصرية في الأسبوع نفسه برفع شكوى إلى المقرر الخاص بشأن حرية الدين والمعتقد بالأمم المتحدة، وطالبته المبادرة المصرية بالتدخل لدى الحكومة المصرية لضمان الإطلاق الفوري وغير المشروط للمعتقلين.
ويبدو أن خروج معلومات بشأن المعتقلين إلى العلن، واتخاذ إجراءات قانونية لمحاولة إخلاء سبيلهم قد أجبرت مباحث أمن الدولة على إنهاء حالة الاحتجاز غير القانوني للمعتقلين وإضفاء ثوب من الشرعية القانونية الزائفة على انتهاك حقهم في الحرية والأمان الشخصي والمحاكمة العادلة. وكما هي العادة في هذه الظروف لجأ جهاز مباحث أمن الدولة إلى صديقهم القديم: قانون الطوارئ.
بعد حولي أسبوعين من التحقيقات والتعذيب بمدينة نصر تم ترحيل المعتقلين إلى محافظة قنا، وبعدها إلى مركز الشرطة بالغردقة حيث مكثوا دون تحقيق قرابة أسبوعين آخرين. وفي ليلة غير محددة في الأسبوع الأول من فبراير تم ترحيل المعتقلين الثلاثة إلى سجن وادي النطرون بعد أن أصدر وزير الداخلية قراراً باعتقالهم بموجب قانون الطوارئ. (32)
محمد الدريني: البحث عن زعيم
منذ بدء حملة مداهمات واعتقالات رأس غارب كان يبدو أن وراء الأحداث أحد ضباط أمن الدولة بالغردقة والذي ربما كان يرى فيما يقوم به إجراءاً وقائياً يتبع نهج الجهاز الذي ينتمي إليه في التعامل مع المنتمين إلى التيارات الدينية بشكل عام. غير أن الإبقاء على أحمد جمعة ومحمد عمر وعادل الشاذلي ثم ترحيلهم إلى القاهرة كان مؤشراً على أن جهاز أمن الدولة كان قد وجد في هؤلاء فرصة لنسج قضية جديدة من قضايا الإسلام السياسي يتم فيها توجيه الاتهامات المعتادة من محاولة تكوين تنظيم سري إلى محاولة قلب نظام الحكم إلى تلقي التبرعات والاتصال بالخارج، الخ. وهنا ظهرت الحاجة المعتادة إلى زعيم للتنظيم. وكان محمد الدريني المرشح المثالي لهذا المنصب بسبب ظهوره الإعلامي الواسع وحديثه الدائم للإعلام باسم شيعة مصر وإعلانه عن استضافة الوفود الشيعية من الخارج في مكتبه الذي يطلق عليه المجلس الأعلى لرعاية آل البيت والذي لا يحوز ترخيصاً رسمياً من أي من وزارات الدولة.
وفي فجر 21 مارس 2004 تم القبض على الدريني. وروت زوجته لباحثي المبادرة المصرية تفاصيل الاعتقال
الأول أمن الدولة جم هنا في الزيتون وفتشوا البيت وخدوا 47 ألف جنيه وجهاز كمبيوتر وأوراق وكتب وجرايد وحاجات كانت على الحيطان. وخدوا بياناتنا الشخصية كلنا وحبسونا في غرفة واحدة وهم بيفتشوا ومنعونا نعمل أي اتصالات تلفونية. وبعدين خدوا محمد وراحوا بيته التاني في المطرية وبرضه أخدوا حاجات من هناك. بعد كده راحوا المكتب وخدوا كمبيوتر وأوراق وشالوا اليفط من بره.(33)
وقال مصطفى، شقيق الدريني، لوكالة أنباء الأسوشيتد برس أن الضباط رفضوا أن يخبروا أسرة الدريني بمكان احتجازه. غير أنه أضاف أنه علم من أحد معارفه أنه موجود بأحد مقار أمن الدولة بالقاهرة. (34)
وفي مقابلة لاحقة مع الدريني أخبر باحثي المبادرة المصرية بما حدث له بعد اعتقاله
أخدوني أمن الدولة في لاظوغلي وهناك قعدت يومين وبعدها حوالي 40 يوم في فرع أمن الدولة في مدينة نصر هما فترة التحقيق. كنت متغمي ومتكتف وحافي وقاعد في الأرض طول الفترة دي. (35)
وعن التحقيق
سألوني عن المجلس [الأعلى لرعاية آل البيت] والجريدة بتاعته اللي كنت باطلعها. وعن اعتناقي للمذهب الشيعي، وعلاقتي بشخصيات شيعية كتير.
دوقوني كافة أنواع التعذيب. لدرجة إني ما كنتش قادر أتحرك بشكل طبيعي إلا من تلات أيام بس. في اليوم التاني في لاظوغلي فيه ضربة جت على عيني اليمين ولسه بتوجعني وبتنزل منها الدموع طول الوقت. (36)
ثم عاد الدريني إلى مقر مباحث أمن الدولة بلاظوغلي لمدة 20 يوماً. وبعد ما يقرب من شهرين من الاحتجاز غير القانوني، لحق الدريني بأحمد جمعة ومحمد عمر وعادل الشاذلي بسجن وادي النطرون.
داخل السجن
معظم المسجونين في معتقل وادي النطرون السياسي من المشتبه في انتمائهم إلى جماعات إسلامية متشددة والمعتقلين بموجب قانون الطوارئ لفترات مطولة دون اتهام أو محاكمة. (37) وفي إحدى الزيارات شكا عادل الشاذلي لباحثي المبادرة المصرية من تحرشات المعتقلين التكفيريين بهم ورفضهم التعامل معهم. (38)
بينما أخبرنا محمد الدريني في زيارة لاحقة
التكفيريين في السجن بزعامة ياسر محمد فهمي بيتحرشوا بينا طول الوقت. وأنا قدمت شكوى ضدهم لإدارة السجن بدون أي استجابة. ولولا بعض المعتقلين من أبناء الفيوم اللي يعرفونا كنا ما وجدناش من يحمينا من المعتقلين التكفيريين. (39)
ووفقاً للمادة 80 من القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن السجون فإنه "يجب على مدير السجن أو مأموره قبول أية شكوى جدية من المسجون، شفوية أو كتابية وإبلاغها إلى النيابة العامة أو الجهة المختصة بعد إثباتها في السجل المعد للشكاوى".
وفي 3 يونيو 2004 بدأ محمد الدريني إضراباً عن الطعام مطالباً بمعرفة سبب اعتقاله، ومصير الأموال والأجهزة التي تمت مصادرتها منه دون إثباتها بأية محاضر.
إلا أن الدريني أخبر باحثي المبادرة المصرية أن إدارة السجن رغم إبلاغها بالإضراب تجاهلته لمدة ثلاثة أيام لم يزره خلالها أي مندوب من النيابة العامة ولم يعرض على طبيب السجن. (40) وفي 6 يونيو قرر الدريني إنهاء الإضراب بعد أن وعده ضابط أمن الدولة المقدم ماهر طاحون بالاستجابة لمطالبه. (41)
انتهاك قانون الطوارئ!
