الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
الإخوة الكرام جميعاً / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر عن انقطاعي، والذي كان لأسباب خارجة عن إرادتي. وأتمنى أن تكونوا جميعاً بصحة وعافية.
اشتقت إليكم جميعاً بلا استثناء، وأسأل الله أن يديم المحبة والوئام. هنا موضوع سهل الهضم، أحببت أن أستهل به عودتي

جدال المذاهب ... العالم الإسلامي إلى أين
أكثر من ثلاثة عشر قرنٍ من الزمان والمسلمون غارقون في بحرٍ متلاطم من النـزاعات الفكرية العقيمة، والمجادلات المذهبية الغير حضارية – إلا ما رحم ربي –، حتى سُلِبـْنا مَلَكات الإبداع، وأصبحت العقول أسيرة "أفحم ذلك الرافضي! ألجم هذا الأشعري!". لعمري إن الحوار الفكري، القائم على أسُس متبادلة من الاحترام والرغبة في معرفة الحقيقة لأجل ذاتها لا لأجل ذات الـمُحَاور، لهو مِرْقاة من مَراقي نهضة العلوم والمعارف بشتى أنواعها. ولا يخفى أنه لا رُقِيّ لأمة إلا بِرُقِـي الفِكْر والمعارف التي تنتظم في فَلَـكِه وتخضع لقوة جذبه المركزية.
ها ونحن الآن في مطلع القرن الحادي والعشرين؛ لا زلنا "محلك سر!"، رغم امتلاكنا نصف ثروة العالم الطبيعية، وخُمْس الطاقات البشرية. معاشر المسلمين! مطرقة النزاعات المذهبية العقيمة وسندان "ستار أكاديمي" النتنة أنهكانا .. خَـدَّرانا .. يـبَّـسا عقولنا قبل أكبادنا!
أسألك بالله يا من يُقَـلِّب مُقْـلَتَـيْـه بين هذه الأحْـرُف؛ هل اخترقنا الفضاء وأصبحنا "خير أمة أُخْرِجَت للناس" بتلك النزاعات التي أهرقت فكرنا ودَمَـنَا، أم كل خطوة نخطوها أماماً تعودُ بنا إلى الخلف عشراً ؟!
عزيزتي نفسي؛ أنا لست ضدّ حِوَار المذاهب ضمن حدود حضارية، يناقش المسلمون بعضهم بعضاً في جوٍّ من الهدوء والسكينة، حتى يتسنَّـى نَفْض غبار الزيف عن وجه الحقيقة، وتنتشر الخبرات والمعارف، ويكونوا صفاً واحداً متماسكاً ضد عدوهم المشترك. إن حروب الأقلام – والتي في عصرنا هذا أصبحت حروب "لوحات المفاتيح" – لا تتسبب إلا في إهدار الحبر بلا فائدة، وفي هذا تبذير! أليس قد نهانا الله تعالى عن التبذير ؟! وجعل أصحابه إخوةً للشياطين!
وفي بعض الأحيان يتمخَّـض عن حروب الأقلام حروب السيوف، فيُهرق الدم بدل الحبر ... يا لي من متشائم!
ذانك ما لا أحبّذ أبداً، هل ذاق أحدٌ منكم طعم الحبر أو الدم ؟! يا لي من مُقْرِف!
إلا أني لا أغفل عن بعض الحوارات الفكرية التي أثرت العقول والدفاتر، كالذي دار بين السيد العلامة الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير وأستاذه علي بن محمد بن أبي القاسم – رحمهما الله تعالى –. بغض النظر عن التفاصيل؛ فإن الحوار في حد ذاته كان مثالاً مُشَـرِّفاً للفكر الإسلامي الراقي. وقد أضم إلى هذا الأنموذج، مراجعات العالِم الاثني عشري مع نظيره الأزهري – أقول هذا على ضوء ما سمعت لأنني لم أطلع على الكتاب بعد، وأتمنى أن يكون كما أتخيـَّـل! –.
إلى أن نصحو من سباتنا ... على مشرق الإسلام الســــــلام!