صعدة.. بوادر الانفراج وصقور الفتنة

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

صعدة.. بوادر الانفراج وصقور الفتنة

مشاركة بواسطة المتوكل »

صعدة.. بوادر الانفراج وصقور الفتنة


الأربعاء 18/5/2005 عبد الفتاح الحكيمي

في مغرب يوم الخميس 9 سبتمبر 2004م ألقت طائرة أجنبية مجهولة قنابل الكهوف على جرف سلمان في منطقة مران -صعدة حيث كان يتواجد بداخل الجرف العلامة المجدد حسين بدر الدين الحوثي وزوجتاه وابناءه وبناته إضافة إلى بعض اخوته وأبناء عمه وعلماء شباب أمثال العلامة زيد مصلح ومحسن الحمزي.. ومجموعة من جرحى المواجهات يتلقون العلاج في الجرف.
بحسب إفادة أحد الموجودين في الجرف (الكهف) بعد وقوع الحادث كان كل شيء قد نفد عليهم قبل يومين الماء والطعام والذخيرة، واضطروا لأكل الحبوب النيئة من شدة الجوع.. وفجأة انفجرت كتله هائلة في مدخل الغار الحصين، تبعتها ضربات أخرى من الطائرة المجهولة واضاءة واشتعال في مؤخرة الكهف وحالة اختناق فقد الجميع على اثرها الوعي.
والمفارقة ان السيد حسين الحوثي الذي اتخذ مكانه في بوابة الجرف مباشرة تعرض لاصابة شظية في رجله اليمني فقط تبعها اغماء مؤقت بتأثير مواد كيماوية دخانية، سرعان ما عاد إلى وعيه بعد نصف ساعة يتفقد المصابين ويطمئن عليهم وقال للجميع احتسبوا ما أصابكم لله تعالى، وفي صباح الجمعة 10 سبتمبر 2004م بعد أن صلى بهم الفجر صعد العلامة الحوثي أعلى الجرف بصحبة أحد ابنائه وشخص آخر للتفاوض بشأن وصوله إلى صنعاء لمقابلة الرئيس علي عبدالله صالح بحسب طلب الأخير له.
وفعلاً اصطحبه مجموعة ضباط إلى مكان غير معروف على متن طائرة هيلوكبتر.
أصدر السيد العلامة بدرالدين الحوثي (الأب) بعد ذلك بيومين 12 سبتمبر 2004م بياناً يحمل فيه السلطة المسؤولية عن سلامة ابنه حسين، الذي قيل انه تلقى العلاج من اثر الشظية في رجله بالعاصمة صنعاء، وغادر بعدها إلى مكان غير معلوم وسط حراسة مشددة. وروى البعض ان السيد حسين الحوثي غادر بمساعدة بعض الاشخاص الى دولة غير محددة. في 20 سبتمبر 2004م وقَّع قائد المنطقة الشمالية الغربية (علي محسن الأحمر) ممثلاً عن السلطة والشيخ عبدالله عيضه الرزامي عن جماعة الشباب المؤمن والشيخ شاجع بن شاجع اتفاق صلح قضى بوقف العمليات والاقتتال بين الطرفين وعودة الوحدات العسكرية إلى مواقعها والافراج عن كل معتقلي الشباب المؤمن القدامى والجدد في عامي 2004-2003م وعددهم 3000 شخص وتعويض المتضررين عن بيوتهم واملاكهم وعودة الموظفين المسرحين إلى اعمالهم والسماح بتحفيظ القرآن الكريم وترديد الشعار الشهير.
ومن باب حسن النية أذعن العلامة بدر الدين الحوثي والشيخ عبدالله عيضه الرزامي لمطلب الرئيس بمغادرة صعدة والبقاء في صنعاء مقابل تنفيذ السلطة لحقوق الشباب المؤمن، ولم يحرر الوالد بدرالدين حفظه الله أي وثيقة التزام بخطه بشأن إقامته في صنعاء، أما الوثيقة التي تحدث عنها الرئيس يوم السبت الماضي 14 مايو 2005م وقع عليها الشيخ عبدالله الرزامي والاستاذ عبدالملك الحوثي يحددان فيها التزامهما باتفاقية (الرزامات) يوم 20 سبتمبر 2005م فقط لا غير.
في 11 مارس 2005م غادر السيد بدرالدين الحوثي حفظه الله صنعاء إلى صعدة لحضور حفل زواج إحدى بنات نجله السيد حسين على شاب يدعى (يوسف المداني) وبعد ان تجاهل الرئيس مقابلته.. بعد أسبوع فقط في 18 مارس 2005م قتلت قوات الامن الحكومية في صعدة 4 أشخاص داخل سوق الطلح الشهير ينتمون إلى قبائل همدان بن زيد، ادعت انهم كانوا ملاحقين من قبل السلطات وينوون شراء اسلحة من السوق (الرسمي)، وبذلك تكون السلطة هي الطرف الذي بدأ في نقض الصلح والاتفاق رسمياً.
في 27 مارس 2005م هاجمت مجاميع قبلية من الرزامات بعض معسكرات الجيش والنقاط العسكرية انتقاماً لابنائها القتلى.. وفي اليوم التالي 28 مارس خططت السلطة لتنفيذ عملية كومندوز لاختطاف السيد بدرالدين الحوثي الذي كان في ضيافة الشيخ عبدالله الرزامي وقبائل همدان بن زيد لكن الخطة فشلت، ثم توسعت دائرة المواجهات بين الجيش والقبائل الموالية لـ(آل البيت).
والحقيقة ان الرئيس علي عبدالله صالح كان قد عزم جدياً اطلاق سراح المعتقلين من الشباب المؤمن على اثر مغادرة العلامة بدرالدين الحوثي صنعاء إلى صعدة بما يشبه الاحتجاج وكذلك رغبة الرئيس في احتواء الموقف الخطير بعد حادثة 18 مارس التي قتل فيها الامن الحكومي 4 من أبناء الشيخ الرزامي في سوق (الطلح)، ومهدت لخبر الافراج عن المعتقلين الصحف الحكومية بتاريخ 24 مارس 2005م ومنها صحف الثورة و 14 أكتوبر، الجمهورية، و 26 سبتمبر التي ذكرت ان السلطة سوف تفرج عن معتقلي الشباب المؤمن وأيضاً عن العالمين مفتاح والديلمي بعد أن أصدر الرئيس عفواً متأخراً عن الاستاذ عبدالكريم الخيواني رئيس تحرير صحيفة الشورى الذي صدر ضده حكم كيدي في معمعة حرب صعدة الاولى لارضاء رئيس الجمهورية الذي أزعجته تغطية الشورى لتفاصيل الاحداث الحقيقية في مران وقبل ذلك فتح الصحيفة ملف (توريث الحكم).