عندما مر أكثر من شهر على تقديم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لبلاغها إلى النائب العام بشأن هذه القضية دون أي استجابة، وعندما علمت المبادرة المصرية بصدور قرارات اعتقال بحق المحتجزين الشيعة حصل محامو المبادرة المصرية على توكيلات من أقارب أحمد جمعة وعادل الشاذلي (ولاحقاً محمد الدريني) وبدؤوا في التظلم من قرارات الاعتقال هذه أمام محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ). (42)
غير أن وزارة الداخلية لم تحترم حتى قانون الطوارئ رغم كل ما يمثله من انتهاكات للحقوق القانونية للمعتقلين. ففي 12 فبراير 2004 حصل محامو المبادرة المصرية على حكم بإنهاء اعتقال عادل الشاذلي. وعندما اعترضت وزارة الداخلية على القرار عادت المحكمة وأصدرت نفس الحكم في 11 مارس 2004. (43)
ورغم ذلك لم تقم وزارة الداخلية بإطلاق سراح عادل. وإنما نقلته من السجن إلى عدة أقسام ومراكز للشرطة بمحافظة المنوفية. وبعد حوالي عشرة أيام
ركبت سيارة الترحيلات فوجدت محمد عمر اللي كان أخد إفراج زيي وخدتنا العربية على أمن الدولة في الغردقة. هناك قابلنا ضابط قال لنا هتخرجوا بشرط تقطعوا علاقتكم بالشيعة والصحافة وبتوع حقوق الإنسان وكل شيء. وبعدين كتبونا إقرارات بالابتعاد عن جميع المذاهب الإسلامية المتطرفة والالتزام بالنهج المعتدل [!].وقضينا هناك 20 يوم في قسم الشرطة منتظرين الإفراج عنا لكن لقيناهم رجعونا سجن وادي النطرون تاني. (44)
وفي 26 إبريل 2004 نظرت نفس المحكمة تظلماً جديداً أقامه محامو المبادرة المصرية ضد القرار الجديد باعتقال عادل، غير أنه رُفض لعدم مرور 30 يوم على صدور القرار الجديد. وهو ما يعني أن عادل قضى بضعة أسابيع أخرى من الاحتجاز غير القانوني منذ صدور قرار الإفراج النهائي عنه في 11 مارس قبل صدور قرار الاعتقال الجديد. (45)ثم عاد المحامون لتقديم تظلم جديد نُظر بجلسة 14 يونيو 2004 (46) لتقرر محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) من جديد الإفراج عن عادل ويعود إلى منزله أخيراً في أواخر شهر يونيو.
أما أحمد جمعة فقد مر بالقصة نفسها تقريباً وإن كان أسعد حظاً بأن عاد إلى منزله قبل عادل بشهرين. فقد تظلم محامو المبادرة المصرية من قرار اعتقاله ونُظر التظلم بجلسة 10 مارس 2004 وأمرت محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) بالإفراج عنه. واعترضت وزارة الداخلية كالعادة وخسرت طعنها بتاريخ 3 إبريل 2004.
(47)
وفي اليوم التالي ترك أحمد جمعة السجن غير أنه قضى 25 يوماً من التجوال على أقسام الشرطة بمحافظة المنوفية ثم كان عليه أن يقضي ثمانية أيام أخرى من الاحتجاز غير القانوني بالغردقة قبل أن يسمح له بالعودة إلى منزله في 29 إبريل 2004. أي بعد أكثر من أربعة أشهر. (48)
قضى جمعة أربعة أشهر محتجزاً وقضى عادل ستة أشهر، وخلال هذه الفترة لم يعرض أي منهما على النيابة العامة مرة واحدة ولم يوجه إليهما اتهام. بعد خروجه قال جمعة
بعد أربع أشهر مش عارف ليه خدوني ومش عارف ليه سابوني. لما رجعت توشكي صاحبة الشغل مارضيتش ترجعني لشغلي طبعاً وقالت لي إنها مش عايزة مشاكل مع الأمن. (49)
وبينما كان جمعة يطوف بأقسام المنوفية والبحر الأحمر دون منطق تقدم محامو المبادرة المصرية ببلاغهم الثاني لمكتب النائب العام في 6 إبريل 2004، حيث طالبوا بإجلاء مصير محمد الدريني الذي كان وقتها مازال بأمن الدولة وإحالته إلى المحكمة المختصة أو الإفراج الفوري وغير المشروط عنه .(50) كما طالب البلاغ بالإفراج الفوري عن المعتقلين الثلاثة الآخرين تنفيذاً لقرارات المحكمة المختصة. (51) وكما حدث مع سابقه، لم يأتِ أي رد على البلاغ. (52)
وبالنسبة لمحمد الدريني فإن من المؤكد أن قراراً باعتقاله لم يصدر إلا بعد ما يقرب من شهرين من احتجازه بشكل غير قانوني بمباحث أمن الدولة. فأثناء محاولة المبادرة المصرية معرفة وضعه القانوني تقدم محامو المبادرة المصرية بتظلم من قرار اعتقاله غير أن التظلم حُفظ في 3 مايو 2004 لعدم وجود قرار اعتقال رغم كونه رهن الاحتجاز منذ 22 مارس. (53) كما أن زوجة الدريني ذهبت للاستفسار عنه بأمن الدولة في لاظوغلي يوم 9 مايو 2004 فأخبرها ضابط أنه ليس في لاظوغلي وأن "الموضوع منتظر قرار الوزير". (54)
وفي التظلم التالي حكمت محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) بالإفراج عن الدريني في 8 يونيو 2004. (55)، وتم تأييد نفس القرار بجلسة 5 يوليو بعد اعتراض وزارة الداخلية. غير أن القرار لم ينفذ حتى الآن.
ومازال كل من محمد الدريني ومحمد (حمام) عمر في سجن وادي النطرون. غير أن تنفيذ القرارات المتتالية بالإفراج عنهما وإن كان أولوية لا يجب التأخر فيها لحظة إضافية واحدة لا يجب أن يعني ببساطة إغلاق ملف القضية. لقد شهد المحتجزون في هذه الأحداث تشكيلة واسعة من انتهاكات حقوقهم شملت القبض التعسفي، والاحتجاز غير القانوني بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب وسوء المعاملة، والاعتداء على حقهم في حرية المعتقد وفي الخصوصية، وانتهاء بالاعتقال الإداري المتكرر وانتهاك حقهم في الحرية وفي المحاكمة العادلة. لابد من التحقيق في كل هذه الانتهاكات ومحاسبة من تثبت مسئوليته عنها. فالفصل القادم سيبين بجلاء كيف أن السماح لمرتكبي انتهاكات مثيلة في الماضي بالإفلات من العقاب هو الذي سمح لها بالتكرار الآن. وبالمثل، فإن السماح للجناة بالإفلات الآن سيعني منح ضوء أخضر لهم بتكرار جرائمهم.
-----------
8- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة محمد عمر، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
9-مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة أحمد جمعة، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
10-مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع والدة أحمد جمعة، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
11-عبده مغربي، تفاصيل القبض على أحدث تنظيم شيعي في رأس غارب، صحيفة صوت الأمة، عدد 15 ديسمبر 2003.
12- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع إسماعيل الحاج، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
13- السابق.
14- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع والدة سراج رشوان، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
15- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 18 فبراير 2004.
16- الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً، وثيقة الأمم المتحدة رقم A/RES/53/144، مادة 5.
17- السابق، مادة 6.
18- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع شقيق كاشف الهلباوي في 14 مارس 2004.
19- من الشائع لدى بعض فصائل المسلمين الشيعة الصلاة على دائرة من التربة الجافة قطرها حوالي 10 سنتيمترات ويكتب عليها أحياناً "التربة الحسينية".
20- عبده مغربي، تفاصيل القبض على أحدث تنظيم شيعي في رأس غارب، صحيفة صوت الأمة، عدد 15 ديسمبر 2003.
21- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد خليل، رأس غارب، 17 إبريل 2004.
