ظلم ذوي القربى أشد مرارة _ بقلم د/ محمد عبدالملك المتوكل

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

ظلم ذوي القربى أشد مرارة _ بقلم د/ محمد عبدالملك المتوكل

مشاركة بواسطة المتوكل »

ظلم ذوي القربى أشد مرارة


الأربعاء 18/5/2005 د.محمد عبد الملك المتوكل

سألتني احدى الصحف اليمنية عن امكانية استغلال الظروف الدولية للاستقواء بالخارج على الأنظمة لتحقيق الاصلاح السياسي كما حدث في لبنان، وكان ردي بالنص كما يلي: «ليس هناك ما يحرم ان تستفيد القوى الداخلية من ضغوط القوى الخارجية في الحدود المقبولة والمتفقة مع المصلحة العامة.. والأنظمة العربية - للأسف - هي التي تُلجيء - بظلمها وعنجهيتها وتسلطها واحتكارها - القوى الوطنية الى الاستفادة من الضغوط الخارجية لأن هذه الأنظمة لا تحترم شعبها، وتخضع وتذل أمام القوى الخارجية. لا تقبل هذه الأنظمة ان تتنازل لمواطنيها وتقبل التنازل والخضوع للقوى الخارجية. ولا خيار اليوم لتفادي الكارثة سوى البدء في الاصلاح السياسي، البوابة للاصلاح الشامل. وهذا هو ما وصل اليه تقرير التنمية الانسانية العربية لعام 2004 الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة».

أثار الرد جدلا في الساحة كما هو مثار في الساحة العربية كلها، فهناك من ينطلق من فكر شوفيني مغلق، وهناك من يرى فيما يحدث في العراق أسوأ نمودج للتدخل الخارجي.وهناك من يشكك في مصداقية القوى الخارجية وبشكل خاص الأوروبية والأمريكية، والتي لا تنطلق الا من مصالحها ومصالح اسرائيل. ومن عنصريتها وكراهيتها للعرب والمسلمين. ويعتبر هؤلاء الاستفادة من الضغوط الخارجية خيانة وعمالة، بما في ذلك النموذج اللبناني. ومن هؤلاء أنصار الأنظمة والمستفيدون منها ممن يقفون معها بالحق وبالباطل.
ي تشابكت مصالحه وتقاربت مسافاته وتحول إلى قرية إعلامية صغيرة فيه الخير وفيه الشر، وعلى الأمة ان تتلمس مواقع الخير وتتجنب زوايا الشر. واذا ما كانت صورة الشر قد تجسدت في احتلال العراق وافغانستان وممارسات المحتل الاسرائيلي فان زاوية الخير قد تجسدت في المساعدة على تجاوز كارثة «تسونامي»، وفي الاصطفاف الرائع لمؤسسات المجتمع المدني الدولية في «دربان» بجنوب افريقيا، التي وقفت الى جانب الحق الفلسطيني ضد اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وفي الدور الذي تقوم به منظمات حقوق الانسان ضد الانتهاكات التي تمارسها الأنظمة ضد مواطنيها، كما تتجسد زاوية الخير في ضغوط الرأي العام الدولي الذي يملأ شوارع مدن اوروبا وأمريكا ضد الحروب والهيمنة ومن أجل تحقيق العدل والمساواة وانسحاب المحتلين من العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن السؤال الذي يجب ان يسبق هذا الحوار الدائر هو: من الذي يهيء المناخ للتدخل الخارجي الظالم أم المظلوم؟ المنتهك للحقوق أم الذين انتهكت حقوقهم؟ من الذي يستجيب لكل رغبات القوى الخارجية المهيمنة وعلى حساب سيادة الوطن وكرامته، الشعوب أم الأنظمة؟ من الذي قدم الأرض والجو والبحر والمواطنين للقوى الخارجية وسمح لها بمطاردتهم وقتلهم بصواريخ الأباتشي في أرض حمير وسبأ؟ من الذين سجن وقتل وقاد حرباً ظالمة على الذين يدعون على اليهود والأمريكان في المساجد النظام أم الشعب؟
قال الرسول عليه وآله الصلاة والسلام «خيركم خيركم لأهله وشركم شركم لأهله»، فلماذا الأنظمة خيرها لأعداء الأمة وشرها لمواطنيها؟ لماذا تستبد وتذل وتقهر وتقصي وتشرد وتقتل العشرات من مواطنيها وتسجن المئات من أبنائها وتقف مستخذية مستسلمة أمام القوى الخارجية في سبي الى الضغوط الخارجية الا حين علموا أن أنظمتهم لا تخشى ولا تستجيب الا للضغوط الخارجية.. وتدرك الشعوب ان ما تقدمه الأنظمة من ديمقراطية شكلية ليس الا ارضاءً للخارج لا حبا لمواطنيها، اذ لو كانت تحب شعبها وتحرص على رضاه لكانت قدمت لهم ديمقراطية حقيقية وكانت حررتهم من الاستبداد وغلبت سيادة القانون والحكم الصالح على نزعة الدكتاتورية والتسلط.
ان من الظلم البين أن ندين من يصرخون من العذاب والألم بحجة أنهم أيقظوا النائمين بدلا من ان ندين من يمارس التعذيب ويسبب الآلام. وكما قال الزميل عبدالباري عطوان في احدى مداخلاته التلفزيونية حول لبنان والقرار الدولي (1559) لماذا حكامنا لا يقومون هم بما يجب ان يقومان به، قبل ان تأتي الضغوط الخارجية؟ لماذا سكتنا حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت اليه في السودان ولبنان والعراق وما يحتمل ان تصل إليه في اليمن ومصر وتونس وغيرها؟
لا خيار اليوم سوى ان تتحرك الأنظمة العربية فتقبل بالاصلاح السياسي واقامة الحكم الرشيد بيدها لا بيد عمر، أو تتحمل عواقب عنادها وغرورها وبذلك تتيح فرصة للقوى الخارجية للتدخل، والعاقل من اتعظ بغيره. ودول الهيمنة قد أوضحت بجلاء ان من مصلحتها استقرار المنطقة حماية لمصالحها لدينا، وان أنظمة الاستبداد تولد القهر والفقر والارهاب والهجرات وكلها مشاكل تؤثر عليهم.
لقد جرت الحكمة اليمانية على لسان الرئيس اليمني (لنحلق لأنفسنا قبل ان يحلق لنا الآخرون). وكم يكون رائعا لو تجاوزنا في اليمن القول الى الفعل وكنا النموذج والقدوة، وحتى لا يقال علينا أننا كالديك، يعرف وقت الفجر لكنه لا يصلي.
.
صورة
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“