صقور الفتنة
بعض أجنحة آلصقور في الجيش، الحرس الجمهوري والطيران والمدرعات فضلت استمرار اراقة الدماء والحل العسكري على الوساطة السلمية الأمر الذي وسع دائرة الانتقام بين الطرفين وتحولت إلى ثأرات مذهبية وقبلية ضد الشيعة الزيدية والهاشميين وآل البيت بحكم التعبئة الفكرية العقائدية العنصرية للجيش في حربي صعدة الاولى والثانية.
في الحرب الاولى لم توقف السلطة عملياتها العسكرية من طرف واحد إلا بعد اعتقال العلامة.. حسين بدرالدين الحوثي.. حتى حين هاجمت القبائل بعض النقاط العسكرية وقتلت بعض الجنود بعد 10 سبتمبر صرفت السلطة النظر عن الامر، وأذعنت لمطالب الشيخ الرزامي الذي وقع معها (الصلح) بالانابة عن الشباب المؤمن واتباع الحوثي.. وفي حرب صعدة الثانية التي بدأت عملياً باعتداء قوات الأمن الحكومية، وخرق الصلح رسمياً بتاريخ 18 مارس 2005م، فإن السلطة مع كل هذه الخروقات ربطت مصير أهل صعدة كلهم بمصير شخصين لم تتمكن من القاء القبض عليهم أو قتلهم، وهما العلامة بدرالدين الحوثي والشيخ عبدالله عيضه الرزامي.
ويرجع تشدد السلطة في رفض الوساطات في الحرب الجديدة التي عرضها شيوخ صعدة والعلماء إلى سببين:
الأول: الطابع المذهبي للمعركة التي تتبناها قيادات ميدانية في الجيش ضد الشيعة الزيدية.
الثاني: أسلوب المقامرة والتحدي الشخصي الذي ظهر إلى السطح بعد فشل قوات كومندوز تتبع (الحرس الجمهوري) الذي يقوده ابن الرئيس في اختطاف العلامة بدرالدين الحوثي أو تصفيته الجسدية مع الشيخ الرزامي.
أما الطرف الثاني الذي يمثله الحوثي (الأب) والشيخ الرزامي فقد رفضوا الوساطات بتسليم أنفسهم إلى الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر الذي منحهم وجه الأمان (دون ضمانات) لجملة أسباب أبرزها:
أولاً: أن السلطة لم تلتزم باتفاق الصلح السابق بين الطرفين الموقع في 20 سبتمبر 2004م وخرقته بقتل 4 من ابناء الرزامات في سوق الطلح يوم 18 مارس 2005م.
ثانياً: إظهار السلطة سوء النية يوم 28 مارس 2005م في محاولة تصفية الحوثي الاب والشيخ الرزامي دموياً، وما لحق ذلك من قتل وتصفية قبائل همدان بن زيد وتدمير بيوتهم واحراق مزارعهم وممتلكاتهم على يد جيش السلطة.
ثالثاً: فقدان الثقة بالسلطة التي تكتمت على مصير العلامة حسين الحوثي واخفاء مصيره إلى اليوم وخشية الحوثي الاب والرزامي من الغدر بهم حال وصولهم إلى صنعاء.
رابعاً: رفض السلطة مقدماً لمطالبهم المتفق عليها في الصلح السابق والتي تجددت بمضمونها مع وساطة الشيخ أحمد البعران يوم الجمعة 8 أبريل 2005م حين رفض العميد علي محسن استقبال (البعران) بحسب صحيفة الشورى.
خامساً: هجوم الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر على العلامة بدرالدين الحوثي عبر الصحافة ووصفه بـ(الشرذمة الشيعية) بعد ان اعطى وجه الأمان للحوثي والرزامي.
سادساً: استمرار السلطة بالعمليات العسكرية الجوية والبرية في منطقة (النقعة) صعدة لملاحقة الرموز الدينية والقبلية للطرف الآخر.
سابعاً: ترسيخ قناعة بأن استهداف السلطة لهم مذهبي فكري قبل ان يكون شخصياً.