22- كان علي خليل من ضمن من داهمت قوات مباحث امن الدولة منازلهم خلال الجولة الأولي من الاعتقالات. ورغم أنهم لم يعثروا عليه هذه المرة إلا أنه عاد وقام بتسليم نفسه فيما بعد وأطلق سراحه بعد فترة قصيرة من الاحتجاز.
23- لم يتمكن باحثو المبادرة المصرية من مقابلة مدير الأوقاف بمدينة رأس غارب.
24- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، سجن وادي النطرون، 1 إبريل 2004.
25- السابق.
26- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، 2 يونيو 2004.
27-مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 18 فبراير 2004.
28- السابق.
29- انظر بيان المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لابد من احترام حرية العقيدة وإطلاق الشيعة المحتجزين في البحر الأحمر، 5 يناير 2004، موجود على http://www.hrinfo.net/egypt/eipr/pr040105.shtml ، زيارة يوليو 2004.
30- تكفل المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 "لكل من علم بوقوع جريمة، يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ النيابة العامة أو إحدى مأموري الضبط القضائي عنها". كما تمنح المادة 43 من القانون نفسه الحق "لكل من علم بوجود محبوس بصفة غير قانونية، أو في محل غير مخصص للحبس أن يخطر أحد أعضاء النيابة العامة".
31-قيد البلاغ بالمكتب الفني للنائب العام برقم 214 بتاريخ 8 يناير 2004. ثم أرسل لمباحث أمن الدولة لاتخاذ اللازم برقم صادر 275 في 10 يناير 2004. ولم تتلق المبادرة المصرية رداً على البلاغ حتى الآن.
32- تمنح المادة 3 من القانون 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، والمفروضة منذ عام 1981، لرئيس الجمهورية أو وزير الداخلية سلطة أن يأمر أي منهما كتابياً أو شفهياً بـ"القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام أو اعتقالهم".
33-مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة محمد الدريني، 13 يونيو 2004.
34-Associated Press, Muslim Shiite activist detained by Egyptian authorities, brother says, 23 March 2004.
35- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد الدريني، سجن وادي النطرون، 7 يونيو 2004.
36- السابق.
37- تمتنع الحكومة المصرية عن إعلان الأعداد الحقيقية للمعتقلين، وإن كانت التقديرات غير الرسمية لعددهم تتراوح بين 12ألف و16 ألف معتقل قضى عدد كبير منهم أكثر من 10 سنوات رهن الاعتقال. للمزيد انظر مثلاً تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء خلف جدار النسيان: بحث ميداني حول ظاهرة الاعتقال طويل الأجل وتأثيرها على المعتقلين وعائلاتهم والمجتمع المصري، متاح على http://www.hrcap.org/A_Reports/report17/report.htm أو تقرير منظمة العفو الدولية Egypt: Indefinite detention and systematic torture: the forgotten victims متاح على http://web.amnesty.org/library/Index/EN ... of=ENG-EGY ، زيارة يوليو 2004.
38- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 18 فبراير 2004.
39- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد الدريني، سجن وادي النطرون، 7 يونيو 2004.
40- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد الدريني، سجن وادي النطرون، 7 يونيو 2004.
41- السابق.
42- تنص المادة 3 مكرر من القانون رقم 50 لسنة 1982 الصادر بتعديل قانون الطوارئ على أن "للمعتقل ولغيره من ذوي الشأن أن يتظلم من القبض أو الاعتقال إذا انقضى ثلاثون يوماً من تاريخ صدوره دون أن يفرج عنه، ويكون التظلم بطلب يقدم بدون رسوم إلى محكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفقا لأحكام هذا القانون، وتفصل المحكمة في التظلم بقرار مسبب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم التظلم وذلك بعد سماع أقوال المقبوض عليه أو المعتقل وإلا تعين الإفراج عنه فوراً، ولوزير الداخلية في حالة صدور قرار بالإفراج أو في حالة عدم الفصل في التظلم في الموعد المنصوص عليه في الفقرة السابقة أن يطعن على قرار الإفراج خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه على أن يفصل فيه خلال خمسة عشر يوم من تاريخ الإحالة وإلا وجب الإفراج عن المعتقل فورا، ويكون قرار المحكمة في هذه الحالة واجب النفاذ، و في جميع الأحوال يكون لمن رفض تظلمه الحق في أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضى ثلاثون يوماً من تاريخ رفض التظلم.
43- قيد التظلم برقم 3239/2004. قام محامي المبادرة بالاطلاع على قرار الاعتقال الذي لم يكن يحمل توقيع وزير الداخلية أو خاتم الدولة. كما لم يكن القرار يحمل رقماً. كل ما جاء في القرار أن يحجز عادل محمد الشاذلي "بمكان أمين" وأن "المذكور من عناصر النشاط المتطرف الساعية لترويج أفكارهم المتطرفة في أوساط المحيطين".
44- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 13 إبريل 2004. من الممارسات الشائعة لوزارة الداخلية عند صدور حكم قضائي بإطلاق معتقل أن يتم نقله من المعتقل واحتجازه بأحد أقسام الشرطة أو مقار مباحث أمن الدولة لحين صدور قرار اعتقال إداري جديد. وبهذه الطريقة تحتفظ وزارة الداخلية بما يتراوح بين 12 و 16 ألف معتقل إداري رغم حصول الكثيرين منهم على العشرات من قرارات الإفراج. للمزيد حول ظاهرة الاعتقال المتكرر في مصر انظر مثلاً تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الاعتقال السياسي سياسة الباب المغلق والاعتقال الجنائي سياسة الباب الدوار، متاح على http://www.eohr.org/ar/report/2003/r1.htm أو تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء الاعتقال عقوبة أبدية: تقرير حول ظاهرة الاعتقال المتكرر في مصر مؤيد بالوثائق والمستندات الرسمية، متاح على http://www.hrcap.org/A_Reports/report08/report.htm ، زيارة يوليو 2004.
45- قيد التظلم برقم 13557/2004.
46- قيد التظلم برقم 19114/2004
47- قيد التظلم برقم 6439/2004.
48- قبل إطلاق سراحه طلب ضابط أمن الدولة من أحمد جمعة الحصول على أسماء نشطاء حقوق الإنسان الذين سيتصلون به بعد خروجه من واقع بطاقاتهم الشخصية وإبلاغها للضابط. مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، 2 يونيو 2004.
49- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، 2 يونيو 2004.
50- وفقاً للمادة 280 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 فإن "كل من قبض على أي شخص أو احتبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك …يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه".
51- تنص المادة 123من قانون العقوبات على أن "يعاقب بالحبس كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في […] وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة […]".
52- أحيل البلاغ لمكتب مساعد النائب العام للتعاون الدولي وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين برقم 4630 في 7 إبريل 2004.
53- قيد التظلم برقم 14122/2004.
54- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة محمد الدريني، 11 مايو 2004.
55- قيد التظلم برقم 18140/2004.
أثناء كتابة هذا التقرير كان كل من محمد رمضان الدريني ومحمد (حمام) عمر معتقلين في سجن وادي النطرون بموجب قانون الطوارئ دون اتهام أو محاكمة، وذلك رغم صدور عدة أحكام قضائية بالإفراج عنهما. كلاهما يقول إنه تعرض للتعذيب على أيدي ضباط مباحث أمن الدولة مع آخرين لا يجمع بينهم إلا انتماؤهم للمذهب الشيعي.
القصة التي تعد آخر حلقة في سلسلة انتهاكات جهاز أمن الدولة لحقوق المحتجزين في قضايا المسلمين الشيعة في مصر لم تقتصر على هذين المعتقلين وإنما شملت العديد من المشتبه في انتمائهم للمذهب الشيعي في مدينة رأس غارب الساحلية الهادئة، والتي تتبع محافظة البحر الأحمر وتقع حوالي 300 كم جنوبي القاهرة، حيث وقعت حملات اعتقال متتالية ضد عدد من المسلمين الشيعة من سكان المدينة. بعض هؤلاء أطلق سراحه بعد ساعات أو أيام، بينما انتهى الأمر بالبعض الآخر بعد جولات الاستجواب والتعذيب في الغردقة والقاهرة إلى سجن وادي النطرون. وهناك بدأت دائرة الاعتقال الإداري المتكرر بموجب قانون الطوارئ والذي نجا منه البعض بينما ظل الدريني وعمر في انتظار قرارات الإفراج عنهم.
البداية
بدأت أولى الحملات في ساعة متأخرة من ليل 8 ديسمبر 2003 عندما قامت قوات مباحث أمن الدولة بمداهمة عدة منازل في مدينة رأس غارب لأفراد يشتبه في اعتناقهم المذهب الشيعي. وكان من هذه المنازل منزل محمد عمر الذي ألقي القبض عليه وتم ترحيله فوراً لمقر أمن الدولة بالغردقة. تقول زوجته
دخلوا البيت حوالي الساعة 1:30 الصبح ولما شافوا لوحات وشعارات على الحيطان عن أهل البيت والأئمة سألوا عن مكتبة الحاج، وبحثوا في الكتب وطلبوا مننا كرتونة حطوا فيها كل الكتب وشرايط الفيديو اللي عندنا، وبعدين خدوا الحاج وخرجوا. (8)
أما أحمد جمعة فقد كان في عمله بإحدى شركات البترول بمنطقة توشكي عندما اقتحمت قوات أمن الدولة منزله بنفس الليلة. ولما لم يجدوه بمنزله هددوا زوجته باحتجازها وأبنائها الخمسة رهائن لإجبار جمعة على تسليم نفسه (9). وبعد أسبوع عاد رجال أمن الدولة من جديد لتفتيش المنزل ومصادرة كتب وأوراق. تقول والدة أحمد جمعة
أول مرة جم تلات ضباط لابسين ملكي حوالي الساعة 11 بالليل. وفي المرة التانية جم حوالي أربعتاشر واحد بعربيات وعساكر.وفي المرتين ما قالوش عايزينه ليه. بس فتشو غرفته وورشته وأخدوا كتبه وأوراق الجيش بتاعته. (10)
ومثلما كان الحال مع محمد عمر، لم يظهر رجال أمن الدولة خلال هذه المداهمات أية أذون من النيابة العامة بالتفتيش أو المصادرة أو ضبط المطلوبين.
وعندما نقلت أسرة جمعة إليه تفاصيل ما حدث، خشي من تهديد مباحث أمن الدولة باحتجاز أسرته كرهائن فعاد إلى رأس غارب وقام بتسليم نفسه في 22 ديسمبر 2003. ولم يعد جمعة بعدها إلى منزله قبل مرور أربعة أشهر من الاحتجاز كما سيرد لاحقاً.
وإلى جانب عمر وجمعة، فقد احتوى تقرير صحفي نشر وقتها على أسماء عدة أفراد آخرين تمت مداهمة منازلهم وهم كاشف الهلباوي (لم يجدوه)، وعبد الهادي يحيى تمام، وعلي خليل، وإسماعيل الحاج. (11) وقد التقى باحثو المبادرة المصرية بالأخير وروى لهم قصة توقيفه
أنا لقيت حد جاي لي الشغل من أمن الدولة وأخدني معاه في عربيته ورحنا البيت عندي. أول ما دخلنا سألني عن مكتبتي فضحكت وقلت له أنا ساقط إعدادية يا بيه وما عنديش مكتبة. فمشي وقال لي أروح له تاني يوم الصبح الغردقة. (12)
"بتصلي إزاي؟"
عندما ذهب إسماعيل في اليوم التالي إلى مقر مباحث أمن الدولة بالغردقة
فضلت قاعد في الاستراحة من الساعة اتنين الضهر لغاية الساعة ستة.لما دخلت للضابط قلت له يا بيه أنا مواليد 1952 يعني جيل الثورة وشاركت في حرب أكتوبر. قعد يسألني انت بتصلي إزاي؟ ومن هو أبو بكر الصديق؟ ومن هو عمر بن الخطاب؟ وأسماء صحابة تانيين. وبعدين سابني أمشي. (13)
وكما حدث مع إسماعيل أخلي سبيل جميع من تم توقيفهم أو القبض عليهم باستثناء أحمد جمعة ومحمد عمر اللذين ظلاّ محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي دون أن تعرف أسرهما مكان احتجازهما.
الحملة الثانية من الاعتقالات جاءت بعد سابقتها بأسبوع واحد. وعلمت المبادرة المصرية أنها شملت مداهمة منازل وتوقيف كل من محمد عبد الحافظ وياسر عباس وسراج رشوان.
ووفقاً لمعلومات المبادرة المصرية فقد أخلي سبيلهم جميعاً بعد استجوابهم. تقول والدة سراج (وهو ابن أخت إسماعيل الحاج الذي تم توقيفه خلال الحملة الأولى)
أمن الدولة جم البيت وأخدوا سراج بعد أسبوع من يوم ما أخدوا خاله إسماعيل. قعد شوية وسألوه حبة أسئلة ولما رجع ساب البلد وراح يشتغل بره. (14)
عادل الشاذلي: بلاغ غير كاذب
خلال هذه الفترة كان عادل الشاذلي وهو أحد الشيعة المقيمين في رأس غارب قد اتصل بالمبادرة المصرية وبعض الصحفيين وبالمنظمة العربية لحقوق الإنسان - حيث قال إنه عضو بها - لإبلاغهم بهذه الأحداث. وبينما كان فريق من باحثي المبادرة المصرية يستعد لزيارة رأس غارب للتحقيق في الواقعة والالتقاء بعادل تم اقتحام منزله في ليل 27 ديسمبر 2003 والقبض عليه. ومن وقتها لم يفرج عن عادل الشاذلي حتى أواخر يونيو 2004.
وإلى جانب القبض على عادل الشاذلي بسبب معتقداته الدينية، فإن من المرجح أن يكون من أسباب اعتقاله الجهود التي بذلها في توثيق انتهاكات حقوق المسلمين الشيعة من رأس غارب ونقلها إلى الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان. خاصة وقد أخبر عادل مندوباً عن المبادرة المصرية فيما بعد أنه تم استجوابه لاحقاً بشأن حيازته لمطبوعات وكتب صادرة عن منظمات لحقوق الإنسان وكذلك هاتف وعنوان المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالقاهرة. (15) وهو ما يضيف إلى الانتهاكات العديدة لحقوق عادل مخالفة واضحة لإعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والذي ضمنت فيه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن "لكل شخص الحق، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره… في الاتصال بالمنظمات غير الحكومية" (16). كما تعهدت بحماية "حرية نشر الآراء والمعلومات والمعارف المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو نقلها إلى الآخرين وإشاعتها بينهم" .(17)
أما آخر ضحايا حملة الاعتقالات التعسفية تلك فكان كاشف الهلباوي الذي كانت مباحث أمن الدولة قد داهمت منزله في الحملة الأولي لتكتشف أنه يعمل ويقيم بشكل شبه دائم بدولة قطر. وعند عودته في إجازة من عمله تم إلقاء القبض عليه بمطار القاهرة الدولي في 3 مارس 2004.(18) غير أن مباحث أمن الدولة عادت وأطلقت سراحه بعد حوالي شهر من الاحتجاز. ولم يستطع باحثو المبادرة المصرية مقابلة كاشف الهلباوي للاستفسار عن مكان احتجازه طوال هذه الفترة أو طبيعة معاملته وظروف احتجازه واستجوابه.