بوادر انفراج
الاسبوع الماضي بدأ يلوح انفراج جديد في مسار الوساطات تمثل بالرسالة التي وقعهـــــا بتاريـــــخ 2005/5/10م كل من العلامة بدرالدين الحوثي والشيخ عبدالله الرزامي واوصلها للرئيس علي عبدالله صالح بتاريخ 2005/5/10م القائم بالوساطة بين الطرفين الشيخ شاجع بن شاجع وتتضمن ترحيب الحوثي (الأب) والرزامي بفكرة الوساطة والوصول الى صنعاء او من يمثلهم، بعد ان يوقف الجيش العمليات العسكرية ضدهم، عدا ان الرسالة ردت بوضوح على المرجفين والمروجين لاكذوبة ان الحوثي يرفض النظام الجمهوري وسلطة الرئيس وورد فيها (لم يسبق منا في الماضي ولم يحصل في الحاضر ان رفضنا النظام الجمهوري او الرئيس فلا تصدقوا شائعات المنافقين واكاذيب الحاقدين والمغرضين).
وبذلك تقطع رسالة الحوثي على الرئيس والجنرالات أية ذريعة لشن الحرب في صعدة باسم الدفاع عن النظام الجمهوري او الطعن في ولاية الرئيس، خصوصاً بعد ما شاع ان السلطة خاضت الحرب بتأثير المقابلة التي نشرتها صحيفة الوسط يوم 16 مارس الماضي مع العلامة بدرالدين الحوثي التي فسرها المرضى على انها دعوة صريحة الى حصر الولاية في البطنين ورفض ولاية الرئيس علي عبدالله صالح.
استغلت السلطة ما نشرته صحيفة الوسط للتضليل الاعلامي فقط وتبرير عدوانها الجديد الذي بدأ بقتل 4 من ابناء الرزامات يوم 18 مارس ثم رد القبائل يوم 27 مارس نفسه بالهجوم على بعض المعسكرات وكان على السلطة باعتبارها الطرف القوي والبادئ ايضاً التحلي بضبط النفس كما فعلت ذلك حينما تغاضى العميد علي محسن بتأثير انتصاره في مران في 12 سبتمبر الماضي عن هجوم قبائل همدان على بعض النقاط وقتل ضابطين وعشرة جنود.
عدم انكار الحوثي الاب النظام الجمهوري وعدم رفضه لسلطة الرئيس يضع السلطة في عنق الزجاجة باعتبار ان بيدها مفاتيح الازمة وبيدها خيارات التصعيد ووصول العلامة الحوثي والشيخ الرزامي إلى صنعاء أو من يمثلهم سيعيد الطرفين إلى مربع اتفاق 20 سبتمبر 2004م (وأما إذا استمر الظلم من قتل وتدمير وسجن وتشريد ومصادرة للممتلكات وغير ذلك فإن المشكلة لن تحل وإنما تزداد تعقيداً وتكبر الهوة).
الرئيس دون ريب حصل على نصر (معنوي) كبير على ذمة النظام الجمهوري وعدم انكار شرعيته في الحكم رغم ان التشكيك بموقف الوالد بدرالدين الحوثي من هذه المسائل مفتعل من أصله.