ولكن لماذا بدأت هذه الحملة أصلاً؟ ولماذا في مدينة رأس غارب بالتحديد؟
كانت الرواية التي قدمتها صحيفة صوت الأمة في تقريرها عن بدء الحملة كالتالي
سبب الخلاف هو قيام على خليل بالصلاة على "شقفة" (19) يطلقون عليها التربة الحسينية داخل مسجد الإمام السجاد برأس غارب. وعندما رآه شقيقه [محمد] يصلي على هذا النحو دارت بينهما مشادة كلامية تحول بعدها إلى اتهام [محمد] خليل السلفي لشقيقه [علي] بالكفر والخروج عن الملة. ولما استمر علي بالصلاة على طريقته والتي تشبه طريقة الشيعة قام [محمد خليل] بإبلاغ مديرية الأوقاف عنه والتي قامت بندب مسئول لرد الشيخ علي خليل عن طريقته. ولما لم تفلح معه المحاولات وصل الأمر إلى مباحث أمن الدولة. (20)
ولا تختلف المعلومات التي حصلت عليها المبادرة المصرية أثناء إحدى زياراتها الميدانية لرأس غارب كثيراً عن هذه الرواية. حيث التقى باحثو المبادرة المصرية مع محمد خليل الذي ذكر اسمه في الموضوع الصحفي فقال
أنا في يوم فوجئت بأخويا بيصلي على شقفة. فقلت له ده شرك بالله. ولما لم يتعظ بلغت مدير أوقاف رأس غارب اللي بعد كده أظن أنه بلغ أمن الدولة. (21)
ويبدو من هذه القصة أن ضباط مباحث أمن الدولة ربما يكونون قد بدأوا في التحري عن علي بعد أن وصلهم الخلاف بين الشقيقين على ومحمد خليل. ومن هنا ربما يكونون قد اكتشفوا اعتناق عدد من أهالي المدينة للمذهب الشيعي فخطر لهم القبض على أكبر عدد منهم واتهامهم بتشكيل تنظيم كما يحدث عادة في مثل هذه القضايا. (22)
وفي حال كان هذا هو السبب الحقيقي للقبض على شيعة رأس غارب، فإن هذا الأمر يثير عدة تساؤلات حول دور مدير الأوقاف- وهو مسئول حكومي- الذي رأى أن من واجبات وظيفته محاولة إثناء أحد المسلمين عن مذهب يعترف به الأزهر الذي تخرج منه مدير الأوقاف نفسه على الأغلب. ولما فشل في هذه المهمة التي لم يوكلها إليه أحد قام بإبلاغ مباحث أمن الدولة! (23)
من الغردقة إلى القاهرة
عندما قام أحمد جمعة بتسليم نفسه لفرع مباحث أمن الدولة بالغردقة خوفاً على أسرته، تم احتجازه قرابة عشرة أيام قبل ترحيله إلى فرع مباحث أمن الدولة بمدينة نصر في القاهرة. وعلم جمعة في هذه الفترة أن محمد عمر والذي كان قد اعتقل قبله قد تم ترحيله إلى القاهرة.
يقول جمعة عن هذه الفترة
في الغردقة قلعوني كل حاجة إلا الكلسون. كنا في شهر ديسمبر والدنيا برد. وكان فيه ضابط اسمه عماد بيضربني بعصايا في الرايحة والجاية، والعساكر يلطشوني بإيديهم أثناء التحقيق. ده طبعاً غير سبي وسب آل البيت. (24)
وعن التحقيق يقول
في العشر أيام دول حققوا معايا مرتين. أول مرة ساعتين وتاني مرة ساعة. سألوني عن انتمائي للمذهب الشيعي وقلت لهم إني شيعي جعفري. وسألوني عن أسماء أشخاص كتير من المعروفين بانتمائهم للمذهب الشيعي. (25)
وفي مقابلة أخرى قال جمعة
كانوا قبل التحقيق يجوعوني يوم كامل. وبعدين يبدؤوا التحقيق متأخر بعد الساعة 11 بالليل وما أرجعش الحجز إلى بعد الساعة اتنين صباحاً. كنت طول التحقيق متغمي وإيديا متكتفة ورا ضهري بحبل كهربا. (26)
وفي نفس اليوم الذي تم فيه ترحيل أحمد جمعة إلى القاهرة، وصل عادل الشاذلي إلى فرع أمن الدولة بالغردقة. وكان على عادل أن يمر بمثل ما مر به من قبله جمعة وربما محمد عمر. وبعد 12 يوماً قضاها عادل في الغردقة تم ترحيله إلى القاهرة ليجتمع المحتجزون الثلاثة عمر وجمعة والشاذلي بمقر أمن الدولة بمدينة نصر.
في مدينة نصر تم تجريد المعتقلين من ثيابهم مرة أخرى باستثناء ملابسهم الداخلية في صقيع يناير. ويحكي عادل عن التحقيق معه مرة واحدة هناك
سألوني عن التشيع وإن كانت لي علاقة بإيران ودول أخرى وسألوني عن أسماء أشخاص وعن كتب وجدوها عندي في البيت لما قبضوا عليا. أثناء التحقيق كنت متغمي ومتكتف وكان فيه ضرب بييجي من ورايا على ضهري وقفايا. وبعدين استخدموا الكهربا في فمي ووداني والقبل والدبر. وعملوا نفس الشيء مع محمد عمر. دلوقتي باجيب دم من مؤخرتي. ومحمد عمر رجله الشمال بتقف من الكهربا وأحياناً جنبه الشمال كله .(27)
ورغم أن هذه المقابلة التي أخبرنا فيها عادل عن وقائع تعذيبه بمدينة نصر تمت بعد أكثر من شهر من التحقيقات، فإن جسده كان لا يزال يرتجف بعنف من آن لآخر وهو يحدثنا من آثار الصعق الكهربي. كما كان في حالة نفسية سيئة للغاية وكانت دموعه تنهمر وهو يقص على باحثي المبادرة المصرية ما جرى معه هناك
كهربوني في مدينة نصر لغاية ما كنت هاموت من الألم. قلت للضابط اللي كان بيحقق معانا "عملنا ايه احنا؟ مش حرام؟ مسلمين احنا ولا كفرة؟" ورد عليا "انت هنا في مستشفى المجانين. أنا وظيفتي إني أجننك؟" (28)
من الانتهاكات المخالفة للقانون إلى الانتهاكات بموجب القانون
بينما كان التحقيق والتعذيب يجري في مدينة نصر، كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد قامت بتوثيق الاعتقالات وزيارة مدينة رأس غارب وجمع المعلومات المتعلقة بالواقعة. وأصدرت المبادرة المصرية أول بيان صحفي حول الأحداث في 5 يناير 2004 ضم أسماء المعتقلين الثلاثة وطالب بالإفراج الفوري عنهم بعد أن كان بعضهم وقتها قد قضى قرابة شهر كامل رهن الاحتجاز دون سند قانوني ودون العرض على أية سلطة قضائية. (29)
وفي اليوم التالي لصدور البيان الصحفي، تقدم محامو المبادرة المصرية ببلاغ إلى مكتب النائب العام في 6 يناير 2004 تضمن المعلومات المتعلقة بالمعتقلين وأسماءهم. (30) وطالبت المبادرة المصرية النائب العام بإصدار تعليماته بسرعة تحقيق هذه الوقائع والأمر بالإفراج الفوري عن المحتجزين دون وجه حق. (31)
كما قامت المبادرة المصرية في الأسبوع نفسه برفع شكوى إلى المقرر الخاص بشأن حرية الدين والمعتقد بالأمم المتحدة، وطالبته المبادرة المصرية بالتدخل لدى الحكومة المصرية لضمان الإطلاق الفوري وغير المشروط للمعتقلين.
ويبدو أن خروج معلومات بشأن المعتقلين إلى العلن، واتخاذ إجراءات قانونية لمحاولة إخلاء سبيلهم قد أجبرت مباحث أمن الدولة على إنهاء حالة الاحتجاز غير القانوني للمعتقلين وإضفاء ثوب من الشرعية القانونية الزائفة على انتهاك حقهم في الحرية والأمان الشخصي والمحاكمة العادلة. وكما هي العادة في هذه الظروف لجأ جهاز مباحث أمن الدولة إلى صديقهم القديم: قانون الطوارئ.
بعد حولي أسبوعين من التحقيقات والتعذيب بمدينة نصر تم ترحيل المعتقلين إلى محافظة قنا، وبعدها إلى مركز الشرطة بالغردقة حيث مكثوا دون تحقيق قرابة أسبوعين آخرين. وفي ليلة غير محددة في الأسبوع الأول من فبراير تم ترحيل المعتقلين الثلاثة إلى سجن وادي النطرون بعد أن أصدر وزير الداخلية قراراً باعتقالهم بموجب قانون الطوارئ. (32)
محمد الدريني: البحث عن زعيم
منذ بدء حملة مداهمات واعتقالات رأس غارب كان يبدو أن وراء الأحداث أحد ضباط أمن الدولة بالغردقة والذي ربما كان يرى فيما يقوم به إجراءاً وقائياً يتبع نهج الجهاز الذي ينتمي إليه في التعامل مع المنتمين إلى التيارات الدينية بشكل عام. غير أن الإبقاء على أحمد جمعة ومحمد عمر وعادل الشاذلي ثم ترحيلهم إلى القاهرة كان مؤشراً على أن جهاز أمن الدولة كان قد وجد في هؤلاء فرصة لنسج قضية جديدة من قضايا الإسلام السياسي يتم فيها توجيه الاتهامات المعتادة من محاولة تكوين تنظيم سري إلى محاولة قلب نظام الحكم إلى تلقي التبرعات والاتصال بالخارج، الخ. وهنا ظهرت الحاجة المعتادة إلى زعيم للتنظيم. وكان محمد الدريني المرشح المثالي لهذا المنصب بسبب ظهوره الإعلامي الواسع وحديثه الدائم للإعلام باسم شيعة مصر وإعلانه عن استضافة الوفود الشيعية من الخارج في مكتبه الذي يطلق عليه المجلس الأعلى لرعاية آل البيت والذي لا يحوز ترخيصاً رسمياً من أي من وزارات الدولة.
وفي فجر 21 مارس 2004 تم القبض على الدريني. وروت زوجته لباحثي المبادرة المصرية تفاصيل الاعتقال
الأول أمن الدولة جم هنا في الزيتون وفتشوا البيت وخدوا 47 ألف جنيه وجهاز كمبيوتر وأوراق وكتب وجرايد وحاجات كانت على الحيطان. وخدوا بياناتنا الشخصية كلنا وحبسونا في غرفة واحدة وهم بيفتشوا ومنعونا نعمل أي اتصالات تلفونية. وبعدين خدوا محمد وراحوا بيته التاني في المطرية وبرضه أخدوا حاجات من هناك. بعد كده راحوا المكتب وخدوا كمبيوتر وأوراق وشالوا اليفط من بره.(33)
وقال مصطفى، شقيق الدريني، لوكالة أنباء الأسوشيتد برس أن الضباط رفضوا أن يخبروا أسرة الدريني بمكان احتجازه. غير أنه أضاف أنه علم من أحد معارفه أنه موجود بأحد مقار أمن الدولة بالقاهرة. (34)
وفي مقابلة لاحقة مع الدريني أخبر باحثي المبادرة المصرية بما حدث له بعد اعتقاله
أخدوني أمن الدولة في لاظوغلي وهناك قعدت يومين وبعدها حوالي 40 يوم في فرع أمن الدولة في مدينة نصر هما فترة التحقيق. كنت متغمي ومتكتف وحافي وقاعد في الأرض طول الفترة دي. (35)
وعن التحقيق
سألوني عن المجلس [الأعلى لرعاية آل البيت] والجريدة بتاعته اللي كنت باطلعها. وعن اعتناقي للمذهب الشيعي، وعلاقتي بشخصيات شيعية كتير.
دوقوني كافة أنواع التعذيب. لدرجة إني ما كنتش قادر أتحرك بشكل طبيعي إلا من تلات أيام بس. في اليوم التاني في لاظوغلي فيه ضربة جت على عيني اليمين ولسه بتوجعني وبتنزل منها الدموع طول الوقت. (36)
ثم عاد الدريني إلى مقر مباحث أمن الدولة بلاظوغلي لمدة 20 يوماً. وبعد ما يقرب من شهرين من الاحتجاز غير القانوني، لحق الدريني بأحمد جمعة ومحمد عمر وعادل الشاذلي بسجن وادي النطرون.
داخل السجن
معظم المسجونين في معتقل وادي النطرون السياسي من المشتبه في انتمائهم إلى جماعات إسلامية متشددة والمعتقلين بموجب قانون الطوارئ لفترات مطولة دون اتهام أو محاكمة. (37) وفي إحدى الزيارات شكا عادل الشاذلي لباحثي المبادرة المصرية من تحرشات المعتقلين التكفيريين بهم ورفضهم التعامل معهم. (38)
بينما أخبرنا محمد الدريني في زيارة لاحقة
التكفيريين في السجن بزعامة ياسر محمد فهمي بيتحرشوا بينا طول الوقت. وأنا قدمت شكوى ضدهم لإدارة السجن بدون أي استجابة. ولولا بعض المعتقلين من أبناء الفيوم اللي يعرفونا كنا ما وجدناش من يحمينا من المعتقلين التكفيريين. (39)
ووفقاً للمادة 80 من القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن السجون فإنه "يجب على مدير السجن أو مأموره قبول أية شكوى جدية من المسجون، شفوية أو كتابية وإبلاغها إلى النيابة العامة أو الجهة المختصة بعد إثباتها في السجل المعد للشكاوى".
وفي 3 يونيو 2004 بدأ محمد الدريني إضراباً عن الطعام مطالباً بمعرفة سبب اعتقاله، ومصير الأموال والأجهزة التي تمت مصادرتها منه دون إثباتها بأية محاضر.
إلا أن الدريني أخبر باحثي المبادرة المصرية أن إدارة السجن رغم إبلاغها بالإضراب تجاهلته لمدة ثلاثة أيام لم يزره خلالها أي مندوب من النيابة العامة ولم يعرض على طبيب السجن. (40) وفي 6 يونيو قرر الدريني إنهاء الإضراب بعد أن وعده ضابط أمن الدولة المقدم ماهر طاحون بالاستجابة لمطالبه. (41)
انتهاك قانون الطوارئ!