في الإعلام الرسمي
لكن هذا الاعتراف قد يتحول إلى ادانة للرئيس والسلطة معاً حين يتنكرون لالتزامهم بقيم الجمهورية ويتمادون في التصعيد وانتهاك حقوق المواطنة في صعدة، بل قد يكون الثمن هو سحب الاعتراف حال تنصلت السلطة عن تعهداتها باحترام حق هؤلاء المظلومين في حياة كريمة آمنة لا تقتل فيها نفس بريئة ولا يدنس عرض ولا ينهب فيها مال أو تهدم بيوت على رؤوس أهلها بغياً بغير حق.
الحقيقة أن الرئيس لا تنقصه الشجاعة في مراجعة النفس ولا تنقصه النخوة حين يأنس إلى نفسه بعيداً عن وسوسة بعض المستشارين الذين ظنوا أن الرئيس فقد نعمة التمييز بين الخير والشر وبين الظلم والحق، أما تكرار الرئيس لكلام أن أحداث صعدة قادها الجناح العسكري في حزب الحق واتحاد القوى الشعبية، فهو لا يخفي حقيقة ان السلطة تتحمل المسؤولية التاريخية عن الكارثة وإن كانت رغبة الرئيس هي محاولة التأثير على سير إجراءات التقاضي في الدعوى التي رفعها اتحاد القوى الشعبية ضد صحيفة 26 سبتمبر والكاتب الذي اقتبس منه الرئيس هذا الاتهام الخطير، وتحول آلى نغمة جديدة ضمن خطاب التخوين والتكفير السياسي
.
صورة
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“