عندما مر أكثر من شهر على تقديم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لبلاغها إلى النائب العام بشأن هذه القضية دون أي استجابة، وعندما علمت المبادرة المصرية بصدور قرارات اعتقال بحق المحتجزين الشيعة حصل محامو المبادرة المصرية على توكيلات من أقارب أحمد جمعة وعادل الشاذلي (ولاحقاً محمد الدريني) وبدؤوا في التظلم من قرارات الاعتقال هذه أمام محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ). (42)
غير أن وزارة الداخلية لم تحترم حتى قانون الطوارئ رغم كل ما يمثله من انتهاكات للحقوق القانونية للمعتقلين. ففي 12 فبراير 2004 حصل محامو المبادرة المصرية على حكم بإنهاء اعتقال عادل الشاذلي. وعندما اعترضت وزارة الداخلية على القرار عادت المحكمة وأصدرت نفس الحكم في 11 مارس 2004. (43)
ورغم ذلك لم تقم وزارة الداخلية بإطلاق سراح عادل. وإنما نقلته من السجن إلى عدة أقسام ومراكز للشرطة بمحافظة المنوفية. وبعد حوالي عشرة أيام
ركبت سيارة الترحيلات فوجدت محمد عمر اللي كان أخد إفراج زيي وخدتنا العربية على أمن الدولة في الغردقة. هناك قابلنا ضابط قال لنا هتخرجوا بشرط تقطعوا علاقتكم بالشيعة والصحافة وبتوع حقوق الإنسان وكل شيء. وبعدين كتبونا إقرارات بالابتعاد عن جميع المذاهب الإسلامية المتطرفة والالتزام بالنهج المعتدل [!].وقضينا هناك 20 يوم في قسم الشرطة منتظرين الإفراج عنا لكن لقيناهم رجعونا سجن وادي النطرون تاني. (44)
وفي 26 إبريل 2004 نظرت نفس المحكمة تظلماً جديداً أقامه محامو المبادرة المصرية ضد القرار الجديد باعتقال عادل، غير أنه رُفض لعدم مرور 30 يوم على صدور القرار الجديد. وهو ما يعني أن عادل قضى بضعة أسابيع أخرى من الاحتجاز غير القانوني منذ صدور قرار الإفراج النهائي عنه في 11 مارس قبل صدور قرار الاعتقال الجديد. (45)ثم عاد المحامون لتقديم تظلم جديد نُظر بجلسة 14 يونيو 2004 (46) لتقرر محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) من جديد الإفراج عن عادل ويعود إلى منزله أخيراً في أواخر شهر يونيو.
أما أحمد جمعة فقد مر بالقصة نفسها تقريباً وإن كان أسعد حظاً بأن عاد إلى منزله قبل عادل بشهرين. فقد تظلم محامو المبادرة المصرية من قرار اعتقاله ونُظر التظلم بجلسة 10 مارس 2004 وأمرت محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) بالإفراج عنه. واعترضت وزارة الداخلية كالعادة وخسرت طعنها بتاريخ 3 إبريل 2004.
(47)
وفي اليوم التالي ترك أحمد جمعة السجن غير أنه قضى 25 يوماً من التجوال على أقسام الشرطة بمحافظة المنوفية ثم كان عليه أن يقضي ثمانية أيام أخرى من الاحتجاز غير القانوني بالغردقة قبل أن يسمح له بالعودة إلى منزله في 29 إبريل 2004. أي بعد أكثر من أربعة أشهر. (48)
قضى جمعة أربعة أشهر محتجزاً وقضى عادل ستة أشهر، وخلال هذه الفترة لم يعرض أي منهما على النيابة العامة مرة واحدة ولم يوجه إليهما اتهام. بعد خروجه قال جمعة
بعد أربع أشهر مش عارف ليه خدوني ومش عارف ليه سابوني. لما رجعت توشكي صاحبة الشغل مارضيتش ترجعني لشغلي طبعاً وقالت لي إنها مش عايزة مشاكل مع الأمن. (49)
وبينما كان جمعة يطوف بأقسام المنوفية والبحر الأحمر دون منطق تقدم محامو المبادرة المصرية ببلاغهم الثاني لمكتب النائب العام في 6 إبريل 2004، حيث طالبوا بإجلاء مصير محمد الدريني الذي كان وقتها مازال بأمن الدولة وإحالته إلى المحكمة المختصة أو الإفراج الفوري وغير المشروط عنه .(50) كما طالب البلاغ بالإفراج الفوري عن المعتقلين الثلاثة الآخرين تنفيذاً لقرارات المحكمة المختصة. (51) وكما حدث مع سابقه، لم يأتِ أي رد على البلاغ. (52)
وبالنسبة لمحمد الدريني فإن من المؤكد أن قراراً باعتقاله لم يصدر إلا بعد ما يقرب من شهرين من احتجازه بشكل غير قانوني بمباحث أمن الدولة. فأثناء محاولة المبادرة المصرية معرفة وضعه القانوني تقدم محامو المبادرة المصرية بتظلم من قرار اعتقاله غير أن التظلم حُفظ في 3 مايو 2004 لعدم وجود قرار اعتقال رغم كونه رهن الاحتجاز منذ 22 مارس. (53) كما أن زوجة الدريني ذهبت للاستفسار عنه بأمن الدولة في لاظوغلي يوم 9 مايو 2004 فأخبرها ضابط أنه ليس في لاظوغلي وأن "الموضوع منتظر قرار الوزير". (54)
وفي التظلم التالي حكمت محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) بالإفراج عن الدريني في 8 يونيو 2004. (55)، وتم تأييد نفس القرار بجلسة 5 يوليو بعد اعتراض وزارة الداخلية. غير أن القرار لم ينفذ حتى الآن.
ومازال كل من محمد الدريني ومحمد (حمام) عمر في سجن وادي النطرون. غير أن تنفيذ القرارات المتتالية بالإفراج عنهما وإن كان أولوية لا يجب التأخر فيها لحظة إضافية واحدة لا يجب أن يعني ببساطة إغلاق ملف القضية. لقد شهد المحتجزون في هذه الأحداث تشكيلة واسعة من انتهاكات حقوقهم شملت القبض التعسفي، والاحتجاز غير القانوني بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب وسوء المعاملة، والاعتداء على حقهم في حرية المعتقد وفي الخصوصية، وانتهاء بالاعتقال الإداري المتكرر وانتهاك حقهم في الحرية وفي المحاكمة العادلة. لابد من التحقيق في كل هذه الانتهاكات ومحاسبة من تثبت مسئوليته عنها. فالفصل القادم سيبين بجلاء كيف أن السماح لمرتكبي انتهاكات مثيلة في الماضي بالإفلات من العقاب هو الذي سمح لها بالتكرار الآن. وبالمثل، فإن السماح للجناة بالإفلات الآن سيعني منح ضوء أخضر لهم بتكرار جرائمهم.
-----------
8- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة محمد عمر، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
9-مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة أحمد جمعة، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
10-مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع والدة أحمد جمعة، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
11-عبده مغربي، تفاصيل القبض على أحدث تنظيم شيعي في رأس غارب، صحيفة صوت الأمة، عدد 15 ديسمبر 2003.
12- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع إسماعيل الحاج، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
13- السابق.
14- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع والدة سراج رشوان، رأس غارب، 30 ديسمبر 2003.
15- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 18 فبراير 2004.
16- الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً، وثيقة الأمم المتحدة رقم A/RES/53/144، مادة 5.
17- السابق، مادة 6.
18- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع شقيق كاشف الهلباوي في 14 مارس 2004.
19- من الشائع لدى بعض فصائل المسلمين الشيعة الصلاة على دائرة من التربة الجافة قطرها حوالي 10 سنتيمترات ويكتب عليها أحياناً "التربة الحسينية".
20- عبده مغربي، تفاصيل القبض على أحدث تنظيم شيعي في رأس غارب، صحيفة صوت الأمة، عدد 15 ديسمبر 2003.
21- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد خليل، رأس غارب، 17 إبريل 2004.
22- كان علي خليل من ضمن من داهمت قوات مباحث امن الدولة منازلهم خلال الجولة الأولي من الاعتقالات. ورغم أنهم لم يعثروا عليه هذه المرة إلا أنه عاد وقام بتسليم نفسه فيما بعد وأطلق سراحه بعد فترة قصيرة من الاحتجاز.
23- لم يتمكن باحثو المبادرة المصرية من مقابلة مدير الأوقاف بمدينة رأس غارب.
24- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، سجن وادي النطرون، 1 إبريل 2004.
25- السابق.
26- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، 2 يونيو 2004.
27-مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 18 فبراير 2004.
28- السابق.
29- انظر بيان المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لابد من احترام حرية العقيدة وإطلاق الشيعة المحتجزين في البحر الأحمر، 5 يناير 2004، موجود على http://www.hrinfo.net/egypt/eipr/pr040105.shtml ، زيارة يوليو 2004.
30- تكفل المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 "لكل من علم بوقوع جريمة، يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ النيابة العامة أو إحدى مأموري الضبط القضائي عنها". كما تمنح المادة 43 من القانون نفسه الحق "لكل من علم بوجود محبوس بصفة غير قانونية، أو في محل غير مخصص للحبس أن يخطر أحد أعضاء النيابة العامة".
31-قيد البلاغ بالمكتب الفني للنائب العام برقم 214 بتاريخ 8 يناير 2004. ثم أرسل لمباحث أمن الدولة لاتخاذ اللازم برقم صادر 275 في 10 يناير 2004. ولم تتلق المبادرة المصرية رداً على البلاغ حتى الآن.
32- تمنح المادة 3 من القانون 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، والمفروضة منذ عام 1981، لرئيس الجمهورية أو وزير الداخلية سلطة أن يأمر أي منهما كتابياً أو شفهياً بـ"القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام أو اعتقالهم".
33-مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة محمد الدريني، 13 يونيو 2004.
34-Associated Press, Muslim Shiite activist detained by Egyptian authorities, brother says, 23 March 2004.
35- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد الدريني، سجن وادي النطرون، 7 يونيو 2004.
36- السابق.
37- تمتنع الحكومة المصرية عن إعلان الأعداد الحقيقية للمعتقلين، وإن كانت التقديرات غير الرسمية لعددهم تتراوح بين 12ألف و16 ألف معتقل قضى عدد كبير منهم أكثر من 10 سنوات رهن الاعتقال. للمزيد انظر مثلاً تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء خلف جدار النسيان: بحث ميداني حول ظاهرة الاعتقال طويل الأجل وتأثيرها على المعتقلين وعائلاتهم والمجتمع المصري، متاح على http://www.hrcap.org/A_Reports/report17/report.htm أو تقرير منظمة العفو الدولية Egypt: Indefinite detention and systematic torture: the forgotten victims متاح على http://web.amnesty.org/library/Index/EN ... of=ENG-EGY ، زيارة يوليو 2004.
38- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 18 فبراير 2004.
39- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد الدريني، سجن وادي النطرون، 7 يونيو 2004.
40- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع محمد الدريني، سجن وادي النطرون، 7 يونيو 2004.
41- السابق.
42- تنص المادة 3 مكرر من القانون رقم 50 لسنة 1982 الصادر بتعديل قانون الطوارئ على أن "للمعتقل ولغيره من ذوي الشأن أن يتظلم من القبض أو الاعتقال إذا انقضى ثلاثون يوماً من تاريخ صدوره دون أن يفرج عنه، ويكون التظلم بطلب يقدم بدون رسوم إلى محكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفقا لأحكام هذا القانون، وتفصل المحكمة في التظلم بقرار مسبب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم التظلم وذلك بعد سماع أقوال المقبوض عليه أو المعتقل وإلا تعين الإفراج عنه فوراً، ولوزير الداخلية في حالة صدور قرار بالإفراج أو في حالة عدم الفصل في التظلم في الموعد المنصوص عليه في الفقرة السابقة أن يطعن على قرار الإفراج خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه على أن يفصل فيه خلال خمسة عشر يوم من تاريخ الإحالة وإلا وجب الإفراج عن المعتقل فورا، ويكون قرار المحكمة في هذه الحالة واجب النفاذ، و في جميع الأحوال يكون لمن رفض تظلمه الحق في أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضى ثلاثون يوماً من تاريخ رفض التظلم.
43- قيد التظلم برقم 3239/2004. قام محامي المبادرة بالاطلاع على قرار الاعتقال الذي لم يكن يحمل توقيع وزير الداخلية أو خاتم الدولة. كما لم يكن القرار يحمل رقماً. كل ما جاء في القرار أن يحجز عادل محمد الشاذلي "بمكان أمين" وأن "المذكور من عناصر النشاط المتطرف الساعية لترويج أفكارهم المتطرفة في أوساط المحيطين".
44- مقابلة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع عادل الشاذلي، سجن وادي النطرون، 13 إبريل 2004. من الممارسات الشائعة لوزارة الداخلية عند صدور حكم قضائي بإطلاق معتقل أن يتم نقله من المعتقل واحتجازه بأحد أقسام الشرطة أو مقار مباحث أمن الدولة لحين صدور قرار اعتقال إداري جديد. وبهذه الطريقة تحتفظ وزارة الداخلية بما يتراوح بين 12 و 16 ألف معتقل إداري رغم حصول الكثيرين منهم على العشرات من قرارات الإفراج. للمزيد حول ظاهرة الاعتقال المتكرر في مصر انظر مثلاً تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الاعتقال السياسي سياسة الباب المغلق والاعتقال الجنائي سياسة الباب الدوار، متاح على http://www.eohr.org/ar/report/2003/r1.htm أو تقرير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء الاعتقال عقوبة أبدية: تقرير حول ظاهرة الاعتقال المتكرر في مصر مؤيد بالوثائق والمستندات الرسمية، متاح على http://www.hrcap.org/A_Reports/report08/report.htm ، زيارة يوليو 2004.
45- قيد التظلم برقم 13557/2004.
46- قيد التظلم برقم 19114/2004
47- قيد التظلم برقم 6439/2004.
48- قبل إطلاق سراحه طلب ضابط أمن الدولة من أحمد جمعة الحصول على أسماء نشطاء حقوق الإنسان الذين سيتصلون به بعد خروجه من واقع بطاقاتهم الشخصية وإبلاغها للضابط. مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، 2 يونيو 2004.
49- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع أحمد جمعة، 2 يونيو 2004.
50- وفقاً للمادة 280 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 فإن "كل من قبض على أي شخص أو احتبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك …يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه".
51- تنص المادة 123من قانون العقوبات على أن "يعاقب بالحبس كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في […] وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة […]".
52- أحيل البلاغ لمكتب مساعد النائب العام للتعاون الدولي وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين برقم 4630 في 7 إبريل 2004.
53- قيد التظلم برقم 14122/2004.
54- مقابلة تليفونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مع زوجة محمد الدريني، 11 مايو 2004.
55- قيد التظلم برقم 18140/2004.